أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]
المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨
قال : بما أخبرتك به من علمي بما كان وما يكون.
قال الجاثليق : فهلم شيئا من ذكر ذلك أتحقق به دعواك.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : خرجت ـ أيها النصراني ـ من مستقرك مستفزا لمن قصدت بسؤالك له ، مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد ، فأريت في منامك مقامي ، وحدثت فيه بكلامي ، وحذرت فيه من خلافي ، وأمرت فيه باتباعي. قال : صدقت والله الذي بعث المسيح ، وما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك وصي رسول الله ، وأحق الناس بمقامه. وأسلم الذين كانوا معه كاسلامه وقالوا : نرجع إلى صاحبنا ، فنخبره بما وجدنا عليه هذا الامر وندعوه إلى الحق.
فقال له عمر : الحمد لله الذي هداك ـ أيها الرجل ـ إلى الحق وهدى من معك إليه ، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها ، والامر من بعده لمن خاطبت أولا برضا الأمة واصطلاحها عليه ، وتخبر صاحبك بذلك وتدعوه إلى طاعة الخليفة. فقال : قد عرفت ـ أيها الرجل ـ وأنا على يقين من أمري فيما أسررت وأعلنت.
وانصرف الناس وتقدم عمر ألا يذكر ذلك المقام من بعد ، وتوعد على من ذكره بالعقاب ، وقال : أما والله لولا أنني أخاف أن يقول الناس : قتل مسلما ، لقتلت هذا الشيخ ومن معه ، فإني أظن أنهم شياطين أرادوا الافساد على هذه الأمة وايقاع الفرقة بينها.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام لي : يا سلمان ، اما ترى كيف يظهر الله الحجة لأوليائه ، وما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفورا!
٣٨٣ / ٣٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد ، قال : حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة الجوهري ، قال : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن نصر بن عاصم الليثي ، عن خالد بن خالد اليشكري ، قال : خرجت سنة فتح تستر حتى قدمت الكوفة ،
فدخلت المسجد ، فإذا أنا بحلقة فيها رجل جهم (١) من الرجال فقلت : من هذا؟ فقال القوم : أما تعرفه؟ قلت : لا. قالوا : هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله.
قال. فقعدت إليه فحدث القوم ، فقال : إن الناس كانوا يسألون رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الخير ، وكنت أساله عن الشر ، فأنكر ذلك القوم عليه ، فقال : سأحدثكم بما أنكرتم : أنه جاء أمر الاسلام ، فجاء أمر ليس كامر الجاهلية ، وكنت أعطيت من القران فقها ، وكانوا يجيئون فيسألون النبي صلىاللهعليهوآله فقلت أنا : يا رسول الله ، أيكون بعد هذا الخير شر؟ قال : نعم. قلت : فما العصمة منه. قال : السيف قال : قلت : وهل بعد السيف بقية؟ قال : نعم ، تكون إمارة على إقذاء وهدنة على دخن قال : قلت : ثم ماذا؟ قال : ثم تفشو دعاة الضلالة ، فإن رأيت يومئذ خليفة عدل فالزمه ، والا فمت عاضا على جذل شجرة (٢).
٣٨٤ / ٣٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة ، قال : حدثنا أبو أحمد حيدر بن محمد ، قال : حدثنا أبو عمرو محمد ابن عمر الكشي ، قال : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن أيوب بن نوح ، عن نوح بن دراج ، عن إبراهيم المخارقي ، قال : وصفت لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، ديني فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا صلىاللهعليهوآله رسول الله ، وأن عليا إمام عدل بعده ، ثم الحسن والحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت.
فقال : رحمك الله. ثم قال : اتقوا الله ، اتقوا الله ، اتقوا الله ، عليكم بالورع وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وعفة البطن والفرج ، تكونوا معنا بالرفيق الاعلى.
٣٨٥ / ٣٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر
__________________
(١) الجهم : الكريه الوجه ، وتطلق على الوجه الغليظ المجتمع.
(٢) جذل الشجرة : في أصلها.
الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : أخبرنا يعقوب بن زياد قراءة عليه ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن جدي إسحاق بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام ، قال : سمعت أبي جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : أحسن من الصدق قائله ، وخير من الخير فاعله.
