الفضائل الموضوعة عرض ونقد

المؤلف:

مهدي المنصور سمائي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: برگ فردوس
المطبعة: سپهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-6379-02-9
الصفحات: ٣٥١

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

لاشك في أن السنة النبوية الشريفة تأتى فى المرتبة الثانية بعد الكتاب فى التعريف بمبادئ الإسلام فلها الدور الأبرز بعد القرآن الكريم فى هذا المجال ، اذ يعد المصدر الثاني لمصادر التشريع والمعارف الإسلامية. من هذا المنطلق تعتبر المعرفة الكاملة للسنة النبوية الشريفة واستيعابها ـ كما القرآن الكريم ـ أمراً أساسياً لمعرفة مبادئ الإسلام وأحكامها والعمل بها ، بل نستطيع القول بأنه لايمكن معرفة القران والدين الإسلامي إلا بمعرفة السنة الشريفة لأن هذه السنة هى صنو القران تبين الحقائق القرآنية وتفسر آياته. لهذا السبب حثّ الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة المعصومين الأمة على تعلم أحاديثهم ونشرها بين الناس إذن تتوقف معرفة القرآن والإسلام وبالتالى التمييز بين الحق والباطل على المعرفة التامة بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفعله وتقريره إلا أنه وللأسف الشديد لم تأمن السنة النبوية عبر التاريخ من تحريف وتدليس وتزوير.

ثمة أسباب وعوامل كرست ظاهرة تحريف الدين وتدليس السنة النبوية وتزوريها من جملتها :

القضايا المتعلقة بكيفية تعيين خلفاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل منع نقل الحديث و

٥

نشره وتدوينه منذ عصر الخلفاء عصر عمر بن الخطاب وتشويه سمعة الدين من قبل بعض أهل الكتاب ممن تقمصوا الاسلام حيث دسوا بعض الاسرائيليات فى الدين ونسبوها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أثاروا المفاخر القومية والعرقية والانقسامات المذهبية والتشرذمات الدينية.

عندما نستعرض تاريخ الإسلام وكذلك الأحاديث نتبين أن هذه الانحرافات بدات تظهر منذ فجر الاسلام وتحديداً فى زمن الرسول الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث انبرت جماعة من أصحاب الأغراض المشبوهة إلى وضع الأحاديث ومن ثم انتسابها إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى محاولة للوصول إلى مراميهم الخبيثة عبر تضليل الرأى العام للمسلمين واللعب بعقولهم وأحاسيسهم قال امير المومنين على عليه‌السلام « وقد كذب على رسول الله حتى قام خطيباً فقال أيها الناس قد كثرت على الكذابة فمن كذب علىّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. ثم كذب عليه من بعده » (١).

بيد أن توصيات الرسول هذه ووعده بالعذاب لواضعى الحديث لم يؤثر في القوم لأنهم باتوا متأكدين من أن مقاصدهم المشئومة ونواياهم الشريرة لا تتحقق إلا عن طريق وضع الاحاديث ونسبتها للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

________________

١. الكافي محمد بن يعقوب كليني ٣٢٩ هـ دارالكتب الإسلامية ج ١ باب الختلاف الحديث ص ٦٢. قد نقلت هذه الرواية قليل الاختلاف فى الالفاظ راجع صحيح البخارى محمد بن إسماعيل البخارى ، دار إحياء التراث العربي ص ٤٦ كتاب ٣ كتاب العلم باب ٣٩ باب إثم من كذب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ح ١٠٨ والاحاديث الاخرى بهذا المضمون حديث ١٠٧ حديث ١٠٩ وحديث ١١٠ صحيح مسلم مسلم بن الحجاج القشيرى دار إحياء التراث العربي ص ٤٨ المقدمة باب ٢ باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ح ٣ وهكذا حديث ٢ وحديث ٤ سنن ابي داود سليمان بن أشعث الأزدى دار إحياء التراث العربي ص ٦١٨ كتاب ٢٤ كتاب العلم باب ٣ باب التشديد فى الكذب على رسول الله عليه واله وسلم ح ٣٦٤٨ سنن ابن ماجة محمد بن يزيد القزويني دار الفكر ص ٢٦ كتاب السنة باب ٤ / ٤ باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ح ٣٠ وايضا حديث ٣٢ حديث ٣٣ حديث ٣٤ حديث ٣٥ حديث ٣٦ حديث ٣٧ دراسات فى الحديث والمحدثين هاشم معروف الحسنى دار التعارف للمطبوعات ص ٢٤٢.

