المحقق: الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار ابن زيدون
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٠
خسرتُمْ بتكذيبكم للرسولِ |
|
تعيبون ما ليس بالعائبِ |
وكذَّبتموه بوحي السماءِ |
|
أَلا لعنةُ الله للكاذبِ |
ـ ٤٨ ـ
وقال الإمام عند قتل الوليد بن عتبة يوم بدر من الرجز :
تبَّا وتعساً لك يا ابن عُتبهْ |
|
أسقيك من كأس المنايا شربَهْ |
||
|
ولا أُبالي بعد ذلك غِبَّة |
|
||
ـ ٤٩ ـ
وقال الإمام :
يا رب ثبِّت لي قدمي وقلبي |
|
سبحانك اللهمَّ أَنت حسبي |
ـ ٥٠ ـ
وقال الإمام في يوم خيبر هو من بحر الطويل :
ستشهد لي بالكر والطعن راية |
|
حباني بها الطهرُ النبيُّ المهذبُ |
وتعلمُ أَني في الحروب إِذا الْتَظَى |
|
بنيرانها الليث الهموسُ (١) المرجَّب (٢) |
ومثلي لاقى الهَوْلَ في مُفْظعاتِه |
|
وفُلَّ له الجيشُ العَطَبْطبُ (٣) |
وقد علم الأحباء أني زعيمها |
|
وأني لدى الحرب العُذَيْق المرجَبُ (٤) |
ـ ٥١ ـ
وفي يوم خيبر قال الشاعر اليهودي مرحب مخاطباً الإمام عليا :
قد علمتْ خيبرُ أَني مَرْحَبُ |
|
شاكي السلاح بطلٌ مُجرَّبُ |
إذا الليوثُ أَقبلتْ تلتهبُ |
|
أَطعن أَحياناً وحيناً أَضرِبُ |
__________________
(١) اهموس الخفي الوطء.
(٢) المرجب : المعظم.
(٣) العطبطب : أي الشديد
(٤) العذيق : ذو العز والفخر. المرجب : السيد المعظم.
فأجابه الإمام علي بقوله ( من الرجز ) :
أَنا علي بن عبد المطَّلبْ |
|
مهذَّبٌ ذو سطوةٍ وذُو غَضَبْ |
غُذِّيتُ في الحرب وعصيانِ النُّوَبْ |
|
من بيتِ عزٍّ ليس فيه مُنشعَبْ |
وفي يميني صارمٌ يجلو الكُربْ |
|
من يلقَني يَلْقَ المنايا والعطبْ |
وقال الإمام يوم الخيبر مخاطباً ياسراً وأهل خيبر ( من الرجز ) :
هذا لكم من الغلامِ الغالبي |
|
من ضَرْبِ صدقٍ وقضاءِ الواجبِ |
وفالقِ الهاماتِ والمناكبِ |
|
أَجْمِي به قمَاقِمَ (١) الكتائبِ |
وقال الإِمام يوم خيبر يخاطب الربيع بن أبي الحقيق الخيبري من الرجز :
أنا عليٌّ وابنُ عبد المطلبْ |
|
أحمِي ذمارِي وأَذبُّ عن حَسَبْ |
||
|
والموتُ خيرٌ للفتى من الهَرَبْ |
|
||
وقال الإِمام يوم خيبر من الرجز أيضاً :
أنا عليٌّ وابنُ عبدِ المطلبْ |
|
مهذّبٌ ذو سطوةٍ وذو حَسَبْ |
قِرْنٌ إذا لاقيتُ قِرناً لم أَهَبْ |
|
من يلقني يلقَى المنايا والكُرَبْ |
ـ ٥٢ ـ
وقال الإِمام يوم صفين من الطويل :
أَبَى اللهُ إلا أنَّ ( صِفِّينَ )
دارُنا |
|
ودارُكُم ما لاحَ في الأفْق كوكبُ |
إِلى أَن تموتوا أو نموتَ وما لَنَا |
|
وما لَكُمُ عن حومةِ الحَرْبِ مَهْرَبُ |
__________________
(١) جمع قمقم ، وهو جملة الشيء وكثرته.
ـ ٥٣ ـ
وقال الإِمام في يوم بئر ذات العلم من الرجز :
الليلُ هول يرهبُ المَهِيبَا |
|
ويُذهِلُ المُشَجَّعَ اللبيبَا |
فإنّني أهْوَلُ منه ذِيباً |
|
ولستُ أخشى الروعَ والخطوبَا |
إذا هززت الصارمَ القضيبا (١) |
|
أبصرتُ منه عَجَباً عجيبَا |
ـ ٥٤ ـ
وينسب إلى الإِمام يذكر قبيلة الأزد من بحر البسيط :
الأزدُ سيفي على الأعداء كلِّهمُ |
|
وسيفُ أحمد (٢) من دانتْ له العربُ |
قومٌ إذا فاجأوا أبلَواْ وإن غُلبوا |
|
لا يحجمون ، ولا يدرون ما الهربُ |
قوم لَبُوسُهمُ في كلِّ مُعتَرَكٍ |
|
بيضٌ (٣) رقاق وداوديةٌ (٤) سَلَبُ |
البيضُ فوق رؤوسٍ تحتها اليَلبُ (٥) |
|
وفي الأنامل سُمر لخُطِّ (٦) والقُضَب |
وأيّ يومٍ من الأيام ليس لهم |
|
فيه من الفعل ما مِنْ دونه العجَبُ |
الأزد أَزْيَدُ من يمشي على قدمٍ |
|
فضلاً وأعلاهمُ قدراً إذا ركبوا |
يا معشر الأزد أنتم معشرٌ انف |
|
لا يضعفون إِذا ما اشتدت الحِقبُ |
وفيتُم ووفاءُ العهدِ شيمتكم |
|
ولم يخالطْ قديماً صدقَكمْ كذب |
إذا غضبتمْ يهابُ الخلقُ سطوتكم |
|
وقد يهونُ عليكم منهم الغضَبُ |
يا معشر الأزد إني من جَميعكُمُ |
|
راضٍ وأنتم رؤوسُ الأمر لا الذَّنَبُ |
لن ييأس الأزد من روحٍ ومغفرةٍ |
|
والله يكلؤُهُمْ من حيثُ ما ذهبوا |
طبتُم حديثاً كما طاب أوَّلُكُمْ |
|
والشوكُ لا يجتنى مِنْ فرْعِهِ العنبُ |
والازد جرثومة (٧) إن سوبقوا سبَقوا |
|
او فُخِروا فخروا او غولبوا غلبوا |
__________________
(١) الصارم القضيب : السيف القاطع.
