التبيان في إعراب القرآن

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]

التبيان في إعراب القرآن

المؤلف:

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: بيت الأفكار الدوليّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٧

٦٦ ـ (ها أَنْتُمْ) : ها للتنبيه.

وقيل : هي بدل من همزة الاستفهام.

ويقرأ : بتحقيق الهمزة والمدّ ، وبتليين الهمزة والمد ، وبالقصر والهمزة : وقد ذكرنا إعراب هذا الكلام في قوله : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ).

(فِيما) : هي بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة.

و (عِلْمٌ) : مبتدأ ، ولكم خبره ، وبه في موضع نصب على الحال ؛ لأنّه صفة لعلم في الأصل قدّمت عليه.

ولا يجوز أن تتعلّق الباء بعلم ؛ إذ فيه تقديم الصّلة على الموصول ، فإن علقتها بمحذوف يفسّره المصدر جاز ، وهو الذي يسمّى تبيينا.

٦٨ ـ (بِإِبْراهِيمَ) : الباء تتعلّق بأولى ، وخبر إن (لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ).

و (أَوْلَى) : أفعل من ولي يلي ، وألفه منقلبة عن ياء ؛ لأنّ فاءه واو ، فلا تكون لامه واوا ؛ إذ ليس في الكلام ما فاؤه ولامه واوان إلا واو.

(وَهذَا النَّبِيُ) : معطوف على خبر إن.

ويقرأ «النبي» بالنصب ؛ أي واتّبعوا هذا النبيّ.

٧٢ ـ (وَجْهَ النَّهارِ) : وجه ظرف لآمنوا ، بدليل قوله : (وَاكْفُرُوا آخِرَهُ).

ويجوز أن يكون ظرفا لأنزل.

٧٣ ـ (إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ أنه استثناء مما قبله ؛ والتقدير : ولا تقرّوا إلا لمن تبع ، فعلى هذا اللام غير زائدة.

ويجوز أن تكون زائدة ، ويكون محمولا على المعنى ؛ أي اجحدوا كلّ أحد إلا من تبع.

والثاني ـ أن النية التأخير ، والتقدير : ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا من تبع دينكم ، فاللام على هذا زائدة ، ومن في موضع نصب على الاستثناء من أحد.

فأما قوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى) ـ فمعترض بين الكلامين لأنّه مشدّد.

وهذا الوجه بعيد ؛ لأنّ فيه تقديم المستثنى على المستثنى منه ، وعلى العامل فيه ، وتقديم ما في صلة أن عليها ؛ فعلى هذا في موضع (أَنْ يُؤْتى) ثلاثة أوجه :

أحدها ـ جرّ ، تقديره : ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد.

والثاني ـ أن يكون نصبا على تقدير حذف حرف الجر. والثالث ـ أن يكون مفعولا من أجله ، تقديره :

ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم مخافة أن يؤتى أحد.

وقيل أن يؤتى متصل بقوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) ؛ والتقدير : أنّ لا يؤتى ؛ أي هو أن لا يؤتى ، فهو في موضع رفع.

(أَوْ يُحاجُّوكُمْ) : معطوف على يؤتى ، وجمع الضمير لأحد ؛ لأنّه في مذهب الجمع ، كما قال : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ).

ويقرأ : أن يؤتى على الاستئناف ، وموضعه رفع على أنه مبتدأ ، تقديره : إتيان أحد مثل ما أوتيتم يمكن أو يصدّق.

ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف ، تقديره : أتصدقون أن يؤتى ، أو أتشيعون.

ويقرأ شاذا أن يؤتى على تسمية الفاعل ، وأحد فاعله ، والمفعول محذوف ؛ أي أن يؤتى أحد أحدا.

(يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي هو يؤتيه ؛ وأن يكون خبرا ثانيا.

٧٥ ـ (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ) : من مبتدأ ، ومن أهل الكتاب خبره ، والشرط وجوابه صفة لمن لأنّها نكرة ، وكما يقع الشرط خبرا يقع صلة ، وصفة ، وحالا.

وقرأ أبو الأشهب العطاردي «تأمنه» ـ بكسر حرف المضارعة.

و (بِقِنْطارٍ) : الباء بمعنى في ؛ أي في حفظ قنطار.

وقيل الباء بمعنى على.

(يُؤَدِّهِ) : فيه خمس قراءات.

إحداها ـ كسر الهاء وصلتها بياء في اللفظ ، وقد ذكرنا علّة هذا في أول الكتاب.

والثانية ـ كسر الهاء من غير ياء ، اكتفى بالكسرة عن الياء لدلالتها عليها ، ولأنّ الأصل ألّا يزاد على الهاء شيء ، كبقية الضمائر. والثالثة ـ إسكان الهاء ؛ وذلك أنه أجرى الوصل مجرى الوقف ؛ وهو ضعيف ، وحقّ هاء الضمير الحركة ، وإنما تسكّن هاء السكت.

والرابعة ـ ضمّ الهاء ، وصلتها بواو في اللفظ على تبيين الهاء المضمومة بالواو ؛ لأنّها من جنس الضمة كما بيّنت المكسورة بالياء.

والخامسة ـ ضمّ الهاء من غير واو ؛ لدلالة الضمة عليها ؛ ولأنّه الأصل ؛ ويجوز تحقيق الهمزة وإبدالها واوا للضمة قبلها.

(إِلَّا ما دُمْتَ) : «ما» في موضع نصب على الظرف ؛ أي إلا مدة دوامك.

ويجوز أن يكون حالا ؛ لأنّ ما مصدرية ، والمصدر قد يقع حالا ؛ والتقدير : إلا في حال ملازمتك.

والجمهور على ضمّ الدال ؛ وماضيه دام يدوم ، مثل قال يقول.

ويقرأ بكسر الدال ، وماضيه دمت تدام ، مثل خفت تخاف ، وهي لغة.

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) ؛ أي ذلك مستحقّ بأنهم.

(فِي الْأُمِّيِّينَ) : صفة ل (سَبِيلٌ) ، قدّمت عليه فصارت حالا.

ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار في (عَلَيْنا).

٨١

وذهب قوم إلى عمل ليس في الحال ، فيجوز على هذا أن يتعلّق بها ؛ وسبيل اسم ليس ، وعلينا الخبر.

ويجوز أن يرتفع سبيل بعلينا ، فيكون في ليس ضمير الشأن.

(وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ) : يجوز أن يتعلّق «على» بيقولون ، لأنّه بمعنى يفترون.

ويجوز أن يكون حالا من الكذب مقدما عليه.

ولا يجوز أن يتعلّق بالكذب ؛ لأنّ الصلة لا تتقدّم على الموصول. ويجوز ذلك على التّبيين.

(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : جملة في موضع الحال.

٧٦ ـ (بَلى) : في الكلام حذف ، تقديره : بلى عليهم سبيل ؛ ثم ابتدأ فقال : (مَنْ أَوْفى) ، وهي شرط ، (فَإِنَّ اللهَ) جوابه.

والمعنى : فإنّ الله يحبّهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر.

٧٨ ـ (يَلْوُونَ) : هو في موضع نصب صفة لفريق ، وجمع على المعنى ، ولو أفرد جاز على اللفظ.

والجمهور على إسكان اللام وإثبات واوين بعدها.

ويقرأ بفتح اللام وتشديد الواو ، وضمّ الياء على التكثير. ويقرأ بضمّ اللام وواو واحدة ساكنة ؛ والأصل يلوون كقراءة الجمهور إلا أنه همز الواو لأنضمامها ، ثم ألقى حركتها على اللام.

والألسنة : جمع لسان ؛ وهو على لغة من ذكّر اللسان ، وأمّا من أنّثه فإنه يجمعه على ألسن.

و (بِالْكِتابِ) : في موضع الحال من الألسنة ؛ أي ملتبسة بالكتاب ، أو ناطقة بالكتاب.

و (مِنَ الْكِتابِ) : هو المفعول الثاني لحسب.

٧٩ ـ (ثُمَّ يَقُولَ) : هو معطوف على يؤتيه.

ويقرأ بالرفع على الاستئناف.

(بِما كُنْتُمْ) : في موضع الصفة لربّانيين.

ويجوز أن تكون الباء بمعنى السبب ، أي كونوا بهذا السبب ، فتتعلّق بكان ؛ و «ما» مصدرية ؛ أي بعلمكم الكتاب.

ويجوز أن تكون الباء متعلّقة بربّانيين.

(تُعَلِّمُونَ) : يقرأ بالتخفيف ؛ أي تعرفون.

وبالتشديد : أي تعلّمونه غيركم.

(تَدْرُسُونَ) : يقرأ بالتخفيف ؛ أي تدرسون الكتاب ، فالمفعول محذوف.

ويقرأ بالتشديد وضمّ التاء ؛ أي تدرسون الناس الكتاب.

٨٠ ـ (وَلا يَأْمُرَكُمْ) : يقرأ بالرفع ؛ أي ولا يأمركم الله أو النبي ، فهو مستأنف.

ويقرأ بالنّصب عطفا على «يقول» ؛ فيكون الفاعل ضمير النبيّ أو البشر.

ويقرأ بإسكان الراء فرارا من توالي الحركات ، وقد ذكر في البقرة.

(إِذْ) : في موضع جرّ بإضافة بعد إليها.

و (أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) : في موضع جرّ بإضافة إذ إليها.

٨١ ـ (لَما آتَيْتُكُمْ) : يقرأ بكسر اللام ؛ وفيما يتعلّق به وجهان : أحدهما ـ أخذ ؛ أي لهذا المعنى ، وفيه حذف مضاف تقديره : لرعاية ما آتيتكم.

والثاني ـ أن يتعلّق بالميثاق ، لأنّه مصدر ؛ أي توثقنا عليهم لذلك.

وما بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف.

و (مِنْ كِتابٍ) : حال من المحذوف ، أو من الذي.

ويقرأ بالفتح وتخفيف «ما» ، وفيها وجهان :

أحدهما ـ أنّ ما بمعنى الذي ، وموضعها رفع بالابتداء ، واللام لام الابتداء دخلت لتوكيد معنى القسم.

وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ من كتاب وحكمة ؛ أي الذي أوتيتموه من الكتاب ؛ والنكرة هنا كالمعرفة.

والثاني ـ الخبر لتؤمننّ به ، والهاء عائدة على المبتدأ ، واللام جواب القسم ؛ لأنّ أخذ الميثاق قسم في المعنى.

فأما قوله : (ثُمَّ جاءَكُمْ) فهو معطوف على ما آتيتكم ، والعائد على «ما» من هذا المعطوف فيه وجهان :

أحدهما ـ تقديره : ثم جاءكم به ، واستغنى عن إظهاره بقوله «به» فيما بعد.

والثاني ـ أنّ قوله : (لِما مَعَكُمْ) في موضع الضمير ، تقديره : مصدق له ؛ لأنّ الذي معهم هو الذي آتاهم.

ويجوز أن يكون العائد ضمير الاستقرار العامل في مع.

ويجوز أن تكون الهاء في «به» تعود على الرسول ، والعائد على المبتدأ محذوف ؛ وسوّغ ذلك طول الكلام ، وأن تصديق الرسول تصديق للذي أوتيه.

والقول الثاني أنّ «ما» شرط ، واللام قبله لتلقّي القسم ، كالتي في قوله : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) ؛ وليست لازمة ، بدليل قوله : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) ؛ فعلى هذا تكون «ما» في موضع نصب بآتيت ، والمفعول الثاني ضمير المخاطب ؛ ومن كتاب : مثل من آية في قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) ، وباقي الكلام على هذا الوجه ظاهر.

ويقرأ «لمّا» بفتح اللام وتشديد الميم. وفيها وجهان :

أحدهما ـ أنها الزمانية ؛ أي أخذنا ميثاقهم لمّا آتيناهم شيئا من كتاب وحكمة ، ورجع من الغيبة إلى الخطاب على المألوف من طريقتهم.

٨٢

والثاني ـ أنه أراد لمن ما ، ثم أبدل من النون ميما لمشابهتها إياها ، فتوالت ثلاث ميمات ، فحذف الثانية لضعفها بكونها بدلا وحصول التكرير بها ، ذكر هذا المعنى ابن جنى في المحتسب.

ويقرأ آتيتكم على لفظ الواحد ، وهو موافق لقوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ) ، ولقوله : (إِصْرِي).

ويقرأ آتيناكم على لفظ الجمع للتعظيم.

(أَأَقْرَرْتُمْ) : فيه حذف ؛ أي بذلك.

و (إِصْرِي) ـ بالكسر والضم لغتان قرئ بهما.

٨٢ ـ (فَمَنْ تَوَلَّى) : من مبتدأ ؛ يجوز أن تكون بمعنى الذي ، وأن تكون شرطا.

(فَأُولئِكَ) : مبتدأ ثان.

و (هُمُ الْفاسِقُونَ) : مبتدأ وخبره. ويجوز أن يكون هم فصلا.

٨٣ ـ (أَفَغَيْرَ) منصوب ب (يَبْغُونَ). ويقرأ بالياء على الغيبة كالذي قبله ، وبالتاء على الخطاب ؛ والتقدير : قل لهم.

(طَوْعاً وَكَرْهاً) : مصدران في موضع الحال.

ويجوز أن يكونا مصدرين على غير الصدر ؛ لأنّ أسلم بمعنى انقاد وأطاع.

ترجعون ـ بالتاء على الخطاب ، وبالياء على الغيبة.

٨٤ ـ (قُلْ آمَنَّا) : تقديره : قل يا محمّد : آمنّا ؛ أي أنا ومن معي ، أو أنا والأنّبياء.

وقيل : التقدير : قل لهم قولوا آمنّا.

٨٥ ـ (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ) : الجمهور على إظهار الغينين ، وروي عن أبي عمرو الإدغام ؛ وهو ضعيف ؛ لأن كسرة الغين الأولى تدلّ على الياء المحذوفة.

(دِيناً) : تمييز ، ويجوز أن يكون مفعول يبتغ.

و (غَيْرَ) : صفة قدّمت عليه فصارت حالا.

(وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) : هو في الإعراب مثل قوله : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). وقد ذكر.

٨٦ ـ (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ) : حال أو ظرف ، والعامل فيها يهدي ، وقد تقدّم نظيره.

(وَشَهِدُوا) : فيه ثلاثة أوجه : أحدها ـ هو حال من الضمير في كفروا ، «وقد» معه مقدرة ؛ ولا يجوز أن يكون العامل يهدي ، لأنّه يهدي من (شَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ).

والثاني ـ أن يكون معطوفا على كفروا ؛ أي كيف يهديهم بعد اجتماع الأمرين.