٦

عموماً أخذت وتيرة جعل الحديث ينحو منحاً متصاعداً وخطيراً بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى البداية كانت الدوافع من وراء جعل الحديث تتمثل في الاستئثار بالقوة والأخذ بزمام الخلافة حيث ظهر هذا التوجه أيام الخليفة الثاني ولتحقيق هذا الغرض وضعت احاديث للاستيلاء على السلطة السياسة كأمثال : « نحن معاشر الأنبياء لا نوّرث ما تركنا صدقه » (١) أو « لا تجتمع امّتى على الضلالة » (٢).

أو « أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتهم اهتديتهم » (٣) إلا أن ظاهرة وضع الحديث وجعل الأكاذيب نشطت فى الفترات اللاحقة حتى بلغت حداً جعلت

________________

١. جاء الحديث في صحيحين هكذا « لانورث ما تركنا صدقة ». راجعوا الى صحيح البخارى محمد بن إسماعيل البخارى دار إحياء التراث العربي ص ١١٩١ كتاب الفرائض باب ٣ باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لا نورث ما تركنا صدقة » ح ٥٢ (١٧٥٩) وايضا حديث ٥٤ ـ (...) ٥٦ ـ (١٧٦١) « وأما ابن حجر فى ذيل هذه الرواية يقول وأما ما اشتهر فى كتب أهل الاصول وغيرهم بلفظ نحن معاشر الأنبياء لانورث فقد أنكره جماعة من الأئمة وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ نحن » فتح البارة ابن حجر العسقلاني دار الفكر ج ١٣ ص ٤٩١ كتاب الفرائض باب ٣ باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لانورث ما تركنا صدقة » ذيل أحاديث ٦٧٣٠ ـ ٦٧٢٥.

٢. المستدرك على الصحيحين محمد بن عبدالله النيشابوري العروف بالحاكم دار الفكر ج ١ ص ٢٠٢ كتاب العلم ح ٤٠٣ والاحاديث بهذا المضمون حديث ٤٠٣ حديث ٤٠١ حديث ٤٠٠ حديث ٣٩٩ حديث ٣٩٨ حديث ٣٩٧ حديث ٣٩٦ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد نور الدين على بن أبي بكر الهيثمي دار الفكر ج ٧ ص ٤٥٢ كتاب ٣٢ كتاب الفتن باب ٦ ح ١١٩٦٦.

٣. الحجة فى بيان المحجة وشرح عقائد أهل السنة إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي دار الراية ج ١ ص ٢٥٤ ح ٩٧ المحصول فى علم الاصول محمد بن محمد بن الحسين الرازي جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية رياض ج ٤ ص ٢٩٤ قال الذهبي فى كتاب ميزان الاعتدال في ترجمه جعفر بن عبدالواحد الهاشمى القاضى : « ومن بلاياه عن وهب بن جرير عن أبية عن الاعمش عن أبى صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابي كالنجوم من اقتدة بشئ منها اهتدى ». ميزان الإعتدال فى نقد الرجال ذهبي دار الكفر ج ١ ص ٤١٦ رقم ١٧١٨ اما حديث اصحابى كالنجوم لم يرد فى المصادر الاوليه من اهل السنه واعترفوا بهذا كبرائهم وللاطلاعلى هذا المطلب ارجعوا الى الرسائل العشر سيد على ميلاني مركز الحقائق الإسلامية ص ٥١ ـ ١٣.

٧

واضعى الأحاديث ينتحلون روايات تشجع أهل مكه على شراء بصل عكة وانتسابه إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأغراض فئوية رخيصة أو مقاصد فردية تافهة. (١)

عموماً ظهرت فى تلك الفترة شخصيات معروفة بوضع الاحاديث كأمثال أبي هريرة الذى لم يدرك عصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سوى ثلاث سنوات فقط وقد عرفت هذه الشخصية بجعل الأكاذيب حتى قيل إن عمربن الخطاب أقام عليه الحد ضرباً بالسياط متهماً إياه بابتزاز اموال المسلمين (٢). لقد وضع أبو هريرة هذا آلافاً من الأحاديث ثم نسبها إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونقل كتابا (صحيح المسلم وصحيح البخارى) عنه الكثير من تلك الأحاديث يذكر أن أباهريرة نفسه قد اعترف بأنه وضع بعض الأحاديث كما نقل كتاب (صحيح بخارى) أثبت البخارى فى صحيحه حديثاً نقله أبو هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد جاء فى نهاية هذا الحديث : « فقالو يا ابا هريرة سمعت هذا من رسول الله؟ قال لا هذامن كيس ابي هريرة ». (٣)

وقد بلغت الوقاحة بأبى هريرة حدّاً راح يعتبر نفسه ومعاوية فى رتبة جبرائيل فى أمانة الوحى (٤) علماً أن معاوية كان فى زمرة المشركين قبيل وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

________________

١. نقلاً عن الشيخ محمود أبو رية (أضواء على السنة المحمدية) ص ٢١١ قال أبوهريرة « سمعت من حبيبي رسول الله من أكل بصل عكة وجبت له الجنة ».

