تراثنا ـ العددان [ 43 و 44 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 43 و 44 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٢

١ ـ نسخة محفوظة في مكتبة البرلمان الإيراني السابق ، ضمن مجموعة ٤٤٧١ ، رقم الرسالة ١٦ ، مذكورة في فهرست المكتبة ١٢ / ١٥١ ، وفي نهايتها كتب : تمت في ١٧ شعبان ١٠٧٩ هجرية ، تقع هذه النسخة في ثلاث صفحات ، كل صفحة تحتوي على ٢٥ سطرا ، بقياس X ١٧ ٢٥ سم ، وقد رمزنا لها ب (م).

٢ ـ نسخة محفوظة في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، ضمن مجموعة كبيرة ، باسم : الدستور ، برقم ٢١٤٤ ، والرسالة في الورقة ٩٧ منها ، مذكورة في فهرست المكتبة ٩ / ٤٠٨ ، وعلى هامشها تعليقة من المصنف أثبتناها في موضعها ، وعلى هامشها في موضعين كلمة (بلغ) التي تدل على مقابلتها والعناية بها ، وكتب في نهايتها : تمت في ١٧ شعبان ١٠٧٩ ، والملاحظ أن هذا الانهاء يوافق إنهاء النسخة السابقة ، وهي في صفحتين ، كل صفحة تحتوي على ٥٥ سطرا ، وقد رمزنا لها ب (ج).

منهجية التحقيق :

اعتمدت عملية التلفيق بين النسختين مشيرا إلى الاختلاف في الهامش ، فكان عملي كالتالي :

١ ـ مقابلة النسختين والإشارة إلى الاختلاف في الهامش.

٢ ـ تقويم النص وتقطيعه إلى فقرات.

٣ ـ تخريج الأحاديث الواردة من مصادرها الرئيسية.

٤ ـ تخريج الأقوال الفقهية التي نقلها المصنف من مصادرها.

وفي الختام :

أقدم جزيل شكري إلى كل من آزرني وساعدني على إخراج هذه

٤٢١

الرسالة بحلة لائقة ، وأخص بالذكر مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.

والحمد لله أولا وآخرا ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

هادي الشيخ حسن القبيسي العاملي

قم المقدسة

١٤١٤ ه

٤٢٢

٤٢٣

٤٢٤

٤٢٥

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد الحمد والصلاة ،

فيقول أقل العباد محمد ، المشتهر ب : بهاء الدين العاملي ، عفا الله عنه : إن تحقيق حقيقة جهة القبلة ، التي يجب على البعيد تحصيلها ، والتوجه إليها ، من المهمات ، ليكون المتوجه عارفا ـ في الجملة ـ بحقيقة ما يتوجه إليه ويستقبله.

وقد اختلف كلام فقهائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ في الكشف عنها ، وبيان ماهيتها ، مع أنه لا مرية لأحد في أنها : (ما يكون العامل بالعلامات المقررة متوجها إليها).

لكن ، لما لم يكن هذا القدر كافيا في شرح حقيقتها ـ لكونه من قبيل تعريفها ب : (ما يجب استقباله في الصلاة) وهو كالرد إلى الجهالة ـ لأن الغرض شرح حقيقة ذلك الشئ الذي يجب استقباله ، فلهذا لم يعول الفقهاء ـ رحمهم‌الله ـ على تعريفها بذلك ، وأوردوا ما يشرح ماهيتها في الجملة :

٤٢٦

[١] فعرفها العلامة ـ طاب ثراه ـ في المنتهي : ب (السمت الذي فيه الكعبة) (٢٥).

وقد يفسر السمت هنا : بامتداد (٢٦) معترض في أحد جوانب الأفق.

[٢] وعرفها في التذكرة بأنها : (ما يظن أنه الكعبة حتى لو ظن خروجه عنها (٢٧) لم تصح).

والظاهر أنه أراد (بما يظن أنه الكعبة) ما يظن اشتماله عليها ، ويؤيده قوله : (حتى لو ظن خروجه عنها).

