تراثنا ـ العددان [ 50 و 51 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 50 و 51 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

كذا ، يختلف عن قوله : قال فلان ، عن فلان ، عن الإمام الصادق (عليه‌السلام).

ففي الأول لا تصح الإضافة من غير جزم بصدور الخبر عمن أضيف إليه ، وفي الثاني يكون من قبيل ما روي عن أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام) : «إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم ، فإن كان حقا فلكم ، وإن كان كذبا فعليه» (١).

ويرد عليه : إن الخبر المحفوف بالقرائن يكون حجة بحق من اطلع على تلك القرائن ، ويحق له أن يسنده إلى المعصوم (عليه‌السلام) رأسا ، إذ يكفي الظن المعتبر الحاصل من تلك القرائن ، ولا يستلزم ذلك الجزم بالصدور ، إذ لا منافاة بين الظن المعتبر والقطع بالصدور من جهة نسبة الخبر إلى المعصوم (عليه‌السلام) رأسا فيما لو أحرز أي من الأمرين ، على أن بعض القرائن تستلزم القطع بالصدور.

* * *

__________________

(١) أصول الكافي ١ / ٥٢ ح ٧ باب ١٧ من كتاب فضل العلم.

١٨١

مناقشة وتقويم

إن سيرة القدماء ـ كالشيخ الصدوق (رحمه‌الله) ـ في كيفية الاحتجاج بالخبر بعد تصحيحه ، لا يمكن حصرها بأدلة أي من القولين السابقين ، لا باعتبار الوثاقة في الراوي ، ولا باعتماد القرائن المحتفة بخبره وإن كان بعضها كاشفا عن صدقه في إخباره ومستلزما له كالقرائن الدالة على صحة الخبر في نفسه لا صحة متضمنه ، بل بهما معا.

ومدار عمل الصدوق (رحمه‌الله) ووالده في الفقه كان على طبق نصوص الأخبار كما هو واضح من كتب الصدوق (رحمه‌الله) ك : الفقيه والمقنع والهداية ، ومن رسالة أبيه إليه أيضا ، ولهذا لا تكاد تجد في فقههما تلك التفريعات التي فتح بابها شيخ الطائفة بمذاقه الفقهي وعقليته الجبارة في كتابه الرائع المبسوط (١) اللهم إلا بمقدار ما تشتمل عليه نصوص الأخبار من تلك التفريعات.

والأخبار التي احتج بها الصدوق (رحمه‌الله) هي الأخبار المشهورة والمستفيضة والمتواترة ، علما بأن التواتر عنده يتم بنقل ثلاثة أنفس فما فوقهم (٢).

وأما خبر الواحد الذي لم يصل إلى درجة الاستفاضة والشهرة ، ولم يحتف بقرينة تدل على صحته وكان من محض الآحاد ، فقد منع العمل به الشيخ المفيد ، والسيد المرتضى ، والشيخ الطوسي أيضا ـ مع اشتراطه عدم

__________________

(١) راجع مقدمة كتاب «المبسوط» ستجد التصريح بما ذكرناه.

(٢) إكمال الدين ١ / ٨٤.

١٨٢

الإجماع على نقله ـ لأنه لا يوجب علما ولا عملا في الدين عندهم (١).

وهذا الموقف الصريح من خبر الآحاد المحض تجده عند الشيخ الصدوق (رحمه‌الله) أيضا ، فقد صرح بأن خبر الواحد لا يوجب العلم ، لأنه يصدق ويكذب على حد تعبيره (٢).

وإذا كان حال خبر الواحد عند الصدوق (رحمه‌الله) هو ما عرفت على فرض اتصاله فكيف بحال مرسله؟! أفهل يجوز أن يحكم بصحته ويفتي بموجبه ويجزم بحجيته ، مع احتمال كذبه ، لو لم يتحقق من صحته ويتأكد من صدق مخبره؟!

وأما الخبر الذي يوجب العلم عند الصدوق (رحمه‌الله) فهو بنص كلامه : ما يكون «في طرقه وواسطته قوم يقطعون العذر إذا أخبروا» (٣) ، وهذا يعني عدم صحة الاحتجاج بالخبر عنده إلا مع إفادته العلم وبشرطين :

أحدهما : تعدد رواته كما يعلم من «قوم» و «يقطعون» و «أخبروا» ، كما لو كان الخبر مرويا بأكثر من طريق ، أو موجودا بأكثر من كتاب من الكتب المعتبرة كالأصول الأربعمائة والمصنفات المشهورة التي شاع العمل بموجبها في عصور الأئمة (عليهم‌السلام) بلا نكير من أحد.

