أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]
المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨
الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدثنا محمد بن هارون بن عبد الرحمن الحجازي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا عيسى بن أبي الورد ، عن أحمد بن عبد العزيز ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : لا يقل مع التقوى عمل ، وكيف يقل ما يتقبل؟
٩١ / ٦٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن حسين المقرئ ، قال : حدثنا أبو القاسم علي بن محمد ، قال : حدثنا أبو العباس الأحوص بن علي بن مرداس ، قال : حدثني محمد بن الحسين بن عيسى الرواسي ، قال : حدثني سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : إن من اليقين أن لا ترضوا الناس بسخط الله ، ولا تكرهوهم (١) على ما لم يؤتكم الله من فضله ، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كره كاره ، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه كما يدركه الموت.
تم المجلس الثاني بحمد الله تعالى ، ويتلوه المجلس الثالث من
الأمالي للشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن الحسن بن
علي الطوسي رضياللهعنه وأرضاه ،
بمحمد وآله الطاهرين.
__________________
(١) في نسخة : ولا تلوموهم.
[١٣]
المجلس الثالث
فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.
بسم الله الرحمن الرحيم
٩٢ / ١ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ( رحمهالله تعالى ) قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان (١) العرش : أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم داود النبي عليهالسلام ، فيأتي النداء من عند الله ( عزوجل ) : لسنا إياك أردنا ، وإن كنت لله خليفة.
ثم ينادي مناد ثانيا : أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فيأتي النداء من قبل الله ( عزوجل : يا معشر الخلائق ، هذا علي بن أبي طالب ، خليفة الله في أرضه ، وحجته على عباده ، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ، يستضئ بنوره ، وليتبعه إلى الدرجات العلا من الجنان. قال : فيقوم الناس الذين قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة.
__________________
(١) بطنان الشئ : وسطه.
ثم يأتي النداء من عند الله ( عزوجل ) : ألا من تعلق بامام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به ، فحينئذ يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب فتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا : لو أن لناكرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (١).
٩٣ / ٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا المظفر بن أحمد البلخي ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد ابن الحسين ، قال : حدثنا عيسى بن مهران ، قال : حدثنا حفص بن عمر الفراء ، قال : حدثنا أبو معاذ الخزاز ، قال : حدثني يونس بن عبد الوارث ، عن أبيه ، قال : بينا ابن عباس رحمهالله يخطب عندنا على منبر البصرة ، إذ أقبل على الناس بوجهه ، ثم قال : أيتها الأمة المتحيرة في دينها ، أما والله لو قدمتم من قدم الله ، وأخرتم من أخر الله ، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ، ما عال سهم من فرائض الله ، ولا عال ولي لله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم. ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) (٢).
٩٤ / ٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي ، قال : حدثنا الحسن بن طريف ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : لا تجد عليا عليهالسلام يقضي بقضاء إلا وجدت له أصلا في السنة.
قال : وكان علي عليهالسلام يقول : لو اختصم إلي رجلان فقضيت بينهما ، ثم مكثا أحوالا كثيرة ، ثم أتياني في ذلك الامر ، لقضيت بينهما قضاء واحدا ، لان القضاء لا يحول ولا يزول.
__________________
(١) تضمين من سورة البقرة ٢ : ١٦٦ و ١٦٧. ويأتي في الحديث : ١٥٣ سندا ومتنا.
(٢) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٧. ويأتي في الحديث : ١٥٤.
٩٥ / ٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقرئ ، قال : أخبرني أبو القاسم علي بن محمد ، قال : حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن يوسف ، عن أبي عبد الله زكريا بن محمد المؤمن ، عن سعيد بن يسار ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله حضر شابا عند وفاته ، فقال له : قل : لا إله إلا الله. قال : فاعتقل لسانه مرارا ، فقال لامرأة عند رأسه : هل لهذا أم؟ قالت : نعم ، أنا أمه. قال : أفساخطة أنت عليه؟ قالت : نعم ، ما كلمته منذ ست حجج.
قال لها : أرضي عنه. قالت : رضياللهعنه يا رسول الله برضاك عنه.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله. قل : لا إله إلا الله. قال : فقالها. فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ما ترى؟ فقال : أرى رجلا أسود ، قبيح المنظر ، وسخ الثياب ، منتن الريح ، قد وليني الساعة فأخذ بكظمي (١).
