السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٠
كلمة في تاريخ بغداد
قال ابن جزلة حول تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ما نصه :
« ولمّا كان الحديث والعناية به ومعرفة الرجال الناقلين له من أجلّ العلوم الشرعية وأشرفها ، استحق من صرف إليه زمانه ووفّر عليه تعبه الثناء والمدح والترحم على السلف الماضين منهم.
وقد صنّف الناس في ذلك وأوغلوا وبالغوا ، وميّزوا الثقة من المتهم والضعيف من القوي ، وما أعظم فائدة ذلك وأجل موقعه ، لكثرة ما دسّ الملاحدة والزنادقة من الأحاديث الموضوعة البشعة المنفردة التي فسد بسماعها خلق من الناس ، واعتقد الغر عند سماعها أنها من قول صاحب الشرع فهلك وتسرع إلى التكذيب ومال إلى الخلاعة ، نعوذ بالله من الشقاء والبلاء.
وهذا الكتاب الذي صنّفه الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ البغدادي رحمهالله ، وسماه تاريخ بغداد ، كتاب جليل في هذا العلم نفيس ، قد تعب وسهر فيه ، وأطال الزمان ، والله تعالى يثيبه ويحسن إليه ... » (١).
ترجمته :
وللنقل بعض كلمات كبار العلماء في حقه :
١ ـ السمعاني : « صنّف قريبا من مائة مصنف صارت عمدة لأصحاب الحديث ، منها التاريخ الكبير لمدينة السّلام بغداد ... » (٢).
٢ ـ ابن خلكان : « صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنفات المفيدة ، كان من الحفاظ المتقنين والعلماء المتبحرين ، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه ، فإنه
__________________
(١) المختصر المختار من تاريخ بغداد / مقدمة المؤلف.
(٢) الأنساب / البغدادي.
يدل على اطلاع عظيم ... » (١).
٣ ـ الذهبي : « قال الحافظ ابن عساكر : سمعت الحسين بن محمّد يحكى عن ابن خيرون أو غيره : أن الخطيب ذكر أنه لما حجّ شرب ماء زمزم ثلاث شربات ، وسأل الله تعالى ثلاث حاجات : أن يحدّث بتاريخ بغداد بها ، وأن يملي الحديث بجامع المنصور ، وأن يدفن عند بشر الحافي. فقضيت له الثلاث » (٢).
وممن ترجم له كذلك السبكي و ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).
٧
رواية ابن المغازلي
روى هذا الحديث بطرق عديدة حيث قال :
« قوله عليهالسلام : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحوي رحمهالله ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الأخباري ، قال : حدثنا علي بن محمّد العدوي الشمشاطي قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا ، قال : حدثنا أحمد بن المقدام العجلي ، قال : حدثنا الفضيل بن عياض ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن زاذان عن سلمان الفارسي قال : سمعت حبيبي محمّدا صلّى الله عليه وسلّم يقول : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل ، يسبح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بألف عام ، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه ، فلم يزل في شيء واحدا حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففيّ النبوة وفي علي الخلافة.
__________________
(١) وفيات الأعيان ١ / ٩٢.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٧٠.
وأخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن سليمان ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد البكري ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمد ابن حسان الهروي ، قال : حدّثنا جابر بن سهل بن عمر بن جعفر ، حدّثني أبي عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن أبي ذر ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : كنت أنا وعلي نورا عن يمين العرش ، يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلم أزل أنا وعلي في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب.
وأخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحوي نا : أبو عبد الله محمّد بن علي بن مهدي السقطي الواسطي إملاء قال : أخبرنا أحمد بن علي القواريري الواسطي ، نا محمّد بن عبد الله بن ثابت ، نا محمّد بن مصفا ، نا بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز ، عن جابر بن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : إن الله عز وجل؟؟؟ أول قطعة من نور فأسنها في صلب آدم ، فساقها حتى قسمها جزءين : جزءا في صلب عبد الله وجزءا في صلب أبي أبي طالب ، فأخرجني نبيا وأخرج عليا وصيا » (١).
فائدة :
لقد جاء في آخر النسخة التي بأيدينا ما يلي بنصه : « قال في النسخة التي نقلت منها هذه : قال في الأم : قال في نسخة الفقيه بهاء الدين علي بن أحمد الأكوع : فرغ من نسختها أبو الحسن علي بن محمّد بن الحسن بن أبي نزار ابن الشرفية بواسط العراق ، في ثاني عشر من شوال من سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، والله ولي التوفيق.
