جَنَّةُ الْمَأْوى) ـ ٥٣ / ١٣ ـ ١٥.
ولا يخفى ان الحضور اخص من القرب ، فكل حضور قرب وليس كل قرب حضور ، فقد يكون مثال واحد صالحا لكليهما ، وايضا ان القرب والحضور قد يكونان محسوسين او معنويين باعتبار نفسهما ، كما هما كذلك باعتبار ما يضاف اليه عند ، نحو ما جاء فى الحديث : لا تبع ما ليس عندك ، وقولك : عندى مال ، فان القرب فيهما معنوى ، وهو قرب الملك بقرينة المال ولا تبع ، وانت مكرم عندى فالقرب فيه معنوى ، وهو قرب المحبة بقرينة مكرم ، ولكنه فى هذه الامثلة ونظائرها حسى باعتبار ما يقرب منه ، اى ما يضاف اليه عند ، فلا تغفل.
وههنا امور
الامر الاول
كلمة عند غير متصرفة ، وهى منصوبة على الظرفية كما شوهد فى الامثلة ، وكثيرا تجر بمن الابتدائية ، وذلك عند اعتبارها مكانا حسيا او معنويا يبتدا منه شىء ، سواءا اعتبر له انتهاء ام لا.
مثاله قوله تعالى : (ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) ـ ٢ / ٧٩ ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ـ ٤ / ٧٨ ، (حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً) ـ ٤٧ / ١٦.
الامر الثانى
عند ظرف مكان ، وما جاء فى كتاب الله تعالى للزمان ، ولكن استعمل له قليلا ، نحو قول على عليهالسلام : عند الامتحان يكرم الرجل او يهان ، عند حضور الاجال تظهر
خيبة الامال ، عند زوال القدرة يتبين الصديق من العدو ، عند فساد النية ترتفع البركة ، عند تظاهر النعم يكثر الحساد ، وكقولك : قدم ابى من السفر عند طلوع الشمس ، وكقول الشاعر.
اذا الشعر لم يطربك عند سماعه |
|
٦٩٩ فليس خليقا ان يقال له شعر |
الامر الثالث
تعاقب عند فى المعنى كلمتان ، هما لدى ولدن ، وتفترق عنهما وكل منهما عن الاخرى بامور.
١ ـ : ان لدن لا تكون الافضلة ، نحو قوله تعالى : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) ـ ٢٠ / ٩٩ ، بخلاف عند فانها تقع خبرا نحو قوله تعالى : (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) ـ ٥٠ / ٤ ، و (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ـ ٦ / ١٠٩ ، وفضلة نحو (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ـ ٧ / ٢٩ ، ولدى كعند ، نحو قوله تعالى : (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِ) ـ ٢٣ / ٦٢ ، (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً) ـ ٧٣ / ١٢ ، (يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) ـ ٢٧ / ١٠.
٢ ـ : ان لدن مبنية على السكون ، ولدى مثلها الا ان الفها تنقلب ياء ان اضيفت الى الضمير ، وحكمها مع ما بعدها كحكم على ، وعند معربة ، وقال الرضى فى شرح الكافية فى مبحث الظروف : واعراب لدن المشهورة لغة قيسية.
٣ ـ : ان عند تستعمل مع من وبدونها على السواء ، ولدى لا تستعمل مع من ، ولدن تستعمل بدون من قليلا ، وليست فى التنزيل الا مع من.
٤ ـ : ان لدن اضيفت الى الجملة فى هذا البيت ، واما اختاه فلم ينقل لهما ذلك.
صريع غوان راقهنّ ورقنه |
|
٧٠٠ لدن شبّ حتّى شاب سود الذوائب |
٥ ـ : ان لدن قد لا تضاف ، بل ما بعدها اما مرفوع او منصوب ، بخلاف اختيها ،
كما فى هذا البيت.
وما زال مهرى مزجر الكلب منهم |
|
٧٠١ لدن غدوة حتّى دنت لغروب |
٦ ـ : جاء لد مجردا عن النون فى هذا البيت.
يستوعب النوعين من خريره |
|
٧٠٢ من لد لحييه الى منخوره |
وقال فى تاج العروس : فى لدن ولدى اثنتا عشرة لغة وذكرها ، واما عند فاللغة الفصحى بكسر اولها ، وقال فى المغنى : وكسر فائها اكثر من ضمها وفتحها ، ولم يات بشاهد ، ولكن جاءت فى هذا البيت هكذا.
وكلّ خنزير يحبّ ولده |
|
٧٠٣ حبّ الحبارى ويزفّ عنده |
وقال فى تاج العروس : انها بمعنى جانب ، والظاهر انها بمعناها ، وجاء بهذا البيت مثالا لمجئ لدى بمعنى هل.
لدى من شباب يشترى بمشيب |
|
٧٠٤ وكيف شباب المرء بعد دبيب |
٢ ـ مع
والمعية لا بدلها من طرفين ، وهى على وجوه.
