إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٧

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٧

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦٧

(أَنْ يَتَّخِذَ) : حرف مصدري ناصب. يتخذ : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. و«أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «شاء».

(إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) : جار ومجرور متعلق بيتخذ أو بحال مقدمة من «سبيلا» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر بالإضافة أي إلى ثواب ربه بحذف المضاف «ثواب» وإحلال المضاف إليه «ربه» محله. سبيلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : طريقا.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) (٥٨)

(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ) : الواو عاطفة. توكل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجار والمجرور «على الحي» متعلق بتوكل بمعنى : وفوض أمرك على ربك الحي الدائم الحياة.

(الَّذِي لا يَمُوتُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للحي. لا : نافية لا عمل لها. يموت : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «لا يموت» صلة الموصول لا محل لها.

(وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «توكل» وتعرب إعرابها بمعنى ونزهه. بحمده : جار ومجرور متعلق بحال من الضمير الفاعل في «سبح» بتقدير : حامدا إياه على نعمائه والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَكَفى بِهِ) : الواو استئنافية. كفى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. به : الباء حرف جر والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر لفظا في محل رفع محلا لأنه فاعل «كفى» بمعنى وكفى بالله.

١٦١

(بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «خبيرا». عباده : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ثان. خبيرا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون حالا من الضمير «الهاء» في «به» بمعنى مطلعا على ذنوب عباده.

(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩)

(الَّذِي خَلَقَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره : الرحمن. أو يكون في محل جر صفة للحي الوارد ذكره في الآية الكريمة السابقة. خلق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب بخلق وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. والجملة الفعلية «خلق السموات والأرض» صلة الموصول لا محل لها.

(وَما بَيْنَهُما) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على «السموات والأرض». بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. الميم عماد والألف علامة التثنية أو تكون «ما» هي علامة التثنية. والظرف «بين» متعلق بمضمر محذوف تقديره : استقر أو هو مستقر أو وجد والجملة الفعلية «وجد بينهما» صلة الموصول لا محل لها.

(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) : جار ومجرور متعلق بخلق. أيام : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) : حرف عطف. استوى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر

١٦٢

فيه جوازا تقديره هو. على العرش : جار ومجرور متعلق باستوى. والجملة الفعلية «استوى على العرش» لا محل لها لأنها معطوفة على صلة الموصول «خلق السموات والأرض».

(الرَّحْمنُ) : خبر المبتدأ «الذي» مرفوع بالضمة وفي حالة إعراب «الذي» صفة للحي يكون «الرحمن» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. أو بدلا من الضمير المستتر في «استوى» أو يكون مبتدأ وخبره الجملة الفعلية «فاسأل به خبيرا». و«الرحمن» هو البليغ الرحمة.

(فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) : الفاء استئنافية أو تكون واقعة في جواب شرط مقدر أي إن لم تكن تعرف من الرحمن فاسأل عالما أو رجلا خبيرا به وبرحمته .. وقيل : الرحمن : وهو من أسماء الله الحسنى مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه بدليل الآية الكريمة التالية : قالوا وما الرحمن؟ فقيل فسل بهذا الاسم من يخبرك. اسأل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. به : جار ومجرور متعلق باسأل بمعنى فاسأل عنه أو يكون متعلقا باسم الفاعل «خبيرا» و«خبيرا» مفعول به منصوب باسأل وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون حالا من الضمير الهاء في «به» التقدير والمعنى : فاسأل عنه عالما بكل شيء.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) (٦٠)

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. اللام حرف جر و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل. والجملة الفعلية «قيل لهم اسجدوا» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا».

١٦٣

(اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل «قيل» وهي مقول القول. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. للرحمن : جار ومجرور متعلق باسجدوا.

(قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الاسمية بعده «وما الرحمن» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الواو استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع خبر مقدم. الرحمن : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) : الألف ألف إنكار بلفظ استفهام. نسجد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. اللام حرف جر و«ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بنسجد. تأمرنا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. و«نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به ثان. التقدير : للذي تأمرناه أي تأمرنا سجوده مثل قولنا : أمرتك الخير .. أو بمعنى : لإله لا نعرفه تأمرنا بالسجود له فيكون العائد المحذوف حرف جر أو تكون «ما» مصدرية «فتكون جملة «تأمرنا» صلة حرف مصدري لا محل لها و«ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بنسجد أي أنسجد لأمرك لنا.

(وَزادَهُمْ نُفُوراً) : الواو استئنافية للتسبيب. زاد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي وزادهم ذلك أي ضمير «اسجدوا للرحمن» لأنه هو المقول أي الأمر بالسجود و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. نفورا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : إعراضا عن الإيمان.

١٦٤

(تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) (٦١)

(تَبارَكَ الَّذِي) : فعل ماض مبني على الفتح. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى تعاظم وتقدس الله الذي .. والجملة الفعلية بعده «جعل في السماء بروجا» صلة الموصول لا محل لها.

(جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. في السماء : جار ومجرور متعلق بجعل. بروجا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جعل في السماء بروجا» وتعرب إعرابها.

(وَقَمَراً مُنِيراً) : معطوف بالواو على «سراجا» ويعرب مثله. منيرا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قمرا» منصوب مثله بالفتحة المنونة.

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) (٦٢)

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) : هذا القول أعرب في الآية الكريمة السابعة والأربعين. والنهار : معطوف بالواو على «الليل» ويعرب إعرابه. و«خلفة» بمعنى : صاحبي خلفة أي يخلف أحدهما الآخر.

(لِمَنْ أَرادَ أَنْ) : اللام حرف جر و«من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «خلفة» بمعنى : آية : بينة لمن .. أراد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «أراد أن يذكر» صلة الموصول لا محل لها. أن : حرف مصدرية ونصب.

(يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. و«أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «أراد». أو : حرف عطف للتخيير. أراد : الجملة الفعلية

١٦٥

معطوفة على جملة «أراد» الأولى .. وتعرب إعرابها. شكورا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى أو أراد شكر الله على نعمائه.

** (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثانية والستين .. المعنى : أو أراد شكر الله على آلائه ـ أي نعمائه ـ و«شكورا» بضم الشين : يحتمل أن يكون مصدرا كقعد قعودا ـ هذا ما ذكره الجوهري ـ وأن يكون جمعا كبرد ـ بضم الباء ـ وبرود .. وكفر وكفور .. و«الشكران ضد الكفران. ويقال : تشكر له مثل شكر له. باللام .. أما «الشكر فهو الثناء على المحسن بما أولى من المعروف. ويقال شكره وشكر له. وهو باللام أفصح. وقال الفيومي : يقال : شكرت لله : أي اعترفت بنعمته وفعلت ما يجب من فعل الطاعة وترك المعصية ولهذا يكون الشكر بالقول والعمل.

** (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والستين. المعنى والتقدير : وعباد الرحمن الذين هذه صفتهم أولئك يجزون الغرفة. وأضافهم إلى الرحمن تخصيصا وتفضيلا .. و«هونا» بمعنى رفقا وسكينة .. ويقال : هان الشيء يهون هونا .. من باب «قتل» بمعنى : لأن وسهل فهو هين ـ بتشديد الياء ويجوز التخفيف فيقال : هين لين. وأكثر ما جاء المدح بالتخفيف .. أما الفعل : هان ـ يهون ـ هونا ـ بضم الهاء وهوانا فمعناه : ذل واحتقر أي وحقر .. وفيه مهانة أي ذل وضعف.

