تراثنا ـ العددان [ 97 و 98 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 97 و 98 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٥٢٤

٧١ ـ طبقات أعلام الشيعة ، لآغا بزرگ الطهراني (١٣٨٨ هـ) ، تحقيق علي نقي منزوي ، الناشر مؤسّسة اسماعيليان ، قم.

٧٢ ـ طبقات مفسّران شيعة ، لعقيقي بخشايشي ، الناشر دفتر نشر نويد إسلام ، قم ١٣٧٣ هـ. ش.

٧٣ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، لعلي بن موسى بن طاوس الحسني(٦٦٤ هـ) ، الناشر مطبعة الخيام ، قم ١٤٠٠ هـ.

٧٤ ـ عدّة الداعي ونجاح الساعي ، لأحمد بن محمّـد بن فهد الحلّي (٨٤١ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم ١٤٢٠ هـ ، الطبعة الأُولى.

٧٥ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، لمحمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (٣٨١ هـ) ، الناشر مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ١٤٠٤ هـ.

٧٦ ـ الغارات ، لإبراهيم بن محمّـد الثقفي الكوفي (٢٨٣ هـ) ، تحقيق جلال الدين المحدّث ، انتشارات انجمن آثار ملّي ، طهران ١٣٩٥ هـ.

٧٧ ـ القاموس المحيط ، لمحمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (٨١٧ هـ) ، الناشر دارالكتب العلمية ، بيروت ١٤١٥ هـ ، الطبعة الأُولى.

٧٨ ـ قرب الإسناد ، لعبدالله بن جعفر الحميري (ق٣ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام ، لإحياء التراث ، قم ١٤١٣ هـ ، الطبعة الأُولى.

٧٩ ـ قواعد الأحكام ، للحسن بن يوسف بن مطهّر الحلّي (٧٢٦ هـ) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ١٤١٩ هـ ، الطبعة الأُولى.

٨٠ ـ الكافي ، لمحمّد بن يعقوب الكليني (٣٢٩ هـ) ، الناشر المكتبة الإسلامية ، طهران ، ١٣٨٨ هـ.

٨١ ـ كتاب الدعاء ، لسليمان بن أحمد الطبراني (٣٦٠ هـ) ، تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا ، الناشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤١٣ هـ ، الطبعة الأُولى.

٨٢ ـ كتاب سيبويه ، لعمرو بن عثمان بن قنبر (١٨٠ هـ) ، تحقيق عبدالسلام محمّـد هارون ، الناشر عالم الكتاب ، بيروت.

٨٣ ـ الكشف والبيان ، لأبي إسحاق أحمد الثعلبي (٤٢٧ هـ) ، تحقيق محمّـد بن عاشور ، الناشر دار إحياء التراث العربي ، بيروت ١٤٢٢ هـ ، الطبعة الأُولى.

٤٠١

٨٤ ـ الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها ، لمكّي بن أبي طالب القيسي (٤٣٧ هـ) ، تحقيق محيي الدين رمضان ، الناشر مؤسّسة الرسالة ، بيروت١٤٠٧ هـ ، الطبعة الرابعة.

٨٥ ـ كفاية الأثر ، لعلي بن محمّـد بن علي الخزّاز القمّي (ق٤ هـ) ، تحقيق عبداللطيف الحسيني الكوه كمري ، انتشارات بيدار ، قم ١٤٠١ هـ.

٨٦ ـ لسان العرب ، لجمال الدين محمّـد بن مكرم ابن منظور الأفريقي (٧١١ هـ) ، الناشر أدب الحوزة ، قم ١٤٠٥ هـ.

٨٧ ـ مجمع البيان ، لأبي الفضل بن الحسن الطبرسي (٥٤٨ هـ) ، الناشر رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية ، طهران ١٤١٧ هـ.

٨٨ ـ مجموعة الفتاوى ، لأحمد بن تيمية (٧٢٨ هـ) ، الناشر الرئاسة العامّة لشؤون الحرمين الشريفين.

٨٩ ـ المحاسن ، لأحمد بن محمّـد البرقي (٢٨٠ هـ) ، الناشر دار الكتاب الإسلامية ، قم.

٩٠ ـ مختار الصحاح ، لمحمّد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي (٦٦٦ هـ) ، الناشر دار الكتاب العربي ، بيروت.

٩١ ـ مسالك الأفهام ، لزين الدين بن علي العاملي (٩٦٥ هـ) ، تحقيق ونشر مؤسّسة المعارف الإسلامية ، قم ١٤١٣ هـ ، الطبعة الأُولى.

