الإمام الصادق عليه السلام - ج ١

الشيخ محمّد حسين المظفّر

الإمام الصادق عليه السلام - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد حسين المظفّر


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
الصفحات: ٢٦٨
الجزء ١ الجزء ٢

على الصادق عليه‌السلام فقال له : ما دعاك الى ما صنعت ، تذكّر يوم مررت على باب قوم فسال عليك الميزاب من الدار فسألتهم فقالوا : إنه قذر ، فطرحت نفسك في النهر بثيابك فكانت منشغة (١) عليك فاجتمع عليك الصبيان يضحكون منك ويصيحون عليك ، فلمّا خرج من عند الصادق عليه‌السلام قال : هذا صاحبي دون غيره (٢).

وجاء من عدّه طرق دخول أبي بصير على الصادق عليه‌السلام وهو جنب ، وردع الصادق إيّاه ، ومن ذلك ما قاله أبو بصير ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وأنا اريد أن يعطيني من دلالة الامامة مثلما أعطاني أبو جعفر عليه‌السلام ، فلمّا دخلت وكنت جنبا قال : يا أبا محمّد تدخل عليّ وأنت جنب ، فقلت : ما عملته إلاّ عمدا ، قال : أو لم تؤمن؟ قلت : بلى ولكن ليطمئن قلبي ، فقلت عند ذلك : إنه إمام (٣).

إعلامه عمّا في النفس :

إن نفس المؤمن اذا زكت من درن الرذائل عادت كالمرآة الصافية ، ينطبع فيها كلّ ما يكون أمامها ، ولذا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ، هذا شأن المؤمن فكيف بإمام المؤمنين؟

وهذا الخضر عليه‌السلام أعاب السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام ، وما

__________________

السيرة والعمل الصالح ، وسنذكره في وصاياه ..

(١) تسيل ..

(٢) المناقب ، وبصائر الدرجات : ٥ / ٢٦٥ وغيرها ..

(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٩٠ / ٣ وذكر بعض أحاديث أبي بصير الشيخ المفيد في الارشاد ، وابن بابويه في دلائل الامامة ، والطبرسي في أعلام الورى وغيرهم ..

٢٦١

كان ذلك منه إلاّ علما منحه به العليم سبحانه.

فلا عجب إذن لو أعلم الامام الصادق عليه‌السلام عن أشياء تتلجلج في النفوس عند إظهار الكرامة.

دخل عمر بن يزيد (١) على الصادق وهو وجع وقد ولاّه ظهره ووجهه للحائط ، وقد قال عمر في نفسه : ما أدري ما يصيبه في مرضه لو سألته عن الامام بعده ، فبينا يفكّر في ذلك إذ حوّل الصادق إليه وجهه ، فقال : الأمر ليس كما تظنّ ليس عليّ من وجعي هذا بأس (٢).

ودخل عليه الحسن بن موسى الحنّاط (٣) وجميل بن درّاج (٤) وعائذ الأحمسي (٥) وكان عائذ يقول : إن لي حاجة اريد أن أسأله عنها ، فلمّا سلّموا وجلسوا أقبل بوجهه على عائذ فقال عليه‌السلام : من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عمّا سوى ذلك ، فغمزهم فقاموا ، فلمّا خرجوا قالوا له : ما كانت حاجتك؟ قال : الذي سمعتم ، لأني رجل لا اطيق القيام بالليل فخفت أن اكون مأخوذا به فأهلك (٦).

ودخل عليه شهاب بن عبد ربّه (٧) وهو يريد أن يسأله عن الجنب يغرف

__________________

(١) هل هما اثنان بيّاع السابري والصيقل أو واحد؟ وعلى كلّ حال فهما من أصحاب الصادق وثقات رواته ..

(٢) بصائر الدرجات : ٥ / ٢٥٩ ..

(٣) بالحاء المهملة والنون المضاعفة ، وقيل بالخاء المعجمة والياء التحتانيّة المضاعفة ، هو من أصحاب الصادق ، روى عنه بعض الثقات وأصحاب الاصول ومن لا يروي إلاّ عن ثقة كابن أبي عمير ..

(٤) النخعي وسنذكره في مشاهير الثقات من رواته ..

