تراثنا ـ العدد [ 14 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 14 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٨

أنظر : الذريعة ٢٣ / ٢٧٥ ، رجال النجاشي : ٣٩٢.

٢٧٥ ـ كتاب مولد فاطمة الزهراء عليها‌السلام

للشيخ أبي عزيز الخطي ، محمد بن عبد الله بن محمد.

أنظر : الذريعة ٢٣ / ٢٧٥.

٢٧٦ ـ النار الحاطمة لقاصد إحراق بيت فاطمة عليها‌السلام

للسيد مقرب علي النقوي الحسيني.

الهند ، ١٢٨١ ه ، ٩١ صفحة ، القطع الكبير.

٢٧٧ ـ نخبة البيان في تفضيل سيدة النسوان

في حياة الزهراء عليها‌السلام وفضائلها.

للسيد عبد الرسول الشريعتمداري الجهرمي.

قم ، مكتب الهادي ، سنة ١٣٦٦ ه. ش ، ٢٨٠ صفحة ، القطع المتوسط.

٢٧٨ ـ نداء الشيعة

بحث عن شخصية الزهراء عليها‌السلام

فارسي ، بعنوان : نداي شيعه.

لمير سيد أحمد الروضاتي.

طهران ، سنة ١٣٥١ ه. ش ، ١٢ صفحة.

٢٧٩ ـ نظم رواية ورقة في مصائب الزهراء عليها‌السلام

للحسن بن الحسين بن عبد النبي.

نسخة في مكتبة الطهراني بسامراء ، ضمن مجموعة كتابتها في حدود ١٠٠٠ ه.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٢١٢.

٢٨٠ ـ النفحات القدسية في الأنوار الفاطمية

لعبد الرزاق كمونة الحسيني.

بيروت ، ١٩٧٠ م ، ١٤٢ صفحة ، القطع الكبير.

٢٨١ ـ النفحات القدسية في حالات فاطمة المرضية عليها‌السلام

فارسي.

لعبد الأمير بن محمد البادكوبي ، ألفه سنة ١٣٥٧ ه.

أنظر : الذريعة ٢٤ / ٢٥٠.



١٠١

٢٨٢ ـ الهدى

في إثبات الإرث للأنبياء ، ورد الخبر الموضوع المشهور «نحن معاشر الأنبياء لا نورث»

بالأوردية.

للسيد علي بن أبي القاسم الرضوي القمي اللاهوري.

طبعة الهند.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ٢٠٢.

٢٨٣ ـ هدي الملة إلى أن فدك من النحلة

لحسن بن أبي المعالي محمد باقر الحائري القزويني (١٢٩٦ ـ ١٣٨٠ ه / ١٨٧٩ ـ ١٩٦٠ م).

النجف الأشرف ، ١٣٥٢ ه ، ٧٦ صفحة ، الطبعة الأولى.

القاهرة ، الطبعة الأولى المحققة ، ١٣٩٦ ه / ١٩٧٦ م ، مطبوعات النجاح ـ ١٦ ، ٢٣٢ صفحة.

قم ، أوفسيت.

٢٨٤ ـ وفاة الزهراء عليها‌السلام

ليحيى بن الحسين بن عنبرة بن ناصر البحراني ، تلميذ المحقق الكركي.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١١٩.

٢٨٥ ـ وفاة الزهراء

للشيخ حسين آل عصفور.

تقدم بعنوان : الدرة الغراء في وفاة الزهراء.

٢٨٦ ـ وفاة الزهراء (رسالة في ...)

للسيد محمد علي بن ميرزا محمد بن هداية الله الحسيني الرازي الشاه عبد العظيمي النجفي (١٢٥٨ ـ ١٣٣٤ ه).

أنظر : معارف الرجال ٢ / ٣١٨.

٢٨٧ ـ وفاة الزهراء

لأبي الحسن البكري المصري ، المتوفى ٩٥٣ ه ، أستاذ الشهيد الثاني.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١١٩.

٢٨٨ ـ وفاة الزهراء عليها‌السلام

للسيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل الكتكاني البحراني ، المتوفى ١١٠٧ ه.

أنظر : الذريعة ٢٥ / ١٩.

٢٨٩ ـ وفاة الصديقة عليها‌السلام

للشيخ حسين ابن مؤلف «أنوار البدرين».

١٠٢

أنظر : الذريعة ٢ / ٤٢٠.

٢٩٠ ـ وفاة الصديقة الزهراء عليها‌السلام

السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم ، المتوفى سنة (١٨٩٨ ـ ١٣٩١ ه).

