نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

المدار على اقوى ملاكا ، ثم قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٨ وثالثا ان الاجتماع وعدمه لا دخل له فى التوصل بالمقدمة المحرمة وعدمه اصلا فانه يمكن التوصل بها ان كانت توصلية ـ اى كقطع المسافة ـ ولو لم نقل بجواز الاجتماع وعدم جواز التوصل بها ان كانت تعبدية على القول بالامتناع قيل بوجوب المقدمة او بعدمه وجواز التوصل بها على القول بالجواز كذلك اى قيل بالوجوب او بعدمه وبالجملة لا يتفاوت الحال فى جواز التوصل بها وعدم جوازه اصلا بين ان يقال بالوجوب او يقال بعدمه كما لا يخفى الخ يعنى ان مجرد صيرورة المقدمة من صغريات مسألة الاجتماع على القول بالوجوب لا يصلح ان يكون ثمرة للمسألة الاصولية إلّا بلحاظ ترتب الثمرة المترتبة على تلك المسألة عليها مع انها لا ترتب عليها لان الوجوب الغيرى لا يصحح عبادية المقدمة فلا ينفع القول به فى صحتها على القول بالجواز او الامتناع وتقديم جانب الامر وان قيل بالصحة هناك بناء على ذلك ، وفيه تقدم ان قصد الامر الغيرى ايضا محقق لعبادية المقدمة كما لا يخفى ، ومنها ما افاده فى الكفاية ج ١ ص ١٩٦ كما لو قيل بالملازمة فى المسألة فانه بضميمة مقدمة كون شيء مقدمة لواجب يستنتج انه واجب الخ بمعنى ان كبرى الملازمة قد ثبت فى الاصول والوضوء مقدمة للصلاة على ما ثبت فى الفقه وهو الصغرى فيشمله الكبرى فتكون النتيجة هو الملازمة بين وجوب المقدمة وهو الوضوء ووجوب ذيها وهو الصلاة فالملازمة تتعلق بالحكم الوجوبى ـ اى هنا تبين ان المقدمة تكون واجبة لكن لا مطلقا بل التوأمة مع الايصال خلافا لما عليه صاحب الكفاية من وجوب المقدمة مطلقا على القول بالملازمة وخلافا لما عليه الشيخ الاعظم الانصارى من اعتبار قصد التوصل فى وجوبها وخلافا لصاحب الفصول من وجوب المقدمة بقيد الايصال كما تقدم الكلام فيها.

فى المقدمات غير الوجوبية

الجهة الثالثة فى المقدمات المندوبة والمحرمة والمكروهة والمباحة قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٠٣ لا شبهة فى ان مقدمة المستحب كمقدمة الواجب فتكون مستحبة لو قيل بالملازمة الخ لاتحاد المناط فى المقامين وذلك بناء على استقلال العقل بالملازمة بين ارادة الشيء وارادة ما يتوقف عليه ذلك لا فرق بين ارادة الشيء ايجابا و

