علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

على القوم الفاسقين إليك عنّي ، ياأخا بني سيدان (١) » (٢) .

[ ٢٦٥ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثناأحمد (٣) بن محمّد بن سعيد الكوفي ، قال : حدّثنا علي بن الحسن ابن علي بن فضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : كيف مال الناس عنه إلى غيره وقد عرفوا فضله وسابقته ومكانه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فقال : «إنّما مالوا عنه إلى غيره؛ لأنّه كان قد قتل آباءهم وأجدادهم وأعمامهم وأخوالهم وأقرباءهم المحاربين لله ولرسوله عدداً كثيراً ، فكان حقدهم عليه لذلك في قلوبهم فلم يحبّوا أن يتولّى عليهم ، ولم يكن في قلوبهم على غيره مثل ذلك؛ لأنّه لم يكن له في الجهاد بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ما كان له ، فلذلك عدلوا عنه ومالوا إلى غيره» (٤) .

ـ ١٢٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه‌السلام

مجاهدة أهل الخلاف

[ ٢٦٦ / ١ ] أبي (٥) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن

__________________

(١) في المطبوع وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : دودان ، وما أثبتناه من بقيّة النسخ.

(٢) ذكره المصنّف في الأمالي : ٧١٦ / ٩٨٦ ، وأورده المفيد في الإرشاد ١ : ٢٩٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٢٩ : ٤٨٣ / ٥.

(٣) في النسخ : محمّد.

(٤) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ٢ : ١٧٦ / ١٥ ، الباب ٣٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٨٠ / ٢.

(٥) في «ع» : حدّثنا أبي.

٢٨١

أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «إنّما أشار (١) عليّ عليه‌السلام بالكفّ عن عدوّه من أجل شيعتنا؛ لأنّه كان يعلم أنّه (٢) سيظهر (٣) عليهم بعده ، فأحبّ أن يقتدي به من جاء بعده فيسير فيهم بسيرته ، ويقتدي بالكفّ عنهم بعده» (٤) .

[ ٢٦٧ / ٢ ] حدّثنا جعفر (٥) بن محمّد بن مسرور رحمه‌الله ، قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبدالله بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال (٦) : قلت له : ما بال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يقاتل فلاناً وفلاناً وفلاناً؟

قال : «لآية في كتاب الله عزوجل : ( لَوْ تَزَيَّلُوا (٧) لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) (٨) » قال : قلت : وما يعني بتزايلهم؟

قال : «ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ، وكذلك القائم عليه‌السلام لن يظهر أبداً حتّى تخرج ودائع الله عزوجل ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله فقتلهم» (٩) .

__________________

(١) في المطبوع : سار.

(٢) «أنّه» أثبتناها من النسخ.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : ظهر على عدوّه ، أي غلبه. الصحاح ٢ : ٤٣٠ / ظهر.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٣٥ / ٢٣.

(٥) في «ح ، ن ، ع ، ش» : حفص.

(٦) كلمة «قال» لم ترد في النسخ.

(٧) ورد في حاشية «ج ، ل» : قوله تعالى : ( لَوْ تَزَيَّلُوا ) ، أي لو تميّز المؤمنون من الكافرين. (مجمع ، البحار) مجمع البحرين ٥ : ٣٨٨ / زلزل ، البحار ٢٠ : ٣٢٨.

(٨) سورة الفتح ٤٨ : ٢٥.

(٩) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٣٥ / ٢٤.

٢٨٢

[ ٢٦٨ / ٣ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا جعفربن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن علي بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام ، أو قال له رجل : أصلحك الله ، ألم يكن عليّ عليه‌السلام قويّاً في دين الله عزوجل ؟ قال : «بلى».

قال : فكيف ظهر عليه القوم ، وكيف لم يدفعهم وما منعه من ذلك؟ قال : «آية في كتاب الله عزوجل منعته» ، قال : قلت : وأيّ آية؟

قال : «قوله تعالى : ( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) (١) إنّه كان لله عزوجل ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن عليٌّ عليه‌السلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع ، فلمّا خرجت (٢) الودائع ظهر عليّ على من ظهر فقاتله ، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبداً حتّى تظهر ودائع الله عزوجل ، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله» (٣) .

[ ٢٦٩ / ٤ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا جعفربن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدّثنا جبرئيل بن أحمد ، قال : حدّثني (٤) محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : في قول الله عزوجل : ( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) : «لو أخرج الله مافي

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ٢٥ .

(٢) في «ج ، ل ، ع ، ن ، ش» : خرج.

(٣) ذكره المصنّف في كمال الدين : ٦٤٢ ، وأورد نحوه القمّي في التفسير ٢ : ٣١٦ / ٣١٧ ، وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ١ : ٣٣٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٣٦ / ٢٥.

(٤) في «ن ، ح» : حدّثنا.

٢٨٣

أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين لعذّب الذين كفروا» (١) .

