ما لم يبلغ العلو المفرط [١].
الثاني عشر : أن يطيل ركوعه ـ إذا أحس بدخول شخص ـ ضعف ما كان يركع [٢] ، انتظاراً للداخلين ، ثمَّ يرفع رأسه وإن أحس بداخل.
الثالث عشر : أن يقول المأموم ـ عند فراغ الامام من الفاتحة ـ : ( الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) [٣].
الرابع عشر : قيام المأمومين عند قول المؤذن : « قد قامت الصلاة » [٤].
______________________________________________________
شيئاً ، يعني : الشهادتين ، ويسمعهم أيضا : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » (١). ويستفاد منه تأكد الاستحباب في التشهد والتسليم.
[١] للانصراف.
[٢] ففي مرسل مروك بن عبيد : « إني إمام مسجد الحي فأركع بهم وأسمع خفقان نعالهم ـ وأنا راكع ـ قال (ع) : اصبر ركوعك ومثل ركوعك ، فان انقطعوا .. وإلا فانتصب قائما » (٢). ونحوه خبر جابر (٣).
[٣] لصحيح جميل : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد ففرغ من قراءتها. فقل أنت : الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، ولا تقل : آمين » (٤).
[٤] ففي صحيح أبي ولاد حفص بن سالم : « إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة ، أيقوم الناس على أرجلهم ، أو يجلسون حتى يجيء إمامهم؟
__________________
(١) الوسائل باب : ٥٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٥٠ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ٥٠ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٤) الوسائل باب : ١٧ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ١.
وأما المكروهات فأمور أيضا :
أحدها : وقوف المأموم وحده ، في صف وحده ، مع وجود موضع في الصفوف [١] ، ومع امتلائها فليقف آخر الصفوف ، أو حذاء الامام [٢].
______________________________________________________
قال (ع) : لا ، بل يقومون على أرجلهم ، فإن جاء إمامهم .. وإلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم » (١). وقريب منه خبر معاوية ابن شريح (٢).
[١] إجماعا ، كما عن غير واحد ، لما في خبر السكوني قال رسول الله (ص) لا تكونن [ نواخا ل ] في ( العثكل ). قلت وما العثكل؟ قال (ص) : أن تصلي خلف الصفوف وحدك ، فان لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الإمام أجزأه ، فإن هو عاند الصف فسدت عليه صلاته » (٣). المحمول على الكراهة ، لخبر أبي الصباح : « عن الرجل يقوم في الصف وحده. قال (ع) : لا بأس ، إنما يبدأ واحد بعد واحد » (٤). ونحوه خبر موسى بن بكر (٥) ويمكن حملهما على صورة تضايق المصفوف ، وتكون القرينة على الكراهة في غير ذلك الإجماع المدعى من جماعة. ولا يقدح فيه خلاف ابن الجنيد وفتواه بالحرمة.
[٢] كما في خبر السكوني (٦) وموثق الأعرج : « عن الرجل يأتي
__________________
(١) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ٥٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٤) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
(٥) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.
(٦) تقدم في التعليقة السابقة.
الثاني : التنفل بعد قول المؤذن : « قد قامت الصلاة » [١] بل عند الشروع في الإقامة.
الثالث : أن يخص الامام نفسه بالدعاء إذا اخترع الدعاء من عند نفسه [٢].
______________________________________________________
الصلاة فلا يجد في الصف مقاماً ، أيقوم وحده حتى يفرغ من صلاته؟ قال (ع) : نعم لا بأس ، يقوم بحذاء الامام » (١) والظاهر منهما وقوفه جناحا للإمام ـ كما في صورة اتحاد المأموم ـ فيكون مخيرا بين وقوفه متأخراً في صف وحده ـ كما في خبري أبي الصباح وابن بكر المتقدمين (٢) وبين وقوفه جناحا. وإن كان مقتضى الجمع بين النصوص كون الثاني أفضل. وما استظهره في الحدائق : من كون المراد من وقوفه حذاء الامام ، وقوفه متأخراً محاذيا لموقف الامام بعيد ، ولا سيما بملاحظة رواية السكوني.
[١] على المشهور ، كما في الحدائق وعن غيرها. للصحيح عن عمرو ابن يزيد : « سأل أبا عبد الله (ع) عن الرواية التي يروون : أنه لا ينبغي أن يتطوع في وقت فريضة ، ما حد هذا الوقت؟ قال (ع) : إذا أخذ المقيم في الإقامة » (٣) وظاهره نفس الشروع في الإقامة ، لا قول : « قد قامت الصلاة » كما عن المشهور. كما ان ظاهره الكراهة ، فلا وجه ظاهر لما عن النهاية والوسيلة من المنع. وما دل على المنع من التطوع في وقت الفريضة ـ لو تمَّ ـ لم يكن منه ما نحن فيه ، إذ الكلام في المنع من حيث الإقامة لا من حيث الوقت ، إذ لا ريب في جوازها قبل الإقامة.