٣٨٦ / ٣٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد المقرئ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم ، قال : حدثني يحيى بن الحسين ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن سلمان الفارسي رضياللهعنه ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يا معشر المهاجرين والأنصار ، ألا أدلكم على ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا؟ قالوا : بلى ، يا رسول الله. قال : هذا علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي إمامكم ، فأحبوه لحبي ، وأكرموه لكرامتي ، فإن جبرئيل أمرني أن أقول لكم ما قلت.
٣٨٧ / ٣٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ ، قال : حدثنا علي بن العباس ، قال : حدثنا الحسين بن بشر الأسدي ، قال : حدثنا محمد بن علي بن سليمان ، قال : حدثنا حنان بن سدير الصيرفي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثني محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام ، قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله جالسا في مسجده ، فجاء علي عليهالسلام فسلم وجلس ، ثم جاء الحسن بن علي عليهالسلام فأخذه النبي صلىاللهعليهوآله وأجلسه في حجره وضمه إليه وقبله ، ثم قال له : اذهب فاجلس مع أبيك ، ثم جاء الحسين عليهالسلام ففعل النبي صلىاللهعليهوآله مثل ذلك ، وقال له : اجلس مع أبيك ، إذ دخل رجل المسجد فسلم على النبي صلىاللهعليهوآله خاصة ، وأعرض عن علي والحسن والحسين عليهمالسلام ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : ما منعك أن تسلم على علي وولديه ، فوالذي بعثني بالهدى ودين الحق ، لقد رأيت الرحمة تنزل عليه وعلى ولديه.
٣٨٨ / ٣٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد
ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يونس ابن عبد الرحمن ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله عمله بكل حسنة سبع مائة ضعف ، وذلك قوله ( عزوجل ) : ( والله يضاعف لمن يشاء ) (١).
٣٨٩ / ٣٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن علي بن عمر العطار ، قال : دخلت على أبي الحسن العسكري عليهالسلام يوم الثلاثاء فقال : لم أرك أمس؟ قلت : كرهت الحركة في يوم الاثنين. قال : يا علي ، من أحب أن يقيه الله شر يوم الاثنين فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداة ( هل أتى على الانسان ) ثم قرأ أبو الحسن عليهالسلام : ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ) (٢).
٣٩٠ / ٤٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثني القاسم بن محمد ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله ابن حماد الأنصاري ، عن جميل بن دراج ، عن معتب مولى أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سمعته يقول لداود بن سرحان : يا داود ، أبلغ موالي عني السلام ، وأني أقول : رحم الله عبدا اجتمع مع اخر فتذاكرا أمرنا ، فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما ، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى الله ( تعالى ) بهما الملائكة ، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر ، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا ، وخير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا.
٣٩١ / ٤١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة الحسيني رضياللهعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم في كتابه إلينا على يد أبي نوح الكاتب ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام أنه قال
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٦١.
(٢) سورة الانسان ٧٦ : ١ و ١١.
لأصحابه : اسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم (١) الموقفة ، لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه ، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه حتى يجد له موضعا ، قرب متكلم في غير مرضعه جنى على نفسه بكلامه ، ولا يمارين (٢) أحدكم سفيها ولا حليما ، فإنه من ماري حليما أقصاه ، ومن ماري سفيها أرداه ، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه ، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالاحسان مأخوذ بالاجرام.
٣٩٢ / ٤٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي رحمهالله ، قال : أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا أبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : حدثني إسحاق بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن علي ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، والجلوس إليهم عبادة.
٣٩٣ / ٤٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر ، قال : أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، قال : حدثني الحسن بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الدنيا دول ، فما كان لك منها أتاك على ضعفك ، وما كان عليك لم تدفعه بقوتك ، ومن انقطع رجاؤه مما فات استراح بدنه ، ومن رضي بما رزقه الله قرت عينه.
__________________
(١) الدهم : من الضأن ، الحمراء الشديدة الحمرة ، ومن الإبل : السمراء الشديدة السمرة.
(٢) المماراة : المجادلة والمناظرة.
٣٩٤ / ٤٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا الشريف الفقيه أبو إبراهيم محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق عليهالسلام ، قال : حدثنا أبو أسامة عبد الله بن أبي قتادة الحراني ، قال : حدثنا أبو عروبة ، قال : حدثنا محمد بن المثنى ، عن المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي مجلز عن عبد الله بن مسعود ، قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وكفه في كف علي بن أبي طالب عليهالسلام وهو يقلبه. فقلت : يا رسول الله ، ما منزلة علي منك؟ فقال (صلوات الله عليه) : كمنزلتي من الله.