النجف الأشرف ، المطبعة الحيدرية ، ١٣٧٠ ه / ١٩٥١ م ، صفحة ١٥٢.

بيروت ، مؤسسة الوفاء ، ١٤٠٤ ه ، ١٤٨ صفحة ، ١٧؟ ٢٤ سم.

٢٩١ ـ وفاة فاطمة عليها‌السلام

للشيخ أبي الحسن البكري.

أنظر : الذريعة ٢١ / ١٠٢ ـ ١٠٣.

٢٩٢ ـ وفاة فاطمة

في : العبر في خبر من غبر ، الجزء ١ صفحة ١١.

للحافظ الذهبي ، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ ه).

تحقيق : محمد السعيد بن بسيوني زغلول.

بيروت : دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٥ ه / ١٩٨٥ م.

٢٩٣ ـ وفاة فاطمة الزهراء عليها‌السلام

لعلي الشيخ حسين البلادي.

النجف الأشرف ، ٧٢ صفحة ، القطع المتوسط.

٢٩٤ ـ وفاة فاطمة وفضائلها رضي الله عنها

في : مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان ، الجزء ١ ، صفحة ٦١ ـ ٦٢.

حيدر آباد الدكن ، ١٣٣٧ ه ، الطبعة الأولى.

بيروت ، مؤسسة الأعلمي ، ١٣٩٠ ه ، الطبعة الثانية ، أوفسيت.

٢٩٥ ـ اليد البيضاء في مناقب الزهراء عليها‌السلام

نكت من الأخبار الواردة فيها ، الجزء الثاني من «أنوار المواهب».

لعلي أكبر بن الحسين النهاوندي.

طبع سنة ١٣٦٠ ه.

أنظر : الذريعة ٢ / ٤٤٥ و ٢٥ / ٢٧٧.

١٠٣

٢٩٦ ـ يوميات فاطمة الزهراء عليها‌السلام

حياتها الشخصية ودورها الاجتماعي

والسياسي.

لأحمد الكاتب.

طهران ، سنة ١٣٦٦ ه. ش / ١٩٨٧ م ، ١٥٦ صفحة ، القطع المتوسط.

١٠٤

التحقيق في نفي التحريف

(٨)

السيد علي الميلاني

الفصل الخامس

مشهوران لا أصل لهما

لقائل أن يقول : لقد أوضحت ما كان غامضا من أمر التحريف والقائلين به .. ولكن بحثك يشتمل على التجهيل والتفسيق لبعض الصحابة ، والطعن في الصحيحين ، وهذا خلاف مذهب جمهور أبناء السنة في المسألتين!! وأقول : نعم .. إن المشهور بين أهل السنة هو القول بصحة أخبار كتب اشتهرت بالصحاح .. فقالوا بصحة كتب : البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجة وأبي داود .. وهذه هي الكتب المعروفة عندهم بالصحاح .. ومنهم من زاد عليها الموطأ ، أو نقض منها سنن ابن ماجة .. لكن لا كلام بينهم في كتابي البخاري ومسلم ، بل ادعي الإجماع على صحة ما في هذين الكتابين وأنهما أصح الكتب بعد القرآن المبين ـ وإن اختلفوا في ترجيح أحدهما على الآخر ـ بل ادعى جماعة منهم القطع بأحاديثهما ، وعلى هذا الأساس قالوا بأن من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة (١).

__________________

(١) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج.

١٠٥

قال ابن حجر المكي : «روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به» (٢).

وقال أبو الصلاح : «أول من صنف في الصحيح : البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ، ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه ، وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز» (٣).

وقال الجلال السيوطي : «وذكر الشيخ ـ يعني ابن الصلاح ـ أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته ، والعلم القطعي حاصل فيه. قال : خلافا لمن نفى ذلك ، محتجا بأنه لا يفيد إلا الظن ، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ ، قال : وكنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ، ثم بان لي أن الذي اخترناه أولا هو الصحيح ، لأن ظن من هو معصوم عن الخطأ لا يخطئ ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ، ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حجة مقطوعا بها ، وقد قال إمام الحرمين : لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في الصحيحين ـ مما حكما بصحته ـ من قول النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] ألزمته الطلاق ، لإجماع علماء المسلمين على صحته.

