السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-276-8
الصفحات: ٥٠٩
بلا خلاف.
وهل يكون الفاضل عن سهامهما مردوداً عليهما بالنسبة ، كما هو فتوى ابن زهرة والكيدري (١) ، أو على الأُخت خاصّة ، كما عن النهاية والقاضي ونجيب الدين (٢)؟ قولان ، تردّد بينهما الفاضل في الإرشاد (٣).
ولا وجه له بعد عموم مفهوم الحصر المتقدّم في قوله عليهالسلام : « فهم الذين يزادون وينقصون » (٤) مشيراً بهم إلى كلالة الأب ، وليس فيه تقييد ذلك بما إذا اجتمعوا مع كلالة الأُمّ خاصّة ، بل هو عام شامل له ولما إذا اجتمعوا مع الأجداد لها.
ولا يقدح في ذلك تضمّن صدر بعض النصوص المتضمّنة له أو جملتها خصوص الصورة الأُولى ، فيخصّ بها عموم ذيلها ، إلاّ على تقدير تخصيص السؤال لعموم الجواب ، وهو خلاف التحقيق ، كما برهن في محلّه.
فالقول الثاني أظهر ، وفاقاً للشهيد في الدروس والنكت (٥) ، قائلاً فيه : الظاهر أنّه يلزم كلّ من قال باختصاص الأُخت في مسألة قيام كلالة الأب مقام كلالة الأب والأُمّ.
وهنا ( مسألتان : )
( الاولى : لو اجتمع أربعة أجداد لأب ) أي جدّ أبيه وجدّته لأبيه
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، وحكاه عن الكيدري في المختلف : ٧٣٣.
(٢) حكاه عنهم في غاية المراد ٣ : ٥٦٦ ، وهو في النهاية : ٦٥١ ، المهذب ٢ : ١٤٤ ، ١٤٥ ، الجامع للشرائع : ٥١٦ ، ٥١٧.
(٣) الإرشاد ٢ : ١٢١.
(٤) راجع ص : ٣٢٤.
(٥) الدروس ٢ : ٣٧١ ، غاية المراد ٣ : ٥٦٦.
وهما لُامّه ( ومثلهم لُامّ ) أي جدّ امّه وجدّتها لأبيها وهما لُامّها ( كان لأجداد الأُمّ ) وجدّاتها الأربعة ( الثلث ) يقتسمونه ( بينهم أرباعاً ، ولأجداد الأب وجدّاته الثلثان ) يقتسمونهما بينهم بالتفاوت ( لأبوي أبيه ثلثا الثلثين أثلاثاً ) للذّكر منهما ضعف الأُنثى ( ولأبوي امّه الثلث أثلاثاً أيضاً ) كذلك.
هذا على المشهور بين أصحابنا ، كما صرّح به جماعة (١).
قيل : اعتباراً للنسبة إلى نفس الميت (٢).
خلافاً لمعين الدين المصري ، فثلث الثلث لأبوي أُمّ الأُمّ بالسوية ، وثلثاه لأبوي أبيها كذلك أيضاً ، وثلث الثلثين لأبوي أُمّ الأب بالسوية ، وثلثاهما لأبوي أبيه أثلاثاً (٣).
قيل : اعتباراً في الطرفين بالتقرب إلى الأُمّ في الجملة المقتضي للتسوية (٤).
وللبَرزَهي (٥) ، فثلث الثلث لأبوي أُمّ الأُمّ بالسوية ، وثلثاه لأبوي أبيها أثلاثاً ، للذّكر ضعف الأُنثى. وقسمة أجداد الأب كالأوّل ، قيل : اعتباراً في
__________________
(١) منهم الشهيد في الروضة ٧ : ١٤٧ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٣٢٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٩٣.
(٢) قاله الفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٣٢٤.
(٣) حكاه عنه في الدروس ٢ : ٣٧٠.
(٤) قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٣٢٤.
(٥) حكاه عنه في الدروس ٢ : ٣٧١. وهو الشيخ زين الدين محمّد بن القاسم البرزهي ، عالم ، فقيه ، فاضل ، ينقل له أقوال في كتب الاستدلال ، والبرزهي بفتح الباء والزاي نسبة إلى البَرزَة بالهاء الصريحة وهي قرية من أعمال بيهق ، والبرزة بتاء التأنيث قرية من غوطة دمشق إلاّ أن النسبة إليها البرزي. أمل الآمل ٢ : ٢٩٣ / ٨٨٤ ، رياض العلماء ٥ : ١٥٢ ، الكنى والألقاب ٢ : ٦٨ ، القاموس المحيط ٢ : ١٧٢ ( برز ) ، معجم البلدان ١ : ٣٨٢.
الطرفين بالتقرب إلى الأب (١).
والمسألة محلّ إشكال ؛ لعدم وضوح الدليل على شيء من هذه الأقوال ، وضعف الاعتبارات ، مع تعارض بعضها مع بعض.
وندرة اتفاق هذه المسألة كفتنا مئونة الاشتغال بتحصيل ما يرجّح أحد هذه الأقوال ، مع أنّ العمل بالمشهور متعيّن في أمثال المجال لو لم يكن بدّ ولا يمكن احتياط.
وتصح المسألة على القولين الأخيرين من أربعة وخمسين ، وإن اختلف وجه الارتفاع فيهما ؛ لأنّ على الأوّل : سهام قرابة الأُمّ ستّة ، وسهام قرابة الأب ثمانية عشر ، وعلى الثاني : الثمانية عشر سهام قرابة الأُمّ ، وسهام قرابة الأب تسعة ، وعلى التقديرين يجتزأ بالثمانية عشر التي هي العدد الأكثر لدخول الأقل فيه ، وهو الستّة في الأوّل والتسعة في الثاني ، وتضرب في أصل المسألة ، وهو ثلاثة ، تبلغ العدد المتقدّم إليه الإشارة.
