الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي
الموضوع : علمالنفس والتربية والاجتماع
الناشر: نور السجّاد
المطبعة: سرور
الطبعة: ٤
ISBN: 964-7163-97-5
الصفحات: ١٧٥
المقدمة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ
الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه ، وافتتح بالحمد كتابته ، وجعل الحمد أول محلّ نعمته ، وأخّر جزاء أهل طاعته ، وصلّ الله على محمد خير البريّة ، وعلى آله أئمة الرحمة ، ومعادن الحكمة ، حجج الله تعالى على خلقه. أما بعد ؛
إنّ من عظيم آلاء الله ونعمه على البشريّة ، أن جعل الأشياء أزواجاً وجعل للإنسان زوجة يسكن اليها ويأنس بها ، كما قال في كتابه الكريم وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها . ورغّبهم في الإستفادة من هذه الغريزة الفطرية التي أودعها الله في الإنسان بقوله وَأَنْكِحُوا الأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ .
فلو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية
محكمة ولا سنّة متّبعة ولا أثر مستفيض ، لكان في ما جعل الله من برّ القريب ، وتقريب البعيد ، وتشبيك الحقوق ، وتكثير العدد وتوفير الولد لنوائب الدّهر وحوادث الأمور ما يرغب في دونه العاقل اللّبيب ويسارع إليه الموفق المصيب ويحرص عليه الأديب الأريب ، فلذلك أمر أنبيائه في
ترغيب الناس على بناء هذا الأمر المقدّس وجعل الأجر العظيم لمن حاول وسعى في هذا الأمر.
فكان صلىاللهعليهوآله يتزوّج ويرغّب الشّباب على ذلك ، ولكن لمّا كانت طباع البشر ونفوسها مختلفة وبعضها غير ملائمه مع بعضها الأخر ؛ أمرنا بالتدقيق حول هذا الأمر المقدّس كي لا نقع في المهالك.
ونعني بذلك تحقيق الزّوج حول الزّوجة التى تناسبه ، من الكفوية وغير ذلك ، وهكذا تحقيق الزّوجة حول الرجل الذي خطبها ووجدان بعض المؤهلات التي يفرضه الشرع المقدس عليه ، لئلا يضيّع رحمها كما في بعض الروايات والأحاديث المصرّحة بذلك.
وليعلما كلّ من الشّاب والفتاة ، إذا أرادا أن يعيشا طول حياتهما عيشة راضية وحياة سعيدة ويطيب نسلهما فلا يتزوّجا إلا مع الكفو. فلهذا يجب على الزّوج أن ينظر أن يضع نفسه ، ومن يشركه في ماله و يطلعه في دينه وسرّه ، كما بيّن الصادق عليهالسلام ذلك لإبراهيم الكرخي الذي همّ أن يتزوّج بالثانية بعد موت زوجته الأولي ، قائلاً له : أنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك.
وعليه أيضاً أن يعرف تماماً أنّ المرأة قلادة فلينظر إلى ما يتقلّده و هذا أيضاً صرّح به الإمام الصادق قائلاً : إنّما المرأة قلادة فانظر إلى ما تقلّده. ١
ولأجل ذلك رأينا من المناسب أن نقدّم إلى الشّاب وإلى من يروم
__________________
١. الكافي ، ج ٥ ، ص ٣٣٢
الزّواج ، ما يحتاجه في البداية في بناء هذا الأمر المقدّس كي يصل إلى الكفو المناسب له وأخيراً أرجوا من الأعزاء أن يدقّقوا النظر في ما روي عن النبي والعترة الطاهرة في هذا المجال. سائلاً من المولى القدير ، أن يحفظ شبابنا من الفتن والزلاّت ويقدّر لهم الزّوجة الصالحة وأولاد صلحاء.
آمين يا رب العالمين
|
قم المقدسة محمّد جواد الطّبسي ٢٠ / ج ٢ / ١٤٢٥ |
|
١ |
|
الحث على الزواج
حرّض النبى صلىاللهعليهوآله من خلال خطبه ولقاءاته ، الشّباب ببناء هذا الأمر المقدس وبيّن لهم منافع الزّواج وفوائده ومضار العزوبة ومفاسدها.
وأشار أيضا في ضمن خطبه ولقاءاته إلى أن الزواج من سننه ، وأنّه أحسن بناء بني في الإسلام وأعمر شيء في عالم الكون. وهذه الأحاديث وإن كانت فوق حد الحضر والإحصاء ، لكن نكتفي في هذا المختصر بعدة أحاديث مما روي عنه صلىاللهعليهوآله.
