الرسائل التسع

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

الرسائل التسع

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


الموضوع : الفقه
الناشر: انتشارات زهير
الطبعة: ٠
ISBN: 964-8076-27-8
الصفحات: ٣١٥

الثالث : كون رأي الفاضل أقوى نوعاً من رأي المفضول.

الرابع : الإجماع المدّعَى في كلام غير واحد منهم السيد في محكي الذريعة (١) ، وثاني المحققين في محكي حواشي الشرائع (٢) ، على لزوم تقديم الأعلم في المقام وفي باب التقليد.

الخامس : ما عرفت من الأخبار المتقدّمة ، فإنّها تدلّ على لزوم التقديم في الجملة بلا إشكال فإن لم يكن هناك قول بالفصل استدل بها بانضمامه على تعين الرجوع إليه مطلقاً ، هذا.

واستدل للقول بعدم تعيّنه والتسوية بينهما بوجوه أيضاً : الأوّل : عموم ما دلّ من النصب (٣) ممّا عرفت من الأخبار ، فإنّ مقتضاه على ما عرفت جواز الرجوع إلى المفضول مع الاختلاف فضلاً عن الاتّفاق ، وبه يرفع اليد عن الأصل في المسألة وإن كان مقتضاه تعيّن قضاء الأعلم بالتقريب الّذي عرفته. ولا يخصّصه ما دلّ على الترجيح عند الاختلاف ، لما عرفت من اختصاص الترجيح في الحكم بالمعنى المنطبق على التقليد لا القضاء ، ولا علم بعدم الفصل بين المسألتين إن لم ندّع العلم بوجود الفصل بينهما. وأمّا تخصيصه بنقل الإجماع في المسألة ممّن عرفت ، ففيه مضافاً إلى ابتنائه على حجيته مطلقاً مع ما يتطرّق إليه من المنع على ما فصّلنا القول فيه في محلّه من الأصول [أنّه معارض] بذهاب جمع إلى القول بخلافه ، فتدبّر.

وأمّا تخصيصه بحكم العقل فيتوجّه عليه مضافاً إلى اقتضائه على تقدير تسليمه عدم جواز النصب من الإمام عليه‌السلام للرعية مطلقاً بعدم تماميته في أمثال المقام حتّى يوجب التخصيص ورفع اليد عن عمومات النصب وإنّما يتمّ في مسألة الخلافة ، حيث إنّ مرجع الفرق بين الفاضل والمفضول في هذه المسألة إلى الفرق بين العالم والجاهل ،

__________________

(١) راجع الذريعة : ٢ / ٨٠١.

(٢) راجع حاشية شرائع الإسلام : ٢ / ١١١ ١١٨.

(٣) راجع الكافي : ٧ / ٤١٢ ؛ تهذيب الأحكام : ٦ / ٢١٩ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٣.

٣٠١

حيث إنّ الفاضل عالم بجميع ما تحتاج إليه الأمة ومحيط به والمفضول جاهل ببعضه فيقبح التسوية بينهما فضلاً عن ترجيح المفضول. وإليه أشار في قوله تبارك وتعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(١). وهذا بخلاف مسألتنا هذه فإنّ مرجع الفرق بينهما إلى شدة الملكة العلمية بالنسبة إلى المسائل وضعفها ، وهذا كما ترى لا تعلّق له بالعلم والجهل ، هذا.

وأمّا قوّة الظن بالنسبة إلى فتوى الأعلم فيتوجّه عليه على تقدير التسليم أنّه إنّما ينفع فيما إذا دار الأمر بينها وبين فتوى غيره بحيث يكون الدليل والحجة إحداهما كما في مسألة التقليد لا فيما نحن فيه ممّا قام الدليل فيه على نصب كل واحد من العلماء ، هذا.

فإن شئت قلت : إنّ مبنى الترجيح على التعارض بحيث يدور الأمر بين كون الدليل والحجة الفعلية أحدهما على التعيين أو كل واحد على البدل والتخيير. وهذا كما ترى أجنبي عمّا نحن فيه كما هو ظاهر. وممّا ذكرنا كلّه تعرف فساد وجوه القول بتعيّن قضاء الأعلم مطلقاً.