وأمّا على القول الأوّل : ( فتصح من مائة وثمانية ) لأنّ أصلها كما عرفت من ثلاثة أسهم هي مخرج ما فيها من الفروض ، وهو الثلث ، سهم منها لأقرباء الأُمّ وهو ثلثها لا ينقسم على عددهم وهو أربعة ، وسهمان لأقرباء الأب لا ينقسم على عدد سهامهم وهي تسعة ؛ لأنّ ثلثي الثلثين لجدّ أبيه وجدّته لأبيه بينهما أثلاثاً ، وثلثه لجدّ أبيه وجدّته لأُمّه أثلاثاً أيضاً ، فترتقي سهام الأربعة إلى تسعة ، فقد انكسرت على الفريقين ، وبين عدد سهم كلّ فريق ونصيبه مباينة ، وكذا بين العددين ، فيطرح النصيب ، ويضرب أحد العددين في الآخر يحصل ستّة وثلاثون ، تضرب في أصل
__________________
(١) مفاتيح الشرائع ٣ : ٣٢٤.
الفريضة ثلاثة تبلغ مائة وثمانية ، ثلثها ستّة وثلاثون ينقسم على أجداد أُمّه الأربعة بالسوية ، لكلّ واحد تسعة ، وثلثاها اثنان وسبعون ينقسم على تسعة ، لكلّ سهم ثمانية ، فلجدّ الأب وجدّته لأبيه ثلثا ذلك ثمانية وأربعون ، ثلثه للجدّة ستّة عشر ، وثلثاه للجد اثنان وثلاثون ، ولجدّ الأب وجدّته لأمّه أربعة وعشرون ، ثلثا ذلك للجدّ ستّة عشر ، وثلثه للجدّة ثمانية.
( الثانية : الجدّ وإن علا ) مطلقاً ، بشرط الترتيب الأقرب فالأقرب ( يقاسم الإخوة والأخوات ) مطلقاً ، بغير خلاف ظاهر ، مصرّح به في كلام جماعة (١) ، وهو الحجة.
مضافاً إلى الصحاح المستفيضة ونحوها من المعتبرة ، المتقدّم إلى جملة منها الإشارة ، الدالّة على تنزيل الجدّ منزلة الإخوة واقتسامهما التركة (٢).
وجملة منها وإن كانت مطلقة غير منصرفة بحكم التبادر والغلبة إلى الجدّ الأعلى ، بل إلى الأدنى خاصّة ، إلاّ أنّ جملة أُخرى منها وافرة عامّة لهما ، وإن كان الجدّ فيها أيضاً مطلقاً ، إلاّ أنّه في السؤال ، وحيث لم يستفصل عن أفراده ومحتملاته التي منها الجدّ الأعلى أفاد العموم لهما على الأقوى ، كما برهن في محلّه مستقصى.
نعم ربما يتوجّه السؤال بأنّ هذا العموم معارض بعموم ما دلّ على منع الأقرب الأبعد ، والأخ أقرب من أب الجدّ ، والجمع بينهما كما يمكن بتخصيص هذا العموم وإبقاء عموم مقاسمة الجدّ للأخ بحاله ، كذا يمكن
__________________
(١) كشف الرموز ٢ : ٤٥٧.
(٢) راجع ص : ٣٣٣.
العكس ، فلا وجه لترجيح الأوّل عليه ، سيّما مع العمل به في الحكم بترتّب الأجداد بعضهم مع بعض ومنع الأقرب منهم الأبعد ، فليكن هذا بالترجيح أجدر ، وهذا السؤال متوجّه لولا فتوى الأصحاب المرجّح للجمع الأوّل.
( وأولاد الإخوة والأخوات ) مطلقاً ( وإن نزلوا ) لكن مرتّبين ( يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الأجداد والجدّات ) خاصّة ، بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع في السرائر والانتصار والغنية وكنز العرفان وغيرها (١) ، وهو الحجة.
مضافاً إلى النصوص المستفيضة عموماً وخصوصاً ، فمن الأوّل : المعتبرة من الصحيح وغيره ، الدالّة على أنّ كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إلى الميت فيحجبه (٢).
ومن الثاني : الصحاح والمعتبرة من الموثق وغيره ، الدالّة على مقاسمة ابن الأخ مع الجدّ المال بينهما نصفين (٣).
والصحيح : « بنت الأخ بمنزلة الأخ » (٤).
والمرسل القريب من الصحيح : في بنات أُخت وجدّ ، قال : « لبنات الأُخت الثلث ، وما بقي فللجدّ » (٥) إلى غير ذلك من الأخبار.
__________________
(١) السرائر ٣ : ٢٦٠ ، الانتصار : ٣٠٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، كنز العرفان ٢ : ٣٣٤ ؛ كشف اللثام ٢ : ٢٩٣.
(٢) الوسائل ٢٦ : ٦٣ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ١ ، و ٦٨ ب ٢ ح ١ ، و ١٦٢ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٥ ح ٩.
(٣) الوسائل ٢٦ : ١٥٩ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٥.
(٤) التهذيب ٩ : ٣٢٥ / ١١٧٠ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٢ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٥ ح ٩.