ثم قال في أم الأم : وفرغت من نسخها في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وعشرين وستمائة ، وكتب عمر بن الحسن بن ناصر بن يعقوب. ختم الله له بخير.
__________________
(١) مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ٨٧ ـ ٨٩.
وقال في أم هذه النسخة : فرغت أنا من هذه النسخة ، يوم تاسع عشر من شهر المحرم الحرام من سنة إحدى وتسعين وتسعمائة سنة بمدينة ثلا حماه الله بالصالحين من عباده ، وكتب مالكه مملوك آل محمّد سعيد بن عبد الله بن صالح عفا الله عنه وحشره في زمرتهم.
وفرغت أنا من تحصيل هذه النسخة المباركة ـ وأنا الفقير إلى مغفرة الله وكرمه ، والعائذ به من أليم عذابه ونقمه : الحسين بن عبد الهادي بن أحمد صلاح ، ثبته الله بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ـ آخر نهار الخميس خامس شهر جمادى الآخرة ، سنة سبع وثلاثين وألف سنة بمدينة ثلا حرسها الله تعالى بصالحين من عباده ، والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين ، وأنا أسال من اطلع على هذا الكتاب واستوصيه أن يدعو لي بما أمكن من الدعاء لا سيما لحسن الخاتمة والعقبي ، وبالله التوفيق والاعانة وهو حسبي ونعم الوكيل ».
وجاء في آخر النسخة أيضا :
« قال في آخر النسخة التي نقلت منها هذه ما لفظه : حكاية حسنة من المناقب مسموعة في فضائل أهل البيت : قال أبو الحسن علي بن محمّد بن الشرفية : حضر عندي في دكاني بالوراقين بواسط يوم الجمعة خامس ذي القعدة من سنة ثمانين وخمسمائة : القاضي العدل جمال الدين نعمة الله بن علي بن أحمد العطار ، وحضر أيضا عندي الأمير شرف الدين أبو شجاع بن العبري الشاعر ، فسأل شرف الدين القاضي جمال الدين أن يسمعه المناقب ، فابتدأ بالقراءة عليه من نسختي التي بخطّي في دكاني يومئذ ، وهو يرويها عن جدّه العلاّمة المعمّر محمّد بن علي المغازلي عن أبيه المصنف ، فهمّا في القراءة وقد اجتمع عليهما جماعة ، إذ اجتاز أبو مصر قاضي العراق وأبو العباس ربيعة وهما ينبزان بالعدالة ، فوقفا يغوغيان وينكران عليه قراءة المناقب ، وأطنب قاضي العراق في التهزء والمجون ، وقال في جملة مقالته على طريق الاستهزاء : أي قاضي اجعل لنا وظيفة كلّ يوم جمعة بعد الصلاة تسمعنا شيئا من هذه المناقب في المسجد الجامع ، فقال لهما القاضي نعمة
الله بن العطار : ما أنتما من أهلها ، أنتما قد حضرتما في درب الخطيب وذكرتما أن عليا ما كان يحفظ سورة واحدة من كتاب الله تعالى ، والمناقب تتضمّن أنه ما كان في الصحابة أقرأ من علي بن أبي طالب ، فما أنتما من أهلها ، فأكثرا الغوغاء والتهزّء ، فضجر القاضي نعمة الله بن العطار ، وقال بمحضر جماعة كانوا وقوفا :
أللهم إن كان لأهل بيت نبيّك عندك حرمة ومنزلة فاخسف به داره وعجّل نكايته ، فبات في ليلته تلك وفي صبيحة يوم السبت من سنة ثمانين وخمسمائة خسف الله تعالى بداره ، فوقعت هي والقنطرة وجميع المسنّاة إلى دجلة ، وتلف منه فيها جميع ما كان يملك من مال وأثاث وقماش ، فكانت هذه المنقبة من أطرف ما شوهد يومئذ من مناقب آل محمّد صلوات الله عليهم.