٢. ثم دعا أبا هريرة فقال له : هل علمت من حين أني استعملتك على البحرين وأنت لا نعلين ثم بلغني أنك ابتعت أفراساً بألف دينار وستمائة دينار؟ قال كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا لاحقت قال قد حسبت لك رزقك ومؤؤنتك وهذا فضل فأده قال احتسبتها عند الله قال ذلك لو أخذتها من حلال وأديتها طائعاً أجئت من أقصى حجر البحرين يجبي الناس لك لا ولا للمسلمين ما رجعت بك أميمة إلا لرعية الحمر وأميمة أم أبي هريرة (العقد الفريد ابن عبد ربه دار صادر ج ١ ص ٦٨).

٣. صحيح البخارى محمد بن إسماعيل البخارى دار إحياء التراث العربى ص ٩٨٢ كتاب ٦٩ متاب النفقات باب ٢ وجوب النفقة على الأهل والعيال ح ٥٣٥٥.

٤. قال ابن كثير وقد أوردنا من طريق أبي هريرة وأنس وواثلة بن الاسقع مرفوعا الامناء ثلاثة جبريل وأنا ومعاوية (البداية والنهاية ابن كثير دار الفكر ج ٥ ص ٦٢٢)

٨

بستة أشهر ينقل « أن معاوية مات على غير ملة الإسلام » (١).

أما فيما يتعلق بسوء سيرة ابى هريرة فحدث ولاحرج وعن ظروف نقل الرواية وملابساتها فى عهد الخلفاء يكتب أبو رية قائلاً : « وكان أكثر الصحابة رواية أبو هريرة وقد صحب ثلاث سنين وعمر بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحوا من خمسين سنة ولهذا كان عمروعثمان وعائشة ينكرون عليه ويتهمونه وهو أول راوية اتهم فى الإسلام وكانت عائشة أشدهم إنكارا عليه لتطاول الأيام بها وبه اذ توفيت قبله بسنة » (٢).

اما العلامة السيد مرتضى العسكرى فيكتب عن تاريخ جعل الحديث ووضعه ويقول : نسب أبو هريرة أكثر من ٥٣٠٠ وعبدالله بن عمر أكثر من ألفى حديث إلى الرسول كذباً كما فعل ذلك أم المؤمنين عائشة وانس بن مالك حيث نسب كل واحد منهما ما يقارب ٢٣٠٠ حديث موضوع إلى الرسول ... إن هؤلاء وغيرهم من الصحابة المتعاونين معهم تسابقوا فى عملية وضع الحديث استرضاء للحكام وتزلّفاً لديهم ... ولا احد يعلم الا الله كم من الأحاديث والروايات وضعت فى هذا السياق ثم نسبت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذباً ولقد شوهت هذه الممارسات المشينة وجه الدين ومسخ الاسلام الاصيل بل تحول الدين الاسلامى نتيجة ذلك إلى أداة طيعة بيد الحكام ليمرّروا بها سياساتهم كيفما شاؤوا متى ما شاؤوا. (٣)

________________

١. قال أحمد بن محمد بن صدقة وأبو شيخ عن زياد بن أيوب دلويه سمعت يحيى بن عبد الحميد يقول مات معاوية على غير ملة الاسلام (سير أعلام النبلاء ذهبى ج ١٠ ص ٥٣٣ رقم ١٧٠ تاريخ بغداد أو مدينة السلام خطيب بغدادى ج ١٤ ص ١٨١ رقم ٧٤٨٣.)

٢. أضواء على السنة المحمدية محمود أبو رية ص ١١٣.

٣. رك مقدمة العلامة سيد مرتضى عسكرى فى كتاب سيرت فى الصحيحين محمد صادق نجمى بوستان كتاب قم.

٩

سبق أن أشرنا إلى أن ظاهرة وضع الأحاديث بدأت من عصر الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاشتدت وتيرتها فى عصر الخلفاء الثلاث لتبلغ أو جها فى عصرمعاوية بن أبي سفيان مثل هذه الظاهرة دفع بعض العلماء الكبار كأمثال الشيخ محمد عبده إلى أن يعتبر ظاهرة وضع الأحاديث وفى العصر الأموى تحديداً أعظم مصيبة حلت بأمة الاسلام (١).

