وقال لبيد :
جُنوحَ الهالكيّ على يدَيْه |
مُكِبّاً يَجتلي نُقَب النِّصالِ |
وقد نَقِبَ خُفُّ البعير ينقب نَقباً : إذا حَفِيَ حتى ينخرق فِرْسِنُه ، فهو نَقِب.
وقال ابن بُزُرج : ما لَهمْ نقيبة ، أي : نَفاذ رأي.
وقال شمر : النقيبة : النَّفْس ؛ فلان ميمون النَّقيبة : إذا كان مظفّراً.
وقال ابن بزرج ما ذكرنا.
ثعلب عن ابن الأعرابي : فلانٌ ميمون النقيبة والنَّقيبة ، أَي اللون ، وَمنه سمِّي نِقابُ المرأَة لأنه يَستُر نِقابَها ، أي : لونَها بلون النِّقاب.
وقال الليث : النَّقيبة : يُمْنُ العَمَل ، إنّه لمَيْمون النقيبة ، إذا كان مُظفّراً.
قال : والمَنْقَبة : كَرمُ العَمَل يقال : إنّه لكريم المَناقب من النَّجدات وغيرها.
قال : والنَقيبة مِن النُّوق : المؤتزِرة بضَرْعها عِظَماً وحُسْناً ، بيِّنة النَقابة.
قلتُ : صحَّف الليث النَّقيبة بهذا المعنى ، وإنَّما هي الثَّقيبَة بالثاء ، وهي الغزيرة من النوق.
وقال غيره : إنَّ عليه نُقْبةً ، أي : أثراً ، ونُقْبة كلِّ شيء : أثره وهيئتُه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أنقَب الرجلُ : إذا سار في البلاد. وأنقَب : إذا صار حاجباً. وأنقَب : إذا صار نقيباً.
قال : والنُّقْب : الطَّريق في الجبل ، وجمعه نِقبة ومِثله الجُرْف وجمعُه جِرفة.
قال : والنّقّاب : البَطن ، يقال في المَثل في الاثنين يتشابهان : «فَرْخانِ في نِقاب».
قال : والنقيب : المزمار. والنَّقيب : الرئيس الأكبر.
بنق : أبو عبيد : البَنيقة من القميص : لَبنَتُه ، وجمعُها بقانق.
وأنشد :
يضُمّ إليَّ الليلُ أطفالَ حُبِّها |
كما ضَمَّ أزرارَ القَميصِ البنائقُ |
في «النوادر» : بنّق فلانٌ كذبة حَرْشاء ، وبوّقها ، وبلّقها : إذا صنعَها وزوّقها.
قالوا : وبنّقته بالسوط وبلّقته ، وقوَّبته ، وحوَّبته ، ونتقته ، ولفّقته : إذا قطعته.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : بَنَّقَ فلانٌ كلامَه ، أي : جَمَعه وسوّاه ، ومنه بَنائق القميص ، أي : جَمْعُ شيء إلى شيء ، وقد بَنّقَ كتابَه.
وقال الليث في قوله :
قد اغتدى والصبح ذو تَبنيق
ويُروَى : «ذو بَنيق». قال : شبَّه بياضَ الصبح ببياض البَنيقة.
وقال ذو الرّمة :
دَياجِمُها مبنوقةٌ بالصَّفاصِفِ
مبنوقة : موصولةٌ بها ، أُخذ من البَنيقة.
وقال أبو النجم :
إذا اعتَقَاها صَحْصَحانٌ مَهْيَعُ |
مُبَنقٌ بآلِه مُقنَّعُ |
قال الأصمعي : قوله مبنَّق ، يقول : السّرابُ في نواحيه مقنَّع قد غُطِّيَ كلُّ شيء منه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَبنَق وبَنق وبنَّقَ ، ونبَّق وأنْبَقَ ، كلُّه إذا غَرَسَ شِراكاً واحداً مِن الودِيِّ. فيقال : نخلٌ مُنَبِّق ومُبَنق.
نبق : قال الليث : النَّبِق : حَمْل السِّدْر.
عمرو عن أبيه : النَّبِق : دقيق يَخرج من لُبِّ جذع النخلة حلوٌ يُقَوَّى بالصقْر ثم يُنْبذ فيكون نهايةً في الجودة ، ويقال لنبيذه : الضرِيّ.
أبو عبيد عن الأصمعي : المنبِّقُ من النخل المصطفُّ على سطرٍ مستَوٍ. وأنشد :
كنخلٍ من الأعراض غير منبِّقِ
ورُوِي غير مُنبَّق.
وقال شمر : قال المفضل في قوله غير منبق : غيرُ بالغٍ.
أبو عبيد عن أبي زيد : إذا كانت الضَّرْطة ليست بشديدة قيل : أنبَق بها إنْباقاً.
سلمة عن الفراء : النُّبَاقى مأخوذ من النُّباق ، وهو الحُصاص الضّعيف.
وقال زائدة البكريّ وحَتْرَشٌ ، فيما رَوَى أبو تراب عنهما : هو يَنتبِق الكلامَ انتباقاً وينتَبِطُه ، أي : يَستخرجه.
ق ن م
قنم ، قمن ، نقم ، نمق : مستعملة.
نقم : قال الله جلّ وعزّ : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ) [المائدة : ٥٩].
قال أبو إسحاق : يقال : نَقَمْتُ على الرجل أنقِم ، ونَقِمْتُ عليه أنقَم ، والأجود نَقَمْتُ أنقِم ، وهو الأكثر في القراءة.
قال الله : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ) [البروج : ٨].
قال : ومعنى : نَقَمتُ : بالغْتُ في كَراهة الشيء.
وقال ابن الرّقيات :
ما نَقَموا مِن بني أميّة إل |
لَا أنّهم يَحلُمون إن غضبوا |
يروى بالفتح والكسر نَقَموا ونَقِموا.
وقال الليث يقال : لَم أرْضَ منه حتى نَقَمْتُ وانتَقَمْت : إذا كافأه عُقوبةً بما صَنَع.
وقال :
نقود بأرسان الجياد سَرَاتنا |
ليَنقِمنَ وِتراً أو ليدفَعْنَ مَدفَعا |
يقال : نَقم فلانٌ وِترَه ، أي : انتقم.
قال أبو سعيد : معنى قول القائل : «مثلي مثل الأرقم ، إن يُقتَلْ ينقَم ، وإن يُتركَ يلقم». قوله : إن يقتل ينقم ، أي : يثأر به.
قال : والأرقم : الذي يشبه الجانّ ، والناس يتقون قتله لشبهه بالجانّ. والأرقمُ مع ذلك من أضعف الحيات وأقلّها عضّاً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النِّقمة : العقوبة.
والنِّقمة : الإنكار.
قال : وقوله : (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا) [المائدة : ٥٩] ، أي : هل تُنْكرون.
قلتُ : يقال : النَّقِمة والنِّقْمة : للعقوبة.
وناقم : تمرٌ بعُمانَ. وناقِم : حيٌّ من اليَمن.
نمق : قال الليث : يقال : نمَّقتُ الكتاب تنميقاً : إذا حسنتَه وجَودْتَه ، ولو قيل بالتخفيف لحسُنَ.
أبو عبيد عن أبي زيد : نَمَقْتُه أنمقُه نَمقاً ، ولمقتُه ألمُقُه لمقاً.
قال أبو عبيد : ويقال : نَمَّقْتُ الكتاب ونَبَّقْتُه ، ونَمَقْتُه واحد.
وقال شمر : بَنَّقْتُه مقلوب من نَبقْتُه.