فقال علي بن محمّد بن الشرفية في ذلك اليوم في هذا المعنى :
يا أيّها العدل
الذي |
|
هو عن طريق الحق
عادل |
متجنبا سبل
الهدى |
|
وإلى سبيل الغيّ
مائل |
أبمثل أهل البيت
يا |
|
مغرور ويحك أنت
هازل |
دع عنك أسباب
الخلا |
|
عة واستمع مني
الدلائل |
بالأمس حين جحدت |
|
من إفضالهم بعض
الفضائل |
وجريت في سنن
السخر |
|
ولست تسمع عذل
عاذل |
نزل القضاء على
ديار |
|
ك في صباحك شرّ
نازل |
أضحت ديارك
سابحات في |
|
الثرى خسف
الزلازل |
وبقيت يا مغرور
في الد |
|
ارين لم تحظ
بطائل |
هذا الجزاء بهذه
الدنيا فعد |
|
لهم غدا ما أنت
قائل |
قال علي بن محمّد الشرفية : وقرأت المناقب التي صنّفها ابن المغازلي بمسجد الجامع بواسط ، الذي بناه الحجاج بن يوسف الثقفي لعنه الله ولقّاه ما عمل ، في مجالس ستة ، أوّلها الأحد رابع صفر وآخرهنّ عاشر صفر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، في أمم لا يحصى عديدهم ، وكتب قاريها بالمسجد الجامع علي بن محمّد
ابن الشرفية ».
ترجمته :
وأبو الحسن علي بن محمّد المعروف بابن المغازلي ، من أعلام الفقهاء والمحدّثين من أهل السنة. قال السمعاني : « كان فاضلا عارفا برجالات واسط وحديثهم ، وكان حريصا على سماع الحديث وطلبه ، رأيت له ذيل التاريخ بواسط وطالعته وانتخبت منه ... روى لنا عنه ابنه بواسط ».
٨
رواية شيرويه الديلمي
لقد روى هذا الحديث في ( فردوس الأخبار ) حيث قال :
« سلمان : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا يسبّح الله ويقدس قبل أن يخلق آدم بأربع عشر ألف سنة ، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه ، ولم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، فجزء أنا وجزء علي بن أبي طالب ».
وقال : « سلمان : قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : بخلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام ، فلما خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه ، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففيّ النبوة وفي علي الخلافة ».
ترجمته :
وقد أثنى على شيرويه الديلمي وأطراه كل من ترجم له ، كالذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) وغيره والرافعي في ( التدوين ) واليافعي في ( مرآة الجنان ) والأسنوي
في ( طبقات الشافعية ) ... وغيرهم من أعلام أهل السنة أصحاب السير والتواريخ ... وسنورد نصوص عبائرهم في قسم ( حديث التشبيه ) إن شاء الله تعالى.
٩
رواية العاصمي
لقد رواه بطرق عديدة مستدلا به على شبه أمير المؤمنين عليهالسلام لآدم عليهالسلام في الخلق ، ثم أيّده بأحاديث أخر ، قال :
« ذكر مشابه نبينا آدم عليهالسلام ، فإنه قد وقعت المشابهة بين المرتضى وبينه عليهالسلام بعشرة أشياء : أوّلها الخلق والطينة ، والثاني بالمكث والمدة ، والثالث بالصاحبة والزوجة ، والرابع بالتزويج والخلعة ، والخامس بالعلم والحكمة ، والسادس بالذهن والفطنة ، والسابع بالأمر والخلافة ، والثامن بالأعداء والمخالفة ، والتاسع بالعرفاء والوصية ، والعاشر بالأولاد والعترة.
أما الخلق والطينة فإن آدم عليهالسلام خلق من الطين وخلط طينه بنور الثقلين ، فكان طينا دينيّا ، وكذلك المرتضى خلق من الطينة الطاهرة والتربة الزكية الزاهرة ، ولذلك
قال المصطفى : خلقت من أطيب الطين وخلق محبي من أسفلها ثم خلطت العليا بالسفلى ، فلو لا النبوة والرسالة لكنت رجلا من أمتي.
والذي يؤيد ما قلنا : ما أخبرني به محمّد بن أبي زكريا الثقة قال : أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ قال : حدّثنا إسحاق بن محمّد بن علي بن خالد الهاشمي بالكوفة قال : حدّثنا أحمد بن زكريا بن طهمان ، قال : حدّثنا محمّد بن خالد الهاشمي قال : حدّثنا الحسن بن إسماعيل بن حماد بن أبي خليفة ، عن أبيه عن زياد بن المنذر ، عن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله
عز وجل من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم نقل ذلك النور من صلبه ، فلم يزل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسّمه قسمين ، فصيّر قسمي في صلب عبد الله وقسم علي في صلب أبي طالب ، فعلي مني وأنا منه ، لحمه لحمي ودمه من دمي ، فمن أحبه فبحبي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه ».