على أي قد استغل معاوية بكل ما يملكه من قوة وامكانيات وبمختلف الأساليب واضعى الحديث لتحقيق أغراضه ، وفى هذا السياق استدرج شخصيات كأمثال كعب الأحبار وأبي هريرة وعبيدالله بن عمرو بن العاص وسمرة بن جندب استدرجهم من حيث يعلمون أو لايعلمون إلى تنفيذ هذه الخطة الهدامة لتحقيق غرضين هما تشويه سمعة اميرالمؤمنين عليه‌السلام والحط من شخصية اولاً وثانياً تبرير سلوك الخلفاء الثلاث وتابعيهم وإعلاء مكانتهم وقد ركز هؤلاء فى هذا السياق على شخصية مشبوهة كمعاوية بن أبي سفيان حيث أضفوا عليه وعلى حكمه الغاصب الجائر ثوب الشرعية وبر روا سياسته الرعناء.

حاول معاوية بداية وعبر أبواقه الإعلامية وعن طريق توظيف أزلامه ومرتزقة وبمساعدة المتاجرين بالدين أن يلفت الأنظار إلى حاضرة الشام معتبراً إياها مهبط النور والرحمة وحط بركات السماء كما ذم العراق وأهل العراق وكذلك ذم الإمام على عليه‌السلام واتباعه بأنهم يفتقرون إلى نور الهداية ومحرمون من

________________

١. قال الأستاذ الإمام محمد عبده لم برزأ الإسلام بأعظم مما ابتدعه المنتسبون إليه وما أحدثه الغلاة من المفتريات عليه فذلك مما جلب الفساد على عقول المسلمين وأساء ظنون غيرهم فيما بني عليه الدين وقد فشت للكذب فاشية على الدين المحمدي فى قرونه الأولى حتى عرف ذلك فى عهد الصحابة رضى الله عنهم بل عهد الكذب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى حياته إلا أن عموم البلوى بالأكاذيب حق على الناس بلاؤه فى دولة الأمويين فكثر الناقلون وق لاصادقون وامتنع كثير من أجلة الصحابة عن الحديث إلا بمن يثقون بحفظه خوفا من التحريف فيما يؤخذ عنهم (أضواء على السنة المحمدية محمود أبو رية ص ٣٨٩.)

١٠

الرحمة الإلهية وتم تنفيذ هذه السياسات الشيطانية الرعناء عن طريق وضع احاديث وانتسابها إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك بدأ أزلام معاوية ومرتزقته كأمثال كعب الأحبار اليهودى وتلاميذته وكذلك أبو هريره ومن عمل على شاكلته بدأوا ينفذون مؤامرتين أساسيتين ـ كما أشرنا سلفاً ـ أولاً وضع بعض الروايات والأحاديث التى تعلى من شأن معاويى وتعزز مكانته وثانياً اختلاق تلك التى تحطّ من شأن أميرالمؤمنين على عليه‌السلام وتحقّره فلنتمعن على سبيل المثال ـ فى هذه الرواية التى وضعت فى منزلة معاوية بن أبي سفيان عن لسان النبى : « اللهم اجعله هادياً مهدياً » (١) وكذلك فى هذه الرواية : « اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب » (٢).

يقول أبو رية : « لم يكن ما قدم أبو هريرة إلى آل أبى العاص عامة وسائر بني أمية ومعاوية خاصة جهادا بسيفه أو بماله وإنما كان كما قلنا ـ أحاديث ينشرها بين الناس يطعن فيها على على عليه‌السلام ويخذل بها أنصاره ويجعل الناس يتبرأون منه أو يشيد بفضل عثمان ومعاوية! » (٣)

اتخذت ظاهرة وضع الأحاديث طالبعاً رسمياً على يد أزلام الدولتين الأموية والعباسية وذلك لارضاء اهواء السلطات الظالمة وتحقيقاً لمطامعهم وميولهم إذ تحولت هذه الظاهرة شيئاً فشيئاً إلى طريقة معمول بها وقد بلغ أمر الوضاعين حدّاً أنكر عليهم الحكام الجائرون انفسهم يقول الخطيب الغدادى فى موسوعته :

________________

١. حدثنا على بن بحر حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا سعيد بن عبدالعزيز عن ربيعة بن يزيد عن الرحمن بن أبي عميرة الأزدى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه ذكر معاوية وقال اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به. (مسند أحمد الإمام أحمد بن حنبل دار الفكر ج ٦ ص ٢٦٦ ح ١٧٩١٥).

٢. حدثنا أبو يزيد القراطيسي ثنا أسد بن موسى وحدثنا بكر بن سهل ثنا عبدالله بن صالح قالا ثنا معاوية حدثني يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبى رهم أن عرباض بن سارية حدثه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعاه إلى السحور فى رمضان فقال هلم إلى الغداء المبارك وسمعته يقول اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه والعذاب (المعجم الكبير الطبرانى دار إحياء التراث العربي ج ١٨ ص ٢٥٢ ـ ٢٥١ ح ٦٢٨).