ثانيهما : إحراز صدق المخبرين في ما أخبروا به ، ويدل عليه قوله : «يقطعون العذر إذا أخبروا» ، ومن البداهة أن هذا الوصف للخبر لا ينكشف عن كذب ، ولن ينقطع عذر أحد باتفاق ألف كاذب على رواية خبر ، لأنه

__________________

(١) راجع : «الثقلان ودعمهما لحجية السنة» بحث للسيد محسن الحائري الحسيني ، المنشور في مجلة «علوم الحديث» العدد ١ ، سنة ١٤١٨ / قم ، ص ٤١ هامش رقم ١ ففيه جملة من أقوال هؤلاء الأعلام بشأن خبر الآحاد.

(٢) إكمال الدين ١ / ١١٠.

(٣) إكمال الدين ١ / ١٠٤ ـ ١٠٥.

١٨٣

لا يعدل عند العقلاء في النقل ـ ولو ـ عن صادق واحد ..

وخلاصة الشرطين : إن الوصف المذكور لما يوجب العلم من الأخبار في نظر الصدوق (رحمه‌الله) لا ينحصر بمجرد تعدد الرواة ما لم يحرز صدقهم وأمانتهم في روايتها ، سواء عن طريق العلم بوثاقتهم ، أو اكتشاف صدقهم من طريق آخر وإن ضعف بعضهم بكتب الرجال ، كأن يكون العمل بخبرهم مقطوعا عليه من أرباب فقهاء المذهب الذين هم أدرى من غيرهم بصحة الأخبار ، فلا عبرة بالناقلين إذن مع تحقق الإجماع.

ومن هنا يعلم أن مراسيل الصدوق (رحمه‌الله) التي احتج بها في الفقيه لا يمكن سلخها عن هذه الحقيقة بحجة عدم العلم بأسانيدها ، إذ لا ضير في ذلك مع العلم بكيفية منهجه في اعتماد الأخبار وتصريحه بحذف أسانيدها لأجل الاختصار ، وهذا يعني وقوفه على أسانيدها ، وتحققه من خروجها عن إطار الآحاد ، وانطباقها مع مبناه في الاحتجاج بالخبر.

وأما عن احتمال كونها مرسلة في الأصل المنقول عنه ـ أي في مصادر الصدوق (رحمه‌الله) نفسه ـ مما يتعذر العلم معه بحال الواسطة المجهولة ، فلا يضر ذلك أيضا لما تقدم في أدلة القول الثاني من اعتماد القرائن المحتفة بالخبر ، والتي يجب أن تكون موافقة لمبنى الصدوق (رحمه‌الله) بمعنى أن تكون كاشفة عن صدق المخبر وإن كان ضعيفا أو مجهولا.

نعم ، يستثنى من ذلك الانفرادات التي نبه عليها الصدوق (رحمه‌الله) ، والأخبار الشاذة التي أوردها في كتابه ، وكذلك التي لم يعمل بها سواه ، ويلحق بها ما رد بسبب الإرسال ونحوه لوجود المعارض الأقوى.

وأما ما عدا ذلك فهو حجة ـ بتقديرنا ـ تمسكا بشهادة الصدوق عليها بالصحة نتيجة النظر إلى صدق الراوي مع القرائن الكاشفة عن سلامة خبره ،

١٨٤

وبهذا تنتفي الحاجة إلى مناقشة من قال بالتفصيل في مراسيل الصدوق (رحمه‌الله).

وأخيرا ، فلا بد من التذكير بأن النزاع المذكور بشأن مرسلات الفقيه لا ثمرة له في الواقع ، لابتنائه على فرض عدم العثور على إسناد لها في أي كتاب آخر ، ومعنى هذا : إنا لو وجدنا لها إسنادا سيكون النزاع ترفا فكريا لا تترتب عليه آثار واقعية.

وإذا اتضح هذا فاعلم أن مراسيل الفقيه البالغة أكثر من ألفي حديث مرسل ، قد استخرج التقي المجلسي (رحمه‌الله) أسانيدها من الكافي والتهذيبين وغيرها من كتب الحديث الأخرى وكان جل اعتماده على الكافي ، وقد تابعت كتابه روضة المتقين ، فوجدت ما لم يعثر الشارح على إسناد له قليلا جدا ، وربما لا يزيد ـ في أعلى تقدير ـ على عشرة أحاديث ، وقد قابلت أكثر مراسيل الجزء الأول من الفقيه ـ لكثرتها فيه ـ مع كتب الصدوق (رحمه‌الله) الأخرى فلم أجدها مسندة ولا مرسلة في تلك الكتب إلا القليل جدا على الرغم من الاستعانة بأكثر من عشرة فهارس للأحاديث ، ثم قابلتها مع أحاديث الكافي فوجدتها كما قال علماؤنا المتتبعون رضي‌الله‌عنهم : إن مرسلات الفقيه مسندات الكافي ، علما بأن التقي المجلسي قد قطع مرارا بنقلها مباشرة من الكافي ، كما بيناه مفصلا في بحث «مع الصدوق وكتابه الفقيه» (١).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.

