آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٤
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(وبه نستعين)
مستدرك
الآيات النازلة في الكتاب الكريم في شأن اهل البيت عليهمالسلام
قد تقدمت الآيات النازلة في حق أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم أجمعين في المجلدات الماضية من هذه الموسوعة الكبرى. ونستدرك في هذا المجلد ـ وهو المجلد الرابع والعشرون ـ عن كتب أعلام العامة التي لم ننقل عنها فيما سبق.
ونسأل الله عزوجل التوفيق وعليه التكلان.
الآية اولى
قوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (سورة آل عمران : ٦١)
قد تقدمت الأحاديث في شأن أهل البيت عليهمالسلام من كتب العامة في ج ٣ ص ٤٦ وج ٩ ص ٧٠ وج ١٤ ص ٣١ عن جماعة ، ونستدرك هاهنا عمن لم ننقل عنهم هناك (١) :
__________________
(١) قال الفاضل المعاصر محمود شلبى في «حياة فاطمة عليهاالسلام» ص ٢٦٠ ط دار الجيل بيروت ـ قال :
ثم يقول صاحب الكتاب سالف الذكر وهو كتاب «حياة امير المؤمنين» ، في حديثه عن آية المباهلة :
فيقول ـ وقوله الحق ـ
«فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل : تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين».
__________________
فدعا الرسول ـ كما يحدث بذلك مسلم والترمذي ـ عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، وقال : «اللهم هؤلاء أهلي»
وقد روى الرازي في تفسيره الكبير أن النبي صلىاللهعليهوسلم خرج عليه مرط من شعر أسود ، وقد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا ، فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى ، اني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها ، فلا تباهلوهم فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني الى يوم القيامة.
بهذا النفر القليل من عترته الطاهرة باهل النبي نصارى نجران فبهلهم ، ورجعوا مأخوذين بروحانيتهم معتقدين الهلاك والدمار إذا هم مضوا في المباهلة ، تقدم النبي الكريم الى النصارى بريحانتيه العباقتين الحسن والحسين ، غير مقتصر على أحدهما ، لأن لكل منهما منزلته ومكانته ، فلا يمثل أحدهما الآخر ، وانما هما نظيران وندان ..
لذلك تراه قد دعاهما معا ممثلا بهما الأبناء ، ولو كان في الأمة الإسلامية من من يساويهما لدعاه كما دعاهما. ولما لم يكن في النساء من يقاس في بضعته الزهراء ، نرى الرسول الأعظم يستغني بوجودها عن وجود غيرها ، فكأنه صلىاللهعليهوسلم إذ دعاها دعا النساء جمعاء ، لأنها أم الأئمة وسيدة نساء هذه الأمة.
أما علي فقد دعاه الرسول ليمثل بنفسه نفس النبي ، لأنه وصيه وخليفته وولي عهده ، فهو باستطاعته أن يمثله ويقوم مقامه.
ما ذا بقي لي لأقوله بعد هذا؟ لا شيء ، فقد استبان الحق ووضحت السبيل ، وعلم من هم أهل البيت؟
وقال العلامة شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية في «علم الحديث» (ص
وفيه أحاديث :
منها
حديث على عليهالسلام
رواه جماعة من الاعلام :
فمنهم العلامة شهاب الدين احمد الشيرازي الشافعي الحسيني في «توضيح الدلائل» (ص ١٥٦ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة الملي بفارس) قال :
وروى الامام الخطيب عن امير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله وبارك وسلم حين خرج لمباهلة النصارى بى وبفاطمة والحسن والحسين.
ومنهم العلامة الشيخ ابو القاسم على بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص ١٤ ج ٣ والنسخة مصورة من مخطوطة جستربيتي) قال:
أخبرنا ابو القاسم بن السمرقندي ، أخبرنا عاصم بن الحسن بن محمد ، أخبرنا ابو عمر بن مهدى ، أخبر ابو العباس بن عقدة ، أخبرنا محمد بن احمد بن الحسن ، أخبرنا ابنا هاشم بن المنذر ، عن الحرث بن حصيرة ، عن ابى صادق ،
__________________
٢٦٧ ط دار الكتب العلمية بيروت) :
ولما أراد أن يباهل أهل نجران أخذ عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وخرج ليباهل بهم.