٣٩٥ / ٤٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا جعفر بن محمد بن قولويه رحمهالله قال : حدثنا أبو الحسن علي بن حاتم ، عن الحسن بن عبد الله ، عن الحسن بن موسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، ومحمد بن عمر بن يزيد ، جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن الفضيل بن يسار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : لمن كان الامر حين قبض رسول الله؟ قال : لنا أهل البيت.
فقلت : فكيف صار في تيم وعدي؟ قال : إنك سالت فافهم الجواب ، إن الله ( تعالى ) لما كتب أن يفسد في الأرض ، وتنكح الفروج الحرام ، ويحكم بغير ما أنزل الله ، خلا بين أعدائنا وبين مرادهم من الدنيا حتى دفعونا عن حقنا ، وجرى الظلم على أيديهم دوننا.
٣٩٦ / ٤٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أنزل الله ( عزوجل ) : ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) (١)؟
قال : من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها ، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد والله قتلها.
٣٩٧ / ٤٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ،
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٣٢.
قال : حدثني أبي ومحمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن كليب بن معاوية الصيداوي ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام : ما يمنعكم إذا كلمكم الناس أن تقولوا لهم : ذهبنا من حيث ذهب الله ، واخترنا من حيث اختار الله ، إن الله ( سبحانه ) اختار محمدا صلىاللهعليهوآله واخترنا آل محمد ، فنحن متمسكون بالخيرة من الله ( عزوجل ).
٣٩٨ / ٤٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن أحمد القلاسني المراغي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن زيد بن أرقم ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله بغدير خم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى إلى غير أبيه ، لعن الله من تولى غير مواليه ، الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر ، وليس لوارث وصية ، ألا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، ألا من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من الناس ، ألا واني فرط لكم على الحوض ، ومكاثر بكم الأمم يوم القيامة ، فلا تسودوا وجهي ، ألا لأستنقذن رجالا من النار ، وليستنقذن من يدي أقوام ، إن الله مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة ، ألا فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه.
٣٩٩ / ٤٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا الشريف الفاضل أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ، قال : حدثنا جدي أبو الحسن يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا أحمد بن أبي بكر الزهري أبو مصعب ، قال : حدثنا يوسف بن الماجشون ، عن محمد بن المنكدر ، قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : سالت سعد بن أبي وقاص ، أسمعت من رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس معي نبي؟ قال : نعم.
فقلت : أنت سمعته؟ قال : فأدخل إصبعيه في أذنيه وقال : نعم ، والا فاستكتا.
٤٠٠ / ٥٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد
الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا أبو جعفر السعدي ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، قال : حدثنا سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أبي أيوب الأنصاري : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله سئل عن الحوض فقال : أما إذا سألتموني عنه فأخبركم أن الحوض أكرمني الله به ، وفضلني على من كان قبلي من الأنبياء ، وهو ما بين أيلة وصنعاء ، فيه من الآنية عدد نجوم السماء ، يسيل فيه خليجان من الماء ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، حصاه الزمرد والياقوت ، بطحاؤه مسك أذفر ، شرط مشروط من ربي لا يرده أحد من أمتي إلا النقية قلوبهم ، الصحيحة نياتهم ، المسلمون للوصي من بعدي ، الذين يعطون ما عليهم في يسر ، ولا يأخذون ما عليهم في عسر ، يذود عنه يوم القيامة من ليس من شيعته كما يذود الرجل البعير الأجرب من إبله ، من شرب منه لم يظمأ أبدا.
٤٠١ / ٥١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عائذ الأحمسي ، قال : دخلت على سيدي أبي عبد الله عليهالسلام فقلت. السلام عليك ، يا بن رسول الله. فقال : وعليك السلام ، والله إنا لولده وما نحن بذوي قرابته. ثم قال لي : يا عائذ ، إذا لقيت الله ( عزوجل ) بالصلوات الخمس المفروضات لم يسألك الله عما سوى ذلك.
قال : فقال له أصحابنا : أي شئ كانت مسألتك حتى أجابك بهذا؟
قال : ما بدأت بسؤال ، ولكني رجل لا يمكنني قيام الليل ، وكنت خائفا أن أوخذ بذلك فأهلك ، فابتدأني عليهالسلام بجواب ما كنت أريد أن أساله عنه.