[٣] وعرفها شيخنا ـ قدس الله روحه ـ في الذكرى : ب (السمت الذي يظن كون الكعبة فيه) (٢٨).

[٤] وقال شيخنا المحقق علي ـ أعلى الله قدره (٢٩) ـ في شرح القواعد : (الذي ما زال يختلج بخاطري أن جهة القبلة هي : المقدار الذي شأن البعيد أن يجوز على كل بعض منه أن يكون هو الكعبة ، بحيث يقطع بعدم خروجها عن مجموعة) (٣٠).

[٥] وعرفها شيخنا الشهيد الثاني ـ نور الله مرقده ـ في شرح الشرائع : ب (القدر الذي يجوز على كل بعض (٣١) منه كون الكعبة فيه ، ويقطع بعدم

__________________

(٢٥) منتهى المطلب ١ / ٢١٨.

(٢٦) في هامش (ج) تعليقة من المصنف رحمه‌الله ، هذا نصها : الظاهر أن المراد بالامتداد خط مستقيم ، فإنه هو المتبادر عند الاطلاق. (منه).

(٢٧) تذكرة الفقهاء ٣ / ٧ ، وعنه في مفتاح الكرامة ٢ / ٧٥.

(٢٨) ذكرى الشيعة : ١٦٢ ، وعنه في مفتاح الكرامة ٢ / ٧٥.

(٢٩) في (م) : مقامه.

(٣٠) جامع المقاصد ٢ / ٤٩.

(٣١) في المصدر : كل جزء.

٤٢٧

خروجها عنه ، لأمارة يجوز التعويل عليها شرعا) (٣٢).

[٦] وعرفها بعضهم بأنها : (قوس من الأفق يجوز على كل خط خارج من جهة الساجد (٣٣) ، منتهيا إليه أن يمر بالكعبة).

فهذه تعريفات (٣٤) ستة للجهة.

وظني أنه لا يسلم شئ منها من خلل ، كما ستحيط به خبرا.

[٧] ولو عرفت بأنها (أعظم سمت يشتمل على الكعبة قطعا أو ظنا ، بحيث تتساوى نسبة أجزائه إلى هذا الاشتمال من غير ترجيح) لكان أقرب إلى السلامة ، كما ستعرفه إن شاء الله تعالى.

تمثيل (٣٥) :

لنفرض دائرة أفقا من الآفاق العراقية ، كالكوفة ، والمصلي على مركزها وهو نقطة (د).

وقد أدته الدلائل أو الأمارات إلى أن قبلة الكوفة في جانب الجنوب ..

إما بالسفر منها إلى مكة وتدبر الطريق.

أو للعمل (٣٦) بالأمارات المعروفة لأهل العراق ، كجعل الجدي على المنكب الأيمن ، والمغرب والمشرق (٣٧) على اليمين واليسار ، ولنفرضه قاطعا أو ظانا وقوع الكعبة في امتداد (ب ـ ج) (٣٨) بحيث يجوز على كل جزء منه

__________________

(٣٢) مسالك الأفهام ١ / ٢٢١.

(٣٣) في (م) : المساجد.

(٣٤) في (م) : تفريعات.

(٣٥) في (م) كلمة غير مقروءة.

(٣٦) في (م) : العمل.

(٣٧) في (م) : والمشرق والمغرب.

(٣٨) في (م) : ب ـ ح.

٤٢٨

أن يكون فيه الكعبة ، ويقطع بعدم خروجها عن مجموعه (٣٩).

فخط (ب ـ ج) هو السمت الذي هو عبارة عن جهة القبلة على التعريفات الخمسة الأول ، والسابع.

فإذا استقبل المصلي أي جزء من أجزائه كان مستقبلا للقبلة ، سواء كان الخط الخارج من موضع سجوده منتهيا إليه ، مقاطعا له على قوائم كخط (د ـ ه) أو حواد ومنفرجات كخطي (د ـ ب) ، (د ـ ج).

ومن ثم حكموا باتساع الجهة واغتفار يسير الانحراف ، وربما نزلوا ما يتراءى من التخالف بين علامات قبلة العراق ، على ذلك.