[٢] لما رواه الشيخ (ره) ـ مسندا ـ عن الصادق (ع) : « إن رسول
__________________
(١) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.
(٢) تقدم ذكرهما في التعليقة السابقة.
(٣) الوسائل باب : ٤٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.
وأما إذا قرأ بعض الأدعية المأثورة فلا [١].
الرابع : التكلم بعد قول المؤذن : « قد قامت الصلاة » [٢].
بل يكره في غير الجماعة أيضا ، كما مر. إلا أن الكراهة فيها أشد. إلا أن يكون المأمومون اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام ، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان.
______________________________________________________
الله (ص) قال : من صلى بقوم فاختص نفسه بالدعاء فقد خانهم » (١)
[١] هذا إذا كان مأثورا في خصوص القنوت للإمام. أما لو كان مأثوراً مطلقا فالحكم فيه كما قبله ، لإطلاق الرواية ، المقدم عرفا على إطلاق دليل مأثوريته.
[٢] ففي رواية ابن أبي عمير : « فاذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد. إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام ، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان » (٢) وقريب منها صحيح زرارة (٣) وموثق سماعة (٤) المحمولة ـ عند المشهور ـ على الكراهة ، بقرينة : صحيح عبيد : « أيتكلم الرجل بعد ما تقام الصلاة؟ قال (ع) : لا بأس (٥) وفي صحيح حماد : « عن الرجل يتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال (ع) : نعم » (٦) ونحوه خبر الحسن بن شهاب (٧)
__________________
(١) الوسائل باب : ٧١ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان حديث : ٧.
(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان حديث : ١.
(٤) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان حديث : ٥.
(٥) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان حديث : ١٣.
(٦) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان حديث : ٩.
(٧) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان حديث : ١٠.
الخامس : إسماع المأموم الإمام ما يقوله بعضا أو كلا [١].
السادس : إئتمام الحاضر بالمسافر والعكس [٢] ، مع اختلاف صلاتهما [٣] قصراً وتماما وأما مع عدم الاختلاف ـ كالائتمام في الصبح والمغرب ـ فلا كراهة. وكذا في غيرهما أيضا مع عدم الاختلاف ، كما لو ائتم القاضي بالمؤدي أو العكس ، وكما في مواطن التخيير إذا اختار المسافر التمام.
______________________________________________________
وحمل الكلام فيها على ما كان في تقديم إمام بعيد جدا. كما أن حملها على صورة الانفراد ـ فتخالف الاولى مورداً ـ غير ظاهر ، ولا سيما بالإضافة إلى صحيح عبيد. مع أن الظاهر في التحريم في المقام كونه من جهة فساد الإقامة المستحبة ، والقاعدة في مثلها الحمل على الكراهة ، دون الفساد.
[١] للنصوص المتقدمة في المستصحب الحادي عشر.
[٢] أما جوازهما فقد تقدم في صدر مبحث الجماعة (١) وأما الكراهة فلخبر الفضل : « لا يؤم الحضري المسافر ، ولا المسافر الحضري ، فإن ابتلى .. (٢). وفي رواية أبي بصير : « قال أبو عبد الله (ع) : « لا يصلي المسافر مع المقيم ، فان صلى فلينصرف في الركعتين » (٣).
[٣] كما هو ظاهر النصوص ، بقرينة قوله (ع) : « فان ابتلي .. » وقوله (ع) : « فان صلى .. » ، وإن كان المحكي عن الفاضلين وظاهر البيان والروضة وغيرهما : عموم الكراهة. وكأنه للأخذ بإطلاق النص ، والتغافل منهم عن القرينة.
__________________
(١) لاحظ المسألة : ٣ من فصل صلاة الجماعة.
(٢) الوسائل باب : ١٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦.
(٣) الوسائل باب : ١٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.
ولا يلحق نقصان الفرضين بغير القصر والتمام بهما في الكراهة [١] كما إذا ائتم الصبح بالظهر أو المغرب ، أو هي بالعشاء أو العكس.
( مسألة ١ ) : يجوز لكل من الامام [٢] والمأموم عند انتهاء صلاته قبل الآخر بأن كان مقصراً والأخر متما أو كان المأموم مسبوقا ـ أن لا يسلم وينتظر الأخر حتى يتم صلاته ويصل إلى التسليم فيسلم معه ، خصوصا للمأموم إذا اشتغل بالذكر والحمد ونحوهما إلى أن يصل الامام. والأحوط الاقتصار على صورة لا تفوت الموالاة. وأما مع فواتها ففيه إشكال [٣] ، من غير فرق بين كون المنتظر هو الإمام أو المأموم [٤].
______________________________________________________
[١] لعدم الدليل عليه.