__________________

(١) بحث نشر في مجلة «علوم الحديث» العدد ٢ ، سنة ١٤١٨ / قم.

١٨٥

فهرس المصادر والمراجع

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ نهج البلاغة ، بشرح ابن أبي الحديد ، ط ٢ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٣٨٧ ه.

٣ ـ أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء / الدكتور مصطفى سعيد الخن ، ط ٢ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت / ١٤٠٢ ه.

٤ ـ الإحكام في أصول الأحكام / الآمدي ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٥ ـ الإحكام في أصول الأحكام / ابن حزم الأندلسي ، دار الجيل ، بيروت.

٦ ـ أسباب اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية / الدكتور مصطفى إبراهيم الزلمي ، ط ١ ، الدار العربية للطباعة ، بغداد / ١٣٩٦ ه.

٧ ـ أصول الحديث / الدكتور عبد الهادي الفضلي ، ط ٢ ، مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر / ١٤١٦ ه.

٨ ـ أصول الحديث ، علومه ومصطلحه / الدكتور محمد عجاج الخطيب ، دار الفكر ، بيروت / ١٤٠٩ ه.

٩ ـ أصول الحديث وأحكامه / الشيخ جعفر السبحاني ، ط ١ ، مؤسسة النشر الإسلامي ، قم / ١٤١٢ ه.

١٠ ـ أصول الكافي / الشيخ الكليني ، تعليق علي أكبر الغفاري ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

١١ ـ أعلام الموقعين / ابن القيم ، دار الجيل / بيروت.

١٢ ـ آفة أصحاب الحديث / ابن الجوزي ، تحقيق السيد علي الحسيني الميلاني ، مطبعة الخيام ، قم.

١٣ ـ أقرب الموارد / سعيد الخوري ، مطبعة مرسلي اليسوعية ، بيروت / ١٨٨٩ م.

١٨٦

١٤ ـ إكمال الدين وإتمام النعمة (١) / الشيخ الصدوق ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية / قم.

١٥ ـ ألفية الحديث / الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، ط ٢ ، عالم الكتب ، بيروت / ١٤٠٨ ه.

١٦ ـ الباعث الحثيث / أحمد محمد شاكر ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٣ ه.

١٧ ـ بداية المجتهد / ابن رشد ، نشر الشريف الرضي ، ط ١ ، قم / ١٤١٢ ه.

١٨ ـ تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي / جلال الدين السيوطي ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤١٧ ه.

١٩ ـ تفسير الطبري / ط ٣ ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، مصر / ١٣٨٨ ه.

٢٠ ـ تقريب النواوي / مطبوع مع شرحه المتقدم بعنوان (تدريب الراوي).

٢١ ـ التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد / لابن عبد البر ، تحقيق مصطفى أحمد العلوي ومحمد بن عبد الكبير البكري ، الرباط / ١٩٦٧ م ١٣٨٧ ه.

٢٢ ـ تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي ، تحقيق السيد حسن الخرسان ، ط ٣ ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٦ ه.

٢٣ ـ توجيه النظر إلى أصول الأثر / طاهر بن صالح بن أحمد الجزائري (ت / ١٣٣٨ ه) [المعلومات الأخرى لم تذكر].

٢٤ ـ الثقلان ودعمهما لحجية السنة / السيد محسن الحسيني الحائري ، بحث منشور في مجلة «علوم الحديث» الفصلية ، العدد الأول ، السنة الأولى / ١٤١٨ ه.

٢٥ ـ جامع أحاديث الشيعة / الشيخ إسماعيل المعزي الملايري ، قم / ١٤١٣ ه.

٢٦ ـ خاتمة مستدرك وسائل الشيعة / العلامة النوري ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، قم / ١٤١٥ ه.

٢٧ ـ الخصال / الشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الإسلامي ، ط ٤ ، قم / ١٤١٥ ه.

__________________

(١) اسمه في المطبوع (كمال الدين ..) والصواب (إكمال الدين) لتصريح مصنفه (قدس‌سره) بذلك ، راجع : من لا يحضره الفقيه ٤ / ١٣٣ ح ١٥٩ باب ٧٢ ، الخصال ١ / ١٨٧ ح ٢٥٧ باب الثلاثة ، علل الشرائع : ٢٤٦ ح ٩ باب ١٧٩.

