محمّد جعفر الأسترآبادي
المحقق: مركز العلوم والثقافة الإسلامية
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة بوستان كتاب
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-548-224-0
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥١١
دليل الجزء الرابع
بقيّة مباحث الإمامة
المطلب الرابع : بعض الأخبار الواردة في أحوال الأئمّة عليهمالسلام....................... ٧
المطلب الخامس : في المعجزات................................................. ٤٢
في أسرار الأئمّة عليهمالسلام....................................................... ١٣٦
تذنيب : في مواليدهم عليهمالسلام.................................................. ٢٠١
المقصد السادس : في الأصل الخامس
المعاد....................................................................... ٢٠٩
الفصل الأوّل : في عود الأرواح بعد إزهاقها وحصول الموت................... ٢١٥
الفصل الثاني : في المعاد الجسمانيّ العنصريّ الترابيّ.............................. ٢٤٥
الفصل الثالث : في بيان أحوال النار وأهلها.................................... ٣٠٣
الفصل الرابع : في بيان أحوال أهل الأعراف.................................. ٣٠٩
الفصل الخامس : في بيان أحوال الجنّة وأهلها.................................. ٣١١
تكميل ، فيه ذكر أخبار متعلّقة بالمعاد.......................................... ٣٢٧
فهرس الموضوعات.......................................................... ٣٦٣
الفهارس العامّة للأجزاء الأربعة............................................... ٣٦٩
[ بقيّة مباحث الإمامة ]
المطلب الرابع :
[ بعض الأخبار الواردة في أحوال الأئمّة عليهم السلام ]
في بيان نبذ ممّا ورد في « أصول الكافي » من الأخبار الواردة في أحوال الأئمّة عليهمالسلام في فصول عديدة :
فصل [١] : في لزوم الحجّة
روي عن هشام بن الحكم أنّه بعد ما سأل عمرو بن عبيد عن فوائد العين ونحوها من الجوارح وأجاب ، سأله عن فائدة القلب فأجاب بأنّ فائدته رفع الشكّ عن الجوارح ، قال : يا أبا مروان ، الله تعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماما يصحّح لها الصحيح ويتيقّن به ما شكّ فيه ، ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم وحيرتهم؟! فحكى لأبي عبد الله عليهالسلام فقال : هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى.
قال عليهالسلام للشاميّ : « كلّم هذا الغلام » ـ يعني هشام بن الحكم ـ فقال : نعم. فقال لهشام : يا غلام ، سلني في إمامة هذا ، فغضب هشام حتّى ارتعد ، ثمّ قال للشاميّ : يا هذا ، أربّك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم؟ فقال الشاميّ : بل ربّي أنظر لخلقه ، قال : ففعل بنظره لهم ما ذا؟ قال : أقام لهم حجّة ودليلا ؛ كيلا يتشتّتوا أو يختلفوا ، يتألّفهم ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربّهم ، قال : فمن هو؟ قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال هشام :
فبعد رسول الله صلىاللهعليهوآله من؟ قال : الكتاب والسنّة ، قال هشام : فهل نفعت اليوم الكتاب والسنّة في رفع الاختلاف عنّا؟
قال الشاميّ : نعم ، قال : فلما اختلفت أنا وأنت وصرت إلينا من الشام في مخالفتنا إيّاك؟ فسكت الشاميّ ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « ما لك لا تتكلّم؟ » قال الشاميّ : إن قلت : لم نختلف كذبت ، وإن قلت : إنّ الكتاب والسنّة يرفعان عنّا الاختلاف أبطلت ؛ لأنّهما يحتملان الوجوه ، وإن قلت : قد اختلفنا وكلّ واحد منّا يدّعي الحقّ. فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنّة إلاّ أنّ لي هذه الحجّة ، (١) إلى آخر الحديث.
