الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-003-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٥٨
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) التوبة : ١٢٢
المقصد السابع : في الولادة والعقيقة والحضانة وتوابع ذلك وإلحاق الأولاد
وفيه فصول :
[الفصل] الأوّل : في سنن الولادة
وفيه خمسة مباحث :
٥٢٧٣. الأوّل : يجب عند الولادة استبداد النساء بالمرأة دون الرجال ، إلّا مع الحاجة ، بأن تعدم النساء عندها ، ويجوز للزوج تولّي ذلك لانكشافه على العورة ، وإن كان هناك نساء.
٥٢٧٤. الثاني : يستحبّ عند الولادة غسل المولود مع أمن الضرر ، والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى ، وأن يحنّك بماء الفرات ، وتربة الحسين عليهالسلام ، (١) فإن تعذّر ماء الفرات فبماء عذب ، فإن تعذّر إلّا ماء ملح ، جعل فيه شيء من العسل أو التمر ليحلو ، ويحنّك به.
__________________
(١) في مجمع البحرين : يستحبّ تحنيك المولود بالتربة الحسينيّة والماء كأن يدخل ذلك إلى حنكه وهو أعلى داخل الفم.
٥٢٧٥. الثالث : يستحبّ تسميته بإحدى الأسماء المستحسنة ، وروي استحباب التسمية يوم السابع (١) وأفضلها ما تضمّن العبوديّة لله تعالى ، ثمّ أسماء الأنبياء عليهمالسلام وأفضلها محمّد ثم أسماء الأئمة عليهمالسلام ، وروي عن أبي الحسن عليهالسلام قال : لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمّد وأحمد وعلي والحسن والحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء (٢).
ويستحبّ الكنية مخافة النبز ، (٣) ويكره التسمية بحكم وحكيم وخالد ومالك وحارث وضرار.
وعن الصادق عليهالسلام : «إن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن أربع كنى : عن أبي عيسى وعن أبي الحكم وعن أبي مالك وعن أبي القاسم إذا كان الاسم محمّدا». (٤)
٥٢٧٦. الرابع : يستحبّ التهنئة لمن ولد له ، بأن يقال : شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب ، وبلغ أشدّه ، ورزقت برّه.
٥٢٧٧. الخامس : روي استحباب أكل السفرجل للمرأة الحامل ، فانّ الولد يكون أطيب ريحا وأصفى لونا.
وقال أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام : «خير تموركم البرني فأطعموها النساء (٥) في نفاسهنّ تخرج أولادكم حكماء» (٦).
__________________
(١) الوسائل : ١٥ / ١٥٠ ، الباب ٤٤ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ٣.
(٢) الوسائل : ١٥ / ١٢٨ ، الباب ٢٦ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ١.
(٣) هو ما يكره من اللقب.
(٤) الوسائل : ١٥ / ١٣١ ، الباب ٢٩ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ٢.
(٥) في المصدر : «فأطعموا نساءكم».
(٦) الوسائل : ١٥ / ١٣٥ ، الباب ٣٣ من أبواب احكام الأولاد ، الحديث ٣.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوّل ما تأكل النفساء الرطب ، فإن لم تكن أيّامه ، فسبع تمرات من تمر المصر. (١)
وعن الرضا عليهالسلام :
«أطعموا حبالاكم ذكر اللّبان ، (٢) فإن يكن في بطنها غلام خرج زكيّ القلب عالما شجاعا ، وإن تكن جارية ، حسن خلقها وخلقتها ، وعظمت عجيزتها ، وحظيت عند زوجها». (٣)
الفصل الثاني : في سنن اليوم السابع
وهي الحلق والختان وثقب الأذن والعقيقة.
فهاهنا خمسة مباحث :
٥٢٧٨. الأوّل : يستحبّ يوم السابع أن يحلق رأس الصبيّ قبل العقيقة ، ويتصدّق بوزنه ذهبا أو فضّة ، ويكره القنازع (٤) وهو أن يحلق موضع من الرأس ويترك آخر.