[٢] كما عن التذكرة ، والمنتهى ، والقواعد ، والدروس ، والبيان ، والذكرى ، والروض ، والموجز. للأصل ، وعدم وجوب التسليم فوراً ، بل عن جملة من الكتب المذكورة : أنه أفضل. وفي الجواهر : « لعلهم أخذوه من كراهية مفارقة المأموم الامام ». وفيه : أنه لا بد من مفارقة الإمام للمأموم ، فلا مجال للحكم بالكراهة. إلا أن يكون المراد تحكيم ما دل على استحباب الائتمام بالتسليم ، لتوقف تحصيله على الانتظار المذكور. ولا ينافي ذلك ما في بعض نصوص المقام من قوله (ع) : « يصلي ركعتين ويمضي حيث يشاء » (١) إذ الظاهر أنه في مقام بيان الواجب. فلاحظ.
[٣] بل منع ، تحكيما لما دل على اعتبار الموالاة. وما تقدم لا يصلح لرفع اليد عنه ، كما هو ظاهر. اللهم إلا أن لا نقول بوجوبها ، كما تقدم.
[٤] لاطراد وجه الجواز فيهما معا.
__________________
(١) الوسائل باب : ١٨ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
( مسألة ٢ ) : إذا شك المأموم ـ بعد السجدة الثانية من الامام ـ أنه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الإتيان بأخرى ، إذا لم يتجاوز المحل [١].
( مسألة ٣ ) : إذا اقتدى المغرب بعشاء الامام ، وشك ـ في حال القيام ـ أنه في الرابعة أو الثالثة ينتظر [٢] حتى يأتي الإمام بالركوع والسجدتين حتى يتبين له الحال ، فان كان في الثالثة أتي بالبقية وصحت الصلاة ، وإن كان في الرابعة يجلس ويتشهد ويسلم ، ثمَّ يسجد سجدتي السهو لكل واحد من الزيادات : من قوله : « بحول الله » ، وللقيام ، وللتسبيحات أن أتى بها أو ببعضها.
( مسألة ٤ ) : إذا رأى من عادل كبيرة لا تجوز الصلاة خلفه [٣] ، إلا أن يتوب مع فرض بقاء الملكة فيه ، فيخرج عن العدالة بالمعصية ، ويعود إليها بمجرد التوبة.
( مسألة ٥ ) : إذا رأى الامام يصلي ، ولم يعلم أنها
______________________________________________________
[١] لقاعدة الشك في المحل. والمتيقن من دليل رجوع المأموم إلى الامام رجوعه إليه في الفعل المشترك ، بحيث يرجع شك أحدهما في فعله الى شكه في فعل صاحبه أيضاً مما لا يشمل المقام. وإطلاق قوله (ع) : « ليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام » (١) منصرف الى ما ذكرنا.
[٢] لاحتمال أنها رابعة ، فتبطل صلاته لو تابع الامام. ولأجله لا مجال لإعمال أدلة المتابعة.
[٣] إجماعا. وقد تقدم.
__________________
(١) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٨.
من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به [١]. وكذا إذا احتمل أنها من الفرائض التي لا يصح اقتداء اليومية بها. وإن علم أنها من اليومية ، لكن لم يدر أنها أية صلاة من الخمس أو انها أداء أو قضاء ، أو أنها قصر أو تمام ـ لا بأس بالاقتداء ولا يجب إحراز ذلك قبل الدخول. كما لا يجب إحراز أنه في أي ركعة [٢] ، كما مر.
( مسألة ٦ ) : القدر المتيقن من اغتفار زيادة الركوع للمتابعة سهواً زيادته مرة واحدة في كل ركعة. وأما إذا زاد في ركعة واحدة أزيد من مرة ـ كأن رفع رأسه قبل الامام سهواً ثمَّ عاد للمتابعة ثمَّ رفع أيضا سهواً ثمَّ عاد ـ فيشكل الاغتفار [٣] ، فلا يترك الاحتياط ـ حينئذ ـ بإعادة الصلاة بعد الإتمام. وكذا في زيادة السجدة القدر المتيقن اغتفار زيادة سجدتين في ركعة. وأما إذا زاد أربع فمشكل.
( مسألة ٧ ) : إذا كان الامام يصلي أداء أو قضاءً يقيناً والمأموم منحصراً بمن يصلي احتياطاً ، يشكل إجراء حكم الجماعة ـ من اغتفار زيادة الركن ، ورجوع الشاك منهما إلى الأخر ونحوه ـ لعدم إحراز كونها صلاة [٤]. نعم لو كان الإمام أو المأموم أو كلاهما يصلي باستصحاب الطهارة
______________________________________________________
[١] للشك الموجب للرجوع إلى أصالة عدم انعقاد الجماعة.
[٢] الظاهر أنه قطعي.
[٣] وإن كان هو مقتضى إطلاق النصوص المتقدمة. ومثله الكلام في السجود.
