الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-152-1
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٢٩
وإن كان مكلّفا [بالسقي] مع عدم القطع ، كان تكليف ما لا يطاق.
وإيجاب المقدّمة ليس مخالفة الظاهر ، لأنّ المخالفة هي إثبات ما ينفيه اللفظ ، أو نفي ما يقتضيه.
أمّا إثبات ما لا يتعرّض له اللفظ بنفي أو إثبات ، فلم يكن إيجابها لدليل منفصل مخالفة للظاهر ، بخلاف تخصيص وجوب العمل بحال إيجاب المقدّمة ، دون حال عدمها ، لأنّ ذلك يخالف ما يقتضيه اللفظ من وجوب الفعل.
قال أبو الحسين : لو كان ترك الشرط مباحا ، لكان الامر كأنّه قال للمأمور : أبحت لك عدم الإتيان بالشرط ، وأوجبت عليك الفعل مع عدم الإتيان بما لا يتمّ إلّا به ، وذلك تكليف ما لا يطاق (١).
اعترض (٢) بأنّ الوجوب المشروط إذا كان مطلقا ، لم يلزم من إباحة الشّرط أن يكون التكليف بالمشروط حالة عدم الشرط ، فإنّ عدمه غير لازم من إباحته ، بل حالة عدم وجوب الشرط ، وفرق بين الأمرين ، فلا يكون التكليف بالمشروط تكليفا بالمحال.
وأيضا لو كان التكليف بالمشروط حالة عدم الشرط محالا ، فالتكليف بالمشروط مشروط بوجود الشرط ، وكلّ ما وجوبه مشروط بشرط ، فالشرط لا يكون واجب التحصيل لما سبق (٣).
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٩٥ باختلاف يسير.
(٢) المعترض هو أبو الحسن الآمدي.
(٣) الإحكام : ١ / ٨١. وقد ذكر في آخر كلامه بأنّه لا جواب عمّا ذكره من الإشكال ، وقد تنظر في كلامه المصنّف مشعرا بالإجابة عنه.
وفيه نظر ، لأنّ التكليف بالمطلق يقتضي إيقاع الفعل على كلّ حال ، وليس مقيّدا ، إذ التقدير ذلك ، فعلى تقدير إباحة الشرط يجوز تركه ، فحينئذ يكون مكلّفا بالفعل على تقدير الترك ، ويلزم منه تكليف ما لا يطاق.
ولا يلزم من استحالة التكليف بالمشروط حال عدم الشرط ، كون التكليف بالمشروط مشروطا بوجود الشرط ، كالعلّة والمعلول.
وقوله : «لو كان التكليف بالمشروط حالة عدم الشرط محالا» يشعر بعدم امتناعه ، وهو خطأ ، فإنّ المشروط حال عدم الشرط محال ، فيمتنع التكليف به.
واعترض أبو الحسين نفسه : بأنّ الأمر بالصّعود إن كان مشروطا بنصب السّلّم لم يكن الأمر متوجّها إلى المكلّف إذا لم يكن السّلّم منصوبا ، فلا يلزمه نصبه ، وإن كان غير مشروط بوجود السّلّم ، كان تكليف ما لا يطاق.
وأجاب : بأنّ المعقول من قولهم : «الأمر بالصّعود مشروط بنصب السّلّم» ليس إلّا أنّه يتناول المأمور عند نصب السّلّم ، ولا يتناوله عند عدمه ، وهو موضع النّزاع.
لأنّا نقول : الأمر يتناول المأمور ، سواء كان السّلّم منصوبا أو لا ، وليس [في ذلك] (١) تكليف ما لا يطاق ، لأنّ الأمر اقتضى وجوب نصب السّلّم ، وهو ممكن [للمكلّف]. (٢)
__________________
(١) ما بين المعقوفتين يوجد في المصدر.
(٢) المعتمد : ١ / ٩٥.
فروع
الأوّل : فرّق السيّد المرتضى بين السّبب وغيره ، باستحالة إيجاب المسبّب بشرط اتّفاق وجود السبب ، فإنّه متى وجد السّبب ، وجب وجود مسبّبه ، إلّا مع المانع ، ويستحيل أن يكلّف بالفعل بشرط وجود الفعل ، وليس كذلك مقدّمة الفعل ، فإنّه يجوز أن يكلّف بالصّلاة بشرط أن يكون قد فعل الطهارة ، كما في الزّكاة والحجّ.
وإذا كان إيجاب المسبّب إيجابا لسببه ، فإباحة المسبّب إباحة للسّبب ، وكذا تحريمه ، وبالجملة أحكام المسبّب ، متعدّية إلى السّبب ، وليست أحكام السّبب من إباحة أو حظر أو إيجاب ، متعدّية إلى المسبّب ، لأنّه يمكن مع وجود السبب ، المنع من المسبّب (١).
