السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-278-4
الصفحات: ٦١١
( الدية ) (١).
( والأُخرى ) أي الرواية الثانية :
( رواية مسمع ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : « أنّ عليّاً عليهالسلام قضى للاوّل ربع الدية ، وللثاني ثلث الدية ، وللثالث نصف الدية ، وللرابع الدية كاملة ، وجعل ذلك على عاقلة الذين ازدحموا ) (٢).
وفيهما من المخالفة للأُصول ما لا يخفى ، وإن وُجّهتا بتوجيهات زعم موافقتهما بها معها ، لكنّها في التحقيق لا تفيد توفيقاً ، كما صرّح به جماعة من أصحابنا (٣) ، ولذا تركنا ذكرها.
( و ) مع ذلك ( في سند الأخيرة ) منهما ( إلى مسمع ضعف ) بعدّة ضعفاء ( فهي ساقطة ) عن درجة الاعتبار لا حجة فيها قطعاً.
( و ) أمّا ( الأُولى ) فيشكل التمسك بها أيضاً ؛ لما مضى ، إلاّ أنّها ( مشهورة ) شهرةً لا يمكن دفعها ، واستفاض نقلها في كلام كثير من أصحابنا (٤) ، بحيث إنّه لا رادّ لها ( و ) زاد جماعة منهم فادّعوا أنّ ( عليها فتوى الأصحاب ) كافّة ، كما في ظاهر العبارة وغيرها (٥) ، أو أكثرهم كما في الروضة وغيرها (٦) ، فإن بلغت الشهرة إجماعاً ، وإلاّ فالتمسك بالرواية
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٨٦ / ٣ ، الفقيه ٤ : ٨٦ / ٢٧٨ ، التهذيب ١٠ : ٢٣٩ / ٩٥١ ، إرشاد المفيد ١ : ١٩٦ ، المقنعة : ٧٥٠ ، الوسائل ٢٩ : ٢٣٧ أبواب موجبات الضمان ب ٤ ح ٢.
(٢) الكافي ٧ : ٢٨٦ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٣٩ / ٩٥٢ ، الوسائل ٢٩ : ٢٣٦ أبواب موجبات الضمان ب ٤ ح ١.
(٣) انظر الروضة ١٠ : ١٦٨ ، مجمع الفائدة ١٤ : ٢٧٦ ، كشف اللثام ٢ : ٤٩١.
(٤) منهم المحقق في الشرائع ٤ : ٢٥٩ ، والعلاّمة في التحرير ٢ : ٢٦٧ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٩٨.
(٥) التنقيح الرائع ٤ : ٤٨٩ ، غاية المرام ٤ : ٤٣٨.
(٦) الروضة ١٠ : ١٦٨ ؛ وقال في المسالك ٢ : ٤٩٨ .. وعمل بمضمونها جماعة منهم ، أي الأصحاب.
مشكل وإن صحّ سندها ؛ لكونها قضية في واقعة لا عموم لها ، فيحتمل اختصاصها بواقعة اقترنت بأُمور أوجبت الحكم بما فيها.
وبنحو هذا يجاب أيضاً عن الرواية الأخيرة لو سلّم سندها ، والشهرة ليست بحجة بنفسها ما لم تكن إجماعاً ، أو تقترن برواية واضحة الدلالة وإن كانت ضعيفة ، وليست كسابقتها هنا كما فرضنا ، ولذا استوجه الفاضل في التحرير (١) الرجوع إلى الأُصول في هذه الواقعة لو اتفقت في زماننا ، وهو خيرة شيخنا في الروضة أيضاً ، حيث إنّه استوجه أوّلاً ردّ الروايتين لما مضى بزيادة دعواه اشتراكاً في راوي الاولى ، ثم قال : وحيث يطرح الخبران فالمتّجه ضمان كل دية من أمسكه أجمع ؛ لاستقلاله بإتلافه (٢) ، انتهى.
واحتمله الماتن في الشرائع والفاضل في القواعد والإرشاد وغيرهما (٣) ، وقالوا بعده : وإن قلنا بالتشريك بين مباشر الإمساك والمشارك في الجذب كان على الأوّل دية ونصف وثلث ، وعلى الثاني نصف وثلث ، وعلى الرابع ثلث لا غير ، وإنّما لم يذكر هذا في الروضة لضعفه عنده ، بل وعندهم أيضاً ، كما يظهر منهم جدّاً.
واعلم : أنّ حكمهم على كل منهم بالدية لمجذوبه إنّما يتم لو كانت جنايتهم عمداً أو شبيهه ، لا خطأ.
ويضعّف بأنّ ما صدر عنهم من الجذب إنّما هو من حيث لم يشعروا به لما اعتراهم من الدهشة ، فهو كانقلاب النائم على من قتله ، فلا يكون
__________________
(١) التحرير ٢ : ٢٦٧.
(٢) الروضة ١٠ : ١٧٥.
(٣) الشرائع ٤ : ٢٥٩ ، القواعد ٢ : ٣١٩ ، الإرشاد ٢ : ٢٢٨ ، وانظر المهذّب البارع ٥ : ٢٩٧.
