صالح الظالمي
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦
يا مصطفى
في رثاء الشاعر السيد مصطفى جمال الدين
بك لا بغيرك يستجدّ مصابي |
|
يا طأوياً برحيله أصحابي |
دعني وأحزاني وما خلّفته |
|
نكدا يبعثر في خطاه صوابي |
ومضيتَ هل يحلو الحديث بسامر |
|
بين الأحبّة من وراء حجابِ؟ |
ومضيتَ والفكرُ المنوّرُ هادياً |
|
لطريقنا يمسي نجيَّ تراب |
وأظلُّ لا رجعُ الصدى مترفّقاً |
|
يحنو عليّ ولو بوخز عتاب |
عجباً ليالينا التي فارقتها! |
|
تزداد صحوتُها بطول غياب |
والذكريات إذا حجبت بريقها |
|
نهدت مجنّحَةً على الأهداب |
بفناء بيتك للحديث بقيةٌ |
|
نشوى معرّشةٌ على الأبواب |
وشتاتُ بسمتك التي عودّتنا |
|
للآن تحمل نكهةَ الترحاب |
اللّيل عندك أنجمٌ تختارها |
|
لتطوف حالمةً على الأكواب |
ولديك أيّامي التي سايرتها |
|
جذلى سقيت طيوفها بشبابِ |
يزهو النعيم بها وحتى عسرها |
|
صحوٌ يمرّ بنا بغير ضباب |
طويتْ فما أقسى الحياة بهيجةً |
|
في لحظةٍ تنهال سوط عذاب |
* * * *
يا شامخاً والنجمُ يمسحُ جفنَهُ |
|
وسواك جبهتُهُ على الأعتاب |
خضتَ الحياةَ وما احتواك بريقُها |
|
كي لا تظل بها أسيرَ رغاب |
ونفرتَ في صلف الذين تطأولوا |
|
فإذا همُ صرعى على الألقاب |
سيّان عندهم ترنّمُ صادحٍ |
|
بين الأزاهر أو نعيبُ غراب |
وسلكت درباً للدجى متحاشياً |
|
صمْتَ الغبي ومنطقَ المتغابي |
وعبرتَ مملكةَ الطغاة وحقدَهم |
|
متعالياً ملكاً بلا حجّابِ |
يحميكَ زهوكَ والذي أبدعتهُ |
|
فكراً تحدّى صولة الإرهابِ |
* * * *
يا مصطفى يا أنتَ يا كلّ الدُّنى |
|
يا صحوةَ الإيمان للمرتاب |
ما نال فكرُك ومضةً من بارقٍ |
|
إلا وجُدتَ بها على الأحباب |
العمر أيامي التي نوّرتَها |
|
وسواه حتى الآن خفقُ سراب |
* * * *
يا أبا وميض
أُلقيت في أربعينية الأُستاذ جميل حيدر
في سوق الشيوخ في ٣ / ٤ / ١٩٩٦ م
عظم الخطبُ يا جميلُ وطافت |
|
ذكرياتي وليس فيها عزاءُ |
إن تكن روعة الأداء هي القولَ |
|
فصيحا فتمتماتي أداء |
أن تكن لوعةُ الرثاء حروفاً |
|
لاهثاتِ الخطى فصمتي رثاء |
* * * *
يا أحبّايَ يا ثرىً أريحيّاً |
|
ضجّ فيه الإبا وفاض الإخاء |
في حنايا التراب صحبي نجومٌ |
|
حالماتٌ وأضلعي أفياء |
ضمَّ هذا الأديمُ روحاً بتولاً |
|
تنحني في رحابها الكبرياء |
ضمّ هذا الأديمُ رعشةَ هدبٍ |
|
من عيون ما مسّها إغفاء |
وقلوباً ما شطّ عنها وجيبُ |
|
حانياتٍ يشدهنّ الصّفاءُ |
والشفاهُ المعرّشاتُ على الحرف |
|
مضيئاً يزداد فيها الرواء |
والثغورُ التي يضمّخها الحبُّ |
|
نديّاً ما هدّها إعياء |
كلُّ هذا التراب أحبابَ قلبي |
|
لدمي منه هزّةٌ وانتشاءُ |
ربّي باركْ هذا الأديمَ بلطفٍ |
|
فهو من زحمة النجوم سماء |
وامنح الأرضَ دفقةً من حنانٍ |
|
فلداتي تحت الثرى أحياء |
كلّ نجوى ما بيننا في يديها |
|
ألف بابٍ يتمّ فيه اللِّقاء |
رحل الركبُ .. ما فرغت من البعد |
|
فقلبي أمامه حدّاء |
* * * *
يا أخي يا أبا (وميضٍ) وعندي |
|
ما طوته (الخمسون) كنزٌ مضاء |
وكرُنا بيتنا القديم بما فيه |
|
من الضيق واحة فيحاء |
من زواياه نتجلي الفكرة البكر |
|
وتزهو باُفقه الآراء |
يومض اليأس من رؤاه وتجلو |
|
وحشةَ الفقر كفُّه السّمحاءُ |
والجدارُ الذي يضمُّ حكا |
|
ياتِ صبانا منوّرٌ وضّاء |
والبساط العتيق يقضمه الدهر |
|
وبقياه روضة غنّاء |
يشتكي الآخرون من صولة اللّيل |
|
كئيباً وليلُنا أضواء |
ثمّ طال الدجى وغاب (جميلٌ) |
|
فإذا كلّ ما به أرزاء |
أتملاه خاشعاً أنا والهمُّ |
|
وجرحي ولهفتي والعياء |
واُناغيه كلّ آنٍ وحسبي |
|
سلوةً ما تعيده الأصداء |
* * * *
يا أبا علي
إلى روح فقد المنبر الشيخ أحمد الوائلي
أنت هذا ..؟ أم زهوك المحمولُ |
|
يا شهاباً يخافُ منه الأُفول |
وفماً يسكر المنابرَ بالفصحى |
|
وما لوّت البيان فضول |
جئتَ واللّيلُ مطبقٌ تحمل الصحو |
|
وفي كلّ خطوةٍ قنديل |
تلتقي بالحسين في أول الشوط |
|
وتمضي ومن هداه الدليل |
وبما يستفيضُ تشحذ فكرا |
|
ينجلي الشكُّ حوله ويزول |
ثم كان المأوى الأخيرَ وطافت |
|
لك روحٌ فوق النجوم بتول |
يالهول المصاب إنّا فقدناك |
|
وقد عزّ في الأنام البديل |
إنّ شرّ الخطوب أن يُفقد الداعي |
|
وملء البلاد شعبٌ جهول |
* * * *
أيّها الصابر المجاهد في الله |
|
ودربُ الجهاد دربٌ طويل |
ما تباطأتَ في مسيرتك العصماء |
|
كلاً ولا اعتراك الخمول |