وقال الأصمعيُّ : يقال للشيء المرْوِح فيهِ نَمقَهُ وزَهْمَقَهُ ونَمَسهُ.
قمن : رُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إني قد نُهيتُ عَنِ القراءة في الركوع والسجود.
فأما الركوع فعظِّموا الله فيه ، وأما السجود فأكثروا فيه من الدُّعاء ، فإنّه قَمِنٌ أن يستجاب لكم». قال أبو عبيد : قوله : قمنٌ كقولك جَديرٌ وحَرِيٌّ أن يُستجاب لكم.
يقال : فلانٌ قَمِنٌ أن يفعل ذلك. وقمينٌ أن يفعل ذلك فمن قال قمِنٌ أراد المصدَر فلم يُثنِّ ولم يَجمع ولم يؤنِّث.
يقال : هما قمنٌ أنْ يَفْعَلا ذاك ، وهم قمنٌ أن يَفعلوا ذاك ، وهُنّ قمنٌ أن يفْعلْن ذاك.
ومَن قال قمِنٌ أراد النعْتَ فثَنّى وجَمَع فقال : هما قَمِنان وهم قَمِنُون ، ويؤنث على ذلك ويجمع وفيه لُغَتان هو قمنٌ أن يفعل ذاك وقمينٌ أن يفعل ذاك.
وقال قيس بن الخطيم :
إذا جاوَزَ الإثنين سِرٌّ فإنّه |
بِنثّ وتكثير الوشاةِ قمينُ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَمِن : القريب.
والقَمِن : السَّريع.
وقال أبو عمرو : القَمِن : السريع.
قال ابن كيسان : قمينٌ بمعنى حريٌّ ، مأخوذ من تقمَّنتُ الشيء : إذا أشرفتَ عليه أن تأخذه.
وقال غيره : هو مأْخوذ من القمين بمعنى السريع والقريب.
وقال اللِّحياني : إنّه لمقْمَنَةٌ أن يَفعل ذاك ، وإنهم لمقْمَنَةٌ أن يفعلوا ذاك ، لا يثنى ولا يُجمع في المذكر والمؤنث ، كقولك : مَخْلَقَةٌ ومَجْدَرة.
قنم : الأصمعي وغيْره : قَنِم الوَطْبُ يَقْنَم قَنماً فهو قَنم وأَقنُم : إذا تغيرتْ رائحته.
وأنشد :
وقد قَنِمتْ مِن صَرِّها واحتلابها |
أنامِلُ كفَّيها وللْوطبُ أقْنَم |
ويقال : فيه قَنَمةٌ ونمقة : إذا أروحَ وأَنتن.
[أبواب القاف والفاء]
ق ف ب : مهمل.
ق ف م
استُعمل من وجوهه : فقم.
فقم : قال الليث : الفقَم : رَدّةٌ في الذَّقَن ، والنعتُ أفقَم.
والفُقم : طرفا الخَطْمِ للكلب ونحوه.
وربَّما سموا ذقَن الإنسانِ فُقماً وفَقْماً.
والأمر الأفقم : الأعوج المخالف. وقد فَقِم الأمر يفقَم فَقَماً وفُقوماً.
قال : والمفاقمة : البُضع. وأمرٌ متفاقم ، وإنْ قيل فَقم الأمر كان صواباً.
وأنشد :
فإنْ تَسمَعْ بلأمِهما |
فإنَّ الأمر قد فَقِما |
وقال غيره : الفَقَم في الفم أن يتقدَّم الثنايا السُّفلى فلا تقع عليها العليا إذا ضَمَّ الرجُل فاه. يقال : فَقِم يَفقَم فَقَماً فهو أفقم.
وقال أبو عمرو : الفقَم : أن يطُول اللَّحيُ الأسفل ويقصرُ الأعلى.
ويقال للرجل إذا أخذ بلحية صاحبه وذَقَنه أخذ بفُقْمه.
وفي الحديث : «من حَفظ ما بين فقْميه دخل الجنة». وفَقَمتُ الرجلَ فَقْماً وهو مفقوم : إذا أخذتَ بفقمه.
أبو عبيد عن أبي زيد : أخذتُ بفقم الرجل : إذا أخذتَ بذقنه ولحيَيْه.
والفُقْمان : اللَّحيانِ.
وقال أبو تراب : سمعتُ عَرَّاماً يقول : رجل فَقمٌ فهِم : إذا كان يعلو الخُصومَ.
وقال غيره : رجل لقِم لهِمٌ مِثْلُه.
[أبواب القاف والباء]
ق ب م
استعمل من وجوهه : بقم.
بقم : قال الليث : البَقَّمَ دخيل ، وهو اسمٌ لشجرة ، وهو صِبْغ يصبَغ به.
وقال رؤبة (١) :
كمَرْجَل الصَّبّاغ جاشَ بَقّمه
قال : وإنّما علمنا أنّه دخيل معرب لأنه ليس للعرب بناءُ كلمة على فَعَّل ، ولو كانت بقّم كلمةً عربية لوُجد لها نظير ، إِلا ماءٌ يقال له بذّر ، وخَضّم ، هم بنو العنبر بن عمرو بن تميم.
__________________
(١) البيت للعجاج كما في «ديوانه» (٦٤) ، و «اللسان» و «المقاييس» (بقم).
ورَوَى سلمة عن الفراء : لم يأت فعَّل اسماً إلّا بَقَّم وعَثَّر وبذَّر ، وهما موضعان ، وشَلّم بيت المقدس ، وخَضَّم ، لا تنصرف ، وهي قرية.
قال الفرّاء : وكلُّ فَعَّل ينصرف إلّا أن يكون مؤنثاً.
ويقال للرجل الضعيف : ما أنت إلّا بُقَامة.
ورَوَى سلمة عن الفراء قال : البُقَامة : ما تَطاير من قَوْس الندّاف من الصُّوف.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كتاب [الثلاثي] المعتل من حرف القاف
ق ك
(وايء) مهمل.
[باب القاف والجيم]
ق ج
(وايء) استعمل من وجوهه : لجوق.
جوق : قال الليث : الجَوْق : كلُّ قطيع من الرُّعاة أمرهم واحد.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال : يقال في وجهه : شَدَق وجَوَق ، أي : مَيَل. وقد جَوِق يَجْوق جَوَقاً فهو أجْوَقُ وجَوِقٌ.
وقال : عَدُوٌّ أجْوَقُ الفكِّ ، أي : مائل الشِّدق ، وجمعه جَوَقة.
[باب القاف والشين]
ق ش
(وايء) قشا ، وقش ، وشق ، شقا ، شقأ ، شوق ، شيق.
قشا : قال الليث : قَشوْت القضيبَ ، أي : خَرطْته وأنا أَقْشُوه قَشْواً فأنا قاشٍ والمفعول مَقْشُوّ.
قال : والقاشر في كلام أهل السواد : الفَلْسُ الرَّديء.
أبو عبيد عن الأصمعيّ يقال : درهم قَشِيّ ، مِثل رجلٍ دَعِيّ.
قال الأصمعي : كأنَّه إعراب قاشي.
وقال الليث : القَشْوة : قُفّة يكون فيها طِيب المرأة.
وأنشد :
لها قَشْوةٌ فيها مَلابٌ وزَنْبَقٌ |
إذا عَزَبٌ أَسرَى إليها تَطيَّبا |
قلتُ : والقَشوة : شبه العَتِيدة المغشَّاة بجِلد ، وجمعُها قِشاء وقَشَوات.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أَقشَى الرجُل : إذا افتقَر بعد غِنًى. وقال رجل دخل على معاويةَ فرأى في يَدِه لِياءً مُقَشًّى.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : اللِّيا بالياء ،
واحدتُه لِياءة ، وهو اللّوبِياء (١) واللُّوبياج.