وأما على التعريف السادس : فسمت القبلة ـ أعني جهتها ـ هو : قوس (ط ـ ي) ووجه عدم حمل الجهة في التعريفات الأول على هذا القوس ، ظاهر ، لظهور أن الكعبة غير واقعة على محيط الأفق الحقيقي ولا الحسي.

ولو أريد بالأفق ما ينصف الأرض فقط ، لم يلزم وقوعها على محيطه أيضا ، وإنما يتحقق ذلك في بلد يكون غاية ميل أفقه عن أفق مكة بقدر ربع الدور.

ثم لا يخفى أن مرور الخط المذكور في التعريف السادس بالكعبة إنما يتحقق في موضع تكون الكعبة واقعة فوق أفقه ، فلا تغفل.

* * *

__________________

(٣٩) لفظ (عن مجموعه) لم يرد في (م).

٤٢٩

فصل

اعترض شيخنا المحقق الشيخ علي ـ أعلى الله قدره ـ في (شرح القواعد) على تعريف (التذكرة) بأن البعيد لا يشترط في صحة صلاته ظن محاذاة الكعبة ، وبأن الصف المستطيل يحكم بخروج بعضهم عنها ، فيلزم بطلان صلاتهم ، وأظهر منه من يصلي بعيدا عن محراب النبي (ص) بأزيد من مقدار الكعبة (٤٠).

ثم إنه رحمه‌الله ، أرجع تعريف (الذكرى) إلى تعريف (التذكرة) (٤١) ، وظاهر كلامه أنه حمل (السمت) فيه على الخط المتوهم امتداده من المستقبل في الصوب الذي يستقبله.

وهو كما ترى.

والظاهر أن مراد العلامة ما ذكرناه قبيل هذا ، وأن المراد بالسمت في تعريف (الذكرى) : هو الامتداد المعترض ، لا الطولي.

وكيف يظن بهذين الشيخين ـ طاب ثراهما ـ القول بأن عين الكعبة قبلة للبعيد؟! مع أنهما مصرحان في كتبهما بخلافه ، بل لم يذهب أحد من علمائنا إلى ذلك ، وإنما هو مذهب بعض العامة (٤٢).

__________________

(٤٠) جامع المقاصد ٢ / ٤٨ باختلاف يسير.

(٤١) حيث قال : (وما ذكره لا يكاد يخرج عن كلام التذكرة) أنظر : تذكرة الفقهاء ٢ / ٤٩.

(٤٢) وهم : الجرجاني من الحنفيين وأحد قولي الشافعي.

أنظر : المجموع ٣ / ٢٠٧ و ٢٠٨ ، فتح العزيز ٣ / ٢٤٢ ، شرح فتح القدير ١ / ٢٣٥ ، الكفاية ١ / ٢٣٥ ، شرح العناية ١ / ٢٣٥ ، عمدة القاري ٤ / ١٢٦ ، المغني ١ / ٤٩١ ـ ٤٩٢ و ٥١٩ ، نيل الأوطار ٢ / ١٨٠.

٤٣٠

توضيح :

الباعث على اشتراط الشيخين ـ أعلى الله قدرهما ـ أن يجوز على كل بعض من ذلك المقدار (٤٣) أن يكون هو الكعبة ، المحافظة على طرد التعريف ، لصدقه بدونه على مقدار يقطع أو يظن عدم وقوع الكعبة في بعض أجزائه ، كمجموع خط (ز ـ ح) فإنه يقطع بعدم خروج الكعبة عن مجموعه ، مع أنه ليس هو بمجموعه الجهة ، وإنما الجهة بعضه ، أعني خط (ب ـ ج) (٤٤) (فلا يجوز استقبال شئ من أجزاء خط (ز ـ ب) (٤٥) ، ولا خط (ج ـ ح) ، وهذا ظاهر.