فصل [٢] : في طبقات الأنبياء والرسل والأئمّة عليهمالسلام
عن زيد الشحّام ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « إنّ الله تعالى اتّخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتّخذه نبيّا ، واتّخذه نبيّا قبل أن يتّخذه رسولا ، وإنّ الله تعالى اتّخذه رسولا قبل أن يتّخذه خليلا ، وإنّ الله تعالى اتّخذه خليلا قبل أن يجعله إماما ، فلمّا جمع له الأشياء ، قال : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) فمن عظمها في عين إبراهيم عليهالسلام قال : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) قال : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) قال : « لا يكون السفيه إمام التقيّ » (٢).
بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّكم لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا ، ولا تعرفوا حتّى تصدّقوا ، ولا تصدّقوا حتّى تسلّموا أبوابا أربعة لا يصلح أوّلها [ إلاّ ] بآخرها ، ضلّ أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا ، إنّ الله عزّ وجلّ لا يقبل إلاّ العمل الصالح ، ولا يقبل الله إلاّ الوفاء بالشروط والعهود ، فمن وفى لله عز وجلّ شرطه واستعمل ما وصف من عهده ، نال من عنده واستكمل [ ما ] وعده ، إنّ الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار وأخبرهم كيف
__________________
(١) « الكافي » ١ : ١٦٩ ـ ١٧٢ ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٣ و ٤.
(٢) « الكافي » ١ : ١٧٥ ، باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمّة ، ح ٢. والآية في سورة البقرة (٢) : ١٢٤.
يسلكون ، فقال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) ، (١) وقال تعالى : ( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) ، (٢) فمن اتّقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآله هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا ، وظنّوا أنّهم آمنوا وأشركوا من حيث لا يعلمون. إنّه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها أخذ سبيل الردى ، وصل الله طاعة وليّ أمره بطاعة رسوله ، وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الإقرار بما أنزل من عند الله عزّ وجلّ » (٣) إلى آخر الحديث.
بإسناده عن محمّد بن بريد الطبري قال : كنت قائما على رأس الرضا عليهالسلام بخراسان وعنده عدّة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العبّاسي فقال : « يا إسحاق ، بلغني أنّ الناس يقولون : إنّا نزعم أنّ الناس عبيد لنا! لا ، وقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ما قلته ، وما سمعته من أحد من آبائي قاله ، ولا بلغني من أحد من آبائي قاله ، ولكنّي أقول : الناس عبيد لنا في الطاعة ، موال لنا [ في الدين ] فليبلّغ الشاهد الغائب » (٤).
عن أبي سلمة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : « نحن الذين فرض الله طاعتنا ، لا يسع الناس إلاّ معرفتنا ، ولا يعذر الناس بجهالتنا ، من عرفنا كان مؤمنا ، ومن أنكرنا كان كافرا ، و [ من ] لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاّ حتّى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة ، فإن يمت على ضلالته ، يفعل الله ما يشاء » (٥).
__________________
(١) طه (٢٠) : ٨٢.
(٢) المائدة (٥) : ٢٧.
(٣) « الكافي » ١ : ١٨١ ـ ١٨٢ ، باب معرفة الإمام والردّ إليه ، ح ٦ و ٢ : ٤٧ ـ ٤٨ ، باب خصال المؤمن ، ح ٣.
(٤) المصدر السابق ١ : ١٨٧ ، باب فرض طاعة الأئمّة عليهمالسلام ، ح ١٠.
(٥) المصدر السابق ، ح ١١.
بإسناده عن محمّد بن الفضيل قال : سألته عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى الله عز وجلّ ، قال : « أفضل ما يتقرّب به العباد إلى الله عزّ وجلّ طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر » ، قال أبو جعفر عليهالسلام : « محبّتنا إيمان وبغضنا كفر » (١).
وبإسناده عن أبي الحسن العطّار قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « أشرك بين الأوصياء والرسل في الطاعة » (٢).
بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « إنّ الله عزّ وجلّ طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحججه في أرضه وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا » (٣).
بإسناده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) ، (٤) فقال : « رسول الله صلىاللهعليهوآله المنذر ، وعليّ عليهالسلام الهادي. يا أبا محمّد هل من هاد اليوم؟ قلت : بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد من بعد هاد حتّى دفعت إليك ، [ فقال : ] « رحمك الله يا با محمّد ، لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثمّ مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب والسنّة ، ولكنّه حيّ يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى » (٥).