٤٠٢ / ٥٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم عبد الله بن علي الموصلي ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن حاتم القزويني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد العاصمي ، قال : أخبرنا علي بن الحسين ، عن العباس بن علي الشامي ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى عليهالسلام يقول. كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم
يكونوا يعلمون ، أحدث لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون.
٤٠٣ / ٥٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن الحسن بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أقربكم غدا مني في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقا ، وأقربكم من الناس.
٤٠٤ / ٥٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد ابن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن زياد ، عن رفاعة بن موسى ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : أربع في التوراة ، وإلى جنبهن أربع : من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح على ربه ساخطا ، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه ، ومن أتى غنيا فتضعضع له ليصيب من دنياه ذهب ثلثا دينه ، ومن دخل النار ممن قرأ القران فإنما هو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا.
والأربع التي إلى جنبهن : كما تدين تدان ، ومن ملك استأثر ، ومن لم يستشر ندم ، والفقر هو الموت الأكبر.
٤٠٥ / ٥٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرويه ، قال : حدثني الحمدوني الشاعر ، قال : سمعت الرياشي ينشد للسيد بن محمد الحميري :
إن امرءا خصمه أبو حسن |
|
لعازب الرأي داحض الحجج |
لا يقبل الله منه معذرة |
|
ولا يلقيه حجة الفلج |
٤٠٦ / ٥٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني المظفر بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج ، قال : حدثنا أحمد بن موسى الهاشمي ، قال : حدثنا محمد بن حماد الشاشي ، قال : حدثنا الحسن بن الراشد البصري ، قال : حدثنا علي بن
الحسن الميثمي ، عن ربعي ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما منع أمير المؤمنين عليهالسلام أن يدعو الناس إلى نفسه ، ويجرد في عدوه سيفه؟
فقال : تخوف أن يرتدوا ولا يشهدوا أن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآله.
٤٠٧ / ٥٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الزيات ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن العباس ، قال : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا ابن عيينة ، قال : حدثنا عمار الدهني ، قال : سمعت أبا الطفيل يقول : جاء المسيب بن نجبة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام متلببا (١) بعبد الله بن سبأ ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ما شأنك؟ فقال : يكذب على الله وعلى رسوله. فقال : ما يقول؟ قال : فلم أسمع مقالة المسيب ، وسمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : هيهات هيهات الغضب! ولكن يأتيكم راكب الذعلبة (٢) يشد حقوها بوضينها (٣) ، لم يقض تفثا من حج ولا عمرة فيقتلونه ، يريد بذلك الحسين بن علي عليهماالسلام.
٤٠٨ / ٥٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي سعيد القماط ، عن المفضل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر ابن محمد عليهماالسلام يقول : لا يكمل إيمان العبد حتى يكون فيه خصال أربع : يحسن خلقه ، وتسخو نفسه ، ويمسك الفضل من قوله ، ويخرج الفضل من ماله (٤).
تم المجلس الثامن من كتاب الأمالي ، ويتلوه المجلس التاسع
__________________
(١) لبب فلان فلانا : أخذ بتلبيبه ، أي جمع ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جره.
(٢) الذعليبة : الناقة السريعة.
(٣) الوضين : حزام عريض يشد به الرحل على البعير.
(٤) تقدم في الحديث : ١٩٦.
[٩]
المجلس التاسع
فيه بقية أحاديث الشيخ السعيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن
النعمان رحمهالله وفيه بعض أحاديث أبي عمر عبد الواحد بن محمد المعروف
بابن مهدي ، عن ابن عقدة ، رواية محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، عن ابن مهدي.
بسم الله الرحمن الرحيم
٤٠٩ / ١ أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ( رحمه الله ) ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي ، قال : حدثنا محمد ابن مخلد بن حفص ، قال : حدثنا محمد بن الوليد ، قال : حدثنا غندر بن محمد ، قال : حدثنا سعيد ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الطفيل ، قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في خطبة له : إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى ، فاما طول الامل فينسي الآخرة ، وأما اتباع الهوى فيضل عن الحق ، ألا وإن الدنيا قد تولت مدبرة وان الآخرة قد أقبلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل.
٤١٠ / ٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن
أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام ونحن جماعة بعدما قضينا نسكنا ، فودعناه وقلنا له : أوصنا يا بن رسول الله. فقال : ليعن قويكم ضعيفكم ، وليعطف غنيكم على فقيركم ، ولينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه ، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا ، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا ، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به ، وإن لم تجدوه موافقا فردوه ، وان اشتبه الامر عليكم فيه فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا ، وإذا كنتم كما أوصيناكم ، لم تعدوا إلى غيره ، فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا ، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين ، ومن قتل بين يديه عدوا لنا كان له أجر عشرين شهيدا.
