نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٩٩

وغيره ، ويجب على شاربه من الحدّ ما يجب على شارب الخمر وهو ثمانون سوطا.

روي ذلك (١) عن عليّ ـ عليه السّلام ـ (٢).

وروي عنه ـ أيضا ـ : أنّه اجتاز بفقّاعيّ فأنكر عليه ، فقال : من خمّار ما أوقحك (٣)! وروي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أنّه (٤) لعن الخمر ، وعاصرها ، [ومعتصرها] (٥) ، وبائعها ، وشاربها ، وحاضر شربها ، والمدمن على شربها (٦).

و «الميسر» : القمار كلّه ، على اختلاف أجناسه وآلاته. مأخوذ من تيسير أمر الجزور ، بالإجماع عليه عند الشّرب واللّعب. والّذي يدخل فيه يسرّ ، والّذي لا يدخل فيه يسمّى (٧) : برما ، وينسبونه إلى البخل. ومنه قول الشّاعر :

ولا برما تهدي النّساء لعرسه

إذا القشع (٨) من برد الشّتاء تقعقعا (٩)

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) أنظر : تفسير العيّاشي ١ / ٣٤١ و ٣٤٢ وعنه البرهان ١ / ٥٠١.

(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٤) ليس في ب.

(٥) ليس في ج.

(٦) روى الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن عليّ ، عن آبائه ـ عليهم السّلام ـ قال : لعن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الخمر وعاصرها ومعتصرها وبايعها ومشتريها وساقيها وآكل ثمنها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه. الكافي ٦ / ٣٩٨ ، ح ١٠ وعنه وسائل الشّيعة ١٧ / ٣٠٠ وورد نحوه فيه وفي مستدركه ١٧ / ٧٥.

(٧) ليس في د.

(٨) القشع والقشعة : بيت من أدم ، وقيل : بيت من جلد ، فإن كان من أدم فهو الطّراف. لسان العرب ٨ / ٢٧٣ مادّة «قشع».

(٩) لمتمّم بن نويرة يرثي أخاه. لسان العرب ٨ / ٢٧٣ وج ١٢ / ٤٣ مادّة «برم».

٢٤١

وقال الطّوسي ـ رحمه الله ـ : ويدخل في الميسر الشّطرنج ، والنّرد ، واللّعب [بالجوز (١) ، واللّعب] (٢) بأربعة (٣) عشر : وهي البقير. واللّعب بالمقايلة (٤) : وهي قسمة التّراب بنصفين ؛ وذلك عند وضع المتقامرين فيه شيئا من ذهب أو فضّة.

و «الأنصاب» و «الأوثان» ما (٥) كانت الجاهلية تنصبها للعبادة.

والفرق بين الصّنم والوثن ، أنّ (٦) الصّنم ما (٧) كان من ذهب [أو الفضة] (٨) أو صفر أو نحاس. والوثن ما كان من حجارة ، أو خشب. قال الأعشى :

وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه (٩)

ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا (١٠)

وقوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ، تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) ؛ يعني : بعض (١١) بيض النّعام والفراخ تنالهما

__________________

(١) التبيان ٤ / ١٦.

(٢) ليس في أ.

(٣) ج ، د : بالأربعة.

(٤) ب ، د : المفايلة.+ م : المقابلة.

(٥) ليس في أ.

(٦) ج ، بأن.

(٧) أ ، د : من.

(٨) ليس في أ ، ب ، د.

(٩) الصواب ما أثبتناه في المتن ولكن في أ ، م ، ب : لا تنسينه.+ ج : لا تنسبينه.+ د : لا تنسه.

(١٠) التبيان ٤ / ١٦ ، لسان العرب ١ / ٧٥٩ مادّة «نصب».+ سقطت الآية (٩٢) وتقدّمت آنفا الآية (٩٣)

(١١) ليس في ب ، ج ، د ، م.

٢٤٢

الأيدي (١).

وقوله «ورماحكم» ؛ يعني : تنال (٢) النّعام وحمر الوحش وبقرها والضّباء (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) ؛ يعني : الصّيد في حال الإحرام ، مع نسيانه في حال قتله. قاله الكلبيّ ، وجماعة من المفسّرين ؛ كمقاتل ومجاهد [وغيرهما] (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) : يعني (٥) : الإبل والبقر والغنم (٦).

(هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) :

انتصب «هديا» على البيان (٧).

وقيل : انتصب ، لأنّه مصدر (٨).

قال النخعي (٩) : [إلى أحد (١٠) هذه الأشياء] (١١) بالصّيد (١٢) الوحشيّ ،

__________________

(١) ب : الأيادي.

(٢) ب زيادة : بها.

(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ).

(٤) ليس في ب.+ تفسير الطبري ٧ / ٢٧.

(٥) من ب.+ ج : وهي.+ ليس في أ ، د.

(٦) ب زيادة : يحكم به ذوا عدل منكم.

(٧) ب : للبيان.

(٨) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٣٩ ، التبيان ٤ / ٢٦.

(٩) ب زيادة : تعمد.

(١٠) ليس في ج.+ م : أشبه.

(١١) ليس في ب.

(١٢) ب : إلى الصّيد.

٢٤٣

فيهديه إلى الكعبة ، يذبحه أو (١٣) ينحره بها (١٤). [إن كان محرما بالعمرة نحره (١٥) بمكّة] (١٦) ، وإن كان محرما بالحجّ ذبحه أو نحره بمنى (١٧).

وعندنا : إن أصاب المحرم ذلك في الحرم فعليه الفداء والقيامة ، وإن كان محرما في الحلّ فداه بمثله من النّعم.

فإن (١٨) كان نعمامة فداها ببدنة ، فإن لم يجد فقيمتها [على الفور ، وإن (١٩) لم يقدر (٢٠) صام لكلّ نصف صاع يوما.

وإن كان حمار وحش أو بقرة وحش فعليه بقرة] (٢١) ، فإن لم يجد تصدّق بقيمتها ، فإن لم يجد فضّ القيامة على البرّ وصام لكلّ نصف صاع يوما.

وإن (٢٢) كان ظبيا (٢٣) أو ثعلبا أو أرنبا فعليه شاة أو يتصدّق بقيمتها ، فإن لم

__________________

(١٣) ب : و.

(١٤) ب : بمكّة.

(١٥) ج : وينحره.

(١٦) ليس في ب.

(١٧) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٣١.

(١٨) ب : فإذا.

(١٩) ب : فإن.

(٢٠) ب : لم يجد.

(٢١) ب زيادة : أهليّة.+ ليس في د.

(٢٢) ب : فإن.

(٢٣) ب : م : ضبّا.

٢٤٤

يجد صام عن كلّ (١) نصف صاع يوما.

قال بعض أصحابنا : من لم يجد الفداء والقيامة يصوم عن النّعامة ستّين يوما ، وعن البقرة ثلاثين يوما ، وعن الظّبي [عشرة أيّام وإن عجز صام] ثلاثة أيّام. فمن لم يقدر على الصّوم صام (٢) عن (٣) كلّ عشرة أيّام ثلاثة أيّام (٤).

وإن كان الصّيد ممّا لا نظير [له] من النّعم ، لزم قاتله قيمته.

وإن أصاب المحرم بيض نعام ، قد تحرّك فيه الفراخ ، فعليه لكلّ (٥) بيضة من صغار الإبل بعدد ما كسر. فإن لم يجد ، كان عليه عن كلّ بيضة شاة.

وإن كان (٦) بيض (٧) قبج أو درّاج أو حجل ، فعليه ما ينتج من صغار الغنم بعددها.

ولجميع (٨) ما يفعله المحرم في الحجّ ممّا نهي عنه (٩) حكم مذكور في كتب الفقه ، لا يحتمله كتاب التّفسير.

وقوله ـ تعالى ـ : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) ؛ يعني : قيمة ذلك ، يشتري

__________________

(١) ب : لكلّ.

(٢) ليس في أ.

(٣) ليس في د.

(٤) أنظر : شرايع الإسلام ١ / ٢١٥ و ٢١٦.

(٥) ج : في كلّ.

(٦) ليس في ج.

(٧) ليس في ب.

(٨) ج : وجميع.+ أ ، د ، ب : بجميع.

(٩) ليس في أ ، د.+ ب زيادة : منه.

٢٤٥

به (١) طعاما يفرّقه على المساكين (٢). (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) وقد ذكرناه (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ).

