أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]
المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨
المؤوي لطريد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لكنكم صرتم بعده الامراء ، وبايعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء.
قال : فحملناه ، فأتينا به قبر أمه فاطمة عليهاالسلام فدفناه إلى جنبها ( رضياللهعنه وأرضاه ).
قال ابن عباس : وكنت أول من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل الحسين عليهالسلام على من قد أقبل ، ورأيت شخصا علمت الشر فيه ، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال ، فلما رأتني قالت : إلي إلي يا بن عباس ، لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب.
فقلت : وا سوأتاه! يوم على بغل ، ويوم على جمل ، تريدين أن تطفئي فيه نور الله ، وتقاتلي أولياء الله ، وتحولي بين رسول الله صلىاللهعليهوآله وبين حبيبه أن يدفن معه ، ارجعي فقد كفى الله ( تعالى ) المؤنة ، ودفن الحسن إلى جنب أمه ، فلم يزدد من الله ( تعالى ) إلا قربا ، وما ازددتم منه والله إلا بعدا ، يا سوأتاه! انصرفي فقد رأيت ما سرك.
قال : فقطبت في وجهي ، ونادت بأعلى صوتها : أما نسيتم الجمل يا بن عباس ، إنكم لذوو أحقاد. فقلت : أما والله ما نسيه أهل السماء ، فكيف ينساه أهل الأرض؟! فانصرفت وهي تقول :
فألقت عصاها فاستقرت بها النوى |
|
كما قر عينا بالإياب المسافر |
٢٦٨ / ٢٠ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمهالله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب الزراد ، عن أبي محمد الأنصاري ، عن معاوية بن وهب ، قال : كنت جالسا عند جعفر بن محمد عليهماالسلام إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر ، فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال له أبو عبد الله : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، يا شيخ ادن مني ، فدنا منه فقبل يده فبكى ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : وما يبكيك يا شيخ؟
قال له : يا بن رسول الله ، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة ، أقول
هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ، ولا أراه فيكم ، فتلومني أن أبكي! قال : فبكى أبو عبد الله عليهالسلام ثم قال : يا شيخ ، إن أخرت منيتك كنت معنا ، وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال الشيخ : ما أبالي ما فاتني بعد هذا يا بن رسول الله.
فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : يا شيخ ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله المنزل ، وعترتي أهل بيتي ، تجئ وأنت معنا يوم القيامة.
قال : يا شيخ ، ما أحسبك من أهل الكوفة. قال : لا. قال : فمن أين أنت؟ قال : من سوادها جعلت فداك.
قال : أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين عليهالسلام؟ قال : إني لقريب منه قال : كيف إتيانك له؟ قال : إني لآتيه وأكثر.
قال : يا شيخ ، ذاك دم يطلب الله ( تعالى ) به ، ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين عليهالسلام ، ولقد قتل عليهالسلام في سبعة عشر من أهل بيته ، نصحوا لله وصبروا في جنب الله ، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين ، إنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعه الحسين عليهالسلام ويده على رأسه بقطر دما فيقول : يا رب ، سل أمتي فيم قتلوا ولدي.
وقال عليهالسلام. كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين عليهالسلام.
٢٦٩ / ٢١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب ، قال : حدثنا الوليد بن أبي ثور ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ، قال : حدثني عمي ، قال : لما خفنا أيام الحجاج ، خرج نفر منا من الكوفة مستترين ، وخرجت معهم فصرنا إلى كربلاء ، وليس بها موضع نسكنه ، فبنينا كوخا على شاطئ الفرات وقلنا ناوي إليه ، فبينا نحن
فيه إذ جاءنا رجل غريب فقال : أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإني عابر سبيل ، فأجبناه وقلنا غريب منقطع به.