(٥) الكافي ٧ : ١١٣ / ٧ ، الفقيه ٤ : ٢٠٧ / ٧٠٢ ، التهذيب ٩ : ٣٠٩ / ١١٠٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٦١ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٥ ح ٧.
وقصورها عن إفادة تمام المدّعى مجبور بعدم القائل بالفرق بين جزئيات المسألة وأفرادها ، مع الاعتضاد بعموم المعتبرة المتقدّمة الدالّة على المنزلة.
والاستثناء في بعضها كآية الإرث بالقرابة وغيرها وإن اقتضى منع الجدّ من بَعُد عن درجته من أولاد الإخوة ، إلاّ أنّه مخصّص هنا أيضاً بالإجماع ، وصريح الأخبار الخاصّة.
( و ) يستفاد من عموم المنزلة المتقدّمة مضافاً إلى عدم الخلاف أنّه ( يرث كلّ واحد منهم ) أي من المتقاسمين من الأجداد وأولاد الإخوة ( نصيب من يتقرب به ) إلى الميت.
( ثم إن كانوا أولاد ) أخ أو ( إخوة ) أو أولاد أُخت ( أو أخوات لأب اقتسموا ) نصيبهم من ( المال ) مع الاختلاف في الذكورة والأُنوثة بالتفاوت ( للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ، وإن كانوا ) أي أولاد الإخوة والأخوات ( لأُمّ ) خاصة ( اقتسموا ) نصيبهم بينهم ( بالسوية ) مطلقاً ، ولو اختلفوا في الذكورة والأُنوثة ، فإنّ ذلك حكم المنزلة.
ولنذكر أمثلة اقتسام أولاد الإخوة منفردين عن الأجداد ، ثم أمثلة اقتسامهم مجتمعين معهم ، فنقول :
لو خلف الميت أولاد أخ لأُمّ أو أُخت لها خاصّة ، كان المال لهم بالسوية ، السدس فرضاً والباقي ردّاً ، من غير فرق بين الذكر والأُنثى.
وإن تعدّد من تقربوا به من الإخوة للُامّ أو الأخوات أو الجميع ، كان لكلّ فريق من الأولاد نصيب من يتقرب به ، يقتسمونه بالسوية.
وإن كانوا أولاد أخ للأبوين أو لأب ولا وارث سواهم كان المال بينهم بالسوية إن اتفقوا ذكورية أو أُنوثية ، وإلاّ بالتفاضل.
وإن كانوا أولاد أُخت للأبوين أو الأب ، كان النصف فرضاً ، والباقي ردّاً مع عدم غيرهم.
وإن كانوا أولاد أُختين فصاعداً كذلك ، فالثلثان لهم فرضاً ، والباقي ردّاً مع عدم غيرهم ، ويقتسمونه بالسوية أو التفاضل ، كما تقدّم.
ولو اجتمع أولاد الأُخت للأبوين أو الأب مع أولاد الأخ أو الأُخت أو الأخوة أو الأخوات للأُمّ ، فللفريق الثاني السدس مع وحدة من يتقربون به ، والثلث مع تعدّده ، وللفريق الأوّل النصف ، والباقي يردّ عليهم خاصّة ، أو عليهما ، على الاختلاف المتقدّم إليه الإشارة.
ولو اجتمع أولاد الكلالات الثلاث سقط أولاد من يتقرب بالأب ، وكان لمن يتقرب بالأُمّ السدس مع وحدة من يتقرب به ، وإلاّ فالثلث ، ولمن يتقرب بالأبوين الباقي.
ولو دخل في هذه الفروض زوج أو زوجة ، كان له النصيب الأعلى ، والباقي ينقسم كما تقدّم.
ولو خلف أولاد أخ للأبوين وأولاد أُخت لهما ، ومثلهم من قبل الامّ ، وجدّاً وجدّة من قبل الأب ، ومثلهما من قبل الأُمّ ، فلكلالة الأُمّ مع الجدّين لها الثلث ، يقتسمونه أرباعاً ، ربع للجدّ ، وربع للجدّة ، وربع لأولاد الأخ ، وربع لأولاد الأُخت ، وكلّ من هؤلاء الأولاد يقتسمونه بالسوية ، والباقي وهو الثلثان يقسم على الباقين بالتفاضل ، فثلثاه للجدّ من الأب ولأولاد الأخ من الأبوين انصافاً بينه وبينهم ، بالتفاضل بينهم ، وثلثه للجدّة وأولاد الأُخت انصافاً بينها وبينهم كذلك.
ولا فرق بين كون الأخ موافقاً للجدّ في النسبة أو مخالفاً ، فلو كان ابن أخ لأُمّ مع جدّ لأب ، فلابن الأخ السدس فريضة أبيه ، وللجدّ الباقي ، ولو
انعكس فكان الجدّ للُامّ وابن الأخ للأب ، فللجدّ الثلث أو السدس ، على الخلاف المتقدم ، ولابن الأخ الباقي.
وبالجملة فإنّك تنزل هؤلاء الأولاد من أيّ جهة كانوا منزلة من يتقربون به ، وتقسم عليهم حصته كما تقسم عليه لو كان ، وكذلك الجدّ.