قال : ويقال للصبيَّة المليحة : كأنَّها لِياءةٌ مَقْشُوّة.
وقال أبو عبيد : قال الفراء : المُقَشَّى هو المُقَشَّر ؛ يقال منه : قَشَوْتُ العَوْدَ وغيرَه : إذا قَشَرْتَه ، فهو مَقْشُوٌّ ، وقشَّيْتُه فهو مُقَشَّى.
وقال في اللِّياء نحو ما قال ابن الأعرابيّ.
ورَوَى أبو تراب عن أبي سعيدٍ الضّرير أنه قال : إنَّما هو اللِّباء الذي يُجعل في قِداد الجَدْي. وجعله تصحيفاً من المحدِّث.
وقال أبو سعيد : اللبأ : يُحلب في قداد ، وهي جلود صغار المعزى ثم يملّ في الملّة حتى يَيْبَس ويجمد ثم يخرج ويباع كأنه الجُبْن ، فإذا أراد الآكل أكله قَشَا عنه الإهابَ الذي طُبخ فيه ، وهو جلدُ السَّخلة الذي جُعِل فيه.
قال أبو تراب : وقال غيره : هو اللِّياء بالياء ، وهو مِن نَبات اليَمَن ، وربَّما نَبَتَ بالحجاز في الخِصْب ، وهو في خِلْقَة البَصَلة وقَدْر الحِمَّصة ، وعليه قُشورٌ رِقاقٌ ، إلى السواد ما هو ، يُقْلَى ثم يُدْلَك بشيء خَشِنٍ كالمِسْح ونحوه فيخرج مِن قِشره فيؤكل بَحْتاً ، وربّما أكِل بالعَسَل وهو أبيض ، ومنهم من لا يَقْليه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَشَا : البُزَاق.
قال : والقَشْوة : حُقّةُ النُّفَساء.
وقال أبو عمرو : القَشْوانة : الدَّقيقة الضعيفة من النساء.
وقش : أخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : رُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «دخلتُ الجنّة فسمِعتُ وَقْشاً خَلْفي ، فإذَا بِلال».
وقال مالك بن نويرة :
وكنت متى ألْقَ الجُهينيّ لم يزل |
له وقَشٌ في داخل القلب واغرُ |
يريد : حركة الحقد. وقد توقَّشَ زمعٌ في فؤادي : إذا تحرَّك.
وقال ذو الرمة :
فدع عنك الصّبا وعليك همّا |
توقَّشَ في فؤادك واحتيالا |
وقال :
تسمعُ للرِّيح بها أوقاشا
أي : أصواتاً.
قال ابن الأعرابيّ : يقال : سمَعت وَقْش فلان ، أي : حَركْتَه.
وأنشد :
لأخفافها بالليل وَقْشٌ كأنه |
على الأرض تَرسَاف الظِباء السّوانِح |
__________________
(١) بعده في المطبوع : «وهو اللوبيا» ، وانظر «اللسان» (قشا).
أبو عبيد عن أبي زيد : الوَقْشة والوقْش : الحركة.
أبو تُراب سمعتُ مبتكِراً يقول : الوَقَش.
والوَقَصُ : صغار الحطب الذي يُشَيّع به النار.
وشق : رُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه أُتِيَ بوشيقة يابسة من لحمِ صَيْد فقال : «إني حَرامٌ».
قال أبو عبيد : الوَشيقة : اللّحمُ يؤخذ فيُغْلى إغلاءةً ويحمل في الأسفار ولا يُنضَج فيتهرّا. وزعم بعضهم أنه بمنزلة القَديد لا تَمَسُّه النار. يقال منه : قد وشَقْتُ اللحمَ أَشِقُه وَشْقاً ، واتّشَقَتْ اتِّشاقاً.
وأنشد :
إذا عَرَضتْ منها كَهاةٌ سَمِينَةٌ |
فلا تُهْدِمنها واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ |
عمرو عن أبيه : الوَشيق : القَدِيد وكذلك المُشنَّق.
وقال الليث : الوَشِيق : لحمٌ يُقَدَّد حتّى يَقِبَّ وتَذهب نُدُوّتُه ، ولذلك سُمِّي الكابي واشقاً ، اسمٌ له خاصّة.
وفي حديث حذيفة : أنَّ المسلمين أخطأوا بأبيه اليَمَانِ فتَواشَقُوه بأسيافهم ، أي : قطَّعوه كما يقطَّع اللحمُ إذا قُدّد.
شقا : قال الليث : يقال : شَقِيَ شَقاءً وشقاوة وشِقْوة.
وقال غيره : شاقَيْتُ فلاناً مُشاقاة : إذا عاشرتَه وعاشَرَك.
والشَّقاء : الشدّة والعُسْر ، وشاقيتُهُ ، أي : صابَرْتُه.
وقال الراجز :
إذا يُشاقِي الصّابراتِ لَم يَرِثّ |
يَكادُ مِن ضَعْف القُوَى لا يَنْبعِثْ |
يعني جَمَلاً يُصابِر الجَمالِ مَشْياً.
ويقال : شاقيتُ ذلك الأمرَ بمعنى عانَيتُه.
وقال الله جلّ وعزّ : (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) [المؤمنون : ١٠٦] ، وهي قراءة عاصم وأهلِ المدينة.
قال الفراء : وهي كثيرةٌ في الكلام. وقرا ابن مسعود : (شَقَاوَتَنا).
قال : وأنشدني أبو ثرْوان :
كلِّف مِن عَنائه وشِقْوتِهْ |
بنتَ ثماني عَشْرةٍ من حجَّته |
عمرو عن أبيه قال : المُشاقاة : المعالَجة في الحَرْب وغيرها.
شقأ : أبو زيد : شَقأَ النابُ تَشْقَأ شَقْأ وشُقُوءاً : إذا طلعتْ ويقال : شَقأ رأسَه بالمُشْط شَقْئاً وشُقوءاً : إذا فَرّقه. قال : والمَشقأ : المَفرِق. والمِشقاء : المُشْط.
وقال الليث نحوه : قال : والمِشْقأة : المِدراة.
وقال ابن الأعرابيّ : المِشْقأ ، والمِشْقاء ،
والمِشْقَى مقصور غير مهموز : المُشْط.
أبو ترَاب عن الأصمعي : إبِلٌ شُوَيقِئة وشُويكئة حين يطلع نابُها ، مِن شقأ نابُهُ وشَكَأ وشاكَ أيضاً.
وأنشد :
شُوَيْقِيّة النابَيْنِ تَعدِلُ دَفَّها |
بأفْتَلَ من سَعَدانة الزَّورِ بائنِ |
وقال آخر :
على مستظَلّات العُيون سَواهِمٍ |
شُوَيْكِئةٍ يكْسُو بُراها لُغامُها |
شوق : قال الليث : الشَّوْقُ يقال منه : شاقَني حُبُّها وذِكرُها يَشُوقُني ، أي : يَهيجُ شوقي.
وقد اشتاق اشتياقاً.
أبو الهيثم فيما قرأت بخطّه لابن بُزُرج : شُقْتُ القِرْبَة أشُوقُها : نَصَبْتُها إلى الحائط ، فهي مَشوقةٌ.