٦٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

ارادته استحبابا ففى كليهما تتعلق الارادة بالمقدمة غايته انه ان كانت ايجابية فايجابية وان كانت استحبابية فاستحبابية والوجدان اقوى شاهد عليه ، واما مقدمة الحرام والمكروه قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٤٠٢ فملخص الكلام فيها انها ان كانت بالاضافة الى ذيها توليدية ـ اى كالالقاء فى النار والاحتراق وقطع الاوداج وشق البطن المهلك ونحوهما فى القتل ـ فهى محكومة بحكم ذيها بالتبع سواء كانت امرا بسيطا ام مركبا من اجزاء متلازمة فى الوجود او جزء اخيرا من العلة المركبة من اجزاء غير متلازمة فى الوجود ، وان لم تكن توليدية ـ اى كالزنا والقمار وشرب الخمر ونحوهم ـ بحيث يكون المكلف بعد ايجادها مختارا فى ايجاد ذيها ففى كونها محكومة بحكم ذيها وعدمه اقوال احدها عدم الملازمة مطلقا كما اختاره صاحب الكفاية قده ثانيها تبعيتها لحكم ذيها فى خصوص مورد الايصال بنحو القضية الحينية كما هو المختار ثالثها التبعية فى خصوص موارد قصد التوصل بها الى الحرام او المكروه وقد استدل للقول الاول الخ وهو صاحب الكفاية فى ج ١ ص ٢٠٣ واما مقدمة الحرام والمكروه فلا تكاد تتصف بالحرمة او الكراهة اذ منها ما يتمكن معه من ترك الحرام او المكروه اختيارا كما كان متمكنا قبله ـ اى كالزنا والقمار ونحوهما ـ فلا دخل له اصلا فى حصول ما هو المطلوب من ترك الحرام او المكروه فلم يترشح من طلبه طلب ترك مقدمتهما ، نعم ما لم يتمكن معه من الترك المطلوب لا محاله يكون مطلوب الترك ويترشح من طلب تركهما طلب ترك خصوص هذه المقدمة ـ اى كالقتل والالقاء فى حفيرة النار ونحوهما ـ فلو لم يكن للحرام مقدمة لا يبقى معها اختيار تركه لما اتصف بالحرمة مقدمة من مقدماته لا يقال كيف ولا يكاد يكون فعل إلّا عن مقدمة لا محاله معها يوجد ـ ولا تكون معها الاختيار وهى العلة التامة ـ ضرورة ان الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فانه يقال نعم لا محاله يكون من جملتها ما يجب معه صدور الحرام لكنه لا يلزم ان يكون ذلك من المقدمات الاختيارية بل من المقدمات الغير الاختيارية كمبادئ الاختيار التى لا تكون بالاختيار وإلّا لتسلسل الخ ومن المعلوم ان ما لا يكون بالاختيار لا تتصف بالحرمة او الكراهة كسائر المقدمات ، واوضح ذلك المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٨ فقال والسر فى الفرق بين المحبوبية والمبغوضية وسراية الاولى الى جميع المقدمات دون الثانية ان شيئا منهما فى حد ذاته لا يوجب

٦٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

السراية الا فى مقام تحصيل المقصود وفى هذا المقام يظهر الفرق فان المحبوب لا يرادا لا وجوده وهو موقوف على تمام المقدمات والمبغوض لا يرادا لا تركه وهو يتحقق بترك احدى مقدمات الوجود ومنه علم ان مقتضى القاعدة وجوب احد التروك تخييرا وتعيّنه فى ترك المقدمة الاخيرة لا وجوب ترك الاخيرة بقول مطلق نعم اذا كانت المقدمة الاخيرة هى الارادة التى بنوا على عدم تعلق التكليف بها فلا محاله لا يجب شيء من التروك لا تعيينا ولا تخييرا اما تعيينا فواضح ـ اى لما تقدم من عدم توقف ترك الحرام على ترك كل واحدة من المقدمات ـ واما تخييرا فلان احد الاطراف ـ اى الارادة ـ ما لا يعقل تعلق التكليف به مطلقا فكيف يجب التروك تخييرا فتدبر ـ اى مقتضى ذلك عدم امكان التخيير بين جميع التروك الخ بيانه ان من جهة ان التروك ليست متساوية الاقدام من ناحية استناد ترك الحرام اليها لان عدم المبغوض يستند الى ما هو السابق من التروك وهو ترك الارادة كما ان الفعل يستند فى وجوده الى اسبق اجزاء العلة وهو المقتضى فما عدى ترك الارادة من التروك اجنبى عن استناد ترك المبغوض اليه فلا ملاك فيه للوجوب التخييرى والمفروض ان ترك الارادة خارج عن الاختيار فلا يكون واجبا حتى يحرم نقيضه وهو الارادة فتحصل ان ملاك الوجوب التعيينى والتخييرى ليس له تحقق فى شيء من التروك فلا يحرم شيء من مقدمات الحرام ، واجاب عنه المحقق الماتن فى البدائع ص ٤٠٣ وقال ويرد عليه اوّلا ان الجزء الاخير من العلة المركبة من اجزاء غير متلازمة فى الوجود انما يسرى اليه الحكم الثابت فى المعلول بملاك انه من اجزاء العلة فقط فيلزم بمقتضى هذا الملاك سراية الحكم الى جميع الاجزاء ـ اى لان ما يتوقف عليه ذى المقدمة هو الجميع ـ وثانيا ان الاستدلال على عدم سراية الحرمة من الحرام الى المقدمات التى ليست بالاضافة اليه توليدية بارجاع مبغوضية الحرام الى محبوبية تركه وان تركه مستند الى السابق من التروك على ما تقدم توضيحه ليس بمستقيم لان المبغوضية كالمحبوبية قائمة بوجود الفعل اوّلا وبالذات واتصاف ترك المبغوض بالمحبوبية كاتصاف ترك المحبوب بالمبغوضية يكون ثانيا وبالعرض ولذا لم يكن ترك الواجب حراما نفسيا فمقوم الحرمة هو مبغوضية الوجود كما ان مقوم الوجوب محبوبيته ومقتضى ذلك سراية البغض الى علة الفعل المبغوض فيكون كل جزء من اجزاء العلة التوأم مع وجود سائر