[٤] هذا إذا كان الاحتياط استحبابياً. أما لو كان وجوبيا. فيمكن
لا بأس بجريان حكم الجماعة ، لأنه وإن كان لم يحرز كونها صلاة واقعية ـ لاحتمال كون الاستصحاب مخالفا للواقع ـ إلا أنه حكم شرعي ظاهري ، بخلاف الاحتياط فإنه إرشادي وليس حكما ظاهريا. وكذا لو شك أحدهما في الإتيان بركن بعد تجاوز المحل ، فإنه حينئذ وإن لم يحرز ـ بحسب الواقع ـ كونها صلاة ، لكن مفاد قاعدة التجاوز ـ أيضا ـ حكم شرعي فهي ـ في ظاهر الشرع ـ صلاة [١].
______________________________________________________
إحراز كونها صلاة باستصحاب بقاء الأمر ـ بناء على جريانه عند الشك في الفراغ ليترتب عليه وجوب الفعل ـ كما هو الظاهر. أما بناء على عدم جريانه ، لأن وجوب الفعل عقلا من آثار الشك في الفراغ ـ كما هو ظاهر شيخنا الأعظم (ره) ـ كان ما ذكر في محله. وتحقيق المبنى موكول الى محله في الأصول.
ثمَّ إن الاشكال في رجوع الامام عند الشك لا يختص بما إذا كان المأموم منحصراً بمن يصلي احتياطاً ، بل يجرى ولو لم يكن منحصرا به ، فلو كان المأمومون منهم من يصلي احتياطا ، ومنهم من يصلي وجوبا أشكل ـ أيضا ـ رجوع الإمام إلى المأموم المصلي احتياطا ، وإن جاز الرجوع إلى غيره. كما أن الاشكال المذكور لا يجري في رجوع المأموم وإن كان يصلي احتياطا ، فيجوز له الرجوع الى الامام ، لأن صلاته إن كانت صحيحة كانت جماعته كذلك ، ويجوز رجوعه إلى إمامه. وإن كانت باطلة لم يضره الرجوع الى الامام. وكذلك الحال في اغتفار زيادة الركن الذي لا يكون إلا بالنسبة إلى المأموم.
[١] فيثبت بذلك صحة الائتمام ظاهرا.
( مسألة ٨ ) : إذا فرغ الامام من الصلاة والمأموم في التشهد أو في السلام الأول لا يلزم عليه نية الانفراد ، بل هو باق على الاقتداء عرفا [١].
( مسألة ٩ ) : يجوز للمأموم المسبوق بركعة أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الامام ـ التي هي ثالثته ـ وينفرد [٢] ولكن يستحب له أن يتابعه في التشهد متجافياً إلى أن يسلم ثمَّ يقوم إلى الرابعة [٣].
( مسألة ١٠ ) : لا يجب على المأموم الإصغاء الى قراءة الإمام في الركعتين الأوليين من الجهرية إذا سمع صوته [٤] ، لكنه أحوط.
______________________________________________________
[١] ولا ينافيه خروجه عن الصلاة ، لأن اعتبار الإمامة إنما يكون بلحاظ فعل السلام ، لا بلحاظ ما بعده.
[٢] بناء على ما عرفت : من جواز الانفراد اختياراً. وما في صحيح زرارة ـ في المسبوق بركعتين ـ من قول أبي جعفر (ع) : « فاذا سلم الامام قام فصلى ركعتين » (١) وقوله (ع) ـ في من أدرك ركعة ـ : « فإذا سلم الامام قام فقرأ .. » (٢) غير ظاهر في وجوب الانتظار إلى أن يسلم الامام. ونحوه كلام غير واحد من الفقهاء. فما عن ظاهر السرائر : من وجوب ذلك ضعيف. نعم لو قلنا بوجوب المتابعة في الافعال وعدم جواز الانفراد ، وجب عليه أن يتابعه في الجلوس حتى يسلم.
[٣] كما يظهر من الصحيح. وأما كونه متجافيا فيمكن أن يستفاد مما تقدم في التشهد الوسط.
[٤] كما تقدمت الإشارة إلى وجهه في حكم القراءة في الجهرية. وتقدم
__________________
(١) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.
(٢) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.
( مسألة ١١ ) : إذا عرف الإمام بالعدالة ثمَّ شك في حدوث فسقه جاز له الاقتداء به ، عملا بالاستصحاب. وكذا لو رأى منه شيئاً وشك في أنه موجب للفسق أم لا [١].
( مسألة ١٢ ) : يجوز للمأموم ـ مع ضيق الصف ـ أن يتقدم إلى الصف السابق أو يتأخر إلى اللاحق [٢] إذا رأى
______________________________________________________
القول بوجوبه من ابن حمزة.
[١] جريان استصحاب العدالة يختص بما إذا كان الشك بنحو الشبهة الموضوعية. أما لو كان بنحو الشبهة المفهومية امتنع استصحابها ، لامتناع الاستصحاب الجاري في المفهوم المردد. نعم بعد الفحص واليأس يرجع الى استصحاب الحكم. لكنه من وظيفة المجتهد لا العامي المقلد.