ثم روى أربعة أحاديث أخرى ، وهذه ألفاظ ثلاثة منها :
« عن أبي الحمراء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : لمّا أسري بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش الأيمن ، فإذا عليه مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيّدته بعلي ونصرته به ».
« عن نافع عن ابن عمر قال : بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالس ذات يوم ببطحاء مكة ، إذ هبط عليه جبرئيل الروح الأمين قال : يا محمّد إنّ رب العرش يقرأ عليك السّلام ويقول : لما أخذ ميثاق النبيين أخذ ميثاقك في صلب آدم ، فجعلك سيّد الأنبياء وجعل وصيك سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب ويقول : يا محمّد وعزتي لو سألتني أن أزيل السماوات والأرض لأزلتها لكرامتك عليّ ».
« عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : كل مولود يولد فهو في سرته من التربة التي خلق منها ، وأنا وعلي بن أبي طالب خلقنا من تربة واحدة ».
وهذا لفظ رابعها بسنده : « أخبرنا الحسين بن محمّد قال : حدّثنا عبد الله بن أبي منصور قال : حدّثنا محمّد بن بشر قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن المثنى قال : حدثني حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد يسبح الله عز وجل في يمنة العرش قبل خلق الدنيا ، ولقد سكن آدم الجنة ونحن في صلبه ، ولقد ركب نوح السفينة ونحن في صلبه ، ولقد قذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه ، فلم يزل يقلبنا الله عز وجل في أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة ، حتى انتهى بنا إلى عبد
المطلب ، فجعل ذلك النور بنصفين ، فجعلني في صلب عبد الله وجعل عليا في صلب أبي طالب ، وجعل فيّ النبوة والرسالة وجعل في علي الفروسية والفصاحة ، واشتق لنا اسمين من أسمائه ، فربّ العرش محمود وأنا محمّد ، وهو الأعلى وهذا علي ».
قال العاصمي : « فهذه الأحاديث تدلّ على صحّة ما أشرنا إليه ورجحان ما دلّلنا عليه » (١).
١٠
رواية أبي الفتح النطنزي
لقد روى هذا الحديث قائلا : « أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال : حدّثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ قال : حدّثنا أحمد ابن يوسف بن خلاد النصيبي ببغداد ، قال : حدّثنا الحارث بن أبي أسامة التميمي قال : حدّثنا داود بن المحبر بن محمّد قال : حدّثنا قيس بن الربيع ، عن عباد بن كثير عن أبي عثمان الرازي عن سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور عن يمين العرش ، نسبّح الله ونقدّسه من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بأربع عشرة آلاف سنة ، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات ، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا بنصفين ، فجعل النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب أبي طالب ، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر ، واشتق الله لنا من أسمائه اسما ، والله محمود وأنا محمّد ، والله الأعلى وأخي علي ، والله فاطر وابنتي فاطمة ، والله محسن وابناي الحسن والحسين. فكان اسمي
__________________
(١) زين الفتى في تفسير هل أتى ـ مخطوط.
في الرسالة والنبوة ، وكان اسمه في الخلافة والشجاعة ، فأنا رسول الله وعلي سيف الله » (١).
وروى النطنزي حديث الأشباح بسنده عن ابن عباس رضياللهعنه قال : « لما خلق الله عز وجل آدم ونفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله « الحمد لله رب العالمين » ، فقال له ربّه : يرحمك الله ، فلما سجد له الملائكة تداخله العجب فقال : يا رب خلقت خلقا هو أحب إليك منّي؟ فلم يجب ، ثم قال الثانية ، فلم يجب.ثم قال الثالثة ، فلم يجب. ثم قال الرابعة فقال الله عز وجل له : نعم ولولاهم ما خلقتك. فقال : فأرنيهم ، فأوحى الله عز وجل إلى ملائكة الحجب أنه ارفعوا الحجب ، فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدّام العرش ، فقال يا رب من هؤلاء؟ قال : يا آدم هذا نبيي ، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم النبي ، وهذه فاطمة بنت نبيي ، وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي. ثم قال : يا آدم هم الأول. ففرح بذلك. فلما اقترف الخطيئة قال : يا رب أسألك بمحمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي فغفر الله له ، فهذا الذي قال الله عز وجل : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ ). فلما أهبط إلى الأرض صاغ خاتما نقش عليه : محمّد رسول الله. ويكنى آدم بأبي محمّد » (٢).