فقال النبي صلىاللهعليهوآله قل : « يا من يقبل اليسير ، ويعفو عن الكثير ، اقبل مني اليسير ، واعف عني الكثير ، إنك أنت الغفور الرحيم » فقالها الشاب ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : انظر ما ترى؟ قال : أرى رجلا أبيض اللون ، حسن الوجه ، طيب الريح ، حسن الثياب ، قد وليني ، وأرى الأسود وقد ولى عني. قال : أعد ، فأعاد. قال : ما ترى؟ قال : لست أرى الأسود ، وأرى الأبيض قد وليني ، ثم طفا (٢) على تلك الحال.
٩٦ / ٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن البغدادي ، قال : حدثنا الحسين بن عمر المقرئ ، عن علي بن الأزهر ، عن علي بن صالح المكي ، عن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده عليهالسلام قال : لما نزلت على النبي صلىاللهعليهوآله ( إذا جاء
__________________
(١) الكظم : مخرج النفس من الحلق.
(٢) أي مات.
نصر الله والفتح ) (١) فقال لي : يا علي ، لقد جاء نصر الله والفتح ، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا. يا علي ، إن الله ( تعالى ) قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي ، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي.
فقلت : يا رسول الله ، وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال : فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني.
فقلت : فعلى م نقاتلهم يا رسول الله ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله؟ فقال : على إحداثهم في دينهم ، وفراقهم لامري ، واستحلالهم دماء عترتي.
قال : فقلت : يا رسول الله ، إنك كنت وعدتني الشهادة فسل الله تعجيلها لي.
فقال : أجل قد كنت وعدتك الشهادة ، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا؟ ـ وأومى إلى رأسي ولحيتي ـ.
فقلت : يا رسول الله ، أما إذا بينت لي ما بينت فليس هذا بموطن صبر ، لكنه موطن بشرى وشكر. فقال : أجل فأعد للخصومة فإنك تخاصم أمتي.
قلت : يا رسول الله ، أرشدني الفلج (٢). ثار : إذا رأيت قومك قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم ، فإن الهدى من الله والضلال من الشيطان ، يا علي ، إن الهدى هو اتباع أمر الله دون الهوى والرأي ، وكأنك بقوم قد تأولوا القران وأخذوا بالشبهات فاستحلوا الخمر والنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية.
فقلت : فما هم إذا فعلوا ذلك ، أهم أهل فتنة أو أهل ردة؟ فقال : هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل.
فقلت : يا رسول الله ، العدل منا أم من غيرنا؟ فقال : بل منا ، بنا فتح الله وبنا يختم ، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك ، وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة. فقلت :
__________________
(١) سورة النصر ١١٠ : ١.
(٢) فلج بحجته : أحسن الادلاء بها فغلب خصمه.
الحمد لله على ما وهب لنا من فضله.
٩٧ / ٦ ـ أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمهالله ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد البصري ، عن محمد بن جمهور العمي ، قال : حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب ، قال : سمعت أبا محمد الوابشي (١) رواه عن أبي الورد ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهماالسلام يقول : إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين والآخرين عراة حفاة ، فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم ، فيمكثون بذلك ما شاء الله ، وذلك قوله : ( فلا تسمع إلا همسا ) (٢) ثم قال : ينادي مناد من تلقاء العرش : أين النبي الأمي؟ قال : فيقول الناس قد أسمعت كلا ، فسم باسمه. فقال : فينادي أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله؟ قال : فيقوم رسول الله صلىاللهعليهوآله فيتقدم أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة (٣) وصنعاء ، فيقف عليه ، ثم ينادي بصاحبكم ، فيقوم أمام الناس فيقف معه ، ثم يؤذن للناس فيمرون.
قال أبو جعفر عليهالسلام : فبين وارد يومئذ وبين مصروف ، وإذا رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى ، وقال : يا رب شيعة علي ، يا رب شيعة علي. قال : فيبعث الله إليه ملكا فيقول له : ما يبكيك ، يا محمد؟ قال : فيقول : وكيف لا أبكي لأناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب ، أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ، ومنعوا من ورود حوضي. قال : فيقول الله ( عزوجل ) يا محمد ، قد وهبتهم لك ، وصفحت لك عن ذنوبهم ، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون من ذريتك ،
__________________
(١) في نسخة : الواسطي.
(٢) سورة طه ٢٠ : ١٠٨.