(٥) بالذال المعجمة في آخره ، روى عنه الثقات مثل جميل بن درّاج ، وأن للصدوق طرقا إليه ..

(٦) الشيخ في التهذيب والأمالي ، والكليني في الكافي ، والصدوق في الفقيه ، ذكروه في كتاب الصلاة في القيام بالليل ، المناقب : ٣ / ٢٢٦ ..

(٧) الكوفي من أصحاب الصادق ورواته الثقات ..

٢٦٢

الماء من الحبّ فلمّا صار عنده انسي المسألة ، فنظر إليه أبو عبد الله عليه‌السلام فقال : يا شهاب لا بأس أن يغرف الجنب من الحبّ (١).

وكان جعفر بن هارون الزيّات (٢) يطوف بالكعبة وأبو عبد الله عليه‌السلام في الطواف ، فنظر إليه الزيّات وحدّثته نفسه فقال : هذا حجّة الله ، وهذا الذي لا يقبل الله شيئا إلاّ بمعرفته ، فبينا هو في هذا التفكير إذ جاءه الصادق من خلفه فضرب بيده على منكبه ثمّ قال : « أبشرا واحدا منّا نتبعه إنّا إذن لفي ضلال وسعر » (٣) ثمّ جازه (٤).

ودخل عليه خالد بن نجيح الجواز (٥) وعنده ناس فقنّع رأسه وجلس ناحية وقال في نفسه : ويحكم ما أغفلكم عند من تتكلّمون ، عند ربّ العالمين ، فناداه الصادق عليه‌السلام : ويحك يا خالد إني والله عبد مخلوق ولي ربّ أعبده ، إن لم أعبده والله عذبني بالنار ، فقال خالد : لا والله لا أقول فيك أبدا إلاّ قولك في نفسك (٦).

هذا قليل من كثير ممّا روته الكتب الجليلة من الكرامات والمناقب لأبي عبد الله الصادق عليه‌السلام ، ولا غرابة لو ذكرت له الكتب أضعاف ما

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٥ / ٦٣ ، بحار الأنوار : ٤٧ / ٦٨ / ١٣ ..

(٢) لم ينصّوا على توثيقه ولكنهم استظهروا أنه من الحسان ..

(٣) القمر : ٢٤ ..

(٤) بصائر الدرجات : ٥ / ٦٥ ، بحار الأنوار : ٤٧ / ٧٠ / ٢٥ ..

(٥) نجيح بالجيم المعجمة والحاء المهملة ، وأمّا الجواز فقيل بالمعجمتين الجيم والزاء مع تضعيف الواو ، وقيل بإهمالها ، وقيل بإعجام الاولى وإهمال الثانية ، وقيل : الجوان بالجيم والنون ، وعلى كلّ حال فقد حسنت عقيدته بعد هذا الردع ، وعدّوه في أصحاب الكاظم عليه‌السلام وهو المشير الى الرضا عليه‌السلام من بعده ..

(٦) بصائر الدرجات : ٥ / ٢٦١ ..

٢٦٣

استطردناه بعد أن أوضحنا في صدر البحث أمر الكرامة.

أجل بعد أن فاتتنا المشاهدة فلا طريق لنا لإثبات الكرامة غير النقل وإن المشاهدة لا تكون إلاّ لأفراد من معاصري النبي أو الامام ، فكيف حال الناس مع الكرامة من أهل الأجيال المتأخّرة ، هذا سوى الناس من أهل زمانه ممّن لم يحضر الكرامة ، فهل طريق إذن لإثباتها غير النقل ، فالنقل إن صحّ لاعتبار المؤلّف والراوي فذلك المطلوب ، وإلاّ فاعتباره اذا بلغ التواتر لقضيّة خاصّة أو لقضايا يحصل من جميعها الاعتقاد بصدور الكرامة من النبي أو الوصي وإن لم يحصل الاعتقاد بواحدة منها خاصّة.