__________________
(١) الوسائل : ١٥ / ١٣٤ ، الباب ٣٣ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ١ بتلخيص.
(٢) في مجمع البحرين : اللّبان بالضمّ : الكندر. وقال العلّامة المجلسي قدسسره : في بعض كتب الطب : الكندر أصناف : منه هنديّ يميل إلى الخضرة ، ومنه مدحرج قطفا يؤخذ مربّعا ، ثمّ يضعونها في جرار حتّى يتدوّر ويتدحرج ، وهذا إذا عتق احمرّ ، ومنه ابيض يليّن البطن ، والمستعمل من الكندر : اللّبان والقشار والدقاق والدخان وأجزاء شجرة كلّها حتّى الأوراق ، وأجوده الذكر الأبيض المدحرج الدبقي الباطن الدهين المكسرة. مرآة العقول : ٢١ / ٤١.
(٣) الوسائل : ١٥ / ١٣٦ ، الباب ٣٤ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ٢.
(٤) في مجمع البحرين : القنزعة واحدة القنازع : وهي أن يحلق الرأس إلّا قليلا ويترك وسط الرأس.
٥٢٧٩. الثاني : الختان مستحبّ يوم السابع ، ولو أخّر جاز ، ولا يجوز تأخيره إلى البلوغ ، فإن بلغ ولم يختن ، وجب أن يختن نفسه ، أما خفض الجواري فإنّه مستحبّ ولا يجب ، وإن بلغن.
ولو أسلم الكافر وهو غير مختن ، وجب أن يختن نفسه ، وإن طعن في السنّ والمرأة لو أسلمت استحبّ خفضها ولم يجب ولو مات المسلم غير مختن مع بلوغه ، لم يجب ختنه.
ويستحبّ ثقب الأذن يوم السابع أيضا ، وليس بواجب بلا خلاف.
٥٢٨٠. الثالث : العقيقة مستحبّة استحبابا مؤكّدا ، وقال المرتضى قدس الله روحه : إنّها واجبة. (١) وليس بمعتمد.
٥٢٨١. الرابع : يستحبّ أن تكون العقيقة والحلق في موضع واحد ، وأن يعقّ عن الذّكر بذكر وعن الأنثى بأنثى ، ولا يجزئ في القيام بالسّنة الصدقة بثمنها ، ولو عجز الأب أخّرها إلى المكنة.
ولو لم يعقّ الوالد استحبّ للولد مع بلوغه أن يعقّ عن نفسه.
ويستحبّ أن تجمع العقيقة صفات الأضحية ، وأن تخصّ القابلة بربعها الّذي يلي الورك بالفخذ ، ولو لم تكن له قابلة أعطيت الأمّ ذلك تتصدّق به.
ولو مات الصبيّ يوم السابع قبل الزوال ، سقطت ، ولو مات بعده لم يسقط استحبابها.
ويكره للأبوين أن يأكلا من العقيقة ، وروي : ولا أحد من عياله ، (٢) وأن تكسر عظامها ، بل تفصل أعضاؤه.
__________________
(١) الانتصار : ٤٠٦ ، المسألة ٢٣٣ ، كتاب الصيد والذبائح.
(٢) الوسائل : ١٥ / ١٥٦ ، الباب ٤٧ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ١.
وروي أنّه يستحبّ إطعام عشرة من المسلمين في العقيقة قال الصادق عليهالسلام :
«فإن زاد فهو أفضل». (١)
وقال :
«إن كانت القابلة يهوديّة لا تأكل من ذبيحة المسلمين أعطيت ربع قيمة الكبش». (٢)
٥٢٨٢. الخامس : روي عن الباقر عليهالسلام قال :
«إذا ذبحت العقيقة فقل : «بسم الله وبالله والحمد لله والله أكبر إيمانا بالله وثناء على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والعصمة لأمره والشكر لرزقه والمعرفة بفضله علينا أهل البيت».