والثالث ـ أن يكون التقدير : وأن شهدوا ؛ أي بعد أن آمنوا ، وأن شهدوا ، فيكون في موضع جر.

٨٧ ـ (أُولئِكَ) : مبتدأ ؛ و (جَزاؤُهُمْ) :

مبتدأ ثان ؛ و (أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ) أنّ واسمها وخبرها خبر جزاء ؛ أي جزاؤهم اللعنة.

ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا من أولئك بدل الاشتمال.

٨٨ ـ (خالِدِينَ فِيها) : حال من الهاء والميم في عليهم ، والعامل فيها الجارّ أو ما يتعلّق به. وفيها : يعني اللعنة.

٩١ ـ (ذَهَباً) : تمييز ؛ والهاء في به تعود على الملء ، أو على ذهب.

٩٢ ـ (مِمَّا تُحِبُّونَ) : «ما» بمعنى الذي ؛ أو نكرة موصوفة ، ولا يجوز أن تكون مصدريّة ؛ لأنّ المحبة لا تنفق ؛ فإن جعلت المصدر بمعنى المفعول فهو جائز على رأي أبي عليّ.

(وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) : قد ذكر نظيره في البقرة.

والهاء في «به» تعود على «ما» ، أو على «شيء».

٩٣ ـ (حِلًّا) ؛ أي حلالا ، والمعنى كان كلّه حلا.

(إِلَّا ما حَرَّمَ) : في موضع نصب ؛ لأنّه استثناء من اسم كان ، والعامل فيه كان.

ويجوز أن يعمل فيه حلا ، ويكون فيه ضمير يكون الاستثناء منه ؛ لأنّ حلّا وحلالا في موضع اسم الفاعل بمعنى الجائز والمباح.

(مِنْ قَبْلِ) : متعلّق بحرّم. ٩٤ ـ (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) : يجوز أن يتعلّق بافترى ، وأن يتعلّق بالكذب.

٩٥ ـ (قُلْ صَدَقَ اللهُ) : الجمهور على إظهار اللام وهو الأصل.

ويقرأ بالإدغام ؛ لأنّ الصاد فيها انبساط ، وفي اللام انبساط بحيث يتلاقى طرفا هما ؛ فصارا متقاربين ؛ والتقدير : قل لهم صدق الله.

و (حَنِيفاً) : يجوز أن يكون حالا من إبراهيم ومن الملّة ؛ وذكّر لأنّ الملّة والدين واحد.

٩٦ ـ (وُضِعَ لِلنَّاسِ) : الجملة في موضع جرّ صفة لبيت ، والخبر (لَلَّذِي).

و (مُبارَكاً وَهُدىً) : حالان من الضمير في وضع ، وإن شئت في الجار ، والعامل فيهما الاستقرار.

٩٧ ـ (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) : يجوز أن تكون الجملة مستأنفة مضمنة لمعنى البركة والهدى.

ويجوز أن يكون موضعها حالا أخرى.

ويجوز أن تكون حالا من الضمير في قوله : (لِلْعالَمِينَ). والعامل فيه هدى.

ويجوز أن تكون حالا من الضمير في «مباركا» ، وهو العامل فيها.

٨٣

ويجوز أن تكون صفة لهدى ، كما أن للعالمين كذلك.

و (مَقامُ إِبْراهِيمَ) : مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ أي منها مقام إبراهيم.

(وَمَنْ دَخَلَهُ) : معطوف عليه ؛ أي ومنها أمن من دخله.

وقيل : هو خبر ، تقديره : هي مقام.

وقيل : بدل. وعلى هذين الوجهين قد عبّر عن الآيات بالمقام وبأمن الداخل.

وقيل : (وَمَنْ دَخَلَهُ) مستأنف ، ومن شرطية.

و (حِجُّ الْبَيْتِ) : مصدر ، يقرأ بالفتح والكسر ، وهما لغتان.

وقيل : الكسر اسم للمصدر. وهو مبتدأ وخبره (عَلَى النَّاسِ) ، ولله يتعلّق بالاستقرار في «على» ؛ تقديره : استقرّ لله على الناس.

ويجوز أن يكون الخبر لله ، وعلى الناس متعلّق به : إمّا حالا ، وإمّا مفعولا.

ولا يجوز أن يكون لله حالا ؛ لأنّ العامل في الحال على هذا يكون معنى ، والحال لا يتقدّم على العامل المعنوي.

ويجوز أن يرتفع الحجّ بالجار الأول أو الثاني. والحجّ مصدر أضيف إلى المفعول.

(مَنِ اسْتَطاعَ) : بدل من الناس بدل بعض من كل.

وقيل : هو في موضع رفع ، تقديره : هم من استطاع ، أو الواجب عليه من استطاع ، والجملة بدل أيضا.

وقيل : هو مرفوع بالحج ، تقديره : ولله على الناس أن يحجّ البيت من استطاع ؛ فعلى هذا في الكلام حذف ، تقديره : من استطاع منهم ، ليكون في الجملة ضمير يرجع على الأوّل.

وقيل : من مبتدأ شرط ، والجواب محذوف تقديره : من استطاع فليحجّ ، ودل على ذلك قوله : (وَمَنْ كَفَرَ) وجوابها.

٩٩ ـ (لِمَ تَصُدُّونَ) : اللام متعلّقة بالفعل.

و «من» مفعوله.

و (تَبْغُونَها) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من الضمير في تصدّون ، أو من السبيل ؛ لأنّ فيها ضميرين راجعين إليهما ؛ فلذلك صحّ أن تجعل حالا من كلّ واحد منهما.

و (عِوَجاً) : حال.

١٠٠ ـ (بَعْدَ إِيمانِكُمْ) : يجوز أن يكون ظرفا ليردّوكم ، وأن يكون ظرفا ل (كافِرِينَ) ؛ وهو في المعنى مثل قوله : (كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ).

١٠٣ ـ (وَلا تَفَرَّقُوا) : الأصل تتفرّقوا ، فحذف التاء الثانية ، وقد ذكر وجهه في البقرة.

ويقرأ بتشديد التاء ، والوجه فيه أنه سكن التاء الأولى حين نزّلها متصلة بالألف ، ثم أدغم.

(نِعْمَتَ اللهِ) : هو مصدر مضاف إلى الفاعل.

و (عَلَيْكُمْ) : يجوز أن يتعلّق به ، كما تقول : أنعمت عليك.

ويجوز أن يكون حالا من النعمة ، فيتعلّق بمحذوف.

(إِذْ كُنْتُمْ) : يجوز أن يكون ظرفا للنعمة ، وأن يكون ظرفا للاستقرار في «عليكم» إذا جعلته حالا.

(فَأَصْبَحْتُمْ) : يجوز أن تكون الناقصة ، فعلى هذا يجوز أن يكون الخبر (بِنِعْمَتِهِ) ؛ فيكون المعنى : فأصبحتم في نعمته ، أو متلبّسين بنعمته ، أو مشمولين.

و (إِخْواناً) : على هذا حال يعمل فيها أصبح ، أو ما يتعلق به الجارّ.

٨٤

ويجوز أن يكون إخوانا خبر أصبح ، ويكون الجارّ حالا يعمل فيه أصبح ، أو حالا من إخوان ؛ لأنه صفة له قدّمت عليه ؛ وأن يكون متعلّقا بأصبح ؛ لأنّ الناقصة تعمل في الجار.

ويجوز أن يتعلّق بإخوانا ؛ لأنّ التقدير : تآخيتم بنعمته.

ويجوز أن تكون أصبح تامّة ، ويكون الكلام في (بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) قريبا من الكلام في الناقصة.

والإخوان : جمع أخ ، من الصداقة ، لا من النّسب.

والشّفا ـ يكتب بالألف ، وهي من الواو ، تثنية شفوان.

و (مِنَ النَّارِ) : صفة لحفرة ، ومن للتبعيض ، والضمير في (مِنْها) للنار ، أو للحفرة.

١٠٤ ـ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ) : يجوز أن تكون «كان» هنا التامة ، فتكون (أُمَّةٌ) فاعلا ، و (يَدْعُونَ) صفته ، ومنكم متعلّقة بتكن ، أو بمحذوف ، على أن تكون صفة لأمّة قدّم عليها فصار حالا.

ويجوز أن تكون الناقصة ، وأمّة اسمها ، ويدعون الخبر ؛ ومنكم إما حال من أمة ، أو متعلّق بكان الناقصة.

ويجوز أن يكون يدعون صفة ، ومنكم الخبر.

١٠٥ ـ (جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) : إنما حذف التاء ؛ لأنّ تأنيث البينة غير حقيقي ، ولأنها بمعنى الدليل.

١٠٦ ـ (يَوْمَ تَبْيَضُ) : هو ظرف لعظيم ، أو للاستقرار في لهم ؛ وفي تبيضّ أربع لغات : فتح التاء وكسرها من غير ألف. وتبياض بالألف مع فتح التاء وكسرها ، وكذلك تسود.

(أَكَفَرْتُمْ) : تقديره : فيقال لهم أكفرتم ، والمحذوف هو الخبر.

١٠٨ ـ (تِلْكَ آياتُ اللهِ) : قد ذكر في البقرة.

١١٠ ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) : قيل : كنتم في علمي.

وقيل : هو بمعنى صرتم.

وقيل : كان زائدة ؛ والتقدير : أنتم خير ؛ وهذا خطأ لأنّ كان لا تزاد في أوّل الجملة ، ولا تعمل في خير.

(تَأْمُرُونَ) : خبر ثان ، أو تفسير لخير ، أو مستأنف.

(لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) : أي لكان الإيمان ، لفظ الفعل على إرادة المصدر. (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) : هو مستأنف.

١١١ ـ (إِلَّا أَذىً) : أذّى مصدر من معنى يضرّوكم ؛ لأنّ الأذى والضرر مقاربان في المعنى ؛ فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا.

وقيل : هو منقطع ، لأنّ المعنى : لن يضرّوكم بالهزيمة ، لكن يؤذونكم بتصدّيكم لقتالهم.

(يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) : الأدبار مفعول ثان. والمعنى : يجعلون ظهورهم تليكم.

(ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) : مستأنف ، ولا يجوز الجزم عند بعضهم عطفا على جواب الشّرط ؛ لأنّ جواب الشرط يقع عقيب المشروط ، وثم للتراخي ؛ فلذلك لم تصلح في جواب الشرط ، والمعطوف على الجواب كالجواب ؛ وهذا خطأ ؛ لأنّ الجزم في مثله قد جاء في قوله : (ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) ؛ وإنما استؤنف هنا ليدلّ على أن الله لا ينصرهم قاتلوا أو لم يقاتلوا.

١١٢ ـ (إِلَّا بِحَبْلٍ) : في موضع نصب على الحال ، تقديره : ضربت عليهم الذلة في كل حال إلا في حال عقد العهد لهم ؛ فالباء متعلقة بمحذوف ، تقديره : إلا متمسّكين بحبل.

١١٣ ـ (لَيْسُوا) : الواو اسم ليس ، وهي راجعة على المذكورين قبلها ؛ و (سَواءً) : خبرها ؛ أي ليسوا مستوين ، ثم استأنف فقال : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) ؛ فأمّه مبتدأ ، وقائمة نعت له ، والجارّ قبله خبره.

ويجوز أن تكون أمة فاعل الجار ، وقد وضع الظاهر هنا موضع المضمر ، والأصل منهم أمة.

وقيل : أمة رفع بسواء ، وهذا ضعيف في المعنى والإعراب ؛ لأنّه منقطع مما قبله ، ولا يصحّ أن تكون الجملة خير ليس.

وقيل : أمّة اسم ليس. والواو فيها حرف يدل على الجمع ، كما قالوا : أكلوني البراغيث ، وسواء الخبر. وهذا ضعيف ؛ إذ ليس الغرض بيان تفاوت الأمّة القائمة التالية لآيات الله ، بل الغرض أنّ من أهل الكتاب مؤمنا وكافرا. (يَتْلُونَ) : صفة أخرى لأمّة.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قائمة ، أو من الأمة. لأنّها قد وصفت ، والعامل على هذا الاستقرار.

و (آناءَ اللَّيْلِ) : ظرف ليتلون لا لقائمة ؛ لأنّ قائمة قد وصفت فلا تعمل فيما بعد الصفة.

وواحد الآناء إنى مثل معى ، ومنهم من يفتح الهمزة فيصير على وزن عصا ، ومنهم من يقول إنى بالياء وكسر الهمزة.

(وَهُمْ يَسْجُدُونَ) : حال من الضمير في يتلون ، أو في قائمة.

ويجوز أن يكون مستأنفا ، وكذلك «يؤمنون. ويأمرون. وينهون» إن شئت جعلتها أحوالا ، وإن شئت استأنفتها.

١١٥ ـ (وَما يَفْعَلُوا) : يقرأ بالتاء على الخطاب ، وبالياء حملا على الذي قبله.

١١٧ ـ (كَمَثَلِ رِيحٍ) : فيه حذف مضاف ، تقديره : كمثل مهلك ريح ؛ أي ما ينفقون هالك كالذي تهلكه.

(فِيها صِرٌّ) : مبتدأ وخبر في موضع صفة الريح. ويجوز أن ترفع «صرّ» بالظرف ؛ لأنّه قد اعتمد على ما قبله.

٨٥

و (أَصابَتْ) : في موضع جرّ أيضا صفة لريح ؛ ولا يجوز أن تكون صفة لصرّ ؛ لأنّ الصرّ مذكّر والضمير في أصابت مؤنث.

وقيل : ليس في الكلام حذف مضاف ؛ بل تشبيه ما أنفقوا بمعنى الكلام ؛ وذلك أن قوله : (كَمَثَلِ رِيحٍ ...) إلى قوله : (فَأَهْلَكَتْهُ) متّصل بعضه ببعض ، فامتزجت المعاني فيه وفهم المعنى.

(ظَلَمُوا) : صفة لقوم.

١١٨ ـ (مِنْ دُونِكُمْ) : صفة لبطانة.

وقيل : من زائدة ؛ لأنّ المعنى بطانة دونكم في العمل والإيمان.

(لا يَأْلُونَكُمْ) : في موضع نعت لبطانة ، أو حال مما تعلّقت به من.

ويألو يتعدّى إلى مفعول واحد.

و (خَبالاً) منصوب على التمييز.

ويجوز أن يكون انتصب لحذف حرف الجرّ ، تقديره : لا يألونكم في تخبيلكم.

ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال.

(وَدُّوا) : مستأنف. ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يألونكم ، «وقد» معه مرادة.

و (ما) مصدرية ، أي عنتكم. (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ) : حال أيضا ؛ ويجوز أن يكون مستأنفا.