الوجه الاول : المعية فى الوجود ، نحو قوله تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ـ ٥٧ / ٤ ، فانه تعالى مع كل شىء كما هو قبل كل شىء وبعد كل شىء ، ولانه قبل كل شىء وبعد كل شىء فلا شىء معه كما ورد فى الحديث ، ولكنه مع كل شىء بالاحاطة به ، ومن ذلك (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) ـ ٢٣ / ٩١ ، (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) ـ ٤ / ١٠٨.
الوجه الثانى : المعية فى المكان ، نحو قوله تعالى : (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) ـ ٦٦ / ١٠ ، (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ) ـ ٦ / ٩٤ ، (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) ـ ٢٦ / ١١٩ ، (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) ـ ٤ / ١٤٠.
الوجه الثالث : المعية فى الزمان ، نحو قوله تعالى : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) ـ ٣٨ / ١٨ ، مع والباء كلاهما يتعلقان بيسبحن ، اى كان تسبيحها مع تسبيحه فى الوقتين ، ونحو قولك : كان المحقق الخونسارى مع المحقق السبزوارى فى عصر واحد.
الوجه الرابع : المعية فى الصحابة ، وهذا اظهر الوجوه ، والصحابة ترادف المعية فى المعنى ، نحو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) ـ ٤٨ / ٢٩ ، (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) ـ ٥٠ / ٢١ ، (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) ـ ٢ / ٩١ ،(وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ـ ٥٧ / ٢٥ ، (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ) ـ ٢٦ / ٦٥ ، (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) ـ ٣٧ / ١٠٢ ، (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) ـ ٢٩ / ١٣.
الوجه الخامس : المعية فى الفعل ، نحو قوله تعالى : (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) ـ ٧٤ / ٤٥ ، (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) ـ ٢٨ / ٥٧ ، (قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ـ ٣ / ٨١ ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) ـ ٨ / ٧٥ ، (وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) ـ ٢٤ / ٦٢.
الوجه السادس : المعية فى العقيدة : نحو قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) ـ ٢ / ١٤.
الوجه السابع : المعية فى الوصف ، نحو قوله تعالى : (قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) ـ ١٨ / ٦٧.
الوجه الثامن : المعية فى الموضع ، نحو قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) ـ ٤٨ / ٤ ، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) ـ ٩٤ / ٥ ، فان العسر فى كل موضع معه يسر ، لكن من جهتين ، والفرق بينها وبين
المعية فى المكان انها فى الجسم ، وهذه فى الاعراض المادية والمعنوية.
الوجه التاسع : المعية فى الارادة ، نحو قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) ـ ٢٥ / ٢٧ ، اى كنت اريد ما اراد الرسول ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ـ ٩ / ١١٩.
الوجه العاشر : المعية فى النصر ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) ـ ١٦ / ١٢٨ ،(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) ـ ٨ / ١٢ ، (قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) ـ ٢٠ / ٤٦ ، فانه تعالى مع كل شىء ، لكنه مع المؤمن ينصره كما ينصره المؤمن ، تلك عشرة كاملة ، ولا يخفى ان هذه الوجوه يجامع بعضها بعضا.
ثم ان مع اسم ذو حرفين وظرف غير متصرف ، لا يفارقها الظرفيه ، وتاتى لاحد الوجوه العشرة ، وهى تقابل قبل وبعد ، وتدخل عليها من كما فى قراءة بعض : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) ـ ٢١ / ٢٤ ، وحكى سيبويه : ذهبت من معه ، والقراء شاذة ، والحكاية على عهدة حاكيها ، وجاءت مقطوعة عن الاضافة منونة فى هذه الابيات.
افيقوا بنى حرب واهواؤنا معا |
|
٧٠٥ وارماحنا موصولة لم تقضّب |
كنت ويحيى كيدى واحد |
|
٧٠٦ نرمى جميعا ونرامى معا |
يذكّرن ذا البثّ الحزين ببثّه |
|
٧٠٧ اذا حنّت الاولى سجعن لها معا |
وافنى رجالى فبادوا معا |
|
٧٠٨ فاصبح قلبى بهم مستفزّا |
٣ ـ بين
وهى فى الاغلب ظرف مكان لذات مكنوفة بالاطراف او حدث قائم بالاطراف والاطراف ما تضاف اليه ، وهو متعدد بالتثنية او الجمع او العطف مع تكرارها او بدونه والى الواحد لفظا والمتعدد فى المراد فهذه خمسة وجوه :
الاول : اضافتها الى المثنى ، نحو قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) الى قوله : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) ـ ٤ / ٢٣ ، (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) ـ ٤ / ٣٥ ، فان الجمع فعل قائم بالاختين ، وكذا التوفيق ، وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ـ ٥ / ١٨ ، فان ما بينهما محفوف بالسماوات والارض.
الثانى : اضافتها الى الجمع ، نحو قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) ـ ٣ / ١٤٠ ، (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) ـ ٤ / ١٢٩ ، (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) ـ ٨ / ٦٣ ، (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) ـ ٥٧ / ١٣.