(٣) أيلة : مدينة على ساحل البحر الأحمر مما يلي الشام.
وجعلتهم في زمرتك ، وأورد تهم حوضك ، وقبلت شفاعتك فيهم وأكرمتك بذلك.
ثم قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادون : يا محمداه؟ إذا رأوا ذلك. قال : فلا يبقى أحد يومئذ كان يتولانا ويحبنا إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا.
٩٨ / ٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد رحمهالله ، قال حدثنا أبو علي محمد بن هشام الإسكافي ، قال : حدثنا عبد الله بن العلاء ، قال : حدثنا أبو سعيد الآدمي ، قال : حدثني عمر بن عبد العزيز المعروف بزحل ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : خياركم سمحاؤكم ، وشراركم بخلاؤكم ، ومن صالح الأعمال البر بالاخوان ، والسعي في حوائجهم ، وفي ذلك مرغمة للشيطان ، وتزحزح عن النيران ، ودخول الجنان.
يا جميل ، أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك. قلت : من غرر أصحابي؟ قال : هم البارون بالاخوان في العسر واليسر. ثم قال : أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك ، وقد مدح الله صاحب القليل فقال : ( ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه يه فأولئك هم المفلحون )(١).
٩٩ / ٨ ـ أخبرني محمد بن محمد ، قال : أخبرني جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثني الحسين بن محمد بن عامر ، عن القاسم بن محمد الأصفهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : كان فيما وعظ لقمان ابنه أن قال له : يا بني ، اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا لك في طلب العلم ، فإنك لن تجد لك تضييعا مثل تركه.
١٠٠ / ٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان ، قال : حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار ، قال : حدثنا محمد بن مسلم الرازي ، قال : حدثنا
__________________
(١) سورة الحشر ٥٩ : ٩.
عبد الله بن رجاء ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، قال : كنت جالسا عند أبي بكر ، فأتاه رجل فقال : يا خليفة رسول الله ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات من تمر.
فقال أبو بكر : ادعوا لي عليا. فجاءه علي عليهالسلام فقال أبو بكر : يا أبا الحسن ، إن هذا يذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله وعده أن يحثو له ثلاث حثيات من تمر ، فاحثها له ، فحثا له ثلاث حثيات من تمر ، فقال أبو بكر : عدوها ، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة ، فقال أبو بكر : صدق رسول الله صلىاللهعليهوآله ، سمعته ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول : يا أبا بكر ، كفي وكف علي في العدل سواء.
١٠١ / ١٠ ـ أخبرني محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان ، قال : حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن السماك ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن بسام ، عن علي بن الحكم ، عن ليث بن سعد ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أحبوا عليا ، فإن لحمه لحمي ودمه دمي ، لعن الله أقواما من أمتي ضيعوا فيه عهدي ، ونسوا فيه وصيتي ، ما لهم عند الله من خلاق (١).
١٠٢ / ١١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن العباس ، قال : لما نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( إنا أعطيناك الكوثر ) (٢) قال له علي بن أبي طالب : ما هو الكوثر ، يا رسول الله؟ قال : نهر أكرمني الله به.
قال علي عليهالسلام : إن هذا لنهر شريف ، فانعته لنا يا رسول الله. قال : نعم يا علي ، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله ( تعالى ) ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من
__________________
(١) الخلاق : النصيب.
(٢) سورة الكوثر ١٠٨ : ١.
العسل ، وألين من الزبد ، حصاه الزبرجد والياقوت والمرجان ، حشيشه الزعفران ، ترابه المسك الأذفر (١) ، قواعده تحت عرش الله ( عزوجل ) ، ثم ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآله يده على جنب أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : يا علي ، إن هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي.
١٠٣ / ١٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا عمرو بن شمر ، قال : سمعت جابر بن يزيد الجعفي يقول : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهالسلام يقول : حدثني أبي ، عن جدي عليهماالسلام قال : لما توجه أمير المؤمنين عليهالسلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل بالربذة ، فلما ارتحل منها لقيه عبد الله بن خليفة الطائي ، وقد نزل بمنزل يقال له فائد (٢) فقربه أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له عبد الله : الحمد لله الذي رد الحق إلى أهله ، ووضعه في موضعه ، كره ذلك قوم أو استبشروا به ، فقد والله كرهوا محمدا صلىاللهعليهوآله ونابذوه وقاتلوه فرد الله كيدهم في نحورهم ، وجعل دائرة السوء عليهم ، والله لنجاهدن معك في كل موطن حفظا لرسول الله صلىاللهعليهوآله.