وأما سبب تقييدهما بالقطع بعدم خروج الكعبة عن مجموع ذلك المقدار ، فلأنه لولا هذا القيد لصدق التعريف على خط (ه ـ ج) (٤٦) مثلا ، فإنه يجوز على كل جزء منه أن يكون هو الكعبة ، مع أنه بعض الجهة لا نفسها ، فإن الجهة تبطل الصلاة بالخروج عنها ، وليس خط (ه ـ ج) كذلك.

ومن هذا يظهر عدم مانعية التعريف السادس ، لصدقه على قوس (ك ـ ي) مثلا.

ونحن لما اعتبرنا في التعريف الأخير (أعظم سمت) سلم طرده من هذا الخدش.

* * *

__________________

(٤٣) في (م) : المقدر.

(٤٤) في (م) : ز ـ ب.

(٤٥) ما بين القوسين لم يرد في (م).

(٤٦) في (م) : ه ـ ح.

٤٣١

تتمة :

ثمرة تقييد شيخنا الشهيد الثاني رحمه‌الله بقوله : (لأمارة يجوز التعويل عليها شرعا) إخراج الجهات الأربع للمتحير.

وقد صرح ـ طاب ثراه ـ بذلك حيث قال : (احترزنا بالقيد الأخير عن فاقد الأمارات ، بحيث يكون فرضه الصلاة إلى أربع جهات ، فإنه يجوز على كل جزء من الجهات الأربع كون الكعبة فيه ، ويقطع بعدم خروجها عنه ، لكن لا لأمارة شرعية) (٤٧). انتهى.

ومراده رحمه‌الله بالقطع المذكور : القطع بعدم خروج الكعبة عن مجموع أجزاء الجهات الأربع ، لا ما يعطيه ظاهر العبارة.

فإن قلت : كل واحدة من الجهات الأربع جهة القبلة في حق المتحير ، فكان الواجب إدراجها في التعريف لا إخراجها.

قلت : لعله لما لم تبرأ الذمة بالتوجه إلى واحدة بعينها لم يجعلوها جهة ، فإن الجهة ما تبرأ الذمة من الاستقبال بالتوجه إليها.

هذا ، وأنت خبير بأن زيادته رحمه‌الله هذا القيد على تعريف المحقق الشيخ علي ـ أعلى الله قدره ـ كالتصريح بعدم سلامة طرده بدونه.

وظني أنه ـ أعلى الله قدره ـ أراد بالمقدار : السمت ، على ما مر تفسيره ، فلم يحتج إلى ذلك القيد ، إذ لا قطع للمتحير بعدم خروج الكعبة عنه.

* * *

__________________

(٤٧) المسالك ١ / ٢٢١.

٤٣٢

فصل

إذا حصل القطع بعدم خروج الكعبة عن سمت معين كسمت ز ـ ح مثلا ، وجوز على كل بعض من أبعاضه ـ كخطوط ز ـ ب ، ب ـ ج ، ج ـ ح ، اشتماله عليها.

فلا يخلو :

إما أن يكون جميع تلك الأبعاض متساوية الأقدام في احتمال هذا الاشتمال من غير ترجيح؟

أو يكون اشتمال بعضها ـ كامتداد (ب ـ ج) مثلا ـ أرجح في ظنه عن سائر الأجزاء؟

وعلى الأول : لا ريب في أن مجموع ذلك السمت هو الجهة في حقه ، وأن ذمته تبرأ بالاستقبال أي بعض من الأبعاض شاء.

وأما على الثاني ، فوجهان :

أحدهما : أن يكون حكمه كالأول من غير تحتم استقبال الأجزاء الراجحة الاشتمال.

والثاني : أن يجب عليه تخصيص الاستقبال بتلك الأجزاء ، فلا تصح صلاته إلى الأجزاء المرجوحة الاشتمال.

وهذا هو الأصح ، لقبح التعويل على المرجوح مع التمكن من الراجح ، ولقول الصادق (ع) في موثقة سماعة : (تعمد القبلة جهدك) (٤٨).