(٢) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) أي سيوف.
(٤) أي درع سابغة نسبة إلى داود عليهالسلام.
(٥) اليلب : الترسة أو الدروع اليمانية.
(٦) أن الرماح والقضب جمع قصيب وهو السيف.
أو كوثروا كثروا صوبروا صبروا |
|
أو سوهِمُوا أسهموا أو سولبوا سلبوا |
صفواْ فأصفاهمُ الباري ولايته |
|
فلم يشب صفوَهُمْ لهوٌ ولا لعبُ |
من حُسن أخلاقهم طابت مجالسُهم |
|
لا الجهل يعروهُم فيها ولا الصخَبُ |
الغيثُ إمَّا رُوَّضُوا من دون نائلهم |
|
والأسدُ ترهبُهم يوماً إِذ غضبوا |
أندى الأنام أكفا حين تسألهم |
|
وأربط الناس جأشاً إن هم نُدبوا |
وأيُّ جمعٍ كثير لا تفرَقُهُ |
|
إذا تدانت لهم غَسَّانُ والندب |
فالله يجزيهمُ عما أتوا وحَبَوْا |
|
به الرسولَ وما من صالحٍ كسبوا |
ـ ٥٥ ـ
وقال الإمام في أيام صفين من الرجز :
يا أيها السائل عن أصحابي |
|
أن كنتَ تبغي بن خيرَ الصوابِ |
أنبئك عنهمْ غير ما تَكْذاب |
|
بأنَّهمْ أوعية الكتابِ |
صبرٌ لدى الهيجاءِ والضِّرابِ |
|
فسلْ بذاكَ معشر الأحزاب |
ـ ٥٦ ـ
وقال الإِمام ينصح ابنه الحسين من بحر الكامل :
أحُسيْنُ إنِّي واعظ ومُؤدِّبٌ |
|
فافهمْ فأنت العاقلِ المتأدِّبُ |
واحفظ وصية والدٍ متحنِّنٍ |
|
يغدوك بالآداب كيلا تعطَبُ |
أَبُنيَّ إن الرزقَ مكفولٌ به |
|
فعليكَ بالإِجمال فيما تطلبُ |
لا تجعلنَّ المالَ كسبكَ مُفرَداً |
|
وتُقى إلهكَ فَاجعلنْ ما تكسِبُ |
كَفَلَ إلإِله برزق كلِّ بريَّةٍ |
|
والمالُ عاريةٌ تجيءُ وتذهبُ |
والرزقُ أسرعُ من تلفُّتِ ناظرٍ |
|
سبباً إلى الإِنسانِ حين يُسبِّبُ |
ومن السيولِ إلى مقرِّ قرارها |
|
والطيرُ للأوكارِ حين تُصَوّبُ |
أبُنيَّ إن الذكرَ فيه مواعظ |
|
فمَنِ الّذي بعظاتِهِ يتأدَّبُ |
فاقرأ كتاب الله جهدَك واتْلُهُ |
|
فيمنْ يقومُ به هناكَ وينصِبُ |
بتفكُّرٍ وتخشُّعٍ وتقرُّب |
|
إن المقرَّبُ عنده المتقرِّبُ |
واعبدْ إلهك ذا المعارجِ مُخْلِصاً |
|
وانصتْ الى الأمثالِ فيما تُضْرِبُ |
وإذا مررتَ بآيةٍ وعظيَّةٍ |
|
تصفُ العذابَ فقفْ ودمعُك يُسْكَبُ |
يا من يُعذِّبُ من يشاءُ بعدْلِهِ |
|
لا تجعلنِّي في الذينَ تُعذِّبُ |
إني أبوءُ بعثْرتي وخطيئتي |
|
هرَباً إليك وليس دونك مَهْرَبُ |
واذا مررتَ بآيةٍ في ذكْرها |
|
وصْفُ الوسيلةِ والنعيمِ المُعجِبُ |
فاسأل إلهكَ بالإِنابةِ مُخلصاً |
|
دارَ الخلودِ سؤال من يتقرَّبُ |
واجهدْ لعلَّكَ أَن تحلَّ بأرْضِها |
|
وتنالَ روحَ مساكنِ لا تخرُبُ |
وتنالُ عيشاً لاانقطاع لوقْتِه |
|
وتنالُ مُلْكَ كرامةٍ لا تُسْلَبُ |
بادرْ هواكَ إذا هممتَ بصالحٍ |
|
خوفَ الغوايةِ إذ نجيءُ وتُغْلَبُ |
وإذا هممتَ بسيِّءٍ فاغمضْ له |
|
وتَجنَّب الأمرَ الذي يُتَجَنَّبُ |
واخفضْ جناحكَ للصديقِ وكُنْ له |
|
كأبٍ على أولادِه يتحدَّبُ (١) |
والضيفُ أكرمْ ما استطعتَ جوارَهُ |
|
حتى يعدَّك وارثاً يَتَنَسَّبُ |
واجعلْ صديقكَ مَنْ إِذا آخيتَهُ |
|
حفظ الإخَاء وكانَ دونَك يَضْربُ |
واطلبْهمُ طلبَ المرِيض شفاءَهُ |
|