٦٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

اجزائها بنحو القضية الحينية مبغوضا بالبغض التبعى وحراما بالحرمة الغيرية كما كان الامر فى مقدمة الواجب من دون فرق بينهما اصلا وبذلك يتضح اندفاع القول الاوّل الخ وذكر استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٦ وثانيا ان مقدمات الارادة تكون تحت الاختيار ولو لم تكن اصل الارادة ارادية واختيارية فلا وجه للقول بان الترك حيث يستند الى اسبق العلل وهو الارادة وهى خارجة عن الاختيار لا تكون المقدمات كلها محرمة ، وثالثا لو كان الامر كذلك يجب ويلزم ان لا يكون الحرام حراما لانه بعد جميع المقدمات يحصل الحرام فاذا كان بعضها غير محرمة يكون جزئها الاخير ايضا غير حرام ولازمه عدم حرمة الفعل من أصله الخ والمراد فى غير التوليدية ثم ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٤٠٣ واما القول الثالث فان كان المصير اليه من طريق مبغوضية وجود الحرام كما قربناه آنفا فيرد عليه جميع ما تقدم فى رد القول بوجوب خصوص ما يقصد به التوصل الى الواجب من مقدمات الواجب وان كان اختياره من ناحية محبوبية الترك كما هو مبنى المشهور فينحصر المدرك له بانطباق عنوان التجرى عليه ومقتضى ذلك عدم عده قولا ثالثا فى هذه المسألة ـ اى نفس القول الاول ـ وبما تقدم كله يتضح توجه القول الثانى وهو حرمة خصوص المقدمة المقارنة لوجود سائر مقدمات الحرام بنحو القضية الحينية مطلقا من دون اختصاص ببعض المقدمات الخ وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٧ ومن ذلك ايضا نقول بانه لو اتى بمقدمة الحرام ولو لا بقصد التوصل بها الى المحرم بل بقصد التوصل بها الى امر واجب واتفق بعد ذلك ترتب الحرام عليها كان ما اتى به حراما فعليا فى الواقع كما نه لو اتفق عدم ترتب الحرام عليها لا يكون ما اتى به حراما وان كان من قصده التوصل به الى الحرام فالمدار حينئذ فى اتصاف المقدمة بالحرمة وعدم اتصافها بها على ترتب الحرام عليها وعدمه الخ نعم لا يبعد فى الفرض الاخير من التجرى ومن هنا اتضح ان ما افاده استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢٥٠ ان الحرمة الغيرية بناء على ثبوت الملازمة تختص بالمقدمة التى لا يتمكن المكلف من ترك الحرام بعدها واما غيرها من المقدمات فلا موجب لحرمتها الغيرية اصلا الخ لا يتم على القول بالملازمة والقول بوجوب المقدمة الموصلة كما عرفت مفصلا فلا محيص من حرمة المقدمة عند الايصال كما لا يخفى وتبعهم فى انكار حرمة جميع مقدمات الحرام المحقق الحائرى فى هامش

