فوائد الأصول

الموضوع :
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٢

١
٢

٣
٤

فهرس الکتاب

مقدمة المصحح.................................................................. ٧

١ ـ فائدة في صيغ الامر والنهي وغيرهما............................................ ١٥

٢ ـ فائدة في اتحاد الطلب والارادة................................................. ٢١

٣ ـ فائدة في الاخلال بذكر الاجل في المتعة........................................ ٢٩

٤ ـ فائدة في صلح حق الرجوع................................................... ٣٧

٥ ـ فائدة في استعمال اللفظ في اكثر من معنى...................................... ٥١

٦ ـ فائدة في تقدم الشرط على المشروط............................................ ٥٥

٧ ـ فائدة في أن المشتق حقيقة فيما تلبس بالمبدأ أو الاعم منه......................... ٦١

٨ ـ فائدة في شبهة المحصورة...................................................... ٧٩

٩ ـ فائدة في معنى المتعارضين..................................................... ٩٩

١٠ ـ فائدة في معنى المتزاحمين................................................... ١٠٥

١١ ـ فائدة في وجوب إتّباع الظهور.............................................. ١١١

١٢ ـ فائدة في التمسك بالمطلقات............................................... ١١٥

١٣ ـ فائدة في المدح والذّم في الافعال............................................ ١٢١

١٤ ـ فائدة في الملازمة بين العقل والشرع......................................... ١٢٧

١٥ ـ فائدة في اجتماع الامر والنهي............................................. ١٣٩

١٦ ـ فائدة اخرى في العلم الاجمالي بين اطراف الشيهة الغير محصورة................. ١٦٩

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام

على نبيّنا محمد وآله الطاهرين

ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

لقد صحّ في الحديث النبوي «ان العلماء ورثة الانبياء» وذلك بحكم شمول الرسالة وشرف غايتها وصعوبة أدائها ، وشدة الحطة في عامة أطرافها ، من حيث انّها رسالة السماء إلى أبناء الارض على اختلاف نفسياتهم واستعدادهم في التقبل وعدمه.

ونحن الان ـ بدورنا ـ نقف وقفة الهيبة والتقدير أمام أبرز وأصدق مثال الحديث الشريف ، وارث علوم سيد المرسلين بجدارة واستحقاق ، وشيخ الطائفة المحقة وزعيمها.

تلك الشخصية الاسلامية العملاقة : هي أكبر وأوسع افقاً من أن يحبط بها كاتب مهما اوتي من سعة الاطلاع وسلالة البراع.

ولقد كتب عن شيخنا ـ قدس سره ـ جمع من كتب في الرجال والتراجم من معاصريه ، وممن جاء بعده ، وقد كان من أعاظم الفقهاء والاصوليين ، ومن نوادر الدهر ، وفخر الشيعة الاثنا عشر ، وليس في وسعنا في هذا المختصر التعرض لترجمة شخصية السامية ، ونترك التفصيل والاحاطة لمن كتب عن ترجمته السطور والصفحات ، بالاخص حفيد المؤلف ، حيث كتب كتاباً مستقلاً يبحث فيه عن شخصيته العلمية والاجتماعية والسياسية وخصوصياته الاخلاقية ، فمن اراد الاطلاع

٧

على ترجمة المؤلف ، فعله بهذا الكتاب وكتب التراجم.

ومن منن الله تعالى الى أن وفقني لنشر آثاره ومؤلفاته ، وبعد نشر «التعليقة على المكاسب» للمؤلف وبعد تلقي الأعلام لها صار باعثاً لنشر هذا السفر الجليل ، وهو كتاب المسمّى.

بـ «الفوائد الاصولية»

وقد حوت على فوائد الاصولية هامة بحث عنها كمال البحث والدقة.

قال المحقق المتتبّع الشيخ آقا بزرگ الطهراني في الذريعة : «الفوائد الاصولية لشيخنا واستادنا المولى محمد كاظم الخراساني ، اوله : الحمد لله رب العالمين ... وبعد فهذه فوائد جليلة كالدر المنظوم ، وفرائد جميلة مشتمل على خمسة عشر فائدة ، في مهمات مباحث الاصول ، فهرستها : صيغ الامر والنهي ، الطلب والارادة ، الاخلال بالاجل في المتعة ، صلح حق الرجوع ، الاستعمال في اكثر من معنى ، تقدم الشرط على المشروط ، المشتق ، الشبهة المحصورة ، المتعارضين ، المتزاحمين ، وجوب اتباع الظهور ، التمسك بالمطلقات ، المدح والذم في الافعال ، الملازمة بين العقل والشرع ، اجتماع الامر والنهي» (١).