١. النّكاح سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله
قال علي عليهالسلام
: تزوّجوا فإن التّزويج سنة رسول الله ، فإنه كان يقول : من كان يحب أن يتبع سنّتي ، فإن من سنّتي التزويج ، واطلبوا
الولد ، فإني مكاثر بكم الأمم غدا وتوقوا على أولادكم من لبن البغي من النساء والمجنونة فإن اللبن يعدي. ١
٢. من أحبّ فطرتي ...
وعن الصادق عليهالسلام قال : جاءت إمرأة عثمان بن مظعون إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقالت : يا رسول الله إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل.
فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله مغضبا يحمل نعليه حتى جاء إلى عثمان ، فوجده يصلي ، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله.
فقال له : يا عثمان لم يرسلني الله بالرّهبانيّة ولكن بعثني بالحنيفية السمحة ، أصوم واصلي وألمس أهلي ، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح. ٢
٣. من رغب عن سنتي ...
وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال: إن ثلاث نسوة أتين رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت إحداهن : إن زوجي لا يأكل اللحم ، وقالت الأخرى : إن زوجي لا يشم الطيب ، وقالت الأخرى : إن زوجي لا يقرب النساء.
فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله يجر رداءه حتى صعد المنبر ، فحمد الله و أثنى عليه. ثم قال : ما بال أقوام من أصحابى لا يأكلون اللحم ولا
__________________
١. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٤.
٢. نفس المصدر ، ص ٧٤.
يشمّون الطّيب ولا يأتون النساء. أما أني آكل اللحم وأشمّ الطّيب وآتي النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني. ١
٤. أحبّ بناء في الإسلام
وعن أبي جعفر عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما بني في الإسلام أحبّ إلى الله عزّوجل من التّزويج. ٢
٥. المحافظة على نصف الدين
وعن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من تزوج أحرز نصف دينه. ٣
٦. أعمر بيت في الإسلام
وعنه عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : تزوّجوا وزوّجوا ، ألا فمن حظ امرء مسلم إنفاق قيمة أيمة ، وما من شيء أحب إلى الله من بيت يعمر في الإسلام بالنكاح ، وما من شيىء أبغض إلى الله عزوجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعنى الطلاق. ثم أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الله عزوجل إنّما وكّد في الطلاق وكرر فيه القول من بغضه الفرقة. ٤
__________________
١.نفس المصدر ، ج ١٤ ، ص ٧٤.
٢. نفس المصدر ، ص ٣.
٣. نفس المصدر ، ص ٥.
٤. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٥.
٧. فضل المتزوّج
وعنه عليهالسلام عن أبيه الباقر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إتخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم. ١
وعن الصادق عليهالسلام أيضاً قال : ركعتان يصليها المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب. ٢
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أكثر أهل النار العزّاب. ٣
وعنه صلىاللهعليهوآله من أحب أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليلقه بزوجة. ٤
٨. الزواج في حداثة الشباب
لكلّ شيء وقت وأوان فكما أنّ للثمار وقت للإقتطاف ، فإذا نضجب الثمرة ولم تقتطف سوف يعرض الفساد عليها فكذلك مسئلة الزّواج بالنسبة إلى الشّباب.
فإذا حان وقت الزّواج ولم يبادر إلى ذلك ، فهو بمنزلة فساد الثمرة على الشجرة.
وأما الفساد الذي يعرض على الشّاب إثر عدم مبادرته في الوقت المناسب له ، فكثير منه الإبتلاء بالنظر إلى ما حرّم الله إليه من
__________________
١.نفس المصدر ، ص ٧.
٢. نفس المصدر ، ص ٥.
٣. نفس المصدر ، ص ٨.
٤. مستدرك الوسائل ، ج ١٤ ، ص ١٤٩.
الأجنبيات وانسحابه إلى شباك الشياطين ما قد يؤدي إلى أعمال سيئة وشنيعة ما يفتضح الشاب إثر ذلك.
ومنه قلّة الرّغبة إلى الزّواج مما يؤدى إلى التفسد الأخلاقي من جانب آخر وحلول أضرار كثيرة بالمجتمع الإسلامي.
فإذا أردنا أن نستلذّ بالحياة الزّوجية كما يستلذّ بالثمرة حين النضوج ، فعلينا المبادرة بالزواج في عنفوان الشباب وحداثة السّن عملاً بالفطرة السليمة الإنسانية وبالتوصيات الأكيدة الصادرة من النبي و العترة الطاهرة عليهمالسلام.
حيث أكد على ذلك حينما كان يلتقي ببعض الشبان ويقول : يا معشر الشباب عليكم بالباه. ١
وعن الراوندي عن موسى بن جعفر عليهالسلام عن آبائه عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ما من شابّ تزوّج في حداثة سنّة إلاّ عجّ شيطانه يا ويله يا ويله عصم منّي ثلثي دينه فليتقّ الله العبد في الثلث الآخر. ٢
جولة قصيرة في ما مرّ
تعال معي أيها الشّاب لنعيش ولو لحظات قصيرة في أجواء هذه الروايات التي قدمناها لك : بأنّ النّبي صلىاللهعليهوآله وأهل بيته على أي شيء أصرّوا وهل كان الإصرار منهم ينفع الشباب أم يضرهم.