(مِنْ أَفْواهِهِمْ) : مفعول بدت ، ومن لابتداء الغاية.

ويجوز أن يكون حالا ؛ أي ظهرت خارجة من أفواههم.

١١٩ ـ (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) : قد ذكر إعرابه في قوله : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ).

(بِالْكِتابِ كُلِّهِ) : الكتاب هنا جنس ؛ أي بالكتب كلها ، وقيل هو واحد.

(عَضُّوا عَلَيْكُمُ) : عليكم مفعول عضّوا.

ويجوز أن يكون حالا ؛ أي حنقين عليكم.

(مِنَ الْغَيْظِ) : متعلّق بعضّوا أيضا ، ومن لابتداء الغاية ؛ أي من أجل الغيظ.

ويجوز أن يكون حالا ؛ أي موتوا مغتاظين.

(بِغَيْظِكُمْ) : يجوز أن يكون مفعولا به ، كما تقول : مات بالسّمّ ؛ أي بسببه.

ويجوز أن يكون حالا ؛ أي موتوا مغتاظين.

١٢٠ ـ (لا يَضُرُّكُمْ) : يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء على أنه جواب الشرط ، وهو من ضار يضير ضيرا بمعنى ضرّ ؛ ويقال فيه : ضاره يضوره ـ بالواو.

ويقرأ بضم الضاد وتشديد الراء وضمّها ، وهو من ضرّ يضر ؛ وفي رفعه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه في نيّة التقديم ؛ أي لا يضركم كيدهم شيئا إن تتّقوا ، وهو قول سيبويه.

والثاني ـ أنه حذف الفاء ؛ وهو قول المبرد ، وعلى هذين القولين الضمة إعراب.

والثالث ـ أنها ليست إعرابا ؛ بل لما اضطرّ إلى التحريك حرك بالضم اتباعا لضمة الضاد.

وقيل : حرّكها بحركتها الإعرابية المستحقّة لها في الأصل. ويقرأ بفتح الراء على أنه مجزوم حرك بالفتح لالتقاء الساكنين ، إذ كان أخفّ من الضمّ والكسر.

(شَيْئاً) : مصدر ؛ أي ضررا.

١٢١ ـ (وَإِذْ غَدَوْتَ) : أي واذكر.

(مِنْ أَهْلِكَ) : من لابتداء الغاية ، والتقدير : من بين أهلك ، وموضعه نصب ، تقديره : فارقت أهلك.

و (تُبَوِّئُ) : حال ، وهو يتعدّى إلى مفعول بنفسه ، وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف الجر ، فمن الأول هذه الآية ؛ فالأوّل (الْمُؤْمِنِينَ) ، والثاني (مَقاعِدَ).

ومن الثاني : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ).

وقيل : اللام فيه زائدة.

(لِلْقِتالِ) : يتعلّق بتبوّئ.

ويجوز أن يتعلّق بمحذوف على أن يكون صفة لمقاعد ؛ ولا يجوز أن يتعلّق بمقاعد ؛ لأنّ المقعد هنا المكان ، وذلك لا يعمل.

١٢٢ ـ (إِذْ هَمَّتْ) : إذ ظرف لعليم.

ويجوز أن يكون ظرفا لتبوّئ ، وأن يكون لغدوت.

(أَنْ تَفْشَلا) : تقديره : بأن تفشلا ؛ فموضعه نصب ، أو جر على ما ذكرنا من الخلاف.

(وَعَلَى) : يتعلّق بيتوكّل ، دخلت الفاء لمعنى الشرط ؛ والمعنى : إن فشلوا فتوكّلوا أنتم ، وإن صعب الأمر فتوكّلوا.

١٢٣ ـ (بِبَدْرٍ) : ظرف ، والباء بمعنى في.

ويجوز أن يكون حالا.

و (أَذِلَّةٌ) : جمع ذليل ؛ وإنما يجئ هذا البناء فرارا من تكرير اللام الذي يكون في ذللا.

١٢٤ ـ (إِذْ تَقُولُ) : يجوز أن يكون التقدير : اذكر.

ويجوز أن يكون بدلا من (إِذْ هَمَّتْ).

ويجوز أن يكون ظرفا لنصركم.

(أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) : همزة الاستفهام إذا دخلت على النّفي نقلته إلى الإثبات ، ويبقى زمان الفعل على ما كان عليه.

و (أَنْ يُمِدَّكُمْ) : فاعل يكفيكم.

(بِثَلاثَةِ آلافٍ) : الجمهور على كسر التاء ، وقد أسكنت في الشواذ على أنّه أجرى الوصل مجرى الوقف ؛ وهذه التاء إذا وقف عليها كانت بدلا من الهاء التي يوقف عليها.

ومنهم من يقول : إنّ تاء التأنيث هي الموقوف عليها ؛ وهي لغة.

٨٦

وقرئ شاذا بها ساكنة ؛ وهو إجراء الوصل مجرى الوقف أيضا ؛ وكلاهما ضعيف ؛ لأنّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد.

١٢٥ ـ (مُسَوِّمِينَ) ـ بكسر الواو : أي مسوّمين خيلهم أو أنفسهم ؛ وبفتحها على ما لم يسمّ فاعله.

١٢٦ ـ (إِلَّا بُشْرى) : مفعول ثان لجعل.

ويجوز أن يكون مفعولا له ، ويكون «جعل» المتعدية إلى واحد.

والهاء في جعله تعود على إمداد ، أو على التسويم ، أو على النّصر ، أو على التنزيل.

(وَلِتَطْمَئِنَ) : معطوف على بشرى إذا جعلتها مفعولا له ، تقديره : ليبشّركم ولتطمئنّ.

ويجوز أن يتعلّق بفعل محذوف ، تقديره : ولتطمئن قلوبكم بشّركم.

١٢٧ ـ (لِيَقْطَعَ طَرَفاً) : اللام متعلقة بمحذوف ، تقديره : ليقطع طرفا أمدّكم بالملائكة ، أو نصركم.

(أَوْ يَكْبِتَهُمْ) : قيل : أو بمعنى الواو.

وقيل : هي للتفصيل ؛ أي كان القطع لبعضهم ، والكبت لبعضهم. والتاء في يكبتهم أصل ، وقيل : هي بدل من الدال ، وهو من كبدته : أصبت كبده.

(فَيَنْقَلِبُوا) : معطوف على يقطع ، أو يكبتهم.

١٢٨ ـ (لَيْسَ لَكَ) : اسم ليس (شَيْءٌ) ، و «لك» الخبر ، و (مِنَ الْأَمْرِ) حال من شيء ؛ لأنّها صفة مقدّمة.

(أَوْ يَتُوبَ) ـ (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) : معطوفان على يقطع. وقيل : أو بمعنى إلا أن.

١٣٠ ـ (أَضْعافاً) : مصدر في موضع الحال من الرّبا ، تقديره : مضاعفا.

١٣٣ ـ (وَسارِعُوا) : يقرأ بالواو وحذفها ؛ فمن أثبتها عطفه على ما قبله من الأوامر ، ومن لم يثبتها استأنف.

ويجوز إمالة الألف هنا لكسرة الراء.

(عَرْضُهَا السَّماواتُ) : الجملة في موضع جرّ ، وفي الكلام حذف ، تقديره : عرضها مثل عرض السّموات.

(أُعِدَّتْ) : يجوز أن يكون في موضع جرّ صفة للجنة ، وأن يكون حالا منها ؛ لأنّها قد وصفت ، وأن يكون مستأنفا : ولا يجوز أن يكون حالا من المضاف إليه لثلاثة أشياء : أحدها ـ أنه لا عامل ، وما جاء من ذلك متأوّل على ضعفه.

والثاني ـ أنّ العرض هنا لا يراد به المصدر الحقيقي ؛ بل يراد به المسافة.

والثالث ـ أنّ ذلك يلزم منه الفصل بين الحال وبين صاحب الحال بالخبر.

١٣٤ ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) : يجوز أن يكون صفة للمتقين ، وأن يكون نصبا على إضمار أعنى ، وأن يكون رفعا على إضمار «هم».

وأما (الْكاظِمِينَ) فعلى الجرّ والنّصب.

١٣٥ ـ (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا) : يجوز أن يكون معطوفا على (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ). في أوجهه الثلاثة.

ويجوز أن يكون مبتدأ ، ويكون أولئك مبتدأ ثانيا ، وجزاؤهم ثالثا ، ومغفرة خبر الثالث ، والجميع خبر الذين.

و (ذَكَرُوا) : جواب إذا.

(وَمَنْ) : مبتدأ ، و (يَغْفِرُ) خبره.

(إِلَّا اللهُ) : فاعل يغفر ، أو بدل من المضمر فيه ؛ وهو الوجه ؛ لأنّك إذا جعلت الله فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير ؛ أي ومن يغفر الذنوب له غير الله.

٨٧

(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : في موضع الحال من الضمير في يصرّوا ، أو من الضمير في استغفروا.

ومفعول يعلمون محذوف ؛ أي يعلمون المؤاخذة بها ، أو عفو الله عنها.

١٣٦ ـ (وَنِعْمَ أَجْرُ) : المخصوص بالمدح محذوف ؛ أي ونعم الأجر الجنة.

١٣٧ ـ (مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) : يجوز أن يتعلّق بخلت ، وأن يكون حالا من سنن.

ودخلت الفاء في «سيروا» ؛ لأنّ المعنى على الشرط ، أي إن شككتم فسيروا.

(كَيْفَ) : خبر (كانَ). و (عاقِبَةُ) : اسمها.

١٣٩ ـ (وَلا تَهِنُوا) : الماضي وهن ، وحذفت الواو في المضارع لوقوعها بين ياء وكسرة.

و (الْأَعْلَوْنَ) : واحدها أعلى ، حذفت منه الألف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدلّ عليها.

١٤٠ ـ (قَرْحٌ) : يقرأ بفتح القاف وسكون الراء ، وهو مصدر قرحته إذا جرحته.

ويقرأ بضم القاف وسكون الراء ، وهو بمعنى الجرح أيضا.

وقال الفراء : بالضم : ألم الجراح.

ويقرأ بضمها على الإتباع كاليسر واليسر ، والطّنب والطّنب. ويقرأ بفتحها ، وهو مصدر قرح يقرح ، إذا صار له قرحة ، وهو بمعنى دمي.

(وَتِلْكَ) : مبتدأ ، و (الْأَيَّامُ) : خبره ، و (نُداوِلُها) : جملة في موضع الحال ، والعامل فيها معنى الإشارة.

ويجوز أن تكون الأيام بدلا. أو عطف بيان ، ونداولها الخبر.

ويقرأ يداولها ـ بالياء ، والمعنى مفهوم.

و (بَيْنَ النَّاسِ) : ظرف. ويجوز أن يكون حالا من الهاء.

(وَلِيَعْلَمَ) : اللام متعلقة بمحذوف ، تقديره : وليعلم الله داولها.

وقيل : التقدير : ليتّعظوا وليعلم الله ؛ وقيل الواو زائدة.

و (مِنْكُمْ) : يجوز أن يتعلّق بيتخذ. ويجوز أن يكون حالا من (شُهَداءَ).

١٤١ ـ (وَلِيُمَحِّصَ) : معطوف على (وَلِيَعْلَمَ).

١٤٢ ـ (أَمْ حَسِبْتُمْ) : أم هنا منقطعة ؛ أي بل أحسبتم.

و (أَنْ تَدْخُلُوا) : أن والفعل يسدّ مسدّر المفعولين. وقال الأخفش : المفعول الثاني محذوف.

(وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) : يقرأ بكسر الميم عطفا على الأولى ، وبضمها على تقدير : وهو يعلم ، والأكثر في القراءة الفتح ؛ وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنه مجزوم أيضا ، لكن الميم لما حرّكت لالتقاء الساكنين حركت بالفتح اتباعا للفتحة قبلها.

والوجه الثاني ـ أنه منصوب على إضمار أن ، والواو هاهنا بمعنى الجمع ، كالتي في قولهم : لا تأكل السمك وتشرب اللبن. والتقدير : أظننتم أن تدخلوا الجنّة قبل أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين.

ويقرّب عليك هذا المعنى أنك لو قدّرت الواو ب «مع» صحّ المعنى والإعراب.

١٤٣ ـ (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) : الجمهور على الجرّ بمن وإضافة إلى الجملة. وقرئ بضمّ اللام ؛ والتقدير : ولقد كنتم تمنّون الموت أن تلقوه من قبل ، فأن تلقوه بدل من الموت بدل الاشتمال ؛ والمراد لقاء أسباب الموت ؛ لأنّه قال : فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ؛ وإذا رأى الموت لم تبق بعده حياة.

ويقرأ «تلاقوه» ، وهو من المفاعلة التي تكون بين اثنين ، لأنّ ما لقيك فقد لقيته.

ويجوز أن تكون من واحد مثل سافرت.

١٤٤ ـ (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) : في موضع رفع صفة لرسول.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في رسول.

وقرأ ابن عباس «رسل» نكرة ، وهو قريب من معنى المعرفة ؛ و «من» متعلقة بخلت.

ويجوز أن يكون حالا من الرسل.

(أَفَإِنْ ماتَ) : الهمزة عند سيبويه في موضعها ، والفاء تدلّ على تعلّق الشرط بما قبله.

وقال يونس : الهمزة في مثل هذا حقّها أن تدخل على جواب الشرط ؛ تقديره : أتنقلبون على أعقابكم إن مات؟ لأنّ الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط.

ومذهب سيبويه الحقّ لوجهين :

أحدهما ـ أنك لو قدّمت الجواب لم يكن للفاء وجه ؛ إذ لا يصحّ أن تقول : أتزورني فإن زرتك.

ومنه قوله : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ).

والثاني ـ أنّ الهمزة لها صدر الكلام ، وإنّ لها صدر الكلام ، وقد وقعا في موضعهما ، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط والجواب ؛ لأنّهما كالشيء الواحد.

(عَلى أَعْقابِكُمْ) : حال ؛ أي راجعين.

١٤٥ ـ (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ) : أن تموت اسم كان ، و (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : الخبر ، واللام للتّبيين متعلّقة بكان.

وقيل : هي متعلقة بمحذوف ، تقديره : الموت لنفس ؛ وأن تموت تبيين للمحذوف.

ولا يجوز أن تتعلق اللام بتموت ؛ لما فيه من تقديم الصلة على الموصول. قال الزجاج : وما كان نفس لتموت ، ثم قدّمت اللام.

(كِتاباً) : مصدر ، أي كتب ذلك كتابا.

(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا) : بالإظهار على الأصل ، وبالإدغام لتقاربهما.

(نُؤْتِهِ مِنْها) : مثل «يؤدّه إليك».