الثاني : لزوم الحرج الشديد من تعيّن قضاء الأعلم ، وهذا بخلاف تعيّن تقليده والفرق بينهما لا يكاد أن يخفى على الأوائل. فلو فرض هناك ما يقتضي بظاهره تعيّن قضاء الأعلم فلا بدّ من رفع اليد عنه بهذا الوجه. نعم ، على القول بكون المنفي بدليل نفي الحرج الحرج الشخصي لا الغالبي الأكثري النوعي ، لم يتمّ هذا الوجه بإطلاقه ، ولا يتمّمه عدم القول بالفصل ، فتدبّر.

الثالث : كونه خلاف السيرة المستمرة بين العلماء بل بين أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام أيضاً ، فإنّه لا يكاد يرتاب في تصدّي المفضول للقضاء مع وجود الفاضل. وهذا الوجه ذكره غير واحد ممّن أركن إليه تمام الركون ، سيّما بعض مشايخنا في شرحه على الشرائع (٢) ، لكنّه كما ترى لا يخلو عن مناقشة ، لأنّ استمرار سيرة المفضولين المعتقدين بكونهم

__________________

(١) الزمر (٣٩) : ٩.

(٢) جواهر الكلام : ٤٠ / ٤٤.

٣٠٢

كذلك فيما علم الاختلاف بينه وبين الفاضل في الشبهة الحكمية مع التمكن من رفع الأمر إلى الفاضل من دون حرج أوّل الدعوى.

الرابع : نصب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الوصي عليه‌السلام للمفضول أو إذنه في القضاء ، مع وجود الفاضل ، فإنّه أمر لا يرتاب فيه ولا ينكره أحد. ومنه إذن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله لغير أمير المؤمنين عليه‌السلام من الصّحابة في القضاء مع كونه عليه‌السلام أفضل من جميعهم باتفاق الأمّة ، فيدلّ على التسوية بينهما. والاعتذار عنه بأنّ خلله في زمان الحضور كان ينجبر بنظر الإمام عليه‌السلام كما اعتذر عنه به غير واحد ، ربما يتوجّه عليه بما في كلام غير واحد ، منهم شيخنا الأفقه في شرحه بأنّه : «إنّما يتمّ مع قربه منه عليه‌السلام واطّلاعه عليه‌السلام على أحكامه ، لا مع بعده عنه ، على وجه لا يعلم شيئاً من وقائعه» (١). وإن نوقش فيه بأنّه أجنبي عن كلام المعتذر ، حيث إنّ مراده ليس الانجبار في القضايا الشخصية من حيث صدور الخطأ منه فيكون معتصماً بنظر الإمام عليه‌السلام ، بل الانجبار الكلّي والتأييد منه عليه‌السلام للمأذون بحيث يكافؤ شدّة الملكة للفاضل. وهذا لا تعلّق له بقربه من الإمام عليه‌السلام واطلاعه عليه‌السلام على وقائعه ، ضرورة عدم الفرق بين الحالات في هذا المعنى.

هذا ، مضافاً إلى أنّ الاعتراض المذكور راجع إلى جهل الإمام عليه‌السلام بما يصدر عن رعيّته إذا لم يكن بمسمع ومحضر منه تعالى شأنه عن ذلك وهو خازن علم الله تبارك وتعالى ومحلّ مشيته ، بل الّذي فوّض أمره إليه صلوات الله وسلامه عليه.

الخامس : لزوم العسر من تشخيص الأعلم ، حيث إنّ الملكة مقولة بالتشكيك في القوة والضعف بحيث يصعب تمييز مراتبها مع الاختلاف مع تقارب اللاحق. نعم ، فيما كان الاختلاف في المرتبة بيّناً واضحاً يسهل تشخيص الحال ، هذا. وفيه ما لا يخفى فإنّ تشخيص الفضل وإن كان أصعب عند المنصف من تشخيص أصل الاجتهاد ، سيّما مع تقارب اللاحق ، إلَّا أنّه ليس بحيث يبلغ مرتبة الحرج الشديد الرافع للتكليف على الإطلاق.

__________________

(١) جواهر الكلام : ٤٠ / ٤٣.

٣٠٣

هذا بعض الكلام في وجوه إطلاق القولين ، ومن التأمّل فيه يُعرف وجه التفصيل بين الشبهات الموضوعية والحكمية ، والتفصيل في الشبهة الحكمية بين صورتي اختلاف الفاضل والمفضول في الرأي واتفاقهما في الرأي كما عن غير واحد. كما أنّ منه يعرف ما هو الأوجه من الأقوال وهو التسوية بين الفاضل والمفضول مطلقاً ووجهه من عمومات النصب ممّا عرفتها وعدم ما يقتضي لصرفها عن العموم فلا حاجة إلى بسط القول في ذلك مع كونه تطويلاً لا طائل فيه.