__________________
١. الكافي ، ج ٥ ، ص ٣٣٠.
٢. بحار الأنوار ، ج ١٠٣ ، ص ٢٢١.
١. لو تأمّلنا قليلاً لرأينا أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله أصرّ على أنّ الزّواج من سنّته ومن أراد أن يتّبع فليتأدّب بآدابه ويتخذ زوجة تأسياً بالنّبي الكريم.
فالإعراض عن سنّته واتّخاذ الرّهبانيّة عمل غير مشروع في الشريعة الإسلامية.
٢. إنّه يتقرب بالزواج إلى الله لأنّ الزّواج أمر محبوب لله تعالى.
٣. المتزوّج يحفظ نصف دينه ومعنى ذلك إنّه إذا لم يتزوّج فقد ، فقد نصف دينه والنصف الباقي على وشك الذهاب والإفتقاد ، فمن أراد حفظ دينه فليتزوّج.
٤. إذا كان الشاب يروم الرزق وكسب المال فعليه الزواج لأنّ الزّواج أمر يحبّه الله وإذا كان الشيء محبوب لله تعالى فسيهيِّأ أسبابه أولاً وآخر وبداية ونهاية.
٥. وامّا الحديث العاشر الذي روي عنه صلىاللهعليهوآله بأنّ أكثر أهل النار العزّاب فنقول : العزوبة هي العلّة لكثير من المفاسد في المجتمع فلو عشنا مع العصاة قليلاً أو درسنا أوضاعهم لرأينا أنّ أكثرهم من طبقة العزّاب الذين فقدوا شعور المسؤولية وارتكبوا الجرائم.
* * *
|
٢ |
|
السعي في زواج الشباب
صدرت أوامر من النبي والمعصومين إلى المؤمنين على السعي في زواج الشباب المؤمن وأن يشتركوا في هذا الأمر المقدس ويبذلوا جهدهم حتى يجمعوا بين مؤمنين من حلال.
١. عن النبي أنه قال : ومن عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما ، زوّجه الله عزوجل ألف إمرأة من الحور ، كل إمرأة من قصر من در وياقوت وكان له بكل خطوة خطاها، أو بكل كلمة تكلم بها في ذلك عمل سنة قيام ليلها وصيام نهارها ومن عمل في فرقة بين امرأة وزوجها كان عليه غضب الله ولعنته في الدنيا والآخرة وكان حقا على الله أن يرضخه بألف صخرة من نار ، ومن مشى في فساد ما بينهما ولم يفرّق كان في سخط الله عزوجل ولعنته في الدنيا والآخرة ، و حرم الله عليه النظر إلى وجهه. ١
__________________
١. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٢٧.
٢. وعن الصادق عليهالسلام قال قال أميرالمؤمنين عليهالسلام : أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما. ١
٣. وعن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام قال : ثلاثة يستظلون بظل العرش يوم القيامة يوم لا ظل إلاّ ظله ، رجل زوج أخاه المسلم أو أخدمه أو كتم له سراً. ٢
٤. وعن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : كتبت إلى أبي جعفر عليهالسلام في التزويج ، فأتاني كتابه بخطه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه. إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ . ٣
٥. وعن الحسين بن بشار الواسطى ، قال : كتبت إلى أبي جعفر عليهالسلام أسأله عن النكاح فكتب الى : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوّجوه. إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ . ٤
النّبي يأمر عمرو بن ثقيف
روى النوري في المستدرك عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله جالسا فدخل عليه أعرابي وقال : يا رسول الله أيمنع سوادي
__________________
١. وسيلة النجاة ( حاشية السيد الگلپايگاني ) ، ج ٣ ، ص ١٤٥.
٢. وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٢٧.
٣. نفس المصدر ، ص ٥١ ؛ والآية في سورة الأنفال / ٧٣.
٤. نفس المصدر.
ودمامة وجهي من دخول الجنة ؟
قال : لا ما كنت خائفا من الله ومؤمنا برسوله.
فقال : يارسول الله والذي شرّفك بالنبوة ، إني قبل ذلك بثمانية أشهر أقررت بأن الله واحد وأنّك رسوله بالحق.
فقال : أنت من القوم ، لك ما لهم وعليك ما عليهم.
قال : فلم خطبت من هؤلاء الحاضرين فلم يجبني منهم أحد. ولا أرى مانعاً غير دمامة الوجه وسواد اللون ، وإلّا فأنا في قومي بني سليم ذو حسب ، وآبائي معروفون ولكن غلبني سواد أخوالي.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هاهنا عمرو بن وهب وكان رجلاً من ثقيف صعب الجانب وفيه أنفة.