٩٢ ـ المستدرك على الصحيحين ، لمحمّد بن عبدالله النيسابوري (٤٠٥ هـ) ، الناشر دار الفكر ، بيروت ١٣٩٨ هـ.

٩٣ ـ مشارق أنوار اليقين ، لرجب بن محمّـد بن رجب البرسي الحلّي (٨١٣ هـ) ، تحقيق جمال عبدالغفّار أشرف المازندراني ، انتشارات الشريف الرضي ، قم١٤٢٢ هـ ، الطبعة الأُولى.

٩٤ ـ مصباح المتهجّد ، لمحمّد بن الحسن الطوسي (٤٦٠ هـ) ، الناشر مؤسّسة فقه الشيعة ، بيروت ، ١٤١١ هـ ، الطبعة الأُولى.

٩٥ ـ المصنّف ، لعبدالله بن محمّـد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (٢٣٥ هـ) ، تحقيق محمّـد عوّامة ، الناشر دار قرطبة ، بيروت ١٤٢٧ هـ ، الطبعة الأُولى.

٤٠٢

٩٦ ـ معالم التنزيل ، للحسين بن مسعود الفرّاء البغوي (٥١٦ هـ) ، الناشر دارالفكر ، بيروت ١٤٠٥ هـ.

٩٧ ـ معاني الأخبار ، لمحمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي الصدوق (٣٨١ هـ) ، الناشر انتشارات اسلامي ١٤١٣ هـ ، قم.

٩٨ ـ معاني القرآن ، لأبي إسحاق إبراهيم السري (٣١١ هـ) ، تحقيق عبدالجليل عبده شلبي ، الناشر عالم الكتاب ، بيروت ١٤٠٨ هـ.

٩٩ ـ معاني القرآن ، لأبي زكريّا يحيى بن زياد الفرّاء (٢٠٧ هـ) ، تحقيق أحمديوسف نجاتي ومحمّـد علي النجّار ، انتشارات ناصر خسرو ، طهران.

١٠٠ ـ معاني القرآن ، ليحيى بن زياد الفرّاء (٢٠٧ هـ) ، تحقيق عبدالفتاح إسماعيل شبلي ، الناشر انتشارات ناصر خسرو ، طهران.

١٠١ ـ مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب ، لعبدالله بن يوسف بن هشام الأنصاري(٧٦١ هـ) ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبدالحميد ، الناشر مكتبة ومطبعة محمّـد علي صبيح وأولاده ، القاهرة.

١٠٢ ـ مفتاح الكرامة ، لمحمّد جواد الحسيني العاملي (١٢٢٦ هـ) ، تحقيق علي أصغر مرواريد ، الناشر دار التراث ، بيروت ١٤١٨ هـ.

١٠٣ ـ المناقب ، لموفّق أحمد بن محمّـد الخوارزمي (٥٦٨ هـ) ، تحقيق الشيخ مالك المحمودي ، الناشر مؤسّسة النشر الإسلامي ١٤١١ هـ.

١٠٤ ـ مناقب آل أبي طالب ، لمحمّد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (٥٨٨ هـ) ، تحقيق يوسف البقاعي ، الناشر دار الأضواء ، بيروت ١٤١٢ هـ ، الطبعة الثانية.

١٠٥ ـ مناقب أمير المؤمنين ، لمحمّد بن سليمان الكوفي (ق٣) ، تحقيق محمّـدباقر المحمودي ، الناشر مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، قم ١٤١٢ هـ.

١٠٦ ـ مناقب أهل البيت عليهم‌السلام ، لحيدر علي بن محمّـد الشرواني (ق١٢ هـ) ، تحقيق محمّـد الحسّون ، الناشر مطبعة المنشورات الإسلامية ، قم ١٤١٤ هـ.

١٠٧ ـ مناهل العرفان في علوم القرآن ، لمحمّد عبدالعظيم الزرقاني (١٩٤٨ م) ، الناشر دار احياء التراث العربي ، بيروت.

٤٠٣

١٠٨ ـ من لا يحضره الفقيه ، لمحمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (٣٨١ هـ) ، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ، قم الطبعة الثانية.

١٠٩ ـ الموضح في وجوه القراءات وعللها ، لنصر بن علي بن محمّـد الشيرازي(٥٦٥ هـ) ، تحقيق عمر حمدان الكبيسي ، الناشر الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ، جدّة ١٤١٤ هـ ، الطبعة الأُولى.