قال المصنف : وخالفه المحققون والأكثرون فقالوا : يفيد الظن ما لم يتواتر. قال في شرح مسلم : لأن ذلك شأن الآحاد ، ولا فرق في ذلك بين الشيخين وغيرهما ، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه ، بخلاف غيرهما فلا يعمل به حتى ينظر فيه ويوجد فيه شروط الصحيح ، ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله]. قال : وقد اشتد إنكار ابن برهان على من قال بما قاله

__________________

(٢) الصواعق المحرقة : ٥.

(٣) علوم الحديث لأبي الصحاح. وعنه في مقدمة فتح الباري : ٨.

١٠٦

الشيخ ، وبالغ في تغليطه.

وكذا عاب ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا القول وقال : إن بعض المعتزلة يرون أن الأمة إذا علمت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته ، قال : وهو مذهب ردئ.

قال البلقيني : ما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع ، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصلاح عن جماعة من الشافعية ، كأبي إسحاق وأبي حامد الأسفرانيين ، والقاضي أبي الطيب ، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وعن السرخسي من الحنفية ، والقاضي عبد الوهاب من المالكية ، وأبي يعلى وابن الزاغوني من الحنابلة ، وابن فرك وأكثر أهل الكلام من الأشعرية ، وأهل الحديث قاطبة ، ومذهب السلف عامة. بل بالغ ابن طاهر المقدسي في (صفوة التصوف) فألحق به ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه. وقال شيخ الإسلام : ما ذكره النووي مسلم من جهة الأكثرين ، أما المحققون فلا. وقد وافق ابن الصلاح أيضا محققون ... وقال ابن كثير : وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه.

قلت : وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه» (٤).

وقال أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي : «وأما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع ، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما وأنه كان من يهون أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين» (٥).

أقول : إن البحث عن «الصحيح» و «الصحاح» و «الصحيحين» طويل عريض لا نتطرق هنا إليه ، عسى أن نوفق لتأليف كتاب فيه .. لكنا نقول بأن الحق مع من خالف ابن الصلاح ، وأن ما ذكره الدهلوي مجازفة ، وأن الإجماع على

__________________

(٤) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي : ١ / ١٣١ ـ ١٣٤.

(٥) حجة الله البالغة.

١٠٧

أحاديث الصحيحين (٦) غير قائم .. نعم .. ذاك هو المشهور .. لكنه لا أصل له .. وسنبين هذا بإيجاز :

الكلام حول الصحيحين

والحقيقة .. أنا لم نفهم حتى الآن السبب في تخصيص هذا الشأن بالكتابين ، وذكر تلك الفضائل لهما (٧) دون غيرهما من كتب المصنفين!!

ألم يصنف مشايخ الرجلين وأئمة الحديث من قبلهما في الحديث؟!

ألم يكن في المتأخرين عنهما من هو أعرف بالحديث الصحيح منهما؟!

أليس قد فضل بعضهم كتاب أبي داود على البخاري ، وقال الخطابي : «لم يصنف في علم الحديث مثل سنن أبي داود» ، وهو أحسن وضعا وأكثر فقها من الصحيحين (٨)؟!

أليس قد قال ابن الأثير : «في سنن الترمذي ما ليس في غيرها من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن

__________________

(٦) وتخص الصحيحين بالبحث ، لأنه إذا سقط ما قيل في حقهما سقط ما قيل في حق غيرهما بالأولوية ، ونعبر عنهما بالصحيحين لأنهما موسومان بهذا الاسم.

(٧) ذكروا للبخاري خاصة ما لا يصدق ، ففي مقدمة فتح الباري ـ ص ١١ ـ : ذكر الإمام القدوة أبو محمد بن أبي جمرة في اختصاره للبخاري ، قال : قال لي من لقيته من العارفين ممن لقي من السادة المقر لهم بالفضل : إن صحيح البخاري ما قرئ في شدة إلا فرجت ، ولا ركب به في مركب فغرق ، قال : وكان مجاب الدعوة وقد دعا لقارئه» وفيها ـ ص ٤٩٠ ـ : قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي ـ فيما قرأنا على فاطمة وعائشة بنتي محمد بن الهادي ـ : إن أحمد بن أبي طالب أخبرهم ، عن عبد الله بن عمر بن علي ، أن أبا الوقت أخبرهم عنه سماعا ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الهروي ، سمعت خالد بن عبد الله المروزي ، يقول : سمعت أبا سهل محمد بن أحمد المروزي ، يقول : سمعت أبا زيد المروزي ، يقول : كنت نائما بين الركن والمقام فرأيت النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] في المنام فقال لي : يا أبا زيد ، إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي؟! فقلت : يا رسول الله [صلى الله عليه وآله] وما كتابك؟! قال : جامع محمد بن إسماعيل.