ثعلب عن ابن الأعرابي : الشَّوْق : حركة الهوى ، والشُّوَّق : العُشّاق.
يقال : شُقْ شُقْ : إذا أمرتَه أن يشوِّق إنساناً إلى الآخرة.
وقال الليث : الأُشَّق هو الأُشَّجُ ، وهو دواء كالصَّمغ ، دخيل في العربية.
شيق : أبو العباس عن ابن الأعرابي : الشِّيق : الشّقّ في الجبل.
والشِّيقُ : ما حَدَث. والشِّيقُ : ما لم يَزَلْ.
والشِّيق : رأس الأُدَاف. والشِّيق : شَعَر ذَنَب الفَرَس.
والشِّيق : ضَرْبٌ من السَّمَك.
وقال الليث : الشِّيق : شَعَر ذَنَب الدابة ، الواحدة شِيقَة.
والشِّيق : سُقْعٌ مستوٍ دقيق في لهِبْ الجبَل ، لا يستطاع ارتقاؤه.
وأنشد :
إحْلِيلُها شَقٌّ كشَقّ الشِّيقِ
باب القاف والضاد
ق ض (وايء)
قضي ، قوض ، قيض ، ضيق ، قضأ ، ضقى.
قضي : عمرو عن أبيه : قَضَّى الرجُل : إذا أكل القَضَى ، وهو عَجَم الزَّبيب.
قال ثعلب : هو بالقاف.
قال ابن الأعرابي : وقال الله : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) [الأنعام : ٨].
قال أبو إسحاق : معنى قُضي الأمر : أُتمَّ إهلاكُهم.
قال : وقضى في اللغة على ضرُوب كلُّها تَرجع إلى معنى انقطاع الشيءِ وتمامِه ، ومنه قوله جل وعزّ : (ثُمَ قَضى أَجَلاً) [الأنعام : ٢] ، معناه : ثم حَتَم بذلك وأتمَّه.
ومنه الأمر ، وهو قوله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣] ، معناه :
أمر ، لأنّه أَمرٌ قاطع حَتْم.
ومنه الإعلام ، وهو قوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) [الإسراء : ٤] ، أي : أعلمناهم إعلاماً قاطعاً.
ومنه القضاء الفَصْلُ في الحكم ، وهو قوله جلّ وعز : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) [الشورى :
١٤] ، أي : لفُصِل الحكم بينهم.
ومثل ذلك قولهم : قد قَضَى القاضي بين الخُصوم ، أي : قد قَطع بينهم في الحكم.
قال : ومِن ذلك قد قَضَى فلانٌ دَيْنَه ، تأويله قد قَطَع بالعَزيمة عليه وأدَّاه إليه ، وقَطع ما بينه وبينَه.
وكلُّ ما أُحكِم فقد قُضِيَ.
تقول : قد قضيتُ هذا الثوبَ ، وقد قضيتُ هذه الدارَ : إذا عَمِلْتَها وأحكمت عملها.
قال أبو ذؤيب :
وعليهما مسرودتان قضاهما |
داودُ أو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ |
ومنه قوله جلّ وعزّ : (فَقَضاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت ١٢] ، أي : فَخَلَقهن وعَملهنَّ وصَنَعهنَّ.
قال الليث : تقول : قضى الله عهداً ، معناه : الوصيّة.
وبه يفسَّر : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ).
قال : وقضى ، أي : حكم ، وقضَى فلانٌ صلاته ، أي : فرغ منها.
وقضى عبرتَه ، أي : أخرجَ كلّ ما في رأسه.
وقال أوس :
أم هل كبير بكى لم يقضِ عَبرتَه |
إثر الأحبّةِ يومَ البينِ معذورُ |
أي : لم يخرج كل ما في رأسه.
وقال أبو بكر : قال أهل الحجاز : القاضي في اللغة معناه : القاطع للأمور المحكم لها.
قال الله : (فَقَضاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) ، أراد فقطعهنَّ وأحكم خلقهنَّ.
قال : والقضاء بمعنى العمل.
قال الله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) [طه : ٧٢] معناه : فاعملْ ما أنت عامل.
والقضاء : الحكم. والقضاء : الأمر.
قال الله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ) [الإسراء : ٢٣] ، أي : أمر ربك.
وقال الليث في قوله : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) [سبأ : ١٤] ، أي : أتى عليه.
قال : والانقضاء : ذَهاب الشيء وفَناؤه ، وكذلك التَقضِّي.
وأما قوله جل وعز : (ثُمَ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) [يونس : ٧١].
فإن أبا إسحاق قال : ثم افعلوا ما تريدون.
وقال الفراء في قوله : (ثُمَ اقْضُوا إِلَيَ) ،
معناه : ثم امضوا إليّ ، كما يقال قد قَضَى فلانٌ يراد قد مات ومَضَى.
وقال أبو إسحاق : هذا مِثل قوله في سورة هود [٥٥]. قال هودٌ لقومه : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ).
يقول اجهَدوا جهدَكم في مكايدتي والتألُّبِ عليّ.
ولا تنظروني ، أي : لا تمهِلوني.
قال : وهذا من أقوى آيات النبوّة : أن يقول النبي صلىاللهعليهوسلم لقومه وهم متعاوِنون عليه : افعلوا بي ما شئتم.
وقال أبو عبيد : القَضَّاء من الدُّرُوع : التي قد فُرغ مِنْ عَمَلها وأحكِمتْ.
وقال أبو ذُؤيب :
وعليهما مَسْرُودتان قضاهما |
داودُ أو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ |
قال : والفِعل من القَضَّاء : قَضَيتها.
قلت : جعل القَضَّاء فَعَّالاً مِنْ قَضَى.
وغيرُه : تُجعل القضّاء فَعْلاء مِن قَضَّ يَقَضُّ وهي الجديدُ الخَشِنة ، مِن إقضاض المَضْجَع.
ويقال : تقاضَيتُه حَقِّي فقضانيه ، أي : تَجَازيْتُه فَجزَانِيه.
ويقال : اقتضيتُ مالِي عليه ، أي : قبضتْهُ وأخذتُه.
واستُقضِيَ فلانٌ ، أي : جُعل قاضياً يَحْكم بين الناس.
والقاضية من الإبل : ما يكون جائزاً في الدِّيَةِ والفريضةِ التي تجب في الصَّدَقة.
وقال ابن أحمر :
لَعَمْرُكَ ما أَعانَ أبو حَكِيم |
بقاضيةٍ ولا بَكْر نجيبِ |
ويقال : اقتَتَل القومُ فقَضَّوا بينهم قَواضِي وهي المَنايا.
قال زُهَير :
فقَضَّوا مَنَايا بينهمْ ثم أصدَرُوا
ويقال : قَضَى بينهم قضيّةً وقَضايا.
والقَضايا : الأحكام ، واحدتها قضِيّة.
وقال الليث : القاضية : المنيّة التي تقضِي وَحِيّاً.
أبو عبيد عن الأصمعي : مِن نبات السَّهْل الرِّمْث والقِضَة.
وقال ابن السكيت : يجمع القِضَة قِضِينَ ، وأنشد :
بساقَينِ ساقَيْ ذي قِضينَ تحُشُّه |
بأعواد رَنْدٍ أو ألاويةً شُقْرا |
قوض : قال الله جلَّ وعزَّ : (جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) [الكهف : ٧٧] ، وقرئ : (ينقاضَ) و (ينقاصَ) بالضاد والصاد.