١١٠ ـ النكت والعيون ، لعلي بن محمّـد بن حبيب الماوردي (٤٥٠ هـ) ، الناشردار الكتب العلمية ، بيروت.

١١١ ـ النهاية ، لمحمّد بن الحسن بن علي الطوسي (٤٦٠ هـ) ، الناشر دار الكتاب العربي ، بيروت ١٣٩٠ هـ ، الطبعة الأُولى.

١١٢ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ، لمجد الدين المبارك بن محمّـد ابن الأثير الجزري (٦٠٦ هـ) ، الناشر دار الكتب العلمية ، بيروت ١٤٢٣ هـ.

١١٣ ـ نهج البلاغة ، من كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، شرح محمّـدعبده ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبدالحميد ، الناشر المكتبة التجارية الكبرى ، مصر.

١١٤ ـ الهداية الكبرى ، للحسين بن حمدان الخُصيبي (٣٣٤ هـ) ، الناشر مؤسّسة البلاغ ، بيروت ١٤٢٣ هـ ، الطبعة الأُولى.

١١٥ ـ وقعة صفّين ، لنصر بن مزاحم المنقري (٢١٢ هـ) ، تحقيق عبدالسلام محمّـد هارون ، منشورات مكتبة السيّد المرعشي النجفي ، قم ١٤٠٣ هـ.

٤٠٤

من ذخائر التراث

٤٠٥

٤٠٦

فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام

تأليف

عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب

من أعلام القرن الثاني

ويليه

جمل الآداب في نظم كتاب عيسى بن دأب

للشيخ محمّد طاهر السماوي النجفي

تحقيق

الشيخ محمّد مشكور

٤٠٧
٤٠٨

مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير المرسلين الرسول الأمجد ، الذي سمّي في السماء بأحمد ، وفي الأرض بأبي القاسم محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

قال الله في محكم كتابه الكريم : (وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْنَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيْرَاً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيْدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوْرَاً)(١).

اتّفقت الرواة من الفريقين ـ الخاصّة والعامّة ـ على أنّ هذه الآية ، بل السورة كلّها نزلت في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وزوجته فاطمة ، وولديه الحسن والحسين عليهم‌السلام حين آثروا المسكين واليتيم والأسير ثلاث ليال على إفطارهم ، وطووا عليهم‌السلام ولم يفطروا على شيء من الطعام ، فأثنى الله عليهم هذا الثناء الحسن ، وأنزل فيهم هذه السورة ، وكفاك بذلك فضيلة جزيلة تتلى إلى يوم القيامة.

__________________

(١) سورة الإنسان ٧٦ : ٨ ـ ٩.

٤٠٩

والقصّة ـ في نزول السورة ـ هي : مرض الحسن والحسين عليهما‌السلام ، فعادهماجدّهما النبي (صلى الله عليه وآله) ووجوه العرب ، فقالوا : يا أبا الحسن ، لونذرت على ولديك نذراً ، فنذر صوم ثلاثة أيّام إن شفاهما الله سبحانه وتعالى ، ونذرت أُمّهما فاطمة عليها‌السلام كذلك ، وكذلك فضّة ، فبرئا وليس عندهم شيءٌ ، فاستقرض عليٌّ عليه‌السلام ثلاثة أصوع شعير من يهوديّ ، على أن يغزل له صوفاً ، وجاء به إلى فاطمة عليها‌السلام فطحنت صاعاً فأخبزته ، وصلّت المغرب وقرّبته إليهم ، فأتاهم مسكين يدعو لهم وسألهم فأعطوه ، ولم يذوقوا إلاّ الماء ، فلمّا كان اليوم الثاني أخذت صاعاً فطحنته وخبزته وقدّمته إلى الإمام عليّ عليه‌السلام ، فإذايتيم في الباب يستطعم فأعطوه ، ولم يذوقوا إلاّ الماء ، فلمّا كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته وأخبزته وقدّمته إلى الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فإذا أسير بالباب يستطعم فأعطوه ، ولم يذوقوا إلاّ الماء ، فلمّا كان اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم ، أتى عليّ عليه‌السلام ومعه الحسن والحسين عليهما‌السلامإلى النبي (صلى الله عليه وآله) وبهما ضعف ، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حتّى نزل جبرئيل عليه‌السلام بهذه السورة(١).