** (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) : المعنى : قالوا للسفهاء .. أي وإذا خاطب السفهاء عباد الرحمن قالوا تسلما منكم لا نجاملكم ومتاركة لا خير بيننا ولا شر : بمعنى : نتسلم منكم تسلما فأوقع السلام موقع التسلم. وقيل : قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإثم .. والمراد بالجهل : السفه وقلة الأدب. ووردت كلمتا التحية والسلام في آية واحدة في كل من السور الكريمة : يونس : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) وفي سورة «إبراهيم» : (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) وفي سورة «الفرقان» : (وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) وفي سورة «الأحزاب» : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) : ويقال : سلم المؤمن لأمر الله وأسلم له واستسلم .. بمعنى واحد : أي انقاد له سبحانه وخضع. و«الجاهلون» جمع جاهل وهو اسم فاعل وفعله «جهل» من بابي «فهم» و«سلم» و«الجهل» ضد العلم. قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ارحموا عالما ضاع بين جهال «جمع جاهل» جاء قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هذا في سياق رده على سفانة بنت حاتم الطائي حين أسرت عند ما وجه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى طيئ فريقا من جنده يقدمهم علي ـ عليه‌السلام ـ فصبح على القوم واستاق خيلهم وغنمهم ورجالهم ونساءهم إلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فلما عرض عليه الأسرى نهضت من بين القوم سفانة بنت حاتم فقالت : يا محمد .. هلك الوالد وغاب الوافد .. فإن رأيت أن تخلي عني وتشمت بي أحياء العرب! فإن أبي كان سيد قومه .. يفك العاني ـ أي الأسير ـ ويقتل الجاني ويحفظ الجار ويحمي الذمار ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ويعين على نوائب الدهر وما أتاه أحد في حاجة فرده خائبا .. أنا بنت حاتم الطائي. فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا جارية هذه صفات المسلمين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه .. خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق .. وقال فيها : ارحموا عزيزا ذل .. وغنيا افتقر .. وعالما ضاع بين جهال وامتن عليها رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بقومها فأطلقهم تكريما لها .. فاستأذنته في الدعاء له. فأذن لها

١٦٦

وقال لأصحابه : اسمعوا وعوا. فقالت : أصاب الله ببرك مواقعه .. ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلا وجعلك سببا في ردها إليه. فلما أطلقها رجعت إلى أخيها «عدي» وهو بدومة الجندل فقالت له : يا أخي ائت هذا الرجل قبل أن تعلقك حبائله فإني قد رأيت هديا ورأيا سيغلب أهل الغلبة ورأيت خصالا تعجبني .. رأيته يحب الفقير .. ويفك الأسير .. ويرحم الصغير ويعرف قدره الكبير .. وما رأيت أجود ولا أكرم منه .. فإن يكن نبيا فللسابق فضله وإن يكن ملكا فلن تزال في عز اليمن .. فذهب «عدي» إلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فأسلم وأسلمت سفانة.

** (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والستين يقال : بات الرجل يفعل كذا : أي فعله بالليل ولا يكون إلا مع سهر الليل .. قال الأزهري قال الفراء : بات الرجل : إذا سهر الليل كله في معصية أو طاعة. وقال الليث : من قال : «بات» بمعنى : نام فقد أخطأ. ألا ترى أنك تقول : بات يرعى النجوم .. ومعناه : ينظر إليها. فكيف ينام من يراقب النجوم؟ و«البيت» هو «المسكن» وجمعه : بيوت وأبيات. ومنها بيت الشعر ـ بفتح الشين والعين ـ وهو معروف .. وبيت الشعر ـ بكسر الشين وسكون العين ـ وهو ما يشتمل على أجزاء التفعيل .. سمي بذلك على الاستعارة .. بضم الأجزاء بعضها إلى بعض على نوع خاص كما تضم أجزاء البيت في عمارته على نوع خاص. ومن معاني «البيت» الشرف .. فيقال : بيت العرب : أي شرفها .. والبيت الحرام : هو الكعبة المشرفة .. وبيت الرجل : أي عياله .. وبيت القصيدة : هو أبياتها نفسها أو البيت المتضمن غرض الشاعر. و«القصيدة» هي في الأصل : فعيلة .. من القصد بمعنى مفعولة وهي في اصطلاح العروضين ـ بفتح العين ـ : عبارة عن جملة من الأبيات أقلها : سبعة وقيل : عشرة .. سميت بذلك لأن قائلها يقصدها بالتحسين والإتقان.