فإن كان ذكرا فقل :
«اللهمّ إنّك وهبت لنا ذكرا وأنت أعلم بما وهبت ،. ومنك ما أعطيت وكلّما صنعنا فتقبّله منّا على سنّتك وسنّة نبيّك (ورسولك) (٣) صلىاللهعليهوآلهوسلم واخسأ عنّا الشيطان الرّجيم ، لك سفكت الدّماء لا شريك لك والحمد لله ربّ العالمين». (٤)
__________________
(١) الوسائل : ١٥ / ١٥٢ ، الباب ٤٥ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ١٥.
(٢) الوسائل : ١٥ / ١٥٢ ، الباب ٤٥ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ١٤.
(٣) ما بين القوسين ليس في المصدر.
(٤) الوسائل : ١٥ / ١٥٥ ، الباب ٤٦ من أبواب أحكام الأولاد ، الحديث ٤.
الفصل الثالث : في الرضاع
وفيه خمسة مباحث :
٥٢٨٣. الأوّل : من السّنّة أن يرضع المولود حولين كاملين ، فإن نقص ثلاثة أشهر لم يكن به بأس ، وإن نقص غير ذلك كان جورا على الصبيّ غير جائز ، ويجوز الزيادة على الحولين إلّا أنّه لا يكون أكثر من شهرين ، ولا تستحق المرضعة على الزائد على الحولين أجرة.
٥٢٨٤. الثاني : أفضل الألبان الّتي يرضع بها الصبيّ لبان الأمّ ، فإن كانت حرّة لم تجبر على إرضاعه ، سواء كانت شريفة ، أو مشروفة ، موسرة ، أو معسرة ، دنيّة ، أو نبيلة (ذميّة أو مسلمة) (١) وسواء كانت ممّن ترضع ولدها في العادة أو لا ، وكذا لو كانت الزوجة أمة ، أو متمتّعا بها ، أمّا أمّ الولد فللمولى إجبارها على إرضاع ولدها.
٥٢٨٥. الثالث : لو كانت الحرّة مطلّقة طلاقا بائنا ، وطلبت الأجرة على إرضاع الولد ، جاز للأب العقد عليها وإعطاؤها الأجرة ، ولو كانت في حبالته أو مطلّقة طلاقا رجعيّا ، فللشيخ قولان :
أحدهما أنّه لا أجرة لها ، ولا يصحّ للأب أن يعقد عليها عقد إجارة للإرضاع. (٢)
__________________
(١) ما بين القوسين في «أ» نسخة بدل.
(٢) المبسوط : ٦ / ٣٦ ـ ٣٧ وج ٣ / ٢٣٩.
والثاني جواز ذلك. (١) وهو الأقرب عندي قال : وكذا لو استأجرها لخدمته أو خدمة غيره لم يجز ، لاستغراق وقتها في حقوقه من الاستمتاع. (٢)
٥٢٨٦. الرابع : لو تبرعت الأمّ بإرضاعه ، لم يجب على الزوج الزيادة في نفقتها ، ولو لم تتبرّع وطلبت الأجرة ، وجب على الأب دفعها إليها إن لم يكن للولد مال ، ولو تبرّعت أجنبيّة بإرضاعه فرضيت الأمّ بالتبرّع ، فهي أحقّ به ، وإن لم ترض ، كان للأب تسليمه إلى المتبرّعة ، وكذا لو طلبت الأمّ أجرة وطلبت الأجنبيّة أقلّ ، كان للأب تسليمه إلى الأجنبيّة.
ولو ادّعى الأب وجود متبرّعة وأنكرت الأمّ ، فالقول قول الأب مع يمينه ، على إشكال.
وإذا أخذت الأمّ الأجرة كان لها أن ترضع بنفسها وبغيرها.
ولا يجب على الأب دفع أجرة ما زاد على الحولين ، وليس للأب تسليمه إلى المتبرّعة مع تبرّع الأمّ ، ولا إلى المستأجرة بما ترضى به الأمّ.