فلما غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا ، فكنا نشعل بالنفط ، ثم جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن علي عليهماالسلام ومصيبته وقتله ومن تولاه ، فقلنا : ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا رماه الله ببلية في بدنه. فقال ذلك الرجل : فأنا قد كنت فيمن قتله ، والله ما أصابني سوء ، له ، وإنكم يا قوم تكذبون؟ فأمسكنا عنه ، وقل ضوء النفط ، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار كفه ، فخرج ونادى حتى ألقى نفسه في الفرات يتغوص به ، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنار على وجه الماء ، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فتغوصه إلى الماء ، ثم يخرجه فتعود إليه ، فلم يزل ذلك دأبه حتى هلك.
٢٧٠ / ٢٢ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه رحمهالله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن منصور بزرج ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام ، في قول الله ( عزوجل ) : ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) (١).
قال : النجم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والعلامات الأئمة من بعده عليهمالسلام.
٢٧١ / ٢٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن صالح بن حمزة ، عن الحسين بن عبد الله ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة : أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال لأصحابه : اعلموا يقينا أن الله ( تعالى ) لم يجعل للعبد ـ وإن عظمت حيلته ، واشتد طلبه ، وقويت مكائده ـ أكثر مما سنى له في الذكر الحكيم ، فالعارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته ، والتارك له أعظم الناس شغلا
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ١٦.
في مضرته ، والحمد لله رب العالمين. ورب منعم عليه مستدرج ، ورب مبتلى عند الناس مصنوع له ، فأبق أيها المستمع من سعيك ، وقصر من عجلتك ، واذكر قبرك ومعادك ، فإن إلى الله مصيرك ، وكما تدين تدان.
٢٧٢ / ٢٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني ، قال : حدثنا داود بن سليمان الغازي ، قال : حدثنا الرضا علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم وعلى المعترض عليهم والساب لهم ، ( أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) (١).
٢٧٣ / ٢٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام ، قال : حدثنا علي بن محمد بن مسعدة ، قال : حدثني جدي مسعدة بن صدقة ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : والله لا يهلك هالك على حب علي عليهالسلام إلا رآه في أحب المواطن إليه ، والله لا يهلك هالك على بغض علي عليهالسلام إلا رآه في أبغض المواطن إليه.
٢٧٤ / ٢٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين البصري البزاز ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي ، عن أبيه ، عن الرضا علي ابن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ، ويضاعف الحسنات ، وإن الله ( تعالى ) ليتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد ، إلا ما كان منهم فيها على إصرار وظلم للمؤمنين ،
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٧٧.
فيقول للسيئات : كوني حسنات.
٢٧٥ / ٢٧ ـ أخبرني محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن المظفر بن محمد الخراساني ، قال : حدثنا محمد بن جعفر العلوي الحسيني ، قال : حدثنا الحسن ابن محمد بن جمهور العمي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام قال : أوحى الله إلى موسى بن عمران عليهالسلام : أتدري يا موسى ، لم انتجبتك من خلقي ، واصطفيتك لكلامي؟ فقال : لا ، يا رب ، فأوحى الله إليه : أني اطلعت إلى الأرض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك ، فخر موسى ساجدا وعفر خديه في التراب تذللا منه لربه ( عزوجل ) ، فأوحى الله إليه : ارفع رأسك يا موسى ، وامر يدك موضع سجودك ، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك ، فإنه أمان من كل سقم دواء وآفة وعاهة.
٢٧٦ / ٢٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عمر المعروف بالجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : أخبرنا محمد بن يوسف بن إبراهيم الورداني ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا وهيب بن حفص ، عن أبي حسان العجلي ، قال : لقيت أمة الله بنت رشيد الهجري فقلت لها : أخبريني بما سمعت من أبيك. قالت : سمعته يقول : قال لي حبيبي أمير المؤمنين عليهالسلام : يا رشيد ، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أيكون آخر ذلك إلى الجنة؟ قال : نعم يا رشيد ، وأنت معي في الدنيا والآخرة.