تذييل مشتمل على فروع : الأوّل : أنّه على القول بتعيّن قضاء الأعلم ، هل يجب الفحص عن حال القضاة لتشخيص القاضي الأعلم ، أو لا يجب الفحص عنه؟ كما أنّه على القول بالتفصيل بين صورتي اختلافهما في الرأي واتفاقهما في الرأي هل يعتبر الفحص في تشخيص الاختلاف ، أو يكفي في الرجوع إلى المفضول عدم العلم بالاختلاف؟ وهذا كما ترى جار في مسألة التقليد أيضاً بناءً على لزوم تقليد الأعلم.

والأصل وإن اقتضى عدم المزية بل عدم الاختلاف أيضاً والشبهة موضوعية في المقام وفي مسألة التقليد ، إلَّا أنّ الرجوع إليه يشبه الرجوع إلى الأصل في الشبهة الحكمية من دون فحص من حيث الوقوع في مخالفة الواقع كثيراً على تقدير الرجوع إليه بدون الفحص للعلم بتفاوت العلماء في الفضل واختلافهم في الرأي كثيراً بل غالباً.

هذا مع ما قيل من أنّ مرجع الفحص في باب التقليد إلى الفحص عن الطريق الشرعي الفعلي للعامي ، نظير الفحص عن المعارض للأخبار والأدلّة والمرجّح للمتعارضين في حقّ المجتهد ، وفي باب القضاء إلى الفحص عن المرجع للحكم ومن نصبه الإمام عليه‌السلام للقضاء بين النّاس فيجب إحرازه وإلّا فالأصل عدم نفوذ قضاء مشكوك الحال.

والمسألة غير نقية عن الإشكال من حيث إنّ الفرع غير مذكور في كلمات جلّهم. نعم ، تعرّض له بعض مشايخنا في شرحه على سبيل الإجمال حيث قال ما هذا لفظه : «ثمّ إنّه بناءً على تقديم الأفضل ، فهل هو في حكم المانع أو الشرط؟ وجهان لا تخفى [عليك]

٣٠٤

الثمرة بينهما» (١) انتهى كلامه رفع مقامه. والغرض من كونه في حكم المانع عدم لزوم الفحص عنه ، كما أنّ الغرض من كونه في حكم الشرط لزوم الفحص عنه وبعد الإحاطة بما ذكرنا تعرف ما يتوجّه عليه من المناقشة.

الثاني : أنّه على القول بتقديم الأعلم في المقام ، هل يقدّم الأعدل والأورع على العادل والورع ، أم لا؟ وجهان ، ظاهر غير واحد حيث ذكروها في عنوان تقديم الفاضل والمفضول (٢) ، وصريح بعض (٣) التقديم. وظاهر آخرين (٤) حيث اقتصروا على تقديم الأعلم عدمه. والأقوى هو الأوّل ، بناءً على الاستناد في تقديم الأعلم إلى الأخبار المتقدمة بعد حمل العطف على كفاية كل واحدة من الفضائل للترجيح ، كما عليه الفتوى. ويشهد له قول السائل الّذي قرّره الإمام عليه‌السلام : قلت : جعلت فداك كلاهما عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه (٥) ، فقد علم كون مدار الترجيح على مطلق الفضيلة بل إلى غيرها أيضاً في الجملة كما هو ظاهر. ومنه يعلم أنّه لا مناص عن الترجيح بالفضيلة المذكورة في باب التقليد بناءً على حمل الأخبار المتقدّمة على ما ينطبق عليه حسبما اخترناه.

الثالث : أنّه على تقدير الترجيح بكلّ من الأفقهية والأعدلية ، فهل تقدم الأولى عند التعارض أم لا؟ صريح من تعرّض للفرع في المقام وفي مسألة التقليد هو التقديم ، ولا يستفاد من أخبار الباب بناءً على حملها على الحكومة بل على التقليد أيضاً بل على الترجيح من حيث تعارض الأخبار أيضاً حكم تعارض الفضائل. وفي كلام بعض الأصحاب التعليل له بما لا يخلو عن مناقشة. نعم ، يمكن التمسّك له بعد منع

__________________

(١) جواهر الكلام : ٤٠ / ٤٦.