واعلم أنّ اشتراط عدم الإخوة في إرث أولادهم مطلقا هو المشهور بين الأصحاب ؛ لعموم ما دل على منع الأقرب الأبعد ، ولا يكاد يتحقق فيه خلاف ، ولم ينقل إلاّ عن الفضل بن شاذان ، حيث شرك ابن الأخ من الأبوين مع الأخ من الامّ ، وابن ابن الأخ منهما مع ابن الأخ منها ، ونحو ذلك ، فجعل السدس للمتقرب بالأُمّ ، والباقي للمتقرب بالأبوين ، بناءً على أصله من جعل الإخوة صنفين ، واعتبار الأقرب من إخوة الأُمّ فالأقرب على حدة ، والأقرب من إخوة الأبوين والأب فالأقرب على حدة ، وعدم اعتبار قرب أحد الصنفين بالنسبة إلى الآخر ، كما في الأخ بالنسبة إلى الجدّ الأعلى (١).
وهو مع شذوذه (٢) ضعيف ؛ لاتحاد صنف الإخوة جميعاً كالجدّ ، كما هو المفهوم من تقديم الأقرب فالأقرب لغة وعرفاً ؛ مضافاً إلى النص الصحيح كما قيل (٣) ، ولم أقف عليه.
نعم في الرضوي : « من ترك واحداً ممّن له سهم ، ينظر فإن كان من بقي من درجته [ أولى بالميراث ] ممّن سفل [ فهو أولى ] وهو أن يترك الرجل أخاه وابن أخيه ، فالأخ أولى من ابن أخيه » (٤) والحمد لله.
__________________
(١) حكاه عنه في الفقيه ٤ : ٢٠٠ ، والكافي ٧ : ١٠٧.
(٢) في « ر » زيادة : بل دعوى الإجماع على خلافه في السرائر ( ٣ : ٢٦٢ ).
(٣) قاله الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٢٨.
(٤) فقه الرضا عليهالسلام : ٢٨٩ ، المستدرك ١٧ : ١٨٠ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٤ ح ٤ ؛ بتفاوت ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
( المرتبة الثالثة : )
( الأعمام ، والأخوال ) وأولادهم ، وهم أُولوا الأرحام ، وإنّما يرثون على المشهور مع فقد الإخوة وبنيهم والأجداد فصاعداً.
وعن الفضل : أنّه لو خلّف خالاً وجدّة لُامّ اقتسما المال نصفين (١).
وفي الدروس : أنّ الذي في كتابه : أنّه لو ترك جدّته وعمّته وخالته فالمال للجدّة. ونقل عن يونس مشاركة العمّة والخالة ، وأنّه جعل العمّة تساوي الجدّة وغلّطه في ذلك ، وفي قوله : إنّه لو خلّف عمّاً وابن أخ اقتسما المال نصفين (٢).
وهذا منه موافقة للمشهور ، فتأمّل.
وكيف كان فالمذهب الأوّل ؛ لعدم وضوح دليل على الخلاف ، مع ظهور أقربيّة كلّ من آحاد المرتبة الثانية من كلّ من أهل هذه المرتبة ، فالميراث لهم ؛ لعموم ما دل على منع الأقرب الأبعد من الآية والرواية.
مضافاً إلى صريح الرضوي : « ومن ترك عمّاً وجدّاً ، فالمال للجدّ ، وإن ترك عمّاً وخالاً وجدّاً وأخاً ، فالمال بين الأخ والجدّ ، ويسقط العم والخال » (٣).
واعلم أنّ ( للعمّ ) جميع ( المال إذا انفرد ) عمّن عداه ممّن يرث ( وكذا ) المال ( للعمّين ) المنفردين ( فصاعداً ، وكذا العمّة ) المنفردة ( والعمّتان ) المنفردتان ( والعمّات ) المنفردات ، يقتسمون المال بينهم
__________________
(١) حكاه عنه في الفقيه ٤ : ٢١٣ ، وانظر الكافي ٧ : ١١٨.
(٢) الدروس ٢ : ٣٧٢.
(٣) فقه الرضا عليهالسلام : ٢٨٩ ، المستدرك ١٧ : ١٨٩ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ١ ح ١.
بالسوية ، لأب وأُمّ كانوا أو لأب أو لُامّ ، بلا خلاف فيه.
( و ) في أنّه لو اجتمع ( العمومة ) جمع عمّ ، أي الأعمام ( والعمّات ) اقتسموا المال بينهم بالتفاضل ( للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ) إن كانوا جميعاً من قبل الأبوين أو الأب ، بمعنى أنّهم كانوا إخوة لأب الميت من قبل أبويه أو أبيه خاصّة ، والدليل عليه بعد عدم الخلاف فيه على الظاهر ، بل الإجماع كما في الغنية (١) الخبر المنجبر قصور سنده بالعمل : في عمّة وعمّ ، قال : « للعمّ الثلثان ، وللعمّة الثلث » (٢) ونحوه الرضوي (٣).
وأمّا إذا كانوا جميعاً لُامّ فالذي يقتضيه إطلاق العبارة هنا وفي الشرائع والصدوق في الفقيه والفضل بن شاذان والغنية (٤) مدّعياً عليه إجماع الإماميّة أنّه أيضاً كذلك ، يقتسمونه بينهم بالتفاضل ، ويعضده إطلاق الرواية.
خلافاً لصريح جماعة ، كالفاضل في الإرشاد والتحرير والقواعد والشهيدين في الدروس واللمعتين وغيرهم (٥) ، فيقتسمونه بالسوية.
وهذا أوفق بالأصل ؛ لاقتضاء شركة المتعدّدين في شيء اقتسامهم له بينهم بالسوية ، خرج عنه هنا ما لو كانوا للأب بالإجماع والرواية ، وتبقى هذه الصورة تحته مندرجة ؛ لعدم مخرج لها عنه عدا إطلاق الرواية ، وهي
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧.
(٢) التهذيب ٩ : ٣٢٨ / ١١٧٩ ، الإستبصار ٤ : ١٧١ / ٦٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٩ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٩.