[ ٢٧٠ / ٥ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثناأبو سعيد الحسن بن علي العدوي ، قال : حدّثنا الهيثم بن عبدالله الرماني ، قال : سألت علي بن موسى الرضا عليه‌السلام فقلت له : يابن رسول الله ، أخبرني عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام لِمَ لَم يجاهد أعداءه خمساً وعشرين سنة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ جاهد في أيّام ولايته؟

فقال : «لأنّه اقتدى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في تركه جهاد المشركين (٢) بمكّة ثلاثة عشرة سنة بعد النبوّة ، وبالمدينة تسعة عشر شهراً ، وذلك لقلّة أعوانه عليهم ، وكذلك عليّ عليه‌السلام ترك مجاهدة أعدائه لقلّة أعوانه عليهم ، فلمّا لم تبطل نبوّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع تركه الجهاد ثلاثة عشر سنة وتسعة عشر شهراً كذلك لم تبطل إمامة عليّ عليه‌السلام مع تركه الجهاد خمساً وعشرين سنة؛ إذ كانت العلّة المانعة لهما من الجهاد واحدة» (٣) .

[ ٢٧١ / ٦ ] حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا أنّه سُئل أبوعبدالله عليه‌السلام ما بال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يقاتلهم؟

قال : «الذي سبق في علم الله أن يكون وما كان له أن يقاتلهم وليس معه إلاّ ثلاثة رهط من المؤمنين» (٤) .

__________________

(١) ذكره المصنّف في كمال الدين : ٦٤٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٣٧ / ٢٦ .

(٢) في «ح» : مجاهدة المشركين.

(٣) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ٢ : ١٧٧ / ١٦ ، الباب ٣٢.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٣٧ / ٢٧.

٢٨٤

[ ٢٧٢ / ٧ ] حدّثنا حمزة بن محمّد العلوي ، قال : أخبرنا أحمد (١) بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثني الفضل بن حباب (٢) الجمحي ، قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم الحمصي ، قال : حدّثني (٣) محمّد بن أحمد بن موسى الطائي ، عن أبيه ، عن ابن (٤) مسعود ، قال : احتجّوا في مسجد الكوفة فقالوا : مابال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية ؟

فبلغ ذلك عليّاً عليه‌السلام فأمر أن ينادى : الصلاة (٥) جامعة ، فلمّا اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «معاشر الناس ، إنّه بلغني عنكم كذاوكذا» ، قالوا : صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك ، قال : «فإنّ لي بسنّة الأنبياء اُسوة فيما فعلت قال الله عزوجل في محكم (٦) كتابه : ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٧) .

قالوا : ومن هم يا أمير المؤمنين؟ قال : «أوّلهم إبراهيم عليه‌السلام ؛ إذ قال لقومه : ( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ) (٨) فإن قلتم : إنّ إبراهيم اعتزل قومه لغير مكروه أصابه منهم فقد كفرتم ، وإن قلتم : اعتزلهم لمكروه رآه منهم فالوصي أعذر.

ولي بابن خالته لوط اُسوة؛ إذ قال لقومه : ( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً

__________________

(١) في «ج ، ح ، ش ، ل ، ن» : محمّد.

(٢) في المطبوع : خباب.

(٣) في «ع» : حدّثنا.

(٤) في «ع» : أبي مسعود.

(٥) في المطبوع : بالصلاة.

(٦) كلمة «محكم» لم ترد في المطبوع.

(٧) سورة الأحزاب ٣٣ : ٢١.

(٨) سورة مريم ١٩ : ٤٨.

٢٨٥

أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ) (١) ، فإن قلتم : إنّ لوطاً كانت له بهم قوّة فقد كفرتم ، وإن قلتم : لم يكن له بهم قوّة فالوصيّ أعذر.

ولي بيوسف عليه‌السلام اُسوة إذ قال : ( رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) (٢) فإن قلتم : إنّ يوسف دعا ربّه وسأله السجن لسخط ربّه فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنّه أراد بذلك لئلاّ يسخط ربّه عليه فاختار السجن فالوصيّ أعذر.

ولي بموسى عليه‌السلام اُسوة إذ قال : ( فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ) (٣) فإن قلتم : إنّ موسى فرّ من قومه بلا خوف كان له منهم فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنّ موسى خاف منهم فالوصي أعذر.

ولي بأخي هارون عليه‌السلام اُسوة إذ قال لأخيه يا : ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٤) فإن قلتم : لم يستضعفوه ولم يشرفوا على قتله فقد كفرتم ، وإن قلتم : استضعفوه وأشرفوا على قتله فلذلك سكت عنهم فالوصيّ أعذر.

ولي بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله اُسوة حين فرّ من قومه ولحق بالغار من خوفهم وأنا مني على فراشه ، فإن قلتم : فرّ من قومه لغير خوف منهم فقد كفرتم ، وإن قلتم : خافهم وأنا مني على فراشه ولحق هو بالغار من خوفهم فالوصيّ أعذر» (٥) .

[ ٢٧٣ / ٨ ] أخبرني علي بن حاتم ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن

__________________

(١) سورة هود ١١ : ٨٠.

(٢) سورة يوسف ١٢ : ٣٣.

(٣) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٠.

(٤) سورة الأعراف ٧ : ١٥٠.

(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٣٨ / ٢٩.

