الرسائل الأربع - ج ٣

عدّة من الأفاضل

الرسائل الأربع - ج ٣

المؤلف:

عدّة من الأفاضل


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٢

التي تقع بين الناس فيما يرجع فيه إلى القضاة ، كدعوى أنّ فلاناً مديون وإنكار الطرف ، ودعوى أنه وارث ونحو ذلك ، وفيما يرجع فيه إلى الولاة والأمراء كالتنازع الحاصل بينهما لأجل عدم أداء دينه أو إرثه بعد معلوميته ، وهذا النحو من المنازعات مرجعها الأمراء ، فإذا قتل ظالم شخصاً من طائفة ، ووقع النزاع بين الطائفتين ، لا مرجع لرفعه إلّا الولاة ، ومعلوم أنّ قوله «في دين أو ميراث» من باب المثال ، والمقصود استفادة التكليف في مطلق المنازعات ، واستفسار المرجع فيها ، ولهذا أكّد الكلام لرفع الإبهام بقوله : «فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة» ومن الواضح عدم تدخّل الخلفاء في ذلك العصر ، بل مطلقاً في المرافعات التي ترجع إلى القضاة وكذلك العكس. فقوله ـ عليه‌السلام ـ : «من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت» انطباقه على الولاة أوضح ، بل لو لا القرائن لكان الظاهر منه خصوص الولاة ، وكيف كان لا إشكال في دخول الطغاة من الولاة فيه ، سيّما مع مناسبات الحكم والموضوع ، ومع استشهاده بالآية التي هي ظاهرة فيهم في نفسها ، بل لو لا ذلك يمكن أيضاً أن يقال بالتعميم ، للمناسبات المغروسة في الأذهان ، فيكون قوله بعد ذلك : «فكيف يصنعان؟» استفساراً عن المرجع في البابين ، واختصاصه بأحدهما سيّما بالقضاة في غاية البعد لو لم نقل بأنّه مقطوع الخلاف. وقوله ـ عليه‌السلام ـ «فليرضوا به حكماً» تعييناً للحاكم في التنازع ، فليس لصاحب الحقّ الرّجوع إلى ولاة الجور ولا إلى القضاة ، ولو توهِّم من قوله ـ عليه‌السلام ـ : «فليرضوا» اختصاصه بمورد تعيين الحكم ، فلا شبهة في عدم إرادة خصوصه ، بل ذكر من باب المثال ، وإلّا فالرجوع إلى القضاة الّذي هو المراد جزماً لا يعتبر فيه الرضا من الطرفين.

فاتّضح من جميع ذلك أنّه يستفاد من قوله ـ عليه‌السلام ـ : «فإنّي قد جعلته حاكماً» أنّه ـ عليه‌السلام ـ قد جعل الفقيه حاكماً فيما هو من شئون القضاء وما هو من شئون الولاية ، فالفقيه وليّ الأمر في البابين ، وحاكم في القسمين ، سيّما مع عدوله ـ عليه‌السلام ـ عن قوله «قاضياً» إلى قوله «حاكماً» فإنّ الأوامر أحكام ، فأوامر الله ونواهيه أحكام الله تعالى ، بل لا يبعد أن يكون القضاء أعمّ من قضاء القاضي وأمر الوالي وحكمه ، قال تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ...) الأحزاب ـ ٣٦).

وكيف كان لا ينبغي الإشكال في التعميم. بل يمكن الاستشهاد بأنّ المراد من القضاء المربوط بالقضاة غير ما هو مربوط بالسلطان ، بمشهورة أبي خديجة «... فإنّي قد جعلته عليكم قاضياً ، وإيّاكم أن يخاصم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر».

٢٢١

فإنّ الظاهر من صدرها إلى قوله ـ عليه‌السلام ـ «قاضياً» هي المنازعات التي يرجع فيها إلى القضاة ، ومن تحذيره بعد ذلك من الإرجاع إلى السلطان الجائر ، وجعله مقابلاً للأوّل بقوله ـ عليه‌السلام ـ : «وإيّاكم ...» هي المنازعات التي يرجع فيها إلى السلطان لرفع التجاوز والتّعديّ لا لفصل الخصومة. انتهى (كتاب البيع : ٢ / ٤٧٩ و ٤٨٠).