قالت : فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد ، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأبى أن يتبرأ منه ، فقال له ابن زياد : فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت؟ قال : أخبرني خليلي صلوات الله عليه أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني.
فقال : والله لأكذبن صاحبك ، قدموه فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه ، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا فقلت له : يا أبه جعلت فداك ، هل تجد لما أصابك ألما؟ قال :
والله لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس.
ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يترجعون له فقال : إئتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأتوه بصحيفة ودواة ، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه ، فمات من ليلته تلك رحمهالله ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يسميه رشيد المبتلى ، وكان قد ألقى عليهالسلام إليه علم البلايا والمنايا ، فكان يلقى الرجل فيقول له : يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا ، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا ، فيكون الامر كما قاله رشيد رحمهالله.
٢٧٧ / ٢٩ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن سلمان ، قال : حدثنا يحيى بن داود ، قال : حدثنا جعفر بن إسماعيل ، قال : أخبرنا عمرو بن أبي عمرو ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله. رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر.
٢٧٨ / ٣٠ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني ، قال : حد ثنا داود بن سليمان ، قال : حدثنا الرضا علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليهمالسلام ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله قال الله ( عزوجل ) : يا بن آدم ، كلكم ضال إلا من هديت ، وكلكم عائل إلا من أغنيت ، وكلكم هالك إلا من أنجيت ، فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم ، فإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفاقة ولو أغنيته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أمرضته لا فسده ذلك ، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا المرض ولو أصححت جسمه لأفسده ذلك ، وإن من عبادي لمن يجتهد في عبادتي وقيام الليل لي ، فألقي عليه النعاس نظرا
مني له ، فيرقد حثى يصبح ويقوم حين يقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها ، ولو خليت بينه وبين ما يريد لدخله العجب بعمله ، ثم كان هلاكه في عجبه ورضاه من نفسه ، فيظن أنه قد فاق العابدين وجاز باجتهاده حد المقصرين فيتباعد بذلك مني ، وهو يظن أنه يتقرب إلي ، فلا يتكل العاملون على أعمالهم وإن حسنت ، ولا ييأس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم وإن كثرت ، لكن برحمتي فليثقوا ، ولفضلي فليرجوا ، وإلى حسن نظري فليطمئنوا ، وذلك أني أدبر عبادي بما يصلحهم ، وأنا بهم لطيف خبير.
٢٧٩ / ٣١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري رحمهالله عن أبيه الحسين بن علي بن سفيان ، قال : حدثنا عبد الله بن زيدان البجلي ، قال : حدثنا الحسن بن أبي عاصم ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من سلم علي في شئ من الأرض أبلغته ، ومن سلم علي عند القبر سمعته.
٢٨٠ / ٣٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام : من تعلم لله ، وعمل لله ، وعلم لله ، دعي في ملكوت السماوات عظيما ، فقيل : تعلم لله ، وعمل لله ، وعمل لله (١).
٢٨١ / ٣٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو حفص عمر بن محمد بن علي ابن الزيات ، قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن العباس التمار ، قال : حدثنا الحسن بن عبيد الله ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان ، قال : كنا مع سلمان الفارسي رحمهالله تحت شجرة ،
__________________
(١) تقدم في الحديث : ٥٨.
فأخذ غصنا منها ، فنفضه فتساقط ورقه ، فقال : ألا تسألوني عما صنعت؟ فقلنا : خبرنا ، فقال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في ظل شجرة فأخذ غصنا منها ، فنفضه فتساقط ورقه ، فقال : ألا تسألوني عما صنعت؟ فقلنا : أخبرنا ، يا رسول الله ، قال : إن العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت (١) عنه خطاياه ، كما تحات ورق هذه الشجرة.
٢٨٢ / ٣٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد يقول : لم يزل الله ( جل اسمه ) عالما بذاته ولا معلوم ، ولم يزل قادرا بذاته ولا مقدور.