(٨) ذكره الأدفوي في عبارته الآتية.

١٠٨

والغريب»؟!

أليس قد قيل في النسائي : إن له شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم؟! (٩).

أليس قد وصف غير الكتابين من كتب الحديث بما يقتضي الترجيح عليهما؟!

إنه لم يكن للرجلين هذا الشأن في عصرهما وبين أقرانهما .. فلماذا هذا التضخيم لهما فيما بعد؟!

لا ندري .. هل للسياسة دور في هذه القضية كما كان في قضية حصر المذاهب؟ أو أن شدة تعصبهما ضد أهل البيت عليهم‌السلام هو الباعث لترجيح أبنا السنة كتابيهما على سائر الكتب؟!

لكني أرى أن السبب كلا الأمرين .. لأن السلطات ـ في الوقت الذي كانت تضيق على أئمة أهل البيت عليهم‌السلام وتلاحق تلامذتهم ورواه حديثهم وعلماء مدرستهم ـ كانت تدعو إلى عقائد المخالفين لهم وتروج كتبهم وتساعد على نشرها .. ومن الطبيعي أن تقدم كل من كان أكثر عداوة وأشد تعصبا في هذا الميدان ..

قال السيد شرف الدين : «.. وأنكى من هذا كله عدم احتجاج البخاري في صحيحه بأئمة أهل البيت النبوي ، إذ لم يرو شيئا عن الصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والزكي العسكري وكان معاصرا له ، ولا روى عن الحسن بن الحسن ، ولا عن زيد بن علي بن الحسين ، ولا عن يحيى بن زيد ، ولا عن النفس الزكية محمد بن عبد الله الكامل بن الحسن الرضا بن الحسن السبط ، ولا عن أخيه إبراهيم بن عبد الله ، ولا عن الحسين الفخي بن علي بن الحسن بن الحسن ،

__________________

(٩) البداية والنهاية ١١ / ١٢٣ ، تهذيب الكمال ١ / ١٧٢ ، طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ١٦ ، الوافي بالوفيات ٦ / ٤١٧.

١٠٩

ولا عن يحيى بن عبد الله بن الحسن ، ولا عن أخيه إدريس بن عبد الله ، ولا عن محمد بن جعفر الصادق ، ولا عن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن المعروف بابن طباطبا ، ولا عن أخيه القاسم الشرسي ، ولا عن محمد بن زيد بن علي ، ولا عن محمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف بن زين العابدين صاحب الطالقان المعاصر للبخاري ، ولا عن غيرهم من أعلام العترة الطاهرة وأغصان الشجرة الزاهرة ، كعبد الله بن الحسن وعلي بن جعفر العريضي وغيرهما ، ولم يرو شيئا عن حديث سبطه الأكبر وريحانته من الدنيا أبي محمد الحسن المجتبى سيد شباب أهل الجنة .. مع احتجاجه بداعية الخوارج وأشدهم عداوة لأهل البيت عمران بن حطان ، القائل في ابن ملجم وضربته لأمير المؤمنين عليه‌السلام :

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره يوما فأحسبه

أوفى البرية عند الله ميزانا " (١٠)

نعم .. هكذا فعلت السلطات .. والعلماء والمحدثون .. المتربعون على موائدهم ، والسائرون في ركابهم ، الآخذون منهم مناصبهم رواتبهم ، يتسابقون في تأييد خططهم وتوجيهها ، تزلفا إليهم وتقربا منهم .. حتى بلغ الأمر بهم إلى وضع الفضائل للكتابين ومؤلفيهما .. ثم دعوى الإجماع على قطعية أحاديثهما ، وعلى تلقي الأمة إياها بالقبول .. ثم القول بأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين.

تماما كالذي فعلوا ـ بوحي من السلطات ـ في قضية حصر المذاهب ، حيث أفتوا بحرمة الخروج عن تقليد الأربعة مستدلين بالإجماع ، فعودي من تمذهب بغيرها ، وأنكر عليه ، ولم يول قاض ولا قبلت شهادة أحد ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب.

__________________

(١٠) الفصول المهمة في تأليف الأمة : ١٦٨.