عن ربيعة بن ناجد ، عن علي قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فذكر مثل ما تقدم عن كتاب «توضيح الدلائل».
ومنها
حديث سعد بن ابى وقاص
رواه جماعة من أعلام القوم :
فمنهم العلامة الشيخ يس بن ابراهيم السنهوتى الشافعي في كتابه «الأنوار القدسية» (ص ٢٢ ط السعادة بمصر) قال :
وأخرج مسلم عن سعد بن أبى وقاص «رض» قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ومنهم العلامة الشيخ محمد بن داود بن محمد البازلى الكردي الحموي الشافعي المتوفى سنة ٩٢٥ ه في كتابه «غاية المرام» (ص ٧١ والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :
قال سعد بن أبى وقاص : لما نزلت قوله تعالى (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) فذكر مثل ما تقدم عن كتاب «الأنوار القدسية».
وقال أيضا في ص ٢١١ :
قال سعد بن أبى وقاص : لما نزلت قوله تعالى («فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا
وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ») فذكر مثل ما تقدم آنفا عن كتاب «الأنوار القدسية».
ومنهم العلامة السيد عبد القادر بن محمد الحسيني في «عيون المسائل» (ص ٨٣) قال :
وعنه أيضا رضياللهعنه في حديثه الطويل قال في آخره : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) فذكر مثل ما تقدم.
ومنهم صاحب كتاب «القول القيم مما يرويه ابن تيمية وابن القيم» (ص ٢١ ط بيروت) قال :
وقال في كتابه «الجواب الصحيح» في صفحة ٦١ :
وقد ثبت في الصحاح حديث وفد نجران ، ففي البخاري ومسلم عن حذيفة وأخرجه مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ومنهم الفاضل المعاصر الشريف على فكرى ابن الدكتور محمد عبد الله الحسيني القاهرى المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها ايضا سنة ١٣٧٢ في كتابه «احسن القصص» (ج ٣ ص ٢١٣ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :
وأخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) فذكر مثل ما تقدم آنفا.
ومنهم العلامة شهاب الدين احمد الحسيني الشافعي الشيرازي في «توضيح الدلائل» (ص ٣٢٢ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة الملي بفارس) قال :
عن سعد بن ابى وقاص في جواب معاوية لما أمره بسب جامع الفضائل والمناقب أمير المؤمنين علي بن ابى طالب عليهالسلام قال : لما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله وبارك وسلّم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : اللهم هؤلاء الأربعة أهلي. رواه الطبري وقال : أخرجه مسلم والترمذي.
ومنهم العلامة الشيخ قرني طلبة بدوي في «العشرة المبشرون بالجنة» (ص ٢٠٦ ط مطبعة محمد على صبيح بمصر) قال :
وأخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ومنهم العلامة الشيخ عبد الغنى بن اسماعيل النابلسى الشامي في «زهر الحديقة في رجال الطريقة» (ص ١٧٣ والنسخة مصورة من إحدى مكاتب ايرلندة) قال :
وفي صحيح مسلم عن سعد بن ابى وقاص في حديث طويل قال في آخره : ولما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) فذكر مثل ما تقدم آنفا.
ومنهم العلامة الشيخ ابو الجود البترونى الحنفي في «الكوكب المضيء» (ص ٤٣) قال :
أخرج مسلم عن سعد بن ابى وقاص قال : لما نزلت هذه الآية «ندع أبناءنا وأبناءكم» فذكر مثل ما تقدم آنفا.
ومنهم لشريف السيد عبد الله بن محمد الصديق بن احمد الحسنى الادريسى المؤمنى الغمارى الطنجى المعاصر المولود بثغر طنجة سنة ١٣٢٨ في «الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج» (ص ١٩٢ ط عالم الكتب في بيروت سنة ١٤٠٥) قال :
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص رضياللهعنه قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي. رواه مسلم والترمذي وقال : حسن صحيح غريب ، ورواه الحاكم وزاد «وأدخلهم تحت ثوبه».