١٨٧

٢٨ ـ رجال السنة في الميزان / الشيخ المظفر ، ط ١ ، دار العلم ، القاهرة / ١٣٩٦ ه.

٢٩ ـ رجال العلامة الحلي / ط ٢ ، المطبعة الحيدرية ، النجف / ١٣٨١ ه.

٣٠ ـ رجال الكشي / الشيخ الطوسي ، نشر جامعة مشهد.

٣١ ـ رجال النجاشي / ط ٤ ، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم / ١٤١٣ ه.

٣٢ ـ الرسالة / الشافعي ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، المكتبة العلمية ، بيروت.

٣٣ ـ الرعاية في علم الدراية / الشهيد الثاني ، تحقيق عبد الحسين محمد علي البقال ، منشورات مكتبة السيد المرعشي النجفي ، ط ١ ، قم / ١٤٠٨ ه.

٣٤ ـ الرواشح السماوية / المحقق الداماد ، المكتبة المرعشية ، قم / ١٤٠٥ ه.

٣٥ ـ روضة المتقين / المجلسي الأول ، ط ٢ ، المطبعة العلمية ، قم / ١٤٠٦ ه.

٣٦ ـ سنن أبي داود / دار الجيل ، بيروت / ١٤١٢ ه.

٣٧ ـ سنن الدارقطني / دار الفكر ، بيروت / ١٤١٤ ه.

٣٨ ـ شرح البداية في علم الدراية / الشهيد الثاني ، ضبط نصه السيد محمد رضا الحسيني الجلالي ، منشورات الفيروزآبادي ، قم / ١٤١٤ ه.

٣٩ ـ شرح علل الترمذي / ابن رجب الحنبلي ، تحقيق صبحي السامرائي ، ط ٣ ، دار الكتب ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٤٠ ـ صحيح البخاري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤١ ـ صحيح مسلم بشرح النووي / دار الكتاب العربي ، بيروت / ١٤٠٧ ه.

٤٢ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ، دار صادر ، بيروت.

٤٣ ـ العدة في أصول الفقه / الشيخ الطوسي ، تحقيق الشيخ محمد رضا الأنصاري ، مؤسسة البعثة ، ط ١ ، قم / ١٤١٧ ه.

٤٤ ـ علل الشرائع / الشيخ الصدوق ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤٥ ـ علوم الحديث ومصطلحه / الدكتور صبحي الصالح ، نشر مكتبة الحيدري ، ط ١ ، قم / ١٤١٧ ه.

٤٦ ـ عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام) / الصدوق ، ط ١ ، الأعلمي ، بيروت / ١٤٠٤ ه.

٤٧ ـ فتاوى قاضي خان الحنفي (مطبوع بهامش الفتاوى الهندية الآتي).

٤٨ ـ الفتاوى الهندية / الشيخ نظام الحنفي وجماعته ، ط ٤ ، دار إحياء التراث

١٨٨

العربي ، بيروت.

٤٩ ـ فتح المغيث بشرح ألفية الحديث / الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي ، تحقيق محمود ربيع ، (مطبوع في آخر ألفية الحديث المتقدم).

٥٠ ـ فروع الكافي / الشيخ الكليني ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٥١ ـ فضائل الأشهر الثلاثة / الشيخ الصدوق ، ط ١ ، النجف / ١٣٩٦ ه.

٥٢ ـ الفهرست / الشيخ الطوسي ، تصحيح وتعليق السيد محمد صادق بحر العلوم ، نشر الشريف الرضي ، قم.

٥٣ ـ قواعد التحديث / محمد جمال الدين القاسمي ، دار الكتب العلمية ، بيروت.

٥٤ ـ قوانين الأصول / الميرزا أبو القاسم القمي ، الطبعة الحجرية ، تبريز.

٥٥ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي / تحقيق الشيخ محمد باقر الأنصاري ، مؤسسة نشر الهادي ، ط ١ ، قم / ١٤١٥ ه.

٥٦ ـ كشف الأسرار عن أصول البزدوي / عبد العزيز البخاري ، دار الكتاب العربي ، بيروت.

٥٧ ـ الكفاية في علم الرواية / الخطيب البغدادي ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٩ ه.

٥٨ ـ لسان العرب / ابن منظور ، ط ١ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت / ١٤٠٨ ه.

٥٩ ـ المبسوط / الشيخ الطوسي ، ط ٢ ، المطبعة الحيدرية ، النجف / ١٣٨٧ ه.