٥٢٨٧. الخامس : لو سلّمه إلى المتبرّعة ، أو امتنعت الأمّ من إرضاعه ، فسلّمه إلى المستأجرة ، لم تسقط حضانة الأمّ ، وتأتي المرضعة فترضعه عندها ، ولو تعذّر حمل الصبيّ إليها وقت الإرضاع ، فإن تعذّر سقطت حضانتها.
__________________
(١) النهاية : ٥٠٣.
(٢) المبسوط : ٦ / ٣٧ ، ولاحظ الأقوال حول المسألة في الخلاف : ٧ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
الفصل الرابع : في الحضانة
وفيه عشرة مباحث :
٥٢٨٨. الأوّل : الحضانة : ولاية وسلطنة لكنّها بالأنثى أليق ، فإذا افترق الأبوان وبينهما ولد وتنازعاه ، فإن كان بالغا رشيدا ، فأمره إلى نفسه ينضمّ إلى من شاء ، سواء كان ذكرا أو أنثى ، ولا حقّ لأحد الأبوين فيه ، غير أنّه يكره للأنثى مفارقة أمّها حتّى تتزوّج.
وإن كان طفلا ، فالأمّ أحقّ بالذكر حولين مدّة الرضاع ، وبعد ذلك يكون الأبّ أولى به منها ، والأمّ أحقّ بالأنثى الصغيرة إلى أن تبلغ سبع سنين ، ثمّ يصير الأب أولى بها منها.
٥٢٨٩. الثاني : إنّما تثبت الحضانة للأمّ حولين للذكر وسبعا للأنثى ما لم تتزوّج ، فإن تزوّجت بغير الأب ، سقطت حضانتها عنهما ، وكان الأب أولى بهما منها ، فإن طلّقها الزّوج رجعيّا لم تعد الحضانة ، وإن كان بائنا عادت الولاية لها ما لم يخرج الحولان في الذكر والسبع في الأنثى ، فإن تزوّجت بآخر سقطت حضانتها ، فإن طلّقها بائنا عادت ، وهكذا.
والمفيد رحمهالله جعل الحضانة للأمّ في الأنثى تسع سنين. (١) والشيخ في
__________________
(١) المقنعة : ٥٣١.
الخلاف (١) والمبسوط (٢) لم يفرّق بين الذكر والأنثى ، بل جعل الحضانة للأم مدّة سبع سنين ولم يفصّل. وما اخترناه هو الأظهر.
٥٢٩٠. الثالث : لو كانت الأمّ مملوكة ، سقطت حضانتها ، وكذا لو كانت كافرة ، والأب مسلم ، وكذا الأب لو كان مملوكا والأمّ حرّة ، فهي أولى بالحضانة إلى أن يبلغ الولد ، أو يعتق الأب.
ولو كان كافرا والمرأة مسلمة فهي أولى بالحضانة إلى البلوغ ، أو إسلامه (٣) سواء تزوّجت الأمّ الحرّة المسلمة أو لا ، وكذا لو مات الأب كانت الأمّ أولى بالذكر والأنثى إلى وقت بلوغهما من الوصيّ وغيره.
٥٢٩١. الرابع : إذا صار الأب أولى بالولد إمّا لتزويج أمّه ، أو لبلوغه المدّة الّتي قرّرناها ، لم يمنع من الاجتماع بأمّه ، فالذكر يذهب إلى أمّه والجارية تأتي أمّها إليها من غير إطالة ولا انبساط في بيت مطلّقها ، ولو مرض الولد لم يمنع أمّه من مراعاته وتمريضه ، وإن مرضت الأمّ لم يمنع الولد من التردّد إليها ذكرا كان أو أنثى.
ولو مات الولد حضرته أمّه ، وتولّت أمره وإخراجه ، وكذا لو ماتت الأمّ حضرها الولد.