هذا وإنّ الإمام الخميني (ره) جعل العمدة في لزوم الحكومة والولاية هو حكم العقل ، وأنّ ما هو دليل الإمامة بعينه دليل على لزوم الحكومة بعد غيبة وليّ الأمر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ قال (ره) في كتاب البيع : ٢ / ٤٦١ : «إنّ الأحكام الإلهيّة سواء الأحكام المربوطة بالماليات أو السياسيّات أو الحقوق لم تنسخ ، بل تبقى إلى يوم القيامة ، ونفس بقاء تلك الأحكام يقضي بضرورة حكومة وولاية تضمن حفظ سيادة القانون الإلهيّ وتتكفّل لإجرائه ، ولا يمكن إجراء أحكام الله إلّا بها ، لئلّا يلزم الهرج والمرج ، مع أنّ حفظ النظام من الواجبات الأكيدة ، واختلال أمور المسلمين من الأمور المبغوضة ، ولا يقوم ذا ، ولا يسدّ عن هذا إلّا بوال وحكومة. مضافاً إلى أنّ حفظ ثغور المسلمين عن التهاجم وبلادهم عن غلبة المعتدين واجب عقلاً وشرعاً ، ولا يمكن ذلك إلّا بتشكيل الحكومة ، وكلّ ذلك من أوضح ما يحتاج إليه المسلمون ، ولا يعقل ترك ذلك من الحكيم الصانع ، فما هو دليل الإمامة بعينه دليل على لزوم الحكومة ، بعد غيبة وليّ الأمر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيّما مع هذه السنين المتمادية ... فهل يعقل من حكمة الباري الحكيم إهمال الملّة الإسلاميّة وعدم تعيين تكليف لهم؟ أو رضي الحكيم بالهرج والمرج واختلال النّظام؟ ولم يأت بشرع قاطع للعذر لئلّا تكون للنّاس عليه حجّة.

وما ذكرناه وإن كان من واضحات العقل ، فإنّ لزوم الحكومة لبسط العدالة والتعليم والتربية وحفظ النظم ورفع الظلم وسدّ الثغور والمنع عن تجاوز الأجانب من أوضح أحكام العقول من غير فرق بين عصر وعصر أو مصر ومصر ، ومع ذلك فقد دلّ عليه الدّليل الشرعيّ أيضاً ...».

وقال (ره) في ص ٤٦٤ : «أمّا في زمان الغيبة فالولاية والحكومة وإن لم تجعل لشخص خاصّ ، لكن يجب بحسب العقل والنقل أن تبقيا بنحو آخر لما تقدّم من عدم إمكان إهمال ذلك ، لأنّهما ممّا تحتاج إليه الجامعة الإسلامية ...» وقال (ره) في ص ٤٦٦ : «فالعقل والنقل متوافقان في أنّ الوالي لا بدّ وأن يكون عالماً بالقوانين وعادلاً في النّاس وفي إجراء الأحكام ، وعليه فيرجع أمر الولاية إلى الفقيه العادل وهو الّذي يصلح لولاية المسلمين ...» انتهى المراد من

٢٢٢

كلامه (ره).

تعليقة ص : ٥٧ ، س : ١٥ الثَّاني ـ قوله : ... وربَّما يزيد في العسر والحرج.

أجيب عنه بأنّ : المسافرة إلى المجتهد ليست من الأمور التي لا تعرف سهولتها وصعوبتها كما لا يخفى.

تعليقة ص : ٥٨ ، س : ٣ الرابع ـ قوله : ... مِن قبيل دوران الأمر ...

قيل : إنّ المقصود بيان تكليف المجتهد وأنّه بأيّ شيء يفتي لا تكليف المقلّد ، فإنّه يجب استظهار الحال من السؤال عن المجتهد الناصب على أيّ حال ، والظاهر أنّ المرجع فيه نظر الناصب ، ولو للقاعدة المشار إليها من الأخذ بالقدر المتيقّن ، أو لأنّ الطرق المخالفة لرأيه غير فاصلة للقضاء كما هو الشأن في جميع الأُمور المختلفة.