١١٠

لقد كان التعصب ضد أهل البيت الأطهار عليهم‌السلام ، خير وسيلة للتقرب إلى الحكام وللحصول على الجاه والمقام .. في بعض الأدوار .. فكلما كان التعصب أشد وأكثر كان صاحبه أفضل وأشهر .. ولذا تراهم يقدمون كتاب البخاري ـ بالرغم من أن لكتاب مسلم مزايا لأجلها قال جماعة بأفضليته ـ لأنه لم يخرج ما أخرجه مسلم من مناقب أهل البيت كحديث الثقلين .. وتراهم يقدحون في الحاكم وفي مستدركه على الصحيحين .. لأنه أخرج فيه منها ما لم يخرجاه .. وإن كان واجدا لكل ما اشترطاه ..

ويشهد بذلك تضعيفهم الحديث الوارد فيهما إذا كان فيه دلالة أو تأييد لمذهب الشيعة .. كما طعن ابن الجوزي وابن تيمية في حديث الثقلين .. وطعن الآمدي ومن تبعه في حديث : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» .. المخرج في الصحيحين ..

فهذا هو الأصل في كل ما ادعوا في حق الكتابين .. أنه ليس إلا التعصب .. وإلا فإنهما يشتملان على الصحيح وغيره كسائر الكتب ، وصاحبا هما محدثان كسائر الرجال .. فها هنا مقامات ثلاثة :

آراء العلماء في الشيخين :

١ ـ لقد امتنع أبو زرعة عبد الكريم بن عبد الكريم الرازي من الرواية عن البخاري ، أما مسلم فقد ذكر صحيحه فقال : «هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئا يتسوقون به».

هذا رأي أبي زرعة في الرجلين ، ذكر ذلك جماعة من الأعلام ، قال الذهبي : «قال سعيد البرذعي : شهدت أبا زرعة ذكر صحيح مسلم فقال : هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئا يتسوقون به ، وأتاه رجل ـ وأنا شاهد ـ بكتاب مسلم ، فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر فقال : ما أبعد هذا عن الصحيح! .. ثم رأى قطن بن نسير فقال لي : وهذا أطم من الأول ، قطن بن نسير يصل أحاديث

١١١

عن ثابت جعلها عن أنس .. ثم نظر فقال : يروي عن أحمد بن عيسى في الصحيح! ما رأيت أهل مصر يشكون في أنه ـ وأشار إلى لسانه ـ» (١١).

وقال : «قال أبو قريش الحافظ : كنت عند أبي زرعة فجاء مسلم بن الحجاج فسلم عليه وجلس ساعة وتذاكرا ، فلما أن قام قلت له : هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح. قال : فلمن ترك الباقي؟! ثم قال : هذا ليس له عقل ، لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلا» (١٢).

وقال في ترجمة علي المديني شيخ البخاري : «علي بن عبد الله بن جعفر بن الحسن الحافظ ، أحد الأعلام الأثبات ، وحافظ العصر ، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع ، فقال : جنح إلى ابن داود والجهمية ، وحديثه مستقيم إن شاء الله. قال لي عبد الله بن أحمد : كان أبي حدثنا عنه ، ثم أمسك عن اسمه وكان يقول : حدثنا رجل ، ثم ترك حديثه بعد ذلك. قلت : بل حديثه عن في مسنده. وقد تركه إبراهيم الحربي وذلك لميله إلى أحمد بن أبي داود ، فقد كان محسنا إليه.

وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحه لهذا المعنى ، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه محمد (١٣) لأجل مسألة اللفظ. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كان أبو زرعة ترك الرواية عنه من أجل ما كان منه في المحنة» (١٤).

وقال المناوي في ترجمة البخاري : «زين الأمة ، افتخار الأئمة ، صاحب أصح الكتب بعد القرآن .. وقال الذهبي : كان من أفراد العالم مع الدين والورع والمتانة. هذه عبارته في الكاشف. ومع ذلك غلب عليه الغض من أهل السنة ،

__________________

(١١) تذهيب التهذيب ـ ترجمة أحمد بن عيسى المصري ، ميزان الاعتدال ١ / ١٢٥.

(١٢) سير أعلام النبلاء ـ ترجمة محمد بن يحيى الذهلي ـ ١٢ / ٢٨٠.

(١٣) هو محمد بن إسماعيل البخاري.

(١٤) ميزان الاعتدال ٣ / ١٣٨.

١١٢

فقال في كتاب الضعفاء والمتروكين : ما سلم من الكلام لأجل مسألة اللفظ ، تركه لأجلها الرازيان (١٥). هذه عبارته واستغفر الله تعالى ، نسأل الله السلامة ونعوذ به من الخذلان» (١٦).