٤١١ / ٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه أبي النضر محمد بن مسعود العياشي ، قال : حدثنا القاسم بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : أخبرنا علي بن صالح ، قال : حدثنا سفيان بياع الحرير ، قال : حدثنا عبد المؤمن الأنصاري ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك ، قال : سألته من كان آثر الناس عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما رأيت؟
قال : ما رأيت أحدا بمنزلة علي بن أبي طالب عليهالسلام ، كان يبعثني في جوف الليل إليه فيستخلي به حتى يصبح ، هذا كان له عنده حتى فارق الدنيا.
قال : ولقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يقول : يا انس ، تحب عليا؟ قلت : يا رسول الله ، والله إني لاحبه لحبك إياه. فقال : أما إنك إن أحببته أحبك الله ، وان أبغضته أبغضك الله ، وان أبغضك الله أولجك في النار.
٤١٢ / ٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني المظفر بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن موسى الهاشمي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الزراري ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي زكريا الموصلي ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام ، أن
رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعلي : أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا ، فقال لهم : ألست بربكم؟ قال : بلى. قال : ومحمد رسولي؟ قالوا : بلى قال : وعلي بن أبي طالب وصيي؟ فأبى الخلق جميعا إلا استكبارا وعتوا من ولايتك إلا نفر قليل ، وهم أقل القليل ، وهم أصحاب اليمين.
٤١٣ / ٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران ، قال : حدثنا ابن دريد ، قال : حدثنا الرقاشي ، قال : حدثنا عمر بن بكير ، عن ابن الكلبي ، عن أبي مخنف ، عن كثير بن الصلت ، قال : جمع زياد الناس برحبة الكوفة ليعرضهم على البراءة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام والناس من ذلك في كرب عظيم ، فأغفيت فإذا أنا بشخص قد سد ما بين السماء والأرض ، فقلت له : من أنت؟ فقال أنا النقاد ذو الرقبة ، أرسلت إلى صاحب القصر ، فانتبهت مذعورا ، وإذا غلام لزياد قد خرج إلى الناس فقال : انصرفوا ، فإن الأمير عنكم مشغول. وسمعنا الصياح من داخل القصر ، فقلت في ذلك :
ما كان منتهيا عما أراد بنا |
|
حتى تناوله النقاد ذو الرقبة |
فأسقط الشق منه ضربة ثبتت |
|
كما تناول ظلما صاحب الرحبة (١) |
٤١٤ / ٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد رحمهالله قال : أخبرنا أبو علي محمد بن همام ، قال : حدثنا حميد بن زياد ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبيد الله ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان ، عن إسماعيل بن مسلم السكوني ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من رد عن عرض أخيه المسلم كتب من أهل الجنة البتة ، ومن أتي إليه معروف فليكافئ ، فإن عجز فليثن به ، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة.
٤١٥ / ٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني المظفر بن محمد البلخي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، قال : أخبرني عيسى بن مهران ، قال :
__________________
(١) يأتي مفصلا في الحديث : ١٢٧٩.
أخبرني الحسن بن الحسين ، قال : حدثنا الحسين بن عبد الكريم ، عن جعفر بن زياد الأحمر ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه جندب بن عبد الله ، قال : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام وقد بويع لعثمان بن عفان ، فوجدته مطرقا كئيبا ، فقلت له : ما أصابك ـ جعلت فداك ـ من قومك؟ فقال : صبر جميل. فقلت : سبحان الله! إنك لصبور.
قال : فاصنع ماذا؟ قلت : تقوم في الناس وتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبي صلىاللهعليهوآله وبالفضل والسابقة ، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك ، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشر على المائة ، فإن دانوا لك كان ذلك ما أحببت ، وان أبوا قاتلهم ، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي أتاه نبيه صلىاللهعليهوآله وكنت أولى به منهم ، وان قتلت في طلبه قتلت إن شاء شهيدا ، وكنت أولى بالعذر عند الله ، لا نك أحق بميراث رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أتراه ـ يا جندب ـ كان يبايعني عشرة من مائة؟ فقلت : أرجو ذلك.
