مطلقا وشاملا لذلك الوجوب الوارد على الافطار وعلى غيره ، بحيث يكون له اطلاق لحاظي في ذلك ، وحينئذ لا بدّ من أخذ الوجوب المذكور مهملا من هذه الناحية ، فلا يكون انتفاء ذلك الشرط موجبا إلاّ لانتفاء الوجوب بما له من الطبيعة المهملة ، وذلك غير نافع في باب المفهوم ، وحينئذ فلا بدّ من قرينة خارجية تدلّ على أنّ المتكلّم في مقام حصر الوجوب بذلك الشرط. والذي هو موقع التأمّل من ذلك هو أنّ المعلّق ليس هو الطبيعة المطلقة إطلاقا لحاظيا ، ولا المقيّدة بذلك الشرط ، بل ولا المهملة ، بل إنّ المعلّق هو صرف طبيعة الوجوب ، وذلك كاف في إثبات المفهوم (١) بعد إثبات الانحصار في الشرط. أمّا كون المتكلّم في مقام حصر طبيعة الوجوب في المعلّق على الشرط فهو وإن أفاد المفهوم ، إلاّ أنّه من سنخ مفهوم الحصر ، وكلامنا إنّما هو في مفهوم الشرط ، فإنّ الكلام فيه ممحّض إلى أنّ تعليق الوجوب على الشرط وتقييده به هل يدلّ ذلك بمجرّده لا بواسطة تلك القرينة المقامية على أنّ هذا الشرط قيد في ذلك الوجوب بقول مطلق ، حتّى لو وجد غيره ممّا يحتمل كونه قيدا أو أنّه يخلفه ، أو أنّه لا دلالة له على ذلك.
وحاصل الأمر : أنّ نفس تعليق الوجوب على الشرط الفلاني هل يقتضي انحصار الشرط على وجه يكون انتفاؤه موجبا لانتفائه ، بحيث يكون عدم الانحصار هو المحتاج إلى البيان الزائد على ما سلكه شيخنا قدسسره (٢) ، فيكون إطلاق التقييد قاضيا بالانحصار المذكور. ولا يخفى أنّ هذه الجهات أجنبية عن دعوى القرينة على كون المتكلّم في مقام بيان حصر كلّي الوجوب على الشرط المذكور ، أو في مقام حصر كلّي الشرط في الشرط المذكور.
__________________
(١) [ في الأصل : إثبات الوجوب ، والصحيح ما أثبتناه ].
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٥٢ ـ ٢٥٤.
وكيف كان ، فإنّ الذي تلخّص لك من هذا التحرير : هو كون المعلّق على الشرط هو طبيعة الوجوب لا الوجوب الخاصّ أمر ينبغي أن يكون مفروغا منه ، وأنّ الكلام إنّما هو في انحصار الشرط وعدمه ، على خلاف ما أفاده قدسسره من كون الانحصار أمرا مفروغا منه ، وأنّ الكلام إنّما هو في كون المعلّق هو السنخ أو الشخص ولو بالمعنى الذي فسّره لارادة الشخص ، أعني إرادة ما يلازم التشخّص المذكور ، وحينئذ لا داعي إلى ما أفاده من كون المعلّق هو الطبيعة المهملة ، بل الظاهر أنّ المعلّق هو ذات طبيعة الوجوب ، ويكون إطلاقها إطلاقا ذاتيا لا إطلاقا لحاظيا ، والاطلاق الذاتي كاف في انحصار كلّي الوجوب بمورد الشرط المذكور ، فتأمّل جيّدا.
قوله : وأمّا إن كان معنى حرفيا مستفادا من مثل هيئة الجمع المعرّف ونحوها وغير قابل لأن يكون معلّقا ... الخ (١).
لو كان العموم يستفاد من حرف مثل لام الاستغراق ونحوها فهو وإن كان بنفسه لا يمكن أن يكون هو المعلّق على الشرط ، إلاّ أنّه بالنحو الذي تصوّرنا التعليق فيه فيما لو كان الوجوب مستفادا من صيغة افعل نتصوّره هنا. وأمّا النكرة في سياق النفي فهي على الظاهر ملحقة بالحروف ، لأنّ الدالّ على العموم إنّما هو نفس أداة النفي ، غايته أنّ المنفي هو النكرة ، فهي من الأدلّة اللفظية على العموم ، ولا وجه على الظاهر لاخراجها من عالم الألفاظ ، وإن أطلق على مثل ذلك العموم المستفاد من السياق ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ لفظ كلّ وجميع ونحوهما من ألفاظ العموم وإن كانت بمصطلح اللغة أسماء ، إلاّ أنّها من حيث كونها موجدة معانيها فيما تضاف إليه من
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥٨ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].