وقد ترجم الذهبي وابن حجر وغيرهما أبا زرعة ترجمة حافلة وأوردوا كلمات القوم في إمامته وثقته وحفظه وورعه بما يطول ذكره ، والجدير بالذكر قول الذهبي في آخر ترجمته : «قلت : يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والخبرة» (١٧).

وقول أبي حاتم في حقه : إذا رأيت الرازي ينتقص أبا زرعة فاعلم أنه مبتدع» (١٨).

وقول ابن حبان : «كان أحد أئمة الدنيا في الحديث مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس» (١٩).

وقول ابن راهويه : «كل حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل» (٢٠).

٢ ـ وامتنع أبو حاتم الرازي من الرواية عن البخاري .. كما عرفت.

٣ ـ وتكلم محمد بن يحيى الذهلي في البخاري وإخراجه مسلم من مجلس بحثه مذكور في جميع كتب التراجم ..

قال الذهبي عن الحاكم : «وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول : لما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه ، فلما وقع بين الذهلي وبين البخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس عنه

__________________

(١٥) هما : أبو زرعة الرازي وأبو حاتم الرازي.

(١٦) فيض القدير ١ / ٢٤.

(١٧) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٨١.

(١٨) تهذيب التهذيب ٧ / ٣٠.

(١٩) تهذيب التهذيب ٧ / ٣٠.

(٢٠) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٧١ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩ ، الكاشف ٢ / ٢٠١.

١١٣

انقطع عنه أكثر الناس غير مسلم ، فقال الذهلي يوما : ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا ، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس ، وبعث إلى الذهلي ما كتب عنه على ظهر حمال ، وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.

قال : وسمعت محمد بن يوسف المؤذن : سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول : حضرت مجلس محمد بن يحيى ، فقال : ألا من قال : لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحصر مجلسنا ، فقام مسلم بن الحجاج عن المجلس ، رواها أحمد بن منصور الشيرازي عن محمد بن يعقوب ، فزاد : وتبعه أحمد بن سلمة.

قال أحمد بن منصور الشيرازي : سمعت محمد بن يعقوب الأخرم ، سمعت أصحابنا يقولون : لما قام مسلم وأحمد بن سملة من مجالس الذهلي قال : لا يساكنني هذا الرجل في البلد. فخشي البخاري وسافر» (٢١).

وترجم له الخطيب فقال : «كان أحد الأئمة والعارفين والحفاظ المتقنين والثقات المأمونين ، صنف حديث الزهري وجوده ، وقدم بغداد وجالس شيوخها وحدث بها ، وكان الإمام أحمد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله ، وقد حدث عنه جماعة من الكبراء» فذكر كلمات الثناء عليه حتى نقل عن بعضهم قوله : «كان أمير المؤمنين في الحديث» (٢٢).

والجدير بالذكر رواية البخاري عنه بالرغم مما كان منه في حقه ، لكن مع تدليس في اسمه ، قال الذهبي : «روى عنه خلائق منهم ... محمد بن إسماعيل البخاري ، ويدلسه كثيرا ، لا يقول : محمد بن يحيى ، بل يقول : محمد فقط ، أو محمد بن خالد ، أو محمد بن عبد الله ينسبه إلى الجد ويعمي اسمه لمكان الواقع بينهما» (٢٣).

__________________

(٢١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٤٦٠ ، هدى الساري في مقدمة فتح الباري ٢ / ٢٦٤.

(٢٢) تاريخ بغداد ٣ / ٤١٥.

(٢٣) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٢٧٤.

١١٤

٤ ـ وأورد ابن أبي حاتم البخاري في كتاب «الجرح والتعديل» وقال ما نصه : «قدم محمد بن إسماعيل الري سنة ٢٥٠ وسمع منه أبي وأبو زرعة وتركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى أنه أظهر عندهم بنيسابور أن لفظه بالقرآن مخلوق» (٢٤).

وقد وصفوا ابن أبي حاتم بالإمامة والحفظ والثقة والزهد ، بل قالوا : «كان يعد من الأبدال» (٢٥). وقال الذهبي : «له كتاب نفيس في الجرح والتعديل» (٢٦). وعن ابن مندة : «له الجرح والتعديل في عدة مجلدات تدل على سعة حفظه وإمامته» (٢٧).