بإسناده عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ، (٦) قال : « هم الأئمّة عليهمالسلام » (٧).
__________________
(١) « الكافي » ١ : ١٨٧ ، باب فرض طاعة الأئمّة عليهمالسلام ، ح ١٢.
(٢) المصدر السابق : ١٨٦ ، ح ٥.
(٣) المصدر السابق : ١٩١ ، باب في أنّ الأئمّة شهداء ... ، ح ٥.
(٤) الرعد (١٣) : ٧.
(٥) « الكافي » ١ : ١٩٢ ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام هم الهداة ، ح ٣.
(٦) النور (٢٤) : ٥٥.
(٧) « الكافي » ١ : ١٩٣ ـ ١٩٤ ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام خلفاء الله عزّ وجلّ ... ، ح ٣.
بإسناده عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء قال : سألت الرضا عليهالسلام فقلت له : جعلت فداك ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) فقال : « نحن أهل الذكر ونحن المسئولون » قلت : فأنتم هم المسئولون ونحن السائلون؟ قال : « نعم » قلت : حقّا علينا أن نسألكم؟ قال : « نعم » ، قلت : حقّا عليكم أن تجيبونا؟ قال : « لا ، ذاك إلينا إن شئنا فعلنا ، وإن شئنا لم نفعل ، أما تسمع قول الله تعالى : ( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) » (٢).
بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله الله عزّ وجلّ : ( إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) ، (٣) « فرسول الله الذكر وأهل بيته هم المسئولون وهم أهل الذكر » (٤). وفي معناه أخبار أخر.
فصل [٣] : في بيان أنّهم الموصوفون بالعلم
بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزّ وجلّ : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) ، (٥) قال أبو جعفر عليهالسلام : « إنّما نحن الذين يعلمون ، والذين لا يعلمون عدوّنا ، وشيعتنا أولو الألباب » (٦).
فصل [٤] : في بيان أنّهم هم الراسخون في العلم
وفي معناها خبر آخر عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « نحن الراسخون
__________________
(١) النحل (١٦) : ٤٣.
(٢) « الكافى » ١ : ٢١٠ ـ ٢١١ ، باب أنّ أهل الذكر ... ، ح ٣ ، والآية في سورة ص (٣٨) : ٣٩.
(٣) الزخرف (٤٣) : ٤٤.
(٤) « الكافي » ١ : ٢١١ ، باب أنّ أهل الذكر ... ، ح ٤.
(٥) الزمر (٣٩) : ٩.
(٦) « الكافي » ١ : ٢١٢ ، باب أنّ من وصفه الله تعالى ... ، ح ١.
في العلم ونحن نعلم تأويله » (١).
وفي معناه خبران آخران عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول في هذه الآية : ( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) ، (٢) فأومأ بيده إلى صدره (٣).
وفي معناه أيضا أخبار أخر عن أبي عبيدة المدائني عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله عزّ وجلّ ذلك » (٤).
عن سيف التمّار قال : كنّا مع أبي عبد الله عليهالسلام جماعة من الشيعة في الحجر ، فقال : « علينا عين » ، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا ، فقلنا : ليس علينا عين ، فقال : « وربّ الكعبة وربّ البيت ـ ثلاث مرّات ـ لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أنّي أعلم منهما ، ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما ؛ لأنّ موسى والخضر عليهماالسلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتّى تقوم الساعة ، وقد ورثناه من رسول الله صلىاللهعليهوآله وراثة » (٥).
عن ضريس الكناسي قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول ـ وعنده أناس من أصحابه ـ : « عجبت من قوم يتوالونا ويجعلونا أئمّة ويصفون بأنّ طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ يكسرون حجّتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم فينتقصون حقّنا ، ويعيبون ذلك على من أعطاه الله تعالى برهان حقّ معرفتنا والتسليم لأمرنا ، أترون أنّ الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ، ثمّ يخفي عليهم أخبار السماوات والأرض ، ويقطع عنهم موادّ العلم فيما يرد عليهم ممّا فيه قوام دينهم ». (٦) إلى آخر الحديث.