الأسماء ، ملحقة بالحروف من ناحية عدم حكاية المعنى الاستقلالي ، فهي من هذه الجهة ملحقة بالحروف في عدم الاستقلال باللحاظ وعدم قابليتها للتقييد ابتداء ، بل يكون القيد لاحقا لمدخولها على حدّ قيود الحروف والهيئات ، فتأمّل.
قوله : ربما يقال بأنّ المفهوم إنّما هو رفع الحكم المذكور في التالي ، وحيث إنّ نقيض السالبة الكلّية ... الخ (١).
علّق عليه في الحاشية بقوله : الظاهر أنّ هذا القول هو الصحيح ، لأنّ المستفاد من القضية الشرطية إنّما هو تعليق مدلول التالي بمدلول المقدّم ، وبما أنّ مدلول التالي في محلّ البحث ليس إلاّ أمرا واحدا ـ أعني به الحكم المجعول على الطبيعة السارية ـ يكون المنتفي عند انتفاء الشرط المذكور هو ذلك الحكم أيضا الخ (٢).
لا يخفى أنّ المعلّق في القضايا الشرطية ليس هو نفس الجعل وإنّما هو الحكم المجعول ، وحينئذ لو كان الحكم مجعولا على الطبيعة السارية في تمام الأفراد ، فتارة يكون المنظور إليه في التعليق هو سريان ذلك الحكم إلى تمام الافراد ، وبعبارة أخرى يكون المعلّق على الشرط هو كلّية ذلك ، ليكون محصّله أنّ كلّية ذلك الحكم وسريانه إلى كلّ واحد من أفراد الطبيعة هي المعلّقة على الشرط ، فلا يكون المنتفي حينئذ بانتفاء ذلك الشرط إلاّ نفس الكلّية. ولكن هذا بعيد عن مساق القضايا الأحكامية التي يكون الحكم فيها في ناحية الجزاء كلّيا ، خصوصا فيما لم تكن الكلّية مستفادة من لفظ كلّ ، بل كانت مستفادة من اللام الاستغراقية أو من وقوع النكرة في سياق النهي.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥٥ ـ ٢٥٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
وحيث قد تحقّق عندك أنّه لا يكون المنظور في التعليق هو نفس الكلّية ، بل كان المنظور إليه هو الأحكام السارية في افراد الطبيعة فنقول : إنّ العموم الموجود في ناحية الجزاء مثل « إذا هلّ شهر رمضان فاكرم كلّ عالم » إن أخذ مجموعيا بحيث إنّه لم يكن لنا إلاّ حكم واحد وارد على الجميع ، على وجه يكون نسبة كلّ واحد من تلك الافراد إلى نفس المجموع كنسبة الجزء إلى الكل ، لم يكن انتفاء الشرط موجبا إلاّ لانتفاء ذلك الحكم الوارد على ذلك المجموع ، وهذا لا ينافيه ثبوت حكم آخر من وجوب الاكرام لبعض الافراد من العلماء.
وأمّا إذا أخذ العموم الموجود في ناحية الجزاء استغراقيا منحلا إلى أحكام متعدّدة حسب تعدّد الأفراد ، فحيث إنّ الكلّية والشمولية ليست هي مركز التعليق كما عرفت ، فلا جرم يكون مركز ذلك التعليق هو نفس ذلك الحكم المنبسط على تلك الأفراد الذي هو عبارة عن أحكام متعدّدة ، فيكون مركز ذلك التعليق هو نفس تلك الأحكام المتعدّدة. ومجرّد أنّها مجعولة بجعل واحد لا ينافي كون كلّ واحد من آحاد تلك الأحكام معلّقا على ذلك الشرط ، وذلك لما عرفت من أنّ نفس الجعل ليس هو مركز التعليق.