(وَسَنَجْزِي) : بالنون والياء ؛ والمعنى مفهوم.

٨٨

١٤٦ ـ (وَكَأَيِّنْ) : الأصل فيه «أي» التي هي بعض من كل أدخلت عليها كاف التشبيه ، وصار في معنى كم التي للتكثير ، كما جعلت الكاف مع ذا في قولهم : «كذا» لمعنى لم يكن لكلّ واحد منهما ، وكما أن معنى «لولا» بعد التركيب لم يكن لهما قبله ، وفيها خمسة أوجه كلها قد قرئ به : فالمشهور «كأيّن» ، بهمزة بعدها ياء مشددة ، وهو الأصل.

والثاني : «كائن» ـ بألف بعدها همزة مكسورة من غير ياء ؛ وفيه وجهان :

أحدهما ـ هو فاعل من كان يكون ، حكي عن المبرد ؛ وهو بعيد الصحة ؛ لأنّه لو كان كذلك لكان معربا ولم يكن فيه معنى التكثير.

والثاني ـ أنّ أصله كأيّن ، قدمت الياء المشددة على الهمزة فصار كيّئ. فوزنه الآن كعلف ؛ لأنّك قدّمت العين واللام ، ثم حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتّضعيف ، كما قالوا في أيّهما أيّهما ، ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا ، كما أبدلت في آية وطائى.

وقيل : حذفت الياء لساكنة وقدّمت المتحركة فانقلبت ألفا.

وقيل : لم يحذف منه شيء ولكن قدّمت المتحركة وبقيت الأخرى ساكنة وحركت بالتنوين مثل قاض.

والوجه الثالث ـ «كإ» على وزن كع ؛ وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنه حذف إحدى الياءين على ما تقدّم ، ثم حذفت الأخرى لأجل التنوين.

والثاني ـ أنه حذف الياءين دفعة واحدة ، واحتمل ذلك لمّا امتزج الحرفان.

والوجه الرابع ـ «كأي» ـ بياء خفيفة بعد الهمزة ، ووجهه أنه حذف الياء الثانية وسكّن الهمزة لاختلاط الكلمتين وجعلهما كالكلمة الواحدة ، كما سكّنوا الهاء في لهو ، وفهو ؛ وحرّك الياء لسكون ما قبلها.

والخامس ـ «كيئ» بياء ساكنة قبل الهمزة ؛ وهو الأصل في كاء ؛ وقد ذكر.

فأما التنوين فأبقي في الكلمة على ما يجب لها في الأصل ، فمنهم من يحذفه في الوقف لأنّه تنوين ؛ ومنهم من يثبته فيه ؛ لأنّ الحكم تغيّر بامتزاج الكلمتين.

فأمّا أي فقال ابن جني : هي مصدر أوى يأوي إذا انضم واجتمع ، وأصله أوى ، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت وأدغمت مثل طي وشي. وأمّا موضع كأين فرفع بالابتداء ، ولا تكاد تستعمل إلا وبعدها من ، وفي الخبر ثلاثة أوجه :

أحدها ـ «قتل» ، وفي قتل الضمير للنبي ، وهو عائد على كأين ؛ لأنّ كأين في معنى نبي ؛ والجيّد أن يعود الضمير على لفظ «كأين» ، كما تقول : مائة نبي قتل ؛ فالضمير للمائة ؛ إذ هي المبتدأ.

فإن قلت : لو كان كذلك لأنّثت ، فقلت :

قتلت؟ قيل : هذا محمول على المعنى ؛ لأنّ التقدير : كثير من الرجال قتل ، فعلى هذا يكون (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) في موضع الحال من الضمير في قتل.

والثاني ـ أن يكون قتل في موضع جرّ صفة لنبي ، ومعه ربّيّون الخبر ؛ كقولك : كم من رجل صالح معه مال.

والوجه الثالث ـ أن يكون الخبر محذوفا ؛ أي في الدنيا ، أو صائر ، ونحو ذلك. فعلى هذا يجوز أن يكون قتل صفة لنبي ، ومعه ربّيّون حال على ما تقدم.

ويجوز أن يكون قتل مسندا لرّبيين ، فلا ضمير فيه على هذا ، والجملة صفة نبي.

ويجوز أن يكون خبرا ؛ فيصير في الخبر أربعة أوجه.

ويجوز أن يكون صفة لنبي والخبر محذوف على ما ذكرنا.

ويقرأ «قاتل» ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون الفاعل مضمرا وما بعده حال ، وأن يكون الفاعل ربّيون.

ويقرأ «قتل» ـ بالتشديد ، فعلى هذا لا ضمير في الفعل لأجل التكثير ، والواحد لا تكثير فيه ، كذا ذكر ابن جني ؛ ولا يمتنع فيه أن يكون فيه ضمير الأوّل ؛ لأنّه في معنى الجماعة.

و (رِبِّيُّونَ) ـ بكسر الراء ، منسوب إلى الرّبّة ، وهي الجماعة ، ويجوز ضمّ الراء في الرّبة أيضا ، وعليه قرئ ربّيّون بالضم ؛ وقيل من كسر أتبع ، والفتح هو الأصل ، وهو منسوب إلى الرب ، وقد قرئ به.

(فَما وَهَنُوا) : الجمهور على فتح الهاء.

وقرئ بكسرها ، وهي لغة ؛ والفتح أشهر.

وقرئ بإسكانها على تخفيف المكسور.

و (اسْتَكانُوا) : استفعلوا من الكون ، وهو الذّل.

وحكى عن الفرّاء أنّ أصلها استكنوا ، أشبعت الفتحة فنشأت الألف ؛ وهذا خطأ ؛ لأنّ الكلمة في جميع تصاريفها ثبتت عينها ؛ تقول : استكان يستكين استكانة ، فهو مستكين ومستكان له ، والإشباع لا يكون على هذا الحدّ.

١٤٧ ـ (وَما كانَ قَوْلَهُمْ) : الجمهور على فتح اللام على أنّ اسم كان ما بعد «إلّا» ، وهو أقوى من أن يجعل خبرا والأول اسما ؛ لوجهين :

أحدهما ـ أنّ (أَنْ قالُوا) : يشبه المضمر في أنه لا يضمر ؛ فهو أعرف.

والثاني ـ أنّ ما بعد إلا مثبت ؛ والمعنى : كان قولهم ربّنا اغفر لنا دأبهم في الدعاء.

ويقرأ برفع الأول على أنه اسم كان ، وما بعد إلّا الخبر.

(فِي أَمْرِنا) : يتعلّق بالمصدر ، وهو إسرافنا.

ويجوز أن يكون حالا منه ؛ أي إسرافا واقعا في أمرنا.

١٥٠ ـ (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ) : مبتدأ وخبر ، وأجاز الفرّاء النصب ، وهي قراءة ، والتقدير : بل أطيعوا الله.

١٥١ ـ (الرُّعْبَ) : يقرأ بسكون العين وضمّها ، وهما لغتان.

(بِما أَشْرَكُوا) : الباء تتعلّق بنلقى ، ولا يمنع ذلك لتعلّق «في» به أيضا ؛ لأنّ في ظرف ، والباء بمعنى السبب ، فهما مختلفان.

وما مصدرية. والثانية نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذي ؛ وليست مصدرية.

(وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) : أي النار ؛ فالمخصوص بالذم محذوف.

والمثوى : مفعل ، من ثويت ، ولامه ياء.

١٥٢ ـ (صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) : صدق يتعدّى إلى مفعولين في مثل هذا النّحو ، وقد يتعدّى إلى الثاني بحرف الجر ، فيقال : صدقت زيدا في الحديث.

(إِذْ) : ظرف لصدق. ويجوز أن يكون ظرفا للوعد.

(حَتَّى) : يتعلّق بفعل محذوف ، تقديره : دام ذلك إلى وقت فشلكم.

والصحيح أنها لا تتعلّق في مثل هذا بشيء ؛ وأنها ليست حرف جرّ ، بل هي حرف تدخل على الجملة بمعنى الغاية ؛ كما تدخل الفاء والواو على الجمل.

٨٩

وجواب «إذا» محذوف ، تقديره : بان أمركم ونحو ذلك ، ودلّ على المحذوف : قوله تعالى : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ).

(ثُمَّ صَرَفَكُمْ) : معطوف على الفعل المحذوف.

١٥٣ ـ (إِذْ تُصْعِدُونَ) : تقديره : اذكروا إذ.

ويجوز أن يكون ظرفا لعصيتم ، أو تنازعتم ، أو فشلتم.

(وَلا تَلْوُونَ) : الجمهور على فتح التاء ؛ وقد ذكرناه في قوله : (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ).

ويقرأ بضمّ التاء وماضيه ألوى ؛ وهي لغة.

ويقرأ (عَلى أَحَدٍ) : بضمّتين ، وهو الجبل.

(وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) : جملة في موضع الحال.

(بِغَمٍ) : التقدير بعد غمّ ؛ فعلى هذا يكون في موضع نصب صفة لغم.

وقيل المعنى : بسبب الغم ؛ فيكون مفعولا به.

وقيل : التقدير : بدل غمّ فيكون صفة لغم أيضا.

(لِكَيْلا تَحْزَنُوا) : قيل «لا» زائدة ؛ لأنّ المعنى أنه عمّهم ليحزنهم عقوبة لهم على تركهم مواقفهم.

وقيل : ليست زائدة ؛ والمعنى على نفي الحزن عنهم بالتوبة. و «كي» هاهنا هي العاملة بنفسها لأجل اللام قبلها.

١٥٤ ـ (أَمَنَةً) : المشهور في القراءة فتح الميم ، وهو اسم للأمن.

ويقرأ بسكونها ، وهو مصدر مثل الأمر.

و (نُعاساً) : بدل. ويجوز أن يكون عطف بيان.

ويجوز أن يكون نعاسا هو المفعول ، وأمنة حال منه ؛ والأصل أنزل عليكم نعاسا ذا أمنة ؛ لأنّ النعاس ليس هو الأمن ، بل هو الذي حصل الأمن به.

ويجوز أن يكون أمنة مفعولا.

(يَغْشى) : يقرأ بالياء على أنّه النعاس ، وبالتاء للأمنة ؛ وهو في موضع نصب صفة لما قبله.

و (طائِفَةً) : مبتدأ ؛ و (قَدْ أَهَمَّتْهُمْ) : خبره.

(يَظُنُّونَ) : حال من الضمير في أهمتهم.

ويجوز أن يكون أهمتهم صفة ؛ ويظنّون الخبر ؛ والجملة حال ؛ والعامل يغشى ؛ وتسمّى هذه الواو واو الحال. وقيل : الواو بمعنى إذ ؛ وليس بشيء.

و (غَيْرَ الْحَقِ) : المفعول الأول ؛ أي أمرا غير الحق ، وبالله الثاني.

و (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) : مصدر ، تقديره : ظنّا مثل ظنّ الجاهلية. (مِنْ شَيْءٍ) : من زائدة ، وموضعه رفع بالابتداء ؛ وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ لنا ، فمن الأمر على هذا حال ، إذ الأصل : هل شيء من الأمر.

والثاني ـ أن يكون من الأمر هو الخبر ، و «لنا» :

تبيين ، وتتمّ الفائدة : كقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).

(كُلَّهُ لِلَّهِ) : يقرأ بالنصب على التّوكيد ، أو البدل ، ولله الخبر.

وبالرّفع على الابتداء ، ولله الخبر ؛ والجملة خبر إنّ.

(يَقُولُونَ) : حال من الضمير في يخفون.

و (شَيْءٍ) : اسم كان ، والخبر لنا ، أو من الأمر ، مثل «هل لنا».

(لَبَرَزَ الَّذِينَ) ـ بالفتح والتخفيف.

ويقرأ بالتشديد على ما لم يسمّ فاعله ؛ أي أخرجوا بأمر الله.

١٥٦ ـ (إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) : يجوز أن تكون إذا هنا يحكى بها حالهم ، فلا يراد بها المستقبل لا محالة ؛ فعلى هذا يجوز أن يعمل فيها قالوا ، وهو للماضي.

ويجوز أن يكون كفروا وقالوا ماضيين ، ويراد بهما المستقبل المحكّي به الحال ؛ فعلى هذا يكون التقدير : يكفرون ويقولون لإخوانهم.

٩٠

(أَوْ كانُوا غُزًّى) : الجمهور على تشديد الزّاي ، وهو جمع غاز ، والقياس غزاة ، كقاض وقضاة ؛ لكنه جاء على فعّل حملا على الصحيح ، نحو شاهد وشهّد ، وصائم وصوّم.

ويقرأ بتخفيف الزاي ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ أن أصله غزاة ؛ فحذفت الهاء تخفيفا ؛ لأنّ التاء دليل الجمع ، وحصل ذلك من نفس الصّفة.

والثاني ـ أنه أراد قراءة الجماعة ، فحذف إحدى الزايين كراهية التضعيف.

(لِيَجْعَلَ اللهُ) : اللام تتعلّق بمحذوف ؛ أي ندمهم ؛ أو أوقع في قلوبهم ذلك ؛ ليجعله حسرة.

وجعل هنا بمعنى صيّر.

وقيل : اللام هنا لام العاقبة ؛ أي صار أمرهم إلى ذلك ، كقوله : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا).

١٥٧ ـ (أَوْ مُتُّمْ) : الجمهور على ضمّ الميم ، وهو الأصل ؛ لأنّ الفعل منه يموت.

ويقرأ بالكسر ؛ وهو لغة ؛ يقال مات يمات ، مثل خاف يخاف ؛ فكما تقول خفت تقول متّ.

(لَمَغْفِرَةٌ) : مبتدأ ، و (مِنَ اللهِ) : صفته ، (وَرَحْمَةٌ) : معطوف عليه ، والتقدير : ورحمة لهم ؛ و (خَيْرٌ) الخبر.

و (ما) بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف.

ويجوز أن تكون مصدرية ، ويكون المفعول محذوفا ؛ أي من جمعهم المال.

١٥٨ ـ (لَإِلَى اللهِ) : اللام جواب قسم محذوف ، ولدخولها على حرف الجرّ جاز أن يأتى «يحشرون» غير مؤكد بالنون ، والأصل : لتحشرون إلى الله.

١٥٩ ـ (فَبِما رَحْمَةٍ) : ما زائدة. وقال الأخفش وغيره : يجوز أن تكون نكرة بمعنى شيء ، ورحمة بدل منه ، والباء تتعلق ب (لِنْتَ).

(وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) : الأمر هنا جنس ، وهو عامّ يراد به الخاص ؛ لأنّه لم يؤمر بمشاورتهم في الفرائض ، ولذلك قرأ ابن عباس : في بعض الأمر.