الثالث : اضافتها الى المتعدد بالعطف مع تكرارها ، وذلك فيما كان بين الاطراف تقابل باعتبار نحو قوله تعالى : (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ـ ٥ / ٢٥ ، (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ) ـ ٧ / ٨٩ ، (جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) ـ ١٧ / ٤٥ ، (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) ـ ٦٠ / ٧ ،(يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) ـ ٥٥ / ٤٤ ، (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) ـ ٣٤ / ٥٤ ، (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) ـ ٣٧ / ١٥٨.
الرابع : اضافتها الى المتعدد بالعطف بلا تكرارها ، وذلك فيما كان بين الاطراف تناسب وارتباط ، نحو قوله تعالى : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ـ ٢ / ١٠٢ ، (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ـ ٢ / ١٦٤ ، (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) ـ ٤ / ١٥٠ ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) ـ ٨ / ٢٤ ، ومن ذلك قوله تعالى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ـ ٢ / ٢٨٥ ، اى بين احد منهم وآخر منهم ، بل نقول كل مبعوث من عند الله داع اليه ، وامكن ان يكون من الوجه الخامس ، اى لا نفرق بينهم.
الخامس : اضافتها الى الواحد لفظا المتعدد مرادا ، نحو قوله تعالى : (إِنَّها بَقَرَةٌ
لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) ـ ٢ / ٦٨ ، اى بين الفارض والبكر ، مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ ـ ٤ / ١٤٣ ، اى بين الكفر والايمان ، وامثال هذه فى لفظ ذلك كثير فى القرآن وغيره ، وفى غير ذلك ايضا.
حكى ابن هشام فى القاعدة الثالثة عشرة من ثامن المغنى : قال ابو عبيدة لرؤبة بن العجاج لما انشد.
فيها خطوط من سواد وبلق |
|
٧٠٩ كانّه فى الجلد توليع البهق |
: ان اردت الخطوط فقل : كانها ، او السواد والبلق فقل : كانهما ، فقال : اردت ذلك ويلك.
وهنا امور
١ ـ : ان بين قد يلحق به ما او الالف ، ويستعمل حينئذ للزمان ، ويضاف الى جملة تليها جملة كقول على عليهالسلام : فيا عجبا بينا هو يستقليها فى حياته اذ عقدها لآخر بعد وفاته ، وكما فى هذه الابيات.
بينما نحن بالاراك معا |
|
٧١٠ اذ اتى راكب على جمله |
استقدر الله خيرا وارضينّ به |
|
٧١١ فبينما العسر اذ دارت مياسير |
وبينما المرء فى الاحياء مغتبطا |
|
٧١٢ اذ صار فى الرمس تعفوه الاعاصير |
فبينا نسوس الناس والامر امرنا |
|
٧١٣ اذا نحن فيهم سوقة نتنصّف |
وقد يضاف الى الجملة بدون ما والالف كما فى هذا البيت.
بين الفتى يسعى ويسعى له |
|
٧١٤ تاح له من امره خالج |
وتركيب هذا الكلام فيما ليس على صدر الجملة التالية اذا او اذ كالبيت الاخير ان ما بعد بين فى تاويل المصدر ، وهو متعلق بما فى الجملة التالية ، اى فى اثناء زمان سعى الفتى تاح له الخ ، وفيما على صدرها احديهما فان شئت فقل : انها زائدة للتاكيد وهذا اختيار ابن الشجرى ، وهو مستراح ، فالتركيب هو التركيب ، وان شئت
فقل : بين مع مدخولها خبر مقدم ، واذا او اذ مع مدخولها مبتدا مؤخر ، والتقدير : زمن عقده لآخر بين زمن استقالته ، وكذا ما فى الابيات ، واضيف بينا فى هذا البيت الى نفس المصدر لا الجملة المؤولة به.
بينا تعانقه الكماة وروغه |
|
٧١٥ يوما اتيح له جرئ سلفع |
٢ ـ : ان بين قد تتكرر تركيبا مزجيا كخمسة عشر ، فيبنى الجزآن على الفتح ، نحو قولك : انا فى امورى بين بين ، اى فى الحد الوسط بين الافراط والتفريط ، وكقول الشاعر.
نحمى حقيقتنا وبعض |
|
٧١٦ القوم يسقط بين بينا |
٣ ـ : تضاف بين الى مثنى اليد او جمعها ، وتستعمل بمعنى الزمان المتقدم ، نحو قوله تعالى : (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) ـ ٢ / ٩٧ ، اى لما قبله من كتب الانبياء ، وتستعمل هكذا للمكان ايضا بمعنى قدام ، نحو قوله تعالى : (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) ـ ٣٤ / ١٢.
وقد يعتبر له الابتداء زمانا او مكانا فيدخل عليها من ، نحو قوله تعالى : (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) ـ ٤٦ / ٢١ ، اى من زمن آدم عليهالسلام ، (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) ـ ٣٦ / ٩ ، اى من حد لا يبصرون وراءه ، واصل هذه الكلمة بهذه الاضافة للمكان الذى هو قدام الانسان ، ثم استعملت فى غير الانسان وغير المكان توسعا.
٤ ـ تضاف بين الى مثنى الظهر وجمعه ، نحو نزلت بين ظهرى القوم واظهرهم ، ويزاد عليها فى مثناها الالف والنون ويقال بين ظهر انى القوم ، وفى كتاب لعلى عليهالسلام الى بعض عماله : وانا بين اظهر الجيش فارفعوا الى مظالمكم.