وحينئذ فلا محصّل لقوله في هذه الحاشية : فالحكم المجعول في التالي وإن كان بحسب مقام اللب ونفس الأمر ينحل إلى أحكام متعدّدة حسب تعدّد أفراد موضوعه ، إلاّ أنّه بحسب مقام الجعل أمر واحد ومستفاد من دليل واحد ، ومن الواضح أنّ تعدّد الحكم في غير مقام الاثبات لا تأثير له في كيفية استفادة المفهوم من الكلام في مقام الاثبات والدلالة ، انتهى. وذلك لما عرفت من أنّ وحدة الجعل لا تنافي تعدّد المجعول ، وأنّ مركز التعليق إنّما هو المجعول لا الجعل. ولا يخفى أنّ هذا التعدّد إنّما هو في مقام الاثبات ، بمعنى أنّا إنّما استفدنا
الشمولية والاستغراق ـ الذي هو عبارة عن تعدّد الحكم ، في قبال المجموعية التي هي عبارة عن وحدة الحكم ـ من مقام الاثبات والدلالة ، ولم يكن هذا التعدّد الناشئ عن الاستغراق والشمول في غير مقام الاثبات كي يقال إنّه لا تأثير له في كيفية استفادة المفهوم من الكلام. إنّ ذلك لعمري من الغرائب.
ثمّ إنّا لو سلّمنا أنّ المعلّق في أمثال هذه القضايا هو العموم لا الآحاد ، إلاّ أنّا في خصوص أخبار الكر نقول إنّ المعلّق هو الآحاد ، لكونها واردة في موارد خاصّة من بول الدواب وولوغ الكلاب واغتسال الجنب ، مثل قوله عليهالسلام في صحيحة ابن مسلم قال « قلت له : الغدير فيه ماء مجتمع تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب ، قال عليهالسلام : إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (١). فمثل هذه الصحيحة شاهد على أنّ النظر في ذلك إلى الآحاد لا إلى عمومية العام.
وأمّا ما ذكره من الأمثلة العرفية مثل إذا لبس زيد لامة حربه لم يخف أحدا ، أو إذا غصب الأمير لم يحترم أحدا ، ونحو ذلك فلا شاهد فيه على ما نحن فيه ، إذ ليس المقصود من أحد هو كلّ أحد حتّى الطفل الصغير ، بل المراد هو من يكون من أقرانه ممّن يمكن الخوف منه أو ممّن يستحقّ الاحترام ، وحينئذ يكون المقام مسوقا لبيان أنّه إذا لبس لامة حربه لا يبالي بمن ينبغي المبالاة منه ، فلا بدّ أن يكون مفهومه أنّه إن كان أعزل يبالي بمن ينبغي المبالاة منه ، فيكون خارجا عمّا نحن فيه ، لوجود القرينة السياقية. مضافا إلى أنّه لو نزّلناه على العموم الاستغراقي وكان مفاده أنّه لا يبالي بكلّ واحد من أقرانه ، فلا مانع من أن يكون مفهومه أنّه يبالي عند ما يكون أعزل بكلّ واحد من أقرانه.
ومن جميع ما حرّرناه تعرف أنّه لم يكن فيما ذكرناه من كون المفهوم
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ١٥٩ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٥.
موجبة كلّية خروج عن القواعد المنطقية ، لأنّ رفع الشيء وإن كان هو عين نقيضه إلاّ أنّ الذي نرفعه بالمفهوم ليس هو السالبة الكلّية التي في طرف المنطوق ، بحيث يكون المرفوع هو كليتها ، لما عرفت من أنّ الذي نرفعه بالمفهوم إنّما هو الحكم المجعول على الشرط ، وقد عرفت أنّ المعلّق على الشرط فيما نحن فيه ليس هو كلّية السلب ، وإنّما المعلّق على الشرط هو آحاد السلوب ، وحينئذ فلا يكون المرفوع بارتفاع ذلك الشرط إلاّ نفس تلك الأحكام الجزئية التي كانت معلّقة على الشرط.