(٢) راجع التحرير : ٢ / ١٨٠ ؛ الدروس : ٢ / ٦٧.

(٣) كما في الجواهر : ٤٠ / ٤٢ ٤٣ ؛ ومسالك الأفهام : ١٣ / ٣٤٥ ؛ كشف اللثام : ٢ / ٣٢٠.

(٤) راجع القواعد للعلّامة : ٣ / ٤١٩ ؛ والإيضاح : ٤ / ٢٩٥.

(٥) اشارة إلى مقبولة عمر بن حنظلة وليس بصريحٍ ، فراجع الكافي : ١ / ٦٧ ٦٨ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٨ ١٠ ؛ تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠١ ٣٠٣ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦.

٣٠٥

التمسّك بإطلاق الأخبار لصورة تعارض الصفات بالأصل المحكم المرجع في المقام بل في التقليد وتعارض الأخبار أيضاً بعد فرض كون الأفقه متيقّن الاعتبار والمرجعية.

الرابع : أنّه لا إشكال في كون المراد بالأعلم في الأبواب الثلاثة هو الأعلم بالفقه يعني أشد ملكة بالنسبة إليه ، وإن كان لتكميل المقدمات سيما علم الأصول ولمزاولة الفقه مدخل فيه. ومن هنا وقع التعبير بالأفقه في المقبولة (١) ، والأفقه بدين الله في رواية النميري (٢). وينطبق عليه الأعلم بالحديث في رواية داود بن الحصين (٣) فإنّ الأفقهية في ذلك الزمان إنّما كانت تحصل بالأعلمية بأحاديث الأئمّة عليهم‌السلام فلا تنافي بين الأخبار.

الخامس : أنّه لا إشكال في ثبوت سائر الولايات العامة الحسبية المختصة بالمجتهدين للمفضول ، كثبوتها للفاضل على القول باختصاص ولاية القضاء به. بل الظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه ، لعموم ما دلّ عليه من الأخبار سيما التوقيع الشريف (٤) الدال على كونهم حجّة من الحجة أرواحنا له الفداء على الخلق ، وأنّهم المرجع للحوادث الواقعة وانتفاء ما يقتضي تخصيصه بطائفة منهم وهو أمر ظاهر.

السادس : أنّه على القول بتعيّن قضاء الفاضل ، هل له إذن المفضول وتوكيله أو نصبه للقضاء كما أنّ للإمام عليه‌السلام كلّاً من التوكيل والنصب في زمان حضوره ، أو ليس له ذلك؟ وجهان ، أوجههما الثاني ، لأنّ القضاء وإن كان قابلاً للتوكيل والنصب في الجملة على ما عرفت ، إلَّا أنّه لمّا كان على خلاف الأصل والقواعد فيقتصر في حق الإمام عليه‌السلام وليس هنا دليل خاص يقتضي الجواز ، كما أنّه ليس هنا عموم منزلة يقضي بثبوت ماله عليه‌السلام للفقيه إلّا ما خرج. ونظيره الوصي فإنّه ليس له إيصاء الغير إلّا بتصريح الميت.

وكذا الوكيل من شخص في عمل ، ليس له توكيل الغير فيه إلّا بتصريح الموكّل ، فنصب الإمام عليه‌السلام الأفضل في زمان الغيبة لا يقتضي إذنه في نصب غيره.

__________________

(١) الكافي : ١ / ٦٨ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٩ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦.

(٢) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠١ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٢٣.

(٣) كتاب من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٨ ؛ تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠١ ؛ وسائل الشيعة : ٢٧ / ١١٣.

(٤) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٤٠.

٣٠٦

وممّا ذكرنا كلّه يظهر الكلام في مسألة أخرى وهي أنّه هل يجوز للفقيه الجامع لشرائط الحكومة والفتوى المنصوب من الإمام عليه‌السلام في زمان الغيبة نصب العامي العارف بمسائل القضاء من رأيه للحكومة بين النّاس ، أو توكيله في ذلك بعد البناء على عدم جوازها له ابتداءً واشتراط الملكة في القاضي كما هو المشهور بين الأصحاب قديماً وحديثاً وإن مال بعض مشايخنا في شرحه (١) إلى الجواز ، بل قال به كما يظهر لمن راجع الكتاب المسطور أو لا يجوز له ذلك؟ وجهان ، ظاهر الأصحاب الأوّل [الثاني] والمحكي عن المحقق القمي قدس‌سره في أجوبة مسائله (٢) الميل إلى الثاني [الأوّل] وهو صريح بعض مشايخنا في شرحه (٣) بالنسبة إلى التوكيل إن لم يكن إجماع على خلافه ، لعموم دليل الوكالة.