قلت له : جعلت فداك ، فلم يزل متكلما؟ فقال : الكلام فحدث ، كان الله ( عزوجل ) وليس بمتكلم ، ثم أحدث الكلام.
٢٨٣ / ٣٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح ، عن يحيى بن مساور ، عن علي بن حزور ، عن الهيثم بن عوف ، عن خالد بن عرعرة ، قال : سمعت عليا عليهالسلام يقول : إن بالكوفة مساجد مباركة ، ومساجد ملعونة ، فأما المباركة فمنها مسجد غني وهو مسجد مبارك ، والله إن قبلته لقاسطة ، ولقد أسسه رجل مؤمن ، وإنه لفي سرة الأرض ، وإن بقعته لطيبة ، ولا تذهب الليالي والأيام حتى تنفجر فيه عيون ، ويكون على جنبه جنتان ، وإن أهله ملعونون وهو مسلوب منهم. ومسجد جعفي مسجد مبارك ، وربما اجتمع فيه أناس من العرب من أوليائنا فيصلون فيه. ومسجد بني ظفر مسجد مبارك ، والله إن فيه لصخرة خضراء ، وما بعث الله نبي إلا فيها تمثال وجهه ، وهو مسجد السهلة. ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متى عليهالسلام ، ولتنفجرن
__________________
(١) أي تناثرت.
فيه عين تظهر على السبخة وما حولها.
وأما المساجد الملعونة فمسجد الأشعث بن قيس ، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي ، ومسجد ثقيف ، ومسجد سماك ، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفرا عنة.
٢٨٤ / ٣٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا عبيد الله بن إسحاق الضبي ، عن حمزة بن نصر ، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي ، قال : لما رجعت رسل أمير المؤمنين عليهالسلام من عند طلحة والزبير وعائشة ، يؤذنونه بالحرب ، قام فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على محمد وآله ، ثم قال :
يا أيها الناس ، إني قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا (١) أو يرجعوا ، وقد وبختهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم ، فليسوا يستجيبون ، ألا وقد بعثوا إلي أن أبرز للطعان ، واصبر للجلاد ، فإنما منتك نفسك من أبنائنا الأباطيل ، هبلتهم الهبول (٢) ، قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب ، وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأييد والظفر ، وإني لعلى يقين من ربي ، وفي غير شبهة من أمري.
أيها الناس ، إن الموت لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب ، ليس عن الموت محيص ، من لم يمت يقتل ، إن أفضل الموت القتل ، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من موت على فراش.
يا عجبا لطلحة ، ألب على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا ، ثم نكث بيعتي ، وطفق ينعى ابن عفان ظالما ، وجاء يطلبني يزعم بدمه ، والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث : لئن كان ابن عفان ظالما ، كما كان يزعم حين حصره
__________________
(١) أي يكفوا.
(٢) هبلتهم : ثكلتهم ، والهبول : المرأة الثكول.
وألب عليه ، إنه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه ، وإن كان في تلك الحال مظلوما ، إنه لينبغي أن يكون معه ، وإن كان في شك من الخصلتين ، لقد كان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانبا ، فما فعل من هذه الخصال واحدة ، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرة ثم نكث بيعته ، اللهم فخذه ولا تمهله.
ألا وإن الزبير قطع رحمي وقرابتي ، ونكث بيعتي ، ونصب لي الحرب ، وهو يعلم أنه ظالم لي ، اللهم فاكفنيه بما شئت.