__________________

(١) الوسائل ٤ / ٣٠٨ باب ٦ من أبواب القبلة ح ٢ و ٣ ، الكافي ٣ / ٢٨٤ ح ١ ،

٤٣٣

ومن ثم ، حكموا بوجوب رجوع من فرضه التقليد ـ في القبلة أو غيرها ـ إلى أعلم المجتهدين وأوثقهما (٤٩).

وأنت خبير بأن المستفاد من تعريفي الشيخين في الشرحين هو الوجه الأول ، وللبحث فيه مجال واسع ، فلا تغفل.

إشارة (٥٠) :

إشتراط (٥١) الشيخين ـ طاب ثراهما ـ في الشرحين القطع بعدم خروج الكعبة عن ذلك المقدار ، موضع نظر.

فإنه يعطي أن : من لم يقدر على تحصيل القطع المذكور ، بل جوز على كل واحد من المقادير الأربعة في جوانب الأفق أن يكون فيه الكعبة ، لكن كان وقوعها في واحد معين منها أرجح في نظره من وقوعها (٥٢) فيما عداه ، لم يكن (٥٣) ذلك المقدار المظنون ـ وقوع الكعبة فيه ـ جهة في حقه (٥٤) : لأنه غير قاطع بعدم خروج الكعبة عنه.

وهو كما ترى.

والحق : أن كونه جهة (٥٥) في حقه مما لا ينبغي الامتراء

__________________

التهذيب ٢ / ٤٦ ح ١٤٧ ، و ٢ / ٢٥٥ ح ١٠٠٩ ، والاستبصار ١ / ٢٩٥ ح ١٠٨٩.

(٤٩) في (م) : وأوثقها.

(٥٠) في (م) كلمة غير مقروءة.

(٥١) في (م) : إشارة الشيخين.

(٥٢) في (م) : وقوعهما.

(٥٣) (لم يكن) جزاء (من لم يقدر).

(٥٤) في (م) : جهة في جهة.

(٥٥) في (م) : حجة.

٤٣٤

فيه (٥٦).

إيضاح :

قد ذكر علماؤنا ـ رضي‌الله‌عنهم ـ : أنه إنما يجوز التعويل في تحصيل جهة القبلة على الظن ، مع العجز عن العلم.

أما من كان قادرا على تحصيل العلم بالجهة ، من غير مشقة شديدة ، عادة ، فلا يجوز له التعويل على الظن ، وقد دلت على ذلك صحيحة زرارة ، عن الباقر (ع) ، قال : (يجزي المتحير (٥٧) أبدا أينما توجه (٥٨) إذا لم يعلم أين وجه القبلة) (٥٩).

فإنها تعطي بمفهومها الشرطي (٦٠) أن التحري ـ أعني : الاجتهاد ـ إنما يجزي إذا لم يكن للمكلف طريق إلى العلم.

وبهذا يظهر أن تعريف (المنتهى) أقرب إلى الصواب من تعريفي (٦١) (التذكرة) و (الذكرى) ، لشموله ما فيه الكعبة قطعا ، وما هي فيه ظنا لا غير ، واختصاصهما (٦٢) بالظن ، فيختل عكسهما بالجهة المقطوع كون الكعبة فيها.

__________________

(٥٦) كتب في هامش (ج) هنا : (بلغ).

(٥٧) في (ج) : التحري.

(٥٨) لفظ (أينما توجه) لم يرد في (ج).

(٥٩) الوسائل ٤ / ٣١١ باب ٨ من أبواب القبلة ح ٢ ، الفقيه ١ / ١٧٩ ح ٨٤٥.

(٦٠) في (م) : بمفهومها الشرعي.

(٦١) في (م) : تعريف.

(٦٢) في (م) : واختصاصها.

٤٣٥

تنبيه :

يظهر مما تلونا عليك سابقا : أن التعريفات الثلاثة ـ أعني تعريف (٦٣) : المنتهى ، والتذكرة ، والذكرى ـ منتقضة الطرد بالسمت الذي يقطع بخروج الكعبة عن بعض أجزائه ، إذا قطع أو ظن اشتمال الأجزاء الأخر عليها.