__________________
(١) المصدر السابق : ٢١٣ ، باب أنّ الراسخين في العلم ... ، ح ١.
(٢) العنكبوت (٢٩) : ٤٩.
(٣) « الكافي » ١ : ٢١٣ ، باب أنّ الأئمّة قد أوتوا العلم ... ، ح ١.
(٤) المصدر السابق : ٢٥٨ ، باب أنّ الأئمّة إذا شاءوا أن يعلموا علموا ، ح ٣.
(٥) المصدر السابق ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦١ ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام يعلمون علم ما كان وما يكون ... ، ح ١.
(٦) المصدر السابق ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام يعلمون علم ما كان وما يكون ... ، ح ٤.
فصل [٥] : في بيان جهات علومهم
عن عليّ السائي عن أبي الحسن الأوّل موسى عليهالسلام ، قال : قال : « مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث ، فأمّا الماضي فمفسّر ، وأمّا الغابر فمزبور ، وأمّا الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع ، وهو أفضل علمنا ولا نبيّ بعد نبيّنا » (١).
عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي الحسن : روّينا عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : « علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الأسماع » ، فقال : « أمّا الغابر فما تقدّم من علمنا ، وأمّا المزبور فما يأتينا ، وأمّا النكت في القلوب فإلهام ، وأمّا النقر في الأسماع فأمر الملك » (٢).
عن موسى بن أشيم قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله فأخبره بها ، ثمّ دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر [ به ] الأوّل ، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتّى كأنّ قلبي يشرح بالسكاكين ، فقلت في نفسي : تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه ، وجئت إلى هذا الخطأ كلّه ، فبينا أنا كذلك إذا دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي فقلت : إنّ ذلك منه تقيّة قال : ثمّ التفت إليّ فقال : « يا ابن أشيم! إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى سليمان بن داود عليهالسلام فقال : ( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) ، (٣) وفوّض إلى نبيّه صلىاللهعليهوآله وقال : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ، (٤) فما فوّض إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فوّضه إلينا » (٥).
__________________
(١) « الكافي » ١ : ٢٦٤ ، باب جهات علوم الأئمّة عليهمالسلام ، ح ١.
(٢) المصدر السابق ، ح ٣.
(٣) ص (٣٨) : ٣٩.
(٤) الحشر (٥٩) : ٧.
(٥) « الكافي » ١ : ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، باب التفويض إلى رسول الله ... ، ح ٢.
عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « لا والله ما فوّض الله إلى أحد من خلقه إلاّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وإلى الأئمّة عليهمالسلام قال الله عزّ وجلّ : ( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ) ، (١) وهي جارية في الأوصياء عليهمالسلام » (٢).
وفي آخر : « فما فوّض الله إلى رسول الله فوّضه إلينا » (٣).
فصل [٦] : في بيان علوّ منزلتهم
عن سدير قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ قوما يزعمون أنّكم آلهة يتلون علينا بذلك قرآنا ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) (٤)؟ فقال : « يا سدير! سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء ، وبرئ الله منهم ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي ، ولا يجمعني الله وإيّاهم يوم القيامة إلاّ وهو ساخط عليهم ».
قال : قلت : وعندنا قوم يزعمون أنّكم رسل ويقرءون علينا بذلك قرآنا ( يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) ، (٥) فقال : « يا سدير! سمعي وبصري شعري ولحمي ودمي من هؤلاء براء ، وبرئ الله ورسوله منهم ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي ، والله لا يجمعني الله وإيّاهم يوم القيامة إلاّ وهو ساخط عليهم ».
قال : قلت : فما أنتم؟ قال : « نحن خزّان علم الله ، ونحن تراجمة أمر الله ، نحن قوم معصومون ، أمر الله تعالى بطاعتنا ، ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجّة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض » (٦).
__________________
(١) النساء (٤) : ١٠٥.
(٢) « الكافي » ١ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ، باب التفويض إلى رسول الله ... ، ح ٨.
(٣) المصدر السابق : ٢٦٨ ، ح ٩.