فقال : لكني لا أرجو ولا من كل مائة اثنان ، وسأخبرك من أين ذلك ، إنما ينظر الناس إلى قريش ، وان قريشا تقول : إن آل محمد يرون لهم فضلا على سائر قريش ، وأنهم أولياء هذا الامر دون غيرهم من قريش ، وأنهم إن ولوه لم يخرج منهم هذا السلطان إلى أحد أبدا ، ومتى كان في غيرهم تداولوه بينهم ، ولا والله لا يدفع إلينا هذا السلطان قريش أبدا طائعين.
قال : فقلت : أفلا أرجع وأخبر الناس مقالتك هذه ، وأدعوهم إلى نصرك؟ فقال : يا جندب ، ليس ذا زمان ذلك.
قال جندب : فرجعت بعد ذلك إلى العراق ، فكنت كلما ذكرت من فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام شيئا زبروني ونهروني حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة ، فبعث إلي فحبسني حتى كلم في فخلى سبيلي.
٤١٦ / ٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد
المراغي ، قال : حدثنا أحمد بن الصلت ، قال : حدثنا حاجب بن الوليد ، قال : حدثنا الوصاف بن صالح ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن خالد بن طليق ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : ذمتي بما أقول رهينة ، وأنا به زعيم ، أنه لا يهيج على التقوى زرع قوم ، ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل ألا إن الخير كل الخير فيمن عرف قدره ، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره ، إن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما (١) من أغمار غشوة وأوباش فتنة ، فهو في عمى عن الهدى الذي أتى من عند ربه ، وضال عن سنة نبيه صلىاللهعليهوآله ، يظن أن الحق في صحفه ، كلا والذي نفس ابن أبي طالب بيده ، قد ضل وضل من افترى ، سماه رعاع الناس عالما ولم يكن في العلم يوما سالما ، بكر (٢) فاستكثر مما قل منه خير مما كثر ، حتى إذا ارتوى من غير حاصل ، واستكثر من غير طائل ، جلس للناس مفتيا ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم ، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا من رأيه ، ثم قطع على الشبهات ، خباط جهالات ركاب عشوات ، فالناس من علمه في مثل غزل العنكبوت ، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم ، تصرخ منه المواريث ، وتبكي من قضائه الدماء ، وتستحل به الفروج الحرام ، غير ملي والله اما ورد عليه ، ولا نادم على ما فرط منه ، وأولئك الذين حلت عليهم النياحة وهم أحياء.
فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، فمن نسال بعدك وعلى ما نعتمد؟ فقال : استفتحوا بكتاب الله ، فإنه إمام مشفق ، وهاد مرشد ، وواعظ ناصح ، ودليل يؤدي إلى جنة الله ( عزوجل ).
٤١٧ / ٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران ، قال : أخبرني محمد بن إبراهيم ، قال : حدثني عبد الله بن أبي سعيد الوراق ، قال : حدثني مسعود بن عمرو الجحدري ، قال : حدثني إبراهيم بن داحة ، قال : أول شعر
__________________
(١) أي جمعه من هاهنا وهاهنا.
(٢) في نسخة : فكر.
رثي به الحسين بن علي ( صلوات الله عليهما ) قول عقبة بن عمرو السهمي ، من بني سهم بن عوف بن غالب :
إذا العين قزت في الحياة وأنتم |
|
تخافون في الدنيا فأظلم نورها |
مررت على قبر الحسين بكربلا |
|
ففاض عليه من دموعي غزيرها |
فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه |
|
ويسعد عيني دمعها وزفيرها |
وبكيت من بعد الحسين عصابة |
|
أطافت به من جانبيه قبورها |
سلام على أهل القبور بكربلا |
|
وقل لها مني سلام يزورها |
سلام بآصال العشي وبالضحى |
|
تؤديه نكباء الرياح ومورها |
ولا برح الوفاد زوار قبره |
|
يفوح عليهم مسكها وعبيرها (١) |
٤١٨ / ١٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد البزاز الفلسطيني ، قال : حدثنا أحمد بن الصلت الحماني ، قال : حدثنا صالح بن أبي النجم ، قال : حدثنا الهيثم بن عدي ، عن عبد الله بن اليسع ، عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان العبدي رحمهالله ، قال : دخلت على عثمان بن عفان في نفر من المصريين ، فقال عثمان : قدموا رجلا منكم يكلمني ، فقدموني فقال عثمان : هذا ، وكأنه استحدثني. فقلت له : إن العلم لو كان بالسن لم يكن لي ولا لك فيه سهم ولكنه بالتعلم.