[الفرع] الثاني : فرّق آخرون بين الشرط وغيره ، كترك الأضداد في الواجب ، وفعل ضدّ في المحرّم ، وغسل جزء من الرأس ، فأوجب الشرط دون غيره ، لأنّه لو لم يجب الشرط لم يكن شرطا ، وفي غيره لو استلزم الواجب وجوبه ، لزم تعلّق الموجب له ، ولم يكن تعلّق الوجوب (٢) لنفسه ، ولامتنع التصريح بغيره ، ولعصى بتركه ، ولصحّ نفي المباح ، كما ذهب إليه البلخي (٣) ، إذ لا يمكن ترك الحرام إلّا به ، ولوجبت نيّته.
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٨٥ باختلاف يسير.
(٢) في «ب» : تعلق الموجب.
(٣) تقدّمت ترجمته ص ٣٦٧.
قال الآخرون : لو لم يجب ما يتوقّف عليه الفعل ، سواء كان شرطا أو غيره ، لصحّ دونه ، ولما وجب التوصّل إلى الواجب ، والتوصّل واجب بالإجماع.
أجابوا : بأنّ المراد بقولكم : «لا يصحّ لأنّه واجب» إن كان أنّه لا بدّ منه فمسلّم ، وإن أريد مأمور به ، فلا دليل عليه ، والإجماع إن ثبت نفى الأسباب ، لما تقدّم في كلام السيّد ، أمّا غيره فلا.
[الفرع] الثالث : قسّم أبو الحسين ما لا يتمّ الواجب إلّا به جيّدا فقال : «ما لا يتمّ العبادة إلّا به ضربان : أحدهما كالوصلة والطّريق المتقدّم على العبادة ، والآخر ليس كذلك.
والأوّل ضربان : أحدهما يجب بحصوله حصول ما هو طريق إليه ، والآخر لا يجب ، فالأوّل كالأمر بإيلام زيد ، فإنّه لا طريق له إلّا الضرب ، وهو يستلزم الألم في البدن الصحيح.
والثاني ضربان : أحدهما يحتاج إليه العبادة شرعا ، كاحتياج الصّلاة إلى الطهارة ، والثاني يحتاج إليه عقلا كالقدرة ، والألم ، وقطع المسافة ، إلى أقرب الأماكن [من عرفة] (١) وهذا قسمان : منه ما يصحّ من المكلّف تحصيله ، كقطع المسافة ، وإحضار بعض الآلات ، ومنه ما لا يصحّ كالقدرة.
والثاني ، وهو ما لا يكون وصلة فقسمان : أحدهما إقدام على الفعل ، والآخر الإخلال بفعل.
والأوّل ضربان : أحدهما أن يصير فعله لازما لأجل أنّ المأمور به اشتبه به كالصلاة المنسيّ بعينها ، فإنّه يجب عليه الخمس ، لأنّه لا يتمكّن مع الالتباس أن
__________________
(١) ما بين المعقوفتين يوجد في المصدر.
يحصل له يقين الإتيان بما في ذمّته إلّا الجميع ، والثاني ألا يتمكّن من فعل العبادة إلّا بفعل شيء آخر لما بينهما من المقاربة ، كستر جميع الفخذ ، فإنّه لا يتمكّن إلّا مع ستر بعض الرّكبة ، وغسل جميع الوجه ، فإنّه لا يمكن إلّا مع غسل جزء من الرأس.
وأمّا الإخلال ، فهو أن يتعذّر عليه ترك الشيء إلّا عند ترك غيره ، كالمشتبه بغيره وهو ضربان : أحدهما أن يكون قد تغيّر في نفسه ، والآخر ألا يكون قد تغيّر في نفسه ، فالأوّل نحو اختلاط النجاسة بالماء الطاهر ، وقد اختلف الفقهاء هنا.
فمنهم من حرّم استعمال الماء على كلّ حال ، ولم يجعلها مستهلكة ، واختلفوا في الأمارة الدالّة على استهلاكها.
ومنهم من جعلها مستهلكة ، واختلفوا في الأمارة الدالّة على استهلاكها ، فبعضهم قال : هي تغيّر الماء ، ومنهم من قال : [هي] كثرة الماء ، واختلفوا في قدر الكثرة : فمنهم من قدّرها بكرّ ، ومنهم من قدّر بقلّتين ، إلى غير ذلك.
وأمّا ما لا يتغيّر مع الالتباس ، فإنّه يشتمل على مسائل.
منها : أن يشتبه الإناء النجس بالطّاهر ، والفقهاء اختلفوا في جواز التجرّي وعدمه.