٦٠ ـ المدخل في أصول الحديث / الحاكم النيسابوري (مطبوع في آخر المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن القيم) ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤٠٨ ه.

٦١ ـ مستدركات مقباس الهداية / الشيخ محمد رضا المامقاني ، نشر مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، قم / ١٤١٣ ه.

٦٢ ـ مستمسك العروة الوثقى / السيد الحكيم ، دار التفسير ، قم / ١٤١٦ ه.

٦٣ ـ المصباح المنير / الفيومي ، نشر دار الهجرة ، ط ١ ، قم / ١٤٠٥ ه.

٦٤ ـ مع الصدوق وكتابه الفقيه / السيد ثامر هاشم العميدي ، بحث منشور في مجلة «علوم الحديث» الفصلية ، العدد الثاني ، السنة الأولى / ١٤١٨ ه.

٦٥ ـ معالم العلماء / ابن شهرآشوب ، المطبعة الحيدرية ، النجف / ١٣٨٠ ه.

١٨٩

٦٦ ـ معجم رجال الحديث / السيد الخوئي (قدس‌سره) ، ط ٣ ، بيروت / ١٤٠٣ ه.

٦٧ ـ معرفة علوم الحديث / الحاكم النيسابوري ، ط ٢ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٣٩٧ ه.

٦٨ ـ مقباس الهداية / الشيخ عبد الله المامقاني ، تحقيق الشيخ محمد رضا المامقاني ، نشر مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، ط ١ ، قم / ١٤١١ ه.

٦٩ ـ مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح / تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) ، مطبعة دار الكتب ، مصر / ١٩٧٤ م.

٧٠ ـ المقنع / الشيخ الصدوق ، نشر مؤسسة الإمام الهادي (عليه‌السلام) ، قم / ١٤١٥ ه.

٧١ ـ من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق ، تحقيق السيد حسن الخرسان ، ط ٦ ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٥ ه.

٧٢ ـ منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان / الشيخ حسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم / ١٤٠٤ ه.

٧٣ ـ نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر / ابن حجر العسقلاني ، صورة عن نسخة مخطوطة ، كتبها أحد علماء الزيدية سنة ١٣٣٢ ه ، وهي بحوزتي.

٧٤ ـ النكت على كتاب ابن الصلاح / ابن حجر العسقلاني ، تحقيق مسعود عبد الحميد ومحمد فارسي ، ط ١ ، دار الكتب العلمية ، بيروت / ١٤١٤ ه.

٧٥ ـ نهاية الدراية «شرح الوجيزة للشيخ البهائي» / السيد حسن الصدر ، تحقيق الشيخ ماجد الغرباوي ، نشر المشعر ، قم.

٧٦ ـ الوافي / الفيض الكاشاني ، نشر مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه‌السلام) ، ط ١ ، أصفهان / ١٤٠٦ ه.

٧٧ ـ وجيزة في علم الرجال / المشكيني ، تحقيق زهير الأعرجي ، ط ١ ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت / ١٤١٠ ه.

٧٨ ـ وصول الأخيار إلى أصول الأخبار / الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي ، تحقيق السيد عبد اللطيف الكوهكمري ، نشر مجمع الذخائر الإسلامية ، قم / ١٤١٠ ه.

١٩٠

النصال الخارقة

لنحور المارقة

السيد حسن الحسيني

آل المجدد الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله محيي الحق وناصره ، ومميت الباطل وقاهره ، وصلى الله وسلم على سيد أنبيائه ورسله ، محمد الهادي إلى أقوم محاجه وسبله ، وعلى آله المطهرين من الأدناس ، المنزهين عن الأقذار والأرجاس ، ولعنة الله على أعدائهم الغاشمين الغواة ، الضالين المضلين الفجرة العتاة.

أما بعد :

فإن طغاما من القوم المخالفين ، ولئاما من حثالات المعاصرين والسالفين ، قد تجرأوا على تصويب فعل يزيد ، في قتله أبا عبد الله الحسين السبط الشهيد (عليه‌السلام) ، فلا يرون جواز نسبة ذلك الفاجر إلى فسق أو كبيرة ، بل ينزهونه عن كل جرم وجريرة ، وهم مع ذلك يتولونه ويحظرون التكلم في عظائمه ، ويوجبون الإمساك عن لعنه والخوض في تفاصيل جرائمه ، مع ما تواتر عنه من هتك حرمات الشريعة المطهرة ، حتى كاد يلحق بالضروريات.

١٩١

ويعتلون لذلك بنحو قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لا تسبوا الأموات ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» (١).