فقال عثمان : هات. فقلت : ( بسم الله الرحمن الرحيم * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) (٢) فقال عثمان : فينا نزلت هذه الآية؟ فقلت له : فمر بالمعروف ، وأنه عن المنكر.
فقال عثمان : دع هذا وهات ما معك. فقلت له : ( بسم الله الرحمن الرحيم *
__________________
(١) تقدم في الحديث : ١٤٣.
(٢) سورة الحج ٢٢ : ٤١.
الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) (١) إلى آخر الآية ، فقال عثمان : وهذه أيضا نزلت فينا. فقلت له : فأعطنا بما أخذت من الله.
فقال عثمان : يا أيها الناس ، عليكم بالسمع والطاعة ، فإن يد الله على الجماعة ، وان الشيطان مع الفذ (٢) ، فلا تستمعوا إلى قول هذا ، وان هذا لا يدري من الله ولا أين الله.
فقلت له : أما قولك : عليكم بالسمع والطاعة ، فإنك تريد منا أن نقول غدا : ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ، وأما قولك : أنا لا أدري من الله ، فإن الله ربنا ورب ابائنا الأولين ، وأما قولك : إني لا أدري أين الله ، فإن الله ( تعالى ) بالمرصاد. قال : فغضب وأمر بصرفنا وغلق الأبواب دوننا.
٤١٩ / ١١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد رحمهالله عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن زياد ، عن أبي محمد الوابشي ، قال : ذكر أبو عبد الله عليهالسلام أصحابنا فقال : كيف صنيعك بهم؟ فقلت : والله ما أتغدى ولا أتعشى إلا ومعي منهم اثنان أو ثلاثة أو أقل أو أكثر.
فقال : فضلهم عليك ـ يا أبا محمد ـ أكثر من فضلك عليهم. فقلت : جعلت فداك وكيف ذلك ، وأنا أطعمهم طعامي وأنفق عليهم مالي وأخدمهم خادمي؟ فقال : إذا دخلوا دخلوا بالرزق الكثير ، وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك.
٤٢٠ / ١٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن السري بن عيسى ، عن عبد الخالق بن عبد ربه ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : خير ما يخلف الرجل بعده ثلاثة : ولد بار يستغفر له ، وسنة خير يقتدى به فيها ، وصدقة تجري من بعده.
__________________
(١) سورة الحج ٢٢ : ٤٠.
(٢) الفذ : الفرد.
٤٢١ / ١٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين ابن سعيد ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : فيما أوحى الله ( عزوجل ) إلى موسى بن عمران : يا موسى ، ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن ، وإني إنما ابتليته لما هو خير له ، وأعافيه لما هر خير له ، وأنا أعلم بما يصلح عبدي عليه ، فليصبر على بلائي ، وليشكر نعمائي ، وليرض بقضائي ، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري.
٤٢٢ / ١٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح العدل السبيعي بحلب ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زيد بن إسماعيل الهمداني ، قال : حدثنا محمد بن تسنيم الوراق ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الخثعمي ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن رقبة بن مصقلة بن عبد الله بن خونعة العبدي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : أتى عمر بن الخطاب رجلان يسألان عن طلاق الأمة ، فالتفت إلى خلفه فنظر إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : يا أصلع ، ما ترى في طلاق الأمة؟ فقال له بإصبعه هكذا ، وأشار بالسبابة والتي تليها ، فالتفت إليهما عمر وقال : ثنتان. فقال : سبحان الله! جئناك وأنت أمير المؤمنين ، فسألناك فجئت إلى رجل سألته والله ما كلمك. فقال عمر : تدريان من هذا؟ قالا : لا. قال : هذا علي بن أبي طالب ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لو أن السماوات السبع والأرضين السبع وضعتا في كفة ووضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي.
٤٢٣ / ١٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني المظفر بن محمد البلخي ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثني داود بن عمر النهدي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن يونس ، عن المنهال بن عمرو ، قال : دخلت على علي بن الحسين عليهماالسلام منصرفي من مكة فقال لي : يا منهال ، ما صنع حرملة بن كاهلة الأسدي؟ فقلت : تركته حيا
بالكوفة ، قال : فرفع يديه جميعا ، فقال : « اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر النار ».