قيل : يعني : قبل التّحريم ، فإنّه لا كفّارة عليه فيه (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ عادَ ، فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) ؛ يريد : (٥) عاد في فعله بعد [التّحريم ، منه ، فينتقم منه] (٦) بالكفّارة في الدّنيا والعقوبة في الآخرة (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ) ؛ يريد بصيده : الطّريّ من الحيتان ، و (٨) بطعامه : المملوح منها (٩).

قوله ـ تعالى ـ : ([قُلْ] لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) ؛ يعني : الحلال والحرام (١٠).

وقوله ـ تعالى ـ : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ، قِياماً لِلنَّاسِ) ؛ أي :

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ).

(٣) ب : قد ذكرناه أوّلا.+ سقط من هنا قوله تعالى : (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ).

(٤) تفسير الطبري ٧ / ٤٠ نقلا عن ابن زيد.

(٥) م : يعني.

(٦) ليس في ب.

(٧) سقط من هنا قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) (٩٥)

(٨) ب زيادة : يريد.

(٩) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٩٦)

(١٠) سقط قوله تعالى : (وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٠٠) ولا يخفى أنّ الآية ي غير محلّها على حسب الترتيب القرآنيّ.

٢٤٦

يقيمون (١) فيها لمناسكهم وعباداتهم (٢) الّتي أمركم (٣) الله ـ تعالى ـ بها.

ونصيب «قياما» على المصدريّة (٤) ؛ أي : يقومون فيها لحجّهم ومناسكهم ومعايشهم قياما.

(وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ) : «الشّهر الحرام» الّذي يقع فيه الحجّ.

«والهدي» ما يهدى إلى البيت الحرام ، وهو حكم (٥) «القارن» الّذي يقرن إحرامه بسياق الهدي ، وهو حكم أهل مكّة وحاضريها. «والمفرد» الّذي يفرد الحجّ من العمرة وسياق الهدي (٦).

و «التّقليد» ؛ أي (٧) : يقلّد البقر والغنم في حلوقها بنعل عربيّ قد (٨) صلّي فيه ، ليعلم أنّ ذلك هديا للكعبة.

و «الإشعار» أن يشقّ سنام البدنة ، ليعلم أنّها هدي للكعبة (٩).

ولأحكام الحجّ تفصيل مذكور في كتب الفقه ، لا يحتمله كتاب التّفسير (١٠).

__________________

(١) م : يقومون.

(٢) ب : تقيمون فيها لمناسككم وعبادتكم.+ أ ، ج ، د : عبادتهم.

(٣) أ ، ب ، ج ، د : أمركم.

(٤) م ، ب : لأنّه مصدر.+ أ ، د : مصدر بدل على المصدريّة.

(٥) ليس في أ.

(٦) د زيادة : والقلائد.

(٧) ب : أن.

(٨) ج : وقد.

(٩) ج ، د : الكعبة.

(١٠) سقط من هنا قوله تعالى : (ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٩٧) والآيتان (٩٨) و (٩٩) وتقدّم الآية (١٠٠)

٢٤٧

وقوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ ، إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) :

قيل : السّبب في ذلك ، أنّه لمّا نزل على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ قوله ـ تعالى ـ : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (١) قال رجل من بني أسد ، يقال له : الحارث ، وقيل : بل سراقة بن محصن : يا رسول الله! أفي كلّ عام؟ فسكت عنه. فأعاد (٢) ذلك مرّتين بعد الأولى ، والنّبيّ ـ عليه السّلام ـ ينتظر الوحي في ذلك ، فشقّ عليه تكراره وأغضبه ، فقال له : وما يؤمنك أن أقول : نعم ، فإن خالفتم كفرتم (٣).

وقال مقاتل : بل نزلت في رجل يقال له : عبد الله بن حذافة ، كان يطعن في نسبه ، فسألوه ـ عليه السّلام ـ من أبوه ، فتلا عليهم الآية.

وسأله آخر فقال : يا رسول الله! أين أبي؟

فقال : في النّار. فساءه ذلك ، فتلا عليه الآية (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ؛ أي : احفظوا أنفسكم.

ونصب «أنفسكم» على الإغراء.

__________________

(١) آل عمران (٣) / ٩٧.