(فَإِذا عَزَمْتَ) : الجمهور على فتح الزاي ؛ أي إذا تخيّرت أمرا بالمشاورة وعزمت على فعله (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ).

ويقرأ بضم التاء ؛ أي إذا أمرتك بفعل شيء فتوكّل عليّ ، فوضع الظاهر موضع المضمر.

١٦٠ ـ (فَمَنْ ذَا الَّذِي) : هو مثل : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ). وقد ذكر. (مِنْ بَعْدِهِ) : أي من بعد خذلانه ، فحذف المضاف.

ويجوز أن تكون الهاء ضمير الخذلان ؛ أي بعد الخذلان.

١٦١ ـ (أَنْ يَغُلَ) : يقرأ بفتح الياء وضمّ الغين على نسبة الفعل إلى النبي ؛ أي ذلك غير جائز عليه. ويدل على ذلك قوله : (يَأْتِ بِما غَلَّ) ، ومفعول يغل محذوف ؛ أي يغل الغنيمة أو المال.

ويقرأ بضم الياء وفتح الغين ، على ما لم يسمّ فاعله ، وفي المعنى ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أن يكون ماضيه أغللته ؛ أي نسبته إلى الغلول ، كما تقول : أكذبته إذا نسبته إلى الكذب ؛ أي لا يقال عنه إنّه يغل ؛ أي يخون.

الثاني ـ هو من أغللته ، إذا وجدته غالا ، كقولك : أحمدت الرجل إذا أصبته محمودا.

والثالث ـ معناه أن يغله غيره ؛ أي ما كان لنبيّ أن يخان.

(وَمَنْ يَغْلُلْ) : مستأنفة.

ويجوز أن تكون حالا ، ويكون التقدير : في حال علم الغالّ بعقوبة الغلول.

١٦٢ ـ (أَفَمَنِ اتَّبَعَ) : من بمعنى الذي في موضع رفع بالابتداء ، و (كَمَنْ) : الخبر ؛ ولا يكون شرطا ؛ لأنّ كمن لا يصلح أن يكون جوابا.

و (بِسَخَطٍ) : حال.

١٦٣ ـ (هُمْ دَرَجاتٌ) : مبتدأ ، وخبر ؛ والتقدير : ذوو درجات ، فحذف المضاف.

و (عِنْدَ اللهِ) : ظرف لمعنى درجات ، كأنه قال : هم متفاضلون عند الله. ويجوز أن يكون صفة لدرجات.

١٦٤ ـ (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : في موضع نصب صفة لرسول.

ويجوز أن يتعلّق ببعث.

وما في هذه الآية ذكر مثله في قوله : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ).

١٦٥ ـ (قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) : في موضع رفع صفة لمصيبة.

١٦٦ ـ (وَما أَصابَكُمْ) : ما بمعنى الذي ، وهو مبتدأ ، والخبر (فَبِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي واقع بإذن الله.

١٦٧ ـ (وَلِيَعْلَمَ) : اللام متعلقة بمحذوف ؛ أي وليعلم الله أصابكم هذا.

ويجوز أن يكون معطوفا على معنى فبإذن الله ؛ تقديره : فبإذن الله ، ولأن يعلم الله.

(تَعالَوْا قاتِلُوا) : إنما لم يأت بحرف العطف ؛ لأنّه أراد أن يجعل كلّ واحدة من الجملتين مقصودة بنفسها.

ويجوز أن يقال : إنّ المقصود هو الأمر بالقتال ؛ و «تعالوا» : ذكر ما لو سكت عنه لكان في الكلام دليل عليه.

وقيل الأمر الثاني حال.

(هُمْ لِلْكُفْرِ) : اللام في قوله : «للكفر» ، و (لِلْإِيمانِ) متعلقة بأقرب ؛ وجاز أن يعمل أقرب فيهما لأنّهما يشبهان الظّرف ، وكما عمل أطيب في قولهم : هذا بسرا أطيب منه رطبا في الظرفين المقدّرين ؛ لأنّ أفعل يدلّ على معنيين : على أصل الفعل ، وزيادته ؛ فيعمل في كلّ واحد منهما بمعنى غير الآخر ؛ فتقديره : يزيد قربهم إلى الكفر على قربهم على الإيمان ، واللام هنا على بابها.

وقيل : هي بمعنى إلى.

٩١

(يَقُولُونَ) : مستأنف.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أقرب ؛ أي قربوا إلى الكفر قائلين.

١٦٨ ـ (الَّذِينَ قالُوا) : يجوز أن يكون في موضع نصب على إضمار أعنى ، أو صفة للذين نافقوا ، أو بدلا منه.

أو في موضع جر ، بدلا من المجرور في أفواههم أو قلوبهم.

ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر (قُلْ فَادْرَؤُا) ؛ والتقدير : قل لهم.

(وَقَعَدُوا) : يجوز أن يكون معطوفا على الصّلة معترضا بين قالوا ومعمولها ، وهو (لَوْ أَطاعُونا) ؛ وأن يكون حالا ، و «قد» مرادة.

١٦٩ ـ (بَلْ أَحْياءٌ) ؛ أي بل هم أحياء.

ويقرأ بالنصب عطفا على أمواتا ؛ كما تقول : ما ظننت زيدا قائما بل قاعدا.

وقيل : أضمر الفعل ، تقديره : بل احسبوهم أحياء ، وحذف ذلك لتقدم ما يدلّ عليه.

و (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : صفة لأحياء.

ويجوز أن يكون ظرفا لأحياء ، لأنّ المعنى يحيون عند الله. ويجوز أن يكون ظرفا ل (يُرْزَقُونَ) ، ويرزقون صفة لأحياء.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أحياء ؛ أي يحيون مرزوقين.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الظّرف إذا جعلته صفة.

١٧٠ ـ (فَرِحِينَ) : يجوز أن يكون حالا من الضمير في يرزقون.

ويجوز أن يكون صفة لأحياء إذا نصبت.

ويجوز أن ينتصب على المدح.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أحياء ، أو من الضمير في الظرف.

(مِنْ فَضْلِهِ) : حال من العائد المحذوف في الظرف ؛ تقديره : بما آتاهموه كائنا من فضله.

(وَيَسْتَبْشِرُونَ) : معطوف على فرحين ؛ لأنّ اسم الفاعل هنا يشبه الفعل المضارع.

ويجوز أن يكون التقدير : وهم يستبشرون ؛ فتكون الجملة حالا من الضمير في فرحين ، أو من ضمير المفعول في آتاهم.

(مِنْ خَلْفِهِمْ) : متعلق بيلحقوا.

ويجوز أن يكون حالا ، تقديره : متخلّفين عنهم.

(أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) : أي بأن لا خوف عليهم ؛ فأن مصدرية ، وموضع الجملة بدل من «الذين» بدل الاشتمال ؛ أي ويستبشرون بسلامة الذين لم يلحقوا بهم.

ويجوز أن يكون التقدير : لأنّهم لا خوف عليهم. فيكون مفعولا من أجله.

١٧١ ـ (يَسْتَبْشِرُونَ) : هو مستأنف مكرّر للتوكيد.

(وَأَنَّ اللهَ) ـ بالفتح عطفا على بنعمة من الله ؛ أي وبأنّ الله ، وبالكسر على الاستئناف.

١٧٢ ـ (الَّذِينَ اسْتَجابُوا) : في موضع جرّ صفة للمؤمنين ، أو نصب على إضمار أعنى ، أو رفع على إضمار «هم» ، أو مبتدأ وخبره : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا).

ومنهم : حال من الضمير في أحسنوا.

١٧٣ ـ (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) : بدل من الذين استجابوا ، أو صفة.

(فَزادَهُمْ إِيماناً) : الفاعل مضمر ، تقديره : زادهم القول.

(حَسْبُنَا اللهُ) : مبتدأ ، وخبر.

وحسب : مصدر في موضع اسم الفاعل ، تقديره : فحسبنا الله ، أي كافينا ؛ يقال : أحسبنى الشيء ؛ أي كفاني.

١٧٤ ـ (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) : في موضع الحال.

ويجوز أن يكون مفعولا به.

(لَمْ يَمْسَسْهُمْ) : حال أيضا من الضمير في انقلبوا.

ويجوز أن يكون العامل فيها بنعمة ؛ وصاحب الحال الضمير في الحال ، تقديره : فانقلبوا منعّمين بريئين من كل سوء.

(وَاتَّبَعُوا) : معطوف على انقلبوا.

ويجوز أن يكون حالا ؛ أي وقد اتبعوا.

١٧٥ ـ (ذلِكُمُ) : مبتدأ ، و (الشَّيْطانُ) : خبره.

و (يُخَوِّفُ) : يجوز أن يكون حالا من الشيطان ، والعامل الإشارة.

ويجوز أن يكون الشيطان بدلا ، أو عطف بيان ، ويخوّف ، الخبر ؛ والتقدير : يخوّفكم بأوليائه.

وقرئ في الشذوذ : «يخوّفكم أولياؤه».

وقيل : لا حذف فيه ؛ والمعنى يخوّف من يتبعه ؛ فأمّا من توكّل على الله فلا يخافه.

(فَلا تَخافُوهُمْ) : إنما جمع الضمير ، لأنّ الشيطان جنس.

ويجوز أن يكون الضمير للأولياء.

١٧٦ ـ (وَلا يَحْزُنْكَ) : الجمهور على فتح الياء وضمّ الزاي ، والماضي حزنه.

ويقرأ بضمّ الياء وكسر الزاي ، والماضي أحزن ؛ وهي لغة قليلة.

وقيل : حزن : حدث له الحزن ، وحزّنته : أحدثت له الحزن ؛ وأحزنته : عرّضته للحزن.

(يُسارِعُونَ) : يقرأ بالإمالة والتفخيم.

٩٢

ويقرأ يسرعون بغير ألف ، من أسرع.

(شَيْئاً) : في موضع المصدر ؛ أي ضررا.

١٧٨ ـ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) : يقرأ بالياء ، وفاعله الذين كفروا ، وأمّا المفعولان فالقائم مقامهما قوله : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) ؛ فأنّ وما عملت فيه تسدّ مسدّ المفعولين عند سيبويه. وعند الأخفش المفعول الثاني محذوف ، تقديره : نافعا أو نحو ذلك.

وفي «ما» وجهان :

أحدهما ـ هي بمعنى الذي.

والثاني ـ مصدرية. ولا يجوز أن تكون كافّة ولا زائدة ؛ إذ لو كانت كذلك لا نتصب خير بنملي ؛ واحتاجت أن إلى خبر إذا كانت ما زائدة ، أو قدّر الفعل يليها ؛ وكلاهما ممتنع.

وقد قرئ شاذّا بالنصب على أن يكون لأنفسهم خبر أن ، ولهم تبيين ، أو حال من خير.

وقد قرئ في الشاذ بكسر إن ، وهو جواب قسم محذوف ، والقسم وجوابه يسدّان مسدّ المفعولين.

وقرأ حمزة «تحسبنّ» ـ بالتاء على الخطاب للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. و «الذين كفروا» المفعول الأول ، وفي المفعول الثاني وجهان.

أحدهما ـ الجملة من أن وما عملت فيه.

والثاني ـ أنّ المفعول الأول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه ؛ والتقدير : ولا يحسبن إملاء الذين كفروا. وقوله : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) بدل من المضاف المحذوف ، والجملة سدّت مسدّ المفعولين ؛ والتقدير : ولا تحسبن أنّ إملاء الذين كفروا خير لأنفسهم.

ويجوز أن تجعل أنّ وما عملت فيه بدلا من الذين كفروا بدل الاشتمال ، والجملة سدّت مسدّ المفعولين.

(إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا) : مستأنف. وقيل : أنما نملي لهم تكرير للأول ؛ وليزدادوا هو المفعول الثاني لتحسب على قراءة التاء ؛ والتقدير : ولا تحسبنّ يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادّوا إيمانا ، بل ليزدادوا إثما.

ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك.

١٧٩ ـ (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ) : خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا لأن يذر.

ولا يجوز أن يكون الخبر ليذر ؛ لأنّ الفعل بعد اللام ينتصب بأن ، فيصير التقدير : ما كان الله ليترك المؤمنين على ما أنتم عليه ، وخبر كان هو اسمها في المعنى ، وليس الترك هو الله تعالى. وقال الكوفيون : اللام زائدة ، والخبر هو الفعل ؛ وهذا ضعيف ؛ لأنّ ما بعدها قد انتصب ؛ فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة ، وإن كان النّصب ب «أن» فسد لما ذكرنا.

وأصل يذر يوذر ؛ فحذفت الواو تشبيها لها بيدع ؛ لأنّها في معناها. وليس لحذف الواو في يذر علّة ، إذ لم تقع بين ياء وكسرة ولا ما هو في تقدير الكسرة ، بخلاف يدع ؛ فإن الأصل يودع ، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ما هو في تقدير الكسرة ؛ إذ الأصل يودع مثل يوعد ؛ وإنّما فتحت الدال من يدع ؛ لأنّ لامه حرف حلقيّ فيفتح له ما قبله ؛ ومثله يسع ويطأ ويقع ونحو ذلك ، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك.

(يَمِيزَ) : يقرأ بسكون الياء وماضيه ماز ، وبتشديدها وماضيه ميّز ، وهما بمعنى واحد ؛ وليس التشديد لتعدّي الفعل مثل فرح ، وفرّحته ؛ لأنّ ماز وميّز يتعديان إلى مفعول واحد.

١٨٠ ـ (وَلا يَحْسَبَنَ) : يقرأ بالياء على الغيبة ، و (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) الفاعل ، وفي المفعول الأول وجهان :

أحدهما ـ «هو» ، وهو ضمير البخل الذي دلّ عليه يبخلون.

والثاني ـ هو محذوف تقديره البخل ، و «هو» على هذا فصل.

ويقرأ «تحسبن» بالتاء على الخطاب ؛ والتقدير :

ولا تحسبنّ يا محمد بخل الذين يبخلون ؛ فحذف المضاف ؛ وهو ضعيف ، لأنّ فيه إضمار البخل قبل ذكر ما يدلّ عليه ؛ و «هو» على هذا فصل أو توكيد.

والأصل في (مِيراثُ) : موراث ، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، والميراث مصدر كالميعاد.

١٨١ ـ (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ) : العامل في موضع إن وما عملت فيه قالوا ، وهي المحكيّة به.

ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف ؛ لأنّه مصدر ؛ وهذا يخرّج على قول الكوفيين في إعمال الأول ؛ وهو أصل ضعيف ؛ ويزداد هنا ضعفا ؛ لأنّ الثاني فعل ، والأول مصدر ؛ وإعمال الفعل أقوى.