** (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والستين .. وفيه حذف مفعول «أنفقوا» اختصارا. التقدير والمعنى : وإذا أنفقوا شيئا من أموالهم اعتدلوا في الإنفاق وكان إنفاقهم بين الإسراف والقتر وسطا.

** (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الثامنة والستين .. وفيه حذف مفعول «حرم» اختصارا أي حرم قتلها.

** (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) : أي ومن يفعل ذلك الشيء أي هذه المحرمات الثلاثة يلق جزاء أثام أي إثما .. وحذف النعت أو البدل المشار إليه «الشيء .. المحرمات الثلاثة» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه .. وحذف مفعول «يلقى» وهو «جزاء» المضاف وأقيم المضاف إليه «أثام» أي ذنبا مقامه وانتصب انتصابه مفعولا ليلقى فصار «أثاما» بعد انقطاعه عن الإضافة.

** سبب نزول الآية : أخرج الشيخان عن ابن عباس : أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة. فنزلت هذه الآية الكريمة.

** (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السبعين .. وفيه أفردت الأفعال : تاب .. آمن .. عمل .. العائدة على «من» أي صلتها وذلك على لفظ «من» وأشير إلى «من» بصيغة الجمع في قوله : أولئك .. وذلك على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى. وفي

١٦٧

الآية الكريمة التالية الحادية والسبعين وردت الأفعال : تاب .. عمل .. يتوب .. والضمير الهاء في «إنه» بصيغة الإفراد .. وذلك على لفظ «من» فقط.

** سبب نزول الآية : أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال : لما أنزلت في سورة «الفرقان» الآية الكريمة الثامنة والستون : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) قال مشركو أهل مكة : قد قتلنا النفس بغير حق ودعونا مع الله إلها آخر وأتينا الفواحش .. فنزلت الآية الكريمة : «إلا من تاب».

** (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والسبعين .. المعنى : والمؤمنون لا يشهدون شهادة الزور وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مروا معرضين عنهم مكرمين أنفسهم .. وحذف مفعول «يشهدون» وهو «شهادة» فحل المضاف إليه «الزور» محله .. كما حذف المضاف «أهل» فأقيم المضاف إليه «اللغو» مقامه.

** (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) : في هذا القول الكريم الذي هو نص الآية الكريمة الثالثة والسبعين تكون جملة «لم يخروا عليها صما وعميانا» كناية عن سمعهم الآيات الربانية بآذان واعية وعيون مبصرة و«لم» نفى الصمم والعمى وليس نافيا للخرور وإنما هو إثبات له.

(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) (٦٣)

(وَعِبادُ الرَّحْمنِ) : الواو استئنافية. عباد : مبتدأ مرفوع بالضمة وخبره الجملة الاسمية «أولئك يجزون الغرفة» في الآية الكريمة الخامسة والسبعين. التقدير : وعباد الرحمن الذين هذه صفتهم أولئك يجزون. ويجوز أن يكون خبره : الجملة الاسمية «هم الذين يمشون ..» الرحمن : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(الَّذِينَ يَمْشُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم أو صفة للعباد على الوجهين من إعراب «عباد». يمشون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) : جار ومجرور متعلق بيمشون. هونا : حال من ضمير «يمشون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى هينين متواضعين. ويجوز أن يكون صفة ـ نعتا ـ لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف وصف به

١٦٨

بتقدير : يمشون مشيا هينا إلا أن الوجه الأول أصح لأن وضع المصدر موضع الصفة مبالغة.

(وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ خاطب : فعل ماض مبني على الفتح و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. الجاهلون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد والجملة الفعلية «خاطبهم الجاهلون» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا».