٥٢٩٢. الخامس : إذا كان للولد أمّ ، كانت أحقّ به مدّة الحضانة ، فإن ماتت ، كان الأب أولى به من كلّ أحد ، فإن فقدا معا ، فالحضانة للأقارب ، ويترتّبون ترتّب الإرث ، فالأخت للأب والأمّ أولى من الأخت لأحدهما ، والأخت للأب أولى من
__________________
(١) الخلاف : ٥ / ١٣١ ، المسألة ٣٦ من كتاب النفقات.
(٢) المبسوط : ٦ / ٣٩.
(٣) في «ب» : أو الإسلام.
الأخت للأمّ ، قاله الشيخ ، نظرا إلى كثرة النصيب ، ثمّ تردّد ، وقال : لو قلنا بالقرعة كان قويّا ، ثمّ قال : العمّة والخالة سواء يقرع بينهما (١) وأمّ الأب أولى من الخالة وأمّ الأب مع أمّ الأمّ تتساويان ، والجدّة أولى من الأخوات.
وابن إدريس منع من الحضانة لغير الأبوين والجدّ للأب خاصّة بطريق الولاية. (٢)
٥٢٩٣. السادس : إذا اجتمع قرابة يتساوون في الدّرجة ، كالعمّة والخالة ، أو الأختين ، أقرع بينهم ، فمن خرجت القرعة له ، كان أولى بالحضانة.
٥٢٩٤. السابع : كلّ أب خرج من الحضانة بفسق ، أو كفر ، أو رقّ فهو كالميّت ، ويكون الجدّ أولى.
ولو كان الأب غائبا انتقلت حضانته إلى الجدّ.
ولو كان الأبوان مملوكين ، فلا حضانة لهما على الحرّ ولا على المملوك ، بل أمره إلى سيّده ، لكن الأولى لسيّده أن يقرّه مع أمّه ، ولو أراد أن ينقله عنها إلى غيرها ليحضنه ، كان له ذلك ، وكذا لو كان أحد أبويه حرّا وهو مملوك ، أمّا لو كان أحد أبويه حرّا والولد غير مملوك ، فالحضانة للحرّ خاصّة ، ومن لم تكمل فيه الحرّية فهو كالقنّ سواء.
٥٢٩٥. الثامن : لا يسقط عن الأب الموسر نفقة ولده بحضانة أمّه.
٥٢٩٦. التاسع : المجنون أمره إلى الأب وإن بلغ ، ذكرا كان أو أنثى ، والبكر البالغة العاقلة لا ولاية للأب عليها وإن اتّهمت.
__________________
(١) المبسوط : ٦ / ٤٢.
(٢) السرائر : ٢ / ٦٥٤.
٥٢٩٧. العاشر : الأنثى الّتي لا محرميّة لها ، كبنت العمّة وبنت الخالة ، هل تثبت لها الحضانة؟ الأقرب ذلك.
ولو اجتمع الذكور والاناث من الأقارب المتساويين في الدرجة ، كالعمّة والخالة والأخت والجدّ ، فالأقرب تقديم الأنثى في الحضانة ، ولم أقف فيه على نصّ منّا.
الفصل الخامس : في أحكام الأولاد
وفيه سبعة عشر بحثا :
٥٢٩٨. الأوّل : أولاد المعقود عليها دائما يلحقون بالزوج بشروط ثلاثة : الدخول ، ومضيّ ستّة أشهر من حين الوطء ، وعدم تجاوز أقصى الحمل ، وهو تسعة أشهر أو عشرة ، وقيل : سنة ، (١) وليس بمعتمد.
فلو تجرّد العقد عن الدخول لم يلحق به ، وكذا لو جاءت به لأقلّ من ستّة
__________________
(١) القائل هو السيّد المرتضى في الانتصار : ٣٤٥ ، المسألة ١٩٣ ، حيث قال : وممّا انفردت به الإماميّة القول بأنّ أكثر مدّة الحمل سنة واحدة ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ، فقال الشافعي : أكثر مدّة الحمل أربع سنين.