(سَنَكْتُبُ ما قالُوا) : يقرأ بالنون ، و «ما قالوا» : منصوب به.

(وَقَتْلَهُمُ) : معطوف عليه. و «ما» مصدرية ، أو بمعنى الذي.

ويقرأ بالياء وتسمية الفاعل.

ويقرأ بالياء على ما لم يسمّ فاعله ، وقتلهم بالرفع ، وهو ظاهر.

(وَنَقُولُ) : بالنون ، والياء.

١٨٢ ـ (ذلِكَ) : مبتدأ ، و (بِما) : خبره ؛ والتقدير : مستحقّ بما قدمت.

و (ظلّام) : فعّال ، من الظّلم.

فإن قيل : بناء فعّال للتكثير ، ولا يلزم من نفي الظلم الكثير نفي الظلم القليل ، فلو قال : بظالم لكان أدلّ على نفي الظلم قليله وكثيره.

فالجواب عنه من ثلاثة أوجه :

أحدهما ـ أنّ فعّالا قد جاء لا يراد به الكثرة ، كقول طرفة :

ولست بحلال التّلاع مخافة

ولكن متى يسترفد القوم أرفد

٩٣

لا يريد هاهنا أنّه قد يحلّ التلاع قليلا ؛ لأنّ ذلك يدفعه قوله : متى يسترفد القوم ارفد ، وهذا يدلّ على نفي البخل في كل حال ؛ ولأنّ تمام المدح لا يحصل بإرادة الكثرة.

والثاني ـ أنّ ظلّام هنا للكثرة ؛ لأنّه مقابل للعباد وفي العباد كثرة ، وإذا قوبل بهم الظلم كان كثيرا.

والثالث ـ أنه إذا نفى الظّلم الكثير انتفى الظّلم القليل ضرورة ؛ لأنّ الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظّلم ؛ فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك.

وفيه وجه رابع ؛ وهو أن يكون على النسب ؛ أي لا ينسب إلى الظلم ؛ فيكون من مثل بزّار وعطّار.

١٨٣ ـ (الَّذِينَ قالُوا) : هو في موضع جرّ بدلا من قوله : (الَّذِينَ قالُوا).

ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى ، ورفعا على إضمار هم.

(أَلَّا نُؤْمِنَ) : يجوز أن يكون في موضع جرّ على تقدير : بأن لا نؤمن ؛ لأنّ معنى عهد وصّى.

ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير حذف الجرّ وإفضاء الفعل إليه.

ويجوز أن ينتصب بنفس عهد ؛ لأنّك تقول : عهدت إليه عهدا ، لا على أنه مصدر ؛ لأنّ معناه ألزمته. ويجوز أن تكتب أن مفصولة وموصولة ؛ ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد.

(حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ) : فيه حذف مضاف ؛ تقديره : بتقريب قربان ؛ أي يشرع لنا ذلك.

١٨٤ ـ (وَالزُّبُرِ) : يقرأ بغير باء ، اكتفاء بحرف العطف ، وبالباء على إعادة الجارّ.

(وَالزُّبُرِ) : جمع زبور ، مثل رسول ورسل.

(وَالْكِتابِ) : جنس.

١٨٥ ـ (كُلُّ نَفْسٍ) : مبتدأ ؛ وجاز ذلك وإن كان نكرة لما فيه من العموم ؛ و (ذائِقَةُ الْمَوْتِ) : الخبر.

وأنّث على معنى كلّ ؛ لأنّ كل نفس نفوس ؛ ولو ذكر على لفظ كلّ جاز.

وإضافة ذائقة غير محضة ؛ لأنّها نكرة يحكى بها الحال.

وقرئ شاذا «ذائقة الموت» ـ بالتنوين والإعمال.

ويقرأ شاذا أيضا «ذائقة الموت» ـ على جعل الهاء ضمير كلّ على اللفظ ؛ وهو مبتدأ وخبر.

(وَإِنَّما) : «ما» هاهنا كافّة ؛ فلذلك نصب (أُجُورَكُمْ) بالفعل ، ولو كانت بمعنى الذي أو مصدرية لرفع أجوركم.

١٨٦ ـ (لَتُبْلَوُنَ) : الواو فيه ليست لام الكلمة ؛ بل واو الجمع ، حرّكت لالتقاء الساكنين ، وضمّة الواو دليل على المحذوف ، ولم تقلب الواو ألفا مع تحرّكها وانفتاح ما قبلها ، لأنّ ذلك عارض ؛ ولذلك لا يجوز همزها مع انضمامها ، ولو كانت لازمة لجاز ذلك.

١٨٧ ـ (لَتُبَيِّنُنَّهُ) ، (وَلا تَكْتُمُونَهُ) : يقرآن بالياء على الغيبة ؛ لأنّ الراجع إليه الضمير اسم ظاهر ، وكلّ ظاهر يكنى عنه بضمير الغيبة.

ويقرآن بالتاء على الخطاب ؛ تقديره : وقلنا لهم لتبيننه.

ولما كان أخذ الميثاق في معنى القسم جاء باللام والنون في الفعل ولم يأت بهما في يكتمون اكتفاء بالتوكيد في الفعل الأول ؛ لأنّ تكتمونه توكيد.

١٨٨ ـ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) : يقرأ بالياء على الغيبة ، وكذلك (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) بالياء وضمّ الباء. وفاعل الأول الذين يفرحون ، وأمّا مفعولاه فمحذوفان اكتفاء بمفعولي تحسبنّهم ، لأنّ الفاعل فيهما واحد ، فالفعل الثاني تكرير للأول ؛ وحسن لمّا طال الكلام المتّصل بالأول ، والفاء زائدة إذ ليست للعطف ولا للجواب.

وقال بعضهم : بمفازة هو مفعول حسب الأول ، ومفعوله الثاني محذوف دلّ عليه مفعول حسب الثاني ؛ لأنّ التقدير : لا يحسبنّ الذين يفرحون أنفسهم بمفازة ؛ وهم في «فلا تحسبنّهم» هو أنفسهم ؛ أي فلا يحسبنّ أنفسهم ، وأغنى بمفازة الذي هو مفعول الأول عن ذكره ثانيا لحسب الثاني.

وهذا وجه ضعيف متعسّف ، عنه مندوحة بما ذكرنا في الوجه الأول.

ويقرأ بالتاء فيهما على الخطاب ، وبفتح الباء منهما ، والخطاب للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والقول فيه أن الذين يفرحون هو المفعول الأول ، والثاني محذوف لدلالة مفعول حسب الثاني عليه.

وقيل : التقدير : لا تحسبنّ الذين يفرحون بمفازة ، وأغنى المفعول الثاني هنا عن ذكره لحسب الثاني.

وحسب الثاني مكرر ، أو بدل لما ذكرنا في القراءة بالياء فيهما ، لأنّ الفاعل فيهما واحد أيضا ، وهو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ويقرأ بالياء في الأول ، وبالتاء في الثاني ؛ ثم في التاء في الفعل الثاني وجهان :

أحدهما ـ الفتح على أنه خطاب لواحد.

والضمّ على أنه لجماعة ؛ وعلى هذا يكون مفعولا الفعل الأول محذوفين لدلالة مفعولي الثاني عليهما ، والفاء زائدة أيضا.

والفعل الثاني ليس ببدل ، ولا مكرّر ؛ لأنّ فاعله غير فاعل الأول.

والمفازة : مفعلة من الفوز.

و (مِنَ الْعَذابِ) : متعلّق بمحذوف ؛ لأنّه صفة للمفازة ؛ لأنّ المفازة مكان ، والمكان لا يعمل.

ويجوز أن تكون المفازة مصدرا فتتعلّق من به ، ويكون التقدير : فلا تحسبنّهم فائزين ، فالمصدر في موضع اسم الفاعل.

١٩١ ـ (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ) : في موضع جرّ نعتا «لأولى» ، أو في موضع نصب بإضمار أعني ، أو رفع على إضمار «هم».

٩٤

ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ تقديره : يقولون ربّنا.

(قِياماً وَقُعُوداً) : حالان من ضمير الفاعل في «يذكرون».

(وَعَلى جُنُوبِهِمْ) : حال أيضا ، وحرف الجر يتعلّق بمحذوف هو الحال في الأصل ؛ تقديره : ومضطّجعين على جنوبهم.

(وَيَتَفَكَّرُونَ) : معطوف على يذكرون.

ويجوز أن يكون حالا أيضا ؛ أي يذكرون الله متفكّرين.

(باطِلاً) : مفعول من أجله ، والباطل هنا فاعل بمعنى المصدر ، مثل العاقبة والعافية ؛ والمعنى ما خلقتهما عبثا.

ويجوز أن يكون حالا ، تقديره ما خلقت هذا خاليا عن حكمة.

ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف ؛ أي خلقا باطلا.

فإن قيل : كيف قال «هذا» والسابق ذكر السموات والأرض والإشارة إليها بهذه؟

ففي ذلك ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنّ الإشارة إلى الخلق المذكور في قوله : (خَلْقِ السَّماواتِ) ، وعلى هذا يجوز أن يكون الخلق مصدرا ، وأن يكون بمعنى المخلوق ، ويكون من إضافة الشيء إلى ما هو هو في المعنى.

والثاني ـ أنّ السموات والأرض بمعنى الجمع ، فعادت الإشارة إليه.

والثالث ـ أن يكون المعنى : ما خلقت هذا المذكور أو المخلوق.

(فَقِنا) : دخلت الفاء لمعنى الجزاء ، فالتقدير إذا نزّهناك أو وحّدناك فقنا.

١٩٢ ـ (مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ) : في موضع نصب بتدخل.

وأجاز قوم أن يكون منصوبا بفعل دلّ عليه جواب الشرط ؛ وهو (فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ).

وأجاز قوم أن يكون من مبتدأ ، والشرط وجوابه الخبر ، وعلى جميع الأوجه الكلام كلّه في موضع رفع خبر إن.

١٩٣ ـ (يُنادِي) : صفة لمناديا ، أو حال من الضمير في (مُنادِياً).

فإن قيل : ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذي هو «مناد» عليه؟ قيل : فيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ هو توكيد ، كما تقول : قم قائما.

والثاني ـ أنه وصل به ما حسّن التكرير ، وهو قوله (لِلْإِيمانِ).

والثالث ـ أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ما ليس بنداء ، فلما قال : ينادي ـ ثبت أنهم سمعوا نداءه في تلك الحال.

ومفعول ينادي محذوف ؛ أي ينادي الناس.

(أَنْ آمِنُوا) : أن هنا بمعنى أي ؛ فيكون النداء قوله : آمنوا.

ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالأمر ؛ فيكون التقدير على هذا : ينادي للإيمان بأن آمنوا.

(مَعَ الْأَبْرارِ) : صفة للمفعول المحذوف ، تقديره : أبرارا مع الأبرار ؛ وأبرارا على هذا حال ؛ والأبرار : جمع بر ، وأصله برر ، ككتف وأكتاف.

ويجوز الإمالة في الأبرار تغليبا لكسرة الراء الثانية.

١٩٤ ـ (عَلى رُسُلِكَ) ؛ أي على ألسنة رسلك.

وعلى متعلقة بوعدتنا.

ويجوز أن يكون بآتنا.

و (الْمِيعادَ) : مصدر بمعنى الوعد.

١٩٥ ـ (عامِلٍ مِنْكُمْ) : منكم : صفة لعامل.

و (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) : بدل من «منكم» وهو بدل الشيء من الشيء ، وهما لعين واحدة.

ويجوز أن يكون من (ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) صفة أخرى لعامل يقصد بها الإيضاح.

ويجوز أن يكون (مِنْ ذَكَرٍ ...) حالا من الضمير في منكم ، تقديره : استقرّ منكم كائنا من ذكر أو أنثى.

و (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) : مستأنف. ويجوز أن يكون حالا ، أو صفة.

(فَالَّذِينَ هاجَرُوا) : مبتدأ ، و (لَأُكَفِّرَنَّ) وما اتّصل به الخبر ، وهو جواب قسم محذوف. (ثَواباً) : مصدر ، وفعله دلّ عليه الكلام المتقدم ؛ لأنّ تكفير السيئات إثابة ، فكأنه قال :

لأثيبنكم ثوابا. وقيل : هو حال. وقيل : تمييز ، وكلا القولين كوفي.

والثواب بمعنى الإثابة ، وقد يقع بمعنى الشيء.

المثاب به ، كقولك : هذا الدرهم ثوابك ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الجنّات ؛ أي مثابا بها ، أو حالا من ضمير المفعول في (لَأُدْخِلَنَّهُمْ) ، أي مثابين.

ويجوز أن يكون مفعولا به ؛ لأنّ معنى أدخلناهم أعطينهم ؛ فيكون على هذا بدلا من جنّات ؛ ويجوز أن يكون مستأنفا ؛ أي يعطيهم ثوابا.

١٩٧ ـ (مَتاعٌ قَلِيلٌ) ؛ أي تقلّبهم متاع ، فالمبتدأ محذوف.

١٩٨ ـ (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا) : الجمهور على تخفيف النون.

وقرئ بتشديدها ، والإعراب ظاهر.

(خالِدِينَ فِيها) : حال من الضمير في لهم ، والعامل معنى الاستقرار ؛ وارتفاع جنات بالابتداء وبالجار.

(نُزُلاً) : مصدر ، وانتصابه بالمعنى ؛ لأنّ معنى لهم جنّات ؛ أي ننزلهم.

وعند الكوفيين هو حال ، أو تمييز.

٩٥

ويجوز أن يكون جمع نازل ، كما قال الأعشى : أو ينزلون فإنّا معشر نزل وقد ذكر ذلك أبو علي في التذكرة ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الضمير في خالدين.

ويجوز ـ إذا جعلته مصدرا ـ أن يكون بمعنى المفعول ، فيكون حالا من الضمير المجرور في فيها ؛ أي منزولة.

(مِنْ عِنْدِ اللهِ) : إن جعلت نزلا مصدرا كان من عند الله صفة له ؛ وإن جعلته جمعا ففيه وجهان :

أحدهما ـ هو حال من المفعول المحذوف ؛ لأنّ التقدير : نزلا إياها.

والثاني ـ أن يكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي ذلك من عند الله ؛ أي بفضله.

(وَما عِنْدَ اللهِ) : ما بمعنى الذي ، وهو مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ هو (خَيْرٌ) ، و (لِلْأَبْرارِ) : نعت لخير.

والثاني ـ أن يكون الخبر للأبرار ، والنّية به التقديم ؛ أي والذي عند الله مستقرّ للأبرار ، وخير على هذا خبر ثان.