ومنها : أن يوقع الطّلاق على امرأة من نسائه ، ثمّ تذهب عليه عينها ، والوجه تحريم الكلّ ، تغليبا للحرمة على الحلّ ، وهو اختيار قاضي القضاة. (١)
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٩٣ ـ ٩٤ باختلاف يسير.
[الفرع] الرابع : إذا اختلطت منكوحة بأجنبيّة ، قال قوم : وجب عليه الكفّ عنهما ، لكنّ الحرام هي الأجنبيّة ، والمنكوحة حلال.
وهو ضعيف ، لأنّ الحلّ هو رفع الحرج ، فلا يجامع الحرمة ، لتناقضهما ، بل هما حرامان ، لكنّ الأجنبيّة حرام لكونها أجنبيّة ، والاخرى لعلّة الاشتباه بالأجنبيّة.
[الفرع] الخامس : لو قال لزوجاته : إحداكنّ طالق ، احتمل إباحة وطئهنّ أجمع ، لأنّ الطّلاق أمر معيّن ، فيفتقر إلى محلّ معيّن ، فقبل التعيين لا يقع الطّلاق في واحدة منهنّ ، لعدم الاختصاص ، ويكون الموجود قبل التعيين ليس الطّلاق ، بل أمرا له صلاحيّة التأثير في الطلاق ، عند اتّصال البيان به.
وإذا ثبت أنّه قبل التعيين لم يوجد الطّلاق ، وكان الحلّ ثابتا قبل الطلاق ، وجب القول ببقائه ، فيحلّ وطء الجميع.
ويحتمل تحريم الجميع إلى وقت البيان ، تغليبا لجانب الحرمة.
لا يقال : الله تعالى يعلم ما سيعيّنه ، فتكون هي المحرّمة في علم الله تعالى ، وإنّما هو مشتبه عندنا.
لأنّا نقول : الله تعالى يعلم الشيء على ما هو عليه ، وقبل التعيين لا يعلم معيّنا ، لعدم المطابقة ، بل يعلمه غير متعيّن في الحال ، ويعلم أنّه في المستقبل سيتعيّن.
هذا إن قلنا بصحّة الطّلاق ، وإن قلنا ببطلانه ، فالنكاح مباح في الجميع.
[الفرع] السادس : واختلفوا في الواجب الّذي لا يتقدّر بقدر [معيّن]
كمسح الرّأس ، والطمأنينة في الركوع إذا زاد على قدر الأقلّ ، هل توصف الزّيادة بالوجوب؟
قال قوم : نعم ، لأنّ نسبة الأمر إلى الكلّ ، واحدة ، والأمر في نفسه أمر واحد هو أمر إيجاب ، ولا يتميّز البعض عن البعض ، فالكلّ امتثال.
والحقّ عدمه ، لأنّ الواجب ما لا يجوز تركه ، وهذه الزّيادة يجوز تركها ، فلا تكون واجبة.
المبحث الثّاني : في أنّ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه أم لا؟
اعلم أنّ هنا أمرين : أحدهما لفظ ، والآخر معنى.
أمّا اللفظ فلا يستقيم الخلاف عند من لا يرى للأمر صيغة ، وأمّا من يرى أنّ للأمر صيغة ، فلا خلاف في التغاير.
فإنّي أظنّ أنّ أحدا لا يذهب إلى اتّحاد الصّيغتين ، إذ لا شكّ في المغايرة بين قولنا «قم» وبين قولنا : «لا تقعد».
فيجب ردّ الخلاف إلى المعنى ، وهو أنّ قوله : «قم» هل له مفهومان : أحدهما طلب القيام ، والثاني ترك القعود؟
وعلى تقدير الدّلالة على المفهومين ، فهل المفهومان متّحدان ، أو متغايران؟
وأمّا المعنى ، فهو مذهب القائلين بالكلام النفسي ، وهو أنّ طلب القيام هل هو بعينه طلب ترك القعود أم لا؟ وهذا لا يمكن فرض الخلاف فيه في حقّ
الله تعالى ، فإنّ كلامه عند الأشاعرة واحد ، هو أمر ، ونهي ، ووعد ، ووعيد ، فلا يتطرّق إليه الغيريّة.
أمّا في حقّنا ، فهل طلب الحركة ، غير كراهة السّكون وطلب تركه ، أم لا؟
وإذا عرفت هذا فنقول : اختلف القائلون بالكلام النّفساني وهم الأشاعرة ، فمنهم من قال : الأمر بالشيء نهي عن ضدّه بعينه ، وإنّ طلب الفعل هو بعينه طلب ترك أضداده ، لأنّ الأمر هو عين النّهي ، واختاره القاضي (١) أخيرا.
ومنهم من منع ذلك مطلقا ، وهو اختيار الجويني (٢) والغزّالي (٣).