٣. شيخ المضيرة أبو هريرة محمود أبورية ص ٢٢٩.

١١

« خبرتي البرفانى حدثنى محمد بن احمد بن محمد الادمى حدثنا محمد بن علي الايادى حجثنا زكريا الساجى قال بلغنى أن أبا البخترى دخل على الرشيد وهو قاض وهارون إذ ذاك يطير الحمام فقال هل تحفظ فى هذا شيئا فقال حدثنى هشام بن عروة عن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يطير الحمام فقال أخرج عنى لو لا أنه رجل من قريش لعزلته » (١).

عندما نستعرض التاريخ الإسلامى وحين نستجلى أحداثها يتضح لنا أن الدافع الأول والرئيس من وراء الممانعة من جمع بعض الأحاديث أو تحريفه أو المنع من نشره بين الناس إبّان خلافة أبى بكر حتى فترة حكم عمر بن عبدالعزيز كان دافعاً استراتيجيّاً واحداً يتمثل بخلافة على بن أبى طالب عليه‌السلام وبحادثة الغدير بنحو أخص إذ حاول اعداء أهل البيت إضفاء ثوب الشرعية على حكم الغاصبين ـ كما أسلفنا ـ عبر اجراء ين متزامنين يكمل أحدهما الآخرة هما أولاً المنع من نشر وإذاعة روايات منحولة ومختلقة تتحدث عن فضائل الخقاء الثلاث وكذلك عن خلفاء بنى امية وصحابة بعينها.

عندما تصدى عمر بن عبدالعزيز الحكم وأخذ بزمامه انتهت فترة استمرت أكثر من مأئة عامٍ منعت من خلالها كتابة الحديث ونقلها إلا أن عملية كتابة الحديث هذه أصابتها آفة أخرى أسوأ من سابفتها فقد تمت هذه العملية تحت رقابة الحكام المستبدين إذ كفق كتاب الحديث يسجلون الأحاديث ويحر رونها وينشرونها بأمر من هؤلاء الحكام وبرخصة منهم ارضاءً لأهواءهم الدنيوية وإشباعاً لميولهم السياسية.

________________

١. تاريخ بغداد أو مدينة السلام خطيب بغدادى ج ١٣ ص ٤٥٨ رقم ٧٣٢٣.

١٢

على أىًّ صارت النتيجة أن دونت عشرات الكتب فى سيرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأحاديثه وكذلك فى سيرة الصحابة من دون أن ينقل إلا القليل من بين الآلاف من الأحاديث المروية عن النبى المتعلقة بأمر ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام تلك الروايات التي نقلها المخلصون من صحابة الرسول عليه‌السلام وأتباع الدين الإسلامى بيد أن هذه الأحاديث المعدودة أيضاً أثارت استياء علماء السلطة ومروجي الجور بحيث قرّر هؤلاء ومن منطلق طويتهم الخبيثة أن يتخلصوا منها فجعلوا يروجون ظلماً أن الروايات الواردة فى شأن على بن أبى طالب عليه‌السلام واتباعه وما جاء منها فى فضائلهم روايات ضعيفة غير صحيح السند.

وأكثر من روى عنه ابو هريرة وعائشة وعبدالله بن عمر عبدالله بن عمرو بن العاص فقد روى عن أبو هريرة اربعمائة وستة وأربعين حديثاً وعن عبدالله بن عمر مأتين وسبعين حديثاً وعن عائشة مأتين وإثنين وأربعين حديثاً ولم يروى عن فاطمة الزهراء سيدة نساء إلاّ حديثاً واحداً وروى عن على بن أبى طالب تسعة وعشرون حديثاً و ... (١)

إن نتائج اتخاذ مثل هذا الأسلوب فى التعامل مع الحديث جعل ابن حجر العسقلانى وهو من الشخصيات السنية المتعصبة أن يعترف قائلاً : « فإن الأحاديث التى انتقدت عليها بلغت مائتى حديث وعشرة أحاديث ... اختص البخارى منها بأقل من ثمانين وباقى ذلك يختص بمسلم » (٢). وأن يضيف قائلاً : « أن بعض الرجال

________________

١. دراسات فى الكافي والصحيح هاشم معروف الحسنى ص ١١٧ پژوهشى تطبيقى در احاديث بخارى وكلينى هاشم معروف الحسنى ترجمه عزيز فيضى بنياد پژوهشهاى اسلامى آستان قدس رضوى ص ١٣٢ هدى السارى مقدمة فتح البارى ابن حجر العسقلانى دار الفكر ص ٦٦٢ ـ ٦٥٩ دراسات فى الكافى والصحيح هاشم معروف الحسنى ص ١١٧.