وقد ذكرت قصّة أُخرى في شأن نزول هذه الآية ، وهي التي يرويها ابن عبّاس : إنّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أجَّر نفسه ؛ ليسقي نخلا بشيء من شعيرليلة حتّى أصبح ، فلمّا أصبح وقبض الشعير ، طحن ثلثه فجعل منه شيئاً ليأكلوه ، يقال له : الحريرة ، فلمّا تمّ إنضاجه أتى مسكين فأجروا إليه الطعام ، ثمّ عمل الثلث الثاني ، فلمّا تمّ إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه ، وطووا يومهم كذلك(٢).

__________________

(١) مجمع البيان ١٠ / ٢٣٣.

(٢) أسباب النزول للواحدي : ٢٩٦ ، ذخائر العقبى : ١٠٣.

٤١٠

هذا وقد ذكر الثعلبي في تفسيره لهذه القصّة أشعاراً هي :

ما أورده عند ذكره المسكين ، فقال الإمام عليّ عليه‌السلام :

فاطم ذات المجد واليقين

يا ابنة خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين

يشكو إلينا جائع حزين

كلّ امرء بكسبه رهين

وفاعل الخيرات يستبين

موعدنا جنّة عليين

حرّمها الله على الضنين

وللبخيل موقف مهين

تهوى به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين

من يفعل الخير يقم سمين

ويدخل الجنّة أيّ حين

فأجابته فاطمة عليها‌السلام :

أمرك عندي يا ابن عمّ طاعة

ما بي من لؤم ولا وضاعة

غذّيت من خبز له صناعة

أطعمه ولا أبالي الساعة

أرجو إذ أشبعت ذا المجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة

وأدخل الخلد ولي شفاعة

وما ذكره في يوم اليتيم ، فأنشأ الإمام علي عليه‌السلام يقول :

فاطم بنت السيّد الكريم

بنت نبيٍّ ليس بالزنيم

لقد أتى الله بذي اليتيم

من يرحم اليوم يكن رحيم

موعده في جنّة النعيم

قد حرّم الخلد على اللئيم

ألا يجوز الصراط المستقيم

يزلّ في النار إلى الجحيم

فأنشأت فاطمة عليها‌السلام :

أطعمه اليوم ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

٤١١

أمسوا جياعاً وهم أشبالي

أصغرهم يقتل في القتال

بكربلا يقتل باغتيال

للقاتل الويل مع الوبال

تهوى به النار إلى سفال

وفي يديه الغلّ والأغلال

كبوله زادت على الأكبال

أمّا في يوم الأسير ، قال : فأنشأ عليه‌السلام يقول :

فاطم يا بنة النبيّ أحمد

بنت نبيّ سيّد مسوّد

هذا أسير للنبيّ المهتد

مكبّلٌ في غلّه مقيّد

يشكو إلينا الجوع قد تمدّد

من يطعم اليوم يجده من غد

عند العليّ الواحد الموحّد

ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأنشأت فاطمة عليها‌السلام تقول :

لم يبق ممّا جاء غير صاع

قد ذهبت كفّي مع الذراع

ابناي والله من الجياع

يا ربّ تتركهما ضياع

أبوهما للخير ذو اصطناع

يصطنع المعروف بابتداع

عبل الذراعين طويل الباع

وما على رأسي من قناع

إلاّ قناعاً نسجه إنساع(١)

وقد ذكر الشيخ الصدوق في كتابه عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، عند ذكر هذه الآية :

قال إسحاق بن حمّاد بن زيد ثمّ قال لي : ـ أي الإمام الرضا عليه‌السلام ـ اقرأ : (هَلْ أَتَى عَلَى الاِْنْسَانِ حِيْنٌ مِنَ الدَّهْرِ) فقرأت حتّى بلغت : (وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْنَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيْرَاً) إلى قوله : (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوْرَاً) ، فقال : «فيمن نزلت هذه الآية؟».

__________________

(١) تفسير الثعلبي ١٠ / ٩٩ ـ ١٠١.

٤١٢

فقلت : في عليّ عليه‌السلام.

قال : «فهل بلغك أنّ عليّاً عليه‌السلام قال حين أطعم المسكين واليتيم والأسير : (إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيْدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوْرَاً) على ماوصف الله عزّوجل في كتابه»؟ فقلت : لا.

قال : «فإنّ الله تعالى عرّف سريرة علي عليه‌السلام ونيّته فأظهر ذلك في كتابه تعريفاً لخلقه أمره ، فهل علمت أنّ الله تعالى وصف في شيء ممّا وصف في الجنّة ما في هذه السورة : (قَوَارِيْرَ مِنْ فِضَّة)» قلت : لا. قال : «فهذه فضيلة أخرى».