وقال بعضهم : إن جوّزنا تكليف ما لا يطاق ـ كما هو مذهب أبي الحسن الأشعري ـ فالأمر بالفعل لا يكون عين النّهي عن أضداده ، ولا ملزوما لها ، بل جاز أن يأمر بالفعل وبضدّه في الحالة الواحدة ، فضلا عن كونه غير منهيّ عنه ، وإلّا كان مستلزما.
ومنهم من قال : الأمر بالشيء نهي عن ضدّه في الواجب دون الندب.
أمّا المعتزلة فقالوا : الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضدّه ، ولا مستلزما له ، واختاره قاضي القضاة ، والسيد المرتضى (٤).
وقال أبو الحسين : الخلاف هنا إمّا في الاسم أو المعنى ، أمّا الاسم ، بأن
__________________
(١) هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيّب الباقلاني المتوفّى سنة ٤٠٣ ه ، في التقريب والإرشاد : ٢ / ١٩٨.
(٢) البرهان في أصول الفقه : ١ / ١٨٠.
(٣) المستصفى : ١ / ١٥٥.
(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٨٦.
يسمّوا الأمر نهيا على الحقيقة ، وهو باطل ، لأنّ أهل اللّغة فرّقوا بين الأمر والنّهي في الاسم ، فسمّوا هذا أمرا وذاك نهيا.
وأمّا المعنى ، فمن وجهين : أحدهما أن يقال : إنّ صيغة «لا تفعل» وهي النهي ، موجودة في الأمر ، وهذا لا يقوله أحد ، فإنّ الحسّ يدفعه.
والثاني أن يقال : الأمر نهي عن ضدّه في المعنى ، من حيث إنّه يحرم ضدّه ، وهذا يكون من وجوه :
الأوّل : أن يقال : إنّ صيغة الأمر تقتضي إيقاع فعل ، ويمنع من الإخلال به ومن كلّ فعل يمنع من فعل المأمور به ، فمن هذه الجهة يكون محرّما لضدّ المأمور به ، وهو صحيح لما تقدّم من أنّ الأمر للوجوب.
الثاني : أن يقال : إنّ الأمر يقتضي الوجوب لدليل سوى هذا الدّليل ، فإذا تجرّد الأمر عن دلالة تدلّ على أنّ أحد أضداد المأمور به ، يقوم مقامه في الوجوب ، اقتضى قبح أضداده ، إذ كلّ واحد منها يمنع من فعل المأمور به ، وما منع من فعل الواجب ، فهو قبيح ، وهذا أيضا صحيح إذا ثبت أنّ الأمر للوجوب.
الثالث : أن يقال : إنّ الأمر يدلّ على كون المأمور به ندبا ، فيقتضي أنّ الأولى ألا يفعل ضدّه ، كما أنّ النّهي على طريق التنزيه يقتضي أنّ الأولى أن لا يفعل المنهيّ عنه ، وهذا لا يأباه القائلون بأنّ الأمر للندب (١) على أنّه لو سمّي الأمر بالندب نهيا عن ضدّ المأمور به ، لكنّا منهيّين عن البيع وغيره من المباحات ، لأنّا مأمورون بأضدادها من النّدب.
__________________
(١) في المصدر : على الندب.
الرابع : أن يقال : الأمر بالشيء يقتضي حسنه ، أو كونه ندبا ، وحسن الشيء يقتضي قبح ضدّه ، وأنّ الأمر (١) يدلّ على إرادة المأمور به ، وإرادة الشيء كراهة ضدّه ، أو يتبعها لا محالة كراهة ضدّه ، إمّا من جهة الصحّة ، أو من جهة الحكمة ، والحكيم لا يكره إلّا القبيح ، وهذا كلّه باطل بالنّوافل ، فإنّها حسنة ومرادة ، وليست أضدادها قبيحة ولا مكروهة. (٢)
والأقرب أن نقول : الأمر بالشيء يستلزم كراهة ضدّه العامّ ، أعني الإخلال به ، إمّا كراهة تحريم إن قلنا : إنّ الأمر للوجوب ، أو كراهة تنزيه إن قلنا : إنّ الأمر للنّدب ، بشرط عدم الغافلة عن الضدّ العامّ.
برهانه : أنّ الوجوب ماهيّة مركّبة من قيدين : أحدهما طلب الفعل ، والثاني المنع من التّرك ، ولا يتحقّق المركّب دون تحقّق أجزائه ، فيلزم من ثبوت الأمر بالشيء ، النّهي عن تركه ، الّذي هو طلب تركه.
وأيضا ، إمّا أن يمكن اجتماع الطّلب الجازم مع الإذن بالإخلال ، أو لا ، والأوّل محال ، لاستحالة الجمع بين النّقيضين ، والثاني هو المطلوب ، فإنّا لا نعني بقولنا : «الأمر بالشيء نهي عن ضدّه» سوى ذلك.