ويقولون ـ مضللين ـ : ما يجديكم التكلم في لعن يزيد وطرق هذا الباب ، وقد أفضى إلى ما قدم وهلك منذ قرون وأحقاب؟!

فيقال لهؤلاء المخذولين : إن الحديث محله في غير كافر ومتظاهر بفسق أو بدعة ، فلا يحرم سب هؤلاء ولا ذكرهم بشر ، بقصد التحذير من طريقتهم والاقتداء بآثارهم ـ كما قال المناوي الشافعي (٢) ـ.

وجرو معاوية لم ينفك عن واحدة من هذه الخصال .. (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (٣) .. ولله در من قال :

ألعن اللعن إن لعنت يزيدا

إنما اللعن عين ذاك اللعين

وهذه رسالة ضمنتها الأدلة القاطعة ، والبراهين النيرة الساطعة ، الدالة على جواز لعن يزيد بن معاوية ، أسكنهما الله في قعر الهاوية ، والرد على من منع ذلك من جهلة المفتين ، لينقطع منهم الدابر والوتين ، إنه سبحانه خير ناصر ومعين.

وينبغي قبل الخوض في المقصود بيان أمور :

__________________

(١) أخرجه عن عائشة أحمد في مسنده ٦ / ١٨٠ ، والبخاري في صحيحه ٢ / ٢١٤ ح ١٤٨ ، والنسائي في سننه ٤ / ٥٣.

(٢) فيض القدير ٦ / ٣٢٩.

(٣) سورة يونس ١٠ : ٣٢.

١٩٢

* الأول :

قال الجوهري في الصحاح (١) : اللعن : الطرد والإبعاد من الخير.

وقال الزمخشري في أساس البلاغة (٢) : لعنه أهله : طردوه وأبعدوه ، وهو لعين طريد ، وقد لعن الله إبليس : طرده من الجنة وأبعده من جوار الملائكة ، ولعنت الكلب والذئب : طردتهما.

وقال الراغب (٣) : اللعن : الطرد والإبعاد على سبيل السخط ، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة ، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه ، ومن الإنسان دعاء على غيره.

وقال ابن سيدة في المحكم (٤) : لعنه الله يلعنه لعنا ، عذبه.

وقال المحقق الكركي (رحمه‌الله) في نفحات اللاهوت (٥) : إذا قيل : لعنه الله على طريق الدعاء كان معناه طرده الله وأبعده من رحمته.

قال : والمراد من الطرد والإبعاد هنا نزول العقوبة والعذاب به ، وحرمان الرحمة ، وهو لازم المعنى ، وليس معنى الغضب ببعيد عنه ، إذ المتعقل من غضب الله سبحانه فعل أثر الغضب ، لا حصول الغضب الحقيقي الذي هو من توابع الأجسام ، فإن ذلك محال عليه تعالى. انتهى.

__________________

(١) الصحاح ٦ / ٢١٩٦ مادة «لعن».

(٢) أساس البلاغة : ٥٦٧ مادة «لعن».

(٣) مفردات الراغب : ٤٧١ مادة «لعن».

(٤) المحكم :.

(٥) نفحات اللاهوت : ٤٢ ـ ٤٣.

١٩٣

* الثاني :

لا ريب في مشروعية اللعن في الجملة ، وإن اختلف العامة في جواز لعن المعين ، وسيأتي بيان الحق فيه إن شاء الله تعالى.

وقد دل الكتاب والسنة على ذلك ، قال الله تعالى : (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (١).

وقال سبحانه : (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه) (٢) .. الآية.

وقال تبارك اسمه : (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (٣).

وقال عز سلطانه : (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم) (٤).

وقال عز من قائل : (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) (٥).

وقال جل وعلا : (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين) (٦).

__________________

(١) سورة الرعد ١٣ : ٢٥.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٦٠.

(٣) سورة محمد ٤٧ : ٢٣.

(٤) سورة التوبة ٩ : ٦٨.

(٥) سورة الأعراف ٧ : ٤٤.

(٦) سورة الحجر ١٥ : ٣٥.

١٩٤

وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها» ، رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر (١).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم» ، رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة (٢) ، والطبراني في المعجم الكبير عن أم سلمة رضي‌الله‌عنها (٣).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله الربا وآكله وموكله وكاتبه وشاهده وهم يعلمون ، والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة» ، رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن مسعود (٤).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن الله المحلل والمحلل له» ، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن علي (عليه‌السلام) (٥) ، والترمذي والنسائي عنه وعن ابن مسعود (٦) ، ورواه الترمذي أيضا عن جابر (٧).

