الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١
و ـ لو فاته الغسل أول النهار قضاه بعد الزوال لأنها عبادة موقتة ، فاستحب قضاؤها كالنوافل المرتبة ، ولقول الصادق عليهالسلام في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة أول النهار قال : « يقضيه من آخر النهار » (١).
ز ـ لو فاته يوم الجمعة أول النهار وآخره ، استحب قضاؤه يوم السبت لقول الصادق عليهالسلام : « فإن لم يجد فليقضه يوم السبت » (٢).
ح ـ لو وجد الماء يوم الخميس وخاف عدمه يوم الجمعة ، أو عدم التمكن من استعماله جاز أن يقدمه يوم الخميس تحصيلا للتنظيف المأمور به ، ولقول الكاظم عليهالسلام بالبادية ـ وهو يريد بغداد ـ لام الحسين ولده ، وأم أحمد ولده يوم الخميس : « اغتسلا اليوم لغد فإن الماء غدا قليل » (٣).
ط ـ لو اغتسل يوم الخميس لعذر ، ثم زال قبل الزوال ، استحب إعادته لسقوط حكم البدل مع إمكان المبدل.
مسألة ٢٧٣ : ويستحب في شهر رمضان ستة أغسال : غسل أول ليلة منه ، وليلة النصف ، وليلة سبع عشرة ، وتسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين لاختصاصها بالشرف.
ولقول الصادق عليهالسلام : « غسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب » (٤).
وعن أحدهما عليهماالسلام : « الغسل في سبعة عشر موطنا : ليلة سبع عشرة وهي ليلة التقى الجمعان ، وتسع عشرة وفيها يكتب وفد السنة ،
__________________
(١) التهذيب ١ : ١١٣ ـ ٣٠٠ ، الاستبصار ١ : ١٠٤ ـ ٣٤٠.
(٢) التهذيب ١ : ١١٣ ـ ٣٠٠ ، الإستبصار ١ : ١٠٤ ـ ٣٤٠.
(٣) الكافي ٣ : ٤٢ ـ ٦ ، الفقيه ١ : ٦١ ـ ٢٢٧ ، التهذيب ١ : ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ـ ١١١٠.
(٤) الإقبال : ١٤ ، المعتبر : ٩٧.
وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء ، وفيها رفع عيسى بن مريم ، وقبض موسى عليهالسلام ، وثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر » (١).
مسألة ٢٧٤ : ويستحب الغسل يوم العيدين ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الجمهور (٢) ـ لقول الصادق عليهالسلام : « اغتسل يوم الأضحى ، ويوم الفطر » (٣) والأمر للاستحباب هنا عملا بالأصل.
ولقول الكاظم عليهالسلام : « الغسل في الجمعة والأضحى والفطر سنة وليس بفريضة » (٤).
وعن أهل الظاهر : الوجوب (٥) ، وهو منفي بالأصل ، وبما تقدم.
مسألة ٢٧٥ : ويستحب الغسل ليلة الفطر ، وليلة نصف رجب ، ويوم المبعث ، وليلة نصف شعبان ، ويوم الغدير ، ويوم المباهلة ـ وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة ـ لشرف هذه الأوقات.
روى الحسن بن راشد قال : « إذا غربت الشمس ليلة العيد فاغتسل » (٦).
وقال الصادق عليهالسلام : « صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه » (٧).
وقال عليهالسلام : « من صلّى فيه ركعتين ـ يعني يوم الغدير ـ يغتسل
__________________
(١) التهذيب ١ : ١١٤ ـ ٣٠٢.
(٢) المجموع ٥ : ٧ ، المغني ٢ : ٢٢٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٦ ، الوجيز ١ : ٦٦.
(٣) التهذيب ١ : ١٠٥ ـ ٢٧٣.
(٤) التهذيب ١ : ١١٢ ـ ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ ـ ٣٣٣.
(٥) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا ، ونسبه إليهم المحقق في المعتبر : ٩٧.
(٦) التهذيب ١ : ١١٥ ـ ٣٠٣.
(٧) التهذيب ١ : ١١٧ ـ ٣٠٨.
عند زوال الشمس من قبل أن تزول بنصف ساعة » (١) وساق الحديث.
وقال عليهالسلام : « غسل يوم المباهلة واجب » (٢) ويريد تأكيد الاستحباب.
مسألة ٢٧٦ : ويستحب غسل الإحرام عند أكثر علمائنا (٣) لقول أحدهما عليهماالسلام : « الغسل إذا دخلت الحرم ، ويوم تحرم » (٤).
وعن الصادق عليهالسلام : « غسل الميت ، وغسل الجنب ، والجمعة ، والعيدين ، ويوم عرفة ، والإحرام » (٥).