عمداً ولا شبيهه ، وبذلك صرّح جماعة (١) ، رادّين به من ضعّف الرواية الثانية في حكمها بأنّ الدية على العاقلة ، بناءً على زعمه كون الجناية فيها عمداً أو شبيهه ، وعلى هذا فمقتضى الأُصول أخذ الدية من العاقلة.
__________________
(١) منهم ابن فهد في المهذّب البارع ٥ : ٢٩٧ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩١.
( النظر الثالث )
( في الجناية على الأطراف ) وبيان مقادير دياتها
( ومقاصده ثلاثة : )
( الأوّل : في ) بيان ( ديات الأعضاء )
( و ) اعلم أنّ ( في شعر الرأس ) إذا جني عليه ( الدية ) كاملة.
( وكذا اللحية ) على الأظهر الأشهر بين الطائفة ، بل عليه الإجماع في الغنية (١) ؛ للنصوص المستفيضة ، منها الصحيح المروي في الفقيه والتهذيب : رجل صبّ ماءً حارّاً على رأس رجل فأسقط شعره فلا ينبت أبداً ، قال : « عليه الدية » (٢) كذا في الفقيه ، وفي التهذيب : فامتعط شعر رأسه ولحيته. ونحوه غيره (٣) من دون زيادة ولحيته.
والقوي وغيره : « في اللحية إذا حلقت فلم ينبت الدية كاملة ، فإذا نبتت فثلث الدية » (٤).
والخبر : أهرق رجل قدراً فيها (٥) مرق على رأس رجل فذهب شعره ،
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٢) الفقيه ٤ : ١١١ / ٣٧٩ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٠ / ٩٩٢ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤١ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٧ ح ٢.
(٣) الكافي ٧ : ٣١٦ / ٢٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٠ / ٩٩١.
(٤) الكافي ٧ : ٣١٦ / ٢٣ ، الفقيه ٤ : ١١٢ / ٣٨١ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٠ / ٩٩٠ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤١ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٧ ح ١.
(٥) في النسخ زيادة : ماء.
فاختصموا في ذلك إلى علي عليهالسلام فأجّله سنة فجاء فلم ينبت شعره ، فقضى عليه بالدية (١).
إلى غير ذلك من النصوص الآتي إلى بعضها الإشارة.
وقصور السند أو ضعفه منجبر بالشهرة وحكاية الإجماع المتقدمة ، فاندفع الاعتراض به على ما عدا الصحيحة.
وأمّا الاعتراض عليها بأنّ مفادها لزوم الدية في جناية شعر الرأس واللحية معاً ، وهو غير لزومها في أحدهما خاصة ، كما هو المدّعى فمندفع بابتنائه على نسخة التهذيب ، وأمّا نسخة الفقيه فقد عرفت خلوّها عن اللحية ، ولعلّها أضبط من تلك النسخة ، سيّما مع موافقتها للروايات الأُخر في المسألة ، هذا إذا لم ينبتا.
( فإن نبتا فالأرش ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ؛ لأنّه الواجب حيث لا تقدير له في الشرع.
خلافاً للحلبي والغنية (٢) ، فاختارا عشر الدية ، وحجتهما غير واضحة عدا ما في الأخير من حكاية الإجماع ، وهي هنا موهونة بلا شبهة ، ونسب في المسالك (٣) قولهما إلى النهاية ، لكن في الرأس خاصّة ، مع أنّ صريح عبارته المحكية في المختلف (٤) كظاهر العبارة وغيرها من عبائر الجماعة عدم مخالفته للقوم فيه ، واختصاص خلافه معهم في اللحية خاصّة حيث حكم فيها بثلث الدية.
__________________
(١) الفقيه ٤ : ١١٢ / ٣٨٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٦٢ / ١٠٣٥ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٢ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٧ ح ٣.
(٢) الكافي : ٣٩٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٣) المسالك ٢ : ٤٩٩.
(٤) المختلف : ٨٠١.
و ( قال ) الشيخ ( المفيد ) والصدوق (١) في موضع من المقنع : ( إن لم ينبتا فمائة دينار ) وحجتهما غير واضحة عدا ما يستفاد من الأوّل والقاضي والديلمي (٢) أنّ به رواية ، ولم نجدها ، فهي مرسلة لا يعترض بها الأدلّة المتقدمة.
وبنحوه يجاب عن مرسلة أُخرى مروية عن بعض الكتب : عن مولانا الرضا عليهالسلام أنّه قال : « من حلق رأس رجل فلم ينبت فعليه مائة دينار ، فإن حلق لحيته فلم ينبت فعليه الدية ، وإن نبت فطالت (٣) بعد نباتها فلا شيء له » (٤) مضافاً إلى شذوذها وعدم ظهور قائل بها بالمرّة.
( وقال الشيخ ) في الخلاف والنهاية والإسكافي (٥) : إنّ ( في اللحية إذا نبتت ثلث الدية ، وفي الرواية ) المتقدمة وهي القوية وغيرها وإن كان دلالة عليه إلاّ أنّه فيها (٦) ( ضعف ) بالسكوني في الأُولى ، وعدّة من الضعفاء في الثانية ، ولا جابر لهما في المسألة ، بل الشهرة التي هي العمدة في الجبر على خلافها كما عرفته ، هذا إذا كان المجني عليه ذكراً.