فرحب به أمير المؤمنين عليهالسلام وأجلسه إلى جنبه ، وكان له حبيبا ووليا ، يسائله عن الناس ، إلى أن سأله عن أبي موسى الأشعري ، فقال : والله ما أنا واثق به ، وما آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ما كان عندي مؤتمنا ولا ناصحا ، ولقد كان الذين تقدموني استولوا على مودته وولوه وسلطوه بالامر على الناس ، ولقد أردت عزله ، فسألني الأشتر فيه أن أقره فأقررته على كره مني له ، وعملت على صرفه من بعد.
__________________
(١) الأذفر : الشد يد الرائحة.
(٢) فائد : جبل في طريق مكة.
قال : فهو مع عبد الله في هذا ونحوه إذ أقبل سواد كثير من قبل جبال طيئ ، فقال أمير المزمنين عليهالسلام : انظروا ما هذا؟ وذهبت الخيل تركض ، فلم تلبث أن رجعت فقيل له : هذه طيئ قد جاءتك تسوق الغنم والإبل والخيل ، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته ، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك.
فقال أمير المؤمنين : جزى الله طيا خيرا ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) (١).
فلما انتهوا إليه سلموا عليه ، قال عبد الله بن خليفة : فسرني والله ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم ، وتكلموا فأقروا والله عيني ، ما رأيت خطيبا أبلغ من خطيبهم ، وقام عدي بن حاتم الطائي ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإني كنث أسلمت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأديت الزكاة على عهده ، وقاتلت أهل الردة من بعده ، أردت بذلك ما عند الله ، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى ، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك ، وخالفوا عليك ظالمين ، فأتينا لنصرك بالحق ، فنحن بين يديك ، فمرنا بما أحببت ثم أنشأ يقول :
بحق نصرنا الله من قبل ذاكم |
|
وأنت بحق جئتنا فستنصر |
سنكفيك دون الناس طرا بنصرنا |
|
وأنت به من سائر الناس أجدر |
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : جزاكم الله من حي عن الاسلام وعن أهله خيرا ، فقد أسلمتم طائعين ، وقتلتم المرتدين ، ونويتم نصر المسلمين.
وقام سعيد بن عبيد البحتري من بني بحتر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن من الناس من يقدر أن يبين بلسانه عما في قلبه ، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجد في نفسه بلسانه ، فان تكلف ذلك شق عليه ، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم ،
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٩٥.
وإني والله ماكل ما في نفسي أقدر أن أؤديه إليك بلساني ، ولكن والله لأجهدن على أن أبين لك ، والله ولي التوفيق.
أما أنا ، فإني ناصح لك في السر والعلانية ، ومقاتل معك الأعداء في كل موطن ، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك ، ولا لاحد اليوم من أهل زمانك ، لفضيلتك في الاسلام ، وقرابتك من الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولن أفارقك أبدا حتى تظفر أو أموت بين يديك.
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : يرحمك الله ، فقد أدى لسانك ما يكن ضميرك لنا ، ونسأل الله أن يرزقك العافية ويثيبك الجنة.
وتكلم نفر منهم ، فما حفظت غير كلام هذين الرجلين ، ثم ارتحل أمير المؤمنين عليهالسلام واتبعه منهم ستمائة رجل حتى نزل ذا قار ، فنزلها ألف وثلاثمائة رجل.
١٠٤ / ١٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ ، قال : حدثنا عمر بن محمد الوراق ، قال : حدثنا علي بن عباس البجلي ، قال : حدثنا حميد بن زياد ، قال : حدثنا محمد بن تسنيم الوراق ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس ، قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن قول الله ( عزوجل ) : ( والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم ) (١).
فقال : قال لي جبرئيل : ذاك علي وشيعته ، هم السابقون إلى الجنة ، المقربون من الله بكرامته لهم.
١٠٥ / ١٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري ، قال : أخبرني علي أبو الحسن علي بن سليمان بن الجهم ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد الطيالسي ، قال : حدثنا العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم
__________________
(١) سورة الواقعة ٥٦ : ١٠ ـ ١٢.
الثقفي ، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهماالسلام عن قول الله ( عزوجل ) : ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) (١).