وقال بعض علمائنا بالوجوب (٦) لقول الصادق عليهالسلام : « الغسل في سبعة عشر موطنا : الفرض ثلاثة : غسل الجنابة ، ومن غسل ميتا ، والغسل للإحرام » (٧) ، والرواية مرسلة ، والأصل عدم الوجوب.
مسألة ٢٧٧ : يستحب الغسل لدخول الحرم ، والمسجد الحرام ، والكعبة ، والمدينة ، ومسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وزيارة الأئمة عليهمالسلام ، لشرف هذه الأمكنة ، لقول أحدهما عليهماالسلام : « الغسل إذا دخلت الحرم ، ويوم تحرم ، ويوم الزيارة ، ويوم تدخل البيت ، ويوم التروية ، ويوم عرفة » (٨).
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٤٣ ـ ٣١٧.
(٢) الفقيه ١ : ٤٥ ـ ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ ـ ٢٧٠.
(٣) منهم : المفيد في المقنعة : ٦ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٤٠ ، والسيد المرتضى والمحقق كما في المعتبر : ٩٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٦٠ ـ ١٦١.
(٤) الفقيه ١ : ٤٤ ـ ١٧٢ ، التهذيب ١ : ١١٤ ـ ٣٠٢.
(٥) الخصال ٢ : ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ـ ٥.
(٦) حكاه المحقق في المعتبر : ٩٨ ، ونسبه الشهيد الى ابن أبي عقيل في الذكرى : ٢٥ والدروس : ٩٦.
(٧) التهذيب ١ : ١٠٥ ـ ٢٧١ ، الاستبصار ١ : ٩٨ ـ ٣١٦.
(٨) الفقيه ١ : ٤٤ ـ ١٧٢ ، التهذيب ١ : ١١٤ ـ ٣٠٢.
وعن الصادق عليهالسلام : « ودخول الكعبة ، ودخول المدينة ، ودخول الحرم ، وفي الزيارة » (١).
وعن الصادق عليهالسلام : « الغسل عند دخول مكة ، والمدينة ، ودخول الكعبة » (٢).
وعن الباقر عليهالسلام : « الغسل إذا أردت دخول البيت ، وإذا أردت دخول مسجد النبي عليهالسلام » (٣).
مسألة ٢٧٨ : اختلف علماؤنا في وجوب غسل قاضي الكسوف مع استيعاب الاحتراق ، والترك عمدا ، والأقوى الاستحباب ، لأصالة البراءة.
وقال سلار بوجوبه (٤) لقول أحدهما عليهماالسلام : « وغسل الكسوف إذا احترق القرص كلّه » (٥).
وقول الصادق عليهالسلام : « إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من الغد وليقض ، وإن لم يعلم فليس عليه إلا القضاء بغير غسل » (٦) وهما قاصران عن إفادة الوجوب.
مسألة ٢٧٩ : واختلفوا في غسل المولود ، فالأشهر استحبابه ، تمسكا بالأصل ، وقال بعض علمائنا بوجوبه (٧) لقول الصادق عليهالسلام : « غسل
__________________
(١) الخصال : ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ـ ٥.
(٢) التهذيب ١ : ١١٠ ـ ١١١ ـ ٢٩٠.
(٣) التهذيب ١ : ١٠٥ ـ ٢٧٢.
(٤) المراسم : ٥٢.
(٥) التهذيب ١ : ١١٤ ـ ١١٥ ـ ٣٠٢.
(٦) التهذيب ١ : ١١٧ ـ ٣٠٩.
(٧) حكاه المحقق في المعتبر : ٩٨ ، وقال ابن حمزة في الوسيلة : ٥٤ : ( فصل في بيان الطهارة الكبرى ، وهي ضربان : إمّا يجب إيقاعها على المكلّف في نفسه أو في غيره ، وذلك شيئان ، أحدهما : غسل المولود بعد الولادة .. ).
النفساء واجب ، وغسل المولود واجب » (١) والرواية ضعيفة السند ، ويحمل الثاني على شدة الاستحباب.
واختلفوا أيضا في غسل من قصد إلى رؤية مصلوب بعد ثلاثة أيام فالأقوى الاستحباب للأصل ، وقال بعض علمائنا بالوجوب (٢). قال ابن بابويه : روي ذلك (٣).
مسألة ٢٨٠ : وغسل التوبة مستحب وليس بواجب ، سواء كانت عن كفر أو فسق عند علمائنا ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة (٤) ـ لأن العدد الكثير من الصحابة أسلموا ، فلو وجب الغسل لنقل نقلا متواترا ، أو مشهورا.
ولأنه عليهالسلام قال لمعاذ ـ لمّا بعثه إلى اليمن ـ : ( ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم ) (٥) ولو كان الغسل واجبا لبيّنه ، ولأن الإسلام عبادة ليس من شرطها الغسل فلا يجب لها كالجمعة.