(٣) فقه الرضا عليهالسلام : ٢٨٩ ، المستدرك ١٧ : ١٩٠ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٤.
(٤) الشرائع ٤ : ٣٠ ، الفقيه ٤ : ٢١١ ، وحكاه عن الفضل بن شاذان في الكافي ٧ : ١٢٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧.
(٥) الإرشاد ٢ : ١٢٢ ، التحرير ٢ : ١٦٦ ، القواعد ٢ : ١٧٥ ، الدروس ٢ : ٣٧٢ ، اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ١٥٣ ؛ كشف اللثام ٢ : ٢٩٦.
مع قصور سندها بالجهالة مع عدم جابر لها في هذه الصورة غير مقاومة للأصل المعتضد بالشهرة ، بل نفى عنه الخلاف جملة ، ومنهم صاحب الكفاية (١).
ولا يعارضه عموم ما دل على تفضيل الذكر على الأُنثى بقول مطلق ؛ لرجحان الأصل عليه بالشهرة العظيمة ، مع حكاية نفي الخلاف المتقدّمة ، هذا.
مع عدم صراحة في الدلالة ؛ لاحتمالها الاختصاص بالعمّ والعمّة للأب أو الأبوين خاصّة ، ويؤيّده إطلاق أنّ الجدّ يقاسم الإخوة للأب في الأخبار المستفيضة بل المتواترة ، مع أنّ المراد منه الجدّ من قبل الأب خاصّة ، فتدبّر. وإذا قام مثل هذا الاحتمال انتفت الصراحة في الرواية ، التي هي مناط التخصيص للعمومات ، كما مرّ إليه الإشارة غير مرّة.
ثم إنّ جميع ما ذكر إنّما هو إذا كانوا مجتمعين في الدرجة ، بأن كانوا جميعاً للأبوين ، أو أحدهما خاصّة.
( و ) أمّا ( لو كانوا متفرقين ) بأن كان بعضهم للأبوين أو الأب خاصّة ، وبعضهم للُامّ كذلك ( فـ ) قد ذكر الأصحاب من غير خلاف يعرف بينهم ، وبه صرّح جماعة (٢) أنّ ( لمن تقرب ) منهم ( بالأُمّ السدس إن كان واحداً ) مطلقاً ، ذكراً كان أو أُنثى ( والثلث إن كانوا أكثر ) يقتسمونه بينهم ( بالسوية ) ولو اختلفوا ذكورة وأُنوثة ( والباقي ) عن الثلث أو السدس ( لمن تقرب ) منهم ( بالأب والأُمّ ) أو الأب عند عدم
__________________
(١) الكفاية : ٣٠٠.
(٢) منهم الحلي في السرائر ٣ : ٢٦٢ ، والكاشاني في المفاتيح ٣ : ٣٢١ ٣٢٢ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٩٨.
من يتقرب بهما ، واحداً كان أو متعددّاً ، يقتسمونه بينهم بالتفاضل ( للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ).
ولم أقف لهم بعد الاتفاق على حجة ظاهرة ولا متوهّمة عدا إلحاق الأعمام بالكلالة ، وأنّ إرثهم إنّما هو من حيث الأُخوّة لأب الميت ، فكما أنّ لمن تقرب منهم بالأُمّ السدس مع الوحدة والثلث مع الكثرة بينهم بالسوية ، ولمن تقرب منهم بالأبوين أو الأب بالتفاضل ، فكذلك هنا. وهو كما ترى ؛ لعدم دليل عليه بعد الوفاق أصلاً ، فيكون لولاه قياساً.
وربما يتأمّل في الاتفاق أيضاً ؛ نظراً إلى إطلاق عبارتي الصدوق والفضل باقتسام العمّ والعمّة المال بالتفاضل ، من دون تفصيل بين كونهما معاً لأب أو لُامّ أو مختلفين ، ونحوهما إطلاق الرواية المتقدّمة.
ويمكن الذبّ عن الجميع ، فعن الرواية بما مرّ إليه الإشارة ، وعن مخالفتهما به أيضاً على احتمال ، وبمعلومية نسبهما ، فلا يقدح في انعقاد الإجماع مخالفتهما على تقدير تسليمها ، فتأمّل جدّاً.
( ويسقط معهم ) أي مع الأعمام للأبوين ( من يتقرب ) من الأعمام إلى الميت ( بالأب ) خاصّة ( ويقومون ) أي المتقربون به خاصّة ( مقامهم ) أي مقام المتقربين بالأبوين ( عند عدمهم ) بلا خلاف في شيء من الأمرين أجده ، وبه صرّح جماعة (١) ، بل في الغنية والسرائر (٢) الإجماع عليهما ، وهو الحجة فيهما.
مضافاً إلى بعض المعتبرة في الأوّل : « وعمّك أخو أبيك من أبيه وأُمّه أولى بك من عمّك أخي أبيك من أبيه » قال : « وابن عمّك أخي أبيك من
__________________
(١) انظر مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٤١٣ ٤١٤ ، والكفاية : ٣٠٠.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، السرائر ٣ : ٢٦٢.
أبيه وأُمّه أولى بك من ابن عمّك أخي أبيك لأبيه » (١).
واعلم أنّ هذه المرتبة ليست كسابقتها مشتملة على صنفين يجتمع أعلى أحدهما مع أدنى الآخر ، بل الصنفان فيها أحدهما بحكم الآخر ؛ نظراً إلى أنّ إرثهم إنّما يكون من جهة كونهم إخوة لأب الميت وأُمّه ، كما هو ظاهر الأصحاب ، أو من جهة كونهم بمنزلة الأبوين ، كما يستفاد من الأخبار ، ولا شيء من صنفي الإخوة والأبوين بمتعدّد ، بل كل منهما صنف واحد ، فيكون ما نُزّل منزلتهما كذلك.