٢٨٦

موسى النوفلي ، قال : حدّثنا محمّد بن حمّاد الشاشي ، عن الحسين بن راشد ، عن علي بن إسماعيل الميثمي ، قال : حدّثني ربعي ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : ما منع أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يدعو الناس إلى نفسه؟

قال : «خوفاً أن يرتدّوا».

قال علي بن حاتم : وأحسب في الحديث : «ولا يشهدوا أنّ محمّداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (١) .

[ ٢٧٤ / ٩ ] وعنه قال : حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن جعفر الرازي ، قال : حدّثنامحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن بكّار بن أبي بكر الحضرمي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «لَسيرة علي بن أبي طالب في أهل البصرة كانت خيراً لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس ، إنّه علم أنّ للقوم دولة فلو سباهم سبيت شيعته» ، قال : قلت : فأخبرني عن القائم عليه‌السلام يسير بسيرته؟

قال : «لا ، إنّ عليّاً عليه‌السلام سار فيهم بالمنّ لِما علم من دولتهم ، وأنّ القائم يسير فيهم بخلاف تلك السيرة؛ لأنّه لا دولة لهم» (٢) .

[ ٢٧٥ / ١٠ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ عليّاً عليه‌السلام لم يمنعه من أن يدعو الناس (٣) إلى نفسه إلاّ أنّهم إن يكونوا ضلاّلاً لا يرجعون عن

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٤٠ / ٣٠.

(٢) أورده البرقي في المحاسن ٢ : ٣٩ / ١١٢٦ ، والكليني في الكافي ٥ : ٣٣ / ٤ ، والطوسي في التهذيب ٦ : ١٥٥ / ٢٧٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٣ : ٤٤٢ / ٦٥١.

(٣) كلمة «الناس» لم ترد في «ج ، ل ، ش ، ن ، ح».

٢٨٧

الإسلام أحبّ إليه من أن يدعوهم فيأبوا عليه فيصيرون كفّاراً كلّهم» (١) .

[ ٢٧٦ / ١١ ] قال حريز : وحدّثني زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «لولا أنّ عليّاً عليه‌السلام سار في أهل حربه بالكفّ عن السبي والغنيمة للقيت شيعته من الناس بلاءً عظيماً» ثمّ قال : «والله لسيرته كانت خيراً لكم ممّا طلعت عليه الشمس» (٢) .

[ ٢٧٧ / ١٢ ] حدّثنا أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي الصهبان ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : لِمَ كفّ عليٌّ عليه‌السلام عن القوم؟ قال : «مخافة أن يرجعوا كفّاراً» (٣) .

[ ٢٧٨ / ١٣ ] حدّثنا محمّد بن علي ماجليويه ، عن محمّد (٤) بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : «أما والله لقد تقمّصها (٥) ابن أبي قحافة ، أخو تيم وأنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٤٠ / ٣٢.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٣ : ٤٤٢ / ٦٥٢.

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٤٠ / ٣١.

(٤) في المطبوع : عن عمّه محمّد.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : تقمّصها : أي لبسها كالقميص ، وقطب الرحى : مسمارها الذي عليه تدور ، وسدلت الثوب : أرخيته ، والكشح بفتح الكاف : الخاصرة ، وطفقت : أخذت وجعلت ، وارتأى في الأمر : إذا فكّر طلباً للرأي الأصلي ، وصال : حمل نفسه على الأمر بقوّة ، ويد جذّاء بالدال المهملة والمعجمة ـ : مقطوعة أو مكسورة ، والطخية : الظلمة كقولهم : ليلة طخياء أي مظلمة ، وتركيب هذه الكلمة يدلّ على ظلمة الأُمور وانغلاقها ، ومنه كلمة طخياء ، أي أعجمية لا تُفهم ، والهرم : شدّة كبر السن ، والكدح : السعي والعمل ، وهاتا :