كما أن الثاني والثالث منها (٦٤) منتقضا العكس بالجهة المقطوع كون الكعبة فيها.

وأما تعريفا الشيخين في الشرحين (٦٥) : فقد لوحنا إليك قبيل هذا بما يشير إلى اختلالهما أيضا طردا ، وعكسا.

أما (٦٦) الطرد : فبالسمت المقطوع عدم خروج الكعبة عنه ، إذا ترجح وقوعها في بعض أجزائه على الوقوع في البواقي ، فإن الجهة إنما هي الأجزاء المظنونة الاشتمال عليها ، لا غير.

وأما العكس : فبالسمت الذي يظن عدم خروج الكعبة عنه مع العجز عن تحصيل القطع بذلك.

وأما التعريف السادس : فهو وإن سلم طرده مما انتقض به طرد التعريفات الثلاثة ، الأول : من السمت المقطوع بخروج الكعبة عن بعضه ، كما سلم عكسه مما انتقض به عكس الثاني والثالث من الجهة المقطوع كون الكعبة فيها ، لكنه لم يسلم طرده من الانتقاض ببعض أجزاء الجهة ، وبما انتقض به

__________________

(٦٣) في (م) : تعريفات.

(٦٤) في (ج) : منهما.

(٦٥) وهما : الشهيد الثاني في شرح الشرائع ، والكركي في شرح القواعد.

(٦٦) في (م) : وأما.

٤٣٦

طرد تعريفي الشيخين ـ قدس الله روحهما ـ.

تبصرة :

قد استبان لك عدم سلامة شئ من التعريفات الستة من اختلال في الطرد ، أو العكس ، أو فيهما معا.

فلنعد إلى التعريف السابع ، الذي اخترناه ، فنقول : إنما اعتبرنا فيه (أعظم سمت) لئلا ينتقض طرده ببعض أجزاء الجهة.

ولم نقتصر (٦٧) على الظن ـ كما في تعريفي التذكرة والذكرى ـ لئلا ينتقض عكسه بالسمت الذي يقطع بعدم خروج الكعبة عنه.

ولا على القطع ـ كما في تعريفي الشيخين (٦٨) ـ لئلا ينتقض بالجهة المظنون كون الكعبة فيها ، عند العجز عن تحصيل القطع بذلك.

وأما قيد الحيثية ، فلإخراج سمت يكون اشتمال بعض أجزائه على الكعبة أرجح ، إذ الحق : أن الجهة ـ حينئذ ـ ليست مجموع ذلك السمت ، بل بعضه ، أعني : الأجزاء التي يترجح اشتمالها على الكعبة ، بشرط تساوي نسبة الرجحان إلى جميعها ، فلا يجوز للمصلي استقبال الأجزاء المرجوحة الاشتمال عليها ، خلافا للمستفاد من تعريفي الشرحين.

والله سبحانه أعلم (٦٩) بحقائق الأمور.

هذا ما خطر بالبال ، الكثير الاختلال ، مع ضيق المجال ، وتراكم الأشغال ، والحمد لله أولا وآخرا ، وباطنا وظاهرا (٧٠).

__________________

(٦٧) في (م) : يقتصر.

(٦٨) في (ج) : الشرحين.

(٦٩) في (م) : عليم.

(٧٠) ورد في نهاية (م) و (ج) : تمت في ١٧ شعبان تسع وسبعين وألف.

٤٣٧

مصادر التحقيق

١ ـ أعيان الشيعة : للسيد محسن الأمين ، دار التعارف ، بيروت.

٢ ـ الإستبصار : للشيخ الطوسي ، دار الأضواء ، بيروت.

٣ ـ الأعلام : لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت.

٤ ـ أمل الآمل : للحر العاملي ، مكتبة الأندلس ـ بغداد ، أفسيت منشورات المكتبة العامة للمرعشي النجفي ، قم.

٥ ـ تذكرة الفقهاء : للعلامة الحلي ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

٦ ـ تكملة أمل الآمل : للسيد حسن الصدر ، منشورات المكتبة العامة للمرعشي النجفي ، قم.