(٢) ج : ثمّ أعاد.

(٣) أنظر : أسباب النزول / ١٥٨ ، تفسير الطبري ٧ / ٥٣.

(٤) تفسير الطبري ٧ / ٥٣٥٢ نقلا عن قتادة.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٠١) والآية (١٠٢)

٢٤٨

وروي عن الصّادق جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : نزلت هذه الآية في التّقيّة (١).

وقوله ـ تعالى ـ : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ، وَلا سائِبَةٍ ، وَلا وَصِيلَةٍ ، وَلا حامٍ) (٢) ؛ أي : ما أوجب الله (٣) ذلك ؛ كما أوجبته الجاهليّة.

و «البحيرة» عندهم : هي النّاقة نتجت خمسة أبطن. فإن كان الخامس أنثى ، شقّوا أذنها وأرسلوها ، ولا (٤) تركب ولا يشرب لها لبن بل هو لولدها. فإذا ماتت ، اشترك فيها النّساء والرّجال. وإن كان الخامس ذكرا ، ذبحوه لآلهتهم ، فأكله النّساء والرّجال. روى ذلك مقاتل ، عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ (٥).

«والسّائبة» فاعلة ، بمعنى : مفعولة ؛ أي : مسيّبة.

قال الكلبيّ : كانوا إذا ولدت النّاقة عشرة أبطن كلّها (٦) أناثا سيّبوها ، فلا تركب ولا تحلب ولا يجزّ لها وبر ، ولا يشرب لها لبن بل لبنها لولدها والضّيف ، ويلقاها المعيى فلا يركبها. فإذا ماتت ، أكلها الرّجال والنّساء (٧).

__________________

(١) عنه البرهان ١ / ٥٠٧.+ سقط من هنا قوله تعالى : (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥)

(٢) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (١٠٣)

(٣) من ب.

(٤) ب : فلا.

(٥) تفسير الطبري ٧ / ٥٩.

(٦) ليس في م.

(٧) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٤٩ نقلا عن بعض المفسّرين وفيه اثنتي عشرة بطنا بدل أبطن.

٢٤٩

وقيل «البحيرة» ابنته «السّائبة» (١).

[وقيل أبو عبيدة : «السّائبة»] (٢) كان الرّجل إذا مرض أو قدم من سفر أو نذر نذرا ، سيّب بعيرا من إبله بمنزلة البحيرة. فلا تركب ، ولا تطرد ، ولا تمنع (٣).

وقال بعض المفسّرين : «السّائبة» عندهم ، أنّهم كانوا يهدون للأصنام النّعم فيسيّبونها عندها. فإذا ماتت ، أكلوها (٤).

«والوصيلة» فعيلة ، بمعنى : مفعولة ؛ أي : موصولة.

قال الكلبيّ : «الوصيلة» من الغنم خاصّة. وكانوا إذا ولدت الشّاة سبعة (٥) أبطن عمدوا إلى البطن السّابع ، فإذا (٦) كان ذكرا ذبحوه فأكله الرّجال دون (٧) النّساء ، وإن كان أنثى تركت ، وإن كان ذكرا و (٨) أنثى قالوا : قد وصلت أخاها ، فلم تذبح ولم يذبح أخوها ، وقالوا : قد وصلته (٩).

«والحام» الفحل الّذي قد ضرب عشر سنين ، أو خرج من صلبه [عشرة أبطن ،] (١٠) أو ضرب ولد ولده. فيقولون : قد حمي ظهره. فلا يركب ، ولا يحمل

__________________

(١) مجمع البيان ٣ / ٣٨٩.

(٢) ليس في ج.

(٣) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٥٠ نقلا عن بعض المفسّرين.

(٤) تفسير الطبري ٧ / ٥٨ نقلا عن الشعبي.

(٥) ليس في ج.

(٦) م ، ب ، ج ، د : فإن.

(٧) أ ، ب ، د : و.

(٨) أ ، د ، ج : أو.

(٩) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٥٠ من دون ذكر للقائل.

(١٠) ليس في أ.

٢٥٠

عليه ، ولا يمنع من مرعى. وأيّ إبل ضرب فيها ، لا تمنع (١).

وقوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! شَهادَةُ بَيْنِكُمْ).