ترجمته :
وسنورد ترجمة النطنزي مفصّلة في قسم ( حديث التشبيه ) ونذكر كلمة تلميذه السمعاني في حقه ، ومدح ابن النجار له ، وإطراء الصفدي في الوافي بالوفيات ... فانتظر.
__________________
[ ١ ـ ٢ ] الخصائص العلوية ـ مخطوط.
١١
رواية شهردار الديلمي
قال الحمويني ما نصه : « أنبأني أبو طالب بن أنجب الخازن ، عن ناصر بن أبي المكارم إجازة قال : أنبأنا أبو المؤيد الموفق بن أحمد إجازة إن لم يكن سماعا.
( ح ) وأنبأني العزيز محمّد بن أبي القاسم ، عن والده أبي القاسم بن أبي الفضل بن عبد الكريم إجازة قالا : أخبرنا شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي إجازة ، أنبأنا عبدوس بن عبد الله الهمداني كتابة ، حدّثنا أبو الحسن علي ابن عبد الله ، أنبأنا أبو علي محمّد بن أحمد العطشي ، حدّثنا أبو سعيد العدوي الحسن بن علي ، حدّثنا أحمد بن المقدام العجلي أبو الأشعث ، حدّثنا الفضيل بن عياض عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان عن زاذان عن سلمان قال : سمعت حبيبي المصطفى محمّدا صلّى الله عليه وسلّم يقول : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل مطيعا ، يسبّح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف سنة ، فلما خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه ، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، فجزء أنا وجزء علي » (١).
كما ويستفاد رواية شهردار الديلمي من سند رواية الخوارزمي الآتية أيضا.
ترجمته :
وشهردار الديلمي من أعلام حفاظ أهل السنة كأبيه ، فقد قال الذهبي نقلا عن السمعاني : « كان حافظا عارفا بالحديث فهما عارفا بالأدب ظريفا. سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكي السلاّر وطائفة. وأجاز له أبو بكر ابن خلف
__________________
(١) فرائد السمطين ـ ١ / ٤٢.
الشيرازي ، وعاش خمسا وسبعين سنة » (١).
وكذا ترجم له كلّ من السبكي والأسنوي وابن قاضي شهبة الأسدي في كتبهم في ( طبقات الشافعية ).
١٢
رواية الخوارزمي
روى هذا الحديث بقوله : « أخبرني شهردار هذا إجازة ، أخبرنا عبدوس بن عبد الله الهمداني كتابة ، حدّثنا أبو الحسن علي بن عبد الله ، حدّثنا أبو علي محمّد ابن أحمد العطشي ...
وأخبرني شهردار هذا إجازة ، أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، حدّثنا الشريف أبو طالب الجعفري ، حدّثنا ابن مردويه الحافظ ، حدّثنا إسحاق بن محمّد بن علي بن خالد ، حدّثنا أحمد بن زكريا ، حدّثنا ابن طهمان ، حدّثنا محمّد بن خالد الهاشمي ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل بن حماد ، عن أبيه عن زياد بن المنذر عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم سلك النور في صلبه ، فلم يزل الله يقلبه من صلب إلى صلب ، حتى أقره في صلب عبد المطلب ، فقسّمه نصفين قسما في صلب عبد الله وقسما في صلب أبي طالب ، فعلي مني وأنا منه ، لحمه لحمي ، ودمه دمي ، فمن أحبه فبحبي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه » (٢).
وقال الخوارزمي : « أخبرني سيد الحافظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن
__________________
(١) العبر في خبر من ٣ / ٢٩.
(٢) مناقب امير المؤمنين ـ ٨٨.
شهردار الديلمي الهمداني ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرني أبو الفتح عبدوس ابن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرني الشيخ الخطيب أبو الحسن صاعد ابن محمّد بن الغياث الدامغاني بدامغان ، حدثني أبو يحيى محمّد بن عبد العزيز البسطامي ، حدّثنا أبو بكر القرشي ، حدّثني أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا ، حدّثني هدبة بن خالد القيسي ، عن حماد بن ثابت البناني عن عبيد بن عمير الليثي عن عثمان بن عفان قال قال عمر بن الخطاب : إن الله تعالى خلق ملائكة من نور وجه علي بن أبي طالب » (١).