ولهذا الصنف درجات متفاوتة صعوداً ونزولاً بحسب القرب والبعد ، فالعمّ والعمّة مثلاً مطلقاً أقرب من بنيهما وبني الخال ، والخال والخالة كذلك.
( ولا يرث الأبعد ) منهم ( مع الأقرب ، مثل ابن خال مع خال ، أو ) مع ( عمّ ، أو ابن عمّ مع خال ، أو ) مع ( عمّ ) إجماعاً ، إلاّ من الإسكافي في ابن خال مع عمّ ، حيث قال : إنّ للعم الثلثين ، ولابن الخال الثلث (٢).
وهو شاذّ ، محجوج بالإجماع الظاهر المحكي في الغنية والسرائر (٣) ، والآية (٤) ، والمعتبرة الدالّة على أنّ : « كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه ، فيحجبه » (٥) ولا ريب أنّ العمّ
__________________
(١) الكافي ٧ : ٧٦ / ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ / ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٠ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٤ ح ١.
(٢) حكاه عنه في المختلف : ٧٥١.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، السرائر ٣ : ٢٦٢.
(٤) الأنفال : ٧٥ ، الأحزاب : ٦.
(٥) الكافي ٧ : ٧٧ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٦٩ / ٩٧٦ ، و ٣٢٥ / ١١٧٠ ، الوسائل ٢٦ : ٦٨ أبواب موجبات الإرث ب ٢ ح ١ ، و ١٨٨ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٦.
أقرب من ابن الخال ، وأنّ العمّ أقوى من الخال ؛ لأنّه أكثر نصيباً ، والخالة تحجب ابن العمّ ، كما في الخبر : في ابن عمّ وخالة ، قال : « المال للخالة » وقال في ابن عمّ وخال ، قال : « المال للخال » (١) فالعمّ أولى أن يحجب ابن الخال ، فتدبّر.
وبالجملة لا شبهة فيما ذكره الأصحاب من كلّيّة قاعدة منع الأقرب الأبعد ( إلاّ ) في اجتماع ( ابن عمّ لأب وأُمّ مع عم لأب فـ ) إنّ ( ابن العمّ أولى ) بالميراث عند الإمامية ، حكى إجماعهم عليه جماعة حدّ الاستفاضة (٢) ، بل لعلّ الحكاية متواترة ، وهو الحجة المخصّصة لتلك القاعدة.
مضافاً إلى النصوص المستفيضة ، كما ذكرها بعض الأجلّة (٣).
ولم أقف عليها كذلك ، مع أنّها غير معتبرة السند ، لكن في الفقيه : إن ترك عمّاً لأب وابن عمّ لأب وأُمّ فالمال كله لابن العمّ للأب والأُمّ ؛ لأنّه قد جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الامّ ، وذلك بالخبر الصحيح عن الأئمّة عليهمالسلام (٤). فتأمّل ، مع أنّ ذلك مجبور بالعمل.
وهل يتعدّى الحكم من هذه الصورة إلى ما تقاربها من الصور ، كما لو حصل التعدّد في أحد الجانبين أو كليهما ، أو دخل في الفرض المذكور
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٣٢٨ / ١١٧٩ ، الإستبصار ٤ : ١٧١ / ٦٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٩٣ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٥ ح ٤.
(٢) منهم ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، والحلي في السرائر ٣ : ٢٦٢ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٤ : ١٨١ ، وابن فهد في المهذّب البارع ٤ : ٣٩٣ ، والسبزواري في الكفاية : ٣٠١.
(٣) المفاتيح ٣ : ٣٠٢.
(٤) الفقيه ٤ : ٢١٢.
زوج أو زوجة ، أو حصل التغير بالذكورة والأُنوثة ، أو انضمّ إلى ذلك الخال والخالة؟ خلاف لا يليق بهذا الشرح نشره ، والاقتصار على مورد النص أظهر ، وفاقاً لكثير ؛ لأنّ المسألة جرت على خلاف الأُصول المقرّرة والقواعد الممهّدة ، فالتعدية فيها عن موضع الإجماع والرواية مشكلة ، وإن وجّهت بتوجيهات اعتبارية ربما أوجبت مظنّة ، إلاّ أنّ في بلوغها حدّا يجوز معه تخصيص الأُصول بها إشكالاً.
( وللخال ) جميع ( المال ) إذا انفرد عمّن عداه ممّن يرث ( وكذا ) المال ( للخالين ) المنفردين ( والأخوال ) المنفردين ( و ) كذا ( الخالة ) المنفردة ( والخالتين ) المنفردتين ( والخالات ) المنفردات ، لهنّ المال أجمع ، يقتسمونه بينهم بالسوية.
( ولو اجتمعوا ) ذكورة وأُنوثة ( فالمال بينهم ) أيضاً ( بالسوية كيف كانوا ) في المقامين ، أي لأب كانوا أو لُامّ أو لهما ، بشرط الاجتماع في الدرجة ، بأن يكونوا كذلك جميعاً.