تعليقة ص : ٥٨ ، س : ١٠ السَّابع ـ قوله : ... وأمّا عدم جواز نقضهِ وعدم ...

قيل : إنّ العقل إنمّا يستقل بأنّ قضاء المقلّد في جميع الفروض المتقدمة ، فائدته رفع الفتنة والفساد ومحافظة الحقوق فحسب ، وأمّا حرمة النقض أو عدم جواز تجديد المرافعة ، فهي أُمور ثابتة من الأدلّة الشرعية.

تعليقة ص : ٥٨ ، س : ١٥ ـ قوله : ... واختلال النّظام.

الأُمور السّبعة المذكورة في التنبيه مقتبسة من رسالة القضاء للميرزا حبيب الله الرشتي (ره) الجزء الأوّل باب : ما يختصّ بأحكام المقلّد المنصوب للقضاء (ص ٦٠ ـ ٦١ ـ ٦٢ ـ ٦٣).

تعليقة ص : ٩٢ ، س : ١٧ ـ قوله : الميزَة الثانية من حكم الحاكم الإسلاميّ.

قال الإمام الخميني (ره) في تحرير الوسيلة ـ ج (١) كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ ختام فيه مسائل ـ مسألة (٢) / ٤٨٢ :

في عصرِ غيبَة وليّ الأمر وسلطان العصر عجَّل الله فرجه الشريف يقوم نوّابُه العامَّة

٢٢٣

ـ وهم الفقهاء الجامعُونَ لشرائط الفتوى والقضاء ـ مقامَه في إجراء السِّياسات وسائر ما للإمام ـ عليه‌السلام ـ إلّا البدأة بالجهاد.

وقال (ره) في كتاب البيع : ٢ / ٤٦٧ : فللفقيه العادل جميع ما للرّسول والأئمة ـ عليهم‌السلام ـ ممّا يرجع إلى الحكومة والسّياسة ، ولا يعقل الفرق لأنّ الوالي ـ أيّ شخص كان ـ هو مجري أحكام الشريعة والمقيم للحدود الإلهيّة ، والآخذ للخراج وسائر الماليّات والمتصرّف فيها بما هو صلاح المسلمين ، فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يضرب الزّاني مائة جلدة ، والإمام ـ عليه‌السلام ـ كذلك والفقيه كذلك ، ويأخذون الصّدقات بمنوال واحد ، ومع اقتضاء المصالح يأمرون الناس بالأوامر التي للوالي وتجب إطاعتهم». وقال (ره) في موضع آخر ص ٤٨٩ : «ما ثبت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام ـ عليه‌السلام ـ من جهة ولايته وسلطنته ثابت للفقيه ، وأمّا إذا ثبت لهم ـ عليهم‌السلام ـ من غير هذه النّاحية فلا ، فلو قلنا بأنّ المعصوم ـ عليه‌السلام ـ له الولاية على طلاق زوجة الرّجل أو بيع ماله ، أو أخذه منه ولو لم يقتض المصلحة العامّة لم يثبت ذلك للفقيه». وقال (ره) : في ص ٤٦٦ : «ولا يلزم من ذلك أن تكون رتبتهم كرتبة الأنبياء أو الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ فإنّ الفضائل المعنويّة أمر لا يشاركهم ـ عليهم‌السلام ـ فيه غيرهم». وقال (ره) في ص ٤٩٦ و ٤٩٧ : «إنّ للفقيه جميع ما للإمام ـ عليه‌السلام ـ إلّا إذا قام الدّليل على أنّ الثابت له ـ عليه‌السلام ـ ليس من جهة ولايته وسلطنته ، بل لجهات شخصيّة تشريفاً له ، أو دلّ الدّليل على أنّ الشيء الفلاني وإن كان من شئون الحكومة والسّلطنة ، لكن يختصّ بالإمام ـ عليه‌السلام ـ ولا يتعدّى منه ، كما اشتهر ذلك في الجهاد غير الدّفاع ، وإن كان فيه بحث وتأمُّل.