[٢] الجواز مما لا ينبغي الإشكال فيه ، فإنه مقتضى أصالة البراءة من المانعية. مضافا الى النص الوارد في جواز المشي في الصلاة (١) وإلى ما ورد في خصوص المقام ، ففي رواية زياد مولى آل دعش : « سووا صفوفكم إذا رأيتم خللا ، ولا عليك أن تأخذ وراءك إذا رأيت ضيقاً في الصفوف أن تمشي فتتم الصف الذي خلفك أو تمشي منحرفا فتتم الصف الذي قدامك فهو خير » (٢) وفي موثق سماعة : « لا يضرك أن تتأخر وراءك إذا وجدت ضيقا في الصف ، فتأخر إلى الصف الذي خلفك. وإذا كنت في صف وأردت أن تقدم قدامك فلا بأس أن تمشي إليه » (٣) بل ظاهر الأول : استحباب ذلك ، بل هو مقتضى الأمر بتتميم الصفوف
__________________
(١) لاحظ الوسائل باب : ٤٤ من أبواب مكان المصلي ، وباب : ١٣٠ من أبواب الأذان وباب : ٤٦ من أبواب صلاة الجماعة.
(٢) الوسائل باب : ٧٠ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩.
(٣) الوسائل باب : ٧٠ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.
خللا فيهما ، لكن على وجه لا ينحرف عن القبلة [١] ، فيمشي القهقرى.
( مسألة ١٣ ) : يستحب انتظار الجماعة إماماً أو مأموماً وهو أفضل من الصلاة في أول الوقت منفرداً [٢]. وكذا يستحب اختيار الجماعة مع التخفيف على الصلاة فرادى مع الإطالة.
( مسألة ١٤ ) : يستحب الجماعة في السفينة الواحدة وفي السفن المتعددة [٣] للرجال والنساء
______________________________________________________
في جملة من النصوص.
[١] لما دل على منع الانحراف. والنصوص لا تصلح لمعارضته.
[٢] ففي رواية جميل بن صالح : « سئل الصادق (ع) أيهما أفضل أيصلي الرجل لنفسه في أول الوقت ، أو يؤخر قليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان هو إمامهم؟ قال (ع) : يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان الامام » (١) وسأله رجل فقال : « إن لي مسجداً على باب داري فأيهما أفضل أصلي في منزلي فأطيل الصلاة ، أو أصلي بهم وأخفف؟ فكتب : صل بهم ، وأحسن الصلاة ولا تثقل » (٢) لكن مورده الامام.
[٣] بلا خلاف ولا إشكال. والنصوص في الأول كثيرة ، كصحيح يعقوب ابن شعيب عن أبي عبد الله (ع) : « لا بأس بالصلاة في جماعة في السفينة » (٣) وعن بعض العامة : المنع في السفن المتعددة مع الانفصال ولا وجه له إذا لم يكن موجبا للتباعد القادح في الجماعة.
__________________
(١) الوسائل باب : ٧٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٧٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ٧٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
ولكن تكره الجماعة في بطون الأودية [١].
( مسألة ١٥ ) : يستحب اختيار الإمامة على الاقتداء [٢] فللإمام ـ إذا أحسن بقيامه ، وقراءته ، وركوعه وسجوده ـ مثل أجر من صلى مقتديا به ، ولا ينقص من أجرهم شيء.
( مسألة ١٦ ) : لا بأس بالاقتداء بالعبد [٣] إذا كان عارفا بالصلاة وأحكامها.
______________________________________________________
[١] ففي خبر الجعفري : « لا تصل في بطن واد جماعة » (١).
[٢] ففي حديث المناهي عن الصادق (ع) : « من أم قوما بإذنهم وهم به راضون ، فاقتصد بهم في حضوره ، وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده ، فله مثل أجر القوم ، ولا ينقص من أجورهم شيء » (٢)
[٣] مطلقاً ، على المشهور شهرة عظيمة ، للأخبار الكثيرة الدالة عليه ففي حسن زرارة عن أبي جعفر (ع) : « قلت له : الصلاة خلف العبد فقال (ع) : لا بأس به إذا كان فقيها ولم يكن هناك أفقه منه » (٣). وفي صحيح محمد عن أحدهما (ع) : « عن العبد يؤم القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرآنا. قال (ع) : لا بأس » (٤) وفي موثق سماعة : « لا ، إلا أن يكون هو أفقههم وأعلمهم » (٥) وعن الوسيلة : إنه لا يؤم الحر إلا مولاه. وعن النهاية والمبسوط : لا يؤم إلا أهله. وليس لهما وجه
__________________
(١) الوسائل باب : ٧٣ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.
(٢) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ١٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٤) الوسائل باب : ١٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.
(٥) الوسائل باب : ١٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٣.
( مسألة ١٧ ) : الأحوط ترك القراءة في الأوليين من الإخفاتية ، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة ، كما مر [١].