( و ) أمّا ( لو كانوا متفرقين ) فيها ، بأن كان بعضهم للأبوين وبعض للأب خاصّة وآخر للُام ( فلمن يتقرب بالأُمّ السدس إن كان واحداً ) مطلقاً ، ذكراً كان أو أُنثى ( والثلث إن كانوا أكثر ) كذلك ، يقتسمونه بينهم بالسوية ( والثلثان ) فما زاد ( لمن يتقرب بالأب والأُمّ ، ويسقط من يتقرب ) منهم ( بالأب ) (١) ( معهم ) أي مع المتقربين منهم بالأبوين ، ويقومون مقامهم عند عدمهم ( والقسمة بينهم ) أي بين المتقربين بهما أو بالأب مع عدمهم بالسوية ( للذّكر مثل ميراث الأُنثى ) (٢).
__________________
(١) في المطبوع من المختصر (٢٧٠) : بالأُمّ.
(٢) في المطبوع من المختصر (٢٧٠) : للذكر مثل حظّ الأُنثيين.
ولا خلاف في شيء من ذلك أجده ، وبه صرّح جماعة (١) ، إلاّ في الحكم الأخير من اقتسام الأخوال للأب والخالات له بالتساوي ، فقد خالف فيه بعض أصحابنا ، كما في الخلاف (٢) ، فحكم بأنّ الخؤولة للأبوين أو الأب يقتسمون بالتفاضل ؛ نظراً إلى تقربهم بأب في الجملة.
وردّ بأنّ تقربهم للميت بالأُمّ مطلقا ، ولا عبرة بجهة قربها (٣).
وفيه : أنّه متى كان الحكم كذلك فالحكم في صورة التفرق بأنّ للمتقرب بالأُمّ السدس مع الوحدة والثلث مع الكثرة والباقي للمتقرب بالأبوين أو الأب خاصّة مع عدمه لا وجه له ، بل الواجب على هذا الحكم بالتساوي.
وبالجملة فكلماتهم في هذه المسألة على الفقير مشتبهة ، فإنّه إن كان الاعتبار بالنظر إلى تقرب هذا الوارث إلى الميت فتقرب الخؤولة مطلقاً إنّما هو بالأُمّ الموجب لاقتسام من تقرب بها بالسوية ، أعم من أن يكون التقرب إليها بالأبوين أو أحدهما خاصّة ، فلا وجه حينئذٍ لتخصيص المتقرب إليها بالأُمّ بالسدس أو الثلث ، بل لا وجه لسقوط المتقرب إليها بالأب متى اجتمع مع المتقرب إليها بالأبوين.
وإن كان الاعتبار بالنظر إلى تقرب الوارث إلى الواسطة أعني الأُمّ ، فلا ينبغي النظر إلى الأُمّ مطلقاً ، وحيث إنّ النص مفقود في هذا المجال فالحكم فيه مطلقاً لا يخلو عن إشكال ، وإن كان القول بالتسوية كما هو المشهور لا يخلو عن قرب ؛ لأنّه مقتضى الشركة ، كما مرّ مراراً إليه
__________________
(١) انظر مفاتيح الشرائع ٣ : ٣٢١ ٣٢٢.
(٢) الخلاف ٤ : ١٧.
(٣) المسالك ٢ : ٣٣٠.
الإشارة ، ولكنّه يعارض بما مرّ من العمومات الدالّة على تفضيل الذكر على الأُنثى مع التعليل بقول مطلق ، فالاحتياط بنحو من المصالحة لا يترك.
وإن أمكن الذبّ عن هذا بترجيح قاعدة الشركة عليه بالشهرة ، فلا بأس بالعمل عليها حيث لا يمكن الاحتياط بنحو من المصالحة ، سيّما مع ندرة قول بعض الأصحاب ، كما صرّح بها في الروضة (١) مشعراً بدعوى الإجماع عليه ، وقريب منها عبارة الكفاية وغيرها (٢) ، فلا يبعد ترجيح المشهور مطلقاً ، سيّما بملاحظة الرضوي الآتي.
( ولو اجتمع الأخوال والأعمام ، فللأخوال الثلث ، وللأعمام الثلثان ) إجماعاً مع تعدّد الأخوال مطلقاً ؛ للرضوي : « فإن ترك خالاً وخالة وعمّاً وعمّة ، فللخال والخالة الثلث بينهما بالسوية ، وما بقي فللعمّ والعمّة ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (٣).
ولأنّ الأخوال يرثون نصيب من تقربوا به وهو الأُخت أو الأُم ، ونصيبهما الثلث ، ( والأعمام يرثون نصيب من يتقربون به وهو الأخ أو الأب ، ونصيبهما الثلثان ) (٤) ، هذا.
مضافاً إلى فحاوي المعتبرة الآتية ، وعموم التعليل في جملة منها. وفي الموثق : في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله ، فقال : « لأعمامه الثلثان ، ولأخواله الثلث » (٥) وقد روى الشيخ في الكتابين في هذا
__________________
(١) الروضة ٨ : ١٥٤.
(٢) الكفاية : ٣٠١ ؛ وانظر الدروس ٢ : ٣٧٣ ، وكشف اللثام ٢ : ٢٩٧.
(٣) فقه الرضا عليهالسلام : ٢٨٩ ، المستدرك ١٧ : ١٩٠ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٤.
(٤) ما بين القوسين ليس في « ح ».
(٥) الكافي ٧ : ٤٥ / ٣ ، الفقيه ٤ : ١٥٤ / ٥٣٥ ، التهذيب ٩ : ٣٢٥ / ١١٦٩ ، الوسائل ١٩ : ٣٩٣ أبواب أحكام الوصايا ب ٦٢ ح ١.
الباب.