فقال عليهالسلام : يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب ، فيكون الله ( تعالى ) هو الذي يتولى حسابه ، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس ، فيعرفه ذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال الله ( عزوجل ) لملائكته : بدلوها حسنات وأظهروها للناس. فيقول الناس حينئذ : ما كان لهذا العبد سيئة واحدة ، ثم يأمر الله به إلى الجنة ، فهذا تأويل الآية ، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة.
١٠٦ / ١٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد رحمهالله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام ، قال : كان أبي علي بن الحسين عليهماالسلام يقول : أربع من كن فيه كمل إيمانه ، ومحصت عنه ذنوبه ، ولقي ربه وهو عنه راض : من وفى لله بما جعل على نفسه للناس ، وصدق لسانه مع الناس ، واستحيا من كل قبيح عند الله وعند الناس ، وحسن خلقه مع أهله.
١٠٧ / ١٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر ابن محمد رحمهالله ، عن محمد بن همام ، عن عبد الله بن العلاء ، عن الحسن بن محمد ابن شمون ، عن حماد بن عيسى ، عن إسماعيل بن خالد ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : جمعنا أبو جعفر عليهالسلام فقال : يا بني إياكم والتعرض للحقوق ، واصبروا على النوائب ، وإن دعاكم بعض قومكم إلى أمر ضرره عليكم أكثر من نفعه لكم فلا تجيبوه.
١٠٨ / ١٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر
__________________
(١) سورة الفرقان ٢٥ : ٧٠.
الجعابي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عى أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هذا شهر رمضان شهر مبارك ، افترض الله صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنان ، وتصفد فيه الشياطين ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، فمن حرمها فقد حرم ـ يردد ذلك صلىاللهعليهوآله ثلاث مرات ـ.
١٠٩ / ١٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله ، قال : حدثنا سعدان بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان بن إبراهيم الغامدي (١) ١ قال : سمعت جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : بنا يبدأ البلاء ثم بكم ، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم ، والذي يحلف به لينتصرن البكم كما انتصر بالحجارة.
١١٠ / ١٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي ، قال : حدثنا النعمان بن أحمد القاضي الواسطي ببغداد ، قال : وأخبرنا إبراهيم بن عرفة النحوي ، قالا : حدثنا أحمد بن رشيد بن خثيم الهلالي ، قال : حدثنا عمي سعيد ، قال : حدثنا مسلم الملائي (٢) ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : والله يا رسول الله ، لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ولا غنم تغط (٣) ، ثم أنشأ يقول :
أتيناك يا خير البرية كلها |
|
لترحمنا مما لقينا من الأزل (٤) |
__________________
(١) في نسخة : الفايدي ، وفي أخرى : العابدي ، وهو سفيان بن إبراهيم بن مزيد الأزدي الجريري ، عد ه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام ، وغامد بطن من الأزد.
(٢) في النسخ : الغلابي ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه ، انظر. تهذيب الكمال ٢٧ : ٥٣٠ مؤسسة الرسالة ، بيروت ، وروى الماوردي في أعلام النبوة : ١٧١ نحو هذا الحديث بالاسناد عن مسلم الملائي ، عن أنس بن مالك.
(٣) أطيط الإبل. صوتها وحنينها ، والغطيط : الصوت أيضا.
(٤) الأزل : القحط والجدب.
أتيناك والعذراء يدمى لبانها (١) |
|
وقد شغلت أم البنين عن الطفل |
وألقى بكفيه الفتى استكانة |
|
من الجوع ضعفا ما يمر ولا يحلي |
ولا شئ مما يأكل الناس عندنا |
|
سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل (٢) |
وليس لنا إلا إليك فرارنا |
|
وأين فرار الناس إلا إلى الرسل |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للصحابة : إن هذا الاعرابي يشكو قلة المطر وقحطا شديدا. ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وكان فيما حمده به أن قال : الحمد لله الذي علا في السماء وكان عاليا ، وفي الأرض قريبا دانيا أقرب إلينا من حبل الوريد؟ ورفع يديه إلى السماء وقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، مريئا ، مريعا ، غدقا ، طبقا ، عاجلا غير رائث (٣) ، نافعا غير ضار ، تملأ به الزرع ، وتنبت الزرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها.
فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالإكليل ، والتقت السماء بأرواقها (٤) ، وجاه أهل البطاح يضجون : يا رسول الله ، الغرق الغرق. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن السماء ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال : لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله؟
فقام عمر بن الخطاب ، فقال : عسى أردت ، يا رسول الله :
__________________
(١) اللبان ـ بالفتح ـ : الصدر ، ـ وبالكسر ـ : الرضاع.
(٢) الحنظل العامي : أي اليابس ، الذي أتى عليه عام ، والعلهز : نبت كالبردي ، والفسل : المسترذل الردئ.
(٣) المغيث : العام ، والمريع : المخصب ، والغدق : الغزير الغامر ، وغير رائث : غير بطئ.
(٤) الأوراق : جمع ورق ، وروق السحاب : سيله ، أي ألقت السماء بجميع ما فيها من المطر.
وما حملت من ناقة فوق ظهرها |
|
أبر وأوفى ذمه من محمد |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس هذا من قول أبي طالب ، هذا من قول حسان بن ثابت.
فقام علي بن أبي طالب عليهالسلام وقال : كأنك أردت ، يا رسول الله :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ربيع اليتامى عصمة للأرامل |
تلوذ به الهلاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في نعمة وفواضل |
كذبتم وبيت الله يبزى محمد |
|
ولما نماصع دونه ونقاتل (١) |
ونسلمه حتى نصرع حوله |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائل |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أجل.
فقام رجل من بني كنانة ، فقال :
لك الحمد والحمد ممن شكر |
|
سقينا بوجه النبي المطر |
دعا الله خالقه دعوة |
|
وأشخص منه إليه البصر |
فلم يك إلا كإلقا الردا |
|
وأسرع حتى أتانا الدرر |
دفاق العزالي جم البعاق |
|
أغاث به الله غليا مضر (٢) |
فكان كما قاله عمه |
|
أبو طالب ذا رواء غزر |
به الله يسقي صيوب الغمام |
|
فهذا العيان وذاك الخبر |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا كناني بوأك الله بكل بيت قلته بيتا في الجنة.
١١١ / ٢٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرنا الحسن بن عبد الكريم الزعفراني ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الوراق ، قال :
__________________
(١) يبزى : أي يترك ويسلم ، والمماصعة : المقاتلة والمجالدة بالسيوف.
(٢) العزالي : جمع عزلاء ، وهو فم المزادة الأسفل ، شبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة ، والبعاق : سحاب يتصبب بشدة.
حدثنا عبد الله بن الأزرق الشيباني ، قال : حدثنا أبو الجحاف ، عن معاوية بن ثعلبة ، قال : لما استوسق (١) الامر لمعاوية بن أبي سفيان أنفذ بسر بن أرطاة إلى الحجاز في طلب شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكان على مكة عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، فطلبه فلم يقدر عليه ، فأخبر أن له ولدين صبيين فبحث عنهما فوجدهما وأخذهما ، فأخرجهما من الموضع الذي كانا فيه ، ولهما ذؤابتان ، فأمر بذبحهما فذبحا ، وبلغ أمهما الخبر ، فكادت نفسها تخرج ، ثم أنشأت تقول :
ها من أحس بنيي اللذين هما |
|
كالدرتين تشظا عنهما الصدف |
ها من أحس بنين اللذين هما |
|
سمعي وعيني فقلبي اليوم يختطف |
نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا |
|
من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا |
أحنى على ودجى طفلي مرهفة |
|
مشحودة وكذاك الظلم والسرف |
من دل والهة عبرى مفجعة |
|
على صبيين فاتا إذ مضى السلف |
قال : ثم اجتمع عبيد الله بن عباس من بعد ببسر بن أرطاة عند معاوية ، فقال معاوية لعبيد الله : أتعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين؟ قال بسر : نعم أنا قاتلهما فمه؟ فقال عبيد الله : لو أن لي سيفا!
قال بسر : فهاك سيفي ، وأومأ إلى سيفه ، فزبره معاوية وانتهره ، وقال : أنى لك من شيخ ، ما أحمقك! تعمد إلى رجل قد قتلت ابنيه فتعطيه سيفك ، كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم ، والله لو دفعته إليه لبدأ بك وثنى بي.
فقال عبيد الله : بل والله كنت أبدأ بك ثم أثني به.
١١٢ / ٢١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مروان ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحكم ، عن المسعودي ، قال : حدثنا الحارث بن حصيرة ، عن عمران بن الحصين ، قال : كنت أنا
__________________
(١) أي انتظم.