( مسألة ١٨ ) : يكره تمكين الصبيان من الصف الأول على ما ذكره المشهور [٢] وإن كانوا مميزين.
( مسألة ١٩ ) : إذا صلى ـ منفرداً أو جماعة ـ واحتمل فيها خللا في الواقع وإن كانت صحيحة في ظاهر الشرع يجوز ـ بل يستحب ـ أن يعيدها [٣] ـ منفردا أو جماعة ـ وأما إذا لم يحتمل فيها خللا. فان صلى منفردا ثمَّ وجد من يصلي تلك الصلاة جماعة يستحب له أن يعيدها جماعة [٤]
______________________________________________________
ظاهر سوى خبر السكوني عن جعفر (ع) : « لا يؤم العبد إلا أهله » (١) لكنه لا يصلح لمعارضة ما عرفت. مع أنه لا يوافق القول الأول. وأما القيود المذكورة في النصوص فمحمولة على الاستحباب. إجماعا ، إذا لم يخل عدمها بالعدالة. وأما ما تضمنه المتن فلعله محمول على خصوص ما يخل بها تركه. والظاهر أنه المراد بالفقيه في النص.
[١] ومر وجهه.
[٢] وفي الجواهر : « يظهر من الروض وجود النص به ».
[٣] من باب استحباب الاحتياط.
[٤] بلا خلاف ، كما في الحدائق وعن غيرها ، بل عن المنتهى والمدارك والذخيرة والمفاتيح والرياض : حكاية الإجماع عليه. ويدل عليه جملة من النصوص ، كصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) : في الرجل يصلي الصلاة وحده ثمَّ يجد جماعة قال (ع) : يصلي معهم ويجعلها الفريضة
__________________
(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٤.
إماماً كان أو مأموماً [١] ، بل لا يبعد جواز إعادتها جماعة إذا وجد من يصلي غير تلك الصلاة [٢] ، كما إذا صلى الظهر فوجد من يصلي العصر جماعة ، لكن القدر المتيقن الصورة الاولى. وأما إذا صلى جماعة ـ إماماً أو مأموماً ـ فيشكل استحباب
______________________________________________________
إن شاء » (١) ونحوه حسن حفص ، ومقتصراً فيه على قوله : « ويجعلها الفريضة » (٢) وصحيح زرارة المتقدم ـ وفيه : « لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة ، بل ينبغي له أن ينويها وإن كان قد صلى ، فان له صلاة أخرى .. » (٣) وموثق عمار : « عن الرجل يصلي الفريضة ثمَّ يجد قوماً يصلون جماعة أيجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟ قال (ع) : نعم ، وهو أفضل. قلت : فان لم يفعل؟ قال (ع) : ليس به بأس » (٤). ومكاتبة ابن بزيع إلى أبي الحسن (ع) : « إني أحضر المساجد مع جيرتي وغيرهم ، فيأمرون بالصلاة بهم ، وقد صليت قبل أن آتيهم ـ وربما صلى خلفي من يقتدي بصلاتي ، والمستضعف ، والجاهل ـ فأكره أن أتقدم ـ وقد صليت ـ لحال من يصلي بصلاتي .. ( الى أن قال ) : فكتب (ع) : صل بهم » (٥) الى غير ذلك. وحملها على جماعة المخالفين الذين لا صلاة لهم مما لا مجال له ، ولا سيما في بعضها.
[١] للتصريح في النصوص بكل منهما.
[٢] فإنه مقتضى إطلاق النصوص.
__________________
(١) الوسائل باب : ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١١.
(٣) تقدم ذكر الرواية في المسألة : ٣٤ من فصل أحكام الجماعة.
(٤) الوسائل باب : ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٩.
(٥) الوسائل باب : ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٥.
إعادتها [١]. وكذا يشكل إذا صلى اثنان منفرداً ثمَّ أراد الجماعة فاقتدى أحدهما بالآخر ، من غير أن يكون هناك من لم يصل [٢].
( مسألة ٢٠ ) : إذا ظهر ـ بعد إعادة الصلاة جماعة ـ أن الصلاة الأولى كانت باطلة يجتزأ بالعادة [٣].
( مسألة ٢١ ) : في المعادة إذا أراد نية الوجه ينوي الندب لا الوجوب على الأقوى.
______________________________________________________
[١] وإن كان يقتضيه إطلاق الأدلة ، كما عن الروض الاعتراف به فلاحظ صحيحي زرارة ، وابن بزيع ، وموثق عمار.
[٢] لخروجه عن مورد النصوص وأشكل منه احتمال استحباب الإعادة ثانياً لأن السؤال في النصوص عن حكم الإعادة ، فتشريع الإعادة إنما استفيد من الجواب فيها شاملا لصورة الإعادة. كما أن ظاهر السؤال فيها أنه سؤال عن صرف الإعادة ، فلا يكون إطلاق الجواب مقتضيا لتشريع الإعادة بعد الإعادة.