ترجمته :
وللخوارزمي تراجم في عدة من المصادر المعتبرة ، ومن ذلك ما جاء في ( العقد الثمين في تاريخ بلد الله الأمين ) للحافظ تقي الدين الفاسي حيث عنونه بقوله : « الموفق بن أحمد بن محمّد المكي ، أبو المؤيد ، العلامة خطيب خوارزم ، كان أديبا فصيحا مفوها ، خطب بخوارزم دهرا وأنشأ الخطب وأقرأ الناس وتخرّج به جماعة ، وتوفي بخوارزم في صفر سنة ٥٦٨. ذكره هكذا الذهبي في ( تاريخ الإسلام ). وذكره الشيخ محيي الدين عبد القادر الحنفي في ( طبقات الحنفية ) وقال : ذكره القفطي في ( أخبار النحاة ) ... ».
١٣
رواية ابن عساكر
لقد قال الحافظ الكنجي ما نصه : « وأخبرنا أبو إسحاق الدمشقي ، أخبرنا أبو القاسم الحافظ ، أخبرنا ابو غالب بن البنا ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، أخبرنا
__________________
(١) مناقب أمير المؤمنين ٢٣٦.
أبو علي بن محمّد بن أحمد بن يحيى ، حدّثنا أبو سعيد العدوي ، حدّثنا أبو الأشعث ، حدّثنا الفضيل بن عياض ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن زاذان عن سلمان قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا ، يسبح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه ، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، فجزء أنا وجزء علي.
قلت : هكذا أخرجه محدّث الشام في تاريخه في الجزء الخمسين بعد الثلاث مائة قبل نصفه ، ولم يطعن في سنده ، ولم يتكلّم عليه ، وهذا يدل على ثبوته » (١).
ترجمته :
وقد ذكرنا في قسم ( حديث الثقلين ) عدة من مصادر ترجمة الحافظ ابن عساكر الدمشقي ، مثل ( وفيات الأعيان ٢ / ٤٧١ ) و ( طبقات السبكي ٧ / ٢١٥ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٧٤ ) وغيرها.
وفي ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ ) ما ملخصه : « ابن عساكر ـ الامام الحافظ الكبير ، محدّث الشام ، فخر الأئمة ، ثقة الدين ، أبو القاسم ، صاحب التصانيف عدد شيوخه ١٣٠٠ ونيف شيخ و٨٠ امرأة. قال السمعاني : أبو القاسم حافظ ثقة متقن ديّن خيّر حسن السمت. قال ابن النجار : أبو القاسم إمام المحدثين في وقته ، انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والنقل والمعرفة التامة ، وبه ختم هذا الشأن ... ».
١٤
رواية النور الصالحاني
لقد روى الشهاب أحمد : « عن علي بن حسين عن أبيه عن جدّه قال : قال
__________________
(١) كفاية الطالب ٣١٥.
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة آلاف عام ، فلما خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه ، فلم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب ، حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسم قسمين : قسما في صلب عبد الله وقسما في صلب أبي طالب ، فعلي مني وأنا منه ، لحمه لحمي ، ودمه دمي ، ومن أحبه فبحبي أحبه ».
ثم إنه روى حديث ( الشجرة ) ثم قال : « روى الحديث الأول الامام الصالحاني نور الدين أبو الرجاء محمود بن محمّد ، الذي سافر ورحل وأدرك المشايخ وسمع وأسمع ، وصنّف في كلّ فن ، وروى عنه خلق كثير ، وصحب بالعراق أبا موسى المديني الامام ومن في طبقته ، بإسناده إلى الامام الحافظ ابن مردويه ، بإسناده مسلسلا مرفوعا ... » (١).
ومن هذه العبارة يظهر جانب من عظمة الصالحاني ومناقبه الشامخة.
١٥
رواية أبي الفتح ناصر المطرزي
لقد قال الحمويني : « أنبأني أبو طالب ابن أنجب الخازن عن ناصر بن أبي المكارم إجازة ... ».
كما قال أيضا : « أنبأني الشيخ أبو طالب ابن أنجب بن عبيد الله ، عن محب الدين محمّد بن محمود بن الحسن بن النجار إجازة ، عن برهان الدين أبي الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة ... عن محمّد بن علي بن الحسين بن أبيه عن جده ( صلوات الله عليهم ) قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما
__________________
(١) توضيح الدلائل ـ مخطوط.
خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه ، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب ، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب فقسمه قسمين : قسما في صلب عبد الله وقسما في صلب أبي طالب ، فعلي مني وأنا منه ، لحمه لحمي ، ودمه دمي ، فمن أحبه فبحبي أحبه ، ومن أبغضه فببغضي أبغضه » (١).
١٦
رواية صدر الأفاضل الخوارزمي
لقد رواه في شرح قول المعري :
[ له الجوهر الساري يوهم شخصه |
|
يجوب إليه محتدا
بعد محتد ] |
قائلا ما نصه : « هذا من قوله عليهالسلام : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم نقل ذلك النور إلى صلبه ، فلم يزل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسمه قسمين : فصير قسمي في صلب عبد الله ، وقسم علي في صلب أبي طالب فعلي مني وأنا منه » (٢).
ترجمته :
وفضائل صدر الأفاضل لا تخفى على من راجع المعاجم الرجالية وكتب
__________________
(١) فرائد السمطين ١ / ٤٤.
(٢) أنظر : شروح سقط الزند ١ / ٣٥٣ ـ القصيدة الثامنة.
الأدب ، فقد ترجم له :
١ ـ ياقوت الحموي : « القاسم بن الحسين بن محمّد بن محمّد الخوارزمي ، صدر الأفاضل حقا وواحد الدهر في علم العربية صدقا ، ذو الخاطر الوقّاد والطبع النقّاد والقريحة الحاذقة والنحيرة الصادقة ، برع في علم الأدب وفاق في نظم الشعر ونثر الخطب ، فهو إنسان عين الزمان وغرة جبهة هذا الأوان ، سألته عن مولده فقال : مولدي في الليلة التاسعة من شعبان سنة خمس وخمسين وخمسمائة ...
وقلت له ما مذهبك؟ فقال : حنفي ، ولكن لست خوارزميا لست خوارزميا يكررها ، إنما اشتغلت ببخارا فأرى رأي أهلها. نفى عن نفسه أن يكون معتزليا ... » (١).
٢ ـ عبد القادر القرشي : « ... تفقّه على أبي الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي وأخذ عنه العربية ، وله تصانيف : شرح المفصل سماه التحبير ثلاث مجلدات ، وشرح سقط الزند ... قتلته التتار سنة عشرة وستمائة » (٢).
٣ ـ السيوطي ، وأورد كلمة ياقوت المتقدمة أيضا (٣).
٤ ـ الكفوي : « الشيخ الكامل الفاضل ... » (٤).
٥ ـ علي بن سلطان القاري المكي كذلك (٥).
١٧
رواية أبي القاسم عبد الكريم الرافعي القزويني
قال العلاّمة الحمويني ما نصه : « وأخبرني الشيخ الصالح جمال الدين أحمد
__________________
(١) معجم الأدباء ١٦ / ٢٣٨.
(٢) الجواهر المضية في طبقات الحنفية ١ / ٤١٠.
(٣) بغية الوعاة ٣٧٦.
(٤) كتائب أعلام الأخيار ـ مخطوط.
(٥) الأثمار الجنية ـ مخطوط.
ابن محمّد بن محمّد المعروف بمذكويه القزويني وغيره إجازة ، بروايتهم عن الشيخ الامام إمام الدين أبي القاسم عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم الرافعي القزويني إجازة ، أنبأنا الشيخ العالم عبد القادر بن أبي صالح الجيلي قال : أنبأنا أبو البركات هبة الله بن موسى السقطي قال : أنبأ القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي قال : أنبأنا الحسن محمّد بن موسى بتكريت قال : أنبأنا محمّد بن فرحان ، حدّثنا محمّد بن يزيد القاضي ، حدّثنا قتيبة ، حدّثنا الليث بن سعد ، عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال :
لما خلق الله تعالى أبا البشر ونفخ فيه من روحه ، التفت آدم يمنة العرش ، فإذا في النور خمسة أشباح سجّدا وركّعا ، قال آدم : يا رب هل خلقت أحدا من طين قبلي؟ قال : لا يا آدم. قال : فمن هؤلاء الخمسة الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك ، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن ، فأنا المحمود وهذا محمّد وأنا العالي وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين.
آليت بعزتي أنّه لا يأتيني أحد بمثقال حبّة من خردل من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري ولا أبالي. يا آدم هؤلاء صفوتي بهم أنجيهم وبهم أهلكهم ، فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسل.
فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : نحن سفينة النجاة من تعلّق بها نجا ومن حاد عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت » (١).