وبعبارة أخرى : لو كان المعلّق على الشرط هو الشمولية لكان المرتفع بارتفاع الشرط هو الشمولية ، ورفع شمولية السلب يحصل بالايجاب الجزئي كما أنّ رفع عمومية الايجاب المعبّر عنه برفع الايجاب الكلّي يحصل بالسلب الجزئي ، لكن المعلّق على الشرط هو آحاد السلوب ، فيكون المرتفع بارتفاع الشرط هو آحاد تلك السلوب. ومن الواضح أنّ ارتفاع آحاد السلوب إنّما يحصل بموجبات جزئية شخصية في قبال تلك السوالب الجزئية الشخصية ، فلا يكون نقيض السالبة الشخصية إلاّ موجبة شخصية ، وحينئذ يكون ما حرّرناه موافقا للقواعد المنطقية لا مخالفا لها كما ربما يظهر ممّا حرّر عن شيخنا قدسسره.
وأمّا ما أشكل به على شيخنا قدسسره في مسألة المتنجّس ففيه أنّ غرض شيخنا قدسسره هو أنّا بعد أن قلنا بأنّ المتنجّس كالنجاسة ينجّس كلّ شيء لاقاه ، يكون ذلك كافيا في دخوله تحت ذلك الإجماع الذي هو عبارة عن عدم القول بالفصل ، فإنّه بعد أن ثبت في المنطوق أنّ الماء البالغ كرّا لا ينجّسه شيء ممّا هو منجّس يكون المتنجّس بعد ثبوت كونه منجّسا داخلا في ذلك العموم المنطوقي. ثمّ بعد أن التزمنا بأنّ المفهوم هو عبارة عن أنّه إذا لم يبلغ كرّا ينجّسه شيء من تلك
المنجّسات ، فلنفرض أنّ ذلك الشيء هو البول ، فإذا ثبت بذلك المفهوم أنّ البول ينجّس الماء القليل كان علينا أن نسحب هذا الحكم إلى كلّ ما ثبت أنّه منجّس حتّى المتنجّس ، وإن لم يكن عدم القول بالفصل متحقّقا بالنسبة إلى نفس المتنجّس بخصوصه ، وذلك لأنّ عدم القول بالفصل بالنسبة إلى كلّ ما ينجّس كاف في ذلك الحكم بعد أن ثبت لدينا أنّ المتنجّس منجّس. وإن شئت فبدّل عدم القول بالفصل بفرض قيام الإجماع على أنّ كلّ منجّس يكون منجّسا للماء القليل ، فكون المتنجّس منجّسا وإن لم يكن داخلا في ذلك الإجماع ابتداء ، إلاّ أنّه بعد أن أقمنا الدليل على أنّه منجّس يكون داخلا في مورد الإجماع على أنّ كلّ منجّس فهو ينجّس الماء القليل.
وإن شئت فقايس ذلك بما هو من النجاسات محلّ الكلام مثل عرق الجنب من الحرام ، فلا ريب في أنّك تقول إنّا بعد أن حقّقنا الصغرى فيه وأنّه نجس يكون داخلا في الإجماع المفروض على كون النجس منجّسا للماء القليل. وهكذا الحال في دخوله بعدم القول بالفصل ، بل لو فرضنا أنّ لنا شيئا ليس بنجس لكنّه منجّس لكان داخلا في عموم المنطوق ، وكان الحكم ساريا إليه من الموجبة الجزئية في ناحية المفهوم بواسطة عدم القول بالفصل.
نعم ، إنّ في المقام إشكالا آخر ، وهو أنّ المفهوم القائل إذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجّسه شيء لا يكون إلاّ مهملا ، فلا يكون حجّة في شيء من أعيان النجاسة كي يثبت الحكم فيه ونسرّيه إلى البقية بحكم عدم القول بالفصل. اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ هذا الشيء وإن لم يكن له تعيّن في مقام الاثبات ، إلاّ أنّ له تعيّنا في الواقع ، فنقول إنّ ذلك الشيء الواقعي من النجاسات ـ أيّ شيء هو كان ـ بعد أن ثبت أنّه ينجّس الماء القليل يسحب الحكم منه إلى غيره من النجاسات بعدم
القول بالفصل ، فتأمّل ، فإنّ الظاهر أنّ الشيء في هذا المقام لا تعيّن له في الواقع ، بل هو من قبيل من أسلم على خمس في لزوم مفارقة واحدة غير معيّنة لا في مقام الاثبات ولا في مقام الثبوت ، فيكون مخيّرا في مفارقة أيّهنّ شاء. لكن التخيير في المقام لا معنى له.