ولابدّ من التنبيه على امر ، وهو أنا عثرنا على فائدة قررناها في آخر الكتاب في النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة المسجد الاعظم بقم ولم نجدها في النسخ المطبوعة والمخطوطة ، ولعل أشار اليها في الفائدة الرابع عشر بقوله : وقد فصلنا القول فيه في التعليقة الجديدة ـ الى آخره فراجع.

وأما منبع التحقيق :

فاناقد قابلنا هذا الكتاب على ثلاث نسخ مطبوع ومخطط :

١ ـ النسخة المخطوطة في مكتبة مسجد الاعظم بقم ، وجعلت رمز النسخة «ع».

٢ ـ النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله ، وجعلت رمز النسخة «ن».

٣ ـ النسخة المطبوعة في سنة ١٣١٩ عشر سنين قبل وفاة المؤلف.

وقد بذلت الجهد في تحقيق الكتاب واستخراج الآيات والروايات والاصول

__________________

١ ـ الذريعة ١٦ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.

٨

ولم آل جهداً في تنميقه وتصحيحه وتحقيقه حق التحقيق.

والمرجو من العلماء الافاضل الذين يراجعون الكتاب أن ينفضلوا علينا بما لديهم من النقد وتصحيح ما لعلنا وقعنا فيه من الاخطاء والاشتباهات والزلات ، فان الانسان محل الخطأ والنسيان.

ونسأل الله تعالى العلو والغفران للعلماء الماضين والتوفيق لنا لاحياء آثارهم الجليلة ، فجزاهم الله عن الاسلام وأهله خير الجزاء.

والحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، ونستغفره مما وقع من خلل وحصل من زلل ، ونعوذ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، وزلات أقدامنا وعثرات أقلامنا ، فهو الهادي إلى الرشاد ، والموفق للصواب والسداد ، والسلام على من اتبع الهدى.

قم ـ محرم الحرام ١٤٠٧

السيد مهدي شمس الدين

٩

١٠

١١

١٢

١٣
١٤

١

«فائدة»

في

صيغ الأمر والنّهي وغيرهما

١٥
١٦

الظّاهر انّ صيغة الأمر ، والنّهي ، والاستفهام ، والتّمنّي ، والتّرجّي ، وأمثالها تكون مستعملة مطلقا في الجزئيّات الإنشائيّة لهذه المفاهيم وأفرادها الموجودة في نفس الأمر بالوجود الإنشائيّ المتشخّصة بمشخّصات أخرى غير الوجود الخارجيّ أو الذّهني ، من غير تفاوت في ذلك بين أن يكون استعمالها في مقام البعث والزّجر والاستعلام وغيرها حقيقة وواقعا ، أو في مقام آخر كالتّرخيص والتّعجيز والسّخرية والتّهكم والتقرير والتّعجب ، إلى غير ذلك من المقامات الّتي يستعمل فيها هذه الصّبيغ ، لا انّها مستعملة في هذه الأمور كما هو المشهور في ألسنة الفحول من علماء العربيّة والأصول ، وتحقيق ذلك موقوف على معرفة الإنشاء ونحو الوجود المنشأ به.

فاعلم انّ الإنشاء هو القول الّذي يقصد به إيجاد المعنى في نفس الأمر ، لا الحكاية عن ثبوته وتحقّقه في موطنه من ذهن أو خارج ، ولهذا لا يتّصف بصدق ولا كذب بخلاف الخبر ، فانّه تقرير للثّابت في موطنه وحكاية عن ثبوته في ظرفه ومحلّه ، فيتّصف بأحدهما لا محالة.