ودعِ الكذوبَ فلَيس ممنْ يُصْحَبُ |
واحفظْ صديقَكَ في المواطنِ كلِّها |
|
وعليكَ بالمرءِ الذي لا يَكْذِبُ |
وَاقْلُ الكذوبَ وقُرْبَهُ وجِوَارَه |
|
إنَّ الكذوبَ ملطِّخٌ من يَصْحَبُ |
يُعْطيك ما فوقَ المنى بلسانِه |
|
ويروغُ منك كما يروغُ الثعلبُ |
واحذرْ ذوي الملُقِ اللئامَ فإنَّهم |
|
في النائباتِ عليكَ ممن يَخطبُ |
يَسْعَوْنَ حَولَ المرءِ ما طمِعُوا
به |
|
واذا نَبا دهرٌ جَفَوْا وتغيَّبوا (٢) |
ولقد نصحتُكَ إنْ قبلتَ تصيحتي |
|
والنصحُ أرخصُ ما يباع ويوهَبُ |
__________________
(١) من الحدب وهو العطف والحنان.
(٢) من الغيبة وهي الذم في المغيب.
ـ ٥٧ ـ
وقال الإِمام من بحر الطويل :
إذا جادَت الدنيا عليكَ فجُدْ بها |
|
على الناسِ طُرّاً إنها تتقلَّبُ |
فلا الجودُ يفنيها إذا هي اقبلت |
|
ولا البخلُ يبقيها إذا هي تذهبُ |
ـ ٥٨ ـ
وقال الإمام من الوافر :
عجبتُ لجازعٍ بك مصابٍ |
|
بأهلٍ أَو حميمٍ ذي اكتئابِ |
يَشُقُّ الجيبَ يدعو الويلَ جهلاً |
|
كأنَّ الموتَ بالشيءِ العجابِ |
وساوى الله فيه الخلق حتَّى |
|
نبيُّ الله منهُ لم يحابِ |
له ملِكٌ ينادي كلَّ يومٍ |
|
لِدُوا للموت (١) وابنوا للخرابِ |
ـ ٥٩ ـ
وقال الإِمام وهو ينصح ابنه الحسين من المتقارب :
حسينُ إذا كنت في بلدةٍ |
|
غريباً فعاشرْ بآدابها |
ولا تَفْخَرَنْ بينهم بالنهى |
|
فكلُّ قبيلٍ بألبابها |
ولو عمل ابنُ أبي طالبٍ |
|
بهذي الأمور لفُزْنا بها |
ولكنَّهُ اعتامَ (٢) أمرَ الإلهِ |
|
فأخرقَ فيهمْ بأنيابها |
عذيرك من ثقةٍ بالذي |
|
يُنيلُكَ دنياكَ من طابِها (٣) |
فلا تمرحنْ لأوزارِها |
|
ولا تضجَرَنَّ لأوصابها (٤) |
قِسِ الغَدَ بالامسِ كي تستريحَ |
|
ولا تَرْمِ نفسك في نابها |
__________________
(١) لدوا من ولد ، اي خلفوا.
(٢) اعتام : اختار واصطفى.
(٣) أي طيبها.
(٤) الأوصاب جمع وصب وهو المرض والسقام.
ـ ٦٠ ـ
وقال الإِمام فيما ينسب إليه من الوافر :
قريح (١) القلبِ من وجَعِ الذنوب |
|
نحيلُ الجسم يَشْهَقُ بالنحيب |
أضرَّ بجسمه سَهَرُ الليالي |
|
فصارَ الجسمُ منه كالقضيبِ (٢) |
وَغيِّرَ لونَهُ خوفٌ شديدٌ |
|
لِمَا يلقاهُ من طول الكروبِ |
ينادِي بالتضرعِ يا إِلهي |
|
أقِلْني عثرتي واسْتُرْ عُيوبي |
فزعتُ إلى الخلائقِ مستغيثاً |
|
فلم أَرَ في الخلائقِ من مجيبِ |
وأنتَ تجيبُ من يدعوكَ ربِّي |
|
وتكشفُ ضرَّ عبدِكَ يا حبيبي |
ودائي باطنٌ ولديك طِبٌّ |
|
ومَنْ لي مثلَ طبِّكَ يا طبيبي |
ـ ٦١ ـ
وقال عند قبر فاطمة الزهراء ابنة رسول الله وزوج الإِمام علي من بحر الوافر :
حبيب ليس غيرك لي حبيب |
|
وما لسواه في قلبي نصيبُ |
حبيب غاب عن عيني وجسمي |
|
وعن قلبي حبيبي لا يغيبُ |
ـ ٦٢ ـ
وقال الإِمام من الطويل :
فلم أَرَ كالدنيا بها اغترَّ أهلها |
|
ولا كاليقين استأنس الدهرَ صاحبُه |
أمرُّ على رمس القريب كأنما |
|
أَمُرُّ على رمس امرىءٍ مات صاحبُه |
اذا ما اعتريت الدَّهر عنه بحيلةٍ |
|
تُجدِّدُ حزناً كلّ يوم نوادبُه |
__________________
(١) أي جريح.