قال ابن الاثير فى النهاية : وفى الحديث : فاقاموا بين ظهرانيهم وبين اظهر هم ، قد تكررت هذه اللفظة فى الحديث ، والمراد بها انهم اقاموا بينهم على سبيل
الاستظهار والاستناد اليهم ، وزيدت فيه الف ونون مفتوحة تاكيدا ، ومعناه ان ظهرا منهم قدامه وظهرا منهم وراءه ، فهو مكنوف من جانبيه ، ومن جوانبه اذا قيل بين اظهرهم ، ثم كثر حتى استعمل فى الاقامة بين القوم مطلقا ، اى من دون الاستظهار والاستناد.
٥ ـ : ان بين غير متصرف لا يتجاوز مقام النصب على الظرفية ، الا انه قد يجر بمن الابتدائية كما مر فى الامثلة ، او بالمضاف فهو ظرف له ، نحو قوله تعالى : (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) ـ ١٨ / ٧٨ ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) ـ ٥ / ١٠٦ ، (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) ـ ـ ٢٩ / ٢٥ ، (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) ـ ٤ / ٣٥.
٦ ـ : قد يذكر بين قبل الاقسام المذكورة بعد المقسم ، اذ المقسم دائر بين الاقسام كما فى هذه الابيات.
قوم اذا سمعوا الصريخ رايتهم |
|
٧١٧ من بين ملجم مهره او سافع |
قوم اذا طلبوا لدفع ملمّة |
|
٧١٨ والخيل بين مكردس ومدعّس |
لبسوا القلوب على الدروع وانّهم |
|
٧١٩ يتهافتون الى ذهاب الانفس |
فطافت ثلاثا بين يوم وليلة |
|
٧٢٠ وكان النكير ان تضيف وتجارا |
٧ ـ : اصل بين مصدر يستعمل بمعنى فرقة وبمعنى وصلة ، فهو من الاضداد ، نحو قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) ـ ٦ / ٩٤ ، اى انقطع وصلكم ، وفى قراءة بعضهم بنصب بين على الظرفية ، فان شئت فقل : ان الظرف وقع فاعلا كما يقع نائبا عنه بلا خلاف ، وان شئت فقدر له فاعلا ، اى لقد تقطع وصلكم بينكم ، وفيه كلام ياتى فى مبحث الجمل ، واما قوله صلىاللهعليهوآله : كنت نبيا وآدم بين الروح والبدن ، فبين مرفوع ، مصدر بمعنى فرقة ، اى كان ادم مفترقا روحه من بدنه ، وليس بين ظرفا لعدم صحة المعنى ، والمراد كنت نبيا وآدم غير مخلوق.
٤ ـ دون
وهو ظرف مكان يستعمل للمرتبة المغايرة لمرتبة ما يضاف اليه ، ويعتبر مع المغايرة القصور فى المرتبة ، وهو يقارب معنى تحت ، واكثر استعماله فى المرتبة المعنوية ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ـ ٤ / ٤٨ ، اى يغفر الذنب الذى هو فى مرتبة تقصر عن الشرك ، (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) ـ ٧ / ٢٠٥ ، اى واذكر ربك بقلبك فى حال التضرع والخوف ، وبالقول فى مرتبة لا تبلغ مرتبة الجهر ، (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) ـ ٣٢ / ٢١ ، اى عذاب الدنيا الذى ليس فى مرتبة عذاب الآخرة ، (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) ـ ٢١ / ٨٢ ، ومن ذلك قول على عليهالسلام : للظالم من الرجال ثلاث علامات : يظلم من فوقه بالمعصية ، ومن دونه بالغلبة ويظاهر القوم الظلمة ، وقوله : اللهم لك الحمد حمدا يملا ما خلقت ويبلغ ما اردت حمدا لا يحجب عنك ولا يقصر دونك.
ومثال المرتبة الحسية قول على عليهالسلام : فلم يتعد ما خلق حدود منزلته ولم يقصر دون الانتهاء الى غايته ، كالمتحركات الارضية والسماوية فانها لا تقف فى حد من مسيرها حتى تصل غايتها ، وكقولك : الارض دون الماء والماء دون الهواء والهواء دون السماء.
ويستعمل للمكان القريب الى المضاف اليه ، وبهذا المعنى يقارب معنى عند ، وذلك ايضا معنوى وحسى ، نحو قول على عليهالسلام : وانما طلبت حقا لى وانتم تحولون بينى وبينه وتضربون وجهى دونه ، وقوله : واطلبوا الى الله واستمنحوه فما قطعكم عنه حجاب ولا اغلق عنكم دونه باب وانه بكل مكان ، وقوله فى كتاب له الى معاوية : فقد سلكت مدارج اسلافك بادعائك الاباطيل واقحامك عرور المين والاكاذيب وبانتحالك ما قد علا عنك وابتزازك لما اختزن دونك فرارا من الحق ، وفى
الحديث : من قتل دون ماله فهو شهيد.