والمراد من وجوده في نفس الأمرية هو ما لا يكون بمجرّد فرض الفارض لا ما يكون بحذائه شيء في الخارج ، بل بأن يكون منشأ انتزاعه فيه مثلا ملكيّة المشتري للمبيع قبل إنشاء التّمليك ، والبيع بصيغته لم يكن له ثبوت أصلا إلاّ بالفرض (١) الإنسان جمادا ، والجماد إنسانا وبعد ما حصل لها خرجت عن مجرّد الفرض وحصلت لها واقعيّة ما كانت بدونه.

وبالجملة لا نعنى من وجودها بالصّيغة إلاّ مجرّد التّحقيق الإنشائيّ لها الموجب

__________________

١ ـ في عليه‌السلام : إلاّ كفرض الإنسان. في «ن» : إلاّ بالفرض كفرض الإنسان.

١٧

مع الشّرائط لنحو وجودها الحاصل بغيرها من الأسباب الاختياريّة كحيازة المباحات ، أو الاضطراريّة كالإرث وغيره (١).

ولا يخفى انّ مشخّصات هذا النّحو من الوجود انّما هو بشخص المنشئ وشخص لفظه وإن كان ما قصده من المعنى غير متشخّص بمشخّصات وجود آخر ، بل كان صادقا على الكثيرين ، والحاصل كونه جزئيا حقيقيا بملاحظة هذا الوجود وإلاّ لا يكاد يوجد ، ضرورة انّ الشّيء ما لم يتشخّص لم يوجد ، لا ينافى كونه غير متشخّص بحسب وجود آخر لا دخل للصيغة به كالوجود الخارجيّ أو الذّهني ، فيصحّ استعمال الصيغة في إيجاد معناها وإنشائه بهذا النّحو من الوجود ، وإن لم يكن ما هو مصداق مفهوما (٢) بالحمل الشّائع الصّناعي بموجود أصلا ، فبصيغة الطّلب مثلا ينشئه وإن لم يكن بطالب يطالب حقيقة ، بل لداع آخر ، فالصفات القائمة بالنّفس من طلب شيء أو تركه ، أو استفهام أمر أو ترجّيه أو تمنّيه ، إلى غير ذلك من الصّفات الثّابتة لها الصّادقة عليها مفاهيمها بالحمل الشّائع الّذي ملاكه الاتّحاد بحسب الوجود الخارجي ، لا دخل لها بما هو مفاد الصيغة أصلا إلاّ دعوى اعتبارها في استعمال الصّيغة في معانيه (٣) الإنشائيّة على نحو الحقيقة بمعنى انّه يعتبر في كون صيغة الأمر مثلا حقيقة في إنشاء الطّلب ، والطّلب الإنشائيّ كون المنشئ طالبا للمأمور به حقيقة ، وكون الدّاعي له إلى الإنشاء هو ذلك ، لا أمرا آخر كالسّخريّة أو التّهكم أو التّهديد والتّوعيد وغيرها ، بحيث لو استعملت فيه لهذا الأمر كان مجازا.

إذا أتقنت ذلك ظهر لك صحّة إنشاء المفاهيم وإيجادها في نفس الأمر بنحو عرفته مع عدم تحقّقها في الخارج وانطباقها على ما يصدق عليه بالحمل الشّائع الصّناعي ، كي يستكشف بعدمه عن عدم استعمالها في إنشاء تلك المفاهيم ، غاية الأمر لزوم المجاز من عدم تحقّقها في الخارج لأجل انتفاء القيد لا ذات المعنى ، كما لا يخفى ، والوجدان شاهد صدق على انّ المعنى المنشئ بصيغة الأمر مثلا في مقام البعث ومقام التّهكم أو الوعد والوعيد لا يكون إلاّ واحدا ، وانّما الاختلاف في الدّواعي والأغراض.

إن قلت : إن ما ذكرت من نحو الوجود الإنشائيّ انّما يتأتّى في المفاهيم الّتي كان سنخ وجودها ذلك ، أي وجودها بوجود منشأ انتزاعها في الخارج من دون أن

__________________

١ ـ في «ن» : غيرها.

٢ ـ في «ن» : مفهومه.

٣ ـ في «ن» : معانيها.

١٨

يكون لها ما كان بحذائها كالملكيّة نحوها من الاعتباريّات ، دون ما كان له في الخارج ما بحذاء كمفاهيم الكيفيّات المحسوسة وغيرها.