وقال بعضهم : للأبرار حال من الضمير في الظّرف ، وخير خبر المبتدأ ؛ وهذا بعيد ؛ لأنّ فيه الفصل بين المبتدأ والخبر بحال لغيره ، والفصل بين الحال وصاحب الحال بخبر المبتدأ ؛ وذلك لا يجوز في الاختيار.

١٩٩ ـ (لَمَنْ يُؤْمِنُ) : «من» في موضع نصب اسم إن ، ومن نكرة موصوفة أو موصولة.

و (خاشِعِينَ) : حال من الضمير في يؤمن ، وجاء جمعا على معنى «من».

ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم في (إِلَيْهِمْ) ، فيكون العامل أنزل.

و (لِلَّهِ) : متعلق بخاشعين ، وقيل : هو متعلق بقوله : (لا يَشْتَرُونَ) ؛ وهو في نيّة التأخير ؛ أي لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا لأجل الله.

(أُولئِكَ) : مبتدأ ، و (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) فيه أوجه :

أحدها ـ أنّ قوله «لهم» خبر أجر ، والجملة خبر الأول ؛ و (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظرف للأجر ؛ لأنّ التقدير : لهم أن يؤجروا عند ربهم.

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «لهم» ، وهو ضمير الأجر.

والآخر أن يكون الأجر مرتفعا بالظّرف ارتفاع الفاعل بفعله ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون «عند» ظرفا للأجر ، وحالا منه.

والوجه الثالث ـ أن يكون أجرهم مبتدأ ؛ وعند وبهم خبره ، ويكون لهم يتعلّق بما دلّ عليه الكلام من الاستقرار والثبوت ، لأنّه في حكم الظرف.

سورة النساء

قد مضى القول في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) : في أوائل البقرة.

١ ـ (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : في موضع نصب بخلقكم ، ومن لابتداء الغاية ، وكذلك (مِنْها زَوْجَها).

و (مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً) : نعت لرجال ؛ ولم يؤنّثه ، لأنّه حمله على المعنى ؛ لأنّ رجالا بمعنى عدد أو جنس أو جمع ، كما ذكر الفعل المسند إلى جماعة المؤنث ؛ كقوله : (وَقالَ نِسْوَةٌ).

وقيل «كثيرا» نعت لمصدر محذوف ؛ أي بثّا كثيرا. (تَسائَلُونَ) : يقرأ بتشديد السين ، والأصل تتساءلون ، فأبدلت التاء الثانية سينا ، فرارا من تكرير المثل ، والتاء تشبه السين في الهمس.

ويقرأ بالتخفيف ، على حذف التاء الثانية ، لأنّ الباقية تدل عليها ، ودخل حرف الجر في المفعول ؛ لأنّ المعنى تتحالفون به.

(وَالْأَرْحامَ) : يقرأ بالنصب ، وفيه وجهان :

أحدهما ـ معطوف على اسم الله ؛ أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها.

والثاني ـ هو محمول على موضع الجارّ والمجرور ، كما تقول : مررت بزيد وعمرا ؛ والتقدير : الذي تعظّمونه والأرحام ؛ لأنّ الحلف به تعظيم له.

ويقرأ بالجر ؛ قيل : هو معطوف على المجرور ، وهذا لا يجوز عند البصريين ، وإنما جاء في الشّعر على قبحه. وأجازه الكوفيون على ضعف.

وقيل : الجر على القسم ؛ وهو ضعيف أيضا ، لأنّ الأخبار وردت بالنّهي عن الحلف بالآباء ؛ ولأنّ التقدير في القسم : وبربّ الأرحام ، وهذا قد أغنى عنه ما قبله.

وقد قرئ شاذا بالرفع ؛ وهو مبتدأ ، والخبر محذوف ، تقديره : والأرحام محترمة ، أو واجب حرمتها.

٢ ـ (بِالطَّيِّبِ) : هو المفعول الثاني لتتبدّلوا.

(إِلى أَمْوالِكُمْ) : إلى متعلقة بمحذوف ، وهو في موضع الحال ؛ أي مضافة إلى أموالكم.

وقيل : هو مفعول به على المعنى ؛ لأنّ معنى لا تأكلوا أموالهم : لا تضيفوها.

(إِنَّهُ) : الهاء ضمير المصدر الذي دلّ عليه تأكلوا ؛ أي إن الأكل والأخذ ...

والجمهور على ضمّ الحاء من (حُوباً) ؛ وهو اسم للمصدر ، وقيل : مصدر.

ويقرأ بفتحها ، وهو مصدر حاب يحوب ؛ إذا أثم.

٣ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ) : في جواب هذا الشرط وجهان :

أحدهما ـ هو قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ...) ؛ وإنما جعل جوابا لأنّهم كانوا يتحرّجون من الولاية في أموال اليتامى ، ولا يتحرّجون من الاستكثار من النساء ، مع أنّ الجور يقع بينهن إذا كثرن ، فكأنه قال : إذا تحرّجتم من هذا فتحرّجوا من ذلك.

٩٦

والوجه الثاني ـ أن جواب الشرط قوله :

(فَواحِدَةً) ؛ لأنّ المعنى إن خفتم ألا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا منهنّ واحدة ، ثم أعاد هذا المعنى في قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) لمّا طال الفصل بين الأول وجوابه. ذكر هذا الوجه أبو علي.

(أَلَّا تُقْسِطُوا) : الجمهور على ضمّ التاء ، وهو من أقسط إذا عدل.

وقرئ شاذا بفتحها ، وهو من قسط إذا جار ، وتكون لا زائدة.

(ما طابَ) : «ما» هنا بمعنى من ، ولها نظائر في القرآن ستمر بك إن شاء الله تعالى.

وقيل : «ما» تكون لصفات من يعقل ، وهي هنا كذلك ؛ لأنّ ما طاب يدلّ على الطيب منهن.

وقيل : هي نكرة موصوفة ؛ تقديره : فانكحوا جنسا طيّبا يطيب لكم ، أو عددا يطيب لكم.

وقيل : هي مصدرية ، والمصدر المقدّر بها وبالفعل مقدّر باسم الفاعل ؛ أي انكحوا الطيّب.

(مِنَ النِّساءِ) : حال من ضمير الفاعل في طاب.

(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : نكرات لا تنصرف للعدل والوصف ، وهي بدل من ما.

وقيل : هي حال من النساء.

ويقرأ شاذا «وربع» ـ بغير ألف ؛ ووجهها أنه حذف الألف كما حذفت في خيم والأصل خيام ، وكما حذفت في قولهم : أم والله.

والواو في (وَثُلاثَ وَرُباعَ) ليست للعطف الموجب للجمع في زمن واحد ؛ لأنّه لو كان كذلك لكان عيّا ؛ إذ من أرك الكلام أن تفصّل التسعة هذا التفصيل ، ولأنّ المعنى غير صحيح أيضا ؛ لأنّ مثنى ليس عبارة عن ثنتين فقط ، بل عن ثنتين ثنتين ، وثلاث عن ثلاث ثلاث ؛ وهذا المعنى يدلّ على أن المراد التخيير لا الجمع.

(فَواحِدَةً) ؛ أي فانكحوا واحدة.

ويقرأ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ؛ أي فالمنكوحة واحدة. ويجوز أن يكون التقدير : فواحدة تكفي.

(أَوْ ما مَلَكَتْ) : أو للتخيير على بابها.

ويجوز أن تكون للإباحة.

و «ما» هنا بمنزلة ما في قوله : «ما طاب».

(أَلَّا تَعُولُوا) : أي إلى أن لا تعولوا ، وقد ذكرنا مثله في آية الدّين.

٤ ـ (نِحْلَةً) : مصدر ؛ لأنّ معنى آتوهنّ : انحلوهنّ.

وقيل : هو مصدر في موضع الحال ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الفاعلين ؛ أي ناحلين ؛ وأن يكون من الصدقات ؛ وأن يكون من النساء ؛ أي منحولات.

(نَفْساً) : تمييز ، والعامل فيه طبن. والمفرد هنا في موضع الجمع ؛ لأنّ المعنى مفهوم ، وحسّن ذلك أنّ نفسا هنا في معنى الجنس ؛ فصار كدرهما في قولك : عندي عشرون درهما.

(فَكُلُوهُ) : الهاء تعود على شيء ، والهاء في (مِنْهُ) تعود على المال ؛ لأنّ الصدقات مال.

(هَنِيئاً) : مصدر جاء على فعيل ، وهو نعت لمصدر محذوف ؛ أي أكلا هنيئا.

وقيل : هو مصدر في موضع الحال من الهاء ؛ والتقدير : مهنّأ أو طيّبا.

و (مَرِيئاً) : مثله ؛ والمريء : فعيل بمعنى مفعول ؛ لأنّك تقول : أمرأني الشيء إذا لم تستعمله مع هناني ؛ فإن قلت : هناني ومراني لم تأت بالهمزة في مراني لتكون تابعة لهناني.

٥ ـ (أَمْوالَكُمُ الَّتِي) : الجمهور على إفراد التي ، لأنّ الواحد من الأموال مذكّر ؛ فلو قال اللواتي لكان جمعا ، كما أن الأموال جمع ؛ والصفة إذا جمعت من أجل أنّ الموصوف جمع كان واحدها كواحد الموصوف في التذكير والتأنيث.

وقرئ في الشاذ اللواتي ـ جمعا اعتبارا بلفظ الأموال.

(جَعَلَ اللهُ) ؛ أي صيّرها ؛ فهو متعدّ إلى مفعولين ، والأول محذوف وهو العائد.

ويجوز أن يكون بمعنى خلق ؛ فيكون قياما حالا.

(قِياماً) : يقرأ بالياء والألف ، وهو مصدر قام ، والياء بدل من الواو ، وأبدلت منها لما أعلّت في الفعل ، وكانت قبلها كسرة. والتقدير : التي جعل الله لكم سبب قيام أبدانكم ؛ أي بقائها. ويقرأ : قيما ـ بغير ألف ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ أنه مصدر مثل الحول والعوض ، وكان القياس أن تثبت الواو لتحضنها بتوسطها ، كما صحّت في الحول والعوض ، ولكن أبدلوها ياء حملا على «قيام» وعلى اعتلالها في الفعل.

والثاني ـ أنها جمع قيمة ، كديمة وديم ، والمعنى : أنّ الأموال كالقيم للنفوس ؛ إذ كان بقاؤها بها.

وقال أبو علي : هذا لا يصحّ ؛ لأنّه قد قرئ في قوله : (دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ). وفي قوله : (الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً) ؛ ولا يصحّ معنى القيمة فيهما.

والوجه الثالث ـ أن يكون الأصل قياما ؛ فحذفت الألف كما حذفت في خيم.

ويقرأ «قواما» ـ بكسر القاف وبواو وألف ، وفيه وجهان : أحدهما : هو مصدر قاومت قواما مثل لاوذت لواذا ، فصحت في المصدر لما صحّت في الفعل.

والثاني ـ أنها اسم لما يقوم به الأمر ، وليس بمصدر.

ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف ، وهو مصدر صحّت عينه ، وجاءت على الأصل كالعوض.

ويقرأ بفتح القاف وواو وألف. وفيه وجهان :

أحدهما ـ هو اسم للمصدر ، مثل السّلام والكلام والدّوام.

٩٧

والثاني ـ هو لغة في القوام الذي هو بمعنى القامة ، يقال : جارية حسنة القوام والقوام. والتقدير التي جعلها الله سبب بقاء قاماتكم.

(وَارْزُقُوهُمْ فِيها) : فيه وجهان :

أحدهما ـ أنّ «في» على أصلها ؛ والمعنى اجعلوا لهم فيها رزقا.

والثاني ـ أنها بمعنى من.

٦ ـ (حَتَّى إِذا بَلَغُوا) : حتّى هاهنا غير عاملة ، وإنما دخلت على الكلام لمعنى الغاية ، كما تدخل على المبتدأ ؛ وجواب إذا (فَإِنْ آنَسْتُمْ) ؛ وجواب إن (فَادْفَعُوا) ؛ فالعامل في «إذا» ما يتلخّص من معنى جوابها ؛ فالتقدير : إذا بلغوا راشدين فادفعوا.

(إِسْرافاً وَبِداراً) : مصدران مفعول لهما.

وقيل : هما مصدران في موضع الحال ؛ أي مسرفين ، ومبادرين.

والبدار : مصدر بادرت ، وهو من باب المفاعلة التي تكون بين اثنين ؛ لأنّ اليتيم مارّ إلى الكبر ، والوليّ مارّ إلى أخذ ماله ، فكأنهما يستبقان.

ويجوز أن يكون من واحد.

(أَنْ يَكْبَرُوا) : مفعول بدارا ؛ أي بدارا كبرهم.

(وَكَفى بِاللهِ) : في فاعل كفى وجهان : أحدهما ـ هو اسم الله ، والباء زائدة دخلت لتدلّ على معنى الأمر ؛ إذ التقدير : اكتف بالله.

والثاني ـ أن الفاعل مضمر ، والتقدير : كفى الاكتفاء بالله ، فبالله على هذا في موضع نصب مفعولا به ، و (حَسِيباً) حال. وقيل تمييز.

وكفى : يتعدّى إلى مفعولين ، وقد حذفا هنا ، والتقدير : كفاك الله شرّهم ، ونحو ذلك ، والدليل على ذلك قوله : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ).

٧ ـ (قَلَّ مِنْهُ) : يجوز أن يكون بدلا (مِمَّا تَرَكَ) ؛ ويجوز أن يكون حالا من الضمير المحذوف في ترك ؛ أي مما تركه قليلا أو كثيرا ؛ أو مستقرّا مما قلّ.

(نَصِيباً) : قيل هو واقع موقع المصدر ، والعامل فيه معنى ما تقدّم ؛ إذا التقدير : عطاء ، أو استحقاقا.

وقيل : هو حال مؤكّدة ؛ والعامل فيها معنى الاستقرار في قوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) ، ولهذا حسنت الحال عنها.

وقيل : هو حال من الفاعل في قلّ أو كثر.

وقيل : هو مفعول لفعل محذوف ، تقديره : أوجب لهم نصيبا.

وقيل : هو منصوب على إضمار أعني.

٨ ـ (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) : الضمير يرجع إلى المقسوم ؛ لأنّ ذكر القسمة يدلّ عليه.

٩ ـ (مِنْ خَلْفِهِمْ) : يجوز أن يكون ظرفا لتركوا ، وأن يكون حالا من (ذُرِّيَّةً).

(ضِعافاً) : يقرأ بالتفخيم على الأصل ، وبالإمالة لأجل الكسرة ؛ وجاز ذلك مع حرف الاستعلاء ؛ لأنّه مكسور مقدّم ، ففيه انحدار.