وجه الأوّل [الثاني] ظاهر بعد فرض اعتبار ملكة الاجتهاد في القاضي كما هو المفروض ، وإلّا كان العامي العارف بالمسائل عن تقليد في عرض العالم عن ملكة ، كالفاضل والمفضول على القول بعدم الفرق بينهما ، فلا معنى لنصب العامي. بل على القول باعتبار المعرفة النظرية لا مورد لنصب الإمام عليه‌السلام العامي فضلاً عن نصب المجتهد ، مع أنّه على تقدير جواز النصب له عليه‌السلام يمكن منعه بالنسبة إلى المجتهد من جهة منع عموم المنزلة كما أسمعناك بالنسبة إلى جواز نصب المفضول للفاضل على القول بالترجيح بينهما. هذا بالنسبة إلى النصب.

وأمّا التوكيل ، فلا مجال له بعد اعتبار الاجتهاد في القاضي كما هو المفروض ، لأنّ دليل الوكالة لا يكون مشرّعاً ، هذا.

وإن شئت قلت أوّلاً : إنّه ليس في باب الوكالة ما يقتضي بعمومه كون كلّ فعل قابلاً للنيابة والوكالة ، وأنّ الوكالة تجري في كلّ فعل إلّا ما خرج ، على ما يدّعيه بعض

__________________

(١) جواهر الكلام : ٤٠ / ١٩ ، ٤٧ ٤٨.

(٢) راجع جامع الشتات : ٢ / ٦٤٧.

(٣) جواهر الكلام : ٤٠ / ١٩ و ٤٧ ٤٨.

٣٠٧

مشايخنا في شرحه (١) ، خلافاً لما أثبتنا وأوضحناه في كتاب الوكالة.

وثانياً : إنّه على تقدير ثبوت العموم فإنّما هو بالنسبة إلى ما لم يقم دليل على اختصاص صدوره بطائفة خاصة ، فإذا دلّ الدليل على حصر (٢) نصب الإمام عليه‌السلام لمن كان ناظراً في الحلال والحرام وعارفاً بجميع الأحكام بمعنى كونه واجداً لملكة معرفة الجميع كما هو المفروض ، فكيف يجوز له توكيل العامي في القضاء والحكم بين النّاس.

ثمّ إنّ محلّ الكلام في المسألة في قضاء العامي بأحد الوجهين. وأمّا توكيله في مقدمات القضاء كاستماع الشهود والحلف مع كون الحكم بفعل المجتهد فقد صرّح ثاني الشهيدين في المسالك (٣) بجوازه وهو الظاهر من غيره ، لكنّه لا يخلو عن إشكال إن لم يكن إجماع عليه ، لعدم دليل عليه على ما أسمعناك عن قريب ، والأصل في المعاملة الفساد باتفاق منهم ، والله الهادي وهو المصلح لمفاسد أمور عباده.

هذا آخر ما أردنا إيراده في هذه الأوراق مع اختلاف البال وتشتّت الفكر والخيال والبهت الحاصل للنفس في شهر الصيام. والحمد لله أوّلاً وآخراً وله الشكر دائماً سرمداً. والصلاة على نبيّه وآله الطيبين الطاهرين أبداً أبدية السماوات والأرض.

وقد وقع الفراغ منه في ليلة الثامن من شهر الصيام في البلد المشحون بالهموم والأحزان من سنة الثامن عشر بعد الألف وثلاثمائة من الهجرة النبوية. [سنة ١٣١٨ ق]

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) قصر ، خ ل.

(٣) راجع مسالك الأفهام : ١٣ / ٣٤٥ ٣٤٧.

٣٠٨

منابع

[الف]

١ ـ / القرآن الكريم

٢ ـ / الاحتجاج ، احمد بن على الطبرسى ، (٥٦٠ ق) مجلّدان ، دار النعمان ، نجف اشرف ، ١٩٦٦ م.