ومنهم العلامة الواعظ جمال الدين عبد الرحمن بن على بن محمد المشتهر بابن الجوزي القرشي التيمي البكري البغدادي المتوفى سنة ٥٩٧ في كتابه «الحدائق» (ج ١ ص ٣٩٦ ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :
وقد أخرج مسلم في أفراده من حديث سعد بن أبي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ومنها
حديث الأزرق بن قيس
رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم :
فمنهم العلامة شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان الذهبي الشافعي الدمشقي في «سير اعلام النبلاء» (ج ٣ ص ٢٨٦ ط بيروت) قال :
قال هوذة : حدثنا عوف ، عن الأزرق بن قيس ، قال : قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسقف نجران والعاقب ، فعرض عليهما الإسلام فقالا : كنا مسلمين قبلك. قال : كذبتما انه منع الإسلام منكما ثلاث ، قولكما : اتخذ الله ولدا ، وأكلكما الخنزير ، وسجود كما للصنم. قالا : فمن أبو عيسى؟ فما عرف حتى أنزل الله عليه (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) الى قوله (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) [آل عمران : ٥٩ ـ ٦٣] ، فدعاهما الى الملاعنة وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين وقال : هؤلاء بني. قال : فخلا أحدهما بالآخر ، فقال : لا تلاعنه ، فان كان نبيا فلا بقية. فقالا : لا حاجة لنا في الإسلام ولا في ملاعنتك ، فهل من ثالثة؟ قال : نعم الجزية ، فأقرا بها ورجعا.
ومنها
ما رواه جماعة من أعلام القوم مرسلا :
فمنهم العلامة الشيخ ابو سعيد الخادمى في «البريقة المحمودية» (ج ١ ص ٢١١ ط القاهرة) قال :
أولها آية المباهلة : (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) لأن المراد بالأنفس علي.
ومنهم العلامة الشيخ عبد الجبار بن محمد بن عبد الجبار في «تثبيت دلائل نبوة سيدنا محمد» (ص ١٩٤ والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتى بايرلندة) قال :
ان نصارى نجران وغيرهم من النصارى دعاهم الى الإسلام فقالوا : أسلمنا قبلك ، فكذبهم في قولهم بأنهم قالوا لله ولد وعظموا الصليب وأكلوا الخنزير ، فقال شيخ منهم كبير فهيم : من ابو عيسى؟ فسكت النبي صلىاللهعليهوسلم وكان لا يعجل حتى يأمره الله ، فأنزل الله عزوجل (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ* إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) الى قوله (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فقرأ رسول الله «ص» عليهم ذلك ، ثم دعاهم الى المباهلة وأخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة رضوان الله عليهم ، فقال واحد منهم لمن معه من النصارى : أنصف الرجل ، وتشاوروا قال قائل منهم : انه لصادق ولئن باهلتموه ليحرقن. فقالوا له : لا نبارزك ، وكرهوا الإسلام وأقروا بالجزية وسألوه أن يقبلها منهم ، فأجابهم الى ذلك.
ومنهم العلامة حسين بن نصر بن احمد المشتهر بابن خميس في «مختار مناقب الأبرار» (ص ١٧) قال :
ولما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) ، دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ومنهم العلامة الشيخ ابو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسى المالكي المتوفى بعد سنة ١٢٧٨ في كتابه «الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة» (ص ٩ ط المطبعة الفاسية) قال :
وقال تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) الى «الكاذبين» قال في الكشاف : لا دليل أقوى من هذا على أن فضل أصحاب الكساء وهم علي وفاطمة والحسنان ، فهذا لما نزلت عليه صلىاللهعليهوسلم فاحتضن الحسين وأخذ بيد الحسن ومشت فاطمة خلفه وعلي خلفها ، فعلم أنهم المراد من الآية ، وان أولاد فاطمة وذريتهم يسمون أبناءه صلىاللهعليهوسلم وينسبون اليه نسبة صحيحة نابعة في الدنيا والآخرة.