وقريء : «شهادة بينكم» بالتّنوين (٢).

(إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ، حِينَ الْوَصِيَّةِ ، اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ. أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) ؛ يريد : من أهل الذّمة الموسومين بالعدالة عندهم.

وقال الحسن : «من غيركم» ؛ أي : من غغير عشيرتكم (٣).

(إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) ؛ أي : سافرتم.

(فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) ؛ أي : مرضه.

(تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) ؛ يعني : العدلين من أهل الذّمّة.

و «الصّلاة» هاهنا : هي صلاة العصر ، لأنّها وقت عبادتهم.

(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ ، إِنِ ارْتَبْتُمْ) ؛ أي : شككتم.

(لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) ؛ يعني : بتغيير الشّهادة (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى. وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ ، إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) (١٠٦).

قال بعض المفسّرين : إنّ الإنسان يسافر فيحضره الموت ، فأمره الله ـ تعالى ـ أن يحضر عدلين من المسلمين ويوصي إليهما [ويشهدهما] (٤) بما يريد. فإن (٥) لم

__________________

(١) سقطت الآية (١٠٤). وتقدّمت الآية (١٠٥) على غير ترتيب الآيات.

(٢) مجمع البيان ٣ / ٣٩٣.

(٣) تفسير الطبري ٧ / ٦٩.

(٤) ج : أو إلى أحدهما.

(٥) ج : وإن.

٢٥١

يحضرا وحضر (١) عدلان من أهل الذّمّة ، فليشهدهما (٢) بما يريد (٣).

ثمّ قال ـ سبحانه ـ : «تحبسونهما من بعد الصّلاة» قيل : من بعد صلاة الظّهر (٤).

وقيل : من بعد صلاة العصر ، لأنّها وقت عبادتهم (٥).

«فيقسمان بالله» أنّهما (٦) ما بدّلا ولا خانا ولا كتما ، وأنّهما لا يشتريان بذلك ثمنا ، ولا يحابيان (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) منهما ، فيعمل على ما (٧) شهدا به.

ثمّ قال ـ سبحانه ـ : (فَإِنْ عُثِرَ) (٨) ؛ أي : اطّلع (٩) [(عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) ؛ أي :] (١٠) خانا أو بدّلا.

(فَآخَرانِ) : من أولياء الميّت يحلفان بالله أنّهما خانا وبدّلا (١١) ، و (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما). فيرجع عليهما بما شهدا به.

وروي عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : أنّ هذه الآية منسوخة ، بأنّ شهادة أهل

__________________

(١) ج : يحضر.

(٢) ب : فيشهدهما.

(٣) تفسير الطبري ٧ / ٧٠.

(٤) التبيان ٤ / ٤٥.

(٥) تفسير الطبري ٧ / ٧١.

(٦) ليس في أ.

(٧) ليس في أ.

(٨) ب زيادة : على أنّهما استحقّا إثما.

(٩) ليس في ب.

(١٠) ليس في ب.

(١١) سقط من هنا قوله تعالى : (يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ).

٢٥٢

الذّمّة لا تقبل على (١) أهل الإسلام. وبه قال أهل الكوفة ، وقالوا : هي منسوخة (٢) بقوله ـ تعالى ـ : (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) (٣).

وقيل : بل (٤) هي محكمة غير منسوخة ، لأنّ سورة المائدة آخر ما نزل من القرآن العزيز عليه ـ عليه السّلام ـ ولم ينسخ منها شيء. روي هذا في أخبارنا عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ (٥).

وقال الواقديّ : إنّ السّبب في نزول هذه الآية ، أنّه (٦) خرج ابن مارية إلى الشّام ، وصحبه تميم الدّاريّ وعديّ بن زيد ، وكانا نصرانيّين. فلمّا كانوا بعمان من أرض الشّام مرض ابن مارية ، فمرّضاه ، وكتب وصيّة وجعلها في متاعه ودفعها إلى رفيقه ثمّ مات (٧). ففتّشا متاعه واختارا (٨) أشياء منه ، وأدّيا الباقي إلى ورثته.

فدلّتهم الوصيّة على المفقود منها ، فترافعوا إلى النّبيّ ـ عليه السّلام ـ. وكان المفقود

__________________

(١) ليس في د.