__________________

(١) سنن أبي داود ٣ / ٣٢٤ ح ٣٦٧٤ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٧ ح ٢٢٣٥.

(٢) مسند أحمد ٢ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ١١٥ ح ٧٠٦٧ ، سنن الترمذي ٣ / ٦٢٢ ح ١٣٣٦ ، وفيه : لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) الراشي والمرتشي في الحكم.

(٣) المعجم الكبير ٢٣ / ٣٩٨ ح ٩٥١.

(٤) الجامع الصغير ٢ : ٤٠٦ / ٧٢٥٦.

(٥) مسند أحمد ١ / ٧٨ مقتضب من الحديث ، وفيه : «لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ... الحديث» ، سنن أبي داود ٢ / ٢٣٤ ح ٢٠٧٦ و ٢٠٧٧ ، سنن الترمذي ٣ / ٤٢٧ ح ١١١٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٢٢ ح ١٩٣٥ ، وفيه : قال : «لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ... الحديث».

(٦) سنن الترمذي ٣ / ٤٢٨ ح ١١٢٠ ، سنن النسائي ٦ / ١٤٩ مقتضب من الحديث ، وفيه : «لعن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ... الحديث».

(٧) سنن الترمذي ٣ / ٤٢٨ ذيل ح ١١١٩.

١٩٥

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لعن عبد الدينار ، لعن عبد الدرهم» ، رواه الترمذي عن أبي هريرة (١).

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «ستة لعنتهم ، لعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله تعالى ، والمتسلط بالجبروت فيعز بذلك من أذل الله ويذل من أعز الله ، والمستحل لحرم الله ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والتارك لسنتي» ، رواه الحاكم عن عائشة (٢).

وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.

وبالجملة : فلا يرتاب ذو تحصيل في أن اللعن طاعة يستحق عليها الثواب إذا وقع على وجهه ، وهو أن يلعن مستحق اللعنة تقربا إلى الله تعالى لا للعصبية والهوى ، وقد يكون واجبا كما إذا قصد به البراءة من أعداء الله واقتصر عليه ، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى.

هذا ، وإنك لخبير بأن تلك الأمور التي استحق فاعلها اللعن ليست بأعظم من قتل الحسين (عليه‌السلام) وأصحابه ، والرضا به ، واستباحة المدينة ، وهدم الكعبة وضربها بالمجانيق ، إن لم تكن دونه ، فإذا جاز اللعن هناك فليجز هنا أيضا.

بل الحق أن جوازه هنا بطريق أولى ، إذ لا رزية ولا مصيبة في الإسلام أعظم مما وقع يوم عاشوراء بكربلاء ، كما لا يخفى على من أنار الله بصيرته ، وطهر من الخبث سريرته.

فإن قال قائل : قد ورد النهي عن كون المؤمن لعانا في قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) :

__________________

(١) سنن الترمذي ٤ / ٥٠٧ ح ٢٣٧٥.

(٢) المستدرك على الصحيحين ١ / ٩١ ح ١٠٢ ،

١٩٦

«لا تكونوا لعانين» وقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا» (١).

قلنا : هذا وارد في النهي عن اتخاذ اللعن خلقا بسبب المبالغة فيه والإفراط في ارتكابه بحيث ينجر إلى أن يلعن اللعان من لا يستحق اللعن ـ كما حكى ذلك ابن الجوزي عن خط القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء (٢) ـ.

وليس فيه النهي عن لعن المستحقين ، وإلا لقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : لا تكونوا لاعنين ، ولا ينبغي لصديق أن يكون لاعنا ، فإن بينهما (٣) فرقا يعلمه من أحاط بدقائق تصاريف لسان العرب.

وأما نهي علي (عليه‌السلام) أصحابه عن لعن أهل الشام ، فإنه (عليه‌السلام) كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه ، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية ، ولذلك قال (عليه‌السلام) : «قولوا : اللهم أصلح ذات بيننا وبينهم».

وهذا قريب من قول الله تعالى في قصة فرعون : (فقولا له قولا لينا) (٤) ، كذا قال أصحابنا رحمهم‌الله تعالى (٥).

وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في (شرح النهج) (٦) : الذي كرهه (عليه‌السلام) منهم أنهم كان يشتمون أهل الشام ، ولم يكن يكره منهم لعنهم

__________________

(١) صحيح مسلم باب النهي عن لعن الدواب وغيرها ٤ / ٢٠٠٥ ح ٢٠٩٧ ، سنن البيهقي ١٠ / ١٩٣.

(٢) الرد على المتعصب العنيد : ١٩.

(٣) أي بين وزن «فاعل» ووزن «فعال».