وكثيرا يجئ بهذا المعنى مع من الابتدائية باعتبار جعل المكان ابتداء الفعل كما قلنا فى عند ، نحو قوله تعالى : (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) ـ ١٩ / ١٧ ، (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) ـ ٢٨ / ٢٣ ، (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً) ـ ١٨ / ٩٣.
ويستعمل بمعنى غير ، او المكان المغاير ، نحو قوله تعالى : (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) ـ ٨ / ٦٠ ، فان اخذته بمعنى غير فمن بيانية والتقدير : وآخرين هم غيرهم ، وان اخذته بمعنى المكان المغاير فمن ابتدائية والتقدير : وآخرين كانوا من مكان غير مكانهم ، ونحوه قوله تعالى : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) ـ ٧ / ٨١ ، قال ابن هشام فى حرف من : من للابتداء والظرف صفة لشهوة ، اى شهوة مبتداة من دونهن ، اقول : وان شئت فقل : شهوة هى غير شهوة النساء ، فمن بيانية ، وقوله : (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) ـ ٢٣ / ٦٣ ، اى اعمال هى غير الغفلة عن الحق ، او اعمال تنشا من مبدء غير الغفلة من التعلقات الدنيوية ، (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) ـ ٣٦ / ٢٣ ، اى ااتخذ آلهة هى غير الله ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) ـ ٣ / ١١٨ ، اى من غيركم.
ولا يخفى ان كونه بمعنى غير اظهر فى بعض المواضع بل اكثرها ، سواء اكان مع من ام بدونها ، نحو ما مر فى قوله : لا تتخذوا الخ ، وقوله تعالى : (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) ـ ٣٧ / ٨٦ ، اى آلهة غير الله ، ولكن يبعد كونه بمعنى غير مجيئه منصوبا ، نحو قوله تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) ـ ٧٢ / ١١ ، فانه ان كان بمعنى غير وجب رفعه ، فلابد ان يكون التقدير : ومنا قوم فى مقام غير مقام الصالحين.
ثم ان من فى هذا الاسلوب يكون فى الغالب متعلقا بمحذوف ، وهو صفة لما قبله ان كان نكرة او حالا ان كان معرفة ، وقد يتعلق بالفعل المذكور ، فانظر فى الآيات وغيرها ، وذكروا لدون معانى اخرى كقبل وبعد وفوق ، ولكنها راجعة الى
الثلاثة التى ذكرناها فراجع.
٥ ـ سواء
وهو ظرف متصرف يستعمل بمعنى وسط ، نحو قوله تعالى : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) ـ ٣٧ / ٥٥ ، (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) ـ ٤٤ / ٤٧ ، (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) ـ ٣٨ / ٢٢ ، (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) ـ ٢ / ٢٠٨ ، فان الوسط لاضلال فيه ، والميل الى يمين الصراط ويساره مظنة الخروج عنه ثم الضلال ، وامكن ان يكون فى الآيتين بمعنى السوى اى المستقيم اضيف الى الموصوف ، اى اهدنا الى الصراط السوى ، فقد ضل السبيل السوى ، كما فى قوله تعالى : (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) ـ ١٩ / ٤٣ ، (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) ـ ٢٠ / ١٣٥ ، وسواء فى الاصل مصدر يستعمل بمعنى متساوى ومستوى ، ويستعمل للاستثناء كغير ، وياتى بيانه فى مبحث ادوات الاستثناء فى المقصد الثالث.
٦ ـ وسط
بسكون السين وفتحها اسم متصرف يستعمل لما بين الطرفين من المكان حسيا او معنويا ، نحو قول على عليهالسلام فى وصف المتقين : فهم حانون على اوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم واطراف اقدامهم ، حانون الخ اى راكعون ، مفترشون الخ اى ساجدون ، وقوله لامير جيش له الى الشام : فاذا لقيت العدو وقفت من اصحابك وسطا وكقول الشاعر :
اذا ركبت فاجعلونى وسطا |
|
٧٢١ انّى كبير لا اطيق العنّدا |
ومن المكان المعنوى قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) ـ ٢ / ١٤٣ ، وكذا ما يشتق من هذا اللفظ ، نحو اوسط ووسطى وواسط وواسطة ومتوسط وغيرها ، وقد يستعمل للزمان ، نحو قولك : خرجت وسط النهار ، وقمت وسط الليل ، والقوم ذكروا
فروقا بين الوسط بسكون السين وفتحها ، ان شئت فراجع تاج العروس وغيره.
٧ ـ حول
وهو ان استعمل ظرفا مكانيا فغير متصرف لا يجاوز النصب على الظرفية والجر بمن الابتدائية ، ومعناه اطراف ما يضاف اليه ، وهو يقابل بين ، نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) ـ ٤٦ / ٢٧ ، (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) ـ ٩ / ١٠١ ، و (تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) ـ ٣٩ / ٧٥ ، وقول على عليهالسلام فى كتاب له الى عثمان بن حنيف عامله على البصرة : او ابيت مبطانا وحولى بطون غرثى واكباد حرى او اكون كما قال القائل :
وحسبك داء ان تبيت ببطنة |
|
٧٢٢ وحولك اكباد تحنّ الى القدّ |
وان استعمل ظرفا زمانيا فهو كعام وزنا ومعنى وتصرفا ، نحو قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) ـ ٢ / ٢٣٣.