(٤) الزخرف (٤٣) : ٨٤.
(٥) المؤمنون (٢٣) : ٥١.
(٦) « الكافي » ١ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، باب في أنّ الأئمّة بمن يشبهون ... ، ح ٦.
فصل [٧] : في بيان دليل على عصمتهم وافتراض طاعتهم
عن محمّد بن إسماعيل قال : سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول : « الأئمّة عليهمالسلام علماء صادقون مفهّمون محدّثون » (١).
فصل [٨] : في بيان أنّهم محدّثون
عن محمّد بن مسلم قال : ذكرت المحدّث عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال : « إنّه يسمع الصوت ولا يرى الشخص » ، فقلت له : أصلحك الله كيف يعلم أنّه كلام الملك؟ قال : « يعطى السكينة والوقار حتّى يعلم أنّه كلام الملك » ، (٢) وفي معنى الأوّل خبران آخران.
عن عبيد بن زرارة وجماعة معه قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « يعرف الذي بعد الإمام علم من كان قبله في آخر دقيقة من حياة الأوّل » (٣).
فصل [٩] : في بيان أنّهم متى يعلم اللاحق علم السابق
عن داود النهدي ، عن عليّ بن جعفر ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « نحن في العلم والشجاعة سواء وفي العطاء على قدر ما نؤمر » (٤).
عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : نحن في الأمر والنهي والحلال والحرام نجري مجرى واحدا ، فأمّا رسول الله صلىاللهعليهوآله وعليّ عليهالسلام فلهما فضلهما » (٥).
__________________
(١) « بصائر الدرجات » : ٣١٩ ، ح ١ ؛ « الكافي » ١ : ٢٧١ ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام محدثون مفهمون ، ح ٣.
(٢) « بصائر الدرجات » : ٣٢٣ ، ح ٩.
(٣) « الكافي » ١ : ٢٧٤ ، باب وقت ما يعلم الإمام ... ، ح ٢ ، وفيه : « في آخر دقيقة تبقى من روحه ».
(٤) « الكافي » ١ : ٢٧٥ ، باب في أنّ الأئمّة صلوات الله عليهم في العلم والشجاعة والطاعة سواء ، ح ٢.
(٥) المصدر السابق ، ح ٣ ؛ « الاختصاص » : ٢٦٧.
وفي آخر : « وحجّتهم واحدة وطاعتهم واحدة » (١).
فصل [١٠] : في بيان أنّهم سواء في العلم والشجاعة
عن عمر بن الأشعث قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « أترون الموصي منّا يوصي إلى من يريد؟! لا والله ولكن عهد من الله ورسوله صلىاللهعليهوآله لرجل فرجل حتّى ينتهي الأمر إلى صاحبه » (٢). وفي معناه أخبار أخر (٣).
فصل [١١] : في بيان أنّ الإمامة عهد من الله
عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهماالسلام أبدا ، إنّما جرت من عليّ بن الحسين عليهالسلام كما قال الله : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) (٤) ، فلا تكون بعد عليّ بن الحسين عليهماالسلام إلاّ في أعقاب وأعقاب الأعقاب » (٥).
وفي معناه أو قريب منه أخبار أخر (٦).
فصل [١٢] : في بيان أنّه يكون أكبر ولده
عن ابن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : إذا مات الإمام بم يعرف الذي بعده؟ فقال : « للإمام علامات : منها أن يكون أكبر ولد أبيه ، ويكون فيه الفضل
__________________
(١) المصدر السابق : ذيل ح ١.
(٢) المصدر السابق : ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ، باب أنّ الإمامة عهد من الله عزّ وجلّ ... ، ح ٢.
(٣) راجع المصدر السابق.
(٤) الاحزاب (٣٣) : ٦.
(٥) « الكافي » ١ : ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، باب ثبات الإمامة في الأعقاب ... ، ح ١ ؛ « الغيبة » للطوسي : ٢٢٦ ، ح ١٩٢.
(٦) راجع « الكافي » ١ : ٢٨٦ ، باب ثبات الإمامة في الأعقاب ... ، ح ٤ ؛ و « كمال الدين » : ٤١٤ ، باب ما روي في أنّ الإمامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين عليهماالسلام.