وينبغي أن يعلم أنّ ما يمكن أن يستند إليه في كون المتنجّس منجّسا هو روايات واردة في خصوص الماء القليل ، مثل « اهرقهما وتيمّم » (١) ومثل صحيح شهاب عن أبي عبد الله عليهالسلام « في الرجل الجنب يسهو فيغمس يده في الاناء قبل أن يغسلها ، أنّه لا بأس إذا لم يكن أصاب يده شيء » (٢) وما عن أبي بصير عنه عليهالسلام « عن الجنب يحمل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيه ، قال عليهالسلام : إن كانت يده قذرة فاهرقه ، وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه ، هذا ممّا قال الله تعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » )(٣)(٤) ونحوهما حسنة زرارة (٥) وموثّقة سماعة (٦) وخبر علي بن جعفر (٧). وفي صحيح البزنطي « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ١٦٩ / أبواب الماء المطلق ب ١٢ ح ١ ( نقل بالمضمون ).
(٢) وسائل الشيعة ١ : ١٥٢ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٣.
(٣) الحج ٢٢ : ٧٨.
(٤) وسائل الشيعة ١ : ١٥٤ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١١.
(٥) وسائل الشيعة ٢ : ٢٢٩ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٢.
(٦) وسائل الشيعة ٢ : ١٥٣ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٩ ، ١٠.
(٧) [ لعلّ نظره الشريف قدسسره إلى ما روي في كتاب مسائل علي بن جعفر : ٢٠٧ / ٤٤٦ الذي استدلّ به في الجواهر ١ : ١١٤ ، ووصفه بالخبر وهو مرويّ في قرب الاسناد : ١٧٩ / ٦٥٩ ، وراجع وسائل الشيعة ١ : ٢٢٣ / أبواب الماء المضاف ب ١٤ ح ١.
يدخل يده في الاناء وهي قذرة ، قال عليهالسلام : يكفئ الاناء » (١).
ولا يخفى أنّ هذه الأخبار لو تمّت كانت مغنية عن عموم المفهوم ، لدلالتها على أنّ الماء القليل يتنجّس بملاقاته المتنجّس ، فتكون مغنية عن عموم المفهوم وعن التمسّك بعدم القول بالفصل على تقدير كون المفهوم موجبة جزئية ، وحينئذ يتمّ ما أفاده شيخنا ممّا حرّره عنه في هذا الكتاب بقوله : فإذا ثبت تنجيس المتنجّس بدليل آخر ( يعني غير هذا المفهوم ) فهو كاف في انفعال الماء القليل بملاقاته ، من دون احتياج إلى إثباته بمفهوم الرواية ، وإن لم يثبت ذلك فهو ليس بداخل في عموم المنطوق حتّى يثبت نجاسة القليل بملاقاته بالمفهوم على تقدير كون المفهوم موجبة كلّية ، انتهى (٢).
نعم ، لو لم يكن دليل تنجيس المتنجّس إلاّ مثبتا لكونه منجّسا في الجملة ـ كما فرضه المحشي (٣) ـ لكنّا محتاجين إلى عموم المفهوم لكلّ منجّس ، أو إلى عدم القول بالفصل الذي منعه المحشي في خصوص المتنجّس ، ونحن قد ناقشناه في هذا المنع وقلنا ما حاصله : أنّه لو سلّمنا عدم عموم المفهوم ، وقلنا بأنّ ما دلّ على تنجيس المتنجّس مقصور على تنجيسه في الجملة من دون إثبات تنجيسه الماء القليل ، لأمكننا إثبات كونه منجّسا للماء القليل بعدم القول بالفصل ،
__________________
ويحتمل أن يكون نظره قدسسره إلى ما رواه علي بن جعفر عليهالسلام واستدلّ به أيضا في الجواهر ١ : ١٠٩ ـ ١١٠ ولكنّه صحيح السند وهو مروي في وسائل الشيعة ١ : ٢١٦ / أبواب الماء المضاف ب ١٠ ح ١ ].
(١) وسائل الشيعة ١ : ١٥٣ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٥٩ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٣) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٥٦.