٦٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الدرر ج ١ ص ٩٩ قلت ان المطلوب فى جانب النهى انما هو عدم الفعل ومبغوضية الفعل من مبادى انقداح هذا الطلب فى نفس الامر كما انها من مقدمات انقداح الارادة من نفس الفاعل وبالجملة فالطلب فى جانب النهى يتعلق بالعدم كما يتعلق بالفعل فى طرف الامر وعلى هذا فنقول مقدمة عدم الفعل عبارة عن عدم احدى مقدمات الوجود فاللازم من مطلوبية عدم احدها وهى عبارة اخرى عن حرمة احدى المقدمات لا بشخصها الخ والجواب عنه ما ذكره تبعا للمحقق العراقى استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٥ ان ما توهم من القديم من ان الحرام هو ما كان تركه محبوبا والواجب ما كان تركه حراما لا وجه له لان الترك يستحيل ان يتعلق به الامر لانه لا يكون شيئا يؤمر به وينهى عنه فان العدم لا يصير متعلقا لهما بل الحرام ما يكون فعله مبغوضا والواجب ما يكون فعله محبوبا فعلى هذا اذا كان شيئا ما مبغوضا فعله يكون جميع المقدمات التى تكون دخيلة فى وجوده حراما فيسرى البغض منه الى جميع المقدمات لا الى خصوص الارادة فقط الخ كما اختاره صاحب الكفاية ولا احدى المقدمات كما لا يخفى. قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٥ الظاهر لا اشكال فى صورة كون المكلف منصرفا عن الحرام فى عدم كون المقدمة حراما نعم اذا كان فى طريق الوصول اليه لا يفيد الانصراف عنه عدم الحرمة مثل من يرى انه اذا دخل المجلس الفلانى يصير مجبورا الى شرب المسكر فانه يحرم عليه دخوله سواء كان منصرفا عنه او لم يكن ولو فعل بعض المقدمات بحيث خرجت البقية عن اختياره نقول ايضا بحرمتها لان الامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار فالمقدمة الموصلة الى الحرام بمعنى كونها فى طريق الوصول اليه حرام ويترشح البغض من ذيها اليها الخ. والامر كما ذكره الاستاد وذكر المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ٩٩ تفصيلا بين ما كان الفعل تحت الاختيار حرام وبين غيره فتحرم المقدمة فى الثانى دون الاول فقال ان العناوين المحرمة على ضربين احدهما ان يكون العنوان بما هو مبغوضا من دون تقييده بالاختيار وعدمه من حيث المبغوضية وان كان له دخل فى استحقاق العقاب اذ لا عقاب الاعلى الفعل الصادر عن اختيار الفاعل ـ اى كشريك البارى والسجدة لغير الله ونحوهما ـ والثانى ان يكون الفعل الصادر عن ارادة واختيار مبغوضا بحيث لو صدر عن غير اختياره لم يكن منافيا لغرض المولى ـ اى كشرب الخمر ونحوه ـ فعلى الاول علّة الحرام هى المقدمات