واعلم أنّ الخلاف هنا مع نفرين (٣) : أحدهما القائلون بعدم الاستلزام ، كالغزّالي والمرتضى ، والثّاني القائلون بالاتّحاد ، كالقاضي أبي بكر.
أمّا الأوّلون ، فقد احتجّوا بأنّ الامر بالشيء ، قد يكون غافلا عن ضدّه ، والنّهي ، يستلزم الحضور ، فإن أمر ولم يكن ذاهلا عن أضداد المأمور به ، فلا
__________________
(١) كذا في المصدر ، ولكن في النّسخ الّتي بأيدينا : «أو أنّ الأمر».
(٢) المعتمد : ١ / ٩٧ ـ ٩٨.
(٣) في «أ» : مع تقريرين.
يقوم بذاته زجر ـ عن أضداده ـ مقصود (١) إلّا من حيث يعلم أنّه لا يمكن فعل المأمور به إلّا بترك أضداده ، فيكون ترك أضداد المأمور به ، لزمه بحكم ضرورة الوجود ، لا بحكم ارتباط الطلب به ، حتّى لو تصوّر على الاستحالة ، الجمع بين القيام والقعود إذا قيل له : «قم» فجمع ، كان ممتثلا ، لأنّه لم يؤمر إلّا بإيجاد القيام ، وقد أوجده.
قال الغزّالي : من ذهب إلى هذا المذهب لزمه فضائح الكعبي (٢) حيث أنكر المباح وقال : وما من مباح إلّا وهو ترك لحرام ، فهو واجب ، فيلزمه وصف الصّلاة بأنّها حرام ، إذا ترك بها الزكاة الواجبة.
ثمّ اعترض على نفسه : بأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب ، ولا يتوصّل إلى شيء إلّا بترك ضدّه. فيكون واجبا.
وأجاب : بأنّه واجب ، وإنّما الخلاف في إيجابه هل هو عين إيجاب المأمور به أو غيره؟ (٣).
والجواب : المنع من إيجاب الشيء حال الغافلة عن تركه ، لما بيّنا من أنّ الوجوب ماهيّة مركّبة من أمرين : أحدهما المنع من الترك ، فلا يتحقّق من دونه ، أمّا الأضداد الوجوديّة ، فإنّه يمكن الغافلة عنها ، وتلك لا تنافي الشيء لذاتها ، بل لكونها مستلزمة عدم ذلك الشيء ، فالمنافاة بالذّات ، إنّما هي بين الشيء وبين ذلك اللّازم ، أمّا بينه وبينها ، فإنّها بالعرض.
__________________
(١) وصف لزجر.
(٢) تقدّمت ترجمته ص ٣٨٩.
(٣) المستصفى : ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦.
سلّمنا أنّ الامر بالشيء قد يكون غافلا عن ضدّه ، كما أنّ الأمر بالصّلاة أمر بمقدّماتها وإن غفل عنها ، فليجز هنا مثله ، على أنّ هذا إنّما يرد على من قال : الأمر بالشيء نهي عن ضدّه مطلقا ، أمّا نحن حيث قيّدنا ذلك بشرط حضور الضدّ فلا.
والعجب أنّ الغزالي حكم بأنّ الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضدّه ، ولا يتضمّنه ، ولا يستلزمه ، ومع ذلك أجاب عن اعتراضه بما ذكره. والإلزام القطعيّ إنّما يتمّ لو قلنا : إنّ المباح منهيّ عنه لذاته ، أمّا إذا قلنا : إنّه منهيّ عنه لما يستلزم من ترك الواجب فلا امتناع عنه (١).
ولا استبعاد أيضا في تحريم الصّلاة إذا استلزمت ترك واجب آخر وإن كانت واجبة لذاتها ، لإمكان اجتماع الوجوب والتحريم بالنظر إلى جهتين ، على أنّا نمنع وجوب ما يمنع واجبا آخر.
وأمّا القاضي أبو بكر فقد استدلّ بوجهين :
الأوّل : السكون عين ترك الحركة ، كما أنّ شغل الجوهر بحيّز انتقل إليه عين مفارقته للحيّز المنتقل عنه ، والقرب من المغرب عين البعد من المشرق ، فهو فعل واحد له إضافتان : إحداهما القرب بالنسبة إلى المشرق ، والاخرى البعد بالنّسبة إلى المغرب ، وكون واحد بالإضافة إلى حيّز شغل وإلى آخره تفريغ.
وإذا كان السّكون عين ترك الحركة ، كان طلب السكون عين ترك (٢) الحركة ، فهو طلب واحد ، بالإضافة إلى السّكون أمر ، وإلى الحركة نهي.