تعليقة ص : ٩٦ ، س : ٦ ـ قوله : الرابع ... لعدم التفاوت بين الاجتهادَين ...

قيل : البحث هنا في جهة كشف الامارة عن الواقع لا في جهة حجيّتها ، وجهة الكشف عن الواقع لا تصلح للجعل والتعبّد ، لأنّه (الكشف) من الأُمور الحقيقيّة الوجدانيّة ، وما هو صالح لهما إنمّا هو جهة الحجيّة لعدم المنع عقلاً من تنزيل الامارة الغير التّامة الكشف عن الواقع ، منزلة القطع في الحجّية.

وما يمكن أن يقال من أنّ لوازم الامارات واجبة الاتّباع ، فحينئذ إذا دلّت الامارة على حكم فبالملازمة يحرم نقيضها الّذي هو مدلول الامارة الأُخرى ، مدفوع ، بأنّ ذلك إنمّا هو في ظرف إحراز الامارة لا قبل إحرازها ، فإنّ حجيّة الدّليل تابعة لإحرازه ووصوله ، وقد أُحرز سابقاً ،

٢٢٤

فلا معنى لسقوطه عن الحجيّة في ظرف إحرازه ، ثمّ بعد العثور على الدّليل اللّاحق ، كان هو الحجّة في حقّه لأنّه المحرز فعلاً.

تعليقة ص : ٩٧ ، س : ٧ ـ قوله : ... كما في مورد «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس».

خصّ الشّيخ النائيني (ره) حديث «لا تعاد» بالنّاسي وحكم بعدم شموله للجاهل بدعوى أنّ الجاهل بوجوب شرط أو جزء التارك له ، عامد ، ومن المعلوم أنّ العامد مخاطب بخطاب (اقرأ) ، مثلاً : إن كانت السورة واجبة وقد تركها والمخاطب بخطاب أعد أو لا تعد هو الناسي بعد التفاته إذ يستحيل انبعاثه نحو العمل حال نسيانه ـ قال السيد الخوئي (ره) ـ ولكن أجبنا عن هذا سابقاً في محلّه بأنّ الجاهل وإن كان قسماً من العامد فلا يخاطب بالخطاب المذكور حينما هو تارك ، إلّا أنّه بعد فراغه عن العمل أو بعد تجاوز محلّ التدارك لا مانع من توجيه هذا الخطاب إليه وهذا ظاهر. (الرأي السّديد في الاجتهاد والتقليد والاحتياط والقضاء ، تقريراً لأبحاث آية الله السيّد الخوئي (ره) بقلم الشيخ عرفانيان : ٢٢).

تعليقة ص : ١٠٦ ، س : ١٣ ـ قوله : ... وصار الأساس في الفتوى والحكم ...

يقول السيّد محمّد رشيد رضا في تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار ـ ج ٢ ص ٨٢ وما بعدها ، نقلاً عن أستاذه الشيخ محمّد عبده : ولما تصدّى بعض العلماء في القرن الثاني والثالث لاستنباط الأحكام واستخراج الفروع من أصولها ـ ومنهم الأئمة الأربعة ـ كانوا يذكرون الحكم بدليله على هذا النمط ، فهم متفقون مع الصحابة والتابعين على أنّه لا يجوز لأحد أن يأخذ بقول أحد في الدّين ما لم يعرف دليله ويقتنع به.

قال الأُستاذ الإمام في الدّرس :

إنّه نقل عن الأئمة الأربعة النّهي عن الأخذ بقولهم من غير معرفة دليلهم والأمر بترك أقوالهم لكتاب الله أو سنّة رسوله إذا ظهرت مخالفة لهما أو لأحدهما. وقد سبق لنا في المنار إيراد كثير من هذه النصوص عنهم معزوّة إلى كتبها ورواتها. ـ ثمّ سرد في المنار العديد من ذلك ومنه ما قال ـ : في روضة العلماء قيل لأبي حنيفة إذا قلت قولاً وكتاب الله يخالفه؟ قال : اتركوا قولي لكتاب الله ، فقيل : إذا كان خبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخالفه؟ فقال : اتركوا قولي لقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل : إذا كان قول الصحابة يخالفه؟ قال : اتركوا قولي لقول الصحابة ـ ثمّ قال في المنار ـ وبعد هذا

٢٢٥

كلّه جاء الكرخيّ يقول : إنّ الأصل قول أصحابهم فإن وافقته نصوص الكتاب والسنّة فذاك وإلّا وجب تأويلها ، وجرى العمل على هذا ، فهل العامل به مقلّد لأبي حنيفة أم الكرخي؟ ...