والوصيّة ويقدم الركب فيقول إلى من أوصى فلان ، فيقال : إلى فلان ، والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل تكون الإمامة مع الصلاح حيثما كان » (١).
فصل [١٣] : في بيان أنّ الإمام واجب الإطاعة
عن زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمّد بن مسلم ويزيد بن معاوية وأبي الجارود جميعا عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « أمر الله عزّ وجلّ رسوله بولاية عليّ عليهالسلام وقال : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ) (٢) ... إلى آخره ، وفرض ولاية أولي الأمر ، فلم يدروا ما هي ، فأمر الله محمّدا صلىاللهعليهوآله أن يفسّر لهم الولاية ، كما فسّر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحجّ » ، وساق الحديث إلى أن قال عليهالسلام : « وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض » (٣).
فصل [١٤] : في بيان أنّه انفتح لعليّ عليهالسلام ألف ألف باب من العلم
عن يونس بن رباط قال : دخلت أنا وكامل التمّار على أبي عبد الله عليهالسلام فقال له كامل : جعلت فداك حديثا رواه فلان؟ فقال : « اذكره » ، فقال : حدّثني أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله حدّث عليّا بألف باب يوم توفّي رسول الله صلىاللهعليهوآله من كلّ باب يفتح ألف باب ، فذلك ألف ألف باب ، فقال : « لقد كان ذلك » ، قلت : جعلت فداك فظهر ذلك لشيعتكم ومواليكم؟ فقال : « يا كامل! باب أو بابان » ، فقلت له : جعلت فداك فما يروى من فضلكم من ألف ألف باب إلاّ باب أو بابان ، قال : فقال : « وما عسيتم أن ترووا من فضلنا ، ما تروون من فضلنا إلاّ ألفا غير معطوفة في علومهم » (٤).
__________________
(١) « الكافي » ١ : ٢٨٤ ، باب الأمور التي توجب حجّة الإمام عليهالسلام ، ح ١.
(٢) المائدة (٥) : ٥٥.
(٣) « الكافي » ١ : ٢٨٩ ، باب ما نصّ الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة عليهمالسلام واحدا فواحدا ، ح ٤.
(٤) المصدر السابق : ٢٩٧ ، باب الإشارة والنصّ على أمير المؤمنين عليهالسلام ، ح ٩.
فصل [١٥] : في بيان لو لا أنّ الأئمّة يزدادون لنفد ما عندهم
عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « لو لا أنّا نزداد لأنفدنا » ، قال : قلت : تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟ قال : « أما إنّه إذا كان ذلك عرض على رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ على الأئمّة عليهمالسلام ثمّ انتهى الأمر إلينا » (١).
عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ليس يخرج شيء من عند الله عزّ وجلّ حتّى يبدأ برسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ بأمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ بواحد بعد واحد ؛ لئلاّ يكون آخرنا أعلم من أوّلنا » (٢).
فصل [١٦] : في بيان أنّهم يعلمون جميع علوم الأنبياء عليهمالسلام
عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّ لله ـ تبارك وتعالى ـ علمين : علما أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله ، فما أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله فقد علمناه ، وعلما استأثر به ، فإذا بدا لله في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمّة الذين كانوا من قبلنا » (٣).
عن ضريس قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « إنّ لله عزّ وجلّ علمين : علما مبذولا ، وعلما مكفوفا : فأمّا المبذول فإنّه ليس من شيء تعلمه الملائكة والرسل إلاّ نحن نعلمه ، وأمّا المكفوف فهو الذي عند الله عزّ وجلّ في أمّ الكتاب إذا خرج نفد » (٤).
عن معمّر بن خلاّد قال : سأل أبا الحسن عليهالسلام رجل من فارس ، فقال له : أتعلمون الغيب؟ فقال : قال أبو جعفر عليهالسلام : « يبسط لنا العلم فنعلم ، ويقبض عنّا فلا نعلم » ، فقال :
__________________
(١) المصدر السابق ١ : ٢٥٥ ، باب لو لا الأئمّة يزدادون لنفذ ما عندهم ، ح ٣.