٣ ـ / الفصول الغرويه ، المحمد حسين طهرانى حائرى ، (١٢٦١ ق)

٤ ـ / البحار ، محمد باقر المجلسى ، (١١١٠ ق) ١١٠ مجلداً ، مؤسسة الوفاء ، بيروت ، ١٤٠٣ ه‍. ق.

٥ ـ / الكافى في الفقه ، أبو الصلاح الحلبى ، (٣٧٤ / ٤٤٧ ق) مجلّد ، مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، اصفهان ، ١٤٠٣ ه‍. ق.

٦ ـ / الشرائع ، المحقق الحلى ، (٦٧٦ ق) ٤ مجلدات ، انتشارات استقلال ، تهران ، ١٤٠٩ ق

٧ ـ / التهذيب ، الشيخ الطوسى ، (٣٨٥ / ٤٦٠ ق) ١٠ مجلدات ، دار الكتب الاسلاميه ، تهران ، ١٣٦٥ ق.

٨ ـ / الاستبصار ، الشيخ الطوسى ، (٤٦٠ ق) ٤ مجلدات ، دار الكتب الاسلاميه ، تهران ، ١٣٩٠ ق.

٣٠٩

٩ ـ / المحاسن ، احمد بن محمد بن خالد البرقى (٤٨٠ ه‍. ق)

١٠ ـ / التذكرة ، العلامه الحلى ، (٦٤٨ / ٧٢٦ ق) مجلدان ، مكتبة الرضويه ، تهران.

١١ ـ / المعجم الاوسط ، الطبرانى ، (٣٦٠ ق) ٩ مجلدات.

١٢ ـ / المقنعة ، الشيخ المفيد ، (٤١٣ ق) مجلّد ، جامعة المدرسين ، قم ، ١٤١٠ ق.

١٣ ـ / السنن الكبرى ، البيهقى ، (٤٥٨ ق) ١٠ مجلدات.

١٤ ـ / المحلّى ، بن حزم ، (٤٥٦ ق) ١١ مجلدات.

١٥ ـ / القواعد ، الشهيد الاول ، (٧٨٦ ق) مجلّدان.

١٦ ـ / الخلاف ، الشيخ الطوسى ، (٤٦٠ ق) ٦ مجلدات ، مؤسسة النشر الاسلامى ، قم ، ١٤١٧ ه‍. ق.

١٧ ـ / المعتبر في شرح المختصر ، المحقق الحلّى ، (٦٧٦ ق) مجلدان ، مؤسسة السيد الشهداء ، قم ، ١٣٦٤ ه‍. ش.

١٨ ـ / المبسوط ، شمس الدين السرخسى ، (٤٨٣ ق) ٣٠ مجلدات ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٤٠٦ ق.

١٩ ـ / المدارك ، السيد محمد العاملى ، (١٠٠٩ ق) ٨ مجلدات.

٢٠ ـ / الفصول المهمة ، ابن صباغ كالكى ، (١٣٠٣ ه‍. ق)

٢١ ـ / الخصال ، الشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الاسلامى ، تهران ، ١٣٧٧ ه‍. ق.

٢٢ ـ / امالى ، محمد بن على بن حسين بابويه قمى ، بيروت ، منشورات مؤسسة الاعلمى للمطبوعات ، ١٤٠٠ ه‍. ق.

٢٣ ـ / التوحيد ، الشيخ الصدوق ، محمد بن على بن حسين بابويه قمى ، (٣٨١ ق)

٢٤ ـ / النهاية ، الشيخ الطوسى ، (٣٨٥ / ٤٦٠ ق) مجلد ، انتشارات قدس محمدى ، قم.

٢٥ ـ / القاموس المحيط ، الشيخ نصر الفيروزآبادى ، (٨١٧ ق) ٤ مجلدات ، بيروت.

٣١٠

٢٦ ـ / الفروق اللغويه ، ابو هلال العسكرى.

٢٧ ـ / الامالى ، شيخ طوسى ، (٤٦٠ ق)

٢٨ ـ / المستدرك على الصحيحين ، محمد بن عبد الله المعروف با الحاكم النيشابورى ، (٤٠٥ ه‍. ق)

٢٩ ـ / اللمعة الدمشقيه ، الشهيد الاول ، (٧٣٤ / ٧٨٦ ق) ١٠ مجلدات ، انتشارات داورى ، قم ، ١٤١٠ ه‍. ق.