وعن مالك بن أنس : إنّما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي ، فكلّ ما وافق الكتاب والسنّة فخذوه ، وكلّ ما لم يوافق الكتاب والسنّة فاتركوه ، ثمّ حذا المنتسبون إلى هذا الإمام الجليل حذو المنتسبين إلى أبي حنيفة ، فهل هم على مذهبه وطريقته القويمة؟ وأمّا الإمام الشافعيّ والإمام أحمد فالنّصوص عنهما في هذا المعنى أكثر ... (انتهى).

تعليقة ص : ١٢١ ، س : ٣ ـ قوله : التقليد اصطلاحاً ـ ج ـ كلام المحقّق الخراساني.

وقيل : «قد يجعل المانع من تفسيره بالعمل محذور الدّور ، ضرورة سبق كلّ متوقّف عليه ، على ما يتوقّف عليه ، فلو توقفت صحّة العمل على التقليد لم يعقل أن يكون هو بنفسه محقّقاً لعنوان التّقليد ، وإلّا لزم توقّف الشّيء على ما ينتزع عنه ، المتأخّر عنه وهو محال. وهذا وإن كان وجهاً للقائل بالالتزام ، إلّا أنّ الظّاهر من تعليل الماتن بقوله : «وإلّا لكان بلا تقليد ... النّظر إلى محذور خلوّ العمل الأوّل عن تقليد لا هذا ، وإلّا كان عليه أن ينبّه عليه بقوله : «وإلّا لدار» أو ما يقرب منه».

تعليقة ص : ١٢٢ ، س : ٥ ـ قوله : التقليد اصطلاحاً هو نفسه لغةً ...

هذا وقيل : الظّاهر أنّ مقصود جمع ممّن فّسروه بالأخذ تارة والقبول أُخرى ، هو العمل أيضاً ، لشيوع إطلاقهما عليه ، كما في الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين في قوله ـ عليه‌السلام ـ «بأيّهما أخذت من باب التّسليم وسعك» و «الأخذ بما اشتهر بين أصحابك ، وبقول الأفقه والأصدق والأوثق من الحاكمين» كما في المقبولة ، وما ورد في الرّجوع إلى بعض أجلّة الأصحاب. وكذا الحال في لفظ القبول ، كقوله ـ عليه‌السلام ـ في المقبولة : «فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ...» فإنّ القبول هو العمل بالحكم في مقابل الردّ الّذي هو ترك العمل به وفرضه كالعدم.

مثلاً : إذا حكم الحاكم بكون يوم الجمعة أوّل شوّال ولم يفطر النّاس فيه ، اعتماداً عليه ، فقد نقضوا حكمه ، فقبول الحكم هو الإفطار استناداً إليه ، لا إلى السفر ونحوه ، فالإفطار المستند إلى السّفر أجنبيّ عن الحكم ونقض له ، ولذا يشكل قصر الصلاة فيه ، لكون هذا

٢٢٦

السفر مصداقاً للسّفر المحرّم.

وعليه ، فلا ينبغي إنكار ظهور القبول ـ كالأخذ ـ في العمل. ولو سلّمنا عدم ظهورهما فيه وكونهما أعمّ من الالتزام والعمل ، فاللازم إرادة خصوص العمل منهما حملاً للظّاهر على النّص أو الأظهر ، وهو العمل الّذي فسّر به التّقليد ، أو حملاً للمطلق على المقيّد بعد التّنافي المتحقّق لأجل قبوله للزّيادة والنّقيصة. هذا وإنّ سيرة العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم ـ وسيأتي البحث عنها في المسألة الثانية في جواز التقليد ـ تقتضي كون التّقليد بمعنى العمل ، إذ ليس بناؤهم على الالتزام القلبيّ بقول أهل الخبرة ـ كما قيل ـ.