٦٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الخارجية من دون مدخلية الارادة بل هى علة لوجود علة الحرام وعلى الثانى تكون الارادة من اجزاء العلة التامة اذا عرفت هذا فنقول نحن اذا رجعنا وجداننا نجد الملازمة بين كراهة الشيء وكراهة العلة التامة له من دون سائر المقدمات كما اذا رجعنا الوجدان فى طرف ارادة الشيء نجد الملازمة بينها وبين ارادة كل واحدة من مقدماته وليس فى هذا الباب دليل امتن واسد منه وما سوى ذلك مما اقاموه غير نقى من المناقشة وعلى هذا ففى القسم الاول ان كانت العلة التامة مركبة من امور يتصف المجموع منها بالحرمة وتكون احدى المقدمات لا بشخصها محرمة إلّا اذا وجد باقى الاجزاء وانحصر اختيار المكلف فى واحدة منها فتحرم عليه شخصا من باب تعين احد افراد الواجب التخييرى بالعرض فى ما اذا تعذر الباقى فان ترك احد الاجزاء واجب على سبيل التخيير فاذا وجد الباقى وانحصر اختيار المكلف فى واحد معين يجب تركه معينا واما القسم الثانى اعنى فيما اذا كان الفعل المقيد بالارادة محرما فلا يتصف الاجزاء الخارجية بالحرمة لان العلة التامة للحرام هى المجموع المركب منها ومن الارادة ولا يصح اسناد الترك الا الى عدم الارادة لانه اسبق رتبة من ساير المقدمات الخارجية الخ والارادة غير اختيارية فلا يتعلق بها التكليف واجاب عنه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٦ اوّلا هو ان وجوب المقدمة وحرمتها ان كان ناشئا عن وجوب ذيها وحرمته لا نتصور القسمين لان الارادة على ذى المقدمة تترشح على مقدمته فكما انه يتعلق النهى به اذا صدر عن اختيار كذلك يتعلق النهى بمقدمته ، وان كان من الافعال التوليدية التى تترتب عليها ذو المقدمة بدون الارادة فلا شبهة فى حرمته بلا كلام ، وثانيا ان المبنى الذى اختاره ممن ان البغض يرجع الى حب الترك ممنوع كما مر وان الارادة اختيارية بمباديها والمقدمات كلها مبغوضة ، وثالثا ان كان ذو المقدمة غير مجعول ويكون اصل وجوده من حيث ذاته مبغوضا فكيف تكون مقدمته لها الحرمة المجعولة فان الفعل يتعلق به النهى والامر اذا صدر عن اختيار لا ما يكون خارجا عنه ، اشكال ودفع ، اما الاشكال فهو ان مقدمة الحرام لو كانت حراما لم يقم حجر على حجر لان القصاب الذى يبيع اللحم والخباز الذى يبيع الخبز والمشترى الذى يشترى كلهم يكونون فى مصير تحصيل مقدمة الحرام لان هذا اللحم والخبز ربما يوجب قوة المرء على الزنا وهو حرام وهكذا يوجب القدرة على القمار وغيره اما الدفع فهو انه اذا علم

٦٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ان المشترى يشترى اللحم والخبز ليقوى على ذلك يكون الفعل حراما واما مع عدم العلم به واحتماله فقط لا يكون حراما والاصل يقتضى البراءة ـ فان المقدمة فى ظرف الايصال الى الحرام حرام وإلّا فلا الخ ، وذكر المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٧ ثم ان الثمرة بين المسلكين تظهر فى التوضى فى المصب الغصبى بالماء المباح مع تمكنه من المنع عن وصول ماء الوضوء الى المصب ولو بجعل كفه مانعا عنه فانه على المشهور من تخصيص الحرمة بالجزء الاخير يقع وضوئه صحيحا من جهة ان الجزء الاخير من العلة ح انما هو عدم ايجاد الحائل عن وصول الماء الى المصب الغصبى الذى هو امر اجنبى عن وضوئه فيكون هو المحرم والمنهى عنه دون وضوئه فمن ذلك يقع وضوئه صحيحا من غير فرق بين علمه بذلك من الاول وبين صورة عدم علمه به ، ولكن ذلك بخلافه على ما اخترناه اذ عليه فى ظرف عدم منعه عن وصول الماء الى المصب يقع اصل وضوئه حراما ومنهيا عنه فيقع باطلا اذا كان من نيّته عدم ايجاد المانع عن وصول الماء الى المصب نعم لو لم يعلم بذلك من الاول كما لو كان بانيا من الاول على احداث المانع عن وصول ماء وضوئه اليه فاتفق بعد ذلك وصول الماء اليه ولو من جهة حصول البداء له عن احداث المانع يقع وضوئه صحيحا وان كان حراما فى الواقع نظرا الى وضوح عدم اقتضاء مجرد وقوع وضوئه على وجه الحرمة فى الواقع لفساد وضوئه وبطلانه كما هو واضح الخ لحصول نية القربة ح قال المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٢٤٩ فاما ان يكون عنوان الحرام وعنوان ما هو مقدمة له منطبقين على شيء واحد كما فى الافعال التوليدية نظير اجراء الماء على اجزاء البدن للوضوء المنصب على ارض مغصوبة بلا وساطة جريانه على ارض اخرى مباحة ـ الى ان قال وعلى الاول فالحكم المتعلق بالفعل التوليدى يكون بنفسه متعلقا بما يتولد منه كما عرفت سابقا فتكون الحرمة المتعلقة بالغصب متعلقة باجراء الماء على البدن فيدخل بذلك فى باب اجتماع الامر والنهى وعلى الثانى ـ اى يكون عنوان الحرام منطبقا على غير ما ينطبق عليه عنوان المقدمة ـ فاما ان تكون المقدمة علة تامة للحرام بحيث لا يتمكن المكلف من امتثال تكليف الحرمة بعد الاتيان بها فلا اشكال فى حرمتها فانها هى التى تتعلق بها القدرة والارادة بها اولا وبالذات والمعلول انما يكون مقدورا بتبعها فتسرى اليها الحرمة المتعلقة به مثال ذلك اجراء الماء فى الوضوء على الارض