٣٠ ـ / الذكرى الشيعة في احكام الشريعة ، الشهيد الاول ، (٧٣٤ / ٧٨٦ ق) ٤ مجلدات ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ، قم ، ١٤١٦ ه‍. ق.

٣١ ـ / الدروس ، الشهيد الاول ، (٧٣٤ / ٧٨٦ ق) ٣ مجلدات ، مؤسسة النشر الاسلامى ، قم ، ١٤١٢ ه‍. ق.

٣٢ ـ / النافع ، المحقق الحلّى ، (٦٧٦ ق) مجلد ، مؤسسة البعثة ، تهران ، افست ، ١٤١٠ ق.

٣٣ ـ / الفصول ، احمد بن على الرازى الجصّاص ، (٣٧٠ ق) ١٤٠٥ ق.

[ب]

٣٤ ـ / بداية الصنائع ، أبو بكر بن مسعود الكاشانى ، (٥٨٧ ق) ٧ مجلدات ، المكتبة الحبيبة ، پاكستان ، ١٤٠٩ ق.

٣٥ ـ / بحر الفوائد ، علامه ميرزا حسن آشتيانى ، (١٣١٩ ه‍. ق) چاپ سنگى ، محمد على شيرازى ، تهران.

[ت]

٣٦ ـ / تهذيب الاحكام ، الشيخ الطوسى ، (٣٨٥ / ٤٦٠ ق) ١٠ مجلدات ، دار الكتب الاسلاميه ، تهران ، ١٣٦٥ ه‍. ق.

٣٧ ـ / تفسير العياشى ، محمد بن مسعود العياشى ، (من اعلام القرن الرابع)

٣١١

٣٨ ـ / تفسير قمى ، على بن ابراهيم القمى ، (٣٢٩ ق) مجلدان ، مؤسسة دار الكتاب ، قم ، ١٤٠٤ ه‍. ق.

٣٩ ـ / تحف العقول ، الحسن الحرانى ، (ابن شعبة الحرانى) ، قرن چهارم ، مؤسسة الاعلمى ، بيروت.

٤٠ ـ / تمهيد القواعد ، الشهيد الثانى ، (٩١١ / ٩٦٥ ق) مجلد ، مكتب الاعلام الاسلامى ، قم ، ١٤١٦ ه‍. ق.

[ج]

٤١ ـ / جامع المقاصد ، المحقق الكركى ، (٩٤٠ ق) ١٣ مجلدات ، مؤسسة آل البيت ، قم ، ١٤٠٨ ه‍. ق.

٤٢ ـ / جواهر الكلام ، الشيخ محمد حسن النجفى ، (١٢٦٦ ق) ٤٣ مجلدات ، دار الكتب الاسلاميه ، تهران ، ١٣٦٧ ه‍. ش.

٤٣ ـ / جامع الشتات ، المحقق القمى ، (١١٥١ / ١٢٣١ ق) الطبع الحجرى ، منشورات شركة الرضوان ، تهران ، ١٣٩٦ ه‍. ق.

[ر]

٤٤ ـ / رياض المسائل ، السيد على الطباطبائى ، (١٢٣١ ق) مجلدان ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ، قم ، ١٤٠٤ ه‍. ق.

[ش]

٤٥ ـ / شرح اللمعة ، الشهيد الثانى ، (٩١١ / ٩٦٥ ق) ١٠ مجلدات ، انتشارات الداورى ، قم ، ١٤١٠ ه‍. ق.

[ص]

٤٦ ـ / صحيح البخارى ، محمد بن اسماعيل البخارى ، (٢٥٦ ق) ٨ مجلدات ، دار الفكر ،

٣١٢

بيروت ، ١٤٠١ ه‍. ق.

٤٧ ـ / صحيح مسلم ، مسلم النيشابورى ، (٢٦١ ق) ٨ مجلدات.

[ع]

٤٨ ـ / عوائد الايام ، المولى احمد النراقى ، (٢٤٥ ق) مجلد ، المكتبة البصيرتى ، قم ، ١٤٠٨ ه‍. ق.

٤٩ ـ / علل الشرائع ، الشيخ الصدوق ، (٣٨١ ق) مجلدان ، المكتبة الحيدريه ، نجف ، ١٣٨٦ ه‍. ق.