ترجمته :
والرافعي القزويني من أعلام محدّثي أهل السنة ومؤرخيهم ، وكتابه ( التدوين ) من أشهر الكتب المعتمدة ... وقد ترجم للرافعي وأثنى عليه علماؤهم
__________________
(١) فرائد السمطين ١ / ٣٦.
كالسبكي في ( طبقاته ٥ / ١١٩ ) وابن شاكر الكتبي في ( فوات الوفيات ٢ / ٣ ) وابن الوردي في ( تاريخه ٢ / ١٨٤ ).
١٨
إثبات الشيخ فريد الدين العطّار
لقد أثبت هذا الحديث بقوله :
« تو نور أحمد وحيدر يكى دان |
|
كه تا گردد بتو
أسرار آسان » (١) |
ترجمته :
وتوجد ترجمته في ( نفحات الأنس ) وغيره من تراجم العرفاء. وقد نصّ ( الدهلوي ) في كتابه على أنه من الأكابر المقبولين عند أهل السنة.
١٩
رواية أبي الربيع ابن سبع الكلاعي
لقد قال الوصابي : « وعنه ـ أي عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه ـ قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : خلقت أنا وعلي من نور واحد ، يسبح الله على متن العرش من قبل أن يخلق أبونا آدم بألفي عام ، فلمّا خلق آدم صرنا في صلبه ، ثم نقلنا من كرام الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام ، حتّى صرنا في صلب عبد المطلب ، ثم قسّمنا نصفين ، فصيّرني في صلب عبد الله ، وصار علي في صلب أبي طالب ، فاختارني للنبوّة ، واختار عليا للشجاعة والعلم والفصاحة ، وشق لنا أسماء من أسمائه ، فالله محمود وأنا محمّد ، والله الأعلى وهذا علي.
__________________
(١) أسرار نامه.
أخرجه ابن الأسبوع الأندلسي في كتابه الشفا » (١).
ترجمته :
وابن سبع صاحب كتاب ( شفاء الصدور ) من أجلّة حفاظ أهل السنة ، وأعاظم علمائهم ، كما يظهر من ترجمته ، وإليك بعض الكلمات الواردة في حقّه :
١ ـ الذهبي : « الكلاعي ـ الامام العالم الحافظ البارع ، محدّث الأندلس وبليغها أبو الربيع ... عني أتم عناية بالتقييد والرواية ، وكان إماما في صناعة الحديث ، بصيرا به حافظا حافلا عارفا بالجرح والتعديل ، ذاكرا للمواليد والوفيات ، يتقدّم أهل زمانه في ذلك وفي حفظه اسماء الرجال ، خصوصا من تأخر زمانه وعاصره ، كتب الكثير ، وكان خطّه لا نظير له في الإتقان والضبط ، مع الاستبحار في الأدب والاستهتار بالبلاغة ، فردا في إنشاء الرسائل ، مجيدا في النظم خطيبا فصيحا مفوها مدركا ، حسن السرد والمساق لما ينقله ، مع الشارة الأنيقة والزيّ الحسن ، وهو كان المتكلّم عن الملوك في زمانه في المجالس ، المبيّن عنهم لما يرومونه في المحافل على المنابر ، ولي خطابة بلنسة في أوقات ، وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة ... وإليه كانت الرحلة للأخذ عنه ، انتفعت به في الحديث كلّ الانتفاع وأخذت عنه كثيرا.
قلت : حدّث عنه أبو العباس أحمد بن العماد قاضي تونس ، وطائفة ، قال ابن مندي : لم ألق مثله جلالة ونبلا ورياسة وفضلا ، وكان إماما مبرّزا في فنون من منقول ومعقول وموزون ومنثور ، جامعا للفضائل ، برع في علوم القرآن والتجويد ، أما الأدب فكان ابن بجدته ، وهو ختام الحفاظ ...
قال الأبّار ... وهو آخر الحفاظ والبلغاء بالأندلس ، استشهد بكابية تنسيه على ثلاث فراسخ من مرسية مقبلا غير مدبر ، في العشر من ذي الحجة سنة ٦٣٤.
قال الحافظ المنذري : توفي شهيدا بيد العدو ، وكان مولده بظاهر مرسية في
__________________
(١) الاكتفاء في فضائل الأربعة الخلفاء ـ مخطوط ، وقد ذكر في كشف الظنون ٢ / ١٠٥٠ « كتاب شفاء الصدور ... ».