فأما ينقضّ فيَسقُط بسرعةٍ ، من انقضاض الطير ، وهذا مِن المضاعَفِ. وأمَّا ينقاضُ فإِنَّ المنذريَّ أخبرني عن الحراني عن ابن السكِّيت أنه قال : قال عمرو : انقاضَ وانقاضَّ واحد ، أي : انشقَّ طُولاً.
قال : وقال الأصمعيَّ : المُنْقَاضُ : المُنْقَعِر من أصلِه. والْمُنْقاضُّ : المنشقُّ طولاً.
يقال : انقاضَت الرَّكِيَّةُ وانقاضَت السِنُّ.
أبو عبيد عن أبي زيد : انقضَّ الجدار انقضاضاً وانْقاضَ انقياضاً ، كلاهما إذا تَصدَّع من غير أن يَسقُط ، فإِن سَقَط قيل : تقيَّضَ تقيُّضاً وتقوَّضَ تقوُّضاً ، وأنا قَوَّضْتُه.
حدثنا السعدي قال : حدثنا العطاردي قال : حدثنا أبو معاوية عن أبي إسحاق الشيباني عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن مسعود عن أبيه قال : كنَّا مع النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر فنزلنا منزلاً فيه قرية نمل ، فأحرقناها فقال لنا : «لا تعذِّبوا بالنار فإنه لا يُعذِّب بالنار إلّا ربُّها».
قال : ومررنا بشجرة فيها فرخَا حُمَّرةٍ فأخذناهما فجاءت الحمرةُ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهي تقَوِّضُ ، فقال : «مَن فَجَعَ هذه بفرخيها؟» قال : فقلنا : نحن.
فقال : «ردّوهما». قال : فرددناهما إلى موضعهما.
قال الأزهري : قوله : «تقوَّضُ» ، أي : تجيء وتذهب ولا تقَرَّ.
قال : وتقيّضَت البيضة تقيُّضاً : إذا تكسَّرتْ فِلَقاً ، فإِذا تَصَدَّعتْ ولم تُفَلَّق قيل : انقاضتْ فهي مُنْقَاضَة. قال : والقارُورة مِثْلُه. والقَيْض : ما تَفلَّق من قُشور البَيْض.
الليث : قوَّضْتُ البناءَ : إذا نَقَضْتَه من هَدْم. وقَوَّضَ القومُ صُفُوفَهم ، وتقوَّضَت الصُّفوف وانقاضَ الحائط : إذا انهَدَم مكانَه من غير هَدْم ، فأمَّا إذا دُهْوِرَ فسَقَط فلا يقال إلّا انقضَّ انقضاضاً.
قال : والقيْض : البَيْض الذي قد خرج فَرْخُه وماؤه كلُّه. وقد قاضَها الفَرْخُ وقاضَها الطائر ، أي : شقَّها عن الفرخ فانقاضَتْ ، أي : انشقّت. وأنشد :
إذا شئتَ أن تَلقىَ مَقِيضاً بقَفْرَةٍ |
مفلَّقةٍ خِرشاؤها عن جَنِينِها |
وبئر مَقِيضة : كثيرة الماء. وقد قِيضَتْ عن الجَبْلة.
أبو عبيد عن الأمويّ : انقاضَت البئر : انهارتْ.
وقال غيره : انقاضت : تكسَّرت.
أبو تراب عن مصعبٍ الضِّبابي : تقوَّزَ البيضُ وتَقَوَّضَ : إذا انهدَم ، سواءٌ كانَ بيتَ مَدَرٍ أو شَعَر.
حدثنا السعدي قال : حدثنا ابن قهزاذ قال : أخبرنا ابن شميل عن عوف عن أبي المنْهال عن شهر بن حَوْشَب عن ابن عبّاس قال : إذا كان يوم القيامة مُدَّت الأرض مَدَّ الأَدِيم وزِيدَ في سَعَتِها ، وجُمع الخَلْقُ إنْسُهم وجِنُّهم في صعيدٍ واحد ، فإذا كان ذلك قِيضَتْ هذه السَّماءُ الدنيا عن أهلها فنُثِرُوا على وجه الأرض ، ثم
تُقاضُ السمواتُ سماءً فسَماءً ، كلَّما قِيضَتْ سَماءٌ كان أهلها على ضِعف مَنْ تحتها حتى تقَاضَ السابعةُ. في حديث طويل.
قال شمر : قِيضَتِ السماءُ ، أي : نُقِضَتْ ، يقال : قُضْتُ البِناءَ فانقاضَ.
وقال رؤبة :
أَفرَخَ قَيضُ بَيْضها المُنقاضِ
قيض : ومن ذوات الياء ، قال أبو عبيد هما قَيْضان ، أي : مِثلان. وقايضْتُ الرجلَ مقايضة : إذا عاوَضتَه بمتاع. وقيَّض الله فلاناً لفلان : جاء به. قال الله : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) [الزخرف : ٣٦].
قال أبو إسحاق : أي : نسبِّبْ له شيطاناً يجعل الله ذلك جزاءه. قال : ومعنى قوله جلَّ وعزَّ : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) [فصلت : ٢٥] ، أي : سبَّبْنَا لهم من حيث لم يَحتَسبوه.
أبو عبيد عن أبي زيد : تَقَيّضَ فلانٌ أباه تَقَيّلَه تَقَيضاً وتَقَيُّلاً : إذا نزع إليه الشَّبَه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القَيْض : العِوَض القَيْض : التمثيل.
يقال قاضَ يَقِيضُ : إذا عاضَه.
والمقايضة في البيع شبه المبادلة ، مأخوذ من القيض ، وهو العوض. وهما قيضانِ ، أي : مثلان.
قال : وقَيّضَ إبِلَه : إذا وَسَمَها بالقَيِّض ، وهو حَجَر يُحْمَى.
وقال ابن شميل : زعموا أنَّ أبا الخطاب قال : القَيِّضة : حُجَيرٌ يُكوَى به نُقْرةُ الغَنَم.
قال ابن شميل : يقال : لسانُه قَيِّضَةٌ ، الياء شديدة.
قضأ : قال أبو عبيد عن الأمويِّ : قضِئتُ الشيء أقضؤه : إذا قَضئتْ عينُه تَقْضأُ قَضأً ، وذلك إذا قَرِحَتْ وفَسَدَتْ ، وكذلك يقال للقِرْبة إذا فَسَدتْ أو عَفِنَتْ. القُضْأَة الاسم.
ويقال للرجل إذا نَكَحَ في غير كَفاءة : نَكَح في قُضْأة.
ويقال : ما عليك في قُضْأَة ، أي : ضَعَة.
وقال ابنُ بزرج : يقال : إنهم ليتقَضَّؤون منه أن يزوّجوه. يقول : يَسْتَخِسُّون حَسَبه ، مِن القُضْأَة.
ضقي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ضَقَى الرجل : إذا افتقر. وقَضَى : إذا مات.
وقَضَى : إذا أَمَرَ.
ضيق : قال الليث : تقول : ضاقَ الأمرُ وهو يَضيق ضِيقاً ، وهو أمر ضَيِّق. وفلانٌ مِن أمرِه في ضِيق ، أي : في أمرٍ ضَيِّق ، والاسم ضَيْق. وضَيْقة : منزل للقَمَر بِلِزْق الثُّريّا ممّا يلي الدَّبَران ، تَزعمُ العَرَب أنّه نَحْسٌ.
قلت : وأمَّا قول الشاعر :
بضَيقةَ بينَ النجمِ والدَّبَرَانِ
فإنه جعل ضيقةَ معرفة ، لأنه جعله اسماً علماً لذلك الموضع ، ولذلك لم يَصْرفه.