وعمربن الخطاب جالسين عند النبي صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام جالس إلى جنبه ، إذ قرأ رسول الله ، صلىاللهعليهوآله : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون ) (١).
قال : فانتفض علي عليهالسلام كانتفاض العصفور ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : ما شأنك تجزع؟ فقال : وما لي لا أجزع والله يقول : إنه يجعلنا خلفاء الأرض. فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : لا تجزع ، فوالله لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق.
١١٣ / ٢٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثني جعفر بن محمد بن سليمان أبو الفضل ، قال : حدثنا داود بن رشيد ، قال : حدثني محمد بن إسحاق التغلبي (٢) الموصلي أبو نوفل ، قال : سمعت جعفر بن محمد بن علي عليهمالسلام يقول : نحن خيرة الله من خلقه ، وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيه.
١١٤ / ٢٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو غالب أحمد ابن محمد الزراري رحمهالله ، قال : حدثنا عمي علي بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن خالد الطيالسي ، قال : حدثني العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم الثقفي ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهالسلام يقول : لادين لمن دان بطاعة من عصى الله ، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله ، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله.
١١٥ / ٢٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد المعروف بابن الزيات ، قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني ، قال : حدثني داود بن سليمان الغازي ، قال : حدثني الرضا علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي عليهمالسلام قال : قال
__________________
(١) سورة النمل ٢٧ : ٦٢.
(٢) في نسخة : الثعلبي.
أمير المؤمنين عليهالسلام : لو رأى العبد أجله وسرعته إليه ، لأبغض الامل ، وترك طلب الد نيا.
١١٦ / ٢٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا المظفر بن محمد البلخي الوراق ، قال : أخبرنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي الكاتب ، قال : حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام ، قال : لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله قائما كان أو جالسا أو مضطجعا ، إن الله ( تعالى ) يقول : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) (١).
١١٧ / ٢٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ياسر ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، قال : إذا كذب الولاة حبس المطر ، وإذا جار السلطان هانت الدولة ، وإذا حسبت الزكاة ماتت المواشي.
١١٨ / ٢٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثنا أحمد بن عبد المنعم ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد الفزاري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام ، عن جابر.
قال : وحدثني جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثنا أحمد بن عبد المنعم ، قال : حدثنا عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : ألا أبشرك ، ألا أمنحك؟ قال : بلى يا رسول الله.
قال : فإني خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ، ففضلت منها فضلة فخلق منها
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٩١.
شيعتنا ، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب مولدهم.
١١٩ / ٢٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن أبي أيوب بساحل الشام ، قال : حدثنا جعفر بن هارون المصيصي ، قال : حدثنا خالد بن يزيد القسري ، قال : حدثنا أبي الصيرفي ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهالسلام يقول : برئ الله ممن تبرأ منا ، لعن الله من لعننا ، أهلك الله من عادانا ، اللهم إنك تعلم أنا سبب الهدى لهم ، وإنما يعادوننا لك ، فكن أنت المتفرد بعداوتهم.
١٢٠ / ٢٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي ، قال : حدثنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الربعي ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، قال : حدثنا المعلى بن محمد البصري ، قال : حدثنا محمد ابن جمهور العمي ، قال : حدثنا جعفر بن بشير ، قال : حدثني سليمان بن سماعة ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام قال : لما قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة لهدم البيت ، تسرعت الحبشة فأغاروا عليها وأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم ، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه ، فأذن له وهو في قبة ديباج على سرير له ، فسلم عليه فرد أبرهة السلام ، فجعل ينظر في وجهه ، فراقه حسنه وجماله وهيئته. فقال له : هل كان في آبائك مثل هذا النور الذي أراه لك والجمال؟ قال : نعم أيها الملك ، كل آبائي كان لهم هذا الجمال والنور والبهاء. فقال له أبرهة : لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا ، ويحق لك أن تكون سيد قومك.
ثم أجلسه معه على سريره ، وقال لسائس فيله الأعظم ـ وكان فيلا أبيض عظيم الخلق ، له نابان مرصعان بأنواع الدرر والجواهر ، وكان الملك يباهي به ملوك الأرض ـ : ائتني به ، فجاء به سائسه ، وقد زين بكل زينة حسنة ، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له ، ولم يكن يسجد لملكه ، وأطلق الله لسانه بالعربية فسلم على عبد المطلب ،