٢٨٥ / ٣٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي ، قال : حدثنا الحسين بن عطاء الصواف ، قال : حدثنا محمد بن سعيد النصري ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن الأصباغي ، عن عطاء بن مسلم ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، قال : كنت غازيا زمن معاوية بخراسان ، وكان علينا رجل من التابعين فصلى بنا يوما الظهر ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : أيها الناس ، إنه قد حدث في الاسلام حدث عظيم ، لم يكن منذ قبض الله نبيه صلىاللهعليهوآله مثله ، بلغني أن معاوية قتل حجرا وأصحابه ، فإن يك عند المسلمين غير فسبيل ذلك ، له وإن لم يكن عندهم غير فأسأل الله أن يقبضني إليه ، وأن يعجل ذلك. قال الحسن بن أبي الحسن : فلا والله ما صلى بنا صلاة غيرها حتى سمعنا عليه الصياح.
٢٨٦ / ٣٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا الحسن ابن القاسم ، عن علي بن إبراهيم بن يعلى التيمي ، قال : حدثني علي بن سيف بن عميرة ، عن أبيه ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : ما نزلت آية إلا وأنا عالم متى نزلت ، وفي من أنزلت ، ولو سألتموني عما بين اللوحين لحدثتكم.
٢٨٧ / ٣٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن مالك
النحوي ، قال : أخبرني أبو الحسن (١) أحمد بن علي المعدل بحلب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن سليمان الأصفهاني ، قال : حدثنا عمر بن قيس المكي ، عن عكرمة صاحب ابن عباس ، قال : لما حج معاوية نزل المدينة فاستؤذن لسعد بن أبي وقاص عليه ، فقال لجلسائه : إذا أذنت لسعد وجلس فخذوا من علي بن أبي طالب ، فإذن له ، وجلس معه على السرير.
قال : وشتم القوم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، فانسكبت عينا سعد بالبكاء ، فقال له معاوية : ما يبكيك يا سعد؟ أتبكي أن يشتم قاتل أخيك عثمان بن عفان؟ قال : والله ما أملك البكاء ، خرجنا من مكة مهاجرين حتى نزل هذا المسجد ـ يعني مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله ـ وكان فيه مبيتنا ومقيلنا ، إذ أخرجنا منه وترك علي بن أبي طالب فيه ، فاشتد ذلك علينا وهبنا نبي الله صلىاللهعليهوآله أن نذكر ذلك له ، فأتينا عائشة فقلنا : يا أم المؤمنين ، إن لنا صحبة مثل صحبة علي ، وهجرة مثل هجرته ، وإنا قد أخرجنا من المسجد وترك فيه ، فلا ندري من سخط من الله ، أو من غضب من رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فاذكري له ذلك فانا نهابه ، فذكرت ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآله فقال لما : يا عائشة ، لا والله ما أنا أخرجتهم ، ولا أنا أسكنته ، بل الله أخرجهم وأسكنه.
وغزونا خيبر فانهزم عنها من انهزم فقال نبي الله صلىاللهعليهوآله : لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، فدعاه وهو أرمد فتفل في عينه وأعطاه الراية ففتح الله له.
وغزونا تبوك مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فودع علي النبي صلىاللهعليهوآله على ثنية الوداع وبكى ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : ما يبكيك؟ فقال كيف لا أبكي ولم أتخلف عنك في غزاة منذ بعثك الله ( تعالى ) ، فما بالك تخلفني في هذه الغزاة؟ فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ فقال علي عليهالسلام : بل رضيت.
__________________
(١) في نسخة : الحسين.
٢٨٨ / ٤٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : أخبرنا الحسن بن القاسم ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن يعلى التيمي ، قال : حدثنا علي بن سيف بن عميرة ، عن أبيه ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن حمران بن أعين ، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي ، عن أبيه ، قال : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام يقول : والله لأذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله صلىاللهعليهوآله أعداءنا ، ولأوردنه (١) أحباءنا.
٢٨٩ / ٤١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر ، عن أبي العباس أحمد بن محمد ، عن يحيى بن زكريا بن شيبان ، عن الحسين بن سفيان ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن المشمعل ، قال : حدثنا أبو حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام قال : من دعا الله بنا أفلح ، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك.
٢٩٠ / ٤٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام ، قال : إذا دعا أحدكم فليبدأ. بالصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله ، فإن الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله مقبولة ، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضا.