إلى نهاية الحديث الذي عن الإمام عليه‌السلام يذكر فضيلة بعد أخرى(١).

قال القاضي النعمان في احتجاج الإمام علي عليه‌السلام في الشورى : قال : «فأناشدكم بالله الذي لا إله إلاّ هو ، أيّها النفر الخمسة ، أفيكم من أنزل الله عزّ وجلّ فيه : (وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْنَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيْرَاً) إلى قوله : (إنّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكَوْرَاً) غيري»؟

قالوا : اللّهمّ ، لا؟

قال : «فحسبي بما أقررتم به من مناقبي وفضائلي ، ولو شئت أن أذكر غير ذلك كثيراً لذكرته ، فاصنعوا بعد ذلك ما أنتم صانعون ، فالله الشاهد على ماتفعلون»(٢).

قال الكوفي في مناقب الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : قال ابن عبّاس : بينا أهل الجنّة في الجنّة إذ رأوا عين الشمس قد

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ : ٢٠٦.

(٢) شرح الأخبار ٢ : ١٩٣.

٤١٣

أشرقت لها الجنان فيقول أهل الجنّة : يا ربّ! إنّك قلت في كتابك : (لاَ يَرَوْنَ فِيْهَاشَمْسَاً) فيرسل الله عزّوجلّ جبرئيل عليه‌السلام إليهم فيقول : ليست هذه شمساً ولكن فاطمة وعليّ ضحكا فأشرقت الجنّة من نور ضحكهما ، ونزلت : (هَلْ أَتَى) إلى قوله : (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوْرَاً)(١).

وفي الختام أذكر ما قاله الشيخ جعفر النقدي في قصيدة يمدح بها الإمام عليّ عليه‌السلام :

نبأ عظيم ، والعظيم معظّم

خلق قديم ، والقديم مصوّر

علاّم علم ما عدا خير الورى

كلّ الورى عن درك ذلك تقصر

صحف الأنام قد انطوت أخبارها

ولذكره صحف الفضائل تنشر

سل عن علاه الذكر فهو مخبّر

عنه وهل بعد الكتاب مخبّر

وسل الأحاديث التي في فضله

أمست لها أيدي العدوّ تحرّر

أفهل نسوا ما أحمد قد قاله

بغدير خمٍّ أم عتوا واستكبروا

يومٌ به جبريلُ جاء مخبّراً

عن ربّه وهو السميع المبصر

يا أيّها المختار بلّغ في الفتى الـ

ـكرّار ما قد كنت قبلا تستر

والله يدفع كلّ كيد خفته

من معشر قد خالفوا وتكبّروا

فأقام في حرّ الظهيرة ما له

غير الحدائج ما هنالك منبر

فرقى وكفّ المرتضى في كفّه

وغدا ينادي والبريّة حضّر

من كنت مولاه فهذا حيدر

مولاه والله المهيمن يأمر

فهو المطاع لكم وخير رجالكم

فدعوا جميعاً بالقبول وكبّروا(٢)

__________________

(١) سورة الإنسان ٧٦ : الآية ١ ـ ٢٢.

(٢) الكوكب الدرّيّ : ١٣٤.

٤١٤

ترجمة المؤلّف

اختلفت المصادر في ترجمته ، لكن هذا ما وجدته جامعاً لترجمته حسب ما ذكره الشيخ عبّاس القمّي رحمه‌الله :

هو : عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب ، أبو الوليد.

كان من أهل الحجاز ـ من كنانة ـ معاصراً لموسى الهادي العبّاسي ، وكان من أكثر عصره أدباً وعلماً ومعرفة بأخبار الناس وأيّامهم ، وكان موسى الهادي يدعو له متّكئاً ، ولم يكن غيره يطمع منه في ذلك ، وكان يقول : يا عيسى ، مااستطلت بك يوماً ولاليلة ، ولاغبت عنّي إلاّ ظننت أنّي لاأرى غيرك.

ذكر المسعودي في مروج الذهب بعض أخباره مع الهادي ، ثمّ قال : ولابن دأب مع الهادي أخبار حسّان يطول ذكرها ، ويتّسع علينا شرحها ، ولا يتأتّى لنا إيراد ذلك في هذا الكتاب ؛ لاشتراطنا فيه على أنفسناالاختصار والإيجاز.