[٣] لأن ظاهر النصوص : كون الصلاة المعادة فرداً للواجب فيجتزأ به كما يجتزأ بالفرد الأول. ومنه يظهر : تعين الإتيان به بنية الأمر الوجوبي لأن الباعث على الإتيان به هو الباعث على الإتيان بالفرد الأول بعينه ، وإن كان له الاجتزاء بالفرد الأول. وتحقيق ذلك موكول الى محله من الأصول. ومنه سبحانه نستمد التوفيق لنيل المسؤول ونجاح المأمول ، إنه خير موفق ومعين ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
فصل في الخلل الواقع في الصلاة
أي : الإخلال بشيء مما يعتبر فيها وجودا أو عدماً.
( مسألة ١ ) : الخلل : إما أن يكون عن عمد ، أو عن جهل ، أو سهو ، أو اضطرار ، أو إكراه ، أو بالشك. ثمَّ إما أن يكون بزيادة أو نقيصة. والزيادة : إما بركن ، أو غيره ولو بجزء مستحب ـ كالقنوت [١] في غير الركعة الثانية
______________________________________________________
فصل في الخلل
[١] في كون الاجزاء المستحبة أجزاء حقيقة تأمل أو منع ـ أشرنا إليه في شرائط الوضوء ، وفي مبحث القيام أيضا ـ لامتناع كونها أجزاء للماهية ، ضرورة صدق الماهية بدونها ، ويمتنع صدق الكل بدون جزئه. وامتناع كونها أجزاء للفرد ، لأنها لو كانت أجزاء للفرد لوجب التعبد بها بقصد الوجوب كسائر أجزاء الفرد ، فإن الأمر الوجوبي المتعلق بالماهية يسري إلى كل ما تنطبق عليه الماهية ، فإذا فرض كون الشيء جزءاً للفرد كان ذلك الشيء موضوعا للانطباق ضمنا ، فيتعلق به الوجوب كذلك ، فيجب التعبد به بقصد ذلك الوجوب الضمني ، مع أن بناء الأصحاب ( رض ) على كون التعبد بالاجزاء المستحبة إنما هو بقصد الاستحباب لا غير ، فيكشف ذلك عن أنها ليست أجزاء للفرد ولا للماهية ، بل هي مستحبات ظرفها الواجب نظير المستحبات التي يندب إليها في زمان معين أو مكان كذلك. وعلى هذا فيكون فعلها في غير محلها ليس من الزيادة في شيء ، لأن صدق الزيادة منوط بفعلها بقصد الجزئية ، إذ لو لا ذلك لزم صدقها بفعل بعض الأمور
أو فيها في غير محلها ـ أو بركعة. والنقيصة : إما بشرط ركن ـ كالطهارة من الحدث والقبلة ـ أو بشرط غير ركن ، أو بجزء ركن أو غير ركن ، أو بكيفية ـ كالجهر ، والإخفات ، والترتيب ، والموالاة ـ أو بركعة.
( مسألة ٢ ) : الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة ، بأقسامه : من الزيادة [١]
______________________________________________________
المقارنة ـ مثل حركة اليد ، والنظر إلى الأجنبية ، وغيرهما من الأفعال المقارنة المباحة أو المحرمة ـ وهو معلوم البطلان. وعلى هذا فلو ثبت : أن حكم مطلق الزيادة العمدية في الصلاة هو البطلان ، وحكم السهوية هو وجوب سجود السهو ، لم يترتبا على مثل فعل القنوت ـ عمدا أو سهواً في غير محله ، بل لا بد ـ في ترتيبهما ـ من دلالة دليل بالخصوص ، غير ما دل على حكم مطلق الزيادة العمدية والسهوية. وما في مصحح زرارة عن أحدهما (ع) : « لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم ، فإن السجود زيادة في المكتوبة » (١) لا بد أن يكون محمولا على غير ظاهره.
[١] إما لأن العبادات كمعاجين الأطباء التي تقدح فيها الزيادة كالنقيصة أو لأنه تشريع محرم فيبطل. أو لصحيح أبي بصير : « من زاد في صلاته فعليه الإعادة » (٢) أو لمصحح زرارة وبكير : « إذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا ، إذا كان قد استيقن ذلك يقيناً » (٣) أو للتعليل في مصحح زرارة السابق : « فان السجود زيادة في المكتوبة » أو للتعليل في خبر الأعمش عن جعفر (ع) ـ في حديث
__________________
(١) الوسائل باب : ٤٠ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.
______________________________________________________
شرائع الدين ـ : « ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته ، لأنه زاد في فرض الله عز وجل » (١) ونحوه ما عن تفسير العياشي.