وقال أحمد ، ومالك ، وأبو ثور ، وابن المنذر : إذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل سواء كان أصليا أو مرتدا ، اغتسل قبل إسلامه أو لم يغتسل ، وجد منه في حال كفره ما يوجب الغسل أو لا (٦) لأن قيس
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٠ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ ـ ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ ـ ٢٧٠.
(٢) قال به أبو الصلاح في الكافي : ١٣٥.
(٣) الفقيه ١ : ٤٥ ـ ١٧٥ ، الهداية : ١٩.
(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ٩٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٥ ، المجموع ٢ : ١٥٣ ، المغني ١ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٧.
(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٥٨ ـ ١٥٩ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠ ـ ٢٩ ، سنن النسائي ٥ : ٥٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٨ ـ ١٧٨٣.
(٦) المغني ١ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٣٦ ، المجموع ٢ : ١٥٣.
ابن عاصم ، وثمامة بن أثال أسلما ، فأمرهما النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاغتسال (١).
ويحمل على الاستحباب ، أو أنه وجد منهما ما يوجب الغسل وهو الجنابة ، إذ هو الغالب.
وعلى هذا لو أجنب الكافر ، أو حاضت الكافرة ، ثم أسلما وجب عليهما الغسل لحصول الحدث ، ولو كانا قد اغتسلا لم يجزئهما.
وقال أبو حنيفة : لا يجب لعدم أمر الصحابة به حال إسلامهم (٢) ، وهو ضعيف للأمر به في الآية (٣).
مسألة ٢٨١ : يستحب غسل صلاة الاستسقاء ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ لأن حكمها حكم صلاة العيد ، فسنّ لها الغسل كالعيد ، ولقول الصادق عليهالسلام : « وغسل الاستسقاء واجب » (٥) والمراد تأكيد الاستحباب لانتفاء القائل بالوجوب.
قال الصدوق : روي : « أن من قتل وزغة فعليه الغسل » (٦) وقال : وعلّله بعض مشايخنا بأنه يخرج من ذنوبه فيغتسل (٧).
مسألة ٢٨٢ : ويستحب غسل صلاة الحاجة ، والاستخارة عند علمائنا لأنه وقت التوجه إلى الله تعالى فيستحب التنظيف ، ولقول الصادق عليهالسلام :
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ١٢٥ ، النسائي ١ : ١٠٩ ، سنن أبي داود ١ : ٩٨ ـ ٣٥٥ ، سنن البيهقي ١ : ١٧١.
(٢) بدائع الصنائع ١ : ٣٥ ، المجموع ٢ : ١٥٢ ، المغني ١ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٧.
(٣) النساء : ٤٣.
(٤) المجموع ٢ : ٢٠٢.
(٥) الكافي ٣ : ٤٠ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ ـ ١٧٦.
(٦) الفقيه ١ : ٤٤ ـ ١٧٤.
(٧) الفقيه ١ : ٤٥ ذيل الحديث ١٧٤ ، الهداية : ١٩.
« إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » قلت : كيف أصنع؟ قال : « تغتسل » (١) الحديث.
وعن الرضا عليهالسلام : « إذا كانت لك حاجة مهمة فاغتسل » (٢) الحديث.
وعن الصادق عليهالسلام في صلاة الاستخارة : « وتغتسل في ثلث الليل الثاني » (٣).
فروع :
أ ـ لا بدّ في الأغسال المندوبة من نيّة السبب ، فلا يجزيه لو أهمله ، إذ المميزة في الأفعال القصود والدواعي.
أما الغسل الواجب فلا تجب نية السبب ، بل يكفي رفع الحدث ، أو استباحة الصلاة إذ المراد للشرع رفع المانع عما يشترط فيه الطهارة ، نعم لو كان الوجه لا كذلك ، بل النذر وشبهه وجبت نيّة السبب.
ولو اجتمعت أسباب توجب الطهارة متساوية كفى نية رفع الحدث ، أو الاستباحة ، ولا يشترط نية السبب كما في الأحداث الأصاغر.
ب ـ لو اختلف أسباب الغسل كالجنابة ، والحيض فلا تجب على رأي المرتضى ، أما على المختار ، فإن نوت الجنابة أجزأ عنهما ، وإن نوت الحيض فإشكال ينشأ من عدم ارتفاعه مع بقاء الجنابة لعدم نيّتها ، ومن أنها طهارة نوت بها الاستباحة ، فإن صحت فالأقرب وجوب الوضوء ، وحينئذ فالأقرب رفع حدث الجنابة لوجود المساوي في الرفع.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٧٦ ـ ١ ، التهذيب ١ : ١١٦ ـ ٣٠٥.
(٢) الكافي ٣ : ٤٧٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ١١٧ ـ ٣٠٦.
(٣) التهذيب ١ : ١١٧ ـ ٣٠٧.
ج ـ لو اجتمع غسل الجنابة ، والمندوب كالجمعة ، فإن نوى الجميع ، أو الجنابة أجزأ عنهما ، قاله الشيخ ، قال : ولو نوى الجمعة لم ترتفع الجنابة ، ولم يجزئ غسل الجمعة ، إذ المراد به التنظيف ، ولا يصح مع وجود الحدث (١).