(٢) أ زيادة : بهنّ.

(٣) تفسير الطبري ٧ / ٨١.+ الآية في الطلاق (٦٥) / ٢.

(٤) ليس في أ.

(٥) روي العيّاشي بإسناده عن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال : كان القرآن ينسخ بعضه بعضا وإنّما يؤخذ من أمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بآخره. وكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها ولم ينسخها شيء إلخ. تفسير العيّاشي ١ / ٢٨٨ ، ح ٢ وعنه كنز الدقائق ٤ / ٢١ ونور الثقلين ١ / ٥٨٢ ، ح ٣ والبرهان ١ / ٤٣٠ ، ح ٣.

(٦) م : أن لمّا.

(٧) ج : فمات.

(٨) م : اجترّا.

٢٥٣

جاما (١) منقوشا بالذّهب ، وقلادة جوهر. فنزلت الآية على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ (٢) وهي (٣) قوله ـ تعالى ـ : «فإن عثر على أنّهما استحقا إثما».

فدعا النّبيّ ـ عليه السّلام ـ رجلين من ولاة الميّت ، وهما عبد الله بن عمرو بن العاص والمطّلب بن أبيّ ، فحلفا : إنّ وصيّة الرّجل لحقّ بخطّه (٤) ، وإنّ الإناء والعقد من متاعه. فدفع ذلك إليهما (٥).

[(يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ] قالُوا لا عِلْمَ لَنا) بباطن ما كانوا يظهرون من القول. لأنّ الجزاء إنّما هو على الباطن.

وقيل : بل «قالوا لا علم لنا» بما شملهم من الذّهول بذلك المقام المهول (٦).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي. فَتَنْفُخُ فِيها ، فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) ؛ أي : تدعو بخلقه. لأنّ ذلك لا يصحّ فعله (٧) إلّا من الله ـ تعالى ـ القادر لذاته ، ولا يصحّ فعله (٨) من القادر بقدرة غيره (٩) لأنّ الجسم لا يصحّ

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) ب زيادة : بذلك.

(٣) من ج.

(٤) ليس في ب ، ج ، د ، م.

(٥) أسباب النزول / ١٥٩ ، تفسير الطبري ٧ / ٧٥.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (١٠٧) والآية (١٠٨)

(٦) تفسير الطبري ٧ / ٨٢ نقلا عن السدي.+ سقط قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (١٠٩) إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلا وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل.

(٧) ليس في ب ، ج.

(٨) ليس في أ ، ج ، د ، م.

(٩) ليس في أ ، ج ، د ، م.

٢٥٤

منه (١٠) فعل الجسم.

وذكر : أنّ الطّائر الّذي دعا عيسى ـ عليه السّلام ـ بخلقه هو الخفّاش (١١).

وقيل : شيء يشبهه (١٢).

قوله ـ تعالى ـ : (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : اللهُمَّ رَبَّنا ، أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) :

إنّما سأل عيسى ـ عليه السّلام ـ ربّه عند سؤال الحواريّين له ـ عليه السّلام ـ.

لأنّهم قالوا : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) (١٣)؟

(قالَ اللهُ) ـ تعالى ـ : (إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ [فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (١١٥)] قال بعض المفسّرين : إنّما قال الحواريّون ذلك ؛ كما يقول الرّجل لغيره : هل تستطيع السّير معي؟ وهو يعلم أنّه مستطيع (١٤) السّير ، وإنّما يريد (١٥) : أعزم على السّير (١٦).

__________________

(١٠) ليس في ج.

(١١) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٦٧.

(١٢) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٦٧.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١١٠) والآية (١١١) وتأتي الآية (١١٢) وسقط أيضا الآية (١١٣)

(١٣) سقط قوله تعالى : (قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١١٢)

(١٤) م ، ج ، د : يستطيع.

(١٥) ج : هو.

(١٦) أ ، د زيادة : معي.+ تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٧٠ نقلا عن الحسن.+ سقطت الآية (١١٣) وتقدّم شطر من الآية (١١٤)

٢٥٥

وقوله ـ تعالى ـ : «اللهم» (١) معناه : يا الله.