القسم الثانى
ما يضاف من الظروف الى الجملة.
١ ـ اذ
وتلزمها الاضافة الى الجملة ، ولها وجوه من الاستعمال.
الوجه الاول انها تقع مفعولا فيها ، اى ظرف زمان لفعل خارج عما اضيفت اليه ، نحو قوله تعالى : (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٩ / ٤٠ ، (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً) ـ ٥١ / ٢٤ ، فاذ تصلح ان تتعلق بحديث او ضيف ، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) ـ ٣ / ١٦٤ ، فاذ ظرف
ليعلمون ، وللجملة المضاف اليها فى المعنى لا فى تركيب الكلام لان المضاف اليه لا يعمل فى المضاف ، وقد يحذف احد شطرى الجملة التى اضيفت اليها اذ كما فى هذه الابيات.
كانت منازل الّاف عهدتهم |
|
٧٢٣ اذ نحن اذ ذاك دون الناس اخوانا |
هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا |
|
٧٢٤ والعيش منقلب اذ ذاك افنانا |
كان لم يكونوا حمى يتّقى |
|
٧٢٥ اذ الناس اذ ذاك من عزّ بزّا |
الوجه الثانى : ان تكون مفعولا بها ، نحو قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) ـ ٧ / ٨٦ ، اى واذكروا زمان قلتكم ، ولا يصح ان تكون ظرفا لاذكروا كالوجه الاول لاقتضاء ذلك الامر بالذكر فى ذلك الوقت ، وهو محال لانه قد مضى.
الوجه الثالث : ان تكون بدلا عن المفعول به ، نحو قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) ـ ١٩ / ١٦ ، فان اذ بدل من مريم بدل اشتمال ، اى واذكر فى الكتاب زمان انتباذ مريم من اهلها ، ومثله (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) الخ ـ ١٩ / ٤١.
الوجه الرابع ان تكون بدلا عن مثلها كقوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) ـ ٩ / ٤٠ ، اذ الاولى ظرف لنصره والثانية بدل عنها والثالثة بدل عن الثانية ، وان قلت : كل منها ظرف لنصر فهو الا ظهر.
الوجه الخامس : ان تكون مضافا اليها اسم زمان ، نحو قوله تعالى : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) ـ ٣ / ٨ ، (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ـ ٣ / ٨٠ ، (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ) ـ ٩ / ١١٥ ، وقال ابن هشام فى المغنى : من هذا الوجه يومئذ وحينئذ ، ولكن المضاف مستغنى عنه ، وياتى الكلام فيه فى القسم الثالث.
الوجه السادس : ان تقع بعد بينا وبينما ، وقد مر بيانه فى العدد الثالث
من القسم الاول ، وتستعمل اذ للتعليل ، وياتى بيان ذلك فى مبحث حروف التعليل فى المقصد الثالث.
٢ ـ اذا
وهى على ستة وجوه : اذا الشرطية ، واذا الجوابية غير المنونة ، وياتى بيانهما فى مبحث ادوات الشرط فى المقصد الثالث ، واذا التفسيرية ، وياتى ذكرها فى مبحث حروف التفسير فى المقصد الثالث ، واذا الفجائية واذا الجوابية المنونة واذا الظرفية المحضة ، ونذكرها هنا فى فصلين.
الفصل الاول
فى اذا الفجائية ، وهى تختص بالجملة الاسمية ، وتلزمها الفاء ، نحو قوله تعالى : (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) ـ ٢٠ / ٢٠ ، (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٢١ / ٩٧ ، (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ)ـ ٧ / ١٠٨ ، (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) ـ ٣٦ / ٢٩ ، (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) ـ ٧٩ / ١٣ ، (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) ـ ٢٨ / ١٨.
وهنا امور
١ ـ : معنى الفجاءة والفجاة والافتجاء والمفاجاة ، وقوع الشئ لمن لا يتوقعه ، كما هو ظاهر فى الآيات ، وقد يؤدى هذا المعنى بدون اذا ، نحو قوله تعالى : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) ـ ٢٢ / ٥٥ ، فان البغتة هى الفجاة ، وقد يؤدى هذا المعنى بالفاظ واساليب اخرى ، فلا ينحصر فى هذا الاسلوب.
٢ ـ : لا يضاف اذا هذه الى الجملة التالية ، وان كان تركيب الكلام شبيها بالاضافة ، وانما ذكرناها هنا لمكان الشباهة لانها حينئذ تؤول بالمصدر فيفوت معنى المفاجاة بالتاويل ، كما تقول : فالقاها زمان سعى الحية ، مع ان الفاء مانعة من تعلق اذا بما قبلها ، لانها عاطفة ، ولا معنى لعطف المتعلق على المتعلق فيبقى ما بعدها مفردا بلا تعلق واسناد ، كما تقول : فالقاها فزمان سعى الحية.