وقال الزهري والليث وربيعة : أكثره سبع سنين. وقال أبو حنيفة : أكثره سنتان.
وعن مالك ثلاث روايات : إحداها مثل قول الشافعي أربع سنين. والثانية خمس سنين. والثالثة سبع سنين.
وقال الشيخ في المبسوط : ٥ / ٢٩٠ : أقلّ الحمل ستّة أشهر وأكثر الحمل عندنا تسعة أشهر ، وقال بعض أصحابنا : سنة ، وقال قوم : أربع سنين ، وقال آخرون : سنتان وفيه خلاف. لاحظ مختلف الشيعة : ٧ / ٣١٤ ـ ٣١٦.
أشهر من حين الوطء حيّا كاملا أو لأكثر من عشرة أشهر ، إمّا باتّفاقهما أو بغيبوبة المدّة الزائدة عن أقصى الحمل.
٥٢٩٩. الثاني : مع اختلال أحد الشرائط لا يجوز له إلحاقه به ، ويجب نفيه عنه ، ولو حصلت شرائط الإلحاق ، لم يجز له نفيه وإن جاءت به لأقلّ الحمل ، سواء اتّهم أمّه بالفجور أو تيقّنه ، (١) ولو نفاه حينئذ لم ينتف إلّا باللعان.
أمّا لو علم إخلال أحد الشرائط ، فإنّه ينتفي عنه بغير لعان.
ولو اعترف بالدخول وولادة الزّوجة له لأقلّ الحمل أو أكثره ، وجب عليه الإقرار به ، فلو أنكره لم ينتف إلّا باللعان ، وكذا لو اختلفا في المدّة.
٥٣٠٠. الثالث : لو اختلفا في الدخول ، فالقول قول الزّوج مع يمينه ، وكذا لو اختلفا في الولادة ، لأنّه يمكنها إقامة البيّنة عليها (٢).
فإن اتّفقا على الولادة والدخول والمدّة ، واختلفا في النسب ، فالقول قولها ، ويلحقه الولد ، ولو اعترف بالولد ثمّ نفاه بعد ذلك ، لم يقبل نفيه وألزم الولد.
ولو وطأها غيره فجورا ، كان الولد لصاحب الفراش ، لا يجوز له نفيه عنه ، فإن نفاه لاعن أو حدّ.
٥٣٠١. الرابع : لو طلّق زوجته فاعتدّت ، ثمّ جاءت بولد ما بين الفراق إلى أكثر (٣) مدّة الحمل ولم توطأ بعقد ولا شبهة عقد لحق به ، ولو تزوّجت ثمّ
__________________
(١) وفي الشرائع : ٢ / ٣٤١ : ومع الدخول وانقضاء أقلّ الحمل لا يجوز له نفي الولد لمكان تهمة أمّه بالفجور ، ولا مع تيقّنه ، ولو نفاه لم ينتف إلّا باللعان.
(٢) فلا يقبل قولها فيها بغير بيّنة.
(٣) في «أ» : إلى كثرة.
جاءت بولد لدون ستّة أشهر كاملا من وطء الثاني ، فهو للأوّل ما لم يتجاوز أقصى الحمل ، وإن كان لستّة أشهر فصاعدا ، كان للثاني.
وكذا لو باع السيّد جاريته الموطوءة فأتت بولد لدون ستّة أشهر من وطء الثاني ، كان لاحقا بالمولى الأوّل ، وإن كان لستّة أشهر فصاعدا ، كان للثاني.
٥٣٠٢. الخامس : لو أحبل امرأة من الزّنا ثمّ تزوّجها أو اشتراها من مولاها ، لم يجز له إلحاقه به ، وكذا ولد الزنا مطلقا لا يجوز لأحد أبويه إلحاقه به.