٢٨٨

__________________

لغة في هاتي ، وهي لغة في هذي وهذه ، وأحجى : أولى بالحجى أو أخلق ، وهو العقل ، والقذى : هو ما تتأذّى به العين من غبار ونحوه ، والشجى : ما نشب في الحلق من غصّة غبن أو غمّ ، والتراث كالميراث ، وهو اسم ما يورث ، وأدلى فلان بكذا تقرّب به وألقاه ، وشتّان ما هما ، أي : بعد ، وشتّان ما عمرو وزيد ، أي : بعد ما بينهما ، وكور النّاقة : رحلها ، والاقالة فكّ عقد البيع ونحوه ، والاستقالة طلب ذلك ، وشدّ الأمر صعب وعظم ، وتشطّرا ، أي : أخذ كلّ شطر وهو البعض ، والحوزة : الطبيعة ، والحوزة الناحية ، والكلم بفتح الكاف : الجرح ، وعثر يعثر عثوراً وعثاراً إذا أصابت رجله في المشي حجراً ونحوه ، والصعبة : الناقة التي لم تذل بالمحمل ولا بالركوب ، وشنق الناقة بالزمام وأشنق لها إذا جذبه إلى نفسه وهو راكب ؛ ليمسكها عن الحركة العنيفة ، والحزم : الشقّ ، وأسلس لها ، أي : أرخى ، وتقحّم في الأمر إذا ألقى نفسه فيه بقوّة ، ومني الناس أي : ابتلوا ، والخبط : الحركة على غير استقامة ، والشماس ـ بكسر الشين كثرة : النقار والاضطراب ، والتلوّن : اختلاف الأحوال والاعتراض ضرب من التلوّن ، وأصله المشي في عرض الطريق خابطاً عن فرح ونشاط ، والشورى مصدر كالنجوى مرادف المشاورة ، وأسف الطائر إذا دنا من الأرض في طيرانه ، والصغو : الميل بكسر الصاد والضغن بكسر الضاد وسكون الغين وفتحها أيضاً : الحقد ، والأصهار عن ابن الأعرابي المتحرّمون بجوار أو نسب أو تزوّج ، وبعض العرب لايطلقه إلاّ على أهل بيت الزوجين ، وعن الخليل أنّه لا يطلق إلاّ على من كان من أهل المرأة ، وهنّ على وزن أخ كلمة كناية عن شيء قبيح ، وأصله : هِنْو ، تقول هذا هنك ، أي : شينك ، والحضن : الجانب ما بين الإبط والخاصرة ، والنفج : قريب من النفخ ، والنثيل ، الروث ، والمعتلف : موضع الاعتلاف ، والخضم : الأكل بجميع الفم ، وقيل : المضغ بأقصى الأضراس ، تقول : خضم بكسر الضاد يخضم ، والنبتة بكسر النون النبات ، وأنتكث : انتقض ، وأجهز على الجريح : قتله ، وأسرع وكبا الفرس : سقط لوجهه ، والبطنة : شدّة الامتلاء من الطعام ، والروع : الخلد والذهن ، وراعني : أفزعني ، وانثال الشيء : إذا وقع يتلو بعضه بعضاً ، والعطاف : الردا ، وروى عطفاي ، وعطفا الرجل جانباه من لدن رأسه إلى ركيَه ، والربيض والربيضة : الغنم برعاتها المجتمعة ومرابضتها ، ومروق السهم : خروجه من الرمية ، وراقه الأمر : أعجبه ،

٢٨٩

القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ولا يرقى إليَّ الطير ، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً (١) ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخية عمياء ، يشيب فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين (٢) قذى ، وفي الحلق شجى ، أرى تراثي (٣) نهباً ، حتّى إذا مضى لسبيله فأدلى بها ، ( إلى فلان بعده ، عقدها ) (٤) لأخي عدي بعده ، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، فصيّرها والله (٥) في حوزة خشناء (٦) ، يخشن مسّها ويغلظ كلمها ، ويكثر العثار فيها (٧) ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة إن عنف بها حرن ، وإن أسلس بها غسق (٨) ، فمني

__________________

والزبرج بكسر الزاء والراء : الزينة ، والنسمة : الإنسان ، وقد يستعمل فيما عداه من الحيوان ، والمقارّة : إقرار كلّ واحد صاحبه على الأمر وتراضيهمابه ، والكظّة : البطنة ، والغارب : أعلى كتف الناقة ، والعفطة من الشاة : كالعطاس من الإنسان ، وقيل : هي الجيفة ، والشقشقة : لهاة البعير ، ويقال للخطيب : ذوشقشقة إذا كان صاحب دُربة وبضاعة من الكلام. مصباح السالكين ٢ : ١٦٩.

(١) في المطبوع : كشحها.

(٢) في «ن ، ح ، ج ، ل» : القلب ، وفي حاشية «ح ، ل» عن نسخة : العين.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي الخلافة أو فدك وغيرها مما تركه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، منه.

(٤) ما بين القوسين أضفناه من النسخ.

(٥) (والله) أثبتناها من النسخ.

(٦) ورد في حاشية «ج ، ل» : استعار لتلك الطبيعة وصفين : أحدهما : غلظ الكلم ، وهو كناية عن غلظ المواجهة بالكلام والجرح به ، فإنّ الضرب باللسان أعظم من وخز السنان ، والثاني : جفاوة المسّ ، وهي كناية عن خشونة طباعه المانعة من ميل الطباع إليه المستلزمة للأذى كما يستلزم مسّ الأجسام الخشنة. مصباح السالكين ٢ : ١٨٢.

(٧) كلمة «فيها» لم ترد في «ح ، ن ، ع ، س ، ج ، ل» ووردت في حاشية «ج ، ل» عن نسخة.

(٨) في «س» : أشفق ، وفي «ن» : أشنق ، وفي «ش» : عسف ، وفي «ج ، ل» : أسلس ، وفي حاشيتهما عن نسخة : «غسف».