فقالوا : لا يا رسول الله.
فقال للأعرابي تعرف داره ؟
قال : نعم.
قال إذهب إلى داره ودقّ الباب دقاً رقيقاً ، وإذا دخلت وقل إنّ رسول الله أعطاني بنتك. وكانت له بنت ذات جمال وعقل وعفاف.
فجاء ودقّ الباب ، فلما فتح ورأوا سواد وجهه ودمامته إشمأزوا منه ، وأظهروا الكراهة.
فقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أعطاني بنتك ، فزجروه وردوه رداً قبيحاً.
فقام وخرج. فلما خرج قالت البنت لأبيها : إذهب واستخبر الحال، فإن كان النبي صلىاللهعليهوآله أعطانيه فإني راضية بما فعله رسول الله.
فذهب في إثر الرجل وأتى رسول الله وقد كان الرجل شكاه إليه.
فقال له رسول الله : يا هذا أنت الذي رددت رسولي ؟
فقال يا رسول الله : فعلت وبئس ما فعلت ، وأنا أستغفر الله ، وإنّما رددته لأنّه كان رجلاً من العرب ظننته يكذب والآن يا رسول الله فاحكم في نفوسنا وبيوتنا وأموالنا وإنّا نعوذ بالله من غضبه و غضب رسوله.
فقال صلىاللهعليهوآله : قم يا أعرابي فإنّي أعطيتك بنته فاذهب إلى بيتها.
فقال الرجل : يا رسول الله ، أنا رجل من العرب فقير وأستحيي أن أدخل بيت المرأ ويدي صفرة.
فقال صلىاللهعليهوآله : أمرر على ثلاثة من الصحابة وخذ منهم ما تحتاج إليه : إذهب إلى عند علي وعند عثمان وعبدالرحمن بن عوف فأتى علياً فأعطاه مائة درهم وكذا عثمان وعبدالرحمن ... ١.
النّبي يسعى في زواج جويبر
وعن أبي جعفر الباقر عليهالسلام في قصة جويبر وإرساله النبي إلي بعض
__________________
١. مستدرک الوسائل ج ١٤ ص ١٨٩.
رؤساء القبائل وأمره بتزويج إبنته من جويبر.
قال فيه : إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يقال له جويبر: أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله منتجعاً للإسلام ، فأسلم وحسن إسلامه وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً وكان من قباح السودان إلى أن قال : وإن رسول الله نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة له ورقة عليه فقال : لو تزوجت إمرأة فعفّت بها فرجك وإعانتك على دنياك وآخرتك.
فقال له جويبر : يا رسول الله بأبي أنت وأمي من يرغب فيّ فو الله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ، فأيّة امرأة ترغب في ؟!
فقال له رسول الله : يا جويبر إن الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً ، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهيلة وتفاخرها بعشايرها وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيّهم وعربيّهم وعجميّهم من آدم ، وأنّ آدم خلقه الله من طين وأن أحب الناس إلى الله أطوعهم له وأتقاهم وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم إلاّ لمن كان أتقى لله منك وأطوع.
ثم قال له : إنطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنّه من أشرف بني بياضة حسباً فيهم ، فقل له : إنّي رسول الله إليك وهو يقول لك : زوج جويبراً إبنتك الدلفاء.
قال : فانطلق جويبر برسالة رسول الله إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده ، فاستاذن فأذن له ، وسلم عليه ، ثم قال : يا زياد بن لبيد ، إنّي رسول رسول الله إليك. في حاجة لي فأبوح بها أم أسرّها إليك ؟
فقال له زياد : لا بل بح بها ، فإنّ ذلك شرف لي وفخر.
فقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لك : زوّج جويبر إبنتك الدلفاء.
فقال له زياد : أرسول الله أرسلك إليّ بهذا يا جويبر ؟
فقال : نعم ، ما كنت لأكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقال له زياد : إنّا لا نزوّج فتياننا ، إلاّ أكفاءنا من الأنصار.
فانصرف جويبر وهو يقول : والله ما بهذا نزل القرآن ولا بهذا ظهرت نبوة محمد صلىاللهعليهوآله.
فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها ، فأرسلت إلى أبيها أن أدخل إلي ، فدخل إليها ، فقالت : يا أباه ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبر ؟
فقال لها : ذكر لي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أرسله وقال : يقول لك رسول الله صلىاللهعليهوآله : زوّج جويبر إبنتك الدلفاء.
فقالت له : وما كان جويبر ليكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله بحضرته ، فابعث الآن رسولاً يرد عليك جويبراً ، فبعث زياد رسولاً فلحق جويبراً.