٥٣٠٣. السادس : إذا وطأ أمته فجاءت بولد لستّة اشهر فصاعدا ، لزمه الإقرار به ، ولو نفاه لم يفتقر إلى لعان ، وحكم بنفيه ظاهرا ما لم يتقدّم النفي اعتراف ، وكذا لو اعترف به بعد النفي ، فإنّه يلحق به ، ولو وطأها المولى ثمّ الأجنبيّ ، كان الولد للمولى.
ولو انتقلت إلى موال ووطأها كل واحد منهم ، حكم بالولد لمن هي عنده إن جاءت لستّة أشهر فصاعدا منذ وطئها ، ولو جاء لأقلّ ، كان للّذي قبله إن كان لوطئه ستّة أشهر فصاعدا ، وإلّا فللّذي قبله ، وهكذا.
٥٣٠٤. السابع : لو كان الأمة لشركاء فوطئوها في طهر واحد وولدت وتداعوه ، أقرع بينهم ، فمن خرج اسمه ألحق به وأغرم حصص الباقين من قيمته يوم سقوطه حيّا وقيمة أمّه ، وان ادّعاه واحد ، ألحق به ، وألزم حصص الباقين من قيمة الأمّ والولد.
٥٣٠٥. الثامن : لا يجوز نفي الولد مع وطء المرأة أو الجارية في القبل لمكان العزل ، ولو نفاه كان عليه اللعان إن كانت الأمّ زوجته ، أمّا مملوكته فينتفي الولد من غير لعان.
٥٣٠٦. التاسع : يجب الاعتراف بولد المتعة مع حصول شرائط الإلحاق ، وهو الدخول ، ومجيئه لستّة أشهر فصاعدا ، وعدم تجاوزه أقصى الحمل ، ولا يجوز له نفيه لمكان الشبهة ، ولا لمكان العزل ، سواء اشترط إلحاقه به في العقد أولا ، ولو نفاه أثم ، ولا يجب عليه لعان ، وينتفي ظاهرا.
٥٣٠٧. العاشر : لو وطئ أمته ، ثمّ وطئها غيره فجورا ، ألحق الولد بالمولى ، ولا يجوز له نفيه إذا اشتبه عليه الأمر ، فإن نفاه انتفى ظاهرا من غير لعان ، قال الشيخ رحمهالله : فإن غلب على ظنّه أنّه ليس منه بشيء من الأمارات ، لم يلحقه بنفسه ، (١) ولا يجوز له نفيه ، (٢) وينبغي أن يوصي له بشيء من ماله ، ولا يورّثه ميراث الأولاد. (٣) وفيه إشكال.
ولو جاءت جاريته بولد ولم يكن قد وطئها ، جاز له بيع الولد على كلّ حال.
٥٣٠٨. الحادي عشر : قال الشيخ : إذا اشترى جارية حبلى ، فوطئها قبل مضيّ أربعة أشهر وعشرة أيّام ، فلا يبيع ذلك الولد ، لأنّه غذّاه بنطفته ، وكان عليه أن يعزل له من ماله شيئا ويعتقه ، وان كان وطؤه لها بعد أربعة أشهر وعشرة أيّام ، جاز له بيع ذلك الولد على كلّ حال ، وكذا لو كان الوطء قبل ذلك ، لكنّه يكون قد عزل عنها ، فإنّه يجوز له بيع الولد. (٤) والأقرب جواز بيع الولد.
٥٣٠٩. الثاني عشر : الوطء بالشبهة يلحق به النسب كالصحيح ، فلو اشتبهت
__________________
(١) في المصدر : فلا يلحقه بنفسه.
(٢) في المصدر : «ولا يجوز له بيعه» ولعله الصحيح بالنظر إلى ما يأتي من حديث بيع الولد.
(٣) النهاية : ٥٠٦ ـ ٥٠٧.
(٤) النهاية : ٥٠٧.
عليه أجنبيّة فظنّها زوجته أو مملكوته ، فوطئها ، وجاءت منه بولد ، لحق به ، وكذا لو وطئ أمة غيره لشبهة (١) ، لكن هنا يلزمه قيمة الولد يوم سقوطه حيّا.