٥ ـ وقال أبو بكر ابن الأعين : «مشايخ خراسان ثلاثة : قتيبة ، وعلي بن حجر ، ومحمد بن مهران الرازي ، ورجالها أربعة : عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ـ قبل أن يظهر ـ ، ومحمد بن يحيى ، وأبو زرعة» (٢٨).

وقوله : «قبل أن يظهر» طعن كما هو ظاهر.

وابن الأعين من أكابر الحفاظ الأعلام.

٦ ـ وأورد الذهبي البخاري في كتاب «ميزان الاعتدال في نقد الرجال» وكتاب «المغني في الضعفاء» (٢٩) وهو ما استنكره المناوي في عبارته آنفة الذكر.

آراء العلماء في الصحيحين :

قد تضمنت الكلمات السالفة الذكر ـ عن جمع من أعلام الجرح والتعديل

__________________

(٢٤) الجرح والتعديل ٧ / ١٩١.

(٢٥) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٨٩ ، فوات الوفيات ٢ / ٢٨٨.

(٢٦) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٤.

(٢٧) فوات الوفيات ٢ / ٢٨٨.

(٢٨) سير أعلام النبلاء ـ ترجمة علي بن حجر ١١ / ٥٠٩.

(٢٩) ميزان الاعتدال ٣ / ٤٨٥ ، المغني ٢ / ٥٥٧.

١١٥

الذين يكفي قدح الواحد منهم للسقوط عن درجة الاعتبار ـ الطعن في الصحيحين أو أحدهما .. وفي ذلك كفاية في وهن دعوى الإجماع على تلقي الأمة (٣٠) أحاديثهما بالقبول .. وهنا نتعرض إلى آراء عدة من الأكابر السابقين واللاحقين في حكم أحاديث الصحيحين .. وقبل الورود في ذلك نذكر معلومات نقلا عن شراح الكتابين والعلماء المحققين في الحديث :

١ ـ قد انتقد حفاظ الحديث البخاري في «١١٠» أحاديث ، منها «٣٢» حديثا وافقه مسلم فيها ، و «٧٨» انفرد هو بها (٣١).

٢ ـ الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم (أربعمائة وبضعة وثلاثون) رجلا. المتكلم فيه بالضعف منهم «٨٠» رجلا. والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري «٦٢٠» رجلا ، المتكلم فيه بالضعف منهم «١٦٠» رجلا (٣٢).

٣ ـ الأحاديث المنتقدة المخرجة عندهما معا بلغت «٢١٠» حديثا ، اختص البخاري منها بأقل من «٨٠» حديثا ، والباقي يختص بمسلم (٣٣).

٤ ـ هناك رواة يروي عنهم البخاري ، ومسلم لا يرتضيهم ولا يروي عنهم ، ومن أشهرهم : عكرمة مولى ابن عباس.

٥ ـ قد اتفق الشيخان على الرواية عن أقوام انتقدهم أصحاب الصحاح الأخرى وأئمة المذاهب .. ومن أشهرهم : محمد بن بشار .. حتى نسب إلى الكذب (٣٤).

__________________

(٣٠) مضافا إلى أن الشيعة الاثني عشرية ، والزيدية ، والحنفية ، والظاهرية ، لا يقولون بذلك وهم من هذه الأمة.

(٣١) مقدمة فتح الباري : ٩.

(٣٢) مقدمة فتح الباري : ٩.

(٣٣) مقدمة فتح الباري : ٩.

(٣٤) ميزان الاعتدال ٣ / ٤٩٠.

١١٦

٦ ـ إنه قد اختلف عدد أحاديث البخاري في روايات أصحابه لكتابه ، وقال ابن حجر : عدة ما في البخاري من المتون الموصولة بلا تكرار «٢٦٠٢» ، ومن المتون المعلقة المرفوعة «١٥٩» ، فالمجموع «٢٧٦١» ، وقال في شرح البخاري : إن عدته على التحرير «٢٥١٣» حديث (٣٥).

٧ ـ إن البخاري مات قبل أن يبيض كتابه ، ولذا اختلفت نسخه ورواياته (٣٦).

٨ ـ إن البخاري لم يكن يكتب الحديث في مجلس سماعه ، بل بلده ، فعن البخاري أنه قال : رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر ، فقيل له : يا أبا عبد الله بكماله؟! فسكت» (٣٧).

أما مسلم فقد «صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه ، فكان يتحرز في الألفاظ ويتحرى في السياق ...» (٣٨).