ومنهم الفاضل المعاصر الأستاذ محمد على الصابوني المكي في «صفوة التفاسير» (ص ٣١٠ ط بيروت سنة ١٤٠٦) قال :
(فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم) أي من جادلك في أمر عيسى بعد ما وضح لك الحق واستبان (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم
وأنفسنا وأنفسكم) أي هلموا نجتمع ويدعو كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه الى المباهلة ، وفي صحيح مسلم لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) أي تتضرع الى الله فنقول : اللهم العن الكاذب منا في شأن عيسى ، فلما دعاهم الى المباهلة امتنعوا وقبلوا بالجزية ، عن ابن عباس أنه قال : لو خرج الذين يباهلون رسول الله صلىاللهعليهوسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا. قال أبو حيان : وفي ترك النصارى الملاعنة لعلمهم بصدقه شاهد عظيم على صحة نبوته ثم قال تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) أي هذا الذي قصصناه.
ومنهم العلامة صلاح الدين محمد بن شاكر الشافعي في «عيون التواريخ» (ج ١ ص ١٤٤ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة جستربيتى بايرلندة) قال :
وأما نصارى نجران فإنهم أرسلوا العاقب والسيد في نفر منهم الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأرادوا مباهلته فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين رضياللهعنهم ، فلما رأوهم قالوا : هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها ، ولم يباهلوه وصالحوه على ألفي حلة ثمن كل حلة أربعون درهما ، وعلى أن يضيفوا رسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجعل لهم ذمة الله وعهده وشرط عليهم أن لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به.
ومنهم العلامة محمد على الانسى في «الدرر واللئال» (ص ٢٠٨ ط بيروت) قال:
ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره حديث دعوة وفد نجران للمباهلة وهو الذي قرأ عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا
وَأَبْناءَكُمْ) الآية.
وفيه : وقد غدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم محتضنا للحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم : إذا أنا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا.
ومنهم العلامة الحافظ جمال الدين ابو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة ٧٤٢ في «تحفة الاشراف بمعرفة الأطراف» (ج ٣ ص ٢٩١ ط بيروت) قال:
حيث : لما أنزل الله هذه الآية ـ (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) ـ الحديث. ت في التفسير (٤ النساء : ٩) عن قتيبة ، عن حاتم بن اسماعيل ، عنه به ، وقال: حسن صحيح غريب.
ومنهم العلامة شهاب الدين احمد الشيرازي الحسيني الشافعي في «توضيح الدلائل» (ص ١٥٦ والنسخة مصورة من مكتبة الملي بفارس) قال :
وروى أيضا عن مجاهد قال : قلت لابن عباس رضياللهعنه : من الذين أراد النبي صلىاللهعليهوسلم أن يباهل بهم؟ قال : علي وفاطمة والحسن والحسين ، والأنفس النبي وعلي.
ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور فوزي جعفر في «على ومناوئوه» (ص ٤٠) قال :
ولما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) الآية ، دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.
ومنهم العلامة ابو نعيم عبيد الله بن الحسن بن احمد بن الحسن بن احمد الحداد الاصبهانى في «الجامع بين الصحيحين» (ص ٥٣٤ والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتى بايرلندة) قال :
ولما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : هؤلاء أهلي.
ومنهم العلامة شمس الدين محمد الذهبي في «سير اعلام النبلاء» (ج ٣ ص ٣٨٧ ط بيروت) قال :
معمر : عن قتادة ، قال : لما أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يباهل أهل نجران ، أخذ بيد الحسن والحسين ، وقال لفاطمة : اتبعينا ، فلما رأى ذلك أعداء الله رجعوا.
ومنهم العلامة ابو عبد المعطى محمد بن عمر بن على النووي الجاوى التناوى في «مراح لبيد» (ص ١٠٢ ط دار الفكر) قال :
(فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا) أي نخرج بأنفسنا
(وأنفسكم) أي اخرجوا بأنفسكم (نبتهل) أي نجتهد في الدعاء ونخلصه أو نلاعن بيننا وبينكم (فنجعل لعنة الله) فيما بيننا (على الكاذبين) على الله في حق عيسى وهم من يقولون ان عيسى ابن الله أو أنه اله.