٣ ـ : قال ابن هشام فى حرف الفاء من المغنى : الفاء فى نحو خرجت فاذا الاسد زائدة لازمة عند الفارسى والمازنى وجماعة ، وعاطفة عند مبرمان وابى الفتح ، وللسبببة المحضة كفاء الجواب عند ابى اسحاق.
اقول : هى عاطفة ، ولا امتناع فى تعاطف الاسمية والفعلية ، والسببية منتفية فى كثير من الموارد كالمثال المذكور فى كلام ابن هشام وبعض الآيات المذكورة.
٤ ـ : عامل اذا هذه هو الحدث المذكور فى الجملة التالية ، لا الجملة السابقة ، وان كان فى المعنى ظرفا له ايضا ، وهذه على عكس اذ ، لمكان الفاء العاطفة فان لها الصدر.
٥ ـ : الحق ان اذا هذه ظرف زمان لا حرف ولا ظرف مكان كما نقل ابن هشام عن الاخفش والمبرد ، وعاملها ما قلنا ، لا معنى المفاجاة كما نقل عن الزمخشرى ، لان المعنى يعمل فى اللفظ عند امتناع عامل لفظى كما يعمل معنى الابتداء فى المبتدا ، والعامل اللفظى هنا موجود بلا ريب.
٦ ـ : ان اذا الداخلة على الجزاء فى نحو قوله تعالى : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) ـ ١٠ / ٢١ ، فجائية عند بعضهم وليس عليها الفاء ، وقد سمعت مذهب الفارسى والمازنى وجماعة فى الامر الثالث انها زائدة لازمة ، واللزوم مسلم عند غيرهم ايضا ، انما الخلاف فى الزيادة وعدمها اقول : ومع ذلك ليس فيها معنى المفاجاة لان مكرهم لم يقع دفعة وبغتة بعد اذاقة الرحمة من بعد ضراء ، فالحق ان يقال : انها نائبة عن الفاء الجزائية جئ بها
لتاكيد الربط بين الشرط والجزاء كالفاء ، وياتى تفصيل ذلك فى مبحث ادوات الشرط فى المقصد الثالث كما وعدنا ، فاذا الفجائية هى الواقعة بين الجملتين المتعاطفتين بالفاء المعمولة لما بعدها.
٧ ـ : قد يحذف الخبر عن الجملة التالية لاذا الفجائية ، نحو خرجت من الدار فاذا صديقى ، اى صديقى واقف عند الباب ، ودخلت السوق بين النهار يوم السبت فاذا العطلة ، اى العطلة واقعة ، ويصح فى المثال الثانى ان يكون نفس اذا خبرا مقدما ، والمعنى : ففى ذلك الوقت العطلة ، لا فى المثال الاول لان الزمان لا يخبر به عن الجثة ، فلا يقال : ففى ذلك الوقت صديقى كما لا يقال : انت فى يوم الجمعة ، الا ان يقال ان اذا ظرف مكان كما ذهب اليه المبرد ، فحينئذ يصح.
٨ ـ : وجه الكلام الفصيح فى الجملة التالية لاذا كما هو فى الآيات وغيرها رفع الجزاين على ان يكونا مبتدا وخبرا.
وقال ابن هشام فى المغنى : قالت العرب : قد كنت اظن ان العقرب اشد لسعة من الزنبور فاذا هو هى ، وقالوا ايضا : فاذا هو اياها ، فاطال الكلام ونقل ما جرى بين الكسائى وسيبويه فى هذه المسالة المشهورة بالزنبورية عند يحيى بن خالد البرمكى ، فان شئت فراجع.
واما وجه النصب فى الضمير الثانى مع ان فيه شذوذ القياس والفصاحة ان ثبت فهو خبر لكائن محذوف ، اى فاذا هو كائن اياها ، اى هما على السواء فى اللسع ، وكذا فى غير الضمير نحو خرجت فاذا زيد جالس او جالسا ، ونقل ابن هشام للنصب وجوها خمسة ولم يختر منها شيئا.
الفصل الثانى
فى اذا الجوابية المنونة ، ويقال لها الناصبة لانها ان دخلت على المضارع تنصبه بشروط ذكروها ، هى تصديرها واستقبال المضارع واتصالهما ، والاولى الغاء
هذه الشروط والقول بجواز نصب المضارع ان دخلت عليه مطلقا ، وانما يقال لها الجوابية لانها تدخل على جملة هى جواب لشرط مذكور او مقدر ويجوز كتابتها بالنون وبالتنوين ، والمكتوب فى التنزيل انما هو بالتنوين.
مثال دخولها على المضارع قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٧٦ ، (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) ـ ٤ / ٥٣ ، وقرئ المضارع فى الآيتين بالنصب وكما فى هذين البيتين.
لئن عادلى عبد العزيز بمثلها |
|
٧٢٦ وامكننى منها اذن لا اقيلها |
لا تتركنّى فيهم شطيرا |
|
٧٢٧ انّى اذا اهلك او اطيرا |
ومثال دخولها على غير المضارع قوله تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) ـ ٢٣ / ٩١ ، (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) ـ ٤ / ٦٦ ـ ٦٧ ، (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) ـ ١٧ / ٤٢ ، (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) ـ ١٧ / ٧٣ ، وكقول الشاعر.