٢٩١ / ٤٣ ـ حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه محمد بن الحسن ، عن محمد ابن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبان ابن عثمان ، عن بحر السقاء ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : إن من روح الله ( تعالى ) ثلاثة : التهجد بالليل ، وإفطار الصائم ، ولقاء الاخوان.
__________________
(١) في نسخة : وليردنه.
٢٩٢ / ٤٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أحمد ابن عبد الحميد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة ، قال : حدثنا الحسن بن المبارك ، قال : حدثنا العباس بن عامر ، عن مالك الأحمسي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ ابن نباتة ، قال : كنت أركع عند باب أمير المؤمنين عليهالسلام وأنا أدعو الله ، إذ خرج أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : يا أصبغ. فقلت : لبيك. قال أي شئ كنت تصنع؟ قلت : ركعت وأنا أدعو. قال : أفلا أعلمك دعاء سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قلت : بلى. قال : قل : « الحمد لله على ما كان ، والحمد لله على كل حال » ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الأيسر ، وقال : يا أصبغ ، لئن ثبتت قدمك ، وتمت ولايتك ، وانبسطت يدك ، فالله أرحم بك من نفسك.
٢٩٣ / ٤٥ ـ أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب ، قال : أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الكريم ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، عن زيد بن المعدل ، عن يحيى بن صالح الطيالسي ، عن إسماعيل بن زياد ، عن ربيعة بن ناجذ ، قال : لما وجه معاوية بن أبي سفيان ، سفيان بن عوف الغامدي إلى الأنبار للغارة ، بعثه في ستة آلاف فارس ، فأغار على هيت والأنبار ، وقتل المسلمين ، وسبى الحريم ، وعرض الناس على البراءة من أمير المؤمنين عليهالسلام ، استنفر أمير المؤمنين عليهالسلام الناس وقد كانوا تقاعدوا عنه ، واجتمعوا على خذلانه ، وأمر مناديه في الناس فاجتمعوا ، فقام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال :
أما بعد : أيها الناس ، فوالله لأهل مصركم في الأمصار أكثر في العرب من الأنصار ، وما كانوا يوم عاهدوا رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات الله إلا قبيلتين صغير مولدهما ، ما هما بأقدم العرب ميلادا ، ولا بأكثره عددا ، فلما آووا رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه ، ونصروا الله ودينه ، رمتهم العرب عن قوس واحدة ، وتحالفت عليهم اليهود ، وغزتهم القبائل قبيلة
بعد قبيلة ، فتجردوا للدين ، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل ، وما بينهم وبين اليهود من العهود ، ونصبوا لأهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن وأهل السهل قناة الدين والصبر تحت حماس الجلاد ، حتى دانت لرسول الله صلىاللهعليهوآله العرب ، فرأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه ، فأنتم في الناس أكثر من أولئك في أهل ذلك الزمان من العرب.
فقال إليه رجل آدم (١) طوال فقال : ما أنت كمحمد ، ولا نحن كأولئك الذين ذكرت ، فلا تكلفنا ما لا طاقة لنا به.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أحسن مسمعا تحسن إجابة ، ثكلتكم الثواكل ما تزيدونني إلا غما ، هل أخبرتكم أني مثل محمد صلىاللهعليهوآله وأنكم مثل أنصاره ، وإنما ضربت لكم مثلا ، وأنا أرجو أن تأسوا بهم.
ثم قام رجل آخر فقال : ما أحوج أمير المؤمنين عليهالسلام ومن معه إلى أصحاب النهروان!
ثم تكلم الناس من كل ناحية ولغطوا ، فقام رجل فقال بأعلى صوته : استبان فقد الأشتر ، على أهل العراق ، لو كان حيا لقل اللغط ، ولعلم كل امرئ ما يقول.