الحرَّاني عن ابن السكيت : يقال : في صدر فلان ضِيقٌ وضَيْق ، ومكانٌ ضيِّق وضَيْق. والضَّيْق : المصدر. والضَّيَق بفتح الياء : الشَّكّ. والضِّيقة مثل الضيق.
وأنشد :
بضيْقَةِ بَين النَّجمِ والدَّبَرَانِ
بكسر الهاء جَعله ضيِّقاً ولم يجعله اسماً لموضعٍ ، أراد بضيْقِ ما بين النَّجم والدبَرَان.
قلت : وقال أبو عمرو : الضَّيَق محركة الياء : الشكّ. والضَّيْق بهذا المعنى أكثر وأفشى.
وقال الفراءُ في قول الله : (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) [النحل : ١٢٧].
قال : الضّيْق : ما ضاق عنه صدرُك ، والضِّيقُ : ما يكون في الذي يتَّسع ويضيق ، مِثل الدار والثوب.
قال : وإذا رأيتَ الضَّيْق قد وقَع في موضع الضِّيق كان على أمرين : أحدهما : أن يكون جَمْعاً للضَّيْقة ، كما قال الأعشى :
كشَفَ الضَّيْقَة عَنَّا وفَسَحَ
والوجه الآخر : أن يراد به شيءٌ ضَيِّق فيكون ضَيْقاً مُخَفَّفاً ، وأصله التشديد ، ومثله هَينٌ لَينٌ.
ويقال : أضاقَ الرجلُ فهو مُضِيق : إذا ضاقَ عليه مَعاشُه.
وقالت امرأة لضرّتها وهي تُسامِيها :
ما أنتِ بالخُورَى ولا الضُّوقى حِرَا
الضُّوقى : فُعْلَى من الضِّيق ، وهي في الأصل الضِّيقَى فقُلبت الياء واواً من أجل الضمّة ، والخُورَى : فُعْلى مِن الخير ، وكذلك الكُوسَى فُعلَى مِن الكَيْس.
والمَضايق : جمعُ المضيق. والمُضايقة : مُفاعلةٌ من الضِّيق.
باب القاف والصاد
ق ص (وايء)
قصا ، قيص ، وقص ، صيق ، صوق (١).
قصا : قال الليث وغيره : القَصْو : قَطْع أذُن البعير ، يقال : ناقة قَصْواء وبعيرٌ مَقْصُوٌّ ، هكذا يتكلمون به ، وكان القياس أن يقولوا : بعيرٌ أقصى فلم يقولوا.
__________________
(١) جاء في «اللسان» (صوق ـ ٧ / ٤٤٤): «الصّاقُ : لغة في الساقِ ، عنبرية. قال ابن سيده : وأُراه ضرباً من المضارعة لمكان القاف. والصَّويقُ : لغة في السَّويق المعروف لمكان المضارعة». وكذا في «التاج» (صوق).
قال أبو بكر : القصَا : حذف في أذن الناقة ، مقصور ، يكتب بالألف. وناقة قصواء وبعير مقصيّ ومقصُوّ.
أبو عبيد عن أبي زيد قال : القَصْواء من الشاءِ : المقطوعُ طرفُ أذنِها.
وقال الأحمر : المُقَصَّاة من الإبل : التي شُقّ من أذنها شيء ثم تُرِك مُعَلَّقاً.
وقال الله جلّ وعزّ : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) [الأنفال : ٤٢].
قال الفراء : الدنيا مما يلي المدينة ، والقُصْوى مما يلي مكة.
الحراني عن ابن السكيت قال : ما كان من النُّعوت مِثل العُليا والدُّنيا فإِنه يأتي بضم أوَّله وبالياء ، لأنهم يستثقلون الواو مع ضمّة أوله ، فليس فيه اختلاف ، إلّا أنّ أهل الحجاز قالوا : القُصْوَى فأظهروا الواو ، وهو نادر ، وأخرجوه على القياس إذْ سَكَن ما قَبْل الواو ، وتميم وغيرُهم يقولون : القُصْيَا.
الليث : كلُّ شيء تَنحَّى عن شيء فقد قَصا يقصو قُصُوّاً فهو قاصٍ. والقاصية مِن الناس ومن المواضع : ما تَنحَّى.
والقصْوَى والأقصى ، كالأكبر والكبْرى.
أبو زيد : قصَوْتُ البعيرَ : إذا قطعتَ أذنه ، وناقة قَصْواء وبعيرٌ مقصُوٌّ على غير قياس.
ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للفَحْل : هو يَحْبو قَصا الإبل : إذا حفِظها من الانتشار.
ويقال : تقصَّاهم ، أي : طلبهم واحداً واحداً من أقصاهم.
ويقال : حاطهم القصا مقصوراً ، يعني كان في طُرَّتهم لا يأتيهم. وقال غيره : حاطهم القصا ، أي : حاطَهُم من بعيد وهو يبصرهم ويتحرَّز منهم ، ومنه قول بشر بن أبي خازم :
فحَاطُونا القَصا ولقد رَأَوْنا |
قريباً حيث يُستَمَع السرار |
ويقال : أقصاه يُقصيه ، أي : باعَدَه ، ويقال : هَلُمّ أقاصيك أيُّنا أبعَدُ من الشرِّ.
يقال : قاصيتُه فقصَوْتُه.
والقصايا : خِيار الإبل ، واحدتها قَصِيَّة ، وهي التي تُودَع ولا تُجْهَد في حَلَب ولا رُكوب ، وإذا جُهِدت الإبلُ قيل فيها : قَصايا.
ويقال : نزلْنا منزِلاً لا تُقْصِيه الإبل ، أي : لا تَبلعُ أقصاه.
ثعلب عن ابن الأعرابي : أقْصَى الرجلُ : إذا اقتنَى القَواصِيَ مِن الإبل وهي النِّهاية في الغَزارة والنّجابة. ومعناه : أنَّ صاحب الإبل : إذا جاءَ المصدِّق أقصاها ، ضِنّاً بها. وأقصى : إذا حَفِظ قَصَا العَسكر وقَصاءَه ، وهو ما حول العسكر ، وتقصَّيتُ الأمر واستقصيتُه.
وقص : قال الليث : الوَقَص : قِصَرٌ في العُنق كأنه رُدّ في جَوْف الصَّدْر. ورجل أوْقَص
وامرأة وَقْصاء.
وتقول : وقَصْتُ رأسَه : إذا غمَزْتَه سُفْلاً غمْزاً شديداً ، وربّما اندقَّت منه العُنُق.
والدابَّة تَذُبُّ بذَنبِها فَتَقص عنها الذُّباب وَقْصاً : إذا ضَرَبْته به فقتَلْته. والدوابُّ إذا سارت في رؤوس الإكام وقَصَتْها ، أي : كَسرتْ رؤوسَها بقوائمها.
وفي الحديث : أنّ رجلاً كان واقفاً مع النبي صلىاللهعليهوسلم فوَقصَتْ به ناقتُه وهو مُحْرمٌ في أخَاقِيق جِرذان. فمات.
قال أبو عبيد : والوَقص : كَسْرُ العُنق ، ومنه قيل : للرجل أوقص ، إذا كان مائل العُنُق قصيرَها. ومنه يقال : وقصْتُ الشيء : إذا كسَرْتَه.
وقال ابن مُقْبل :
فبعثتُها تَقِصُ المقَاصِرَ بعد ما |
كرَبتْ حَياةُ النارِ للمتنوِّرِ |
أي : تدُقّ وتكسِر يَعني ناقته.