(قالُوا سَلاماً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. سلاما : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : نتسلم منكم تسلما فأقيم «سلاما» مقام «تسلما» والجملة الفعلية «نتسلم منكم تسلما أو سلاما» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول أو يكون بمعنى سلام متاركة لا سلام تحية أي قالوا قولا فيه سلام ورحمة.

(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) (٦٤)

(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ) : معطوف بالواو على «الذين يمشون» في الآية الكريمة السابقة ويعرب مثله. لرب : جار ومجرور متعلق بيبيتون و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(سُجَّداً وَقِياماً) : حالان من ضمير «يبيتون» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة بمعنى ساجدين لعظمة ربهم قائمين في عبادته في الليل بمعنى : يصلون صلاة تهجد.

(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) (٦٥)

١٦٩

(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ) : تعرب إعراب «والذين يبيتون» الواردة في الآية الكريمة السابقة بمعنى : والذين يدعونه قائلين. وعلى هذا التقدير تكون الجملة الفعلية المقدرة «يدعونه» صلة الموصول لا محل لها والجملة الفعلية «يقولون» في محل نصب حالا من ضمير «يدعون».

(رَبَّنَا اصْرِفْ) : منادى بأداة نداء محذوفة. التقدير يا ربنا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و«نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اصرف : فعل دعاء وتضرع بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت بمعنى : ادفع. والجملة الفعلية «اصرف عنا عذاب العذاب» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ) : حرف جر و«نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق باصرف. عذاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. جهنم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث.

(إِنَّ عَذابَها) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و«عذاب» اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة و«ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية بعده «كان غراما» في محل رفع خبر «إن».

(كانَ غَراماً) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. غراما : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : لازما لأعداء الله يلازمهم أو بمعنى : كان هلاكا.

(إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٦٦)

(إِنَّها ساءَتْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و«ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» و«إن» وما بعدها تعليل للدعاء السابق في الآية الكريمة السابقة. ساءت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا

١٧٠

تقديره : هي. والفعل «ساءت» حكمه حكم «بئست» لإنشاء الذم. والفاعل ضمير مبهم يفسره «مستقرا ومقاما» والمخصوص بالذم محذوف معناه : ساءت مستقرا ومقاما هي. هذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم «إن» وجعلها خبرا لها في محل رفع.

(مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون حالا بمعنى : بئس مكان استقرار. ومقاما : معطوف بالواو على «مستقرا» ويعرب إعرابه بمعنى : وبئس محل إقامة.

(وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٦٧)

(وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا) : معطوف على الاسم الموصول «الذي» في الآية الكريمة الخامسة والستين ويعرب إعرابه. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. أنفقوا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(لَمْ يُسْرِفُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يسرفوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : إذا أنفقوا أموالهم اعتدلوا في الإنفاق.

(وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ) : الجملة معطوفة على جملة «لم يسرفوا» وتعرب إعرابها بمعنى ولم يضيقوا. الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. أي الإنفاق.

(بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر «كان» وهو مضاف. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. قواما : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : بل كان إنفاقهم بين الإسراف والقتر وسطا.

١٧١

(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) (٦٨)

(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ) : يعرب إعراب «والذين» في الآية الكريمة السابقة. لا : نافية لا عمل لها. يدعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لا يدعون ..» صلة الموصول لا محل لها بمعنى لا يعبدون.

(مَعَ اللهِ) : اسم يدل على المصاحبة استعمل بمعنى الاجتماع فأصبح ظرف مكان وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(إِلهاً آخَرَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. آخر : صفة ـ نعت ـ للموصوف «إلها» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ وبوزن الفعل.

(وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «لا يدعون إلها» وتعرب إعرابها.

(الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للنفس. حرم : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الفعلية «حرم الله» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به التقدير حرمها.

(إِلَّا بِالْحَقِّ) : أداة حصر لا عمل لها. بالحق : جار ومجرور متعلق بمفعول «حرم» أي بالقتل ـ قتلها ـ.