( وفي شعر رأس المرأة ديتها ) كملاً إذا لم ينبت كالرجل ( فإن نبت فمهرها ) (٧) ( المثل ) بلا خلاف أجده إلاّ من الإسكافي (٨) في الثاني ، فأثبت
__________________
(١) المقنعة : ٧٥٦ ، المقنع : ١٩٠.
(٢) حكاه عنهما في المختلف : ٨٠١ ، وانظر المهذّب ٢ : ٤٧٦ ، والمراسم ( ينابيع الفقهية ٢٤ ) : ١٤٨.
(٣) في « ب » : فطالب.
(٤) فقه الرضا عليهالسلام : ٣٢٠.
(٥) الخلاف ٥ : ٢١١ ، النهاية : ٧٦٨ ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : ٨٠١.
(٦) في « ح » و « س » : فيهما.
(٧) في المختصر المطبوع : فمهر مثلها.
(٨) حكاه عنه في المختلف : ٨٠١.
فيه ثلث الدية. وحجته مع شذوذه غير واضحة ، بل على خلافه الإجماع في الغنية (١) ، وفيه الحجة.
مضافاً إلى الرواية الصريحة : ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ فقال : « يضرب ضرباً وجيعاً ويحبس في محبس المسلمين حتى يستبرأ شعرها ، فإن نبت أخذ منه مهر نسائها ، وإن لم ينبت أُخذ منه الدية كاملة » قلت : فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ فقال : « إنّ شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال ، فإذا ذهب أحدهما وجب لها المهر كملا » (٢).
وقصور السند بالجهالة مجبور بالشهرة الظاهرة والمحكية ، وحكاية الإجماع المتقدمة ، وفيها الدلالة على الحكم في الأوّل أيضاً ، مع عدم خلاف فيه أجده ، وادّعى فيه أيضاً الإجماع في الغنية (٣) ، فلا شبهة فيه قطعاً ، سيّما مع استلزام ثبوت الحكم في الرجل ثبوته هنا بطريق أولى ، كما لا يخفى.
( وفي ) شعر ( الحاجبين ) معاً ( خمسمائة دينار ، وفي كل واحد مائتان وخمسون ) ديناراً ، وفاقاً للأكثر ، بل ادّعى الشهرة عليه جمع ممن تأخّر (٤) ، وفي السرائر (٥) الإجماع عليه ، وهو الحجة.
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٢) الكافي ٧ : ٢٦١ / ١٠ ، التهذيب ١٠ : ٢٦٢ / ١٠٣٦ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٤ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٠ ح ١.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٤) كالصيمري في غاية المرام ٤ : ٤٤٢ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٩٩ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٤٧.
(٥) السرائر ٣ : ٣٧٨.
مضافاً إلى الخبر : « وإن أُصيب الحاجب فذهب شعره كلّه فديته نصف دية العين مائتان وخمسون ديناراً ، فما أُصيب منه فعلى حساب ذلك » (١).
قيل : وروى عن الرضا عليهالسلام أيضاً نحو ذلك (٢).
خلافاً للمبسوط والغنية والإصباح (٣) ، فالدية كاملة ، وفي كل واحد نصفها ، وظاهر الأوّلين الإجماع عليه ، ويؤيدّه عموم النص والفتوى على أنّ فيما كان في الجسد اثنين الدية.
لكن في معارضة ذلك لما مرّ نظر ؛ لرجحانه بعمل الأكثر ، مع صراحة كل من الإجماع والخبر ، هذا ، مضافاً إلى الأصل.
وإطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق بين عود نباتهما وعدمه ، وفي الغنية والإصباح (٤) أنّ ما ذكر إذا لم ينبت شعرهما ، وإلاّ فالأرش.
وقال الديلمي : إذا ذهب بحاجبه فنبت ففيه ربع الدية ، وقد روي أيضاً أنّ فيهما إذا لم ينبت مائة دينار (٥). وقال في المختلف : والوجه عندي الحكومة فيما إذا نبت ، وهو قول الحلبي ؛ للأصل (٦).
( وفي بعضه ) أي بعض كل واحد من الشعور المذكورة ( بحسابه ) أي يثبت فيه من الدية المذكورة بنسبة مساحة محل الشعر المجني عليه إلى
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣٣٠ / ٢ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٩ أبواب ديات الأعضاء ب ٢ ح ٣.
(٢) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٨.
(٣) المبسوط ٧ : ١٥٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١ ، الإصباح ( الينابيع الفقهية ٢٤ : ٢٩٢.
(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١ ، الإصباح ( الينابيع الفقهية ٢٤ ) : ٢٩٢.
(٥) المراسم : ٢٤٥.
(٦) المختلف : ٨١٧.
محل الجميع وإن اختلف الشعر كثافةً وخفّةً ، ويدلُّ عليه مضافاً إلى الإجماع الظاهر النص المتقدم قريباً ، وحيث قلنا بالأرش فهو الثابت ولا نسبة.