و «مائدة» فاعلة ، بمعني (٢) : مفعوله ؛ أي : ممدودة ، وهي (٣) ما تمدّ (٤) الأيدي إليه.

وقوله ـ تعالى ـ : (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا [وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١١٤)]. قالوا : نتّخذ اليوم ، الّذي تنزل علينا فيه المائدة ، عيدا (٥) لأوّلنا وآخرنا.

وروي عن النّبيّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : نزلت عليهم المائدة يوم الأحد تحملها الملائكة ، وفيها لحم وخبز وسمك. وأمروا ألّا يخونوا فيها ، ولا يدّخروا منها شيئا لغد. فخانوا فيها ، ورفعوا منها شيئا لغد. فرفعت عنهم ، ومسخوا قردة وخنازير (٦).

وروي : أنّه مسخ منهم ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ، فعاشوا ثلاثة أيّام (٧) ، وقيل : سبعة أيّام ، ثمّ ماتوا. روي ذلك عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ (٨).

__________________

(١) م ، د زيادة : ربّنا.

(٢) أ : يعني.

(٣) ب : هو.

(٤) م : تمتدّ.

(٥) م : عيدنا.

(٦) تفسير أبي الفتوح ٤ / ٣٧٣ ، تفسير الطبري ٧ / ٨٧.

(٧) مجمع البيان ٤ / ٤١٢ نقلا عن سلمان.

(٨) تفسير القرطبي ٦ / ٣٧١ من دون ذكر لابن عبّاس.

٢٥٦

قال قتادة : كان على المائدة من ثمار الجنّة. (١) وقال مقاتل : نزلت عليهم يوم الأحد من السّماء ، وفيها سمك وخبز رقاق ، فاتخذوه عيدا (٢).

وقال وهب : كان فيها ثلاث سمكات وثلاثة أرغفة (٣).

وقال سلمان الفارسيّ والنّهديّ : كانت المائدة سفرة حمراء بين غمامتين : غمامة فوقها وغمامة تحتها ، عليها سمكة ضخمة مشوية ، ليس عليها (٤) براشم ، ولا في جوفها شوك ، يسيل الدهن منها سيلا ، وفيها طعم كلّ شيء ، وحول جوانبها بقول [وصنف] (٥) غير الكرّاث ، وعند رأسها خلّ ، وعند ذنبها ملح ، وحول البقول خمسة أرغفة.

وقيل : سبعة أرغفة.

كان على واحد (٦) من الأرغفة زيتون ، وعلى آخر تمرات ، وعلى آخر خمس رمانات ، وعلى آخر عسل ، وعلى الخامس سمن ، وعلى السّادس جبن ، وعلى السّابع شواء قديد. فأكل منها آخرهم ؛ كما أكل (٧) منها أوّلهم (٨).

__________________

(١) تفسير الطبري ٧ / ٨٧.

(٢) مجمع البيان ٣ / ٤١٠ نقلا عن كعب.

(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٤) ليس في ج.

(٥) الظاهر أنّ ما بين المعقوفين زائد وليس في المصدرين.

(٦) الصواب ما أثبتناه في المتن وفي جميع النسخ : على كل واحد.

(٧) م : يأكل.

(٨) أنظر : تفسير القرطبي ٦ / ٣٧٠ ، مجمع البيان ٣ / ٤١١ نقلا عن سلمان.

٢٥٧

وقيل : كان عليها سبعة من الحيتان (١).

وقيل : إنّ كلّ من اشتهى شيئا من الطّبائخ أو جنسا من الفاكهة أو نوعا من الثّمار ، مدّ يده إليها ، يأكل ما يشتهي (٢).

وروى عطاء ابن السّائب ، عن زادان وميسرة قالا : كان إذا وضعت الملائكة المائدة لبني إسرائيل ، اختلفت (٣) الأيدي من السّماء عليها بكلّ طعام إلّا اللّحم (٤).

وزاد فيه ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ فقال : إلّا اللّحم والسّمك (٥).

وقال عمّار وقتادة : كان عليها من ثمار الجنّة ، وكانت تنزل عليهم بكرة وعشيّة حيث كانوا (٦).

وقيل : ما أكل منها مريض إلّا شفي ، ولا فقير إلّا استغنى ، ولا ذو عاهة إلّا وبرىء منها (٧). ذلك معجزة لعيسى ـ عليه السّلام ـ (٨).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ [قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ

__________________

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٣) م : اختلف.

(٤) تفسير الطبري ٧ / ٨٧.

(٥) مجمع البيان ٣ / ٤١٠ نقلا عن عطاء.

(٦) تفسير الطبري ٧ / ٨٧.

(٧) ب زيادة : كلّ.

(٨) مجمع البيان ٣ / ٤١١ نقلا عن سلمان.+ تقدّمت الآية (١١٥) على غير ترتيب الآيات.

٢٥٨

أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (١١٦)] قال أبو عبيدة : وهذا تفهيم منه ـ تعالى ـ [وليس باستفهام] (١). [لأنّ الاستفهام] (٢) لا يجوز على الله (٣) ـ تعالى ـ. لأنّه ـ سبحانه ـ (٤) عالم بالأشياء كلّها ؛ ماضيها ومستقبلها ، لا يغيب عنه شيء. وإنّما المراد بذلك : التّفهيم والتّهديد لهم (٥).

ويحتمل أنّهم كانوا يقولون بذلك ، فخاطبهم الله ـ تعالى ـ على شهادتهم وادّعائهم الكذب عليه ؛ كما قال ـ سبحانه ـ عن قوم ادّعوا (٦) أنّهم يعبدون الملائكة ، فخاطب ـ سبحانه ـ الملائكة ، فقال ـ سبحانه ـ : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ؟) (٧).

وكما حكى ـ سبحانه ـ عن عبدة الأوثان (هؤُلاءِ أَضَلُّونا؟) (٨) فقال ـ سبحانه ـ للأوثان : (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ ، أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ؟ قالُوا : سُبْحانَكَ [ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ]) (٩) تعظيما له وتنزيها عمّا (١٠) قالوا. ولا يمنع (١١) أن ينطقهم الله ـ تعالى ـ كما أنطق الأيدي والأرجل

__________________

(١) ب : لا استفهام.

(٢) ليس في أ.

(٣) ج : عليه.

(٤) ليس في ب.

(٥) التبيان ٤ / ٦٦ من دون نقل عن أبي عبيدة.

(٦) ليس في ب.

(٧) سبأ (٣٤) / ٤٠.

(٨) الأعراف (٧) / ٣٨.

(٩) الفرقان (٢٥) / ١٨.+ ليس في م.

(١٠) ب : ممّا.

(١١) ولا يمتنع.

٢٥٩

والجوارح.

وقال قوم من المفسّرين : بل الملائكة قالوا : «سبحانك لا إله إلّا أنت» تعظيما وتنزيها (١).

فإن قيل : كيف قال ـ سبحانه ـ عن عيسى ـ عليه السّلام ـ «اتّخذوني وأمّي إلهين» (٢) وهو يريد : عيسى ـ عليه السّلام ـ دون أمّه ، لأنّهم لم يدّعوا فيها الإلهيّة؟

قيل : إنّما قال ذلك على أحد عادة العرب وتغليبا في التّثنية على أحد المثنّيين ؛ كما قالوا : القمرين ، عن الشّمس والقمر. والحسنين ، عن الحسن والحسين ـ عليهما السّلام. والعمرين ، عن عمر وأبي بكر. والزّهدمين ، عن زهدم بن حزن وأخيه ؛ قيس بن حزم. وذلك كثير في كلامهم ، والقرآن نزل بلغتهم (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ ، فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ. وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ) أي (٤) : تهديهم ؛ يعني : للتّوبة والإيمان. (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١١٨).

وهذا مخصوص بمن حصل له الإيمان واقترف (٥) المعاصي. ولا يدخل فيه الكفّار ، على مذهب أهل العدل.

وقوله ـ تعالى ـ : (هذا يَوْمُ ، يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) ؛ يعني : في الآخرة.

(لَهُمْ جَنَّاتٌ ، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً. رَضِيَ اللهُ

__________________

(١) ب : تعظيما له وتنزيها عمّا قالوا.+ لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) ب زيادة : من دون الله.

(٣) سقط من هنا الآية (١١٧)

(٤) أ ، ج ، د ، م : و.

(٥) ب : اقتراف.

٢٦٠