روي أنه صلىاللهعليهوسلم لما ذكر الدلائل على نصارى نجران ثم انهم أصروا على جهلهم ، فقال صلىاللهعليهوسلم : ان الله أمرني ان لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم. فقالوا : يا أبا القاسم حتى نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك غدا ، فلما رجعوا الى قومهم قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبى مرسل ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكن ، فان أبيتم الا الاقامة على دينكم والإصرار على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلادكم ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد خرج من بيته الى المسجد وعليه مرط من شعر أسود محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها رضياللهعنهم أجمعين ، وهو يقول لهؤلاء الأربعة : إذا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ، ثم قالوا : أبا القاسم رأينا أنا لا نباهلك وان نثبت على ديننا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فان أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين ، فأبوا فقال : فاني أناجزكم القتال. فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة ألفا في صفر وألفا في رجب وثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح ، فصالحهم رسول الله على ذلك.
ومنهم العلامة شمس الدين ابو عبد الله محمد بن ابى بكر بن أيوب الزرعى الدمشقي ابن قيم الجوزي المتوفى بدمشق سنة ٧٥١ في «هداية الحيارى في اجوبة اليهود والنصارى» (ص ٥٥ ط بيروت ١٤٠٧) قال :
فأنزل الله عزوجل (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) [آل عمران ٥٩ ـ ٦١] فأبوا أن يقروا بذلك ، فلما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي عند ظهره الى الملاعنة.
ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ صفى الرحمن المباركفورى الهندي في كتابه «الرحيق المختوم» (ص ٤١٤ طبع دار الكتب العلمية في بيروت) قال :
وكانت وفادة أهل نجران سنة تسع من الهجرة ، وقوام الوفد ستون رجلا ، منهم أربعة وعشرون من الأشراف ، فيهم ثلاثة كانت إليهم زعامة أهل نجران ، أحدهم العاقب كانت اليه الامارة والحكومة واسمه عبد المسيح ، والثاني السيد كانت تحت اشرافه الأمور الثقافية والسياسية واسمه الأيهم أو شرحبيل ، والثالث الأسقف وكانت اليه الزعامة الدينية والقيادة الروحانية واسمه أبو حارثة بن علقمة.
ولما نزل الوفد بالمدينة ، ولقي النبي صلىاللهعليهوسلم سألهم وسألوه ، ثم دعاهم الى الإسلام وتلا عليهم القرآن ، فامتنعوا وسألوه عما يقول في عيسى عليهالسلام ، فمكث رسول الله صلىاللهعليهوسلم يومه ذلك حتى نزل عليه :
«ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون* الحق من ربك فلا تكن من الممترين* فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» [٣ : ٥٩ ، ٦٠ ، ٦١].
ولما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبرهم بقوله في عيسى بن مريم في ضوء هذه الآية الكريمة ، وتركهم ذلك اليوم ليفكروا في أمرهم ، فأبوا أن يقروا بما قال في عيسى ، فلما أصبحوا وقد أبوا عن قبول ما عرض عليهم من قوله في عيسى وأبوا عن الإسلام ، دعاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم الى المباهلة ، وأقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له وفاطمة تمشي عند ظهره ، فلما رأوا منه الجد والتهيؤ خلوا وتشاوروا ، فقال كل من العاقب والسيد للآخر : لا تفعل فو الله لئن كان نبيا فلا عننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا ، فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر الا هلك. ثم اجتمع رأيهم على تحكيم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أمرهم ، فجاءوا وقالوا : انا نعطيك ما سألتنا. فقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهم الجزية وصالحهم على ألفي حلة ألف في رجب وألف في صفر ، ومع كل حلة أوقية ، وأعطاهم ذمة الله وذمة رسوله ، وترك لهم الحرية الكاملة في دينهم ، وكتب لهم بذلك كتابا ، وطلبوا منه أن يبعث عليهم رجلا أمينا ، فبعث عليهم أمين هذه الأمة أبا عبيدة بن الجراح ليقبض مال الصلح.
ثم طفق الإسلام يفشو فيهم ، فقد ذكروا أن السيد والعاقب أسلما بعد ما رجعا الى نجران ، وأن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث إليهم عليا ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم ، ومعلوم أن الصدقة انما تؤخذ من المسلمين.
ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد المعطى أمين قلعجى في «آل بيت الرسول» (ص ٩ ط القاهرة سنة ١٣٩٩) قال :
ولما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.
وقال أيضا في ص ٧٥ :
ولما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) [٣ آل عمران ٦١] دعا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم. فذكر مثل ما تقدم آنفا.
ومنهم الفاضل المعاصر الشريف على فكرى ابن الدكتور محمد عبد الله الحسيني القاهرى المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها ايضا سنة ١٣٧٢ في كتابه «احسن القصص» (ج ٣ ص ٢١٠ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :
يوم المباهلة ـ هو اليوم الذي أخذ فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم الامام عليا كرم الله وجهه والسيدة فاطمة الزهراء زوجته والحسن والحسين رضياللهعنهم أجمعين وقصد (مباهلة النصارى) ودعا القوم المشركين للبراز للدعاء والمباهلة ، فجاء زعيم النصارى ونظر في وجوههم فصعق من النور الرباني والهيبة والجلال ، فقال لقومه : هؤلاء قوم إذا دعوا لا ترد دعوتهم.
وقد نزلت في المباهلة الآية الآتية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).
وفي ذلك يقول الشيخ محمود عبد الله القصري في قصيدته العلوية :
وخصهم يوم قصد الابتهال بأن |
|
قال اتبعوني لحجى فرقة الاضم |
فتابعوه خروجا للوجوه ضيا |
|
يبديه سر معان في قلوبهم |
قال الزعيم وجوه لا ترد إذا |
|
توجهت لاله العرب والعجم |
الآن آمنت قبل الابتهال بأن |
|
قد ينكر الفم طعم الماء من سقم |
قد حصحص الحق أني لا أباهلكم |
|
وانني مخطئ في الزعم والزعم |
ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز بن محمد الرحبي الحنفي البغدادي في «فقه الملوك ومفتاح الرتاج» (ص ٤٧٢ ط بغداد) قال :
«فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» فلما أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر من الله عنه والفصل من القضاء بينه وبينهم ، وامر بملاعنتهم ان ردوا ذلك عليه ، دعاهم الى المباهلة ، فقالوا : دعنا يا ابا القاسم نرجع وننظر في أمرنا ثم نأتيك ، فانصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب وكان ذا رأيهم ، فقالوا : يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكوا ، فان أبيتم الا ألف دينكم والاقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلادكم.
فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد غدا محتضنا للحسين أخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا. وكان عليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ثم الحسين ثم فاطمة ثم علي فأدخلهم داخله ، ثم قال «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا».
فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألوا الله أن
يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني الى يوم القيامة.
فقالوا : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك ونثبت على ديننا. قال: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا ، فأبوا. قال : اني أحاربكم. قالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة ، ألف في صفر وألف في رجب. فصالحهم على ذلك مع شروط له ، وشروط لهم سيأتي بيانهما.
ومنهم العلامة الشيخ ابو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسى المالكي المتوفى سنة ١٢٧٨ في كتابه «الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة» (ص ١٤ ط المطبعة الفاسية) قال :
وحكي أن الرشيد قال لموسى الكاظم رضياللهعنه : كيف قلتم نحن ذرية رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنتم بنو علي؟ وانما ينسب الرجل الى جده لأبيه دون جده لأمه. فقرأ الكاظم (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ) الى قوله (مِنَ الصَّالِحِينَ). ثم قال : وليس لعيسى أب وانما ألحق بذرية الأنبياء من قبل أمه ، وكذلك ألحقنا بذرية رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قبل أمنا فاطمة رضياللهعنها.
ثم قال : قال الله عزوجل (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ) الآية. ولم يدع صلىاللهعليهوسلم عند مباهلتهم غير فاطمة وعلي والحسن والحسين وهما الأبناء.
وذكر في الروض الزاهر عن الشعبي قال : لما بلغ الحجاج أن يحيى بن يعمر يقول : ان الحسن والحسين رضياللهعنهما من ذرية رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان يحيى بن يعمر بخراسان ، فكتب الحجاج الى قتيبة بن مسلم والى خراسان