وفي الشعور النابتة على الأجفان ويعبّر عنها بالأهداب أقوال ، منها : الدية كاملة مع عدم النبات ، كما في المبسوط والخلاف (١) مدّعياً عليه الوفاق.
ومنها : نصفها ، كما عن القاضي (٢) ، ولم أقف له على شاهد.
ومنها : الأرش حالة الانفراد عن الجفن ، والسقوط حالة الاجتماع ، كشعر الساعدين وغيرهما من الأعضاء الذي ليس فيه إلاّ الأرش ، بلا خلاف كما عليه الحلّي (٣) وكثير من المتأخّرين (٤) ، قالوا : لعدم دليل على التعيين ، وعدم دخوله تحت إحدى القواعد ، وهو ظاهر الماتن هنا ، حيث لم يذكر ديتها كباقي الشعور ، وهو متين لولا الإجماع المتقدم المعتضد بفتوى الأكثر كما في الروضة (٥).
واعلم أنّ المرجع في النبات وعدمه إلى أهل الخبرة ، فإن اشتبه فالمروي في بعض ما مرّ (٦) أنّه ينتظر سنة ، ثم إن لم يعد تؤخذ الدية ، ولو طلب الأرش قبلها دفع إليه ؛ لأنّه إمّا الحق أو بعضه ، فإن مضت ولم يعد أُكمل له على وفق الدية.
__________________
(١) المبسوط ٧ : ١٣٠ ، الخلاف ٥ : ١٩٧.
(٢) المهذّب ٢ : ٣٧٦.
(٣) السرائر ٣ : ٣٧٨.
(٤) انظر المختلف : ٨٠٢ ، المهذب البارع ٥ : ٣٠٦ ، المسالك ٢ : ٥٠٠.
(٥) الروضة ١٠ : ٢٠١.
(٦) راجع ص ٤٢٣.
( وفي العينين الدية ) كاملة ( وفي كل واحدة نصف الدية ) بإجماع الأُمة ، كما في صريح المسالك وظاهر الغنية (١) ، وادّعى الإجماع المطلق جماعة (٢) ، وهو الحجّة.
مضافاً إلى السنّة المستفيضة بل المتواترة عموماً فيما كان منه في الجسد اثنين ، وخصوصاً في العينين ، ففي الصحيح : « كلّ ما كان في الإنسان اثنان ففيهما دية ، وفي إحداهما نصف الدية ، وما كان واحد ففيه الدية » (٣).
والصحيح : « ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية مثل اليدين والعينين » قال : قلت : رجل فقئت عينه ، قال : « نصف الدية » الحديث (٤).
وإطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق في ذلك بين كون العين صحيحةً ، أو حولاء ، أو عمشاء ضعيفة البصر مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها ، أو جاحظة عظيمة المُقلة ، أو جهراء لا تبصر في الشمس ، أو رمداء ، أو غيرها ، وبذلك صرّح جماعة (٥) ، قالوا : أمّا لو كان عليها بياض فإن بقي معه البصر تامّاً فكذلك ، ولو نقص نقص من الدية بحسابه ، ويرجع فيه إلى رأي الحاكم.
( وفي الأجفان ) الأربعة ( الدية ) كاملة ، بلا خلاف كما في ظاهر
__________________
(١) المسالك ٢ : ٥٠٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٢) منهم العلاّمة في التحرير ٢ : ٢٧١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٨ ، وقال المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ١٤ : ٣٦١ : كأنّه الإجماع.
(٣) الفقيه ٤ : ١٠٠ / ٣٣٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٨ / ١٠٢٠ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٧ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ١٢.
(٤) الكافي ٧ : ٣١٥ / ٢٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٠ / ٩٨٩ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٣ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ١.
(٥) منهم العلاّمة في القواعد ٢ : ٣٢٤ ، والشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٠٢ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٤٨.
الشرائع وصريح الصيمري في شرحه وعن التحرير (١).
واختلفوا في كيفية التقسيط فـ ( قال ) العماني والشيخ ( في المبسوط ) (٢) ( ربع الدية في كل واحد ) وتبعهما من المتأخّرين جماعة (٣) ؛ للصحيحين المتقدمين القائلين : إنّ كل ما كان في الإنسان منه اثنان فيه الدية وفي أحدهما نصف الدية ، وفي الدلالة مناقشة ؛ لأنّ الأجفان ليست ممّا في الإنسان منه اثنان إلاّ بتكلّف أنّ جفن (٤) كل عين كواحدة ، وهو مجرّد عناية.
قيل : مع أنّ أوّلهما مقطوع ، والظن بكونه موصولاً إلى الإمام غير كافٍ في الاعتماد عليه (٥).
وفيه نظر ، فإنّ القطع فيه إنّما هو في التهذيب ، وإلاّ ففي الفقيه مسند عن أبي عبد الله عليهالسلام ، فالأولى في الجواب الاقتصار على ضعف الدلالة وزيادة عدم المقاومة لما سيأتي من الأدلّة.
( و ) قال ( في الخلاف في ) (٦) الجفن ( الأعلى ثلثا الدية وفي الأسفل الثلث ) مدّعياً عليه الإجماع والأخبار ، وتبعه الحلّي (٧) ؛ لشبهة الإجماع ، ونسبه في المبسوط (٨) إلى رواية الأصحاب.
__________________
(١) الشرائع ٤ : ٢٦٢ ، غاية المرام ٤ : ٤٤٤ ، التحرير ٢ : ٢٧٤.
(٢) حكاه عن العماني في المسالك ٢ : ٥٠٠ ، المبسوط ٧ : ١٣٠.
(٣) منهم فخر المحققين في الإيضاح ٤ : ٦٨٨ ، والشهيد الأول في اللمعة ( الروضة ١٠ ) : ٢٠٢ ، وابن فهد الحلّي في المقتصر : ٤٥٠.
(٤) كذا ، ولعلّ الأنسب : جفني. راجع الخلاف ٥ : ٢٣٦ ، والمسالك ( نشر المعارف الإسلامي ) ١٥ : ٤٠٣.
(٥) قاله في المسالك ٢ : ٥٠٠.
(٦) الخلاف ٥ : ٢٣٦.
(٧) السرائر ٣ : ٣٧٨.
(٨) المبسوط ٧ : ١٣٠.
ولم نرها ، والإجماع معارض بمثله ، بل وأجود كما يأتي ، مع وهنه هنا جدّاً ، سيّما مع مخالفة الناقل لنفسه في موضع آخر من الخلاف (١) على ما نقله عنه الماتن في الشرائع وشيخنا في شرحه (٢) ـ ( و ) قال فيه بما قاله ( في النهاية ) (٣) من أنّ ( في الأعلى ثلث الدية ، وفي الأسفل النصف ، وعليه الأكثر ) كما في كلام جمع (٤) ، بل الشهرة كما في كلام آخرين (٥) ، وعليه الإجماع في الغنية (٦) ، وهو الحجة.
مضافاً إلى بعض المعتبرة المنجبر قصور سنده أو ضعفه بالشهرة الظاهرة والمحكية حدّ الاستفاضة ، والإجماع الذي عرفته ، وفيه : « إن أُصيب شفر العين الأعلى فَشَتَرَ (٧) فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثا دينار ، وإن أُصيب شفر العين الأسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون ديناراً .. فما أُصيب منه فعلى حساب ذلك » الحديث (٨).
قيل : وكذا روي عن الرضا عليهالسلام (٩) ، وهو الأظهر ، وعليه فينقص من
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) الشرائع ٤ : ٢٦٢ ، المسالك ٢ : ٥٠٠.
(٣) النهاية : ٧٦٤.
(٤) منهم الشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٠٣ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١٤ : ٣٦٢.
(٥) كالمحقق في الشرائع ٢ : ٢٦٢ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٤٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٩.
(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٧) الشتَر : انقلاب في جفن العين. لسان العرب ٤ : ٣٩٣.
(٨) الكافي ٧ : ٣٣٠ / ٢ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٢ أبواب ديات الأعضاء ب ٢ ح ٣.
(٩) قاله في كشف اللثام ٢ : ٤٩٩.
دية المجموع سدس الدية ، وربما كان فيه منافاة لما مرّ من نفي الخلاف عن ثبوت الدية كملاً في الأجفان الأربعة ، إلاّ أن يذبّ عنه بما حكاه عن بعضٍ جماعة (١) : من أنّ هذا النقص إنّما هو على تقدير كون الجناية من اثنين أو من واحد بعد دفع أرش الجناية الأُولى ، وإلاّ فالواجب دية كاملة إجماعاً.
وفي الروضة بعد نقله عنه قال : وهذا هو الظاهر من الرواية ، لكن فتوى الأصحاب مطلقة (٢). ولنعم ما قاله.
ولا فرق بين أجفان صحيح العين وغيره حتى الأعمى ؛ للإطلاق.
ولا تتداخل دية الأجفان مع العينين لو قلعهما معاً ، بل يجب عليه ديتان ، بلا خلاف ؛ لأصالة عدم التداخل.
( وفي عين الأعور الصحيحة الدية ) دية النفس ( كاملة ) بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع في الخلاف والغنية والمختلف والتنقيح ونكت الإرشاد (٣) ، وغيرها من كتب الجماعة (٤) ، وهو الحجة.
مضافاً إلى النصوص المستفيضة ، منها زيادةً على ما مرّ في كتاب القصاص في القسم الثاني منه في قصاص الأطراف الصحيح وغيره : في عين الأعور الدية كاملة (٥).
__________________
(١) منهم الشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٠٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٩ ، والقائل هو ابن فهد في المهذّب البارع ٥ : ٣٠٩.
(٢) الروضة ١٠ : ٢٠٣.
(٣) الخلاف ٥ : ٢٣٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١ ، المختلف : ٨٠٣ ، التنقيح الرائع ٤ : ٤٩٥ ، نكت الإرشاد ٤ : ٣٧٢.
(٤) الروضة ١٠ : ٢٠٤ ، المهذّب البارع ٥ : ٣١٢ ، كشف اللثام ٢ : ٤٩٨.
(٥) التهذيب ١٠ : ٢٦٩ / ١٠٥٨ ، الوسائل ٢٩ : ١٧٩ أبواب قصاص الطرف ب ١٥ ح ٢.
ومرّ ثمّة وجه الحكمة في هذا الحكم ، وهو كون الجناية فيها في المنفعة التي هي الإبصار دون الجارحة.
ومقتضاه تقييد الحكم بما ( إذا كان العور خلقةً ، أو ذهبت ) العين الفاسدة ( بشيء من قبل الله ) تعالى ، أو من غيره حيث لا يستحق عليه أرشاً كما لو جنى عليه حيوان غير مضمون ، فلو استحق ديتها وإن لم يأخذها أو ذهبت في قصاص فنصف دية النفس ديتها كاملة ؛ للأصل العامّ ، وعدم معلومية انصراف إطلاق النصوص إلى محل البحث.
مضافاً إلى عدم الخلاف في أصل التقييد ، وإن اختلفوا فيما يستحقه في محل الفرض هل هو النصف ، أو الثلث؟ والمشهور الأوّل ، بل عليه الإجماع في كلام جمع ومنهم ابن زهرة (١) ، وهو الأصحّ ؛ عملاً بما مرّ من الأصل المجمع عليه نصّاً وفتوى من أنّ في إحدى العينين نصف الدية مطلقا ، خرج منه عين الأعور بآفة أو خلقة بما تقدم ، فيبقى ما نحن فيه تحته مندرجاً ، مع أنّه لا خلاف فيه إلاّ من الحلّي (٢) ، حيث حكم بالثاني ، وهو شاذّ ، بل على خلافه الإجماع في المختلف والتنقيح وغيرهما (٣) ، وحكما كسائر المتأخرين بأنّ ذلك منه وهم ، وبيّنوا وجهه بما لا طائل مهمّاً في ذكره.
( وفي خسف ) العين ( العوراء ) أي الفاسدة ( روايتان ) وقولان ( أشهرهما ) على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة (٤) حدّ الاستفاضة ،
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٢) السرائر ٣ : ٣٨٠.
(٣) المختلف : ٨٠٣ ، التنقيع الرائع ٤ : ٤٩٥ ، المهذّب البارع ٥ : ٣١٣.
(٤) منهم المحقق في الشرائع ٤ : ٢٦٢ ، والشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٠٥ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٤ : ٤٩٦.
الصحيح : إنّ « في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي الحرّ وأُنثييه ( ثلث الدية ) (١) » أي ديتها حال كونها صحيحة ، كما صرّح به جماعة (٢) ، وادعّى عليه (٣) الإجماع في الغنية (٤).
وفي الثانية : أنّ فيه ربع الدية (٥) ، وعمل بها المفيد والديلمي (٦) مطلقا ، والحلبي وابن زهرة (٧) فيما إذا كان الجناية عليها بإذهاب سوادها أو طبقها بعد أن كانت مفتوحة ، وادّعى الأخير فيه إجماع الإمامية ، فإن تمّ ، وإلاّ فالرواية مع أنّها مطلقة ضعيفة وإن تعدّدت ، فلا تكافئ السابقة مع صحتها وشهرتها ، وشذوذ هذه وندرتها ، بل في الشرائع (٨) أنّها متروكة.
ولا فرق هنا بين كون العور خلقةً ، أو بآفة من الله تعالى ، أو جناية جانٍ استحق عليه ديتها ، بلا خلاف ، إلاّ من الحلّي (٩) ، ففرّق وحكم بتمام ديتها خمسمائة دينار فيما عدا الأخير ، وبثلثها فيه ، نافياً الخلاف عن الأوّل.
وهو غريب ، ولذا خطّأه المتأخّرون ونسبوه إلى الوهم كالسابق ،
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣١٨ / ٦ ، الفقيه ٤ : ٩٨ / ٣٢٥ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٠ / ١٠٦٢ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٦ أبواب ديات الأعضاء ب ٣١ ح ١.
(٢) منهم الشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٠٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٨.
(٣) في « ن » زيادة : وعلى أصل الثلث.
(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٥) الكافي ٧ : ٣١٨ / ٨ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٠ / ١٠٦١ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٤ أبواب ديات الأعضاء ب ٢٩ ح ٢.
(٦) المقنعة : ٧٦٠ ، المراسم : ٢٤٤.
(٧) الكافي في الفقه : ٣٩٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٨) الشرائع ٤ : ٢٦٢.
(٩) السرائر ٣ : ٣٨٢.
قالوا : وسبب خطائه سوء فهمه لكلام الشيخ.
أقول : وربما يشير إلى فرقه الصحيح : عن رجل قطع لسان رجل أخرس ، فقال : « إن كان ولدته امّه وهو أخرس فعليه ثلث الدية ، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فإنّ على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه ، وكذلك القضاء في العينين والجوارح ، هكذا وجدناه في كتاب علي عليهالسلام » (١).