٢٩٠

الناس ( بتلوّن واعتراض وبلوى ) (١) ، وهو مع هَن وهَن ، فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي منهم ، فيالله وللشورى متى اعترض الريب فيَّ مع الأوّل منهم ، حتّى صرت أُقرن إلى هذه النظائر ، فمال رجل لضغنه (٢) وأصغى آخر لصهره ، وقام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه (٣) يخضمون (٤) مال الله خضم (٥) الإبل نبت (٦) الربيع ، حتّى أجهز عليه عمله ، وكبَت به مطيّته ، فماراعني إلاّ والناس إليَّ كعرف الضبع قد انثالوا عليَّ من كلّ جانب حتّى لقد وُطئ الحسنان ، وشقّ عطفاي ، حتّى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت اُخرى ، ومرق آخرون كأنّهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (٧) ، بلى والله لقد سمعوها ووعوهالكن (٨) احلولت الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها (٩) ، والذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر وقيام الحجّة بوجود الناصر وما أخذ

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ج ، ل ، ع» : لعمر الله بخبط وشماس وتلوّن.

(٢) في «ع» وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : بضبعه.

(٣) في «ع ، ح ، ن» : بنو اُمية.

(٤) في نسخة «س» وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : يهضمون ، وفي «ج ، ل» وحاشية «س» عن نسخة كما في المتن.

(٥) في «ح ، س ، ن ، ش» وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : هضم.

(٦) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : نبتة.

(٧) سورة القصص ٢٨ : ٨٣.

(٨) في المطبوع : لكنّهم ، وما أثبتناه من النسخ.

(٩) في المطبوع زيادة : أما ، وهي لم ترد في النسخ.

٢٩١

الله على العلماء أن لايقرّوا على كظّة ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه عندي أزهد (١) من عفطة (٢) عنز».

قال : وناوله رجل من أهل السواد كتاباً فقطع كلامه وتناول الكتاب ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، لو اطّردت مقالتك إلى حيث بلغت.

فقال : «هيهات هيهات يابن عباس ، تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت».

قال ابن عبّاس : فما أسفت على كلام قطّ ، كأسفي على كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام إذ لم يبلغ به حيث أراد (٣) .

قال مصنّف هذا الكتاب : سألت الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري عن تفسير هذا الخبر ففسّره لي ، قال : تفسير الخبر قوله عليه‌السلام : «لقد تقمصّها» ، أي : لبسها مثل القميص ، يقال : تقمّص الرجل وتدرّع وتردّى وتمندل (٤) .

وقوله : «محلّ القطب من الرحى» (٥) .

__________________

(١) في «ش ، ن ، ع» : أهون.

(٢) في «س» : حبقة.

(٣) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٣٦٠ ، وأورده المفيد في الإرشاد ١ : ٢٨٧ ، والطوسي في الأمالي : ٣٧٢ / ٨٠٣ ، والسيّد الرضي في نهج البلاغة : ٤٨ / ٣ ، وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ٢ : ٢٣٢ ، والطبرسي في الاحتجاج ١ : ٤٥١ ، وابن طاووس في الطرائف ٢ : ١٢١ / ١٢٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٩٧ / ١.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي الخلافة المعلومة لقرينة في المقام ، أو المقدّم ذكرها.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : لمّا كان قطب الرحى هو الذي به نظام حركاتها وبه يحصل الغرض منها وكان عليه‌السلام هو الناظم لأُمور المسلمين على وفق الحكمة الإلهيّة

٢٩٢

أي : تدور عليَّ (١) كما تدور الرحى على قطبها.

وقوله : ينحدر عنه السيل ولا يرتقى إليه الطير : يريد أنّها ممتنعة على غيري ، ولا يتمكّن منها ولا يصلح لها.

وقوله : «فسدلت دونها ثوباً» (٢) ، أي : أعرضت عنها ولم أكشف

__________________

(والعالم بكيفيّة السياسة الشرعية) ؛ لا جرم شبّه محلّه من الخلافة بمحلّ القطب من الرحى ثمّ أكّد ذلك بقوله : «ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إلَيَّ الطير» فاستعار لنفسه وصفين : أحدهما كونه ينحدر عنه السيل وهو من أوصاف الجبل والأماكن المرتفعة ، وكنّى به عن علوّه وشرفه مع فيضان العلوم والتدبيرات السياسيّة عنه ، واستعارلتلك الكمالات لفظ السيل.

والثاني : أنّه لا يرقى إليه الطير ، وهو كناية عن غاية اُخرى من العلوّ ؛ إذ ليس كلّ مكان علا بحيث ينحدر عنه السيل وجب أن لا يرقى إليه الطير ، فكان ذلك علوّاً أزيد. مصباح السالكين ٢ : ١٧٤ ، وما بين القوسين أضفناه من مصباح السالكين.

(١) في «س» زيادة : الخلافة.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : كناية عن احتجابه عن طلبها ، والمبالغة فيها لحجاب الإعراض عنها ، واستعار لذلك الحجاب لفظ الثوب استعارة لفظ المحسوس للمعقول ، وكذلك قوله : «وطويت عنها كشحاً» تنزيل لها منزلة المأكول الذي منع نفسه من أكله فلم يشتمل عليه كشحه ، وقيل : أراد بطيّ الكشح التفاته عنها كما يفعل المعرض عمّن إلى جانبه. قال : طَوَى كشحه عَنّي وأعرض جانباً. وقوله : «وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخية عمياء» يريد أنّي جعلت أُجيل الفكر في تدبير أمرالخلافة وأردّه بين طرفي نقيض إمّا أن أصول على من حازها دوني أو أن أترك ، وفي كلّ واحد من هذين القسمين خطر ، أمّا القيام فبيد جذّاء وهو غير جائز ؛ لما فيه من التغرير بالنفس وتشويش نظام المسلمين من غير فائدة ، واستعار لفظ الجذّاء لعدم الناصر ، وأمّا الترك ففيه الصبر على مشاهدة التباس الأُمور واختلاطها ، (وعدم تمييز الحقّ وتجريده عن الباطل) وذلك في غاية الشدّة ، واستعار لذلك الالتباس لفظ الطخية ، وهو استعارة لفظ المحسوس للمعقول ، ووجه المشابهة أنّ الظلمة كما لا يهتدى فيها للمطلوب ، كذلك اختلاط الأُمور هاهنا لايهتدى معها لتمييز الحقّ ، وكيفيّة السلوك إلى الله . مصباح السالكين ٢ : ١٧٥ ، وما بين القوسين أضفناه منه.

٢٩٣

وجوبها لي ، والكشح : الجنب (١) ، والخاصرة بمعنى.

وقوله : «طويت عنها كشحاً» (٢) ، أي : أعرضت عنها ، والكاشح : الذي يوليك كشحه ، أي : جنبه.

وقوله : «طفقت» : أي أقبلت وأخذت أرتئي ( أي ) (٣) أُفكّر ، وأستعمل الرأي وأنظر في أن أصول بيد جذّاء ، وهي المقطوعة ، وأراد قلّة الناصر.

وقوله : «أو أصبر على طخية» فللطخية (٤) موضعان : فأحدهما : الظلمة ، والآخر : الغمّ والحزن. يقال : أجد على قلبي طخياً ، أي : حزناً وغمّاً ، وهو هاهنا يجمع الظلمة والغمِّ (٥) والحزن.

وقوله : «يكدح مؤمن» : أي يدأب ويكسب لنفسه ولا يعطى حقّه.

وقوله : «أحجى» : أي أولى ، يقال : هذا أحجى من هذا ، وأخلق وأحرى وأوجب ، كلّه قريب المعنى.

وقوله : «في حوزة» : أي في ناحية ، يقال : حزت الشيء أحوزه حوزاً : إذا جمعته ، والحوزة (٦) : ناحية الدار وغيرها.

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» : الكشح والجنب.

(٢) في المطبوع : كشحها ، وما أثبتناه من النسخ.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في النسخ.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : ووصف الطخية بالعمى أيضاً على وجه الاستعارة ، فإنّ الأعمى لمّا لم يكن ليهتدي لمطالبه كذلك هذه الظلمة لا يُهتدى فيها للحقّ ولزومه.مصباح السالكين ٢ : ١٧٦.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : إنّ المؤمن المجتهد في لزوم الحقّ والذبّ عنه يقاسي من ذلك الاختلاط شدائد ويكدح فيها حتّى يلقى ربّه ، وقيل : يدأب ويجتهد في الوصول إلى حقّه فلا يصل حتّى يموت. مصباح السالكين ٢ : ١٧٦.

(٦) ورد في حاشية «ج ، ل» : قيل : الضمير في صاحبها يعود إلى الحوزة المكنّى بها عن طبيعة عمر وأخلاقه ، والمراد على هذا أنّ المصاحب لتلك الأخلاق في حاجته

٢٩٤

وقوله : «كراكب الصعبة» : يعني الناقة التي لم تُرَضْ (١) عنف بها ، والعنف : ضد الرفق.

وقوله : «حرن» : أي وقف ولم يمش ، وإنّما يستعمل الحران في الدوابّ ، فأمّا في الإبل فيقال : خلّت الناقة وبها خلا ، وهو مثل حران الدوابّ ، إلاّأنّ العرب إنّما تستعيره في الإبل.

وقوله : «أسلس» : بها غسق ، أي : أدخله في الظلمة.

وقوله : «مع هن وهن» (٢) يعني الأدنياء من الناس ، تقول العرب : فلان هني ، وهو تصغير هنّ ، أي : دون من الناس ، ويريدون بذلك تصغير اُموره (٣) .

وقوله : «فمال رجل لضغنه» (٤) ويروى : لضلعه (٥) ، وهما قريب ، وهو أن يميل بهواه ونفسه إلى رجل بعينه.

__________________

إلى المداراة وفي صعوبة كراكب الصعبة. ووجه المشابهة أنّ راكب الصعبة بين خطرين : إن والى الجذبات في وجهها خرم أنفها ، وإن أسلس لها في القياد تقحّمت به المهالك ، كذلك مصاحب أخلاق الرجل إن أكثر عليه إنكار ما يتسرّع إليه أدّى إلى الفساد ، وإن سكت عنه أدّى إلى الإخلال بالواجب ، وقيل : الضمير للخلافة ، وصاحبها هو كلّ من تولّى أمرها إذا كان عادلاً ؛ لأنّه إن فرّط في المحافظة على شرائطها هلك ، وإن أفرط في حمل الخلق على الحقّ أوجب تضجّرهم منه ، وقيل : أراد بصاحبها نفسه ؛ لأنّه إن سكت عن طلب حقّه يذلّ بذلك ، وإن طلب أدّى إلى الفساد. مصباح السالكين ٢ : ١٨٣ باختصار.

(١) في المطبوع زيادة : إن.

(٢) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : وهني.

(٣) في «ج ، ل ، ش ، ن» : أمره.

(٤) في «ع ، ن ، ح» وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : بضغنه.

(٥) في «ج ، ل» : بضلعه ، وفي «ش ، ع ، ح ، ن» : بضغنه.

٢٩٥

وقوله : «وأصغى آخر لصهره» (١) فالصغو : الميل ، يقال : صغوك مع فلان ، أي : ميلك معه.

وقوله : «نافجاً حضينه (٢) » ، فيقال في الطعام والشراب وما أشبههما : قدانتفج بطنه بالجيم ويقال في كلّ داء يعتري الإنسان : قد انتفخ بطنه بالخاء ـ.

والحضنان : جانبا الصدر.

وقوله : «بين نثيله (٣) ومعتلفه» فالنثيل : قضيب الجمل ، وإنّما استعاره للرجل هاهنا ، والمعتلف : الموضع الذي يعتلف فيه ، أي يأكل ، ومعنى

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : إشارة إلى عبدالرحمن بن عوف ، فإنّه مال إلى عثمان لمصاهرة كانت بينهما وهي إنّ عبدالرحمن كان زوجاً لأمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيطوهي أخت عثمان لاُمّه أروى بنت كريز. مصباح السالكين ٢ : ١٨٩.

(٢) في النسخ : حضيه.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الثيل بالكسر والفتح ـ : وعاء قضيب البعير ، وغيره ، والقضيب نفسه . القاموس المحيط ٣ : ٤٧١.

وكذلك ورد في كتاب نهج البلاغة وكتب العامّة كالنهاية وشروح النهج مضبوطة نثيله بالنون وبعده الثاء المثلثة وقالوا : كنّى بقيامه عن حركته في ولايته أمر الخلافة ، وأثبت له حالاً يستلزم تشبيهه بالبعير ، واستعار وصفه له ، وهو نفج الحضنين ، وكنّى بذلك عن استعداده للتوسّع ببيت مال المسلمين ، كما أنّ البعير ينتفج جنباه بكثرة الأكل ، وربّماقيل قوله : «بين نثليه ومعتلفه» ، وهو متعلّق بقام ، أي قام بين معتلفه وروثه ، وهو من أوصاف البهائم ، لا اهتمام لها أكثر من أن تكون بين أكل وروث كذلك نسبه إلى أنّه لم يكن أكبر همّه إلاّ الترفّه والتوفّر في المطعم والمشرب وسائر مصالح نفسه وأقاربه دون ملاحظة أُمور المسلمين ومراعاة مصالحهم كما نقم عليه. قوله : «وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع» ، يخضمون في موضع الحال ، وعنى بمال الله : بيت المال ، وأراد ببني أبيه : بني اُميّة بن عبدالشمس ، ويحتمل أن يريد أقرباءه مطلقاً ، كذا ذكره ابن ميثم ـ مصباح السالكين ٢ : ١٩٠ باختصار ـ وكان ما ذكره المصنّف من نثليه رواية أُخرى. ( م ق ر رحمه‌الله ).

٢٩٦

الكلام ، أي : بين مطعمه ومنكحه.

وقوله : «يهضمون» (١) ، أي : يكثرون (٢) وينقضون ، ومنه قوله : «هضمني الطعام» أي : نقض.

وقوله : «أجهز» ، أي : أتى عليه وقتله ، يقال : أجهزت على الجريح : إذاكانت به جراحة فقتلته.

وقوله : «كعرف الضبع» ، شبّههم به لكثرته ، والعرف : الشعر الذي يكون على عنق الفرس ، فاستعاره للضبع.

وقوله : «قد (٣) انثالوا» ، أي : انصبوا عليَّ وكثروا ، ويقال : انتثلت ما في كنانتي من السهام : إذا صببته.

( وقوله : «وشقّ عطافي» يعني : رداءه ، والعرب تسمّي الرداء : العطاف ) (٤) .

وقوله : «وراقهم زبرجها» ، أي : أعجبهم حسنها ، وأصل الزبرج : النقش ، وهو هاهنا زهرة الدنيا وحسنها.

وقوله : «أن لا يقرّوا على كظّة ظالم» ، فالكظّة : الامتلاء ، يعني : أنّهم لايصبرون (٥) على امتلاء الظالم من المال الحرام ، ولا يقارّوه على ظلمه.

وقوله : «ولا سغب مظلوم» ، فالسغب : الجوع ، ومعناه منعه من الحقّ الواجب له.

وقوله : «لألقيت حبلها على غاربها» ، هذا مَثَلٌ ، تقول العرب : ألقيت

__________________

(١) في «ح ، ل ، ش» : يخضمون ، وفي حاشية «ج ، ل» كما في المتن ، وكذلك المورد التالي.

(٢) في المطبوع : يكسرون ، وما أثبتناه من النسخ.