فقال لهم أمير المؤمنين ( صلوت الله عليه ) : هبلتكم الهوابل ، لأنا أوجب عليكم حقا من الأشتر ، وهل للأشتر عليكم من الحق إلا حق المسلم على المسلم؟ وغضب فنزل.
فقام حجر بن عدي وسعد بن قيس ، فقالا : لا يسوؤك الله يا أمير المؤمنين ، مرنا بأمرك نتبعه ، فوالله العظيم ما يعظم جزعنا على أموالنا أن تفرق ، ولا على عشائرنا أن تقتل في طاعتك ، فقال لهم : تجهزوا للسير إلى عدونا.
ثم دخل منزله عليهالسلام ودخل عليه وجوه أصحابه ، فقال لهم : أشيروا علي برجل صليب ناصح يحشر الناس من السواد؟ فقال سعد بن قيس : عليك يا أمير المؤمنين بالناصح الاريب الشجا ع الصليب معقل بن قيس التميمي ، قال : نعم ، ثم
__________________
(١) الادم : الأسمر.
دعاه فوجهه وسار ، ولم يعد حتى أصيب أمير المؤمنين عليهالسلام.
٢٩٤ / ٤٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن عامر القصباني ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن بريد العجلي ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : لما توفيت خديجة ( رضياللهعنها ) جعلت فاطمة ( صلوت الله عليها ) تلوذ برسول الله صلىاللهعليهوآله وتدور حوله ، وتقول : يا أبه ، أين أمي؟ قال : فنزل جبرئيل عليهالسلام فقال له : ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام ، وتقول لها : إن أمك في بيت من قصب ، كعابه (١) من ذهب ، وعمده ياقوت أحمر ، بين آسية ومريم بنت عمران ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام.
٢٩٥ / ٤٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا الفضل بن الحباب الجمحي ، قال : حدثنا الحسين بن عبد الله (٢) الابلي ، قال : حدثنا أبو خالد الأسدي ، عن أبي بكر بن عياش ، عن صدقة بن سعيد الحنفي ، عن جميع بن عمير ، قال : سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول : انتهى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى العقبة فقال : لا يجاوزها أحد ، فعوج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا به صلىاللهعليهوآله وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من اشترى شاة مصراة (٣) فهو بالخيار ، فعوج الحكم فمه ، فبصر به النبي صلىاللهعليهوآله فدعا عليه فصرع شهرين ثم أفاق ، فأخرجه النبي صلىاللهعليهوآله عن المدينة طريدا ونفاه عنها.
٢٩٦ / ٤٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرني أبو الحسن علي ابن خالد المراغي ، قال : حدثنا العباس بن الوليد ، قال : حدثنا القناد ، عن الحسين بن
__________________
(١) الكعاب : جمع كعبة ، وهي الغرفة وكل بيت مربع.
(٢) في نسخة : عبيد الله.
(٣) المصراة : الناقة أو الشاة يصرى اللبن في ضرعها ، أي يجمع ويحبس.
سعيد ، عن أبيه ، عن هارون بن سعيد ، قال : صلى بنا الوليد بن عقبة بالكوفة صلاة الغداة ـ وكان سكرانا ـ فتغنى في الثانية منها ، وزادنا ركعة أخرى ، ونام في آخرها ، فأخذ رجل من بكر بن وائل خاتمه من يده ، فقال فيه علباء السدوسي.
تكلم في الصلاة وزاد فيها |
|
مجاهرة وعالن بالنفاق |
وفاح الخمر من سنن المصلى |
|
ونادى والجميع إلى افتراق |
أزيديكم على أن تحمدوني |
|
فما لكم ومالي من خلاق |
٢٩٧ / ٤٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ البصير ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن عبد الله البغدادي بواسط ، قال : حدثنا عيسى بن مهران ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا موسى بن قيس ، قال : حدثنا الحسين بن أسباط العبدي ، قال : سمعت عمار بن ياسر رحمهالله يقول عند توجهه إلى صفين : اللهم لو أعلم أنه أرض لك أن أرمي بنفسي من فرق هذا الجبل لرميت بها ، ولو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا فأقع فيها لفعلت ، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد بذلك وجهك ، وأنا أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك الكريم.