لكنّه صرّح في العور خلقةً بثلث الدية ، ولم يقل به ، نعم لفظ « الثلث » ساقط في الفقيه ، وإنّما هو في نسخة الكافي والتهذيب ، فيحتمل كونه شاهداً له بالنسخة الأخيرة ، لكن ليس فيها قوله : « وكذلك القضاء » الذي هو محل الاستدلال ، فلا شاهد فيه لما ذكره ، ومجرّد دلالته على الفرق بين الصورتين في الجملة غير نافع له مع مخالفته لما حكم به من تمام الدية ، مع أنّه من الآحاد التي ليست عنده بحجة.
ومن هنا ظهر شذوذ هذه الصحيحة ، وعدم ظهور قائل بها بالمرّة ، كما صرّح به بعض الأجلّة (٢).
فالعجب من شيخنا في المسالك والروضة وغيره (٣) كيف استدلّوا بها للمختار مضافاً إلى الصحيحة السابقة.
( وفي الأنف ) إذا استؤصل ( الدية ) كاملة ( وكذا لو قطع مارنه ) وهو ما لان منه ونزل عن قصبته ، بلا خلاف في الأخير أجده ، والنصوص
__________________
(١) الكافي ٧ : ٣١٨ / ٧ ، الفقيه ٤ : ١١١ / ٣٧٦ ، التهذيب ١٠ : ٢٧٠ / ١٠٦٣ ، الوسائل ٢٩ : ٣٣٦ أبواب ديات الأعضاء ب ٣١ ح ٢.
(٢) وهو الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٩.
(٣) المسالك ٢ : ٥٠٠ ، الروضة ١٠ : ٢٠٥ ، وانظر غاية المرام ٤ : ٤٤٥.
به مع ذلك مستفيضة ، ففي الصحيح والموثّق وغيرهما : « في الأنف إذا قطع المارن الدية » (١).
وعلى الأشهر في الأوّل أيضاً ؛ للأصل ؛ وعموم ما مرّ من النصوص في أنّ ما في الإنسان منه واحد فيه الدية (٢) ، والأنف بتمامه منه بلا شبهة.
وخصوص الصحيح وغيره : « في الأنف إذا استؤصل جدعه (٣) الدية » (٤).
وقريب منهما الموثّق « في الأنف إذا قطع الدية كاملة » (٥)
خلافاً للمحكي عن المبسوط والمهذّب والوسيلة (٦) ، فقالوا : إنّ الدية فيه إنّما هو للمارن خاصّة ، وفي الزائد الحكومة ، وهو خيرة التحرير وشيخنا في الروضة (٧) ، ولعلّه لعدم دليل على أنّ دية الاستئصال غير (٨) دية المارن ، وليس في أدلّة المشهور عموماً وخصوصاً سوى أنّ فيه الدية ، أمّا أنّها له أو للمارن فليس فيها عليه دلالة ، فيحتمل كونها لأجل المارن خاصّة.
وفيه نظر ؛ فإنّ وجه الدلالة في أدلّتهم إنّما هو ظهورها في أنّ الاستئصال الدية خاصّة ، لا مع زيادة الحكومة لما قطع من القصبة ، كما هو
__________________
(١) الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٤ ، ٦ ، ١٠.
(٢) في ص ٤٢٨.
(٣) في النسخ والتهذيب : جذعه ، وما أثبتناه هو الأنسب.
(٤) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٦ / ٩٧٢ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٥.
(٥) الكافي ٧ : ٣١٢ / ٧ ، التهذيب ١٠ : ٢٤٧ / ٩٧٦ ، الوسائل ٢٩ : ٢٨٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١ ح ٧.
(٦) المبسوط ٧ : ٩٥ ، المهذّب ٢ : ٤٨٢ ، الوسيلة : ٤٤٧.
(٧) التحرير ٢ : ٢٦٩ ، الروضة ١٠ : ٢٠٧.
(٨) ليست في « ب ».
مقتضى قول المبسوط ومن تبعه (١).
ويمكن أن يقال : إنّ غاية أدلّة المشهور ثبوت الدية ، وليس فيه ما ينفي الحكومة ؛ إذ ليس فيها مقام حاجة يمكن إثباتها بذلك ، والدليل على ثبوتها أنّ الزائد على المارن جارحة ذهبت زيادة عليه ، وديته لا يقع شيء منها في مقابلتها ، فالاكتفاء بها يستلزم تفويت تلك الجارحة عليه من دون بدل ، وهو غير جائز ، فما ذكروه أقوى ، فتأمّل جدّاً.
وموضع الخلاف ما لو قطع المارن والقصبة معاً ، أمّا لو وقع التفريق في جنايتهما ثبت للقصبة الحكومة زيادةً على دية المارن قولاً واحداً.
وفي حكم قطع الأنف ما أشار إليه بقوله : ( أو كسر ففسد ) بلا خلاف يظهر فيه ( و ) لا في أنّه ( لو جبر على غير عيب فـ ) ديته ( مائة دينار ) بل على الأخير الإجماع في الغنية (٢).
( وفي شلله ) وهو فساده ( ثلثا ديته ) صحيحاً ، وفي قطعه أشل ثلث الدية ، بلا خلاف في شيء من ذلك أجده ، بل على الأوّل الإجماع عن المبسوط والخلاف (٣) ، وهو الحجة المؤيدة بثبوت مثل الحكم في شلل اليد والرجل والأصابع.