قلت : ويظهر من رواية نقلها صاحب الاختصاص عنه في الخصال الشريفة التي جمعت في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ولم تجتمع في أحد غيره تشيّعه ـ وهي هذه الرسالة التي بين يديك ـ والرواية طويلة أوردها العلاّمة المجلسي في البحار ، لا يسع المقام ذكرها(١).

قال ابن قتيبة : ولابن دأب عقب بالبصرة ، وأخوه يحيى بن يزيد ، وكان أبوهما يزيد أيضاً عالماً بأخبار العرب وأشعارها وكان شاعراً أيضاً ، والأغلب على آل دأب الأخبار(٢).

__________________

(١) الكنى والألقاب ١ / ٣٣٢ ، البحار ٤٠ / ١٠١.

(٢) المعارف : ٥٣٧.

٤١٥

منهجية العمل :

إنّ كتاب ابن دأب ذكره الشيخ المفيد رحمه‌الله في كتابه الاختصاص ، ولم يُذكربشكل كتاب منفرد ، حتّى أتمكّن من العمل عليه ، وعليه قمت بالبحث عن نسخ الاختصاص ، ومن ثمّ إخراج هذه الرسالة منها ، وكانت خطوات عملي كما يلي :

١ ـ المخطوطات :

أ ـ نسخة خطّية في مكتبة سپهسالار بخطّ بعض علماء البحرين ، لكتاب الاختصاص من الصفحة ٦٤ إلى الصفحة ٧٢ من المخطوط ، وقد رمزت لها بحرف : (س).

ب ـ نسخة من مكتبة السيّد الحكيم العامّة في النجف الأشرف ـ وهي نسخة كاملة لكتاب الاختصاص ـ عليها خطوط وتملّك الشيخ الحرّ العاملي قدس‌سره من الصفحة ٨٩ إلى الصفحة ١٠٠ من المخطوط ، وقد رمزت لها بحرف : (ح).

ج ـ نسخة خطّية أُخرى في مكتبة السيّد الحكيم العامّة في النجف الأشرف ، وبخطّ الشيخ محمّد السماوي رحمه‌الله وعليها تاريخ انتهائه من نسخها وهي سنة ١٣٥٩ من الهجرة النبوية ، وهي شاملة :

أوّلا : فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام لابن دأب.

ثانياً : جمل الآداب في نظم كتاب ابن آداب ، وقد نظم الشيخ محمّد السماويقدس‌سره كتاب ابن دأب إلى مأتي بيت ، وقد أوردتها بعد الانتهاء من الكتاب ، وقد رمزت لها بحرف : (م).

٤١٦

٢ ـ المقابلة :

ضبط الاختلافات بين النسخ الخطّية والمطبوع ونسخة بحار الأنوار ، وتثبيت ما هو الصحيح.

٣ ـ تخريج :

ما كان باستطاعتي أن أخرّجه من الأحاديث والروايات والآيات القرآنية من المصادر.

ويجدر بنا أن نذكر هنا أنّ مصبّ العمل كان على نسخة الاختصاص المطبوعة ، ونشر جماعة المدرّسين في مدينة قم المقدّسة سنة ١٤١٤ الطبعة الثانية(١).

٤ ـ تقطيع النصّ وتقويمه.

وختاماً نقول إنّ الكمال لله وحده ، من قبل ومن بعد ، راجياً التسامح والتجاوز ، لما قد يكون من الزلل والخطأ ، وبذل النصح والإعانة ؛ لتلافي ما يمكن تلافيه في أعمالنا القادمة.

كما أتقدّم بجزيل الشكر والامتنان لإدارة مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياءالتراث ومكتبتها العامرة ؛ لإتاحتها الفرصة لنا ـ وللكثير من المحقّقين والباحثين غيرنا ـ بمراجعة الكتب والمصادر المتوفّرة في المكتبة ، وفّقهم الله لكلّ خير.

كما لا أنسى أن أتقدّم بالشكر الجزيل لأخي السيّد حسن الموسوي البروجردي الذي ساعدني في الحصول على النسخ الخطّية ، وفّقه الله لكلّ خير.

__________________ ـ

(١) وقد ذكرت في الاختصاص / ١٤٤.

٤١٧

اللّهم وفّقنا لما يرضيك ، وجنّبنا عمّا يعصيك ، ويسّر أمرنا ، واحشرنا مع الصالحين ، أمين يا ربّ العالمين.

والحمد لله أوّلا وآخراً.

محمّد مشكور

ذو القعدة ١٤٢٩.

٤١٨

٤١٩

٤٢٠