بعد فرض كون المفهوم مثبتا لكون الماء القليل يتنجّس بشيء من المنجّسات.
وهذا الذي قلناه مأخوذ ممّا حرّرناه عن شيخنا قدسسره ، وهذا نصّ ما حرّرته عنه : وأمّا انفعاله بملاقاة المتنجّس فهو أجنبي بالمرّة عن كون المفهوم في هذه القضية الشرطية هو الموجبة الجزئية أو الكلّية ، بل هو مبني على مطلب آخر ، وهو أنّ المتنجّس هل يكون ملحقا بالنجاسة في كونه منجّسا لما يلاقيه أم لا ، وبعد إثبات ذلك بالدليل الدالّ عليه يكون كأحد أنواع النجاسات ، يجري عليه فيما نحن فيه ما يجري عليها ممّا يترتّب على كون المفهوم موجبة كلّية أو كونه موجبة جزئية ، وأنّه لو سلّم كونه موجبة جزئية نتمّم المطلب ـ أعني الايجاب الكلّي ـ بعدم القول بالفصل ، انتهى.
ونحن وإن وجّهنا هذا التتميم في المتنجّس بما تقدّم ذكره ، إلاّ أنّ ظنّي أنّ شيخنا قدسسره لا يريد ذلك ، بل إنّ الذي يريده هو ما عرفت من أنّه في خصوص تنجيس المتنجّس للماء القليل يكفينا الأدلّة الخاصّة التي تقدّم (١) ذكرها كما نقله عنه في هذا الكتاب ، فلا داعي إلى الالتزام بكون تلك الأدلّة غير دالّة إلاّ على التنجيس في الجملة ، لكي نكون في حاجة إلى عموم المفهوم أو إلى عدم القول بالفصل.
ولا يخفى أنّ هذا المعنى الذي حرّره عنه في هذا الكتاب يوافقه عليه ما حرّره عنه المرحوم الشيخ موسى رحمهالله فإنّه قال ما هذا لفظه : لأن تنجّس ماء القليل بالمتنجّس له دليل آخر ، وقلنا به أو لم نقل لا دخل له بالإشكال في المفهوم ، لأنّه وارد في تنجّس ماء القليل بالنجاسات لا بالمتنجّسات ، وفي النجاسات لم يقل أحد بالتفصيل ، لأنّه لو تنجّس بأحدها فيتنجّس بالجميع ، انتهى.
__________________
(١) في الصفحة : ٤٢٨.
فهرس الموضوعات
الموضوع |
الصفحة |
مبحث النواهي...................................................................
الفرق بين الأمر والنهي من حيث المعنى ......................................... ٣
أقسام النهي من حيث الانحلالية والمجموعية و..................................... ٤
توجيه حمل النذر على المجموعية دون الانحلال ................................... ٦
اجتماع الأمر والنهى..............................................................
الإشكال في عنوان البحث وتغييره بما يناسب .................................... ٩
ملاك كون البحث كلاميا أو فقهيا أو أصوليا .................................. ١٠
المناقشة في تقسيم الموجودات إلى عينية واعتبارية وكلّ منهما إلى متأصّلة وانتزاعية... ١١
تحقيق رشيق حول ملاك النسب الأربع ........................................ ١٢
أقسام التساوي الستّة والبحث عن جهة الصدق فيها ........................... ١٣
التعريض بصاحب الكفاية في النقض بصفات الله على تعدّد المعنون بتعدّد العنوان... ١٦
الكلام في تصوّر النسب الأربع بين جوهرين أو عرضين أو جوهر وعرض ........ ٢١
اختلاف مبادي المشتقّات من حيث أخذها بشرط لا ولا بشرط ................. ٢٤
التأمّل في ملاك التركيب الانضمامي والاتّحادي ............................... ٢٦
التأمّل في التفرقة بين مبادي المشتقّات وبين المادّة والصورة ....................... ٢٩
الكلام فيما يدّعى من التركّبات العقلية ........................................ ٢٩