* * *

٢٦٤

فهرس الجزء الأول

مقدمة موسسة النشرالاسلامي................................................... ٣

الإهداء........................................................................ ٥

الطليعة......................................................................... ٦

أهل البيت...................................................................... ٧

من هم أهل البيت؟......................................................... ٧

بنو أميّة....................................................................... ١١

من هم بنو أميّة؟.......................................................... ١١

بنو العبّاس.................................................................... ٢٣

ما جناية أهل البيت؟........................................................... ٢٩

المذاهب والنحل.............................................................. ٣٨

اصول الفرق الإسلاميّة :.................................................. ٣٨

١ ـ المرجئة :............................................................. ٣٩

٢ ـ المعتزلة :............................................................. ٤١

٣ ـ الشيعة :............................................................. ٤٣

الكيسانيّة :.............................................................. ٤٥

الزيديّة :................................................................. ٤٧

البتريّة :................................................................. ٥٠

السليمانيّة :.............................................................. ٥١

٢٦٥

الجاروديّة :.............................................................. ٥١

الصالحيّة :............................................................... ٥٢

الإسماعيليّة :.............................................................. ٥٢

الإماميّة :................................................................ ٥٤

٤ ـ الخوارج :............................................................ ٥٨

الغلاة ومن خرج عن الاسلام ببعض العقائد :................................ ٦٢

شبه الإلحاد :............................................................. ٦٣

الإمامة....................................................................... ٦٤

من هو الصادق؟.............................................................. ٧١

التقيّة......................................................................... ٨١

تمهيد :.................................................................. ٨١

دليل التقيّة :............................................................. ٨٢

ابتداء التقيّة ومبرّراتها :.................................................... ٨٤

أثر التقيّة في خدمة الدين :................................................. ٨٩

الصادق والمحن................................................................ ٩٢

مواقفه مع المنصور وولاته.................................................... ١١٤

الصادق في العراق........................................................... ١٢٣

حياته العلميّة................................................................ ١٣١

علمه إلهامي :........................................................... ١٣١

مدرسته العلميّة :....................................................... ١٣٥

تعاليمه لتلاميذه :....................................................... ١٣٦

الحديث :.............................................................. ١٤٠

الفقه :................................................................. ١٤٢

الأخلاق :............................................................. ١٤٤

٢٦٦

التفسير :............................................................... ١٤٥

علم الكلام :........................................................... ١٤٧

الوجود والتوحيد :...................................................... ١٤٩

توحيد المفضّل :......................................................... ١٤٩

الإهليلجة :............................................................. ١٦٤

موجز براهينه على الوجود والوحدانيّة :................................... ١٦٨

نفي التجسيم :......................................................... ١٧٠

صفات الحدوث :....................................................... ١٧٣

لا تدركه الأبصار :..................................................... ١٧٦

الطبّ :................................................................ ١٧٨

الجفر :................................................................ ١٧٩

الكيمياء وجابر بن حيّان :............................................... ١٨٠

سائر العلوم :........................................................... ١٨٢

كيف صار مذهبا؟........................................................... ١٨٤

مناظراته.................................................................... ١٨٩

مناظراته في التوحيد :.................................................... ١٨٩

مناظرته مع طبيب :..................................................... ٢٠٢

تفضيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :................................................... ٢٠٦

العدل بين النساء :...................................................... ٢٠٧

رؤساء المعتزلة في البيعة لمحمّد :........................................... ٢٠٧

مناظرته في الزهد :...................................................... ٢١١

مناظرته في صدقة :...................................................... ٢١٨

سيرته وأخلاقه.............................................................. ٢٢٠

تمهيد :................................................................. ٢٢٠

٢٦٧

آدابه في العشرة :....................................................... ٢٢١

سخاؤه :............................................................... ٢٢٥

هباته السرّية :.......................................................... ٢٢٧

حلمه :................................................................ ٢٢٩

عطفه :................................................................ ٢٣٣

جلده :................................................................ ٢٣٥

هيبته :................................................................. ٢٣٦

عبادته :............................................................... ٢٣٩

شجاعته :.............................................................. ٢٤٠

زهده :................................................................ ٢٤١

كراماته..................................................................... ٢٤٤

ما الآية؟............................................................... ٢٤٤

دعاؤه المجاب :.......................................................... ٢٤٩

إعلامه عن الحوادث :................................................... ٢٥٦

إعلامه عمّا في النفس :.................................................. ٢٦١

الفهرس..................................................................... ٢٦٥

٢٦٨