٢. هدى السارى مقدمة فتح البارى ابن حجر العسقلانى دار الفكر ص ١٣ أما احمد امين فيقول « انتقده حفاظ الحديث فى بعض أحاديث بلغت ١١٠ منها ٣٢ حديثاً اتفق فيها هو ومسلم و ٧٨ انفرد بها البخارى » (ضحى الإسلام أحمد امين دار الكتب العلمية ج ٢ ص ٩٤ الباب الثالث الحركة العلمية فى العصر العباسى الاول ذيل عنوان البخارى).

١٣

الذين روى لهم ثقات وقد ضعيف الحفاظ من رجال البخارى نحو الثمانين » (١).

نستنتج إذن أن معظم الأحاديث التى كثر فيها الجعل والاختلاق والتزوير هى الأحاديث التى وضعت فى فضائل خليفتى الأول والثانى وفى فضائل بعض الصحابة والأمويين كما وضع فى نفس السياق عديد من روايات تقلل من شأن امير المؤمنين وأئمة اهل البيت عليهم‌السلام وتقدح فى شخصياتهم.

ومن جانبنا كان يتطلب الامر فى ظروف كهذه تفعيل نهضة علمية شاملة قائمة على العقل والمنطق وبعيدة عن أى لون من التعصب الأعمى أو التحرب المقيت لدراسة السنة النبوية وكذلك الروايات الصحيحة وتمييزها عن الموضوعات والمجعولات.

فنظراً للحاجة الملحة التى نلمسها لدراسة حقيقة الفضائل التى تنسب إلى الخلفاء والصحابة فى الموسوعات الروائية لأهل السنة والجماعة وكذلك لدراسة روايات تنقص من شأن امير المؤمنين واهل البيت رحمة الله ولضرورة الكشف عن الأحاديث الموضوعة مناقشتها اعتماداً على منهج علمى رصين وبعيداً عن أى تعصل أعمى وباستخدام المصادر الرئيسة لأهل السنة مما دوّنت فى علم الرجال وكذلك المؤلفات التى دونها أهل السنة أنفسهم فى ظاهرة وضع الحديث نظراً لكل ما سبق تقرر فى « مركز إعداد الباحثين فى المذاهب الإسلامية » التابعة لمكتب سماحة المرجع الأعلى آية الله العظمى فاضل اللنكرانى رضوان الله تعالى عليه ـ تدريس مادة دراسية تناقش الفضائل الموضوعة باعتماد منهج موضوعى وعلمى. هذه المادة تعهد تدريسها فعلاً الاستاذ الفاضل والباحث القدير سماحة العلامة الجليل حاج شيخ نجم الدين

________________

١. ضحى الإسلام أحمد امين دار الكتب العلمية ج ٢ ص ٩٤ الباب الثالث الحركة العلمية فى العصر العباسى الأول ذيل عنوان البخارى.

١٤

طبسى خلا عدة سنوات فقام بتقرير حلقاتها وتبويبها وإخراج مصادرها عدد من تلامذته والذين عملواً تحت اشراف سماحة.

والكتاب من خلال هذه الطبعة وفي حلته البهية يقدم إلى الحوزات العلمية والاوساط المعنية فى الداخل والخارج إنّه ثمرة جهود فضيلته وجهود تلامذته الأجلاء الذين لم يبخلوا بأى جهد فى سبيل انجازه.

إن مركز إعداد الباحثين فى المذاهب الإسلامية اذ يتقدم بالشكر والقدير لسماحة ـ دامت تأييداته_ لما بذله من جهود مخلصة يتوجه بالشكر والتقدير أيضاً للباحثين الأفاضل الذين لو لم تكن جهودهم المضنية وتعاونهم المستمر اما انجز هذا المشروع العقائدى.

وضمن القائمة التالية نثبت أسماء الطلبة الذين ساهموا فى تدوين المصادر وتبويبها إخراجها وهم السادة :

١) مهدي منصور سمائى : والذى ساهم بوجه خاص فى إنجاز هذا العمل من حيث التبويب وإعادة النظر وإخراج المصادر.

٢) حسن بلقان آبادى.

٣) محمد محسن طبسى.

٤) عليرضا بهرامى.

٥) محسن افضل آبادى.

٦) محمد جعفر محمود تبار

٧) الوالحسن رزاقى

٨) مهدى تلافى

٩) محمد جواد اسدى طوسى

١٠) فخر الدين اسدى طوسى

١٥

١١) احمد غلاميان

١٢) رضا صادقيان

١٣) سيد حميد حسيني

١٤) محمد حسين كريمي.