(٤) سورة طه ٢٠ : ٤٤.

(٥) نفحات اللاهوت : ٤٤ ، رياض السالكين : ٥٤٥ ، المحجة البيضاء ٥ / ٢٢٢.

(٦) شرح نهج البلاغة ١١ / ٢١.

١٩٧

إياهم والبذاءة منهم. انتهى.

وله في هذا المقام كلام ينبغي لرواد الحقائق الوقوف عليه (١) ، والله الموفق والمستعان.

* الثالث :

قال الغزالي في (الإحياء) (٢) : الصفات المقتضية للعن ثلاثة : الكفر والبدعة والفسق.

وقال الشيخ الإمام المحقق الكركي رحمه‌الله تعالى في (النفحات) (٣) : لا ريب أن اللعن من الله تعالى هو الطرد والإبعاد من الرحمة ، وإنزال العقوبة بالمكلف ، وكل فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلف من فسق أو كفر فهو مقتض لجواز اللعن ، ويدل عليه قوله تعالى في القاتل : (وغضب الله عليه ولعنه) (٤) ، وقوله تعالى : (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) (٥) رتب اللعن على الكذب ، وهو إنما يقتضي الفسق ، وكذا قوله تعالى : (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) (٦) رتب الغضب على صدقه في كونها زنت ، والزنا ليس بكفر.

وقوله تعالى : (ألا لعنة الله على الظالمين) (٧) أي على كل ظالم ،

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١١ / ٢٢ ـ ٢٣.

(٢) إحياء علوم الدين ٣ / ١٠٦.

(٣) نفحات اللاهوت : ٤٤ ـ ٤٥.

(٤) سورة النساء ٤ : ٩٣.

(٥) سورة النور ٢٤ : ٧.

(٦) سورة النور ٢٤ : ٩.

(٧) سورة هود ١١ : ١٨.

١٩٨

لأن الجمع المعرف للعموم ، والفاسق ظالم لنفسه كما يرشد إليه قوله تعالى : (فمنهم ظالم لنفسه) (١) حيث جعله سبحانه قسيما للمقتصد وقسيما للسابق بالخيرات.

قال (رحمه‌الله) : ولا ريب أن الكبائر مجوزة للعن ، لأن الكبيرة مقتضية لاستحقاق الذم والعقاب في الدنيا والآخرة ، وهو معنى اللعن.

وأما الصغائر فإنها تقع مكفرة لقوله تعالى : (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) (٢) فقد فسر بصغائر الذنوب ، فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها ، ولا ترد شهادته ، ولا تسقط عدالته.

نعم ، لو أصر عليها ألحقت بالكبائر ، وصار اللعن بها سائغا. انتهى كلامه (رحمه‌الله).

إذا تمهد هذا فلنشرع في تقرير ما دل على جواز لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ من الكتاب والسنة بحول الله وقوته.

* أما الكتاب العزيز :

١ ـ فقوله تعالى : (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله ..) (٣) .. الآية.

استدل به الإمام أحمد بن حنبل على لعن يزيد ، كما حكاه أبو الفرج ابن الجوزي في الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد ، عن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء ، إذ روى في كتابه المعتمد

__________________

(١) سورة فاطر ٣٥ : ٣٢.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٣٢.

(٣) سورة محمد ٤٧ : ٢٢ و ٢٣.

١٩٩

في الأصول بإسناده عن صالح بن أحمد ، قال : قلت لأبي : إن قوما ينسبوننا إلى توالي يزيد.

فقال : يا بني! وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!

فقلت : لم لا تلعنه؟!

فقال : ومتى رأيتني ألعن شيئا؟! لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟!

فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه؟!

فقرأ : (فهل عسيتم ..) ـ الآية ، فهل يكون فساد أعظم من القتل (١)؟

وفي رواية : يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه؟!

٢ ـ وقوله تعالى : (والذين ... ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (٢).

قال الإمام أحمد : وأي قطيعة أفظع من قطيعته (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) في ابن بنته الزهراء ـ كما حكاه الشبراوي في (الإتحاف) (٣) ـ.

٣ ـ وقوله تعالى : (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) (٤).

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيب ، قال : رأى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بني أمية على المنابر ، فساءه ذلك (٥).

__________________

(١) الرد على المتعصب العنيد : ١٦ ـ ١٧.

(٢) سورة الرعد ١٣ : ٢٥.

(٣) الإتحاف بحب الأشراف : ٦٤.

(٤) سورة الإسراء ١٧ : ٦٠.

(٥) الدر المنثور ٤ / ١٩١.

٢٠٠