ومن الرؤيا التي رآها النبي صلىاللهعليهوآله فوجم لها فما رُئي ضاحكاً بعدها فأنزل الله : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ).
فذكروا أنّه رأى نفراً من بني اُميّة ينزون على منبره (١).
____________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٥ ص ٦٢١.
الحسين عليهالسلام شبيه الرسول صلىاللهعليهوآله
عن عليّ رضياللهعنه قال : «مَنْ سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله ما بين عنقه إلى وجهه فلينظر إلى الحسن بن عليّ ومَنْ سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله ما بين عنقه إلى كعبه خلقاً ولوناً فلينظر إلى الحسين بن عليّ» (١).
عن عليّ عليهالسلام قال : «الحسين أشبهُ برسول الله صلىاللهعليهوآله من صدره إلى قدميه» (٢).
عن أنس بن مالك قال : كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسين فجعل يقول بقضيب له في أنفه ويقول : ما رأيت مثل هذا حسناً! قلت : أما إنّه كان من أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوآله (٣).
____________________
(١) المعجم الكبير : ج ٣ ص ٩٥ ـ ٢٧٦٨ ـ ٢٧٦٩ ، سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٦٠ ح ٣٧٧٩ ؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب : ج ١ ص ٣٨٤ ، أنساب الأشراف : ج ٢ ص ٤٥٣ ح ٢٨٩ ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ١٢٦ ح ٣٤١٦ ، بغية الطلب : ج ٦ ص ٢٥٧٤.
(٢) سير أعلام النبلاء : ج ٤ ص ٤٠٢ ـ ٢٧٠ ؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب : ج ١ ص ٣٩٦ ـ هامش الإصابة ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ص ٩٠ ؛ سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٥٩ ح ٣٧٧٨ ؛ تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤٠٠ ؛ نور الأبصار : ص ٢٢٠.
(٣) المعجم الكبير : ج ٣ ص ١١٨ ح ٢٨٥٤ ؛ سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٥٩ ح٣٧٧٨ ؛ تهذيب
عن أنس قال : كان الحسن والحسين أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
عن ابن الضحّاك قال : كان جسد الحسين شبه جسد رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
وقال سفيان بن عُيَيْنَة : قلت لعُبَيد الله بن أبي يزيد : رأيتَ الحُسين بن عليّ؟ قال : نعم أسود الرأس واللحية إلاّ شُعيرات هاهنا في مُقَدَّم لحيته فلا أدري أخضب وترك ذلك المكان شَبَهاً برسول الله صلىاللهعليهوآله أو لم يكن شابَ غير ذلك(٣).
____________________
الكمال : ج ٦ ص ٤٠٠ ؛ ومعنى يقول : القول هنا يطلق على الفعل كفاية الطالب : ص ٣٩٦ ؛ كتاب التاريخ الكبير : ج ٢ ص ٣٨١ ح ٢٨٤٦ ؛ بغية الطلب : ج ٦ ص ٢٥٧٧ و ٢٦٣٢.
(١) الإصابة في تمييز الصحابة : ج ١ ص ٣٣٣ ؛ حياة الحيوان الكبرى : ج ١ ص ١٨٥.
(٢) مجمع الزوائد : ج ٩ ص ١٨٨.
(٣) تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤٠٠ ؛ سير أعلام النبلاء : ج ٤ ص ٤٠٢ ؛ رقم : ٢٧٠.
سجود النبي صلىاللهعليهوآله
روى ابن حازم بسنده قال : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله للصلاة وهو حامل أحد ابنيه الحسن أو الحسين فتقدّم رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ وضعه عند قدمه اليمنى فسجد سجدة أطالها فرفعت رأسي من بين الناس فإذا رسول الله صلىاللهعليهوآله ساجد وإذا الغلام راكب على ظهره فعدت فسجدت فلمّا انصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله قال الناس : يا رسول الله لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها أفشيء أُمرت به أو كان يوحى إليك؟ قال : «كلّ ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتّى يقضي حاجته» (١).
عن عبد الله قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا منعوهما أشار إليهم أن دعوهم فلمّا قضى الصلاة وضعهما في حجره فقال : «مَنْ أَحبّني فليحب هذين» (٢).
____________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ج ٣ ص ١٦٥ ؛ وبذيله تلخيص للحافظ الذهبي ـ كتاب معرفة الصحابة ـ قال الحاكم : هذا آخر ما أدّى إليه اجتهاد مَنْ ذكر مناقب أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله ما يصح منها بالأسانيد المستدرك على الصحيحين : ج ٣ ص ١٨٠ ؛ تهذيب التهذيب : ج ٢ ص ٣٤٦.
(٢) فرائد السمطين : ج ٢ ص ١٠٧ ح ٤١٤.
عن أبي بُريدة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهماالسلام عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثمّ قال : «صدق الله (أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (١) فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّى قطعت حديثي ورفعتهما» (٢).
عن أبي سعيد قال : جاء الحسين يشتدّ ورسول الله صلىاللهعليهوآله يصلّي فالتزم عنق رسول الله صلىاللهعليهوآله فقام به وأخذ بيده فلم يزل ممسكها حتّى رجع(٣).
عن زينب بنت جحش قالت : قام النبيّ صلىاللهعليهوآله يصلّي واحتضنه ـ يعني الحسين ـ فكان إذا ركع وسجد وضعه وإذا قام حمله فلمّا جلس جعل يدعو ويرفع يديه ويقول فلمّا قضى الصلاة قلت : يا رسول الله لقد رأيتك تصنع اليوم شيئاً ما رأيتك تصنعه؟ قال : «إنّ جبريل أتاني فأخبرني أنّ ابني يُقتل. قلت : فأرني إذاً. فأتاني بتربة حمراء» (٤).
كلّ ذلك إشارة إلى منزلة ومكانة الإمام الحسين عليهالسلام عند رسول الله
____________________
(١) سورة التغابن : الآية ١٥.
(٢) سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٥٨ ح ٣٧٧٤ ؛ تهذيب التهذيب : ج ٢ ص ٣٤٦ ؛ ذخائر العقبى : ص ٢٢٨ ؛ تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤٠٣ ؛ ينابيع المودّة : ص ٢٦٣ ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ١٦١ ح ٣٤٩٠ ؛ سير أعلام النبلاء : ج ٤ ص ٣٨٥ رقم ٢٦٩ ؛ اُسد الغابة : ج ٢ ص ١٦ ؛ مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ج ١ ص ٩٤.
(٣) مجمع الزوائد : ج ٩ ص ١٨٩.
(٤) مجمع الزوائد : ج ٩ ص ١٩١.
صلىاللهعليهوآله وعلى المسلمين أن يحافظوا على ما كان يكنّه النبيّ صلىاللهعليهوآله لولده الحسين عليهالسلام حيث قال صلىاللهعليهوآله : «حسين منّي وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسيناً حسين سبط من الأسباط» (١). والإسلام الذي وصلنا إلى هذا اليوم هو ببركة ثورة الحسين عليهالسلام في كربلاء ؛ لأنّ الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء.
____________________
(١) أنساب الأشراف : ج ٢ ص ٤٥٣ ؛ سير أعلام النبلاء : ج ٤ ص ٤٠٤ ـ ٢٧٠ ؛ الفصول المهمّة : ص ١٦٩.
أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله
رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت(١) فروع النبوة والرسالة وينابيع السماحة والبسالة صوفة آل أبي طالب وسراة بني لؤي(٢) بن غالب الذين حياهم الروح الأمين وحلاّهم الكتاب المبين لولاهم ما عبد الرحمن ولا عهد الإيمان وعقد الأمان(٣).
عن أنس بن مالك قال : سُئل رسول الله صلىاللهعليهوآله أي أهل بيتك أحبّ إليك؟ قال : «الحسن والحسين». وكان يقول لفاطمة : «ادعي ابني». فيشمّهما ويضمّهما إليه (٤)
عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في حَجَّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول : «يا أيّها الناس إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلُّوا ؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (٥).
____________________
(١) سورة هود : الآية ٧٣.
(٢) من أجداد النبي صلىاللهعليهوآله.
(٣) دُرر السّمط في خبر السّبط : ص ٦١.
(٤) سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٥٧ ح ٣٧٧٢ ؛ ذخائر العقبى : ص ٢١٤ ؛ كنز العمال : ج ١٢ ص ١١٦ ح ٣٤٢٦٥.
(٥) سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٦٢ ح ٣٧٨٦.
عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يمرّ بباب فاطمة رضياللهعنها ستّة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول : «الصلاة يا أهل البيت إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (١).
قال النبي صلىاللهعليهوآله : «اللّهمّ إنّك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم اللّهمّ إنّهم منّي وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليَّ وعليهم» يعني عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً(٢).
قال النبي صلىاللهعليهوآله : «إنّ لكلّ بني أب عصبة ينتمون إليها إلاّ ولد فاطمة فأنا وليُّهم وأنا عصبتُهم وهم عترتي خُلِقوا من طينتي ويل للمكذّبين بفضلهم! مَنْ أحبَّهم أَحبهُ الله ومَنْ أبغضَهُم أبغضَهُ الله» (٣).
عن أبي بَرْزَة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «لا تزول قدما عبدٍ حتّى يُسأل عن أربعة ؛ عن جسده فيما أبلاه وعُمُرِهِ فيما أَفْنَاه وماله من أين اكتسبَهُ وفيما أنفقه وعن حُبِّ أهل البيت عليهمالسلام». فقيل : يا رسول الله فما علامة حُبِّكُمْ؟ فضرب بيده على منكب علي رضياللهعنه (٤).
وأنشد الشيخ أبو بكر بن فضل الله الحلّي الواعظ في المعنى لبعضهم :
ياحبّذا دوحةٌ في الخلدِ ثابتةٌ |
|
ما في الجنانِ لها شبهٌ من الشجرِ |
____________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ج ٣ ص ١٥٨ ؛ شواهد التنزيل : ج ٢ ص ١١ ح ٦٣٧.
(٢) كنز العمال : ج ١٢ ص ١٠١ ح ٣٤١٨٦.
(٣) كنز العمال : ج ١٢ ص ٩٨ ح ٣٤١٦١ ، وص ١١٤ ح ٣٤٢٥٣ ؛ مقتل الحسين : ج ١ ص ٨٩.
(٤) المعجم الأوسط : ج ٣ ص ١٠٤ ح ٢٢١٢.
المصطفى أصلها والفرعُ فاطمةٌ |
|
ثمّ اللقاحُ عليٌّ سيّدُ البشرِ |
||
والهاشميانِ سبطاها لها ثمرٌ |
|
والشيعةُ الورقُ الملتفّ بالثمرِ |
||
هذا حديثُ رسولِ اللهِ جاءَ به |
|
أهلُ الروايةِ في العالي من الخبرِ |
||
إنّي بحبّهم أرجو النجاةَ غداً |
|
والفوزَ مَعْ زمرةٍ من أحسنِ الزمرِ(١) |
||
عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله بإذنيَّ وإلاّ فصّمتا وهو يقول : «أنا شجرة وفاطمة حملها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها والمحبّون أهل البيت ورقها من الجنّة حقّاً حقّاً» (٢).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّ الله تعالى اصطفى العرب من جميع الناس واصطفى قريشاً من العرب واصطفى بني هاشم من قريش واصطفاني من قريش واختارني في نفر من أهل بيتي ؛ عليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين» (٣).
عن أُمّ سَلَمة قالت : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى صرحة هذا المسجد فقال : «ألا لا يحلّ هذا المسجد لجُنُب ولا حائضٍ إلاّ لرسول الله صلىاللهعليهوآله وعليّ وفاطمة والحَسَن والحُسَيْن ألاَ قد بيّنت لكم الأسماء أن تضلّوا» (٤).
عن ابن مسعود قال : بينما نحن جلوس عند النبي صلىاللهعليهوآله إذ دخل عليه فتية من قريش فتغيرّ لونه ورئي في وجهه كآبة فقلنا : يا رسول الله لا
____________________
(١) كفاية الطالب : ص ٣٨٣.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ١٦٨ ح ٣٥٠٦ ؛ انظر : كفاية الطالب : ص ٣٨٣ ؛ بغية الطلب : ج ٦ ص ٢٥٨٢.
(٣) تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ١٧٢ ح ٣٥١٣.
(٤) تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ١٦٦ ح ٣٥٠٢ ؛ كنز العمال : ج ١٢ ص ١٠١ ح ٣٤١٨٣.
نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه! فقال صلىاللهعليهوآله : «إنّا أهل بيت اختار الله تعالى لنا الآخرة على الدنيا وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي تطريداً وتشريداً» (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إنّما مثلُ أهلِ بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ؛ مَنْ رَكبها نجا ومَنْ تخلّف عنها هلك» (٢). فإذا كان ركوب سفينة نوح نجاة من الغرق فسفينة الحسين عليهالسلام نجاة من النار ؛ لأنّه من أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله.
قالت عائشة : خرج النبي صلىاللهعليهوآله غداة وعليه مِرْط مُرَحَّلٌ من شعر أسود فجاء الحسن بن عليّ فأدخله ثمّ جاء الحسين فدخل معه ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ثمّ جاء عليّ فأدخله ثمّ قال : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣).
عن ابن عباس قال : خرج النبي صلىاللهعليهوآله قبل موته بأيام يسيرة إلى سفر له ثمّ رجع وهو متغيّر اللون محمرّ الوجه فخطب خطبة بليغة موجزة وعيناه تهملان دموعاً قال فيها : «أيها الناس إنّي خلّفت فيكم الثقلين ؛ كتاب الله وعترتي واُرومتي ومزاج مائي وثمرتي ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض. ألا وإنّي انتظرهما ألا وإنّي لا أسألكم في ذلك إلاّ ما أمرني ربّي أن أسألكم به : المودّة في القربى فانظروا لا تلقوني على الحوض وقد أبغضتم عترتي
____________________
(١) الفصول المهمّة : ص ١٧١.
(٢) كنز العمال : ج ١٢ ص ٩٨ ح ٣٤١٦٩ ؛ مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ج ١ ص ١٠٤.
(٣) صحيح مسلم : ج ٥ ص ٣٧ ح ٢٤٢٤ ؛ باب فضائل أهل بيت النبي سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٦٣ ح ٣٧٨٧ ؛ سنن الكبرى : ج ٥. مرط : كساء. المرحل : هو الموشى المنقوش عليه صور ورحال الإبل ينابيع المودّة : ص ١٩٧.
وظلمتموهم. ألا وإنّه سترد عليّ في القيامة ثلاث رايات من هذه الأُمة ؛ راية سوداء مظلمة فتقف عليّ فأقول : مَنْ أنتم؟ فينسون ذكري ويقولون : أهل التوحيد من العرب. فأقول : أنا أحمد نبي العرب والعجم. فيقولون : نحن من أُمتك يا أحمد. فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربّي؟ فيقولون : أمّا الكتاب فضيّعناه ومزّقناه ؛ وأمّا عترتك فحرصنا على أن ننبذهم عن جديد الأرض. فأُولّي وجهي عنهم فيصدرون ظماء عطاشى مسودّة وجوههم. ثمّ ترد عليَّ راية أُخرى أشدّ سواداً من الأُولى فأقول لهم : مَنْ أنتم؟ فيقولون كالقول الأوّل بأنّهم من أهل التوحيد فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني وقالوا : نحن أُمتك. فأقول لهم : كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟ فيقولون : أمّا الأكبر فخالفناه ؛ وأمّا الأصغر فخذلناه ومزّقناهم كلّ ممزق. فأقول لهم : إليكم عنّي. فيصدرون ظماء عطاشى مسودّة وجوههم. ثمّ ترد عليّ راية أُخرى تلمع نوراً فأقول لهم مَنْ أنتم؟ فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى نحن أُمّة محمّد ونحن بقيّة أهل الحقّ الذين حملنا كتاب ربّنا ؛ فحلّلنا حلاله وحرّمنا حرامه وأجبنا ذرية محمّد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا وقاتلنا معهم وقتلنا مَنْ ناواهم. فأقول لهم : أبشروا فأنا نبيكم محمّد ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم. ثمّ أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء. ألا وإنّ جبرئيل قد أخبرني بأنّ أُمّتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء ألا فلعنة الله على قاتله وخاذله آخر الدهر» (١).
____________________
(١) مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ج ١ ص ١٦٤.
عن زيد بن أرقم قال : جاء النبي صلىاللهعليهوآله إلى بيت فاطمة فأخذ بعضادتي الباب وفي البيت عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام فقال : «أنا حربٌ لمَنْ حاربتم وسلمٌ لمَنْ سالمتم» (١).
____________________
(١) مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ج ١ ص ٩٩ ؛ انظر سنن الترمذي : ج ٥ ص ٦٩٩ ح ٣٨٧٠ ؛ ينابيع المودّة : ص ١٩٣ ؛ سير أعلام النبلاء : ج ١٤ ص ٣٨٦ رقم ٢٦٩ ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ١٥٧ ح ٣٤٨١ ؛ تاريخ بغداد : ج ٧ ص ١٣٧ ؛ بقية الطلب : ج ٦ ص ٢٥٧٦ ؛ وفيه : «أنا حرب لمَنْ حاربكم سلم لمَنْ سالمكم».