وختاماً نتوجه بالشكر والتقدير إلى سماحة آيت الله الحاج شيخ محمد جواد فاضل اللنكرانى ـ دام عزه ـ لارشاداته وتوجيهات القيمة ولدعمه المادى والمعنوى وخاصة فى طباعة ونشر هذا الكتاب وغيرها من الكتب المنشورة من قبل هذا المركز راجيا من الله ـ تعالى ـ أن يوفقه فى خدمة الإسلام والمسلمين. كما نرجو من الله تعالى رفيه الدرجات وعلوّ المقامات لروح مجدد الإسلام ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني ـ قدس سره الشريف_ وللمرجع الراحل ومؤسس المركز الفقهى للأئمة الأطهار عليهم‌السلام آيت الله العظمى فاضل اللنكرانى ـ رضوان الله تعالى عليه ـ حشر الله تعالى هذا الاستاذ الأغر وهذا التلميذ الجليل وهذين الفقيهين العظيمين مع الرسول الأكرم واولياءه وأئمة أهل البيت ـ سلام الله عليهم اجمعين ـ.

ونرجو من الله العلى القدير أن يتقبل منا هذا النزر اليسير بأحسن القبول إنّه محط حسن الظن وموئل الإجابة وآخر دعوانا أن الحمدالله رب العالمين.

حسين حبيبى تبار

مدير مركز التخصصي لإعداد الباحثين في المذاهب الإسلامية

التابع لمكتب المرجع الراحل آية الله العظمى فاضل اللنكرانى قدس‌سره

١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريته محمد بن عبدالله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أهل بيته الطاهرين عليهم‌السلام سيّما الإمام الحجة بن الحسن المهدى روحى وأرواح العالمين له الفداء.

وبعد : من أعظم الدواهى التى نزلت بالأمة الإسلامية بعد وفاة الرسول الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هى منع السطات الحاكمة من تدوين السنة النبوية ونشرها وإذاعتها إنزال أشد العقوبات على من يخالف أوامرهم فيقوم بنشر أحاديث النبى الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونقلها إلى الأمة الإسلامية.

فهذا الخليفة الأول يحرق السنة الثابتة (١).

وهذا الخليفة الثانى يجعل سياسة حكومته المنع من نشر السنة النبوية ـ وإن

________________

١. قال المتقى الهندى : « قالت عايشة جمع أبى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت خمسمائة حديث فياتت ليلة يتقلب كثيراً قالت فغمنى فقلت تتقلب لشكوى أو لشىء بلغك؟ فلما أصبح قال : أى بنية هلمى الأحاديث التى عندك فجئته بها فدعا بنار فأحرقها. » المتقى الهندى كنز العمال فى سنن الأقول والافعال ج ١٠ ص ٢٨٥ وكذلك عن خليفة الثانى قال ابن سعد « إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها أمر بتحريقها » محمد بن سعد الطبقات الكبرى ج ٥ ص ١٨٨ فى ترجمة محمد بن أبى بكر.

١٧

كان ناقلها صحابياً ـ مهداداً أباهريرة والآخرين بالطرد والإبعاد عن المدينة المنورة قائلاً لأبى هريرة : « لتتركن الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو لألحقنك بأرض دوس. » (١) وقائلاً لكعب : « لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القردة ». (٢)

فيصمت الرواة عن نقل الحديث خوفاً من تهديداته وعقوباته بحيث يقول بعضهم : « إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها فى زمن عمر لشج رأسى » (٣). وهذه السياسة التى كاد أمثال الذهبى أن يفتخر بها قائلاً : « هكذا هوكان عمر يقول أقلّوا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزجر غير واحد من الصحابة عن بث الحديث وهذا مذهب لعمر ولغيره فبالله عليك إذا كان الإكثار من الحديث فى دولة عمر كانوا يمنعون منه مع صدقهم وعدالتهم وعدم الأسانيد » (٤). فهذه السياسة هى التى أعقبها إبتعاد الأمة عن المنهل الصافى وبدءوا يشربون الماء العكر.

لقد حبس حاكم المدينة آخرين على هذه الجريمة!! وعاقبهم بالاقامة الجبرية فى المدينة كأبى ذر وأبى الدرداء وإبن مسعود فقد روى الذهبى إن عمر حبس ثلاثة إبن مسعود وأباالدرداء وأبامسعود الأنصارى فقال : أكثرتم الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) فحبسهم بالمدينة (٦).

وتابعة الخليفة الثالث إلى أن انتهى الأمر إلى معاوية والكل يعلم أن الهدف الأقصى من هذه السياسة التعسفية هى التعتيم على فضائل أميرالمؤمنين عليه‌السلام و

________________

١. الذهبى سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٦٠١ فى ترجمة أبوهريرة الدوسى.

٢. المصدر

٣. المصدر

٤. المصدر

٥. الذهبى تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٧.

٦. الذهبى سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٢٠٦ فى ترجمة شعبة بن الحجاج.