ومن المعلوم انّ الطّلب والتّمنّي والتّرجّي وغيرها من المفاهيم تكون بنفسها موجودة في الخارج لا بمنشإ الانتزاع ، لأنّها ليست باعتباريّة ، بل هي كيفيّات نفسانيّة وصفات حقيقيّة.

قلت : وإن كان لها هذا النّحو من الوجود ويترتّب عليها بحسبه آثار ، إلاّ انّه لا يمنع عن وجودها بالنّحو الآخر الإنشائي إذا كان لها بحسب آثار يساعدها صحيح الاعتبار ، بل لا يخفى انّ هذا النّحو من الوجود في الاعتباريّات أيضا نحو آخر من الوجود ، كيف وما يكون شخصيّا حقيقيا بحسب هذا الوجود ، فهو كلّي بحسب وجوده الآخر يصدق على كثيرين ، فيصحّح أن ينشأ بالصّيغة الملكيّة الصّادقة على كثيرين ، (١) وإن كان جزئيّا حقيقيا بحسب هذا الوجود لا يصدق على ما يكون كثيرين بحسبه.

فظهر (٢) ممّا حققناه انّ الوجود الإنشائيّ للمفاهيم خفيف المئونة يحصل لها بمجرّد قصد تحقّقها بألفاظها ، فيتشخّص بمشخّصات هذا الوجود ، ولا يصدق على ما يكون كثيرين بحسبه مثلا ما أنشأ غير هذا المنشئ ، أو هو ثانيا ، أو ثالثا ، وان كان المنشأ به كليّا يصدق على ما يكون كثيرين بحسب وجود آخر ، فلا إشكال في إنشاء قدر المشترك حيث لا منافاة بين كونه كذلك بحسب وجود ، وجزئيّا حقيقيّا بحسب آخر ، فتدبّر فانّه دقيق.

وممّا ذكرنا ظهر انّه لو (٣) أنشأ معنى واحدا بلفظ واحد مرارا لا يخرج كلّ منها عن الإنشاء حقيقة ، غاية الأمر لا يترتّب على ما عدا الأوّل أثر غير التّأكيد في مورده ، ومن هذا القبيل صدوره ممّن يلغى قوله شرعا أو عرفا مثل الصّبيّ والمجنون فيما إذا تأتى منهما القصد ، فكما ربّما يقع الخبر لغوا ، كذا ربّما يقع الإنشاء لغوا فلا توجب اللّغويّة خروجه عن الإنشائيّة إلى الخبريّة ، كما هو واضح ، ولا ثالث للكلام الّذي يقصد به المعنى ، وعدم الاعتناء به غير التّدليس بكلام كما لا يخفى ، فلا وجه لما أفاده الشهيد في قواعده حيث قال : «وقولنا في نفس الأمر ليخرج به عقد المكرر ، فانّه قول صالح

__________________

١ ـ في «ن» لا يوجد من قوله ـ وإن كان ـ إلى قوله ـ كثيرين بحسبه ـ.

٢ ـ خ ل : بما.

٣ ـ خ ل : ظهر انّه لا ينافى كونه جزئيّا بحسب وجود آخر لو أنشأ ...

١٩

لإيجاد مدلوله ظاهرا ، ولا يسمّى إنشاء لعدم الإيجاد في نفس الأمر ـ انتهى كلامه رفع مقامه ـ» (١). لما عرفت من كون الوجود والإيجاد بالإنشاء خفيف المئونة يكفى فيه قصد حصول المعنى بلفظه ولو وقع لغوا ، فضلا عمّا إذا ترتّب عليه أثر التّأكيد ، وكأنّه تخيّل انّ الإيجاد به ثانيا تحصيل للحاصل وهو محال ، وقد عرفت انّ الإيجاد بكلّ شخص لفظ فرد من هذا الإيجاد ، فيكون من قبيل إيجاد فرد آخر لا من قبيل إيجاد الموجود ، فيصحّ اعتبار المعنى وانتزاعه من كلّ واحد من الألفاظ وان كان واحد منها كافيا في ذلك ، فتدبّر جيّدا.

__________________

١ ـ القواعد ١ ـ ٢٥٢.

٢٠