(وَلا يَزْنُونَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «لا يقتلون» وتعرب إعرابها بمعنى لا يرتكبون جريمة الزنا.

(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع

١٧٢

خبر «من». يفعل : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به. اللام للبعد والكاف حرف خطاب بمعنى تلك المحرمات .. والجملة الفعلية «يفعل ذلك» صلة الموصول لا محل لها.

(يَلْقَ أَثاماً) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهي فعل مضارع جواب الشرط ـ جزاؤه ـ مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. أثاما : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى يلقى الإثم.

(يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) (٦٩)

(يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) : فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بمن لأنه بدل من جواب الشرط المجزوم «يلق» في الآية الكريمة السابقة وعلامة جزمه سكون آخره. له : جار ومجرور متعلق بيضاعف. العذاب : نائب فاعل مرفوع بالضمة. وجاء الفعل «يضاعف» بدلا من «يلق» لأنهما بمعنى واحد.

(يَوْمَ الْقِيامَةِ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيضاعف وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يضاعف له العذاب» والفعل مبني للمعلوم بمعنى : ويبقى وهو مجزوم بمن أيضا لأنه معطوف على جواب الشرط «يضاعف» المجزوم بمن. فيه : جار ومجرور متعلق بيخلد .. بمعنى ويبقى في ذلك اليوم أبد الدهر. مهانا : حال من ضمير «يخلد» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ذليلا محتقرا. وفاعل «يخلد» ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

١٧٣

(إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٧٠)

(إِلَّا مَنْ تابَ) : أداة استثناء وهو استثناء منقطع بمعنى : لكن. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلا. تاب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «تاب» وتعربان إعرابها. عملا : مفعول به سمي بالمصدر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. صالحا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عملا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ) : الجملة الاسمية في محل جزم بمن لأنها مضمنة معنى الشرط. الفاء واقعة في جواب «من» ويجوز أن تكون الفاء استئنافية والجملة بعدها مستأنفة لا محل لها. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. يبدل : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «أولئك» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) : مفعولا «يبدل» بمعنى : يجعل الله أو يصير سيئاتهم حسنات ولهذا تعدى الفعل إلى مفعولين وعلامة نصبهما الكسرة بدلا من الفتحة لأنهما ملحقان بجمع المؤنث السالم و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي يقلب سيئاتهم إلى حسنات.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(غَفُوراً رَحِيماً) : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «رحيما» صفة ـ نعتا ـ للموصوف «غفورا» والكلمتان من صيغ المبالغة ـ فعول وفعيل بمعنى فاعل ـ.

١٧٤

(وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) (٧١)

(وَمَنْ تابَ) : الواو عاطفة. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». تاب : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «تاب» صلة الموصول لا محل لها.

(وَعَمِلَ صالِحاً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تاب» وتعرب مثلها. صالحا : صفة ـ نعت ـ حلت محل مفعول «عمل» أي وعمل عملا صالحا أو تكون مفعول «عمل» بمعنى : وأصلح.

(فَإِنَّهُ يَتُوبُ) : الجملة جواب شرط جازم مسبوقة بإن مقترنة بالفاء في محل جزم. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». يتوب : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(إِلَى اللهِ مَتاباً) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيتوب. متابا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : مرضيا عنه مكفرا للذنوب محصلا للثواب أو تائب إلى الله متابا وهو بمعنى التوكيد.

(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٧٢)

(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) : يعرب إعراب «والذين لا يدعون إلها» في الآية الكريمة الثامنة الستين بمعنى والمؤمنون.

(وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) : معطوفة بالواو على «والذين إذا أنفقوا» في الآية الكريمة السابعة والستين وتعرب إعرابها. باللغو : جار ومجرور متعلق بمروا بمعنى الكلام فيما لا يعنيهم.

(مَرُّوا كِراماً) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. مروا : أعربت. كراما : حال من ضمير «مروا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : مروا معرضين عنهم مكرمين أنفسهم عن الخوض معهم في أحاديثهم.