١٨

المنع دون وصول هذه الروايات وخصوصاً قضية الغدير إلى الأجيال الجديدة والمسلمين الجدد عبر هذه الفتوحات والتوسع فى أراضى ورقعة بلاد الإسلام وبالتالى عدم الإكتراث بتراثهم وتعاليمهم وهي الفضائل التى لم يرد فى حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد بمثل ما ورد فى شأن على عليه‌السلام كما صرح بذلك أحمد بن حنبل وغيره (١) وهذه السياسة أنجبت طامة كبرى أخرى وهى سياسة إستخدام الأمويين بعض الضعفة ودعمهم بأموال بيت المال فى سبيل جعل أحاديث تمس بشخصية أمير المؤمنين عليه‌السلام وتمدح بالأمويين وبمن ولاهم بدءاً بالشيخين ثم بعثمان ثم بمعاوية ويكفى شاهداً على ما قلناه نص كلام العسقلانى حيث قال : « قال أحمد بن حنبل ثلاثة كتب ليس لها أصول وهى المغازى والتفسير والملاحم » أضاف إليها إبن حجر العسقلانى قائلاً « ينبغى أن يضاف إليها الفضائل فهذه أودية الأحاديث الضعيفة والموضوعة إذ كانت العمدة فى المغازى على مثل الواقدى وفى التفسير على مثل مقاتل والكلبى وفى الملاحم على الإسرائيليات وأما الفضائل فلاتحصى كم وضع الرافضة فى فضل أهل البيت عليهم‌السلام وعارضهم جهلة أهل السنة بفضائل معاوية بدءوا بفضائل الشيخين » (٢).

إستمر الأمويين بوضع الأحاديث ونسبتها وبكل صلافة الوجه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبثها بين الناس وبقوة المال والسلاح والتهديد والإعارب « نادي معاوية أن قد برئت الذمة ممن يروي حديثاً من مناقب على عليه‌السلام وفضل

________________

١. إبن حجر العسقلانى فتح البارى شرح صحيح البخارى ج ٧ ص ٥٧ باب مناقب على عليه‌السلام إبن عساكر تاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٤١٨ الثعلبى تفسير الثعلبى ج ٤ ص ٨١ إبن أبى يعلى طبقات الحنابلة ج ١ ص ٣١٩ إبن أثير الجزرى الكامل فى التاريخ ج ٣ ص ٣٩٩ والحاكم الحسكانى شواهد التنزييل ج ١ ص ٢٦.

٢. إبن حجر العسقلانى لسان الميزان ج ١ ص ١٠٦ فى فصول يحتاج إليها فى المقدمة.

١٩

أهل بيته وكان أشد الناس بلية أهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة فاستعمل زياد بن أبية وضم إليه العراقين الكوفة والبصرة فجعل يتتبع الشيعة وهو بهم عارف يقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وصلبهم في حذوع النخل وسمل أعينهم وكتب معاوية إلى جميع عماله فى جميع الأمصار أن لاتجيزوا لأحد من شيعة على عليه‌السلام وأهل بيته شهادة وانظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه ومحبىّ أهل بيته وأهل ولايته والذين يروون فضله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم واكتبوا بمن يروى فضله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم واكتبوا بمن يروى من مناقبه بإسمه واسم أبيه وقبيلته ففعلوا حت كثرت الرواية فى عثمان وافتعلوها بماكان يبعث إليهم من الصلات والخلع والقطايع من العرب والموالى فكثر ذلك فى كل مصر وتنافسوا فى الأموال والدنيا فليس أحد يجىء من مصر من الأمصار فيروى فى عثمان منقبة أو فضيلة إلا كتب اسمه وقرب وأجيز فلبثوا بذلك ماشاء الله.

ثم كتب إلى عماله : إن الحديث فى عثمان قد كثر وفشى فى كل مصر فادعوا الناس إلى الرواية فى معاوية وفضله وسوابق فإن ذلك أحب إلينا وأقر لأعيننا وأدحض لحجة أبى تراب وأشد عليهم فقرأ كل أمير وقاض كتابه على الناس فأخذ الناس فى الروايات فى فضائل معاوية على المنبر فى كل كورة وكل مسجد زوراً وألقوا إلى معلمى الكتاتبيب فعلموا ذلك صبيانهم كما يعلمونهم القران حتى علموة بناتهم ونساءهم وحشهم.

ثم إن معاوية إستاجر ناساً على وضع سلسلة من الأكاذيب وإعطاهم جعلاً بما يرضيهم ويرضونه فعن الإسكافى المتوفى عام ٢٤٠ هـ : « إن معاوية وضع

________________

١. ابن أبى الحديد شرح نهج البلاغة ج ١١ ص ٤٤ ـ ٤٥ والشيخ الطبرسى الاحتجاج ج ٢ ص ١٧.

٢٠