(٣) في «ح ، ع ، س ، ش» : وقد.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في «ج ، ل ، ح ، ن».

(٥) في «ع ، ح ، ج ، ل» : لايكبرون ، وفي هامشها كما في المتن.

٢٩٧

حبل البعير على غاربه ليرعى كيف شاء.

ومعنى قوله : «ولسقيت آخرها بكأس أوّلها» ، أي : لتركتهم في ضلالتهم وعماهم.

وقوله : «أزهد عندي» ، فالزهيد : القليل.

وقوله : «من حبقة عنز» ، فالحبقة : ما يخرج من دبر العنز من الريح. والعفطة : ما يخرج من أنفها.

وقوله : «تلك شقشقة هدرت» ، فالشقشقة : ما يُخرجه البعير من جانب فيه إذا هاج وسكر (١) .

[ ٢٧٩ / ١٤ ] وحدّثنا بهذا الحديث محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، قال : حدّثنا أبوعبدالله أحمد بن عمّار بن خالد ، قال : حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني ، قال : حدّثني عيسى بن راشد ، عن علي بن حذيفة ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، مثله سواء (٢) .

[ ٢٨٠ / ١٥ ] حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي ، عن فضيل بن يسار ، قال : قلت لأبي جعفر أو لأبي عبدالله عليهما‌السلام : حين قُبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن كان الأمر بعده؟ فقال : «لنا أهل البيت».

قلت : فكيف صار في غيركم؟ قال : «إنّك قد سألت فافهم الجواب : إنّ الله تبارك وتعالى لمّا علم أنّه يفسد في الأرض وتنكح الفروج الحرام

__________________

(١) ذكر هذه التفسيرات المصنّف في معاني الأخبار : ٣٦٢ ، ونقلها المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٥.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٥٠٤ / ٢.

٢٩٨

ويحكم بغير ما أنزل الله تبارك وتعالى أراد أن يلي ذلك غيرنا» (١) .

ـ ١٢٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها قاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام

أهل البصرة وترك أموالهم

[ ٢٨١ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الربيع ابن محمّد ، عن عبدالله بن سليمان قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : إنّ الناس يروون أنّ عليّاً عليه‌السلام قتل أهل البصرة وترك أموالهم؟

فقال : «إنّ دار الشرك يحلّ ما فيها ، ودار الإسلام لا يحلّ ما فيها ، فقال : إنّ عليّاً عليه‌السلام إنّما منَّ عليهم كما منّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أهل مكّة ، وإنّما ترك عليٌّ عليه‌السلام أموالهم؛ لأنّه كان يعلم أنّه سيكون له شيعة وأنّ دولة الباطل ستظهر عليهم فأراد أن يقتدي به في شيعته وقد رأيتم آثار ذلك هو ذا يُسار في الناس بسيرة عليٍّ عليه‌السلام ، ولو قتل عليٌّ عليه‌السلام أهل البصرة جميعاً وأخذ أموالهم لكان ذلك له حلالاً ، لكنّه منّ عليهم ليمنّ على شيعته من بعده» (٢) .

[ ٢٨٢ / ٢ ] وقد روي : أنّ الناس اجتمعوا إلى أمير المؤمنين يوم البصرة فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أقسم بيننا غنائمهم؟ قال : «أيّكم يأخذ أُمّ المؤمنين في سهمه ؟» (٣) .

__________________

(١) أورده الشيخ الطوسي في الأمالي : ٢٢٦ / ٣٩٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٢٩ : ٤٤١ / ٣٥.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٣ : ٤٤٣ / ٦٥.

(٣) أورده الشيخ الطوسي في التهذيب ٦ : ١٥٥ / ٢٧٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٣٣ : ٤٤٣ / ٦٥٣.

٢٩٩

ـ ١٢٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه‌السلام

فدك لمّا ولي الناس

[ ٢٨٣ / ١ ] حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق رحمه‌الله قال : حدّثني محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : قلت له : لِمَ لم يأخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام فدك لمّا ولي الناس ، ولأيّ علّة تركها؟

فقال : «لأنّ الظالم والمظلوم كانا قدما على الله عزوجل ، وأثاب الله المظلومة (١) وعاقب الظالم ، فكره أن يسترجع شيئاً قد عاقب الله عليه غاصبه وأثاب عليه المغصوبة (٢) » (٣) .

[ ٢٨٤ / ٢ ] حدّثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رحمه‌الله ، قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن إبراهيم الكرخي ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام فقلت له : لأيّ علّة ترك علي بن أبي طالب عليه‌السلام فدك لمّا ولي الناس؟

فقال : «للاقتداء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا فتح مكّة وقد باع عقيل بن أبي طالب داره ، فقيل له : يا رسول الله ، ألا ترجع إلى دارك؟

__________________

(١) في المطبوع : المظلوم ، وما أثبتناه من النسخ.

(٢) في المطبوع : المغصوب ، وما أثبتناه من النسخ.

(٣) أورده مرسلاً الإربلي في كشف الغمّة ٢ : ٢٤٢ ، وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ١ : ٣٣٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٣٩٥ / ١.

٣٠٠