ويقتسمون كلّ منهم نصيبهم من الثلث والثلثين اقتسامهم حال الانفراد ، فالأخوال بالسوية مطلقاً ، والأعمام بالتفاوت مع الاختلاف في الذكورة والأُنوثة ، ومع الاتفاق فيهما بالسوية.
هذا إن اجتمعوا في الدرجة.
ولو كانوا متفرقين فللأخوال من جهة الأُمّ ثلث الثلث ، ومع الاتحاد سدسه ، والباقي من الثلث للأخوال من جهة الأب وإن كان واحداً ، والثلثان للأعمام سدسهما للمتقرب منهم بالأُمّ إن كان واحداً ، وثلثهما إن كان أكثر بالسوية وإن اختلفوا في الذكورة والأُنوثة ، والباقي للأعمام المتقربين بالأب بالتفاضل.
وأمّا مع اتحاد الأخوال والأعمام بأن اجتمع خال أو خالة مع عمّ أو عمّة ، فالمشهور أنّ لكلّ من الخال أو الخالة الثلث أيضاً كصورة التعدّد ، والثلثان لكلّ من العم والعمّة ، بل عليه عامّة المتأخّرين ، وفي المسائل الناصرية الإجماع عليه (١) ، وفي السرائر أنّه مذهب المحصّلين (٢) ، وهو الحجة.
مضافاً إلى التعليل المتقدّم إليه الإشارة ، والمعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح إنّ في كتاب علي عليهالسلام : « رجل مات ، وترك عمّة وخالة ، قال : للعمة الثلثان وللخالة الثلث » (٣) وإنّ فيه أيضاً : « إنّ العمّة بمنزلة الأب ،
__________________
(١) الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٢٣.
(٢) السرائر ٣ : ٢٦١.
(٣) الكافي ٧ : ١١٩ / ١ ، التهذيب ٩ : ٣٢٤ / ١١٦٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٦ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ١ ، وفيها : العمّ والخال ، بدل العمّة والخالة.
والخالة بمنزلة الأُمّ ، وبنت الأخ بمنزلة الأخ ، وكلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرّ به ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه » وبمعنى ذيله الموثق وغيره (١).
وفي الصحيح : رجل مات ، وترك عمّة وخالة ، قال : « للعمّة الثلثان ، وللخالة الثلث » (٢).
ونحوه الخبر بل الصحيح كما قيل (٣) ـ : رجل ترك عمّاً وخالاً ، فأجاب : « الثلثان للعمّ ، والثلث للخال » (٤).
خلافاً لصريح العماني والكيدري ومعين الدين المصري وابن زهرة وظاهر المفيد والديلمي (٥) ، فقالوا : لكلّ من الخال أو الخالة السدس.
وحجتهم غير واضحة عدا إلحاق الأخوال والأعمام بالكلالة.
وهو مع عدم دليل عليه من أصله كما عرفته اجتهاد صرف في مقابلة الأحاديث المعتبرة ، المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل لعلّها إجماع في الحقيقة ، كما صرّح به في المسائل الناصرية (٦). فقولهم ضعيف غايته ، كقول العماني أيضاً بأنّ للعمّ أو العمّة
__________________
(١) الوسائل ٢٦ : ١٨٦ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢.
(٢) انظر الوسائل ٢٦ : ١٨٧ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٥.
(٣) قاله المجلسي في ملاذ الأخيار ١٥ : ٣٢٢.
(٤) التهذيب ٩ : ٣٢٧ / ١١٧٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٩ أبواب ميراث الأعمام والأخوال ب ٢ ح ٨.
(٥) حكاه عن العماني والكيدري ومعين الدين في المختلف : ٧٣٤ ، ٧٣٥ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، المفيد في المقنعة : ٦٩٣ ، الديلمي في المراسم : ٢٢٣.
(٦) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٢٣.
النصف ، وللخال أو الخالة السدس ، والباقي يردّ عليهما على قدر سهامهما (١).
ويزيد الحجة على هذا بأنّ الردّ إنّما هو مع التسمية وهؤلاء لا تسمية لهم.
( ولو كان معهم ) أي مع الأعمام والأخوال جميعاً ( زوج أو زوجة فل ) كل منه ( هما النصيب الأعلى ) من النصف أو الربع ( ولمن يتقرب ) منهم ( بالأُمّ ) أي الأخوال وإن اتحدوا وكانوا لُامّ ، كما مرّ ( ثلث الأصل ) لا ثلث الباقي ( والباقي ) وهو السدس على تقدير الزوج ، وهو مع الربع على تقدير الزوجة ( لمن يتقرب ) منهم ( بالأب ) أي الأعمام.
ولو تفرق الفريقان المجتمعان مع أحدهما ، أخذ كلّ منهما نصيبه الأعلى ، وللأخوال الثلث ، سدسه لمن تقرب منهم بالأُمّ مع الوحدة ، وثلثه لا معها ، والباقي من الثلث للأخوال من قبل الأبوين أو الأب عند عدمهم ، والباقي بعد نصيب أحد الزوجين والأخوال للأعمام ، سدسه للمتقرب بالأُمّ مع الوحدة ، وثلثه لا معها بالسوية ، والباقي للمتقرب منهم بالأبوين أو الأب عند عدمهم بالتفاضل.
ولو اجتمع أحدهما مع أحد الفريقين خاصّة ، فله نصيبه الأعلى كذلك ، والباقي لأحد الفريقين وإن اتحدوا ، ومع التعدّد واتفاق الجهة كالأعمام من الأب خاصّة أو من الام كذلك أو الأخوال كذلك يقتسمون الباقي كما فصّل.
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف : ٧٣٥.