تعليقة ص : ١٢٢ ، س : ١٢ ـ قوله : قلت : لم يَرِدْ عنوان التَّقليد في ...

قال صاحب الوسائل في خاتمتها ج (٢٠) / ٥٩ ـ ٦٠ «ونروي تفسير الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ ـ عليهما‌السلام ـ ، بالأسناد ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن المفيد عن الصّدوق ، عن محمّد بن القاسم المفسّر الاسترآباديّ عن يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن محمّد بن سيّار ـ قال الصّدوق والطبرسي : وكانا من الشيعة الإمامية ـ عن أبويهما ، عن الإمام ـ عليه‌السلام ـ ، وهذا التفسير ليس هو الّذي طعن فيه بعض علماء الرّجال ، لأنّ ذاك يروي عن أبي الحسن الثالث ـ عليه‌السلام ـ وهذا عن أبي محمّد ـ عليه‌السلام ـ ، وذاك يرويه سهل الدّيباجيّ عن أبيه ، وهما غير مذكورين في سند هذا التّفسير أصلاً. وذاك فيه أحاديث من المناكير ، وهذا خال من ذلك وقد اعتمد عليه رئيس المحدّثين ابن بابويه ، فنقل منه أحاديث كثيرة في كتاب «من لا يحضره الفقيه» وفي سائر كتبه ، وكذلك الطبرسي وغيرهما من علمائنا.

تعليقة ص : ١٣٥ ، س : ١٩ ـ قوله : ... من باب تطبيق الآية على المصداق ...

قال العلّامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي (ره) في ميزانه : ١ / ٤١ و ٤٢ بعد ما ذكر روايات عديدة ـ في تفسير «الصّراط المستقيم» من سورة الفاتحة ـ في أنّه أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ أو الإمام المفترض الطّاعة أو أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ أو حبّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته ـ عليهم‌السلام ـ : «أقول : وفي هذه المعاني روايات أُخر ، وهذه الأخبار من قبيل الجري وعدّ المصداق للآية ، واعلم أنّ الجري (وكثيراً ما نستعمله في هذا الكتاب) اصطلاح مأخوذ من قول أئمة أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ ففي تفسير العيّاشي عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا جعفر ـ عليه‌السلام ـ

٢٢٧

عن هذه الرواية «ما في القرآن آية إلّا ولها ظهر وبطن ، وما فيه حرف إلّا وله حدّ ولكلّ حدّ مطّلع» ما يعني بقوله لها ظهر وبطن؟ قال ـ عليه‌السلام ـ : «ظهره تنزيله وبطنه تأويله ، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما تجري الشّمس والقمر ، كلّما جاء منه شيء وقع» ـ الحديث ـ وفي هذا المعنى روايات أُخر ، وهذه سليقة أئمّة أهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ فإنّهم ـ عليهم‌السلام ـ يطبّقون الآية من القرآن على ما يقبل أن ينطبق عليه من الموارد وإن كان خارجاً عن مورد النزول ، والاعتبار يساعده ، فإنّ القرآن نزل هدى للعالمين يهديهم إلى واجب الاعتقاد وواجب الخلق وواجب العمل ، وما بيّنه من المعارف النظريّة حقائق لا تختصّ بحال دون حال ولا زمان دون زمان ، وما ذكره من فضيلة أو رذيلة أو شرّعه من حكم عمليّ ، لا يتقيّد بفرد دون فرد ، ولا عصر دون عصر لعموم التّشريع ، وما ورد من شأن النّزول ، لا يوجب قصر الحكم على الواقعة لينقضي الحكم بانقضائها ويموت بموتها ، لأنّ البيان عامّ والتّعليل مطلق فإنّ المدح النّازل في حقّ أفراد من المؤمنين أو الذمّ النّازل في حقّ آخرين ، معلّلاً بوجود صفات فيهم ، لا يمكن قصرهما على شخص مورد النّزول مع وجود عين تلك الصّفات في قوم آخرين بعدهم ، وهكذا ، والقرآن أيضاً يدلّ عليه ، قال تعالى : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ) المائدة ـ ١٦) وقال : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ* لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) حم السجدة ٤١ ـ ٤٢) ، وقال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) الحجر ـ ٩) والرّوايات في تطبيق الآيات القرآنية عليهم ـ عليهم‌السلام ـ أو على أعدائهم أعني : روايات الجري ، كثيرة في الأبواب المختلفة ، وربّما تبلغ المئين ... (انتهى) وراجع الميزان : ١٤ / ٢٥٧.

تعليقة ص : ١٩٥ ، س : ١٨ حول الملاحظة على كلام السيّد الحكيم (ره)

الظاهر منافاته لما تقدَّم منه (حفظه الله) في الملاحظة على الوجهِ الثاني والثالث للجواز.

تعليقة ص : ٢٠٩ ، س : ٦ ـ قوله : خاتمة المطاف ـ (و) التقيَّة.

عن سالم أبي خديجة عن أبي عبد الله ـ عليه‌السلام ـ قال : سأله إنسان وأنا حاضِر فقال : ربَّما دَخَلتُ المسجد وبعض أصحابنا يصلّون العصر وبعضهم يصلّي الظّهر ، فقال ـ عليه‌السلام ـ : أنا أمرتهم بهذا ، لو صلّوا على وقت واحد عُرفُوا فأُخذوا برقابهم» الوسائل ج ٣ الباب ٧ من أبواب المواقيت ح ٣ ص ١٠١. وراجع ج ١٧ / ٥٠٣ ـ الباب ١٣ من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ح ٣ والباب ٥ من أبواب ميراث الأعمام والأخوال ح ٢ ص ٥٠٨.

٢٢٨

فهرس الرسالة الثالثة

«القول المفيد في الاجتهاد والتقليد»

مقدمة للأستاذ المحاضر سماحة الشيخ جعفر السبحاني ـ مد ظله ـ........................ ٣

مقدمة المؤلف.................................................................... ٤

الأركان الثلاثة لإدارة المجتمع....................................................... ٥

الأول : السائس والحاكم...................................................... ٦

الثاني : القاضي والفاصل للخصومات.......................................... ٧

الثالث : المفتي والمجتهد........................................................ ٨

الفصل الأوّل

الاجتهاد

الاجتهاد لغة واصطلاحا......................................................... ١٣

أحكام الاجتهاد................................................................ ١٦

الحكم الأول : جواز عمل المجتهد برأي نفسه................................... ١٦

الحكم الثاني : حرمة رجوع المجتهد إلى الغير.................................... ١٦

الحكم الثالث : جواز رجوع العامي إلى المجتهد وتقليده........................... ١٩

الحكم الرابع : نفوذ قضاء المجتهد وحكمه...................................... ٢٤

ما هو الدليل على نفوذ حكم المجتهد المطلق؟.............................. ٢٥

٢٢٩

مقبولة عمر بن حنظلة.................................................. ٢٦

مشهورة ابي خديجة..................................................... ٣١

المشهورة الأخرى لأبي خديجة............................................ ٣٣

ما قد يورد على المشهورة في شمولها للمتجزي............................... ٣٤

حصيلة البحث............................................................ ٣٦

في تصدي المقلد للقضاء : وفيه ثلاثة مقامات...................................... ٣٨

١ ـ استقلال المقلد في القضاء................................................ ٣٩

٢ ـ في نصب المجتهد المقلد للقضاء............................................ ٤٩

قضاء المقلد عند الاضطرار.............................................. ٥٥

٣ ـ في توكيل المقلد للقضاء.................................................. ٥٨

الاجتهاد التجزئي............................................................... ٦١

في إمكان الاجتهاد التجزئي................................................. ٦١

في أحكام المتجزي.......................................................... ٦٤

فيما يتوقف عليه الاجتهاد....................................................... ٦٦