ويدلُّ على الأخير بعض النصوص : « كل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح » (٤) وفيه تأييد ما للحكم في سابقه ، فتدبّر.
( وفي الحاجز نصف الدية ) إذا استؤصل ، ومستنده غير واضح وإن
__________________
(١) في غير « ن » زيادة : دون المشهور.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٣) المبسوط ٧ : ١٣١ ، الخلاف ٥ : ٢٣٨.
(٤) الكافي ٧ : ٣٣٠ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ٢٥٤ / ١٠٠٤ ، الوسائل ٢٩ : ٣٤٥ أبواب ديات الأعضاء ب ٣٩ ح ١.
أفتى به الأكثر كما في كلام جمع (١).
نعم في كتاب ظريف المروي بعدّة طرق معتبرة : « فإن قطعت روثة الأنف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية » (٢).
وهو يصح مستنداً بناءً على ما عليه الماتن وابن عمّه والفاضل في القواعد والتحرير والإرشاد (٣) : من تفسير الروثة بالحاجز ، ولم يثبت ، بل المعروف عند أهل اللغة أنّها الأرنبة أو طرفها حيث يقطر الرعاف ، والأرنبة عندهم طرف الأنف ، ويسمّون الحاجز بالوَتَرة ، وسمّي في الكتاب المذكور بالخيشوم.
قيل (٤) : وروى عن الرضا عليهالسلام أيضاً ، وهو صريح في أنّ المراد بالروثة فيه ليس الحاجز ، ومع ذلك ففيه في نسخة الكافي تفسيرها بطرف الأنف (٥) ، كما عليه أهل اللغة ، وقريب منه ما قاله الصدوق : من أنّها مجمع المارن (٦).
والأجود وفاقاً للّمعة وشرحها (٧) الحكم في الحاجز بالثلث ؛ عملاً بالأصل ، والقاعدة في تقسيط الدية على أجزاء العضو الذي ثبتت فيه
__________________
(١) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٩ ، ونسبه في المسالك ٢ : ٥٠١ ، ومجمع الفائدة ١٤ : ٣٦٦ إلى المشهور.
(٢) الكافي ٧ : ٣٣١ / ٢ ، الفقيه ٤ : ٥٧ / ١٩٤ ، الوسائل ٢٩ : ٢٩٣ أبواب ديات الأعضاء ب ٤ ح ١.
(٣) الشرائع ٤ : ٢٦٣ ، الجامع للشرائع : ٥٩٣ ، القواعد ٢ : ٣٢٤ ، التحرير ٢ : ٢٦٩ ، الإرشاد ٢ : ٢٣٧.
(٤) انظر كشف اللثام ٢ : ٤٩٩.
(٥) الكافي ٧ : ٣٣١.
(٦) الفقيه ٤ : ٥٧.
(٧) اللمعة والروضة البهية ١٠ : ٢٠٨.
بالنسبة ، والمارن الموجب لها مشتمل عليه وعلى المنخرين ، وحكى هذا الفاضل في القواعد (١) قولاً ، لكن قيل : إنّه لم نعرف له قائلاً (٢).
أقول : غير بعيد كونه الحلّي ، فإنّه قال بعد الحكم بأنّ في الأنف وكذا مارنه الدية ما لفظه : وفيما نقص منه بحساب ذلك (٣). وهو ظاهر فيما ذكرناه من رجوعه هنا إلى القاعدة التي قدّمناها.
( وفي أحد المنخرين نصف الدية ) على قول الشيخ في المبسوط مدّعياً أنّه مذهبنا ، قال : لأنّه ذهب بنصف المنفعة ونصف الجمال (٤). وهو كما ترى.
( وفي رواية ) بل روايات أنّ فيه ( ثلث الدية ) (٥) وهي وإن كانت بأجمعها ضعيفة ، لكنّها موافقة للقاعدة ، ومع ذلك مشهورة بين الطائفة على الظاهر ، المصرَّح به في كلام جماعة (٦).
وبها يضعّف القول بالربع أيضاً ، كما عن الحلبيين والكيدري وفي الغنية (٧) ؛ مضافاً إلى عدم وضوح مستنده ، وإن اعتذر لهم الشهيد (٨) بالقاعدة بزعم تجزّؤ المارن بأجزاء أربعة : المنخرين ، والحاجز ، والروثة ، وهو على
__________________
(١) القواعد ٢ : ٣٢٤.
(٢) قال به في كشف اللثام ٢ : ٤٩٩.
(٣) السرائر ٣ : ٣٨٢.
(٤) المبسوط ٧ : ١٣١.
(٥) التهذيب ١٠ : ٢٦١ / ١٠٣٤ ، الوسائل ٢٩ : ٣٥١ أبواب ديات الأعضاء ب ٤٣ ح ١.
(٦) منهم الشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ٢٠٨ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٤٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٩.
(٧) حكاه عنهم في غاية المراد ٤ : ٥٢٨ ، وهو في الكافي : ٣٩٧ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.
(٨) غاية المراد ٤ : ٥٢٨.