(٢) المصدر السابق ، ح ٤.
(٣) المصدر السابق ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام يعلمون جميع العلوم ... ، ح ١.
(٤) المصدر السابق ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، باب أنّ الأئمّة عليهمالسلام يعلمون جميع العلوم ... ، ح ٣.
« سرّ الله عزّ وجلّ أسرّه إلى جبرئيل عليهالسلام وأسرّه جبرئيل إلى محمّد صلىاللهعليهوآله وأسرّه محمّد إلى من شاء الله » (١).
عن عمّار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الإمام يعلم الغيب ، قال : « لا ، ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك » (٢).
عن سدير الصيرفي قال : سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ، (٣) قال أبو جعفر عليهالسلام : « إنّ الله عزّ وجلّ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السماوات والأرض ولم يكن قبلهنّ سماوات ولا أرضون ، أما تسمع قوله : ( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) (٤)؟ » فقال له حمران : أرأيت قوله جلّ ذكره : ( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ) (٥) ؛ فقال أبو جعفر عليهالسلام : ( إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) (٦) ، « وكان والله محمّد صلىاللهعليهوآله ممّن ارتضاه الله ، وأمّا قوله : ( عالِمُ الْغَيْبِ ) فإنّ الله عزّ وجلّ عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدّر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه ، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة ، فذلك يا حمران ، علم موقوف عنده إليه فيه المشيئة ، فيقضيه إذا أراد ، ويبدو له فلا يمضيه ، فأمّا العلم الذي يقدّره الله عزّ وجلّ فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ إلينا » (٧).
فصل [١٧] : في بيان أنّ علم الأئمّة عليهمالسلام يزداد كلّ ليلة جمعة
عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال لي : « يا أبا يحيى إنّ لنا في
__________________
(١) « الكافي » ١ : ٢٥٦ ، باب نادر فيه ذكر الغيب ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : ٢٥٧ ، ح ٤.
(٣) البقرة (٢) : ١١٧ ؛ الأنعام (٦) : ١٠١.
(٤) هود (١١) : ٧.
(٥) الجنّ (٧٢) : ٢٦ و ٢٧.
(٦) الجنّ (٧٢) : ٢٦ و ٢٧.
(٧) « الكافي » ١ : ٢٥٦ ، باب نادر فيه ذكر الغيب ، ح ٢.
ليالي الجمعة لشأنا من الشأن » ، قال : قلت : جعلت فداك وما ذاك الشأن؟ قال : « يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى ، وأرواح الأوصياء الموتى ، وروح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش ربّها ، فتطوف به أسبوعا وتصلّي عند كلّ قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثمّ تردّ إلى الأبدان التي كانت فيها ، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا ، ويصبح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جمّ الغفير » (١).
وفي رواية أخرى : « فلا تردّ أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ، ولو لا ذلك لأنفدنا » (٢). وبمعناه خبر آخر (٣).
فصل [١٨] : في بيان كيفيّة ازدياد علمهم في ليلة القدر
وفي حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، قال : فقال لأبي جعفر عليهالسلام :
يا ابن رسول الله لا تغضب عليّ ، قال : « لما ذا؟ » قال : لما أريد أن أسألك عنه ، قال : « قل » ، قال : ولا تغضب؟ قال : « ولا أغضب ».
قال : أرأيت قولك في ليلة القدر و ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها ) (٤) إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد علمه؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعلمه؟ ، وقد علمت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مات وليس من علمه شيء إلاّ وعليّ عليهالسلام له واع؟
قال أبو جعفر عليهالسلام : « ما لي ولك أيّها الرجل ومن أدخلك عليّ؟ » قال : أدخلني عليك القضاء لطلب الدين ، قال : « فافهم ما أقول لك ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أسري به
__________________
(١) المصدر السابق : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، باب في أنّ الأئمّة عليهمالسلام يزدادون في ليلة الجمعة ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : ٢٥٤ ، ح ٢.
(٣) المصدر السابق ، ح ٣.
(٤) القدر (٩٧) : ٤.