وقال ابن السكّيت : الوَقص : دَقُّ العُنق.
والوَقْص : قصَر العُنق. والوَقَص أيضاً : دِقاقُ العِيدان تُلقى على النار ، يقال : وقِّصْ على نارِك.
قال حُميد بن ثَور يصف امرأة :
لا تَصطلي النارَ إلَّا مِجْمَراً أرِجاً |
قد كَسّرَتْ مِن يَلَنْجوجٍ لها وَقصَا |
وفي حديث عليّ : أنه قضى في الواقصة والقامصَة والقارصَة وهي ثَلاث جوارٍ ركبت إحداهنّ الأخرى فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبةُ فقضى للتي وَقصت ، أي : اندقَّ عنقها بثلثي الدِّية على صاحبتيها.
والواقصة بمعنى الموقوصة ، كما قالوا آشِرةٌ بمعنى مأشورة ، كما قال :
أناشِرُ لا زالت يمينك آشِره
أي : مأشورة.
وفي حديث مُعاذ بن جَبَل : أنه أُتِي بوَقَص في الصّدَقة وهو باليمن ، فقال : «لم يأْمرني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه بشيء».
قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : الوَقص : هو ما وَجَبَتْ فيه الغَنم مِن فَرائض الإبل في الصَّدَقة ما بين الخَمس إلى العشرين.
قال أبو عبيد : ولا أرَى أبا عمرٍو حَفِظ هذا ، لأنَّ سُنَّة النبي صلىاللهعليهوسلم أنَّ في خَمسٍ من الإبل شاةً ، وفي عَشْرٍ شاتَين إلى أربع وعشرين في كلِّ خمس شاة ، ولكنَ الوَقَصَ عندنا ما بين الفَريضتين ، وهو ما زادَ على خمسٍ من الإبل إلى تِسْع ، وما زاد على عَشْر إلى أربع عَشرة ، وكذلك ما فوقَ ذلك. وجمعُ الوَقَص أوقاص.
قال أبو عبيد : وبعض العلماءِ يجعل الأوْقَاصَ في البقر خاصَّة ، والأشناق في الإبل خاصّة ، وهما جميعاً ما بين الفريضتين.
وفي الحديث : «أنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم أُتِيَ بفَرَس فرَكِبه ، فجعل يتوقَّص به».
أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا نَزَا الفَرَسُ في عَدْوِه نَزْواً وهو يقارِبُ الخَطْو فذلك التوقُّص ، وقد تَوَقَّصَ.
وقال أبو عبيدة : التوقُّصُ : أن يَقْصُر عن الْخَبب ، ويزيدَ على العَنَق ، وَينْقُل قوائمه نَقْل الخَبَب ، غير أنَّها أقرب قَدْراً إلى الأرض ، وهو يرمي نفسَه ويَخُبْ.
أبو عبيد عن الكسائي : وقَصْتُ عُنقَه أقِصُها وَقْصاً ، ولا يكون وقَصَت العُنُقُ نفسها ، إنما هي وُقِصَتْ.
قال الأزهري : قال ابن السكيت : الوَقَص : قِصَر العُنق.
قال شمر : قال خالد : وُقِص البعير فهو موقوص : إذا أصبح داؤه في ظهره لا حَرَاك به.
قال : وكذلك العُنق والظهر في الوقْص.
قيص : قال الليث : يقال : قاصَتِ السِّنّ تَقِيص : إذا تحرّكتْ. ويقال : انقاصت.
وقال غيره : انقاصت السنُّ : إذا انشقت طُولاً ، وكذلك انقاصَتِ الركيَّة.
وأنشد ابن السكّيت :
يا رِيَّها مِن بارِدٍ قَلّاصٍ |
قد جَمَّ حتى هَمَ بانقياص |
وتقيَّصَت الحِيطانُ : إذا مالتْ وتقدّمتْ.
صيق : قال الليث وغيره : الصِّيق : الغُبار الجائل في الهواءِ. ويقال : صِيقَةٌ.
وأنشد ابنُ الأعرابيّ :
لي كلَّ يومٍ صِيقَةٌ |
فَوْقِي تأجَّلُ كالظِّلالَهْ |
أبو عبيد عن أبي زيد : الصِّيق : الريح المنتنة ، وهي من الدوابِّ.
وقال بعضهم : هي كلمة معرّبة ، أصلها زِيقا بالعِبرانيَّة.
سلمة عن الفرّاء قال : الصِّيق : الصَّوْت.
والصِّيقُ : الغُبار.
وقال أبو عمرو : الصائق والصائك : اللازق.
قال جَندَل :
أسوَدَ جَعْدٍ ذي صُنَانٍ صائقِ
باب القاف والسين
ق س (وايء)
قوس ، قيس ، قسا ، وقس ، وسق ، سقي ، سوق.
قوس ـ قيس : قال الليث : القَوْس معروفة عجمية وعربيّة تُصَغَّرَ قُوَيْساً ، والجميع القِياس وقِسِيّ ، العَدَد أقواس.
أبو عبيد : جمْعُ القوس : قِياس.
قال : وهذا أقيَسُ مِن قول مَن يقول قِسِيّ ، لأنّ أصلها قَوْس ، والواو منها قَبل السين ، وإنما حُوّلت الواو ياءً لِكسرةِ ما قبلها ، فإذا قلتَ في جمع القَوْس قِسِيّ أخّرْتَ الواوَ بعدَ السين ، فالقِياس : جمعُ القَوْس ، عندي أحسنُ من القِسِيّ.
وكذلك قال الأصمعي : القِياس : الفَجَّاء.
وقال الليث : شيخٌ أقوَسُ : مُنحنى الظهر ، وقد قَوَّس الشيخُ تقويساً ، وتقوّس ظهْرُه.
وقال امرؤ القيس :
أراهنُ لا يُحْبِبْن مَن قَلَّ مالُه |
ومَن قد رأيْنَ الشَّيْبَ فيه وقَوّسا |
وحاجبٌ مُسْتَقْوِسٌ ونُؤْيٌ مُسْتَقوِس ، ونحو ذلك مما ينعطف انعطافَ القَوْس.
قال والقَوْس : ما يَبقَى في أسفل الجُلّة من التمر.
يقال : ما بَقيَ إلّا قوسٌ في أسفَلِها. وقاله ابن الأعرابيّ وغيره.
قال الليث : والقُوس : رأسُ الصَوْمَعة.
وقال أبو عبيد : رُوِي أن عمرو بن معديكرَب قال : «تضيَّفْتُ بني فلان ، فأَتَوْني بثور وقَوْسٍ وكَعْب». قال : فالقَوْس : الشيءُ من التَّمر يَبقَى في أسفَل الجُلّة. والكَعْب : الشيء المجموع من السَمْن يَبْقَى في النِّحْي. والثَّوْر : القِطْعة من الأقِط.
وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : القُوس ، بضم القاف : موضع الرَّاهب.
قال جرير :
وذُو المِسْحَيْنِ في القُوسِ
أبو عبيد عن أصحابه : المِقْوَس : الحَبْل الذي يُصَفّ عليه عند السِّياق وجمعُه مَقاوِس ، ويقال له : المِقْبصُ أيضاً.
وقال أبو العِيال :
إنَّ البَلاءَ لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ |
ما كانَ مِنْ غَيْبٍ ورَجْمِ ظُنُونِ |
وقال الليث : قامَ فلانٌ على مِقْوَسٍ ، أي : على حِفاظ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : القُوسُ : صَوْمعة الراهب ، وهو بيت الصائد.