لو كنت من مازن لم تستبح ابلى |
|
٧٢٨ بنوا اللقيطة من ذهل بن شيبانا |
اذن لقام بنصرى معشر خشن |
|
٧٢٩ عند الحفيظة ان ذولوثة لانا |
وقد تقع اذا هذه بين اجزاء الجملة التى هى جواب فى المعنى ، نحو قوله تعالى : (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) ـ ١٢ / ٧٩ ، (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ـ ٢٦ / ٤١ ـ ٤٢ ، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) ـ ٥٣ / ٢١ ـ ٢٢ ، (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) ـ ٥٤ / ٢٣ ـ ٢٤ ، وكما فى هذه الابيات.
وما انا بالساعى الى امّ عاصم |
|
٧٣٠ لاضربها انّى اذن لجهول |
تمرّون الديار ولم تعوجوا |
|
٧٣١ كلامكم علىّ اذن حرام |
نهيتك عن طلابك امّ عمرو |
|
٧٣٢ بعافية وانت اذن صحيح |
وقد تقع بعد الجملة التى هى جواب فى المعنى نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) ـ ١٨ / ٥٧ ، (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) ـ ٢٦ / ١٨ ـ ٢٠ ، والتقدير : متى لبثت فيكم اذا فعلتها ، وانا من الضالين جملة حالية ، واذا هذه كاذا الفجائية غير مضافة ، ولكنها متعلقة بجملة الشرط فى اللفظ او المعنى وكلاهما من الظروف الزمانية.
تنبيهان
الاول ـ قد يكون اذا ظرفا محضا لا شرطية ولا جوابية ولا فجائية ولا تفسيرية ، نحو ما وقع بعد القسم كقوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) ـ ٩٢ / ١ ـ ٢ ، فانها ظرف لكائنا المقدر ، مضافة الى ما بعدها ، وهو حال للمقسم به ، والتقدير : اقسم والليل كائنا زمان غشيانه والنهار كائنا زمان تجليه ، وليست متعلقة بفعل القسم لان القسم لم يتقيد بزمان الغشيان والتجلى ، ومن ذلك قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) ـ ٣٩ / ٧٣ ، وياتى بيانها فى الخاتمة فى حرف الواو.
الثانى ـ اذا ملازمة للظرفية منصوبة على ان تكون مفعولا فيها دائما بخلاف اذ فانها تقع غير ذلك كما مر ذكره ، ولكن بعضهم قالوا بخروجها عن كونها مفعولا فيها ،
وذلك فى موارد.
١ ـ اذا الداخلة عليها حتى كما فى كثير من الآيات ، ومر ذكرها فى حرف حتى من المبحث الثانى ، قال ابو الحسن الاخفش : انها مجرورة بحتى ، والجواب ان
المجرور بها هو الجملة باسرها او هى بعد حتى مستانفة ، كما مر بيان ذلك ، واذا منصوبه بعاملها.
٢ ـ قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رافِعَةٌ إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) ـ ٥٦ / ١ ـ ٤ ، قال صاحب مجمع البيان : يجوز ان يكون اذا الثانية خبرا عن الاولى ، ونظيره اذا تزورنى اذا ازور زيدا ، اى وقت زيارتك اياى وقت زيارتى زيدا ، اقول : فى الآية اقوال اخرى ، والحق ان اذا الثانية مع مدخولها عطف بيان للاولى مع مدخولها ، وهى شرطية جوابها ليس لوقعتها كاذبة ، وخافضة رافعة خبر لهى المقدرة والجملة معترضة بينهما ، ولكن القوم ابوا ان يكون ليس جواب الشرط لخلوها عن الفاء ، وياتى بيان تخلف الفاء كثيرا عن جملة الجواب فى مبحث ادوات الشرط فى المقصد الثالث.
٣ ـ روى انه صلىاللهعليهوآله قال لعائشة : انى لا علم اذا كنت عنى راضية واذا كنت على غضبى ، قال ابن مالك : اذا فى هذا الحديث مفعول بها لا علم ، اقول : مفعول اعلم محذوف ، اى انى لا علم ما فى خلدك اذا كنت الخ ، لان الرضا والغضب حالتان ظاهرتان فى الوجه فلا يحسن ان يخبر النبى عن علمه بزمانهما.
٤ ـ قيل فى نحو اخطب ما يكون الامير قائما : ان التقدير : اذا كان قائما ، واذا خبر ، اى اخطب اوقاب اكوان الامير وقت قيامه ، اقول : اختلال المعنى وقبح التركيب ظاهران فى هذا التقدير ، ومر بيان تركيب هذا الاسلوب فى مبحث الحال من المقصد الاول ، والتقدير : اخطب كون الامير حاصل قائما ، اى اخطبية الامير حاصلة حال قيامه.
٥ ـ قيل : اذا فى هذا البيت مجرورة ، والتوضيح فى شرح الشواهد.
وبعد غد يا لهف نفسى من غد |
|
٧٣٣ اذا راح اصحابى ولست برائح |