٥٠ ـ / عوالى اللئالى ، ابن ابى جهور الاحسائى ، (٨٨٠ ق) ٤ مجلدات ، سيد الشهداء ، قم ، ١٤٠٣ ه‍. ق.

٥١ ـ / عيون اخبار الرضا عليه‌السلام ، شيخ صدوق ، منشورات مطبعة الحيدريه ، نجف ، ١٣٩٠ ه‍. ق.

[غ]

٥٢ ـ / غنائم الايام ، في مسائل الحلال والحرام ، الميرزا أبو القاسم القمى ، (١١٥٢ / ١٢٢١ ق) مجلد ، الطبع الحجرى.

[ف]

٥٣ ـ / فرائد الاصول ، الشيخ الانصارى ، (١٢١٤ / ١٢٨١ ق) ٤ مجلدات ، مجمع الفكر الاسلامى ، ١٤١٩ ق / ١٣٧٧ ه‍. ش.

[ق]

٥٤ ـ / قوانين الاصول ، المحقق القمى ، (١٢٣١ ق) مجلدان ، الطبع الحجرى ، دار السلطنة ، تبريز ، ١٣١٥ ق.

٥٥ ـ / قرب الاسناد ، عبد الله الحميدى ، (٣٠٠ ق) مجلد ، مؤسسة آل البيت عليهم

٣١٣

السلام ، قم ، ١٤١٣ ه‍. ق.

[ك]

٥٦ ـ / كشف الغطاء من مبهمات الشريعة الغراء ، كاشف الغطاء ، جعفر بن خضر نجفى ، (٣٢٩ ق) المكتبة الصدوق.

٥٧ ـ / كنز العمّال ، المتقى الهندى ، (٩٧٥ ق) ١٦ مجلدات ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ١٤٠٩ ه‍. ق.

٥٨ ـ / كشف اللثام ، الفاضل الاصفهانى ، (١١٣٧ ق) مجلدان ، مكتبة السيد المرعشى ، قم ، ١٤٠٥ ه‍. ق.

[م]

٥٩ ـ / مجمع البحرين ، فخر الدين الطريحى ، (١٠٨٥ ق) ٦ مجلدات ، مكتب نشر الثقافة الاسلاميه ، ١٤٠٩ ق.

٦٠ ـ / مسند احمد بن حنبل ، احمد بن الحنبل ، (٢٤١ ق) ٦ مجلدات ، دار صادر ، بيروت.

٦١ ـ / مصباح المنير ، احمد بن محمد المقرى الفيومى ، (٧٧٠ ق) مجلدان في مجلد ، دار الهجرى ، ايران ، ١٤٠٥ ق.

٦٢ ـ / مجمع الفائده ، المقدس الأردبيلي ، (٩٩٣ ق) ١٤ مجلدات ، جامعة المدرسين ، قم.

٦٣ ـ / مستند الشيعة ، احمد بن محمد مهدى النراقى ، (١١٨٥ / ١٢٤٥ ق) ١٩ مجلدات ، مؤسسه آل البيت عليهم‌السلام ، الاحياء التراث ، مشهد ، ١٤١٥ ق.

٦٤ ـ / مطارح الانظار ، أبو القاسم كلانتر ، (١٢٩٢ ق) ٦٥ ـ / مجله پژوهشهاى اصولى شماره هاى ١ ، ٢ و ٣ (١٣٨١ ه‍. ش) مدرسه علميه وليعصر (عج) ، مدير مسئول : صادق لاريجانى.

٦٦ ـ / من لا يحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ، (١٣٨١ ق) ٤ مجلدات ، جامعة المدرسين ،

٣١٤

قم ، ١٤٠٤ ق.

٦٧ ـ / مجموعة رسائل فقهيه واصوليه ، اعداد : شيخ عباس حاجيان ، مجلد ، مكتبة الصغير ، ١٤٠٤ ق.

[ن]

٦٨ ـ / نهاية الاصول ، سيد حسين طباطبائى بروجردى ٦٩ ـ / نيل الاوطار ، محمد بن على الشوكانى ، (١٢٥٥ ق) ٩ مجلدات ، دار الجيل ، بيروت ، ١٩٧٣ م.

[و]

٧٠ ـ / وسائل الشيعه ، الشيخ الحرّ العاملى ، (١١٠٤ ق) ٣٠ مجلدات ، مؤسسه آل البيت عليهم‌السلام ، قم ، ١٤١٤ ه‍. ق.

٣١٥