لكن تمكن المناقشة في جميع ذلك. فإن الأول مصادرة ـ بل ممنوع ـ بشهادة صحة العبادة المقارنة لكثير من الأفعال المباحة أو المحرمة ، كما تقدم والتشريع وإن كان لا يبعد اقتضاؤه عقلا تحريم الفعل كاقتضائه تحريم الالتزام الذي هو من أعمال القلب ، بل ما دل على تحريم البدعة ظاهر في كون موضوعه نفس العمل الخارجي إلا أنه يختص تحريمه به ولا يسري إلى بقية الأجزاء ، كي تبطل من جهة امتناع التعبد بما هو حرام. نعم إذا كان تشريعا في أمر العبادة لا في أمر الجزء كان مبطلا لها ، لفقد التعبد بالأمر الواقعي. وكذا لو كان الامتثال مقيدا بالزيادة على نحو وحدة المطلوب. لكنه ليس من محل الكلام. وصحيح أبي بصير منصرف إلى زيادة الركعة أو محمول على ذلك ، بقرينة ما دل على عدم قدح زيادة الجزء سهوا ، الموجب لرفع اليد عن إطلاقه على كل حال. والمصحح ظاهر في السهو ، فيجب حمله على زيادة الأركان ، لعدم قدح زيادة غيرها سهوا. مع أن المروي في الوسائل والكافي : زيادة : « ركعة » بعد « المكتوبة » (٢) فيختص بزيادة الركعة. والتعليل في مصحح زرارة لا يخلو من إجمال ، لما عرفت : من أن سجدة العزيمة ليست زيادة في الصلاة ، لعدم قصد الجزئية بها. وخبر الأعمش ـ مع ضعفه في نفسه ـ ظاهر في الزيادة على ما افترضه الله سبحانه ـ أعني : الركعتين ـ لا مطلق الزيادة.
هذا ولكن الانصاف منع دعوى : الانصراف إلى الركعة في الصحيح ورفع اليد عن إطلاقه في الزيادة السهوية ـ في غير الركن ـ لا يوجب حمله
__________________
(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب صلاة المسافر حديث : ٨.
(٢) راجع الوسائل باب : ١٩ من أبواب الخلل حديث : ١ وباب : ١٤ من أبواب الركوع حديث : ١ ، والكافي باب السهو في الركوع حديث : ٣.
______________________________________________________
على الركعة ، فإنه خلاف أصالة الإطلاق (١) وظهور المصحح في السهو غير ظاهر. ومفهوم الاستيقان أعم من السهو. وزيادة : « ركعة » ـ في رواية الكافي ـ إنما هي في رواية زرارة المروية في باب السهو في الركوع ، لا في رواية زرارة وبكير المروية في باب من سها في الأربع والخمس ، بل هي مروية فيه خالية عن كلمة « ركعة » وكذا في التهذيب في باب : « من شك فلم يدر أثنتين صلى أم ثلاثا »؟. وأما ما في الوسائل فالظاهر أنه خطأ. إلا أن يقال : لو بني على كونهما روايتين يتعين الجمع العرفي بينهما بحمل المطلق على المقيد ، كما أشرنا إلى ذلك في مبحث الالتفات من فصل القواطع.
ولو كانت رواية واحدة فاما أن يبنى على تقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة ، أو يبنى على تعارضهما. وكيف كان لا مجال للعمل بالرواية الخالية عن ذكر الركعة. وإشكال التعليل ـ في مصحح زرارة ـ لا يمنع من ظهوره في قدح الزيادة ، إذ غاية الأمر أن يكون تطبيق الزيادة على السجود للعزيمة تطبيقا ادعائيا ، وذلك لا ينافي كون حكم الزيادة العمدية هو الابطال. وضعف خبر الأعمش ربما تمكن دعوى انجباره بشهرة الحكم بين المتأخرين ، بل قيل : ربما يستشعر من كلماتهم كونه من المسلمات.
فتأمل. وحمله على إرادة الزيادة على الركعتين خلاف إطلاقه. كما أن تخصيصه بما دل على عدم وجوب الإعادة في الجاهل ـ وبعض صور الناسي ـ لا يقدح في وجوب العمل بظاهره في غيرهما. ومنه يظهر قوة ما في المتن ، وضعف ما قد يظهر من جماعة كثيرة ، إذ لم يتعرضوا لقدح مطلق الزيادة.
__________________
(١) يمكن أن يقال ـ في تقريب الانصراف من العمد ـ : إنه لما كان لسانه لسان التشريع الابتدائي ـ أعني : حدوث التشريع بعد العدم ـ فالفعل الواقع المأخوذ موضوعا له ـ بقرينة التعبير بالإعادة فيه ـ مفروض وقوعه قبل التشريع ، ولا بد أن يكون في غير حال العلم. فاذا كانت صورة العلم خارجة عنه بالانصراف ، وصورة السهو خارجة عنه بحديث : « لا تعاد .. » ونحوه تعين تخصيصه بالركن أو الركعة. إلا أن يقال : الفعل الصادر قبل التشريع لا يشمله عموم التشريع ، وإنما يختص بما يكون بعد التشريع. ( منه مد ظله ).