والأقرب : أنه لو نواهما معا بطل غسله ، وإن نوى الجنابة ارتفع حدثه ، ولم يثب على غسل الجمعة ، وإن نوى الجمعة صح عنها وبقي حكم الجنابة ، إذ لا يراد به رفع الحدث ، ولهذا صح للحائض غسل الإحرام ، ولو اغتسل ولم ينو شيئا بطل.
د ـ لو اجتمعت أغسال مندوبة ، فإن نوى الجميع أجزأه غسل واحد لقول أحدهما عليهماالسلام : « إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد » قال : « وكذلك المرأة يجزئها غسل واحد لجنابتها ، وإحرامها ، وجمعتها وغسلها من حيضها ، وعيدها » (٢) ولو نوى البعض اختص بما نواه.
هـ ـ لو حاضت الجنب لم تغتسل ، فإن اغتسلت لم يرتفع حدث الجنابة ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ إذ لا طهارة مع الحيض.
ولقول الصادق عليهالسلام عن المرأة يجامعها الرجل فتحيض تغتسل أم لا؟ : « قد جاءها ما يفسد صلاتها فلا تغتسل » (٤).
وقال أحمد : يرتفع ، قال : ولا أعلم أحدا قال : لا تغتسل ، إلا عطاء (٥).
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ٤٠.
(٢) الكافي ٣ : ٤١ ـ ١ ، التهذيب ١ : ١٠٧ ـ ٢٧٩.
(٣) المجموع ٢ : ١٥٠.
(٤) الكافي ٣ : ٨٣ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٣٩٥ ـ ١٢٢٤.
(٥) المغني ١ : ٢٤٣.
الباب الرابع : في التيمم ، وفصوله أربعة :
الأول : في مسوغاته.
وينضمها شيء واحد هو العجز عن استعمال الماء ، وأسباب العجز ثلاثة :
الأول : عدم الماء ، وعليه إجماع العلماء لقوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) (١) وقوله عليهالسلام : ( التراب كافيك ما لم تجد الماء ) (٢).
ويجب معه الطلب عند علمائنا أجمع ، فلا يصح بدونه ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لقوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) (٤).
ولا يثبت عدم الوجدان إلاّ بعد الطلب وعدمه لجواز أن يكون بقربه ماء لا يعلمه ، ولقول أحدهما عليهماالسلام : « فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خشي أن يفوته الوقت فليتيمم وليصلّ في آخر الوقت » (٥).
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) كنز العمال ٩ : ٥٩٣ ـ ٢٦٥٦٦.
(٣) المجموع ٢ : ٢٤٩.
(٤) المائدة : ٦.
(٥) الكافي ٣ : ٦٣ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ١٩٢ ـ ٥٥٥ ، الاستبصار ١ : ١٥٩ ـ ٥٤٨.
وقال أبو حنيفة : لا يجب الطلب (١) ، وعن أحمد روايتان (٢) لأنه غير عالم بوجود الماء فجاز التيمم كما لو طلب فلم يجد ، وبينهما فرق.
إذا ثبت هذا فإعواز الماء بعد الطلب شرط بالإجماع.
مسألة ٢٨٣ : وكيفية الطلب أن يبتدئ برحله فيعتبره لأنه أقرب الأشياء إليه ، ثم إن رأى خضرة ، أو شيئا يدل على الماء قصده واستبرأه ، ولو كان دونه حائل صعد عليه وطلب ، وإن وجد من له خبرة بالماء سأله ، وإن دلّ على ماء لزمه قصده ما لم يخف على نفسه ، أو ماله ، أو فوت الوقت ، وإن كان له رفقة طلب منهم.
فإن تعذر ذلك كله فليطلب عن جوانبه الأربعة غلوة سهم إن كانت حزنة ، وغلوة سهمين إن كانت سهلة عند علمائنا ، ولا يعد فاقدا بدونه ـ خلافا للشافعيّ ، وأحمد (٣) ـ لإمكان وجود الماء في هذا الحد فلزمه قصده دون الأزيد للمشقة.
ولقول علي عليهالسلام : « يطلب الماء في السفر إن كانت حزونة فغلوة ، وإن كانت سهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك » (٤).
فروع :
أ ـ الطلب إنما يجب مع تجويز وجود الماء ، فلو انتفى لم يجب.
ب ـ لو دلّ على ماء وجب قصده مع المكنة وإن زاد عن الغلوة
__________________
(١) بدائع الصنائع ١ : ٤٧ ، شرح فتح القدير ١ : ١٢٥ ، المجموع ٢ : ٢٤٩ ، المغني ١ : ٢٦٩ ، بداية المجتهد ١ : ٦٧.
(٢) المغني ١ : ٢٦٩.
(٣) المجموع ٢ : ٢٥٠ ، المغني ١ : ٢٦٩ ، مغني المحتاج ١ : ٨٨.
(٤) التهذيب ١ : ٢٠٢ ـ ٥٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٥ ـ ٥٧١.
والغلوتين ، فلو خاف فوت الوقت ، أو التخلف عن الرفقة مع الحاجة ، أو على نفسه ، أو ماله سقط الوجوب.
ج ـ لو أخل بالطلب لم يصح تيممه ـ قاله الشيخ (١) ـ وتلزمه الإعادة ، ويشكل بأن مع التضيق يسقط الطلب ويجب التيمم وإن أخل بالطلب مع وقت السعة لأنه يكون مؤديا فرضه.
نعم قد روي أنه لو أخل بالطلب ، ثم وجد الماء في رحله ، أو مع أصحابه أعاد الصلاة ، وكذا يجيء لو وجد الماء قريبا منه.
مسألة ٢٨٤ : إنما يجب الطلب بعد دخول الوقت ، فلو طلب قبله لم يجزئه ، ووجب عليه إعادة الطلب بعده ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لإمكان تجدد الماء إلا أن يكون ناظرا إلى مواضع الطلب ، ولم يتجدد فيها شيء فيسقط ، لكن هذا نوع طلب فيجزيه لأنه بعد دخول الوقت.
لا يقال : يجوز التجدد بعد الطلب في الوقت قبل التيمم ومع ذلك يجوز التيمم إجماعا ولا يعيد الطلب.
لأنا نقول : إذا طلب في وقت الطلب لم تجب إعادته إلا أن يعلم تجدد أمر لحصول المشقة ، وإذا طلب قبل وقته لزمه الإعادة لتفريطه.
فروع :
أ ـ لو طلب في وقت صلاة ، ثم دخل وقت اخرى وجب إعادة الطلب ما لم يعلم عدم تجدد شيء.
ب ـ إذا كان يطلب الماء ، فظهر ركب وجب أن يسألهم عن الماء ما لم
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ٣١.
(٢) الام ١ : ٤٦ ، المجموع ٢ : ٢٥٠ ، مغني المحتاج ١ : ٨٨.
يخف الفوت ، ويطلب من كل واحد إلى أن يبقى مقدار التيمم والصلاة ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والآخر : إلى أن يبقى مقدار ركعة إذ بإدراكها يحصل الغرض من كونها أداء ، ولا يأثم بالتأخير إلى ذلك الوقت ، لأنه مشغول بمصلحتها (١). وليس بجيّد.
ج ـ لو كان في برّيّة لا تعهد بالماء وجب الطلب لإمكانه ، وتحقيقا لقوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) (٢) وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : السقوط للعلم بالعدم (٣). وهو ممنوع.
د ـ لو أمر غيره بالطلب لم يبح له التيمم على إشكال ينشأ من الاعتماد على الظن وقد حصل بإخبار الثقة.
مسألة ٢٨٥ : لا يشترط في عدم الماء السفر ، طويله وقصيره ـ عند أكثر علمائنا ـ فلو عدم الماء في السفر القصير ، أو الحضر وكان صحيحا ، كما لو انفتح بثق (٤) فانقطع الماء ، أو كان محبوسا وجب التيمم ولا إعادة عليه ـ وبه قال الثوري ، ومالك ، والأوزاعي ، والمزني ، والطحاوي (٥) لقوله عليهالسلام : ( الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج ) (٦).
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليهالسلام : « إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصلّ ، فإذا وجد الماء فليغتسل وقد
__________________
(١) المجموع ٢ : ٢٥١ ، مغني المحتاج ١ : ٨٨.
(٢) المائدة : ٦.
(٣) المجموع ٢ : ٢٤٩ ، مغني المحتاج ١ : ٨٧.
(٤) البثق : كسرك شطّ النهر لينشقّ الماء. لسان العرب ١٠ : ١٣.
(٥) المنتقى ١ : ١١٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٤ ، المغني ١ : ٢٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٨.
(٦) سنن النسائي ١ : ١٧١ ، مسند أحمد ٥ : ١٥٥ و ١٨٠ ، سنن الترمذي ١ : ٢١٢ ـ ١٢٤ ، سنن أبي داود ١ : ٩١ ـ ٣٣٢ ، سنن الدار قطني ١ : ١٨٧ ـ ٤ و ٦ ، سنن البيهقي ١ : ٢١٢.
أجزأته صلاته التي صلاها » (١) ولأنه لا يمكنه استعمال الماء فأشبه المريض ، ولأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة.
وقال الشافعي : إن كان السفر طويلا ، وهو الذي يقصر فيه الصلاة ، جاز التيمم قولا واحدا ، لأنه رخصة تتعلق بالسفر فتعلقت بالطويل كالقصير ، وإن كان قصيرا فقولان : أحدهما : أنه كالطويل لأن عدم الماء فيه غالب فإذا تيمم وصلّى سقط الفرض كالطويل ، والثاني : أنه يختص سقوط الفرض بالسفر الطويل لأنه رخصة فتتعلق بالطويل خاصة كالقصير ، والفرق أن القصير يراعى فيه المشقة وهي تحصل في الطويل خاصة (٢).
وقال أبو حنيفة : إذا عدم الماء في الحضر لا يصلي ـ وبه قال زفر ـ لأنه تعالى شرط في جواز التيمم السفر (٣). وهو يدل من حيث المفهوم ، وليس حجة ، أو لأنه خرج مخرج الأغلب إذ فقده في الحضر نادر.
وقال الشافعي : يتيمم ، ويصلي ، ويعيد ، وروي عن أبي حنيفة أيضا ، وصاحبيه ـ وبه قال المرتضى في شرح الرسالة (٤) ـ لأنه عذر نادر إذا وقع لا يتصل فلا يسقط القضاء ، كالحيض في رمضان (٥) ، وليس بجيد ، لأنه امتثل فيخرج عن العهدة.
السبب الثاني : الخوف.
مسألة ٢٨٦ : لو كان بقربه ماء وخاف إن سعى إليه على نفسه من سبع ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٣ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ١٩٣ ـ ٥٥٦ ، الإستبصار ١ : ١٥٩ ـ ٥٤٩.
(٢) الام ١ : ٤٥ ، المجموع ٢ : ٣٠٣.
(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٠ ، المجموع ٢ : ٣٠٥ ، المغني ١ : ٢٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٦٦ ، المحلى ٢ : ١٣٩.
(٤) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٠.
(٥) المغني ١ : ٢٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٩ ، المحلى ٢ : ١٣٩.
أو عدو ، أو على ماله من غاصب ، أو سارق جاز له التيمم إجماعا لأنه كالعادم ، ولقول الصادق عليهالسلام : « لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص ، أو سبع » (١) ولا إعادة عليه للامتثال ، فيخرج عن العهدة.
ولو خافت المرأة المكابرة على نفسها لو سعت إلى الماء ، أو الغلام سقط السعي ، ووجب التيمم ، ولا إعادة ، وهو أصح وجهي أحمد ، لما فيه من التعرض للزنا وهتك نفسها وعرضها ، والآخر : تعيد (٢).
ولو كان خوفه جبنا لا عن سبب يخاف فالوجه التيمم ولا إعادة ، لأنه كالخائف بسبب ، وهو أحد قولي أحمد ، لكن يعيد عنده ، وأصحهما عنده : الوضوء (٣).
ولو خاف بسبب ظنه ، كمن رأى سوادا ثم تبين أنه ليس بعدوّ بعد تيممه وصلاته لم تلزمه الإعادة ، وهو أحد وجهي أحمد ، لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة ، وفي الآخر : يعيد ، كناسي الماء في رحله (٤).
مسألة ٢٨٧ : خائف العطش يحفظ ماءه ويتيمم ، قال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على ذلك منهم : علي عليهالسلام ، وابن عباس ، والحسن ، وعطاء ، ومجاهد ، وطاوس ، وقتادة ، والضحاك ، والثوري ، ومالك ، وأحمد ، والشافعي وأصحاب الرأي ، لأنه خائف على نفسه فأبيح له التيمم كالمريض (٥).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٥ ـ ٨ ، التهذيب ١ : ١٨٤ ـ ٥٢٨.
(٢) المغني ١ : ٢٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٤.
(٣) المغني ١ : ٢٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٥.
(٤) المغني ١ : ٢٧٢ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٥.
(٥) المجموع ٢ : ٢٤٤ و ٢٤٥ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٦ ، المغني ١ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٧.
ولقول الصادق عليهالسلام في الجنب يكون معه الماء القليل فإن هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو يتيمم؟ قال : « بل يتيمم » (١). وكذا إذا أراد الوضوء.
فروع :
أ ـ لا فرق بين أن يخاف العطش في الحال أو فيما بعد لوجود المقتضي ، ولو كان يرجو وجوده في غده ولا يتحققه فالوجه : جواز التيمم ، لأن الأصل عدمه ، وقد لا يجده فحاجته مقدمة على العبادة.
ب ـ لو خاف على رفيقه أو دابته فهو كما لو خاف على نفسه ، لأنّ حرمة المسلم آكد من حرمة الصلاة ، والخوف على الدابة كالخوف على المال من اللص.
ج ـ لو وجد عطشانا يخاف تلفه وجب بذل الماء له مع استغنائه عن شربه ، ويتيمم حراسة للنفس.
وقال بعض الجمهور : لا يجب لأنه محتاج إليه (٢) وحفظ النفس أولى من الصلاة ، ولهذا أمر واجد الغريق بقطعها وإنقاذه وإن فاتت.
د ـ لو كان مع خائف العطش ماءان ، أحدهما نجس ، حبس الطاهر لشربه ، وأراق النجس إن استغنى عن شربه ، وتيمم وصلى ، لأنه قادر على الطاهر فلم يجز له شرب النجس ، ولو احتاج إلى أكثر احتفظ بالنجس أيضا.
ولو وجدهما وهو عطشان شرب الطاهر وأراق النجس وإن استغنى به ، وإلا استبقاه سواء كان في الوقت أو قبله.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٠٦ ـ ١٢٧٥.
(٢) المغني ١ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٣.
وقال بعض الشافعية : إن كان في الوقت شرب النجس لأن الطاهر مستحق للطهارة فأشبه المعدوم (١). وليس بجيد ، لأن شرب النجس حرام ، وإنما يصير الطاهر مستحقا للطهارة لو استغنى عنه.
هـ ـ لو تمكن من استعماله ، وجمع المتساقط من وضوئه ، أو غسله ، وكفاه وجب عليه ذلك ، وبعض الشافعية لم يوجبه لاستقذاره (٢). وهو ممنوع.
و ـ لا يجوز له حفظ الماء لبقاء مرتد ، أو حربي ، أو كلب عقور ، أو خنزير لعدم احترامهم ، ويجب لبقاء المسلم ، والذمي ، والمعاهد ، والحيوان المحترم.
ز ـ لو كان معه ما يفضل عن شربه إلاّ أنه يحتاج إلى بيع الفاضل لنفقة ثمنه في الطريق تيمم لأن ما استغرقته حاجة الإنسان يجعل كالمعدوم شرعا.
ح ـ يكفي في وجوب البذل إخبار الآدمي بعطشه ، ويجوز بعوض ، وغيره.
ط ـ لو مات صاحب الماء ورفقاؤه عطشى ، يمّموه ، وغرموا لوارثه القيمة يوم الإتلاف لئلا يضيع حق الورثة.
وللشافعية وجهان : هذا أحدهما ، والثاني : المثل لأنه مثلي (٣) ، وليس بجيد إذ لا قيمة للمثل هنا غالبا.
مسألة ٢٨٨ : وخائف البرد يتيمم ويصلي إن لم يتمكن من إسخانه، وهو
__________________
(١) المجموع ٢ : ٢٤٥ و ٢٤٦ ، المغني ١ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٤.
(٢) المجموع ٢ : ٢٤٥.
(٣) المجموع ٢ : ٢٧٧.
قول أكثر العلماء (١) لقوله تعالى ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) (٢) ، ولأن عمرو بن العاص احتلم في ليلة باردة في غزاة ذات السلاسل فتيمم ، وصلى بأصحابه الصبح ، ولم ينكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك لمّا سمع (٣).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه جروح ، أو قروح ، أو يخاف على نفسه من البرد : « لا يغتسل ويتيمم » (٤).
وقال عطاء ، والحسن : يغتسل وإن مات لم يجعل الله له عذرا ، ونحوه قول ابن مسعود (٥).
فروع :
أ ـ لو تمكن من إسخان الماء واستعماله وجب ، ولو احتاج إلى الثمن وتمكن وجب.
ب ـ لو تيمم وصلّى لم يعد ـ وبه قال الثوري ، ومالك ، وأبو حنيفة ـ لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة (٦).
وقال أبو يوسف ، ومحمد : يعيد لأنه نادر غير متصل فتجب الإعادة كنسيان الطهارة (٧) وعن أحمد كالقولين (٨) والفرق أنه في النسيان لم يأت بالمأمور به.
__________________
(١) المغني ١ : ١٩٨ ، المجموع ٢ : ٣٢١.
(٢) النساء : ٢٩.
(٣) سنن أبي داود ١ : ٩٢ ـ ٣٣٤ ، سنن البيهقي ١ : ٢٢٥ ، مستدرك الحاكم ١ : ١٧٧.
(٤) التهذيب ١ : ١٨٥ ـ ٥٣١.
(٥) المغني ١ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧١ ، بداية المجتهد ١ : ٦٦.
(٦) المدونة الكبرى ١ : ٤٤ ـ ٤٥ ، المنتقي للباجي ١ : ١١١ ، بدائع الصنائع ١ : ٩٥ و ٦٠ ، المغني ١ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧١.
(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٣ ، المغني ١ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧١.
(٨) المغني ١ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧١.
وقال الشافعي : يعيد إن كان حاضرا لأن هذا العذر لا يمتد في دار الإقامة ولا يدوم فلا يؤثر في سقوط الإعادة ، وإن كان مسافرا فقولان (١).
ج ـ لو تعمد الجنابة ، قال الشيخان : لم يجز له التيمم وإن خاف التلف ، أو الزيادة في المرض (٢).
لقول الصادق عليهالسلام في الرجل تصيبه الجنابة في ليلة باردة قال : « اغتسل على ما كان ، فإنه لا بد من الغسل » (٣).
وللشيخ قول في المبسوط بجواز التيمم (٤) ، وهو أجود دفعا للمشقة والحرج ، ولقول الصادق عليهالسلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح ، أو يخاف على نفسه من البرد ، فقال : « لا يغتسل ويتيمم » (٥) ويحمل الأول على المشقة التي لا يخاف معها التلف والشين.
د ـ قال الشيخ في المبسوط : يصلي ويعيد (٦) لقول الصادق عليهالسلام في رجل أصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف إن اغتسل قال : « يتيمم فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة » (٧).
والوجه عندي عدم الإعادة ، لأنه فعل المأمور به ، والرواية عن جعفر ابن بشير عمن رواه ، وهي مرسلة.
__________________
(١) المجموع ٢ : ٣٠٣ ، المغني ١ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧١.
(٢) المقنعة : ٨ ، النهاية : ٤٦.
(٣) التهذيب ١ : ١٩٨ ـ ٥٧٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٣ ـ ٥٦٤.
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٣٠.
(٥) التهذيب ١ : ١٨٥ ـ ٥٣١.
(٦) المبسوط للطوسي ١ : ٣٠.
(٧) الكافي ٣ : ٦٧ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ٦٠ ـ ٢٢٤ ، التهذيب ١ : ١٩٦ ـ ٥٦٧ ، الإستبصار ١ : ١٦١ ـ ٥٥٩.
مسألة ٢٨٩ : المريض إذا خاف التلف باستعمال الماء وجب التيمم ، بإجماع العلماء ، وكذا إن خاف سقوط عضو ، أو بطلان منفعة عضو لقوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ) (١).
ولو خاف زيادة المرض ، أو بطء البرء جاز التيمم عند علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي في أصح الوجهين (٢) ـ لقوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ) (٣) وهو عام.
ولقول الصادق عليهالسلام : « ييمّم المجدور ، والكسير إذا أصابتهما الجنابة » (٤).
وقال الشافعي في الآخر : تجب الطهارة إلا مع خوف التلف ـ وبه قال أحمد بن حنبل ، وهو مروي عن عطاء ، والحسن البصري (٥) ـ لقول ابن عباس في قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ) (٦) إذا كانت بالرجل جراحة في سبيل الله ، أو قروح ، أو جدري فيجنب ، ويخاف أن يغتسل فيموت ، يتيمم بالصعيد (٧). وهو يدل من حيث المفهوم.
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) المجموع ٢ : ٢٨٥ ، مغني المحتاج ١ : ٩٢ ـ ٩٣ ، شرح فتح القدير ١ : ١٠٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٨ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٠ ، المغني ١ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٢.
(٣) المائدة : ٦.
(٤) التهذيب ١ : ١٨٥ ـ ٥٣٣.
(٥) المغني ١ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٢ : ٢٨٦ ، شرح فتح القدير ١ : ١٠٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٨.
(٦) المائدة : ٦.
(٧) سنن البيهقي ١ : ٢٢٤ ، سنن الدار قطني ١ : ١٧٧ ـ ٩.
فروع :
أ ـ لو تمكن من استعمال الماء الحار وجب إسخانه ولا يتيمم ، لأن عدم الماء شرط ، وهو قول الفقهاء ، وقال داود : تيمم (١) لظاهر الآية (٢).
ب ـ لو خاف الشين وجب التيمم ـ وبه قال أبو حنيفة (٣) ـ لقوله تعالى ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٤) خلافا للشافعي (٥).
ج ـ لا يستباح التيمم مع خوف المرض اليسير كوجع الرأس مع زواله ، وكذا الضرس ، وبه قال الشافعي (٦) ، وقال داود : يجوز التيمم (٧) للآية (٨) ، والمراد التضرر.
د ـ لو زال المرض في أثناء الصلاة لم يبطلها لأنه دخل مشروعا.
هـ ـ لو لم يجد المريض من يناوله الماء مع حاجته تيمم ، ولو ظن حصوله وخشي فوت الصلاة تيمم.
و ـ يرجع المريض في معرفة التضرر إلى ظنّه ، أو إخبار ثقة عارف ، والأقرب قبول [ قول ] (٩) الصبي ، والفاسق مع الظن ، لأنه يجري مجرى العلامات ، كما يقبل قول القصاب الفاسق : إنه مذكى ، وللشافعية
__________________
(١) المغني ١ : ٢٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٢.
(٢) المائدة : ٦.
(٣) شرح فتح القدير ١ : ١٠٩ ، المجموع ٢ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.
(٤) الحج : ٧٨.
(٥) المجموع ٢ : ٢٨٦ ، مغني المحتاج ١ : ٩٣.
(٦) المجموع ٢ : ٢٨٤ ، الوجيز ١ : ٢٠.
(٧) المجموع ٢ : ٢٨٥.
(٨) المائدة : ٦.
(٩) الزيادة يقتضيها السياق.