إمكان القول بقيام العرض بعرض آخر ........................................ ٣٠
مناقشات مع السيّد الخوئي قدسسره في تركّب الصلاة مع الغصب ................... ٣٢
نقل ما حرّره المصنّف عن المحقّق النائيني قدسسرهما في المقام ........................... ٣٧
هل يخرج عن محلّ النزاع ما إذا كانت النسبة بين العنوانين عموما وخصوصا مطلقا. ٣٩
خروج اجتماع مثل الشرب والغصب عن محلّ الكلام ومناقشة السيّد الخوئي قدسسره في المقام ٣٩
هل الوضوء أو الغسل بالمغصوب داخل في النزاع؟ .............................. ٤١
توضيح إلحاق ما هو متمّم المقولة بما هو من قبيل المقولة المستقلّة .................. ٤٤
خروج النهي المتعلّق بالعنوان الثانوي والأمر بالعنوان الأوّلي عن محلّ النزاع ........ ٤٧
اجتماع الأمر والنهي في الأسباب والمسبّبات ................................... ٤٩
تحقيق الحال في العبادات المكروهة ............................................. ٥٣
توضيح ما ذهب إليه المحقّق الثاني قدسسره من صحّة الأمر بالطبيعة الجامعة بين الأفراد المقدورة وغيرها ٧٥
الكلام في الاضطرار إلى الحرام لا بسوء الاختيار وأنحاء اعتبار القيود العدمية في الصلاة ٨٠
صورة مانعية لبس الحرير في الصلاة ........................................... ٨٤
صور الاضطرار إلى لبس الحرير .............................................. ٨٥
المناقشة مع السيّد الخوئي قدسسره في التزامه بالجواز من الجهة الثانية .................. ٨٨
توجيه ما ذهب إليه المحقّق النائيني قدسسره من استحالة التقرّب بالمجمع لاتّحاد المأمور به والمنهي عنه في مقام الايجاد والتأثير ٩٠
تأمّل المحقّق الحائري قدسسره في بطلان الصلاة في اللباس المغصوب .................. ١٠٢
المناقشة في التمثيل لمورد عدم المندوحة دائما في مسألة الاجتماع ................ ١٠٧
عود لمسألة الاضطرار لا بسوء الاختيار ...................................... ١١٠
الكلام حول موارد صدق التصرّف الزائد في الغصب للمضطرّ إليه وعدم صدقه.. ١١٧
الأقوال في حكم الخروج من الدار المغصوبة لمن توسّطها بسوء اختياره ........... ١٢٤
الإشكال فيما ذكر في الفصول قدسسره من كون الخروج واجبا فعلا ومنهيا عنه بالنهي السابق الساقط بالاضطرار ١٢٦
كلام مبسوط حول حقيقة مختار الآخوند قدسسره في حكم الخروج ................. ١٢٧
التعليق على ما ذكره النائيني قدسسره من عدم دخول المقام في قاعدة الامتناع......... ١٣٠
تتمّة أو توضيح في صحّة النهي عن الخروج على نحو الاطلاق .................. ١٤٣
التعليق على ما ذهب إليه الماتن قدسسره من دخول المقام في قاعدة ردّ المال إلى صاحبه ١٥٠
تحقيق رشيق في عدم دليل على وجوب ردّ مال الغير سوى ما دلّ على حرمة الغصب ١٥٢
مناقشات المصنّف مع السيّد الخوئي قدسسرهما في المقام ............................. ١٥٧
تعاليق على كلمات صاحب الكفاية قدسسره في المقام ............................. ١٦٠
التعليق على ما ذهب إليه الماتن قدسسره من عدم حرمة الخروج .................... ١٦٥
حكم الصلاة حال الخروج من الغصب ...................................... ١٧١
دلالة النهي على الفساد...........................................................