الترتيب المنطقي لإعمال الادلة............................................... ٧١

في التخطئة والتصويب...................................................... ٧٦

الاجتهاد والازمنة والامكنة................................................... ٨٤

دور الحاكم في رفع التزاحم بين الأحكام الاولية................................. ٩١

في تبدل رأي المجتهد........................................................ ٩٥

العمل بالأمارة لاستكشاف كيفية التكليف.................................... ٩٦

الاجتهاد في عصر الصحابة والتابعين............................................ ١٠٣

شبهة حول الاجتهاد الدارج في عصرنا والجواب عنها............................... ١١٠

٢٣٠

الفصل الثاني

التقليد

التقليد لغة وإصطلاحا......................................................... ١١٩

في جواز التقليد ، وفيه مقامين.................................................. ١٢٨

الأول : ما يصح للعامي أن يعتمد عليه في أمر التقليد......................... ١٢٨

الثاني : ما يمكن أن يعتمد عليه المجتهد في جواز التقليد........................ ١٣١

١ ـ آية النفر........................................................ ١٣٢

٢ ـ آية السؤال....................................................... ١٣٤

٣ ـ الروايات الإرجاعية................................................ ١٣٦

فكرة إنكار الاجتهاد في عصر الأئمّة ـ عليهم السلام ـ......................... ١٣٨

الآيات الناقية للتقليد.......................................................... ١٤١

١ ـ الآيات الذامة للتقليد.................................................. ١٤١

٢ ـ الآيات الذامة لاتباع الظن.............................................. ١٤٢

٣ ـ الآيات التي تنكر عمل أهل الكتاب..................................... ١٤٣

في وجوب تقليد الأعلم وعدمه.................................................. ١٤٦

ما هي وظيفة العامي في مسألة تقليد الأعلم؟................................ ١٤٩

ما هو مقتضي الأدلة عند المجتهد؟.......................................... ١٤٩

ما هو مقتضي الأدلة في مسألة تقليد الأعلم؟................................ ١٥٠

ما هو مقتضي الأدلة الاجتهادية............................................ ١٥٢

ما هو المراد من الأعلم..................................................... ١٥٩

إذا شك في اختلافهما في الفتوى........................................... ١٦٢

في وجوب الفحص عن الاعلم............................................. ١٦٤

التبعيض في التقليد........................................................ ١٦٦

٢٣١

في تقليد الميت ابتداء.......................................................... ١٦٧

أدلة المجوزين.............................................................. ١٧٣

١ ـ إطلاق الآيات والروايات........................................... ١٧٣

٢ ـ سيرة العقلاء..................................................... ١٧٤

٣ ـ التمسك بالاستصحاب........................................... ١٧٤

مضاعفات تقليد الميت السلبية............................................. ١٨٠

في البقاء على تقليد الميت...................................................... ١٨٣

جواب لسيدنا الأستاذ ـ قدس سره ـ......................................... ١٨٦

اشتراط التعلم في جواز البقاء............................................... ١٨٧

العدول من تقليد مجتهد إلى آخر................................................ ١٩٢

العدول من الحي إلى الحي.................................................. ١٩٣

إذا قلد من يقول بحرمة العدول حتى إلى الأعلم............................... ١٩٧

في عدول المجتهد عن رأية او تبدل الاجتهاد....................................... ١٩٩

خاتمة المطاف : في تعارض الروايات.............................................. ٢٠١

أسباب التعارض.......................................................... ٢٠٢

١ ـ التقطيع في الروايات من قبل الرواة عنهم ـ عليهم السلام ـ............... ٢٠٢

٢ ـ رعاية عادة بلد السائل............................................ ٢٠٣

٣ ـ الافتاء مراعاة لمصلحة السائل....................................... ٢٠٤

٤ ـ الدس في الروايات................................................. ٢٠٤

٥ ـ النقل بالمعنى مع عدم ضبط الراوي.................................. ٢٠٧

٦ ـ التقية........................................................... ٢٠٨

التعليقات.................................................................... ٢١١

فهرس محتويات الرسالة......................................................... ٢٢٩

٢٣٢