١٧٥

(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) (٧٣)

(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا) : يعرب إعراب «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا» في الآية الكريمة السابعة والستين .. ذكروا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. بآيات : جار ومجرور متعلق بذكروا. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) : جار ومجرور متعلق بلم يخروا بمعنى لم يجمدوا أو لم يسقطوا عليها. لأن المعنى : إنهم إذا ذكروا بالآيات الربانية أكبوا عليها حرصا منهم على الاستماع إليها والإقبال على المذكر بها و«صما» حال من ضمير «يخروا» منصوب بالفتحة المنونة. وعميانا : معطوف بالواو على «صما» ويعرب إعرابه بمعنى : أكبوا عليها سامعين بآذان واعية مبصرة وهي على اللفظ بمعنى : طرشا مفردها : أصم .. وعميانا : جمع «أعمى».

(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٧٤)

(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والستين بمعنى اجعل لنا. و«لنا» متعلق بهب.

(مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا) : جار ومجرور متعلق بهب و«نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وذرياتنا : معطوف بالواو على «أزواجنا» ويعرب إعرابه. ويجوز أن تكون «من» حرف جر بيانيا ـ من .. البيانية ـ مفسرة لجنس المبهم الواقع قبلها على معنى : هب لنا قرة أعين من أزواجنا .. فيكون الجار والمجرور «من أزواجنا وذرياتنا» متعلقا بصفة محذوفة من قرة أعين أي يجعلهم الله قرة أعين. ويحتمل أن تكون «من» ابتدائية على معنى «هب لنا من جهتهم ما تقر به عيوننا من طاعة وصلاح».

١٧٦

(قُرَّةَ أَعْيُنٍ) : مفعول به منصوب بهب بمعنى : اجعل وعلامة نصبه الفتحة. أعين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. أي اجعل لنا منهم سرورا وفرحا أو ما تسر به نفوسنا وترتاح إليه قلوبنا.

(وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ) : معطوفة بالواو على «هب» وتعرب إعرابها و«نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. للمتقين : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «إماما» وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(إِماماً) : مفعول به ثان منصوب باجعل المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى أئمة فجيء بالواحد ـ المفرد لدلالته على الجنس أو بمعنى : جعل يقتدي به الناس في أمور الدين لغزارة علمه.

(أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) (٧٥)

(أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. يجزون : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «أولئك» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : يثابون.

(الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي يثابون بالجنة. والغرفة هي الحجرة المراد بها هنا الجنة أو المراد الغرفات وهي العلالي في الجنة فوحد اقتصارا على الواحد على الجنس .. أي واحد يدل على الجمع. الباء حرف جر و«ما» مصدرية. صبروا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و«ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيجزون. التقدير : بصبرهم على الطاعات وحب الشهوات أو جزاء صبرهم.

١٧٧

(وَيُلَقَّوْنَ فِيها) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يجزون» وتعرب إعرابها. فيها : جار ومجرور متعلق بيلقون.

(تَحِيَّةً وَسَلاماً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف بمعنى : يحيون تحية وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وسلاما : معطوف بالواو على «تحية» ويعرب إعرابها بمعنى : ويسلم عليهم سلاما أي يحييهم الملائكة تحية ويسلمون عليهم سلاما أو يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه. وسلاما : تفسير للتحية.

(خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٧٦)

(خالِدِينَ فِيها) : حال من ضمير «يلقون» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين.

(حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي أي الغرفة بمعنى : طابت الجنة. مستقرا : تمييز أو حال من ضمير «حسنت» منصوب بالفتحة المنونة. ومقاما : معطوف بالواو على «مستقرا» ويعرب إعرابه بمعنى : استقرارا وموضعا أو حسنت مكانا وإقامة.