__________________
(١) في «ب» و «ج» : فلا امتناع فيه.
(٢) في «ب» : عين طلب ترك.
الثاني : لو لم يكن إيّاه ، لكان ضدّا ، أو مثلا ، أو خلافا ، لأنّهما إمّا أن يتساويا في صفات النّفس أو لا ، والأول المثلان ، والثاني إمّا أن يتنافيا بأنفسهما ، أو لا ، والأوّل الضدّان ، والثاني المختلفان.
ولو كان كانا مثلين ، أو ضدّين ، لم يجتمعا ، ولو كانا خلافين ، جاز وجود أحدهما مع ضدّ الآخر وخلافه ، لأنّه حكم الخلافين ، ويستحيل الأمر مع ضدّ النهي عن ضدّه ، وهو الأمر بضدّه ، لأنّهما نقيضان أو تكليف بغير الممكن. (١)
والجواب عن الأوّل : بالمنع من الاتّحاد ، وكيف لا والحركة والسكون أمران وجوديّان ، فعدم أحدهما ليس هو وجود الآخر.
وعن الثاني : لا يلزم من الخلاف جواز الانفكاك بأن يوجد أحدهما مع ضدّ الآخر ، وإن جاز ذلك في بعض الصور ، أمّا في الجميع فلا.
تذنيب
من الناس من طرد البحث في النّهي فقال : «النّهي عن الشيء أمر بضدّه» وهو اختيار القاضي أبي بكر (٢) لما تقدّم في وجهه ، وبأنّ النهي طلب ترك فعل ، والترك فعل الضدّ ، فيكون أمرا بالضدّ.
وقد تقدّم الجواب عن الوجهين.
وعن الثالث : بالمنع من كون الترك فعلا ، ولو سلّم ، رجع النزاع لفظيّا.
__________________
(١) لاحظ التقريب والإرشاد : ٢ / ٢٠٢ ـ ٢٠٤.
(٢) التقريب والإرشاد : ٢ / ٢٠٠.
والتحقيق : أنّ النّهي طلب الإخلال بالشيء ، وهو يستلزم الأمر بما لا يصحّ الإخلال بالمنهيّ عنه إلّا معه ، فإن كان للمنهيّ عنه ضدّ واحد ، ولا يمكن الانصراف عنه إلّا إليه ، كان النّهي دليلا على وجوبه بعينه ، وإن كان له أضداد كثيرة لا يمكن الانصراف عنه إلّا إلى واحد منها ، كان النّهي في حكم الأمر بها أجمع على البدل.
المبحث الثالث : في أنّه ليس تحقّق العقاب على الترك شرطا في الوجوب
هذا مذهب القاضي أبو بكر (١) خلافا للغزّالي (٢) لوجهين :
الأوّل : العفو عندنا جائز على ما بيّناه في علم الكلام ، فلو كان العقاب على الترك شرطا في الواجب ، كان العفو عنه غير واجب ، وهو باطل بالإجماع.
الثاني : الواجب يتحقّق عند المنع من الإخلال ، ويكفي فيه ترتّب الذمّ على تركه وإن لم يحصل عقاب.
ومن العجب أنّ الغزّالي زيّف حدّ الواجب بأنّه الّذي يعاقب على تركه ، ورجّح أنّه الّذي يذمّ على تركه ، ثمّ ذكر عقيبه بلا فصل : إنّ الوجوب ماهيّته لا تتحقّق إلّا بترجيح الفعل على الترك ، والترجيح لا يحصل إلّا بالعقاب (٣).
وهذا تناقض ظاهر.
__________________
(١) التقريب والإرشاد : ١ / ٢٩٣.
(٢) المستصفى : ١ / ١٢٧.
(٣) المستصفى : ١ / ١٢٧ ـ ١٢٩ ؛ ولاحظ المنخول : ٢٠٦.
المبحث الرابع : في أنّ الوجوب إذا نسخ هل يبقى الجواز أم لا؟
اختلف الناس هنا ، فقال الغزّالي : إذا نسخ الوجوب لا يلزم [بقاء] الجواز (١).
وقال فخر الدّين الرّازي : يلزم بقاؤه (٢).
والتحقيق أن نقول : الجواز إمّا أن يعنى به الإذن في الفعل ، أو يعنى به ما يتساوى فعله وعدمه ، وخيّر فيه بينهما.
فإن أريد به الثاني ، فالحقّ مع الغزّالي ، لأنّ الوجوب والجواز حينئذ حقيقتان متضادّتان ، لا يلزم من رفع إحداهما ثبوت الاخرى ولا عدمها ، فإذا نسخ الوجوب ، بقي الحكم كما كان أوّلا قبل الوجوب ، من تحريم أو إباحة ، وصار الوجوب بالنسخ في تقدير العدم أوّلا.