الكلام في شمول النهي في المقام للنهي التنزيهي ................................ ١٨٢
الكلام في شمول النهي للنهي الغيري ......................................... ١٩٢
مراحل فساد العبادة ....................................................... ١٩٩
معنى العبادة في المقام ....................................................... ٢١٢
معنى المعاملة في المقام ....................................................... ٢١٤
بيان نوع التقابل بين الصحّة والفساد ........................................ ٢٢٦
الكلام فيما يقابل الصحّة من الفساد والعيب ................................. ٢٣١
مناقشة مع السيّد الخوئي قدسسره في اتّصاف المعاملات بالصحّة والفساد ............ ٢٣٤
تعاليق على كلمات لصاحب الكفاية قدسسره في معنى الصحّة والفساد .............. ٢٣٦
هل الصحّة والفساد مجعولان أو غير مجعولين؟ ................................ ٢٣٩
عموم النزاع لما إذا لم يكن دليل على صحّة المنهي عنه لو لا النهي .............. ٢٥٣
مقتضى الأصل العملي عند الشكّ في صحّة العبادة والمعاملة .................... ٢٥٦
شبهة عدم استناد فساد العبادة إلى النهي والجواب عنها ........................ ٢٧٢
شبهة عدم وجود عبادة منهي عنها لذاتها والجواب عنها ........................ ٢٧٧
الاستدلال على اقتضاء النهي عن عبادة فسادها .............................. ٢٧٩
الاستدلال على اقتضاء النهي عن جزء العبادة فسادها ......................... ٢٨٠
الاستدلال على اقتضاء النهي عن وصف العبادة أو شرطها فسادها ............. ٢٩٧
صور مانعية شيء عن صحّة العبادة وبحث مفصّل حول مانعية لبس الحرير ....... ٣٠١
الكلام في اقتضاء النهي عن معاملة فسادها ................................... ٣٢٥
الكلام في أخذ الأجرة على الواجب أو الحرام وحكم المعاملة أو العبادة المأمور بضدّها ٣٣١
المناقشة في تفسير السبب بإيجاد المعاملة والمسبّب باسم المصدر .................. ٣٣٦
مناقشات مع السيّد الخوئي قدسسره فيما ذهب إليه من أنّ المعاملات تتضمّن اعتبارا نفسيا ومبرزا خارجيا وأنّ النهي عنهما لا يقتضي الفساد ......................................................................... ٣٣٧
عود إلى مسألة أخذ الأجرة على الواجب أو الحرام وحكم المعاملة المأمور بضدّها أو بتركها ٣٤٣
مناقشات مع السيّد الخوئي قدسسره في مسألة نكاح العبد بدون إذن سيّده .......... ٣٤٨
ذكر الروايات الواردة في نكاح العبد بدون إذن سيّده ......................... ٣٥١
هل تجري أصالة عدم المشروعية عند الشكّ في مشروعية العبادة؟ ............... ٣٥٤
بحث حول أصل عدم الحجّية ونقل كلام الآخوند والشيخ قدسسرهما في المقام.......... ٣٥٧
مقدّمات أثبت بها الماتن فساد العبادة التشريعية التي تبيّن مشروعيتها في الواقع..... ٣٥٩
الجواب عن محذور لزوم التسلسل من القول بمولوية أوامر الاطاعة ............... ٣٦٢
إشارة إلى بعض البراهين التي أقاموها على عدم معقولية عدم التناهي ............ ٣٦٨
ذكر أمور استطرد بها الماتن في نهاية بحث اقتضاء النهي التشريعي للفساد ........ ٣٦٩
مبحث المفاهيم....................................................................
التأمّل في كون المفهوم مشتركا لفظيا ........................................ ٣٧٥
دخول الدلالة التضمّنية في الدلالة الالتزامية .................................. ٣٧٦
الفرق بين المفهوم وبين الدلالة الالتزامية باصطلاح المنطقيين .................... ٣٧٧
الفرق بين اللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ والأخصّ ................................. ٣٨٠
تنبيه : في الجواب عن إشكال ربما يذكر على كون مدرك الدلالة الالتزامية هو اللزوم الذهني البيّن بالمعنى الأخصّ ٣٨٣
نقل كلام العراقي قدسسره في أقسام الملازمة ومراتبها ............................. ٣٨٥
الكلام في مفهوم الشرط ................................................... ٣٩٠
تحقيق رشيق حول ما يتوقّف عليه ثبوت المفهوم من علّية الشرط وانحصارها ...... ٣٩٠
خلاصة ما ذكره المحقّق العراقي قدسسره في المقام .................................. ٤١٦
في جزئية المفهوم وكلّيته مع كون الحكم في التالي موجبة أو سالبة كلّية ومناقشات مع السيّد الخوئي قدسسره في المقام ٤٢٣
ما يمكن أن يستند إليه في كون المتنجّس منجّسا .............................. ٤٢٨
فهرس الموضوعات ........................................................ ٤٣١