(خافُوا) : يقرأ بالتفخيم على الأصل.

وبالإمالة ؛ لأنّ الخاء تنكسر في بعض الأحوال وهو خفّت ؛ وهو جواب لو ، ومعناها : إن.

١٠ ـ (ظُلْماً) : مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال. (فِي بُطُونِهِمْ ناراً) : قد ذكر في البقرة فيه شيء ؛ والذي يخصّ هذا الموضع أنّ في بطونهم حال من نارا ؛ أي نارا كائنة في بطونهم ؛ وليس بظرف ليأكلون ؛ ذكره في التّذكرة.

(وَسَيَصْلَوْنَ) : يقرأ بفتح الياء ، وماضيه صلّى النار يصلاها ؛ ومنه قوله : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى).

ويقرأ بضمها على ما لم يسمّ فاعله.

ويقرأ بتشديد اللام على التكثير.

١١ ـ (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) : الجملة في موضع نصب بيوصي ؛ لأنّ المعنى : يفرض لكم ، أو يشرع في أولادكم ؛ والتقدير ؛ في أمر أولادكم.

(فَإِنْ كُنَ) : الضمير للمتروكات ؛ أي فإن كانت المتروكات ؛ ودلّ ذكر الأولاد عليه.

(فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) : صفة لنساء ؛ أي أكثر من اثنتين.

(وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً) : بالنصب ؛ أي كانت الوارثة واحدة.

وبالرفع على أن كان تامة.

و (النِّصْفُ) : بالضم والكسر لغتان ، وقد قرئ بهما.

(فَلِأُمِّهِ) : بضمّ الهمزة ، وهو الأصل ؛ وبكسرها اتباعا لكسرة اللام قبلها ، وكسر الميم بعدها.

(فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) : الجمع هنا للاثنين ، لأنّ الاثنين يحجبان عند الجمهور ، وعند ابن عباس هو على بابه ، والاثنان لا يحجبان.

والسدس والثلث والربع والثمن بضمّ أوساطها وهي اللغة الجيدة ، وإسكانها لغة ؛ وقد قرئ بها.

(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ) : يجوز أن يكون حالا من السدس ؛ تقديره : مستحقّا من بعد وصيّة ، والعامل الظرف.

ويجوز أن يكون ظرفا ؛ أي يستقرّ لهم ذلك بعد إخراج الوصية ، ولا بدّ من تقدير حذف المضاف ؛ لأنّ الوصية هنا المال الموصى به.

وقيل : تكون الوصية مصدرا مثل الفريضة.

(أَوْ دَيْنٍ) : «أو» لأحد الشيئين ، ولا تدلّ على الترتيب ؛ إذ لا فرق بين قولك : جاءني زيد أو عمرو ؛ وبين قولك جاء عمرو أو زيد ؛ لأنّ «أو» لأحد الشيئين ، والواحد لا ترتيب فيه ، وبهذا يفسد من قال : التقدير : من بعد دين أو وصية ؛ وإنما يقع الترتيب فيما إذا اجتمعا فيقدم الدّين على الوصية.

(آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ) : مبتدأ.

٩٨

(لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) : الجملة خبر المبتدأ ؛ وأيهم مبتدأ ؛ وأقرب خبره ؛ والجملة في موضع نصب بتدرون ؛ وهي معلّقة عن العمل لفظا ؛ لأنّها من أفعال القلوب.

و (نَفْعاً) : تمييز.

و (فَرِيضَةً) : مصدر لفعل محذوف ؛ أي فرض ذلك فريضة.

١٢ ـ (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ) : في «كان» وجهان :

أحدهما ـ هي تامة ، ورجل فاعلها ، و (يُورَثُ) : صفة له ، و (كَلالَةً) : حال من الضمير في يورث.

والكلالة على هذا : اسم للميّت الذي لم يترك ولدا ولا والدا.

ولو قرئ كلالة ـ بالرفع على أنه صفة ، أو بدل من الضمير في يورث لجاز ، غير أني لم أعرف أحدا قرأ به ، فلا تقر أنّ إلا بما نقل.

والوجه الثاني ـ أنّ كل هي الناقصة ، ورجل اسمها ، ويورث خبرها ، وكلالة حال أيضا.

وقيل : الكلالة اسم للمال الموروث ؛ فعلى هذا ينتصب كلالة على المفعول الثاني ليورث ، كما تقول : ورث زيد مالا.

قيل : الكلالة اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد ؛ فعلى هذا لا وجه لهذا الكلام على القراءة المشهورة ؛ لأنّه لا ناصب له ، ألا ترى أنك لو قلت زيد يورث إخوة لم يستقم ، وإنما يصحّ على قراءة من قرأ بكسر الراء مخففة ومثقلة ، وقد قرئ بهما.

وقيل : يصحّ هذا المذهب على تقدير حذف مضاف ، تقديره : وإن كان رجل يورث ذا كلالة ، فذا حال ، أو خبر كان.

ومن كسر الراء جعل كلالة مفعولا به ، وتكون الكلالة إما الورثة وإما المال ؛ وعلى كلا الأمرين أحد المفعولين محذوف ؛ والتقدير يورث أهله مالا.

(وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) : إن قيل قد تقدّم ذكر الرجل والمرأة فلم أفرد الضمير وذكّره؟

قيل : أما إفراده فلأنّ «أو» لأحد الشيئين ، وقد قال أو امرأة ، فأفرد الضمير لذلك ؛ وأما تذكيره ففيه ثلاثة أوجه :

أحدها ـ يرجع إلى الرجل ، لأنّه مذكّر مبدوء به.

والثاني ـ أنه يرجع إلى أحدهما ، ولفظ أحد مذكر. والثالث ـ أنه راجع إلى الميت ، أو الموروث ، لتقدّم ما يدلّ عليه.

(فَإِنْ كانُوا) : الواو ضمير الإخوة من الأمّ المدلول عليهم بقوله : أخ أو أخت ؛ و (ذلِكَ) : كناية عن الواحد.

(يُوصى بِها) : يقرأ بكسر الصاد ؛ أي يوصى بها المحتضر ؛ وبفتحها على ما لم يسمّ فاعله ، وهو في معنى القراءة الأولى.

ويقرأ بالتشديد على التكثير.

(غَيْرَ مُضَارٍّ) : حال من ضمير الفاعل في يوصي.

والجمهور على تنوين مضارّ ، والتقدير غير مضار بورثته.

و (وَصِيَّةٍ) : مصدر لفعل محذوف ؛ أي وصى الله بذلك ؛ ودلّ على المحذوف قوله : غير مضار.

وقرأ الحسن : غير مضارّ وصية بالإضافة ؛ وفيه وجهان :

أحدهما ـ تقديره : غير مضار أهل وصية ، أو ذي وصية ، فحذف المضاف.

والثاني ـ تقديره : غير مضار وقت وصية ، فحذف ، وهو من إضافة الصفة إلى الزمان. ويقرب من ذلك قولهم : هو فارس حرب ؛ أي فارس في الحرب ، ويقال : هو فارس زمانه ؛ أي في زمانه ، كذلك التقدير للقراءة غير مضارّ في وقت الوصية.

١٣ ـ (يُدْخِلْهُ) : في الآيتين بالياء والنون ، ومعنا هما واحد.

١٤ ـ (ناراً خالِداً فِيها) : نارا : مفعول ثان ليدخل. وخالدا : حال من المفعول الأول.

ولا يجوز أن يكون صفة لنار ؛ لأنّه لو كان كذلك لبرز ضمير الفاعل لجريانه على غير من هو له ، ويخرّج على قول الكوفيين بجواز جعله صفة ، لأنّهم لا يشترطون إبراز الضمير في هذا النحو.

١٥ ـ (وَاللَّاتِي) : هو جمع «التي» على غير قياس. وقيل : هي صيغة موضوعة للجمع.

وموضعها رفع بالابتداء ، والخبر (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ) ؛ وجاز ذلك وإن كان أمرا ، لأنّه صار في حكم الشرط حيث وصلت التي بالفعل ، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب ؛ لأنّ تقدير الفعل قبل أداة الشرط لا يجوز.

وتقديره بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله : «فاستشهدوا» ؛ لأنّ استشهدوا لا يصحّ أن يعمل النصب في اللاتي ، وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الابتداء.

وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره : اقصدوا اللاتي ، أو تعمّدوا.

وقيل : الخبر محذوف ، تقديره : وفيما يتلى عليكم حكم اللاتي ، ففيما يتلى هو الخبر ، وحكم هو المبتدأ ؛ فحذفا لدلالة قوله : «فاستشهدوا» ؛ لأنّه الحكم المتلوّ عليهم.

(أَوْ يَجْعَلَ اللهُ) : أو عاطفة ؛ والتقدير : أو إلى أن يجعل الله.

وقيل : هي بمعنى إلا أن ؛ وكلا هما مستقيم.

(لَهُنَ) : يجوز أن يتعلّق بيجعل ؛ وأن يكون حالا من (سَبِيلاً).

٩٩

١٦ ـ (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها) : الكلام في اللذان كالكلام في اللاتي ؛ إلا أن من أجاز النصب يصحّ أن يقدّر فعلا من جنس المذكور ، تقديره : آذوا اللذين.

ولا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هاهنا ولو عرا من ضمير المفعول ؛ لأنّ الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط ، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها.

ويقرأ اللذان ـ بتخفيف النون ـ على أصل التثنية. وبتشديدها على أنّ إحدى النونين عوض من اللام المحذوفة ؛ لأنّ الأصل اللّذيان مثل العميان والشجيان ؛ فحذفت الياء ؛ لأنّ الاسم مبهم ، والمبهمات لا تثنّى التثنية الصناعية ، والحذف مؤذن بأنّ التثنية هنا مخالفة للقياس.

وقيل : حذفت لطول الكلام بالصلة ؛ فأما هذان ، وهاتين ، وفذانك ـ فتذكّر في مواضعها.

١٧ ـ (إِنَّمَا التَّوْبَةُ) : مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :

أحدهما ـ هو (عَلَى اللهِ) ؛ أي ثابتة على الله ؛ فعلى هذا يكون (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ) حالا من الضمير في الظرف ، وهو قوله : «على الله» ؛ والعامل فيها الظّرف ، أو الاستقرار ؛ أي كائنة للذين ؛ ولا يجوز أن يكون العامل في الحال التوبة ، لأنّه قد فصل بينهما بالجار. والوجه الثاني ـ أن يكون الخبر «للذين يعملون» ؛ وأما «على الله» فيكون حالا من شيء محذوف ، تقديره : إنما التوبة إذ كانت على الله ، أو إذا كانت على الله ؛ فإذ أو إذا ظرفان العامل فيهما الذين يعملون السوء ؛ لأنّ الظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدّم عليه.

وكان التامة ، وصاحب الحال ضمير الفاعل في كان.

ولا يجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها الذين ؛ لأنّه عالم معنويّ ، والحال لا يتقدم على المعنوي ، ونظير هذه المسألة قولهم : هذا بسرا أطيب منه رطبا.

١٨ ـ (وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ) : في موضعه وجهان :

أحدهما ـ هو جرّ عطفا على الذين يعملون السيئات ؛ أي ولا للذين يموتون.

والوجه الثاني ـ أن يكون مبتدأ ، وخبره (أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ). واللام لام الابتداء ، وليست لا النافية.

١٩ ـ (أَنْ تَرِثُوا) : في موضع رفع فاعل يحلّ ؛ و (النِّساءَ) فيه وجهان :

أحدهما ـ هو المفعول الأول ، والنساء على هذا هن الموروثات ، وكانت الجاهلية ترث نساء آبائها ، وتقول : نحن أحقّ بنكاحهنّ.

والثاني ـ أنه المفعول الثاني ؛ والتقدير : أن ترثوا من النساء المال.

و (كَرْهاً) : مصدر في موضع الحال من المفعول ، وفيه الضم والفتح ، وقد ذكر في آل عمران.

(وَلا تَعْضُلُوهُنَ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو منصوب عطفا على «ترثوا» ؛ أي ولا أن تعضلوهنّ.

والثاني ـ هو جزم بالنهي ؛ فهو مستأنف.

(لِتَذْهَبُوا) : اللام متعلقة بتعضلوا ، وفي الكلام حذف ، تقديره : ولا تعضلوهنّ من النكاح ، أو من الطلاق ، على اختلافهم في المخاطب به : هل هم الأولياء ، أو الأزواج؟

(ما آتَيْتُمُوهُنَ) : العائد على «ما» محذوف ؛ تقديره : ما آتيتموهن إيّاه ، وهو المفعول الثاني.

(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ) : فيه وجهان :

أحدهما ـ هو في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

والثاني ـ هو في موضع الحال ؛ تقديره : إلا في حال إتيانهنّ الفاحشة.

وقيل : هو استثناء متّصل ؛ تقديره : ولا تعضلوهن في حال إلا في حال إتيان الفاحشة.

(مُبَيِّنَةٍ) : يقرأ بفتح الياء على ما لم يسمّ فاعله ؛ أي أظهرها صاحبها.

وبكسر الياء والتشديد. وفيه وجهان :

أحدهما ـ أنها هي الفاعلة ؛ أي تبيّن حال مرتكبها.

والثاني ـ أنه من اللازم ، يقال : بان الشيء ، وأبان ، وتبيّن ، واستبان ، وبيّن بمعنى واحد.

ويقرأ بكسر الباء وسكون الياء ، وهو على الوجهين في المشدّدة المكسورة.

(بِالْمَعْرُوفِ) : مفعول ، أو حال.

(أَنْ تَكْرَهُوا) : فاعل عسى ، ولا خبر لها هاهنا ؛ لأنّ المصدر إذا تقدم صارت عسى بمعنى قرب ، فاستغنت عن تقدير المفعول المسمّى خبرا.

٢٠ ـ (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) : ظرف للاستبدال.

وفي قوله : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) إشكالان :

أحدهما ـ أنه جمع الضمير ، والمتقدّم زوجان.

والثاني ـ أنّ التي يريد أن يستبدل بها هي التي تكون قد أعطاها مالا فينهاه عن أخذه ، فأما التي يريد أن يستحدثها فلم يكن أعطاها شيئا حتى ينهى عن أخذه ، ويتأيّد ذلك بقوله : (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ).

والجواب عن الأول أنّ المراد بالزوج الجمع ؛ لأنّ الخطاب لجماعة الرجال ؛ وكلّ منهم قد يريد الاستبدال.

ويجوز أن يكون جمعا ؛ لأنّ التي يريد أن يستحدثها ، يفضي حالها إلى أن تكون زوجا ، وأن يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالأولى ؛ فجمع على هذا المعنى.

١٠٠