وإن أريد به الأوّل ، فالحقّ ذلك أيضا.
لنا : أنّ الوجوب ماهيّة مركّبة من الإذن في الفعل والمنع من الترك ، ورفع المركّب قد يكون برفع أحد جزئيه ، وقد يكون برفعهما معا ، فرفع الوجوب تارة يوجد مع الإذن في الفعل ، إذا كان رفعه برفع المنع من الترك ، وقد لا يوجد إذا كان رفعه برفع الإذن في الفعل ، أو برفع الجزءين معا ، فنسخ الوجوب لا يستلزم بقاء الجواز.
__________________
(١) المستصفى : ١ / ١٤٢ ؛ والمنخول : ١٨٦.
(٢) المحصول في علم الأصول : ١ / ٢٩٦.
وأيضا ، الجواز الّذي جعل جزءاً من الواجب ، جنس لا يدخل في الوجود إلّا مع فصل يقوّمه ، وهو إيجاب الحرج بالترك ، كما في الوجوب ، أو برفعه ، كما في المندوب والمباح ، فيستحيل بقاؤه بدون أحد هذين القيدين ، وإذا رفع الفصل ، ارتفعت حقيقة الجنس المقيّدة به.
احتجّ فخر الدّين : بأنّ المقتضي للجواز قائم ، والمعارض الموجود لا يصلح أن يكون مزيلا ، فوجب بقاء الجواز.
أمّا أنّ المقتضي للجواز قائم ، فلأنّ الجواز جزء من الوجوب ، والمقتضي للمركّب ، مقتض لمفرداته.
أمّا الأولى ، فلأنّ الجواز رفع الحرج عن الفعل ، والوجوب رفع الحرج عن الفعل ، مع إثبات الحرج في الترك ، ولا شكّ أنّ مفهوم الأوّل جزء من الثاني.
وأمّا الثانية ، فلأنّ المركّب هو تلك المفردات ، فالمقتضي له مقتض لها.
لا يقال : المقتضي للمركّب ، مقتض لمفرداته حال اجتماعها ، فلم قلت : إنّه مقتض [لها] حالة الانفراد؟
لأنّا نقول : تلك المفردات من حيث إنّها هي ، غير ، ومن حيث إنّها مفردة ، داخلة في المركّب ، ونحن لا ندّعي أنّها من حيث هي مفردة داخلة [في المركّب] ، لتعاند قيدي الانفراد والتركيب ، بل إنّها من حيث هي هي ، داخلة في المركّب ، فالمقتضي للمركّب ، مقتض لها من حيث هي هي.
وأمّا أنّ المعارض لا يصلح مزيلا ، فلأنّ المعارض يقتضي زوال الوجوب ، والوجوب ماهيّة مركّبة ، فيكفي في زوالها ، زوال أحد قيودها ،
فيكفي في زوال الوجوب إزالة الحرج عن الترك ، ولا حاجة [فيه] إلى إزالة جواز الفعل. (١)
والجواب : أنّ ما ذكره ليس بجيّد ، للمنع من بقاء الجواز الّذي هو الجنس الشّامل للواجب والمباح ، لما بيّنا من أنّ رفع المركّب قد يكون برفع جزئيه معا ، ومن بقاء المقتضي ، لأنّ التقدير أنّه منسوخ ، فلا يبقى مقتضاه قطعا.
قوله : «يكفي زوال أحد الجزءين».
قلنا : مسلّم ، لكن لا يلزم القطع ببقاء الآخر ، لجواز أن يكون رفع المركّب برفعه ، أو برفعه مع الآخر.
المبحث الخامس : في التضادّ بين واجب الفعل وجائز الترك
هذا الحكم ظاهر ، فإنّ العقل قاض بالتضاد بينهما ، لأنّ الواجب ما لا يجوز تركه ، فكيف يجامع جائز الترك؟
ولأنّ الواجب مطلوب ، فيكون راجحا ، ولا ترجيح في المباح.
وقد خالف هنا فريقان :
أحدهما الكعبي (٢) وأتباعه ، فإنّهم قالوا : المباح واجب ، لأنّ المباح ترك الحرام ، وترك الحرام واجب ، فيكون المباح واجبا.
__________________
(١) المحصول في علم الأصول : ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧.
(٢) تقدّمت ترجمته ص ٣٦٧.
والجواب : المباح ليس عين ترك الحرام ، بل هو شيء يحصل به وبغيره ترك الحرام ، ولا يلزم من كون الترك واجبا ، أن يكون الشيء المعيّن الّذي يحصل به وبغيره الترك ، واجبا ، لتحقّق الترك بغيره (١).