(٢) أي كالعود.
ـ ٦٣ ـ
وقال الإِمام من البسيط :
لو صيغ من فضة نفسٌ على قدَرٍ |
|
لعادَ من فضله لمَّا صفَا ذهبا |
مالفتىً حسبٌ إلا إذا كملَتْ |
|
أخلاقُه وحوَى الآدابَ والحسَبا |
فاطلبْ فديتُكَ علماً واكتسبْ أَدبا |
|
تظفرْ يداك به واستعجل الطلبا |
لله درُّ فتىً أنسابُهُ كرَمٌ |
|
يا حبذا كَرَمٌ أضحَى له نسبا |
هل المروءة إلا ما تقومُ به |
|
من الذِّمامِ وحفْظِ الجارِ إِن عَتَبا |
من لم يؤدِّبْه دين المصطفى أدَباً |
|
محضاً تحيَّرَ في الأحوالِ واضطربا |
ـ ٦٤ ـ
وقال الإِمام من الوافر :
سيكفيني المليكُ وحَدُّ سيفٍ |
|
لَدَى الهيجاءِ يحسبه شهابا |
وأسمرُ من رماحٍ الخطِّ لَدْنٌ (١) |
|
شددتُ غرابَهُ أن لا يحابى |
أذودُ به الكتيبةَ كل يومٍ |
|
إذا ما الحربُ تضطرمُ التهابا |
وحولي معشرٌ كرمُوا وطابوا |
|
يُرَجُّون الغنيمةَ النِّهابَا |
ولا يَنْجُونَ من حذَرِ المنايا |
|
سؤال المال فيها والإِيابا |
فدعْ عنك التهدُّدَ واصل ناراً |
|
اذا خمدتْ صَلَيْتَ لها شهابا |
__________________
(١) لدن : لين : الخط : بلدة بالبحرين تصنع الرماح.
القصيدة الزينبية
تنسب القصيدة الزينبية إلى الإِمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهي من أبلغ المدائح والمواعظ والنصائح من الكامل :
صرَمتْ حبَالَكَ بعد وصلكَ زينبُ |
|
والدهرُ فيه تصرُّمٌ وتقلُّبُ |
نشرت ذوائبَها (١) التي تُزْهَى بها |
|
سوداً ورأسك كالثغامةِ (٢) أَشيب |
واستنفرَتْ لمَّا رأَتكَ وطالما |
|
كانت تحِنُّ إلى لقاكَ وتَرْهب |
وكذاكَ وصلُ الغانياتِ فإنَّهُ |
|
آلٌ (٣) ببلقعةٍ وبرق خُلَّبُ (٤) |
فدع الصِّبَا فلقد عَداكَ زَمانُه |
|
وازهدْ فهمرُك منه ولَّى الأطيبُ |
ذهب الشبابُ فما له من عودةٍ |
|
وأَتى المشيبُ فأين منه المهربُ |
ضيفٌ أَلمَّ إليك لم تحفِلْ به |
|
فترى له أَسفاً ودمعاً يَسكبُ |
دَع عنك ما قد فاتَ في زمنِ الصِّبا |
|
واذكُرْ ذنوبَكَ وابكِها يا مذنبُ |
واخشَ مناقشة الحسابِ فإنه |
|
لا بدَّ يُحصَى ما جنيتَ ويكتب |
لم ينسَه الملَكانِ حين نسيتَه |
|
بل أَثبتاه وأَنتَ لاهٍ تلعب |
والروحُ فيكَ وديعةٌ أُودِعْتَها |
|
ستردُّها بالرغمِ منك وتُسلَبُ |
وغرورُ دنياكَ التي تسعَى لها |
|
دار حقيقتُها متاعٌ يُذْهَبُ |
والليلُ فاعلم والنهارُ كلاهما |
|
أَنفاسُنا فيها تُعَدُّ وتُحْسَبُ |
وجميعُ ما حصَّلتَهُ وجمعتَه |
|
حقّا يقيناً بعد موتِكَ يُنهَب |
__________________
(١) الذوائب :جدائل الشعر المضفور.
(٢) الثغامة : شجرة زهرها وثمرها أبيض.
(٣) الآل : السراب.
(٤) خلب : أي كاذب.
تباً لدارٍ لا يدوم نعيمُها |
|
ومُشيدُها عما قليلٍ يُخْربُ |
فاسمعْ هُدِيتَ نصائحاً أولاكها |
|
بَرٌّ لبيبٌ عاقلٌ متأدِّب |
صحبَ الزمان وأهله مستبصراً |
|
ورأى الأمور بما تؤوبُ وتُعْقِبُ |
أُهدِي النصيحةَ فاتعظْ بمقالةٍ |
|
فهو التقيُّ اللوذعيّ الأدرب |
لا تأمن الدهرَ الصُّرُوفَ فإنَّهُ |
|
لا زالَ قِدْماً للرجال يُهذّب |
وكذلكَ الأيامُ في غدواتِها |
|
مَرَّتْ يُذلُّ لها الأَعزُّ الأنجب |
فعليكَ تقوى الله فلزمها تفُزْ |
|
إنَّ التقي هو البهى الأهيب |
واعمل لطاعته تنلْ منه الرِّضا |
|
إنَّ المطيعَ لربه لمُقرَّب |
فاقنعْ ففي بعض القناعةِ راحةٌ |
|
واليأسُ ممَّا فات فهو المطلب |
وإِذا طمعتَ كُسيت ثوب مذلةٍ |
|
فلقد كُسِي ثوبَ المذلة أَشعبُ |
وتوقَّ (١) من غدْرِ النساءِ خيانةً |
|
فجميعُهنَّ مكائدٌ لكَ تُنصَب |
لا تأمن الأنثى حياتَكَ إنَّها |
|
كالأفعُوانِ يُراعُ منه الأنيب (٢) |
لا تأمنِ الأنثى زمانَكَ كلَّه |
|
يوماً ولو حلَفتْ يميناً تكذِبُ |
تُغْري بطيب حديثِها وكلامِها |
|
وإِذا سطتْ فهي الثقيلُ الأشطبُ (٣) |
واجهْ عدوَّكَ بالتحيةِ لا تكنْ |
|
منه زمانَكَ خائفاً تترقبُ |
واحذرْهُ يوماً إن أَتَى لك باسماً |
|
فالليثُ يبدو نابُه إذْ يَغْضَبُ |
إِن الحَقُودَ وإِن تقادمَ عهدُه |
|
فالحقدُ باقٍ في الصدورِ مُغَيَّبُ |
وإذا الصديقُ رأَيتَهُ متعلِّقاً |
|
فهو العدوُّ وحقُّه يُتجنّبُ |
لا خيرَ في ودِّ امرئٍ متملِّق |
|
حلوِ اللسانِ وقلبُه يتلهَّبُ |
يلقاكَ يحلفُ أَنه بكَ واثقٌ |
|
وإذا توارى عنك فهْو العقربُ |
__________________
(١) من الوقاية.
(٢) صاحب الأنياب.
(٣) أي فهي السيف الحاد القاطع.
يعطيكَ من طرفِ اللسانِ حلاوة |
|
ويروغُ منك كما يروغُ الثعلبُ |
واخترْ قرينَكَ واصطفيهِ تفاخراً |
|
إن القرينَ إلى المقارنِ يُنسَبُ |
إنَّ الغنِيَّ من الرجال مكرَّمٌ |
|
وتراه يُرْجَى ما لديه ويُرْهَبُ |
ويُبَشُّ بالترحيب عند قدومهِ |
|
ويُقامُ عند سلامهِ ويُقرَّبُ |
والفقرُ شَيْنٌ للرجال فإنَّه |
|
يُزْرى به الشهمُ الاديب الأنسبُ |
واخفِضْ جناحك للأقاربِ كلِّهمْ |
|
بتذلُّل واسمحْ لهم إِن أَذنبوا |
ودع الكَذُوبَ فلا يكنْ لك صاحباً |
|
إن الكذوبَ لبئسَ خِلا (١) يُصْحَبُ |
وذرِ الحسودَ ولو صفا لك مرَّةً |
|
أَبعدْهُ عن رؤياك لا يُسْتَجْلَبُ |
وزنِ الكلامَ إِذا نطقتَ ولا تكنْ |
|
ثرثاؤةً (٢) في كل نادٍ تخطُبُ |
واحفظْ لسانَكَ واحترِزْ من لفظِهِ |
|
فالمرءُ يَسْلَمُ باللسان ويُعطَبُ |
والسرَّ فاكتمْهْ ولا تنطِقْ به |
|
فهو الأسيرُ لديك إذْ لا يُنشَبُ |
واحرصْ على حفظ القلوبِ من الأذى |
|
فرجوعها بعد التنافرِ يَصعُبُ |
إن القلوبَ اذا تنافر ودُّها |
|
شبهُ الزجاجة كسرُها لا يُشْعَبُ (٣) |
وكذاك سرُّ المرءِ إن لم يَطْوِه |
|
نشرتْه ألسنةٌ تزيدُ وتكْذِبُ |
لا تحرِصنْ فالرحصُ ليس بزائدٍ |
|
في الرزق بل يُشْقى الحريص ويُتعِبُ |
ويظلُّ ملهوفاً يرومُ تحيُّلاً |
|
والرزقُ ليس بحيلةٍ يستجلَبُ |
كم عاجزٍ في الناس يُؤْتَى رزقُهُ |
|
رَغِداً ويُحرَم كيس ويخيَّب |
أدِّى الامانةَ ، والخيانةَ فاجتنبْ |
|
واعدِلْ ولا تظلم فيطيبُ المكسب |
واذا بُليتَ بنكبة فاصبرْ لها |
|
أوقد رأَيتَ مسلِّماً لا يُنْكَبُ (٤) |
__________________
(١) أي صديقا.
(٢) أي كثير الثرثرة وهي لغو الكلام وباطله.
(٣) أي لا يمكن التحام الكسر.
(٤) الاستفهام هنا للانكار.
وإذا أصابكَ في زمانك شدَّةٌ |
|
وأصابكَ الخطبُ الكريةُ الأَصعبُ |
فالْجأْ لربّك إنه أَدنى لمنْ |
|
يدعوه من حبل الوريد وأقربُ |
كنْ ما استطعتَ عن الأنام بمعزل |
|
ان الكثيرَ من الورى لا يُصْحَبُ |
واجعلْ جليسكَ سيِّداً تحظى به |
|
حبرٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدِّبُ |
واحذرْ من المظلومِ سهماً صائباً |
|
واعلمْ بأن دعاءَه لا يحُجَبُ |
وإذا رأيتَ الرزقَ ضاق ببلدةٍ |
|
وخشيتَ فيها أَن يضيقَ المكسبُ |
فارحَلْ فأرضُ الله واسعةُ الفضَا |
|
طولاً وعرْضاً شرقُها والمغربُ |
فلقد نصحتكَ إن قبلتَ نصيحتي |
|
فالنصحُ أَغلى ما يباع ويوهَبُ |
خُذها إليك قصيدةً منظومةً |
|
جاءتْ كنظم الدر بل هي أعجبُ |
حِكَمٌ وآدابٌ وجُلُّ مواعِظٍ |
|
أَمثالُها لذوي الصائل تُكتَبُ |
فأصِخْ لوعظِ قصيدةٍ أولاكَها |
|
طودُ العلوم الشامخاتِ الأهيبُ |
أعني عليّاً وابنَ عمِّ محمدٍ |
|
من ناله الشرفُ الرفيعُ الأنسبُ |
يا ربِّ صَلِّ على النبيِّ وآلِهِ |
|
عددَ الخلائقِ حصرُها لا يحسبُ |
قافية التاء
ـ ٦٦ ـ
قال الإِمام في بعض أيام صفين حين ندب أصحابه فانتدب له عشرة آلاف فتقدمهم الإِمام وهو يقول من بحر الرجز:
دُبُّو دبيبَ النمل لا تفوتوا |
|
وأَصبِحوا بحرْبِكم وبِيتُوا |
||
حتى تنالُوا الثأر أو تموتُوا |
|
أَوْ لا فإنِّي طالَمَا عُصيتُ |
||
قد قلتمُ لو جئتَنا فجِيتُ |
|
ليس لكمْ ما شئتمُ وَشِيتُ (١) |
||
|
بل مَا يريدُ المحْيي والمُميتُ |
|
||
ـ ٦٧ ـ
وللإِمام علي ما يروي من بحر الوافر :
حقيقٌ بالتواضعِ من يموتُ |
|
ويكفي المرءَ من دنياهُ قُوتُ |
فما للمرءِ يُصبحُ ذا همومٍ |
|
وحرصٍ ليس تُدركه النُّعوتُ |
صنيعُ مليكِنا حَسَنٌ جميلٌ |
|
وما أَرزاقُنا عنَّا تَفُوتُ |
فيا هذا سترحلُ عن قريبٍ |
|
إلى قوم كلامهُم سُكُوتُ |
ـ ٦٨ ـ
وقال الإِمام من مخلع البسيط :
قد كُنتَ ميتاً فصرتَ حيّاً |
|
وعنْ قليلٍ تصيرُ مَيْتاً |
تبني بدارِ الفناءِ بيتاً |
|
فابْنِ لدار البقاءِ بَيتاً |
__________________
(١) أي وشئت بتخفيف الهمزة.
ـ ٦٩ ـ
وقال الإِمام من بحر الطويل :
صبرتُ عن اللذَّاتِ لما تولَّتِ |
|
وألزمت نفسِي صبرَها فاستمرَّتِ |
وما المرءُ إلا حيثُ يجعلُ نفسَهُ |
|
فإن طَمَعَتْ تاقتْ وإِلاَّ تسلَّتِ |
ـ ٧٠ ـ
وقال الإِمام من بحر الطويل :
خليليَّ لا واللهِ ما مِنْ مُلمَّة |
|
تدومُ على حيٍّ وإنْ هيَ جَلَّتِ |
فإن نزلتْ يوماً فلا تخْضعَنْ لها |
|
ولا تكثِر الشكوى إذا النَّعْلُ زُلَّتِ |
فكم من كريمٍ يُبتلَى بنوائبٍ |
|
فصَابرَهَا حتى مضتْ واضمحلَّتِ |
ـ ٧١ ـ
وقال الإِمام من بحر الطويل :
إن القليلَ من الكلامِ بأهلهِ |
|
حَسنٌ وإنَّ كثيرَهُ ممقوتُ |
ما زلَّ ذو صمْتٍ وما مِنْ مُكثرٍ |
|
إلا يَزلُّ وما يُعَابُ صَمُوتُ |
إنْ كانَ ينطقُ ناطقاً من فضةٍ |
|
فالصمتُ درٌّ زانَهُ ياقوتُ |
ـ ٧٢ ـ
وقال الإِمام من بحر الخفيف :
قد رأَيتَ القرون كيفَ تفانَتْ |
|
دُرِسَتْ ثمَّ قيل كانَ وكانتْ |
هي دنيا كحيَّةٍ تنفُثُ السُّمَّ |
|
وان كانت المجسة (١) لانَتْ |
كم أُمورٍ لقد تشددتُ فيها |
|
ثم هوَّنْتُها عليَّ فهانَتْ |
__________________
(١) المجسة : أي الاختيار والامتحان.
ـ ٧٣ ـ
وقال الإِمام من مجزوء الرمل :
إنما الدنيا فناء |
|
ليسَ للدنيا ثبوتُ |
إنما الدنيا كبيْتٍ |
|
نسجَتْهُ العنكبوتُ |
ولقد يكفيكَ منها |
|
أيُّها الطالبُ قُوتُ |
ولعمري عن قليلٍ |
|
كلُّ مَنْ فيها يموتُ |
ـ ٧٤ ـ
وقال الإِمام من البحر الطويل :
ألم ترَ أَن الدهرَ يومٌ وليلةٌ |
|
يكرَّان من سبْتِ جديدٍ إلى سَبْتِ |
فقلْ لجديدِ الثوْب لا بدَّ من بِلىً |
|
وقُلْ لاجتماعِ الشملِ لا بُدَّ من شَتِّ
(١) |
ـ ٧٥ ـ
وقال الإِمام في رثاء النبي صلّى الله عليه وسلّم من بحر الكامل :
نفسي على زفراتِها محبوسةٌ |
|
يا ليتها خرجتْ مع الزفراتِ |
لا خيرَ بعدكَ في الحياةِ وإنما |
|
أَبكِي مخافةَ أن تطولَ حياتي |
ـ ٧٦ ـ
وقال الإِمام من بحر الطويل :
أقولُ لعيني احبسي اللحظاتِ |
|
ولا تنظرِي يا عينُ بالسرقاتِ |
فكم نظرةٍ قادتْ إلى القلبِ شهوةً |
|
فأُصبحَ منها القلبُ في حسراتِ |
__________________
(١) أي شتات : وتفرق.
قافية الجيم
ـ ٧٧ ـ
وقال الإِمام من بحر المتقارب :
إذا النائباتُ بلغْنَ المَدى |
|
وكادتْ تذوبُ لهنَّ المَهَجْ |
وحلَّ البلاءُ وبانَ العزاءُ |
|
فعند التناهِي يكونُ الفرَجْ |
قافية الحاء
ـ ٧٨ ـ
وقال الإِمام في الصديق من بحر السريع :
فكم خليل لك خاللتَهُ |
|
لا تركَ الله له واضحهْ |
فكلهمْ أروغُ من ثعلبٍ |
|
ما أشبهَ الليلةَ بالبارحهْ |
ـ ٧٩ ـ
وقال الإِمام في التأني من بحر الكامل :
الرفقُ يمنٌ والأناةُ سعادةٌ |
|
فتأنَّ في أَمرِ تُلاقِ نجاحا |
ـ ٨٠ ـ
وقال الإِمام من بحر الرجز :
الليلُ داج والكِباشُ تنطحُ |
|
نطاحُ أَسدٍ ما أراها تَصْلُح |
||
أسدُ عرينٍ في اللقاءِ قد مرَحْ |
|
منها نيامٌ وفريق منبطِحْ |
||
|
فمن نجا برأسه فقد ربح |
|
||
ـ ٨١ ـ
ويقول الإِمام في كتمان السر وعدم افشائه من بحر المتقارب :
فلا تُفشِ سرَّكَ إلاَّ اليكَ |
|
فانَّ لكل نصيحٍ نصيحاً |
واني رأيتُ غُواة الرجال |
|
لا يتركون أَديماً صحيحاً |
ـ ٨٢ ـ
وقال أبو جرول وهو رجل من هوازن كان من المشركين يوم حنين :
أَنا أبو جرول لابراح |
|
حتتى نُبيحَ القومَ أو نُباحْ |
فقتله أمير المؤمنين علي وقال من بحر الرجز :
قد عَلِمَ القومُ لدى الصياحْ |
|
أَني في الهيجاءِ ذو نِطَاحْ |
قافية الدال
ـ ٨٣ ـ
وأنشد الإِمام أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بحر البسيط :
أنا أخو المصطفَى لا شكَّ في نسَبي |
|
معهُ رُبيتُ وسِبطاهُ هما ولدي |
جَدِّي وجَدُّ رسول الله مُتَّحِدٌ |
|
وفاطمٌ زوجتي لا قول ذي فنَدِ (١) |
صدَّقتُهُ وجميع الناسِ في ظُلَمٍ |
|
من الضلالةِ والإِشراكِ والنكدِ |
فالحمدُ لله فرداً لا شريكَ له |
|
البَرُّ بالعبدِ والباقي بلا أَمدِ |
__________________
(١) الفند بالفتح : الزور والباطل.
ـ ٨٤ ـ
ولما سام الخوارج الإمام علي ان يقر بالكفر ويتوب حتى يسير الى الشام قال : أبعدَ صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والتفقه في الدين أرجع كافراً ؟ وقال من بحر الرجز :
يا شاهد اللهِ عليَّ فاشهد |
|
أَني على دينِ النبيِّ احمدِ |
من شكَّ في الدين فاني مهتدِي |
|
يا ربِّ فاجعل في الجنانِ موردي |
ـ ٨٥ ـ
ولما هاجر الإِمام من مكة الى المدينة ومعه الفواطم وادركه الطلب وهم ثمانية فوارس فشد عليهم بسيفه شدة ضيغم وقال من بحر الرجز :
خَلوا سبيل المؤمنِ المجاهدِ |
|
آليت لا أَعبد غيرَ الواحدِ |
ـ ٨٦ ـ
ورأى علي أمير المؤمنين رجلا يمشي ويخطر بيديه ويختال فقال من بحر السريع :
يا مؤثر الدنيا على دينهِ |
|
والتائهَ الحيرانَ عنْ قصدهِ |
أصبحتَ ترجو الخلدَ فيها وقدْ |
|
أَبرز ناب الموتِ عن حدِّه |
هيهاتَ إن الموْتَ ذو أَسهمٍ |
|
من يَرْمِهِ يوماً بها يُرْدِهِ (١) |
لا يُصلحُ الواعظُ قلبَ امرىءٍ |
|
لم يعزمِ اللهُ على رُشْدِه |
ـ ٨٧ ـ
ويروى عن الإِمام من بحر السريع :
نحن بنو الأرض وسكانها |
|
منها خُلقْنا وإليْها نعودْ |
والسعدُ لا يَبْقى لأصحابِهِ |
|
والنحسُ تمحوه ليالي السُعودْ |
__________________
(١) أي يهلكه : من أرداه : أهلكه وقتله.
ـ ٨٨ ـ
وينسب الى الإِمام من بحر الوافر :
أعاذلتي عَلى إِتعابِ نفسي |
|
ورعْيي في السُّرى رَوْضَ السهادِ |
إذا شامَ الفتى بَرْقَ المعالي |
|
فأهونُ فائتٍ طيِبُ الرُّقادِ |
ـ ٨٩ ـ
وقال الإمام فيمن قتل يوم أحد من بحر البسيط :
اللهُ حي قديمٌ قادرٌ صمَدُ |
|
فليس يُشْرِكُهُ في مُلكهِ أحَدُ |
هو الذي عرَّفَ الكفارَ منزلَهُمْ |
|
والمؤمنون سيجزيهمْ بما وُعِدُوا |
فا تكنْ دولة كانت لنا عظةٌ |
|
فهل عسى أَن يُرى في غيّها رشَدُ |
وينصرُ الله من والاه إنَّ له |
|
نصراً يمثِّلُ بالكفارِ إِنْ عنِدُوا |
فان نطقتم بفخرٍ لا أبَالكُم |
|
فيمن تضمَّنَ من اخواننا الَّلحدُ (١) |
فانَّ طلحةَ غادرناهُ منجدِلا |
|
وللصفايح نارٌ بيننا تَقِدُ |
والمرءُ عثمانُ أَرْدَتْهُ أسنَّتنا |
|
فجيبُ زوجتِه إذ أُخبِرتْ قِدَدُ (٢) |
في تسعةٍ ولواءٌ بين أَظهُرِهم |
|
لم ينكُلُوا عن حياض الموت إذْ وَرَدُوا |
كانوا الذوائبَ من فهرٍ وأكرمَها |
|
حيث الانوفُ وحيث الفَرْعُ والعَدَدُ |
وأَحمدُ الخيرِ قد أَرْدَى على عَجَل |
|
تحتَ العجاجِ أَبيّا وَهْوَ مجتهِدُ |
فظَلَّتْ الطيرُ والضُّبعانُ تركبه |
|
فحاملٌ قطعةً منه ومُقْتعِدُ |
ومن قتلتم على ما كان من عجبٍ |
|
منَّا فقد صادفوا خَيْراً وقد سَعِدُوا |
لهم جنانٌ من الفِردوسِ طيّبةٌ |
|
لا يعتريهمْ بها حرُّ ولا صَرَدُ (٣) |
__________________
(١) بتحريك الحاء بالفتح لضرورة الوزن ، واللحد هو القبر.
(٢) قدد : قطع ممزقة. جيب القميص : فتحته التي تدخل الرأس منها.
أي فزوجته حزينة لما بلغها موته.
(٣) الصرد : البرد.
صلّى الإلهُ عليهمْ كلّما ذُكِروا |
|
فرُبَّ مشهدِ صدقٍ قبلَهُ شَهِدُوا |
قومٌ وفوْا لرسول الله واحتَسِبُوا |
|
شمَّ العرانينِ منهمْ حمزةُ الأَسدُ |
ومُصْعبٌ كان ليثاً دونهُ حَرِداً (١) |
|
حتى تزمَّلَ منه ثعلبٌ حَسَدُ |
ليسوا كقتلى من الكفارِ أَدخلَهُمْ |
|
نارَ الجحيمِ على أَبوابِها الرَّصَدُ |
ـ ٩٠ ـ
وقال الإمام من بحر الطويل :
تغرَبْ عن الاوطان في طلب العُلى |
|
وسافرْ ففي الأسفارِ خمسُ فوائدِ |
تفرُّجُ همٍ واكتسابُ معيشةٍ |
|
وعلمُ وآدابٌ وصُحبةُ ماجدِ |
فان قيل في الاسفارِ ذل ومحنةٌ |
|
وقطعُ الفيافي وارتكابُ الشدائدِ |
فموتُ الفتى خيرٌ له من قيامِهِ |
|
بدارِ هوان بين واشٍ وحاسدِ |
ـ ٩١ ـ
وقال الإمام من بحر الطويل :
اذا لم يكنْ عونُ من الله للفتى |
|
فأكثرُ ما يجنى عليه اجتهادُهُ |
ـ ٩٢ ـ
وقال الإمام حينما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يعملون في بناء مسجد بالمدينة : وذلك من بحر الرجز :
لا يستوِي من يَعْمُرُ المساجدا |
|
ومن يبيت راكعاً وساجداً |
__________________
(١) الحرد : القصد والمنع والدفاع.