٦٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المباحة المشتملة على ميزاب يجرى منه الماء على الارض المغصوبة بحيث لا يتمكن المكلف بعد جريان الماء على الارض المباحة من منع انصبابه على الارض المغصوبة نعم لو فرضنا عدم صدق التصرف عرفا كوقوع قطرات يسيره على الارض المغصوبة لما كان المعلول محرما شرعا حتى يترشح منه الحرمة على علته وعلى الثانى ـ اى ان لم تكن علة تامة ـ الى ان قال ـ فلا موجب لحرمتها من قبل حرمة ذى المقدمة الخ وهى الثمرة التى تقدمت فى كلام المحقق العراقى ومشى على مسلكه من عدم حرمة المقدمة وذكر استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢٥٠ يظهر منه قدس‌سره التسالم على حرمة المقدمة فى هذا الفرض وانما الكلام فى منشأ الحكم بالحرمة وانه التجرى والعزم على المعصية لانه لم يكن عازما على منع ترتب الحرام على ذلك من سد الميزاب ـ او الملازمة مع ان لمنع حرمتها بناء على عدم حرمة قصد المعصية كما هو الظاهر مجالا واسعا الخ وهو غير بعيد فانه قال والحق فى هذا القسم عدم حرمة المقدمة من باب السراية فان امتثال الحرام لا يتوقف على تركها على الفرض لتمكن المكلف من ذلك بعد الاتيان بها ايضا فعصيانه بعد ذلك بالاختيار لا يوجب حرمة المقدمة التى لا يتوقف امتثال الحرام على تركها الخ فانه منع حرمة المقدمية لا غير.

واما المقدمة المباحة قال المحقق المشكينى فى حاشيته على الكفاية المحشى ج ١ ص ٢٠٤ انه لا اشكال فى عدم ترشح الاباحة من المباح الى مقدمته نعم ما لا ينفك عنه وجوده من مقدماته لا يمكن اتصافه بغير الاباحة من الاحكام مع بقائه على اباحته اذ لا يمكن اختلاف المتلازمين فى الحكم بل لا بد من ارتفاع عدم الحكمين وان كان الغالب ارتفاع الاباحة لكونها ناشئة غالبا عن اللااقتضاء واذا فرض كونها عن اقتضاء فلا بد من ملاحظة الاهم فى البين فاما ان ترتفع الاباحة او الحكم الآخر الخ لكن المباح على قسمين قسم لا اقتضائية كالمباحات الاصلية وهو كل شىء مطلق ومباح فالامر كما ذكر لا ترشح لذيها عليها بل المقدمة مباحة فى عرض اباحة ذيها لكن القسم الثانى الاباحة الاقتضائية كعصير العنبى اذا غلا وذهب ثلثاه يحل شربه فان ورد الدليل على خلافه يعارضه فلا محاله تسرى الاباحة الى مقدماتها كالوجوب كما لا يخفى.