٢٩٨ / ٥٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبد الله بن أبي رافع الكاتب ، قال : حدثني جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني ، قال : حدثنا عيسى بن مهران ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات ، قال : حدثنا أبو المقوم ثعلبة بن زيد الأنصاري ، قال : سمعت جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري رحمهالله يقول : تمثل إبليس لعنه الله ه في أربع صور : تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش : ( لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم ) (١).
وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى : أن محمدا والصباة معه
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٤٨.
عند العقبة فأدركوهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للأنصار : لا تخافوا فإن صوته لن يعد وهم.
وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد ، وأشار عليهم في النبي صلىاللهعليهوآله بما أشار ، فأنزل الله ( تعالى ) : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) (١).
وتصور يوم قبض النبي صلىاللهعليهوآله في صورة المغيرة بن شعبة فقال : أيها الناس ، لا تجعلوها كسروانية ولا قيصرانية ، وسعوها تتسع ، فلا ترد وها في بني هاشم ، فتنتظر بها الحبالى.
تم المجلس السادس ، ويتلوه المجلس السابع من أمالي
الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمهالله.
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٣٠.
[٧]
المجلس السابع
فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.
بسم الله الرحمن الرحيم
٢٩٩ / ١ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمهالله قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي ، قال : دخل رجل على أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة. فقال له أبو جعفر عليهالسلام : هذه صحيفة تخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل؟
فقال : رحمك الله ، هذا الذي أريد.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وتقر بما جاء من عند الله ، والولاية لنا أهل البيت ، والبراءة من عدونا ، والتسلم لنا ، والتواضع والطمأنينة ، وانتظار أمرنا ، فإن لنا دولة إن شاء الله ( تعالى ) جاء بها.
٣٠٠ / ٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن هشام ، عن محمد بن إسماعيل البزاز ، عن العباس بن عامر ، عن أبان بن
عثمان ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهماالسلام يقول : إذا دخل أهل الجنة الجنة بأعمالهم ، فأين عتقاء الله من النار؟ إن لله عتقاء من النار.
٣٠١ / ٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد ، قال : حدثنا علي بن حكيم الأودي ، قال : أخبرنا عمرو بن ثابت ، عن فضيل بن غزوان ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : من أحبني رآني يوم القيامة حيث يحب ، ومن أبغضني رآني يوم القيامة حيث يكره.
٣٠٢ / ٤ ـ أخبرني جماعة ، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا محمد بن موسى ، قال : حدثنا محمد بن سهل ، قال : أخبرنا هشام ، قال : حدثني أبو مخنف ، قال : حدثني الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن جندب بن عبد الله الأزدي ، قال : قام علي بن أبي طالب عليهالسلام في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام ، وذلك بعد انقضاء المدة التي كانت بينه وبينهم ، وقد شن معاوية على بلاد المسلمين الغارات ، فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة فلم ينفروا ، فأضجره ذلك فقال :
أيها الناس المجتمعة أبدانهم ، المختلفة أهواؤهم ، ما عزت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، كلامكم يوهن الصم الصلاب ، وتثاقلكم عن طاعتي يطمع فيكم عدوكم ، إذا أمرتكم قلتم : كيت وكيت ، وليت وعسى ، أعاليل أباطيل ، وتسألوني التأخير دفاع ذي الدين المطول ، هيهات هيهات ، لا يدفع الضيم الذليل ، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصبر.
أي دار بعد داركم تمتعون ، ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟! المغرور والله من غررتموه ، ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب ، أصبحت لا أطمع في نصرتكم ، ولا أصدق قولكم ، فرق الله بيني وبينكم ، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم.