محمّد بن الحسن الرضي الاسترآبادي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨
بين يدي هذا الجزء
أكرر في بداية الجزء الثاني من شرح الرضى على الكافية ، ما قلته في المقدمة من أنه إذا لم يتيسّر لي أن يكون هذا العمل ، إخراجا علميا للكتاب بالمعنى الكامل ، فذلك أمل أرجو أن يتحقق على يد من يهيئه الله له ، ويوفقه إليه بتيسير أسبابه.
ولكنني أرجو أن أكون قد وفقت في إخراج نسخة من هذا الكتاب يتيسّر الانتفاع بها والإفادة منها ، ولا سيّما بعد أن أصبح عزيز الوجود.
وتتلخص الطريقة التي سرت في عملي في هذا الكتاب عليها في :
١ ـ تصحيح عبارته بقدر ما وسعني الجهد وتهيأت له الوسائل ، وأهمها ما جاء بهامش النسخة المطبوعة من إشارات إلى النسخ المتعددة فأخذت بأكثرها وضوحا وأعمها فائدة ، ثم بما أعرفه وما رجعت إليه من آراء العلماء فيما يخفى فيه المراد.
٢ ـ إكمال الشواهد كلما أمكن ذلك والمرجع في ذلك هو خزانة الأدب للبغدادي وغيرها من كتب الشواهد ومعاجم اللغة ، ثم التعليق بكلمة موجزة عن كل شاهد.
٣ ـ تحديد كثير من مواضع النقل عن سيبويه ؛ ووضع العناوين العامة والخاصة ، وتحديد بدء كلام كل من المصنف والشارح ، وإبراز مواقع الكلام بما يعين على فهم المقصود لكل من يقرأ في هذا الكتاب ، إن شاء الله.
والله الموفق والمعين على الإتمام وتحقيق القصد ، إنه أكرم مسئول وهو حسبي ، عليه توكلت ، وإليه أنيب.
يوسف حسن عمر
بسم الله الرحمن الرحيم
[الحال](١)
[ماهية الحال وأنواعه]
[قال ابن الحاجب :]
«الحال ما يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به لفظا أو معنى ، نحو :»
«ضربت زيدا قائما ، وزيد في الدار قائما ، وهذا زيد قائما».
[قال الرضى :]
قال المصنف (٢) : لا يدخل فيه النعت في نحو : جاءني رجل عالم ، لأن المراد في الحدود : أن يكون لفظ المحدود دالّا على ما ذكر في الحدّ ، وقولك : عالم ، في جاءني رجل عالم. وإن بيّن هيئة الفاعل ، لكن لا دلالة في لفظ عالم ، على أنه بيان لهيئة فاعل ، إذ لفظ عالم. ههنا ، مثلها في قولك : زيد رجل عالم ، مع أنها مبيّنة لهيئة خبر المبتدأ ، لا هيئة الفاعل ، بل إنما علم كون «عالم» في جاءني رجل عالم بيانا لهيئة الفاعل من تقدم قولك : جاءني رجل ، بخلاف الحال ، فإن «راكبا» في قولك : جاءني زيد راكبا ،
__________________
(١) وضعت هذه العناوين التي تحدد بداية الموضوعات ، وكذلك : العبارات الدالة على بدء كلام كل من المصنف والشارح ، وليس في الطبعة التي نقلت عنها ، ولا في غيرها مما طبع من هذا الشرح ، شيء من ذلك ،
(٢) قول المصنف هذا في شرحه هو على هذه الرسالة «الكافية» ، والرضي ينقل عنه كثيرا ويناقش ابن الحاجب فيما ينقله عنه ، كما فعل هنا ؛
ورأيت زيدا راكبا. لفظ فيه دلالة على كونه هيئة الفاعل ، أو المفعول ، حتى لو قلت : رجل قائما أخوك ، لم يجز ، لعدم الفاعلية ، أو المفعولية في «رجل» (١)
أقول : لقائل أن يمنع أن المحدود يلزم أن يدلّ على كل ما يذكر في حدّه ، بل يكفي أن يكون فيه ما يذكر في حدّه ؛ وبعد التسليم ، فليس في هذا الحدّ تحقيق معنى الحال ، وبيان ماهيّته ، لأنه ربما يتوهّم أنه موضوع لبيان هيئة الفاعل أو المفعول مطلقا ، لا في حالة الفعل ، فيظنّ في : جاءني زيد راكبا ، أن «راكبا» هيئة لهذا الفاعل مطلقا لا في حال المجيىء ، فيكون غلطا.
ويخرج عن هذا الحدّ : الحال التي هي جملة ، بعد عامل ليس معه ذو حال كقوله :
١٧٦ ـ يقول وقد ترّ الوظيف وساقها |
|
ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد (٢) |
وقوله :
١٧٧ ـ وقد أغتدي والطير في وكناتها |
|
بمنجرد قيد الأوابد هيكل (٣) |
ويخرج أيضا : الحال عن المضاف إليه ، إذا لم يكن المضاف عاملا في الحال ، وإن كان ذلك قليلا ، كقوله تعالى : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)(٤) ، وقوله تعالى : (دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ)(٥) ، وقول الشاعر :
__________________
(١) هذه نهاية كلام ابن الحاجب الذي نقله الرضي ، وقوله بعد ذلك : أقول : مناقشة منه لابن الحاجب فيما قاله في شرحه ؛ وكلام ابن الحاجب هنا يستحق المناقشة حقا ؛
(٢) من معلقة طرفة بن العبد ، وهو في هذا البيت وما يتصل به يتحدث عما فعله من عقر ناقة لضيف نزل به ، وهي من كرام الإبل ، قيل أنها ناقة أبيه ، وقيل إنها ناقة ضيفه الذي نزل به وقوله : قد أتيت بمؤيد ، أي بشيء عظيم خطير ، ومؤيد إما بصيغة اسم الفاعل أو بصيغة اسم المفعول ،
(٣) هذا البيت من معلقة امرئ القيس المشهورة من الجزء الذي يصف فيه فرسه بالسرعة ، وقوله : قيد الأوابد ، أي مقيّدها ، يعني أنه لسرعته يدرك الوحوش فلا تفلت منه ، فكأنه يقيّدها في مكانها حتى يلحقها ؛
(٤) الآية ١٣٥ سورة البقرة ،
(٥) الآية ٦٦ سورة الحجر ؛
١٧٨ ـ كأنّ حواميه مدبرا |
|
خضبن ، وإن لم تكن تخضب (١) |
وقوله :
١٧٩ ـ عوذ وبهثة حاشدون عليهم |
|
حلق الحديد مضاعفا يتلهّب (٢) |
وأمّا قوله تعالى : (النَّارُ مَثْواكُمْ) ، أي موضع مثواكم ، أي ثوائكم ، (خالدين)(٣) وقولك : أعجبني ضرب زيد قائما ، وهو ضارب زيد مجردا ؛ فالمنصوب فيها حال من الفاعل أو المفعول ، فلا يرد اعتراضا.
وله (٤) أن يقول : إن الحال عما أضيف إليه غير العامل في الحال ، لا يجيئ إلا إذا كان المضاف فاعلا ، أو مفعولا يصحّ حذفه وقيام المضاف إليه مقامه. كما أنك لو قلت : بل نتبع ابراهيم ، مقام : «بل نتبع ملة ابراهيم» ، جاز ، فكأنه حال من المفعول ؛ وإذا كان المضاف فاعلا أو مفعولا وهو جزء المضاف إليه فكأن الحال عن المضاف إليه هو الحال عن المضاف ، كما في قوله تعالى : (أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ)(٥) ، فقوله : مصبحين ، حال عما دلّ عليه ضمير «مقطوع» ، وذلك لأنه (٦) نائب عن : «دابر هؤلاء» ، فهو حال عن هؤلاء ، المضاف إليه ، لأن دابر الشيء : أصله ، فكأنه قال : يقطع دابر هؤلاء مصبحين ، فكأنه حال عن مفعول ما لم يسمّ فاعله ؛ وكذا قوله : كأن حواميه مدبرا ، أي : تشبه حواميه مدبرا ، أو أشبّه حواميه مدبرا ، فكأنه حال عن الفاعل أو المفعول ؛
__________________
(١) هذا من شعر للنابغة الجعدي في وصف الفرس ، والحوامي : ما فوق الحافر من ذي الحافر ، يريد أنها صلب قوية ، وتشبيهها بالشيء المخضوب ، يراد به أنها قريبة إلى السواد أو الخضرة وكلما كانت كذلك كانت أشد صلابة ؛
(٢) وهذا أحد أبيات لزيد الفوارس ، في وصف وقعة كانت بين قومه وجماعة من قبيلتي عوذ ، وبهئة (بضم الباء) ، كانوا قد أغاروا على إبل لقوم زيد فلحق بهم في عدد من قومه واستردوا منهم الإبل ، وزيد الفوارس هو زيد بن حصين بن ضرار الضي شاعر جاهلي كان من الشجعان وهو غير زيد الخيل الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم : زيد الخير ، وسيأتي ذكره ،
(٣) الآية ١٢٨ من سورة الأنعام ،
(٤) أي للمصنف : ابن الحاجب ، له أن يردّ ما أورده الرضي من نقد لتعريف الحال ؛
(٥) الآية ٦٦ سورة الحجر.
(٦) أي الضمير في «مقطوع» ،
وكذا قوله : عليهم حلق الحديد مضاعفا.
فالأول أن تقول : (١) الحال على ضربين : منتقلة ومؤكدة ، ولكل منهما حدّ ، لاختلاف ماهيّتيهما ؛ فحدّ المنتقلة : جزء كلام يتقيّد بوقت حصول مضمونه ، تعلق الحدث الذي في ذلك الكلام ، بالفاعل أو المفعول ، أو بما يجري مجراهما ؛ فبقولنا : جزء كلام ، تخرج الجملة الثانية في نحو : ركب زيد وركب مع ركوبه غلامه ، إذا لم نجعلها حالا (٢) ؛ ويخرج بقولنا حصول مضمونه : المصدر في نحو : رجع القهقرى. لأن الرجوع يتقيّد بنفسه ، لا بوقت حصول مضمونه ؛ ويخرج النعت بقولنا : يتقيّد تعلق الحدث بالفاعل أو المفعول ، فإنه (٣) لا يتقيّد بوقت حصول مضمونه ذلك التعلق ؛ وقولنا : أو بما يجري مجراهما يدخل حال الفاعل والمفعول المعنويّين نحو : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)(٤) ، و:
١٨٠ ـ كأنه خارجا من جنب صفحته |
|
سفوّد شرب نسوه عند مفتأد (٥) |
على ما يجيئ ، والحال عن المضاف إليه ، الذي لا يكون في المعنى فاعلا أو مفعولا للمضاف ، على ما مرّ ؛ ويدخل في الحدّ : الحال في نحو قوله :
يقول وقد ترّ الوظيف وساقها (٦) ... ١٧٦
وفي قوله :
وقد أغتدى والطير في وكناتها (٧) ... ـ ١٧٧
__________________
(١) هذا رأي للرضي في تعريف الحال بعد أن ناقش تعريف المصنف ؛
(٢) أي إذا كان القصد جعل الجملة الثانية معطوفة على ما قبلها ، وأما إذا قصدنا جعلها حالا فهي داخلة في الحد ،
(٣) أي النعت ،
(٤) الآية ٧٢ من سورة هود ،
(٥) هذا أحد الأبيات من قصيدة النابغة الذبياني التي أولها :
يا دار مية بالعلياء فالسند |
|
أقوت وطال عليها سالف الأمد |
والضمير في كأنه خارجا .. يعود إلى قرن الثور الوحشيّ الذي تحدث عنه في بيت سابق ، والسّفود بتشديد الفاء : حديدة يشوى عليها اللحم ، والشّرب اسم جمع لشارب ، والمفتاد بفتح التاء والهمزة اسم المكان الذي يشوى فيه اللحم ؛
(٦) هو الشاهد المتقدم في هذا الجزء ؛
(٧) وكذلك ، هذا الشاهد هو الثاني بعد سابقه ،
وحدّ المؤكدة : اسم غير حدث ، يجيئ مقرّرا لمضمون جملة ، كما يجيئ شرحها ؛ فقولنا : غير حدث ، احتراز عن المنصوب في نحو : رجع رجوعا ؛
ثم اعلم أن الحال قد يكون عن الفاعل وحده ، كجاء زيد راكبا ، وعن المفعول وحده ، نحو : ضربت زيدا مجردا عن ثيابه ، فإذا قلت : لقيت زيدا راكبا ، فإن كان هناك قرينة حالية أو مقالية تبيّن صاحب الحال ، جاز أن تجعلها لما قامت له ، من الفاعل أو المفعول ؛ وإن لم تكن ، وكان الحال عن الفاعل (١) ، وجب تقديمه إلى جنب صاحبه (٢) ، لإزالة اللبس ، نحو : لقيت راكبا زيدا ، فإن لم تقدمه ، فهو عن المفعول.
وأمّا إذا جاء حالان عن الفاعل والمفعول معا ، فإن كانا متّفقين ، فالأولى : الجمع (٣) بينهما ، فإنه أخصر ، نحو : لقيت زيدا راكبين ، ولا منع من التفريق ، نحو : لقيت راكبا زيدا راكبا ، ولقيت زيدا راكبا راكبا.
وإن كانا مختلفين ، فإن كان هناك قرينة يعرف بها صاحب كل واحد منهما ، جاز وقوعهما كيفما كانا ، نحو : لقيت هندا مصعدا منحدرة ، وإن لم تكن ، فالأولى جعل كل حال بجنب صاحبه ، نحو : لقيت منحدرا زيدا مصعدا ، ويجوز ، على ضعف : جعل حال المفعول بجنبه وتأخير حال الفاعل ، نحو : لقيت زيدا مصعدا منحدرا ، والمصعد : زيد ، وذلك لأنه لما كان مرتبة المفعول أقدم (٤) من مرتبة الحال ، أخرّت الحالين ، وقدمت حال المفعول على حال الفاعل ، لمّا لم يكن كل واحد بجنب صاحبه.
ويجوز عطف أحد حالي الفاعل والمفعول على الآخر ، كقولك : لقيت زيدا راكبا وماشيا ؛ قال :
__________________
(١) يعني إذا كان القصد جعل الحال عن الفاعل ،
(٢) الذي هو الفاعل ،
(٣) أي ذكرهما بلفظ واحد من غير تفريق ،
(٤) أي أسبق ، أو أحق بالتقدم ،
١٨١ ـ وأنّا سوف تدركنا المنايا |
|
مقدّرة لنا ، ومقدّرينا (١) |
وجوّز الجمهور ، وهو الحقّ ، أن يجيئ لشيء واحد أحوال متخالفة ، متضادة كانت ، نحو : اشتريت الرمّان حلوا حامضا ، أو غير متضادة ، كقوله تعالى : (خْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا)(٢) كما تجيئان (٣) في خبر المبتدأ ؛
ومنع بعضهم ذلك في الحال ، متضادة كانت ، أو ، لا ؛ قياسا على الزمان والمكان ، فجعل نحو : «مدحورا» حالا من ضمير «مذءوما» (٤) ، واستنكر مثله في المتضادة فمنعها مطلقا. (٥)
ولا وجه للقياس (٦) ، وذلك لأن وقوع الفعل في زمانين أو مكانين مختلفين ، محال ، نحو : جلست خلفك أمامك ، وضربت اليوم أمس ، بلى ، لو عطفت أحدهما على الآخر ، جاز ، لدلالته على تكرار الفعل ، نحو : جلست خلفك وأمامك ، وكذا يجوز إن لم يتباين المكانان أو الزمانان ، نحو : جلست خلفك أمس وقت الظهر ، وأمامك ، وسط الدار ؛ وأما تقيّد الحدث بقيدين مختلفين ، كما في قوله تعالى : (مَذْؤُماً مَدْحُوراً) ، أو بمتضادّين في محلّين غير ممتزجين ، كما في : اشتريته أبيض أسود ، أو ممتزجين ، كما في : اشتريته حلوا حامضا فلا بأس به.
__________________
(١) تقديره : ومقدّرين لها ، وهو من قصيدة عمرو بن كلثوم ، إحدى المعلقات التي أولها :
ألا هبّي بصحنك فاصبحينا |
|
ولا تبقي خمور الأندرينا |
وقوله : وأنّا بفتح الهمزة معطوف على جمل سابقة مكررة كلها تبدأ بمثل هذا ؛
(٢) الآية ١٨ سورة الأعراف ،
(٣) أي الصورتان المذكورتان في الحال ؛
(٤) ويسميها النحاة : الحال المتداخلة ،
(٥) نقل هذا الرأي عن ابن عصفور وهو مقيد عنده بغير صورة اسم التفضيل ، وستأتي ، وقول الشارح ، واستنكر مثله معناه أنه لا يجيز المتضادة في الخبر ، كما لا يجيزها في الحال ،.
(٦) أي القياس على الظرف
واعلم أن تكرير الحال بعد «إمّا» : واجب ، لوجوب تكرير «إمّا» ، نحو : اضرب زيدا إمّا قائما ، وإمّا قاعدا ؛ وكذا بعد «لا» ، لأنها تكرر في الأغلب كما يجيئ في اسم «لا» التبرئة (١) ، نحو : جاءني زيد لا راكبا ولا ماشيا ، ويندر إفرادها نحو : جاءني زيد لا راكبا.
قوله : «لفظا ، أو معنى (٢)» ، حال من : الفاعل ، أو المفعول (٣) ، أي ملفوظا أو معنويا ، وقد ذكرنا الفاعل والمفعول اللفظيّين ؛ أمّا المفعول المعنوي فنحو : «شيخا» في قوله تعالى : (وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا)(٤) ، فإن «بعلي» خبر المبتدأ ، وهو في المعنى مفعول لمدلول «هذا» ، أي أنبّه على بعلي وأشير إليه شيخا.
وأمّا الفاعل المعنوي ، فكما في قوله :
كأنه خارجا من جنب صفحته ... البيت ، (٥) ـ ١٨٠
إذ المعنى : يشبه خارجا ، سفود شرب ، ولا تفسره بأشبهه خارجا ، لأن المشابهة هي المقيّدة بحال الخروج ، لا التشبيه.
وقال المصنف في مثال الحال عن الفاعل المعنوي : زيد في الدار قائما ؛ وفيه نظر ، لأن «قائما» حال من الضمير في الظرف ، وهو فاعل لفظيّ ، لأن المستكنّ كالملفوظ به ، فهو كقولك : زيد خرج راكبا ، ولا كلام في كون «راكبا» حال عن الفاعل اللفظي ، وليس يجوز كون الحالين في المثالين عن «زيد» إلا عند من جوّز تخالف عاملي الحال وصاحبها.
__________________
(١) معنى تسمية «لا» بلا التبرئة أنها برّأت اسمها عن الاتصاف بجنس الخبر ، وهو اصطلاح ،
(٢) هذا شرح لألفاظ الكافية ، وهي طريقة الرضي في هذا الشرح ،
(٣) أي من لفظ الفاعل أو المفعول في عبارة المصنف ،
(٤) الآية ٣٢ سورة هود وتقدمت قريبا ،
(٥) الشاهد المتقدم من معلقة النابغة الذبياني ؛
[العامل في الحال]
[المراد من شبه الفعل ومعنى الفعل]
[قال ابن الحاجب :]
«وعاملها : الفعل ، أو شبهه ، أو معناه».
[قال الرضى :]
يعني بشبه الفعل : ما يعمل عمل الفعل ، وهو من تركيبه ، كاسم الفاعل واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، والمصدر ؛ ويعني بمعنى الفعل : ما يستنبط منه معنى الفعل ، كالظرف ، والجارّ والمجرور ، وحرف التنبيه ، نحو : ها أنا زيد قائما ، عند من جوّز هاء التنبيه من (١) دون اسم الإشارة ، كما يجيئ في حروف التنبيه ؛ واسم الإشارة ، نحو : ذا زيد راكبا ، وحرف النداء ، نحو : يا ربّنا منعما.
وأمّا حرفا التمني والترجّي ، نحو : ليتك قائما في الدار ، ولعلّك جالسا عندنا ، فالظاهر أنهما ليسا بعاملين ، لأن التمني والترجي. ليسا بمقيّدين بالحالين ، بل العامل هو الخبر المؤخر ، على ما هو مذهب الأخفش (٢) ، كما يجيئ ، لكون مضمونه هو المقيّد.
وحرف (٣) التشبيه ، نحو : كأنه خارجا ... البيت (٤) ، وزيد كعمرو راكبا ؛ وكذا
__________________
(١) أي عند من جوّز استعمال حرف التنبيه بدون اسم الإشارة كالمثال الذي أورده ، والأكثر أن يقال : ها أناذا ، وبعضهم يوجب ذلك ؛
(٢) الأخفش ، هكذا بدون وصف آخر هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة ، وهو الأخفش الأوسط ، وغيره يذكر مع وصفه ، وهو ممن تكرر ذكرهم في هذا الشرح ؛ والأعلام التي تتكرر في هذا الشرح نكتفي بذكر شيء عن أصحابها عند ورودها لأول مرة في كل جزء ، وندع ما عدا ذلك للفهارس العامة التي ستلحق بآخر الكتاب ، إن شاء الله تعالى ،
(٣) هذا معطوف على ما تقدم من الأشياء التي تفيد معنى الفعل ، وكلامه عن التمني والترجي كان استطرادا ؛
(٤) الإشارة إلى بيت النابغة الذبياني المتقدم ؛
معنى التشبيه من دون لفظ دال عليه ، نحو : زيد عمرو مقبلا ؛ والمنسوب نحو : أنا قرشيّ مفتخرا ، واسم الفعل نحو : عليك زيدا راكبا.
وأمّا نحو : ما شأنك واقفا ، فلأن الشأن بمعنى المصدر كما ذكرنا في المفعول معه ؛ (١) ولم يعمل في الحال معنى حروف النفي والاستفهام ، قال أبو علي (٢) : لأنها لا تشبه الفعل لفظا ؛ وينتقض ما قاله باسم الإشارة ، وحرف التنبيه ، فإنهما لا يشبهان الفعل لفظا مع عملهما في الحال ، وكذا كاف التشبيه ؛ ونحو : إنّ ، وأن تشبهانه لفظا ومعنى ، ولا تعملان في الحال.
فالأولى : إحالة ذلك إلى استعمالهم وأن لا نعلّله.
[تنكير الحال]
[وتعريف صاحبها]
[قال ابن الحاجب :]
«وشرطها أن تكون نكرة ، وصاحبها معرفة غالبا ، و: أرسلها»
«العراك (٣) و: مررت به وحده ، متأوّل».
[قال الرضى :]
إنما كان شرطها أن تكون نكرة ، لأن النكرة أصل ، والمقصود بالحال : تقييد الحدث المذكور ، على ما ذكرنا ، فقط ، ولا معنى للتعريف هناك ، فلو عرّفت ، وقع التعريف ضائعا.
__________________
(١) ص ٥٢٢ من الجزء الأول ؛
(٢) المراد : أبو علي الفارسيّ من أشهر أئمة اللغة وهو شيخ ابن جني ، وينقل الرضي عنه كثيرا في هذا الشرح معبرا عنه بكنيته ، وبنسبه : الفارسيّ ،
(٣) جزء من بيت شعر ؛ سيذكره الشارح كاملا ويوضح المراد منه ،
وإنما كان الغالب في صاحبها التعريف ، لأنه إذا كان نكرة ، كان ذكر ما يميّزها ويخصصها من بين أمثالها ، أعني وصفها : أولى من ذكر ما يقيّد الحدث المنسوب إليها ، أعني حالها ؛ لأنّ الأولى أن يبيّن الشيء أولا ، ثم يبيّن الحدث المنسوب إليه ، ثم يبيّن قيد ذلك الحدث ؛ فعلى هذا ، أوّلت المعرفة حالا (١) ، لأن التعريف عبث ضائع ؛ ولم تؤوّل النكرة ذا حال (٢) ، لأن غايته أنه على خلاف الأولى ، فقوله : «غالبا» ، يرجع إلى تعريف صاحب الحال ، لأن تنكيرها واجب لا غالب.
قوله : «وأرسلها العراك» ، هذا مثال لتعريف صاحب الحال في الظاهر ؛ ونقول : الحال المعرفة ظاهرا : إمّا مصدر ، وإمّا غير مصدر ، والمصدر إمّا معرّف باللام ، نحو : أرسلها العراك ، أو معرّف بالإضافة ، نحو : افعله جهدك (٣) وطاقتك ، ووحدك ، و: رجع عوده على بدئه ، وفيه قولان :
قال سيبويه : (٤) إنها معارف موضوعة موضع النكرات (٥) ، أي معتركة ومجتهدا ومطيقا ، ومنفردا ، وعائدا ؛ والطاقة بمعنى الوسع ، وكذا : الطوق ، اسم وضع موضع الإطاقة ؛ ووحدك ، في الأصل : وحدتك ، فحذفت التاء ، لقيام المضاف إليه مقامها ، كما في قوله تعالى : (وَإِقامَ الصَّلاةِ)(٦) ، والوحدة : الانفراد ؛ ويجوز أن يكون الوحد ، [والحدة (٧)] والوحدة ، مصدر : وحد يحد ، يقال : وحدا وحدة ، كوعد يعد وعدا وعدة.
__________________
(١) أي حين تقع حالا
(٢) أي حين تقع صاحب حال ،
(٣) يأتي في الشرح تفسير هذه الأمثلة ؛
(٤) سيبويه امام النحاة ، أكثر من نقل عنهم الرضي في هذا الشرح ، وقد حدّدنا كثيرا من الأمور التي نقلها الرضي بذكر موضعها من كتاب سيبويه ؛
(٥) هذا بمعناه في كتاب سيبويه ج ١ ص ١٨٧
(٦) الآية ٧٣ سورة الأنبياء ، وهي ، أيضا جزء من الآية ٣٧ سورة النور
(٧) وردت هذه الكلمة في بعض النسخ كما أشير إلى ذلك بهامش المطبوعة التركية وإثباتها مناسب لما سيأتي من كلام الشارح
والجهد ، ههنا ، بضم الجيم : المشقة ، والجهد بفتح الجيم وضمها بمعنى الاجتهاد ، وقال الفراء (١) : هو بفتح الجيم : المشقة ، وبضمها : الطاقة.
وقولهم : على بدئه ، متعلق بعوده ، أو ، برجع ، والحال مؤكدة ، والبدء مصدر بمعنى الابتداء ، جعل بمعنى المفعول ، أي : عائدا على ما ابتدأه ، ويجوز أن يكون «عوده» مفعولا مطلقا لرجع ، أي رجع على بدئه عوده المعهود ، كأنه عهد منه أنه لا يستقرّ على ما ينتقل إليه ، بل يرجع إلى ما كان عليه قبل ، فيكون كقوله تعالى : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ)(٢) ، فلا يكون من هذا الباب ،
وقال أبو عليّ : ان هذه المصادر منصوبة على أنها مفعولات مطلقة للحال المقدرة قبلها ، أي : أرسلها معتركة العراك ، وافعله مجتهدا جهدك ، ومطيقا طاقتك ، ومنفردا وحدك ، أي انفرادك ، ورجع عائدا عوده ، وكلها مضافة إلى الفاعل ، فلهذا حذف الفاعل وجوبا ، كما مرّ في باب المفعول المطلق ؛ (٣) فهذه المصادر ، وإن قامت مقام الأحوال : منتصبة على المصدرية ، كما ينتصب على الظرفية ، ما قام مقام خبر المبتدأ من الظروف ، نحو : زيد قدّامك ولا يعرب إعراب ما قام مقامه ؛
وقوله : أرسلها العراك ، صدر بيت للبيد ، ويروى : فأوردها العراك ، قال :
١٨٢ ـ فأرسلها العراك ولم يذدها |
|
ولم يشفق على نغص الدّخال (٤) |
يصف الحمار والأتن (٥) ، والدّخال في الورد : أن يشرب البعير ، ثم يردّ من العطن (٦) إلى الحوض ، ويدخل بين بعيرين عطشانين ليشرب منه ما عساه لم يكن شرب ، ويقال :
__________________
(١) من زعماء الكوفيين واسمه يحيى بن زياد ويتكرر ذكره في هذا الشرح ،
(٢) الآية ١٩ سورة الشعراء
(٣) ص ٣٠٥ من الجزء الأول
(٤) البيت كما قال الشارح من شعر لبيد بن ربيعة ، وقد شرحه بما لا يحتاج إلى مزيد ،
(٥) يريد حمار الوحش ؛ والأتن جمع أتان وهي أنثاه ؛
(٦) العطن مبرك الإبل ،
شرب دخال ، ويقال : نغص البعير ، إذا لم يتمّ شربه ، فمعنى نغص الدخال : عدم تمام الشرب ، أي : أوردها مرة واحدة (١) ، ولم يخف على أنه لا يتم شرب بعضها للماء بالمزاحمة.
أمّا قولهم : جاءوا قضّهم بقضيضهم (٢) ، فالأولى أن نقول : أن المصدر فيه بمعنى اسم الفاعل ، أي : قاضّهم بقضيضهم أي مع قضيضهم ، أي : كاسرهم مع مكسورهم ، لأن مع الازدحام والاجتماع كاسرا ومكسورا.
والأصل فيه أن يكون «قضّهم» مبتدأ ، و «بقضيضهم» خبرا ، مثل قولهم : كلمته فاه إلى فيّ ، أي : فوه إلى فيّ ، وهو ههنا أظهر ، لأنهم استعملوه على الأصل فقالوا : كلمته فوه إلى فيّ ؛ ثم انمحى عن الجملتين ، أعني : قضهم بقضيضهم ، وفوه إلى فيّ ، معنى (٣) الجملة والكلام ، لمّا فهم منهما معنى المفرد ، لأن معنى : فوه إلى فيّ ، صار : مشافها ، ومعنى : قضّهم بقضيضهم : كافّة (٤) ، فلما قامت الجملة مقام المفرد ، وأدّت مؤدّاه : أعرب ما قبل الاعراب منها ، وهو الجزء الأول ، إعراب المفرد الذي قامت مقامه ، كما قلنا في باب المفعول المطلق (٥) ، في : فاها لفيك ، سواء (٦).
وكذا ينبغي أن نقول في : يدا بيد ، أي : ذو يد بذي يد ، على حذف المضاف ، أي :
__________________
(١) أي أوردها كلها دفعة واحدة لم يفرق بينها في الشرب ،
(٢) طريقة تعبير الشارح بهذا المثال لا تدل على أنه شعر ، ولكنه ورد في بيت شعر للشماخ بن ضرار ، وهو قوله :
أتتني سليم قضها بقضيضها |
|
تمسّح حولي بالبقيع سبالها |
وقد اعتبره البغدادي شاهدا وكتب عليه ، ولعله مذكور في بعض النسخ من الشرح ،.
(٣) فاعل قوله : انمحى ،
(٤) أي صار معناه كافة أي جميعا ،
(٥) جاء في باب المفعول المطلق ص ٣٣٢ من الجزء الأول ، أن الجملة قد تقوم مقام المفرد فيعرب الجزء الأول منها بإعراب ما قامت مقامه وذكر لذلك أمثلة منها قولهم : فاها لفيك وهو دعاء على المخاطب ، وقد ورد ذلك في بيت شعر اعتبره البغدادي شاهدا وهو قول الشاعر :
فقلت له فاها لفيك ، فإنها |
|
قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره |
(٦) تقديره : هما سواء ، وهذا اختيار الرضي في إعرابه ويقع هذا التعبير كثيرا في كلامه ؛
النقد بالنقد ، وكذا قولهم : بعت الشاء (١) : شاة بدرهم ، أي : شاة بدرهم ، أي كل شاة بدرهم ، كقولهم : رجل خير من امرأة ، أي كل رجل ، كقوله تعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ)(٢) ، أي كل نفس.
وكذا قولهم : بعت الشاء : شاة ودرهما ، والواو بمعنى «مع» كما في : كل رجل وضيعته ، أي شاة ودرهم مقرونان ، أي كل شاة ، فنصب ههنا الجزآن لقبولهما الإعراب.
وقال الخليل (٣) : يجوز أن تأتي به على الأصل نحو ؛ بعت الشاء : شاة بدرهم ، وشاة ودرهم ؛
ثم ألزم (٤) ما كان مبتدأ : التنكير ، لقيامه مقام الحال ، و: فاه إلى فيّ ، شاذ ، ووجهه أنه لم يجز حذف المضاف إليه منه ليتنكّر (٥) ، لئلا (٦) يبقى المعرب على حرف واحد.
وقد جاء : فما لفم. قال المتني (٧) :
١٨٣ ـ قبلتها ودموعي مزج أدمعها |
|
وقبلتني على خوف فما لفم |
فحذف المضاف إليه. وأبدل من الواو ميما ، لئلا يبقى المعرب على حرف واحد.
وهذا شيء قد عرض استطرادا ، ولنعد إلى ما كنا فيه من ذكر حال : قضهم بقضيضهم ، فنقول :
__________________
(١) الشاء بالهمزة للجنس ، وبالتاء : الواحدة منه ،
(٢) الآية ٥ سورة الانفطار.
(٣) الخليل بن أحمد الفراهيدي أو الفرهودي ، شيخ النحاة وأستاذ سيبويه ، ويتكرر ذكره في هذا الشرح ،
(٤) رجوع إلى شرح بقية الأمثلة
(٥) تعليل لقوله حذف المضاف إليه ، الذي لا يجوز ؛
(٦) وهذا تعليل لعدم الجواز ؛
(٧) المتنبي من الشعراء المحدثين عند متقدمي النحاة ، فلا يجيزون الاستشهاد بشعره والرضي يورد في هذا الشرح شواهد من شعره وشعر أمثاله كأبي تمام وأبي نواس ، والعلماء مختلفون في صحة الاستشهاد بشعر هؤلاء ؛
قد يستعمل «قضّهم» تابعا لما قبله في الإعراب ، نحو قولهم : جاءني القوم قضّهم بقضيضهم ، ورأيت القوم قضّهم بقضيضهم ، ومررت بالقوم قضّهم بقضيضهم ، إمّا على التأكيد ، على أن يكون أصله جملة فيعطى جزؤها الأول إعراب «جميعهم (١)». لصيرورتها بمعناه ، على ما ذكرنا في الحال ؛ (٢) أو على البدل ، أي : جاءوا قاضّهم مع مقضوضهم.
ومذهب الكوفيين أن انتصاب «وحده» على الظرفية ، أي : لا مع غيره ، فهو ، في المعنى ، ضدّ «معا» في قولك : جاءوا معا ، وكما أن في «معا» خلافا ، هل هو منتصب على الحال ، أي مجتمعين ، أو على الظرف ، أي في زمان واحد ، فكذا ، اختلف في «وحده» في نحو : جاء وحده ، أهو حال ، أي منفردا ، أم ظرف ، أي : لا مع غيره.
وجاء «وحده» مجرورا في مواضع متعددة : قريع وحده ، ونسيج وحده ، أي انفراده ، وهو (٣) في الأصل : ثوب لا ينسج على منواله مثله ، فاستعير للشخص المنقطع النظير.
ويقال : فلان جحيش (٤) وحده ، وعيير وحده ، ورجيل وحده ، في المستبد برأيه. وقيل : جاء على وحده ، أي انفراده و «على» بمعنى «مع».
فوحده ، لازم الافراد والتذكير ، والإضافة إلى المضمر ، ولازم النصب ، إلّا في المواضع المذكورة.
والمعرّف ظاهرا (٥) من غير المصادر ، إمّا باللام ، نحو قولهم : مررت بهم الجمّاء الغفير ، والجمّاء من الجمّ ، وهو الكثير ، يقال امرأة جمّاء المرافق ، أي كثيرة اللحم على المرافق ، والغفير ، من الغفر وهو الستر بمعنى الغافر ، أي الساترين بكثرتهم وجه الأرض ،
__________________
(١) أي فكأنه قال : جاء القوم جميعهم
(٢) أي مثل التأويل الذي قلناه في وجه إعرابه حالا ؛
(٣) راجع إلى قولهم : نسيج وحده ،
(٤) الكلمات الثلاث بصيغة التصغير ، وهي للذم ، بخلاف الأول ،
(٥) مقابل لقوله فيما تقدم : والمصدر إما معرف باللام