هذا اتمام الكلام فى مقدمة الواجب والحمد لله رب العالمين.

٦٦٨

فهرست

الجزء الثانى من نماذج الاصول

نموذج ١ فى مادة الامر.............................................................. ٦

الجهة الأولى فى مفهوم الامر......................................................... ٦

الجهة ٢ فى مدلول صيغ الانشاء.................................................... ١٥

الجهة ٣ فى اعتبار العلو........................................................... ٢٠

الجهة ٤ فى حقيقة الامر الطلب الوجوبى ام لا........................................ ٢٢

الجهة ٥ فى الطلب والارادة........................................................ ٣٠

نموذج ٢ فى ما يتعلق بصيغة الامر.................................................. ٧٣

نموذج ٣ فى التعبدى والتوصلى..................................................... ٩٥

نموذج ٤ فى اطلاق الصيغة يقتضى النفسية واخواتها................................. ١٨١

نموذج ٥ فى الامر عقيب الحظر وتوهمه............................................. ١٨٥

نموذج ٦ فى الامر يدل المرة او التكرار.............................................. ١٨٨

وفى الامتثال بعد الامتثال........................................................ ٢٠٨

٦٦٩

نموذج ٧ فى دلالة الامر على الفور................................................ ٢١١

نموذج ٨ فى الاجزاء............................................................. ٢١٨

نموذج ٩ فى مقدمة الواجب...................................................... ٣٢٨

نوع ١ فى تقسيم المقدمة الى الداخلية والخارجية..................................... ٣٤٤

نوع ٢ فى تقسيم المقدمة الى العقلية والشرعية والعادية................................ ٣٦٧

نوع ٣ فى تقسيم المقدمة الى المقتضى والشرط وعدم المانع والمعد....................... ٣٧٢

نوع ٤ فى تقسيم المقدمة الى المتقدمة والمتاخرة والمقارنة................................ ٣٧٨

نوع ٥ فى تقسيم المقدمة الى الوجود والصحة والعلم................................. ٤٢٧

نوع ٦ فى تقسيم المقدمة الى مقدمة الوجوب والواجب............................... ٤٢٩

١ ـ فى تقسيم الواجب الى المطلق والمشروط......................................... ٤٣٥

فى حقيقة الحكم................................................................ ٤٤٥

فى كيفية دخل القدرة فى الحكم................................................... ٤٤٧

فى المقدمات المفوتة.............................................................. ٤٧٣

٢ ـ وجوب التهيئي والنفسى...................................................... ٤٧٦

وجوب معرفة الاحكام........................................................... ٤٨٢

٣ ـ فى الموقت وغير الموقت....................................................... ٤٨٧

٤ ـ فى التعيينى والتخييرى........................................................ ٤٩٥

٥ ـ فى العينى والكفائى........................................................... ٥١٢

٦ ـ فى المعلق والمنجز............................................................. ٥١٧

٧ ـ فى الاصلى والتبعى.......................................................... ٥٦٢

٨ ـ فى النفسى والغيرى.......................................................... ٥٦٦

فى قصد التقرب فى الطهارات الثلاث.............................................. ٥٩٠

٦٧٠

فى كيفية وجوب المقدمة.......................................................... ٦٠٣

فى الثمرة على الاقوال فى المقدمة.................................................. ٦٢٩

الجهة الاولى فى تاسيس الاصل فى باب الملازمة...................................... ٦٤٧

فى الدليل على وجوب المقدمة.................................................... ٦٣٦

الجهة الثانية فى الثمرة الفقهية لمقدمة الواجب....................................... ٦٥٤

الجهة الثالثة فى المقدمات غير الوجوبية............................................. ٦٦١

٦٧١