اعترض : (٢) بأنّ ترك الحرام لا يتمّ إلّا بأحد أضداده الّتي من جملتها التلبّس بالمباح ، وذلك يستلزم وجوب أحد الأضداد غير معيّن قبل تعيين المكلّف له ، لكن لا خلاف في وجوبه بعد التعيين ، فما فعله المكلّف فهو واجب قطعا ، كما في الخصال ، ولا خلاص عنه إلّا بمنع وجوب ما لا يتمّ الواجب إلّا به. (٣)
وفيه نظر ، لإمكان ترك الحرام بنفي الفعل ، فإنّ الفاعل لا يجب أن يكون متلبّسا بالفعل أو بضدّه ، وقد ألزم بأمرين : أحدهما خرق الإجماع ، الدالّ على انقسام الأحكام إلى الخمسة ، الثاني كون الصلاة حراما إذا ترك بها واجبا آخر.
وله الجواب (٤) عن الأوّل بحمله على القسمة بالنسبة إلى ذات الفعل ، لا بالنسبة إلى ما يستلزمه. وعن الثاني بالتزامه ، ولا استبعاد فيه بالنظر إلى جهتين.
والتحقيق أن نقول : الواجب وغيره من الأحكام إمّا أن يعتبر على مذهب
__________________
(١) الجواب للرّازي في محصوله : ١ / ٢٩٩.
(٢) المعترض هو أبو الحسين الآمدي.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام : ١ / ٨٩ ـ ٩٠ لأبي الحسين الآمدي.
(٤) أي للرّازي أن يجيب عن الاعتراض الّذي أورده عليه الآمدي.
المعتزلة أو على مذهب الأشاعرة ، وعلى كلا التقديرين لا يلزم منه وجوب المباح.
أمّا على مذهب المعتزلة ، فلأنّ الواجب هو ما اشتمل على مصلحة خالية عن أمارات المفسدة ، بحيث لو اخلّ به المكلّف استحقّ الذّمّ ، وترك الحرام وإن كان واجبا ، لكن لا يلزم منه اشتمال (١) كلّ واحد من جزئيّاته على وجه الوجوب ، لأنّ المباح وإن حصل به ترك الحرام لا يلزم وجوبه ، لجواز اشتماله على وجه مانع عن الوجوب.
وأمّا على مذهب الأشاعرة ، فلأنّ الواجب هو ما أمر الشارع بإيقاعه أمرا مانعا من النقيض ، وترك الحرام وإن حصل بالمباح ، لكن لا يجب أن يكون مأمورا به من حيث حصول الأمر بالكليّ ، فجاز أن يكون حاصلا في جزئيّ آخر ، كواجب آخر.
الفريق الثاني جماعة من الفقهاء ، حيث حكموا بأنّ الصّوم واجب على المريض والمسافر والحائض ، وما يأتون به عند زوال العذر ، يكون قضاء لما وجب.
والحقّ ، منع ذلك ، فإنّ الوجوب ينافي جواز الترك ، بل وجوبه ثابت هنا ، فكيف يجب الفعل والترك؟
احتجّوا بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(٢).
أوجب على كلّ من شهد [الشهر] الصّوم.
__________________
(١) في «أ» : لاستلزم اشتمال.
(٢) البقرة : ١٨٥.
ولأنّه ينوي قضاء رمضان ، وتسميته قضاء ، يعطي سبق الوجوب.
ولأنّه لا يزيد عليه ، ولا ينقص منه ، فيكون بدلا عنه ، كغرامات المتلفات.
والجواب : أنّ ما ذكرتموه ظاهر ، وما ذكرناه قطعيّ ، فيكون راجحا ، لأنّ المتصوّر من الوجوب المنع من الترك ، فلو استدللنا بالظواهر والأقيسة على إثبات المنع من الترك عند تسويغه ، لكنّا قد تمسّكنا بالظنيّ على إثبات الجمع بين النقيضين.
على أنّا نمنع العموم ، والتسمية لسبق سبب الوجوب (١) لا نفسه ، والبدليّة لا تعطي وجوب المبدل عنه لو سلّمت.
فروع :
[الفرع] الأوّل : قال القاضي أبو بكر وجماعة من الأشاعرة : إنّ المندوب مأمور به ، (٢) خلافا للكرخي (٣) وأبي بكر الرّازي (٤) من الحنفيّة.
والتحقيق أن نقول : إن جعلنا الأمر حقيقة في الوجوب ، لم يكن المندوب مأمورا به حقيقة ، وإن جعلناه حقيقة في مطلق الترجيح ، كان مأمورا ، فالنزاع لفظيّ.
__________________
(١) في «ج» : والتسمية ليست سبب الوجوب.
(٢) التقريب والإرشاد : ١ / ٢٩١.
(٣) تقدّمت ترجمته ص ٢١٩.
(٤) تقدّمت ترجمته ص ٥٠٥.