(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) (٧٧)

(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. وأصله : قول حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به على المصدر بمعنى وتقدير : أي عبء يعبأ أو أي وزن يكون لكم عنده. أو ما يصنع بكم ربي لو لا دعاؤه إياكم إلى السلام؟ وقيل : ما يصنع بعذابكم لو لا دعاؤكم معه آلهة؟ ويجوز أن تكون «ما» نافية لا عمل لها بمعنى : إنكم لا تستأهلون شيئا من

١٧٨

العبء بكم .. أي ما يبالي بكم ربي أيها الكافرون والجار والمجرور «بكم» متعلق بيعبأ والميم علامة جمع الذكور. و«يعبأ» : فعل مضارع مرفوع بالضمة.

(رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة. والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة و«لو لا» حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع لوجود ـ دعاء : مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور وخبر المبتدأ محذوف وجوبا تقديره : لو لا عبادتكم كائنة.

(فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى : إذا أعلمتكم أني لا أعتد بعبادي إلا لعبادتهم فقد خالفتهم بتكذيبهم حكمي. الفاء واقعة في جواب الشرط. قد : حرف تحقيق. كذبتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور أو يكون المعنى : وكيف يعبأ أي يبالي بكم ربكم وقد كذبتم الرسول والقرآن فحذف مفعول «كذبتم» اختصارا لأنه معلوم أي الرسول.

(فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) : الفاء عاطفة. سوف : حرف تسويف ـ استقبال ـ يكون : فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. أي العذاب أو جزاء التكذيب لأن ما قبله هو «فقد كذبتم». لزاما : خبر «يكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ملازما لكم حتى يكبكم في النار.

***

١٧٩

سورة الشعراء

معنى السورة : الشعراء : جمع «شاعر» وهو قائل أو ناظم الشعر .. و«الشعر» ـ كما قال الفيومي ـ : الشعر العربي : هو النظم الموزون وحده : ما تركب تركبا متعاضدا وكان مقفى موزونا مقصودا به ذلك. فما خلا من هذه القيود أو من بعضها فلا يسمى شعرا ولا يسمى قائله شاعرا .. ولهذا ما ورد في الكتاب الكريم والسنة. الشريفة ليس بشعر لعدم القصد أو التقفية .. وكذلك ما يجري على ألسنة بعض الناس من غير قصد لأنه مأخوذ من «شعرت» إذا فطنت وعلمت .. وسمي الشاعر شاعرا ـ اسم فاعل ـ لفطنته وعلمه به فإذا لم يقصده فكأنه لم يشعر به .. وهو مصدر في الأصل نحو : شعرت أشعر شعرا : إذا قلته. والشعراء على وزن «فعلاء» إذا جرد من الألف واللام منع من الصرف لأنه على وزن «فعلاء» ومفرده : الشاعر وجمعه «شعراء» وهو على وزن «فعلاء» وقيل : إن جمعه على «فعلاء» نادر .. ومثله : عاقل وعقلاء .. وصالح وصلحاء. قال ابن خالويه : إنما جمع «شاعر» على «شعراء» لأن من العرب من يقول : شعر ـ بضم العين ـ فقياسه أن تجيء الصفة على «فعيل» نحو : شرف ـ بضم الراء ـ فهو شريف ـ فعيل بمعنى فاعل ـ فلو قيل كذلك لالتبس بشعير الذي هو الحب ـ بفتح الحاء ـ فقالوا شاعر ولمحوا في الجمع بناءه الأصلي.

تسمية السورة : سميت هذه السورة الكريمة بالشعراء لأن فيها ردا على من اتهم رسوله الكريم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بأنه ساحر وبأنه شاعر وقد جاء ذلك في الآية الكريمة الرابعة والعشرين بعد المائتين من السورة الشريفة المذكورة.

فضل قراءة السورة : قال إمام المؤمنين الرسول الأمين محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الشعراء» كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به وهود وشعيب وصالح وإبراهيم وبعدد من كذب بعيسى وصدق بمحمد ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وعن البراء بن عازب أن النبي ـ

١٨٠