قال : والقُوس أيضاً : زجْر الكلْب : إذا خَسأته قلت : قُوسْ قُوسْ : فإذا دعوْتَ قلت : قُسْ قُسْ.
قال : وقَوْقَسَ : إذا أشلى الكلْبَ.
قال : والقَوْس : الزمان الصَّعب.
يقال : زمانٌ أقوَس وَقوِسٌ وقُوسِيّ : إذا كان صَعْباً. والأقوسُ مِن الرمل : المُشْرِف كالإطار.
وقال الراجز :
أُثنِي ثَناءً مِن بعيد المَحْدِس |
مشهورةٌ تجتازُ جَوْزَ الأقْوَسِ |
أي : تقطع وسط الرمل. وجَوْزُ كلّ شيء : وسَطُه.
أخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم أنه قال : يقال : إن الأرنب قالت : لا يدَّريني إلّا الأجْنَأَ الأقوَس ، الذي لا يبدُرني ولا ييأس. قوله : لا يدَّريني ، أي : لا يختِلُني.
قال : والأجنأ الأقوس : الداهية من
الرجال. يقال : إنه لأجنأ أقوس : إذا كان كذلك.
قال : وبعضهم يقول : أحوَى أقوس ، يريدون بالأحوى الألوى. وحَوَيْتُ ولويت واحد.
وأنشد :
ولا يزال وهو أَجْنى أقوس |
يأكل أو يحسو دماً ويلحس |
وقال الليث : المقايَسة : مُفاعَلةٌ من القِياس.
قال : ويقال : هذه خَشبةٌ قِيسُ إصبَع ، أي : قَدْرُ إصبع. وقد قاسَ الشيءَ يَقِيسُه قِياساً وقَيْساً ، أي : قَدْرَه. والمقياس : المقدار.
قال : والمقايَسة تجري مجرَى المُقاساة ، التي هي معالجة الأمر الشديد ومُكابَدتُه ، وهو مقلوبٌ حينئذ.
وقال ابن السكيت : قاسَ الشيءَ يَقُوسُه قُوساً ، لغةٌ في قاسَه يَقيسُه ، يقال : قِسْتُه وقُسْتُه.
قال ابن السكيت : قال الأصمعي : قست الشيء أقيسه قيساً وقياساً ، وقُسته أقوسُه قوساً وقياساً. ولا يقال أقسته بالألف.
ويقال : قايسْتُ بين الشيئين ، أي : قادَرْت بينهما.
وقال أبو العباس : يقال : هو يَخْطو قِيساً ، أي : تجعل هذه الخُطوة مِيزان هذه الخُطوة. ويقال : «قَصر مِقياسُك عن مِقْياسي» ، أي : مِثالُك عن مثالي.
ورُوِي عن أبي الدَّرْداءِ أنّه قال : «خيرُ نسائكم التي تدخلُ قَيساً وتَخْرُج قَيْساً». أي : تُدَبّرُ في صَلاح بيتها لا تَخْرُقُ في مِهْنَتها.
وقاسَ الطبيبُ قَعْرَ الجِراحَة قَيْساً.
وأنشد :
إذا قاسَها الآسي النِطاسيُّ أدبَرَتْ |
غثِيثتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها |
قسا : قال الليث : القَسْوةُ : الصَّلابة في كلِّ شيء والفعل قَسَا يَقْسُو فهوَ قاسٍ. قال : وليلة قاسيةٌ : شديدة الظُّلْمة.
أبو عبيد عن أبي عمرو : يومٌ قَسِيّ ، مِثال شَقِيّ ، وهو الشديد من حَرْب أو شَرّ.
وفي حديث ابن مسعود : أنه باعَ نُفايةَ بيتِ المال ، وكانت زُيُوفاً وقِسْياناً بدون وَزْنها ، فذُكِر ذلك لعُمَر فنَهاه ، وأَمَرَه أَن يَرُدَّها.
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : واحد القِسْيان دِرْهَمٌ قَسِيّ مخفّف السين مشدد الياء على مِثال شقِيّ.
قال : وكأنّه أعرابُ قاشٍ. ومنه حديثه الآخر : ما يَسُرّنِي دِينُ الذي يأتي العَرّافَ بِدرهمٍ قَسِيّ.
وقال أبو زُبَيد يَذكر المَساحِيَ :
لها صَوَاهِلُ في صُمِّ السِّلَامِ كما |
صاحَ القِسِيّاتُ في أَيدي الصَّياريفِ |
ويقال منه : قد قسا الدرهم يَقْسو.
ومنه حديثٌ آخرُ لعبد الله أنه قال لأصحابه : أَتَدْرون كيف يَدْرُس العِلْم؟
فقالوا : كما يَخْلُقُ الثّوْبِ ، أَو كما يَقْسو الدرهم. فقال : لا ولكن دُروسُ العلم بمَوْت العُلماء.
وقال غيره : حَجَر قاسٍ : صُلْبٌ. وأرضٌ قاسية : لا تُنبِت شيئاً. وقَسَا : موضع بالعالية.
وقال ابن أحمر :
بَهْجلٍ مِن قَسَا ذَفِر الخُزامَى |
تَداعَى الجِرْبِياء به الحَنِينَا |
وعامٌ قَسِيٌ ؛ ذو قَحْط.
وقال الرَّاجز :
ويُطعِمون الشَّحْم في العامِ القَسِيّ |
قُدْماً إذا ما احمرَّ آفاقُ السُّمِي |
|
وأصبحت مثلَ حَواشي الأتْحَمِيّ
وقال شمر : العامُ القَسِيُ الشديد لا مَطَر فيه. وعشيَّةٌ قَسِيّة : باردة.
وقال أبو إسحاق في قوله : (ثُمَ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) [البقرة : ٧٤] ، تأويل قَسَت في اللغة غَلُظت ويَبِستْ وعَسَّتْ.
وتأويل القسوة في القلب : ذَهاب اللِّين والرحمة والخشوع منه.
أبو زيد : يقال : ساروا سيراً قَسِيّاً ، أي : سيراً شديداً.
ثعلب عن ابن الأعرابي : أقْسَى : إذا سَكَن قُسَاءً وهو جَبَل وكلُّ اسمٍ على فعالٍ فهو ينصرف ، وأما قُسَاءُ فهو على قُسَواء على فُعَلاء في الأصل. ولذلك لم يَنصرف.
وقس : قال الليث : الوَقْس : الفاحشة والذِّكر لها ، وقال العجاج :
وحاصنٍ من حاصِناتٍ مُلْسِ |
عن الأذَى وعن قِراف الوَقْسِ |
قال : والوَقْس : الصوت.
قلتُ : غَلِط الليث في تفسير الوَقْس فجعَلَه فاحشةً ، وأخطأ في لفظ الوَقْس بمعنى الصَّوت ، وصوابه : الوَقش بالشين.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : رُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «دخلتُ الجنة فسمعتُ وقْشاً خَلْفي ، فإذا بلال»
. قال ابن الأعرابي : يقال : سمعتُ وقْشَ فلان ، أي : حَرَكته ، وقد مرَّ تفسيرُه في باب القاف والشين.
وقال ذو الرمة :
لأخفافها باللَّيل وقْشٌ كأنه |
على الأرض تَرسافُ الظِّباء السَّوانح |
وقال أبو عبيد : قال أبو زيد : الوقْشة والوقْش : الحركة. وأما الوَقْس فهو الجَربُ.
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : إذا قارفَ البعير مِنَ الجَرَب شيءٌ قيل : إنَّ به لوَقْساً.