٥٣١٠. الثالث عشر : لو ظنّ خلوّ المرأة عن زوج ، وظنّت هي موت زوجها أو طلاقه ، فتزوّجها ، ثمّ بان حياته وكذب المخبر بالطلاق ، ردّت على الأوّل بعد الاعتداد من الثاني ، ولو حبلت من الثاني لحق به الولد مع الشرائط ، سواء استندت في الموت أو الطلاق إلى حكم حاكم أو شهادة شاهدين أو إخبار واحد ، ولا نفقة لها على الزوج الأخير في عدّته ، لأنّها لغيره ، بل على الأوّل ، لأنّها زوجته ، ولو أكذب شهود الطلاق أنفسهم عزّروا ، ولم ينقض الحكم ، ويرجع عليهم بالدّرك.
٥٣١١. الرابع عشر : إذا وطئ اثنان امرأة في طهر واحد ، وكان وطأ يلحق به النسب ، إمّا بأن يكون وطأ شبهة من كلّ واحد منهما ، بأن يظنّها كلّ واحد أنّها زوجته ، فيطأها ، أو يكون نكاح كلّ واحد منهما فاسدا ، بأن وطئها أحدهما في نكاح فاسد ، ثمّ تتزوّج (٢) بآخر نكاحا فاسدا ، ويطأها ، أو يكون وطء أحدهما في نكاح صحيح والآخر في فاسد ، وتأتي به (٣) لمدّة يمكن أن يكون من كلّ واحد منهما ، فإنّه يقرع بينهما ، فمن خرج اسمه ألحق به ، ولا يلحق بهما معا ، ولا بمن يلحقه القافة. (٤)
٥٣١٢. الخامس عشر : لا فرق بين أن يكون المتنازعان حرّين أو عبدين ،
__________________
(١) في «أ» : بشبهة.
(٢) في «ب» : تزوّج.
(٣) في «أ» : ويأتي به.
(٤) القافة جمع قائف ، وهو الّذي يعرف الآثار ويلحق الولد بالوالد. مجمع البحرين.
مسلمين أو كافرين أو مختلفين ، أو أبا وابنا ، فإنّ القرعة ثابتة في ذلك كلّه ، ولو كان مع أحدهما بيّنة حكم لها ، وتبع الولد من قامت له البيّنة في الإسلام والكفر ، وكذا لو ألحقته القرعة بأحدهما ، فإنّه يلحقه دينا ونسبا ، ولا يحتاج إلى قرعة للدّين.
٥٣١٣. السادس عشر : الأسباب (١) الّتي يلحق بها الأنساب :
الفراش المنفرد ، بأن ينفرد بوطئها وطأ يلحق بها النسب.
والدعوى المنفرد ، بأن يدّعي مجهول النسب وحده من غير منازع.
والفراش المشترك مع التنازع ، يحكم فيه بالقرعة ، كما تقدّم ، أو بالبيّنة ، ولو انفرد أحدهم بالدعوى ، حكم له وإن اشترك الفراش.
وأمّا المرأة فيلحق الولد بها بالبيّنة أو بدعواها إذا كان ممكنا.
ولو تداعاه امرأتان أقرع بينهما كالرّجل.
٥٣١٤. السابع عشر : الحميل ـ وهو الّذي يجلب من بلاد الشرك بأمان أو بغيره ـ إذا أسلم ، أو كان مسلما ثمّ قدم واعترف بنسب مجهول النسب في دار الإسلام ، وكان المدّعى طفلا ، لحق نسبه به ، وإن كان كبيرا افتقر إلى التصديق منه فيه ، سواء ادّعى بنوّته أو أخوّته أو غيرهما من جهات النسب.
__________________
(١) وهي ثلاثة عند المصنّف : ١ ـ الفراش المنفرد. ٢ ـ والدعوى المنفرد. ٣ ـ والفراش المشترك مع التنازع.