قال المنهال : فقدمت الكوفة ، وقد ظهر المختار بن أبي عبيد ، وكان لي صديقا ، قال : فكنت في منزلي أياما حتى انقطع الناس عني ، وركبت إليه فلقيته خارجا من داره ، فقال : يا منهال ، لم تأتنا في ولايتنا هذه ، ولم تهننا بها ، ولم تشركنا فيها؟ فأعلمته أني كنت بمكة ، وأني قد جئتك الان : وسايرته ونحن نتحدث حتى أتى الكناس ، فوقف وقوفا كأنه ينتظر شيئا ، وقد كان أخبر بمكان حرملة بن كاهلة ، فوجه في طلبه ، فلم نلبث أن جاء قوم يركضون وقوم يشتدون حثى قالوا : أيها الأمير ، البشارة ، قد أخذ حرملة بن كاهلة ، فما لبثنا أن جئ به ، فلقا نظر إليه المختار قال لحرملة : الحمد لله الذي مكنني منك. ثم قال : الجزار الجزار ، فأتي بجزار ، فقال له : اقطع يديه ، فقطعتا ، ثم قال له : اقطع رجليه ، فقطعتا ، ثم قال : النار النار؟ فأتي بنار وقصب فألقي عليه واشتعلت فيه النار. فقلت : سبحان الله! فقال لي : يا منهال ، إن التسبيح لحسن ، ففيم سبحت؟
فقلت : أيها الأمير ، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكة على علي بن الحسين عليهماالسلام فقال لي : يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهلة الأسدي؟ فقلت : تركته حيا بالكوفة؟ فرفع يديه جميعا فقال : « اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر الحديد ، اللهم أذقه حر النار ».
فقال لي المختار : أسمعت علي بن الحسين عليهماالسلام يقول هذا؟ فقلت : والله لقد سمعته قال ، فنزل عن دابته وصلى ركعتين فأطال السجود ، ثم قام فركب ، وقد احترق حرملة ، وركبت معه وسرنا ، فحاذيت داري ، فقلت : أيها الأمير ، إن رأيت أن تشرفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي. فقال : يا منهال ، تعلمني أن علي بن الحسين دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدي ثم تأمرني أن آكل! هذا يوم صوم شكرا لله ( عزوجل ) على ما فعلته بتوفيقه.
حرملة : هو الذي حمل رأس الحسين عليهالسلام.
٤٢٤ / ١٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا المدائني ، عن رجاله : أن المختار بن أبي عبيد الثقفي رحمهالله ظهر بالكوفة ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاخر سنة ست وستين ، فبايعه الناس على كتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله والطلب بدم الحسين بن علي عليهماالسلام ودماء أهل بيته ( رحمة الله عليهم ) والدفع عن الضعفاء ، فقال الشاعر في ذلك :
ولما دعا المختار جئنا لنصره |
|
على الخيل تردى من كميت (١) وأشقرا |
دعا يا لثارات الحسين فأقبلت |
|
تعادى (٢) بفرسان الصباح لتثأرا |
ونهض المختار إلى عبد الله بن مطيع ، وكان على الكوفة من قبل ابن الزبير فأخرجه وأصحابه منها منهزمين ، وأقام بالكوفة إلى المحرم سنة سبع وستين ، ثم عمد على إنفاذ الجيوش إلى ابن زياد وكان بأرض الجزيرة ، فصير على شرطه أبا عبد الله الجدلي وأبا عمرة كيسان مولى عرينة ، وأمر إبراهيم بن الأشتر رحمهالله بالتأهب للمسير إلى ابن زياد ( لعنه الله ) ، وأمره على الاجناد ، فخرج إبراهيم يوم السبت لسبع خلون من المحرم سنة سبع وستين في ألفين من مذحج وأسد ، وألفين من تميم وهمدان ، وألف وخمس مائة من قبائل المدينة ، وألف وخمس مائة من كندة وربيعة ، وألفين من الحمراء.
وقال بعضهم : كان ابن الأشتر في أربعة آلاف من القبائل ، وثمانية آلاف من الحمراء ، وشيع المختار إبراهيم بن الأشتر ( رحمهماالله ) ماشيا ، فقال له إبراهيم : اركب رحمك الله ، فقال : إني لأحتسب الاجر في خطاي معك ، وأحب أن تغبر قدماي في نصر ال محمد عليهمالسلام ، ثم ودعه وانصرف.
__________________
(١) تردى : تضرب الأرض بحوافرها. والكميت من الخيل : ما كان لونه بين الأسود والأحمر.
(٢) أي تتبارى في العدو والركض.