٧ ـ تهذيب الأحكام : للشيخ الطوسي ، دار الأضواء ، بيروت.

٨ ـ جامع المقاصد : للمحقق الكركي ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

٩ ـ الذريعة : لاقا بزرگ الطهراني ، دار الأضواء ، بيروت.

١٠ ـ الذكرى : للشهيد الأول ، مكتبة بصيرتي ، قم.

١١ ـ روضات الجنات : للميرزا باقر الخوانساري ، مؤسسة إسماعيليان ، قم.

١٢ ـ رياض العلماء : للميرزا الأفندي ، مكتبة المرعشي النجفي ، قم.

١٣ ـ سلافة العصر : للسيد علي خان المدني ، المكتبة المرتضوية ، طهران.

١٤ ـ شرح العناية : لمحمد بن محمود البابرتي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٥ ـ شرح فتح القدير : لكمال الدين محمد بن عبد الواحد ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٤٣٨

١٦ ـ عمدة القاري : لبدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني ، دار الفكر ، بيروت.

١٧ ـ فتح العزيز : لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي ، دار الفكر ، بيروت.

١٨ ـ الكافي : للكليني ، دار الأضواء ، بيروت.

١٩ ـ الكفاية : لجلال الدين الخوارزمي الكرلاني ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٢٠ ـ لؤلؤة البحرين : للشيخ يوسف البحراني ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

٢١ ـ المجموع : لأبي زكريا محيي الدين بن شرف النووي ، دار الفكر ، بيروت.

٢٢ ـ مسالك الأفهام : للشهيد الثاني ، مؤسسة البلاغ ، بيروت.

٢٣ ـ المغني : لموفق الدين وشمس الدين ابني أبي قدامة ، دار الفكر ، بيروت.

٢٤ ـ منتهى المطلب : للعلامة الحلي ، إيران.

٢٥ ـ من لا يحضره الفقيه : للشيخ الصدوق ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم.

٢٦ ـ نقد الرجال: للسيد مير مصطفى التفريشي، انتشارات الرسول المصطفى ، قم.

٢٧ ـ نيل الأوطار : لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني ، دار الجيل ، بيروت.

٢٨ ـ وسائل الشيعة : للحر العاملي ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، قم.

* * *

٤٣٩

من أنباء التراث

كتب صدرت محققة

* منتهى المقال في أحوال الرجال ج ١ و ٢.

تأليف : أبي علي الحائري ، الشيخ محمد بن إسماعيل المازندراني (١١٥٩ ـ ١٢١٦ ه).

من الكتب الرجالية المهمة ، مقسم إلى مقدمة وأصل وخاتمة ، ضمت المقدمة ٥ مقدمات فرعية ، والخاتمة ٥ فوائد رجالية ، أما الأصل فيذكر فيه المصنف أسماء الرجال مرتبة حسب الحروف الهجائية ، ذاكرا في كل ترجمة ملخص ما ذكره الميرزا محمد الأسترآبادي ـ المتوفى سنة ١٠٢٨ ه ـ في كتابه (منهج المقال) وملخص ما ذكره الشيخ محمد باقر بن محمد أكمل الوحيد البهبهاني ـ المتوفى

سنة ١٢٠٥ ه ـ في تعليقته على (منهج المقال) ثم ما يضيفه من كلام أو تعليق ، ويختم بما ذكره الشيخ محمد أمين الكاظمي في كتابه (هداية المحدثين) المعبر عنه ب : المشتركات.

مع إضافة بعض التراجم التي لم تذكر في (المنهج) ولا في (التعليقة).

تم التحقيق اعتمادا على ٣ نسخ مخطوطة ومطبوعة ، وهي :

الأولى محفوظة في خزانة مكتبة جامعة طهران ، ويحتمل أن يكون تاريخ كتابتها سنة ١١٩٤ ه.

والثانية محفوظة في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم ، وهي بخط ولد المصنف ، تاريخ كتابتها سنة ١٢٤٥ ه.

والثالثة مطبوعة حجريا لم يذكر عليها



٤٤٠