وبعد ، فإن دعوى تلقي الأمة أحاديث الصحيحين بالقبول وقيام الإجماع على صحتها .. لا أساس لها من الصحة .. لما تقدم .. ويأتي :

١ ـ النووي : «ليس كل حديث صحيح يجوز العمل به فضلا عن أن يكون العمل به واجبا» (٣٩) وقال : «وما يقوله الناس : إن من روى له الشيخان فقد جاوز القنطرة ، هذا من النجوه ولا يقوى» (٤٠).

٢ ـ كمال الدين ابن الهمام : «وقول من قال : أصح الأحاديث ما في الصحيحين ، ثم ما انفرد به البخاري ، ثم ما انفرد به مسلم ، ثم ما اشتمل على

__________________

(٣٥) أضواء على السنة المحمدية : ٣٠٧.

(٣٦) أنظر : مقدمة فتح الباري : ٦ ، أضواء على السنة المحمدية : ٣٠١.

(٣٧) تاريخ بغداد ٢ / ١١.

(٣٨) مقدمة فتح الباري : ١٠.

(٣٩) التقريب في علم الحديث ، عنه في منتهى الكلام في الرد على الشيعة : ٢٧.

(٤٠) المنهاج في شرح صحيح مسلم ، وعنه أضواء على السنة المحمدية : ٣١٣ ، «والتجوه» طلب الجاه بتكلف.

١١٧

شرطهما ، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما ، تحكم لا يجوز التقليد فيه ، إذ الأصحية ليست إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها ، فإن فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين أفلا يكون الحكم بأصحية ما في الكتابين عين التحكم؟!» (٤١).

٣ ـ أبو الوفاء القرشي (٤٢) : «فائدة : حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله] في مسلم وغيره ـ يشتمل على أنواع منها التورك في الجلسة الثانية ـ ضعفه الطحاوي ... ولا يحنق علينا لمجيئه في مسلم وقد وقع في مسلم أشياء لا تقوى عند الاصطلاح ، فقد وضع الحافظ الرشيد العطار على الأحاديث المقطوعة المخرجة في مسلم كتابا سماه ب (غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة) وبينها الشيخ محيي الدين في أول شرح مسلم.

وما يقوله الناس : إن من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ، هذا أيضا من التحنق ولا يقوى ، فقد روى مسلم في كتابه عن ليث بن أبي مسلم وغيره من الضعفاء ، فيقولون : إنما روى في كتابه للاعتبار والشواهد والمتابعات والاعتبارات وهذا لا يقوى ، لأن الحفاظ قالوا : الاعتبار والشواهد والمتابعات والاعتبارات أمور يتعرفون بها حال الحديث ، وكتاب مسلم التزم فيه الصحة ، فكيف يتعرف حال الحديث الذي فيه بطرق ضعيفة.

واعلم أن (عن) مقتضية للانقطاع عند أهل الحديث ، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شئ كثير ، فيقولون على سبيل التحنق : ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ، وما كان في الصحيحين فمحمول على الاتصال.

وروى مسلم في كتابه عن أبي الزبير عن جابر أحاديث كثيرة بالعنعنة ،

__________________

(٤١) شرح الهداية في الفقه ، وعنه في أضواء على السنة المحمدية : ٣١٢.

(٤٢) ترجمته في : حسن المحاضرة ١ / ٤٧١ ، الدرر الكامنة ٢ / ٣٩٢ ، شذرات الذهب ٦ / ٢٣٨.

١١٨

وقال الحافظ : أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي يدلس في حديث جابر ، فما كان يصفه بالعنعنة لا يقبل ، وقد ذكر ابن حزم وعبد الحق عن الليث بن سعد أنه قال لأبي الزبير : علم لي أحاديث سمعتها من جابر حتى أسمعها منك ، فعلم لي أحاديث أظن أنها سبعة عشر حديثا فسمعتها منه ، قال الحافظ ، فما كان من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر صحيح.

وقد روى مسلم في كتابه أيضا عن جابر وابن عمر في حجة الوداع : إن النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] توجه إلى مكة يوم النحر ، وطاف طواف الإفاضة ، ثم رجع فصلى الظهر بمنى ، فينحنقون ويقولون : أعادها لبيان الجواز ، وغير ذلك من التأويلات ، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين : إحداهما كذب بلا شك.

وروى مسلم أيضا حديث الإسراء وفيه : (وذلك قبل أن يوحى إليه) وقد تكلم الحفاظ في هذه اللفظة وبينوا ضعفها.

وروى مسلم أيضا : (خلق الله التربة يوم السبت) ، واتفق الناس على أن يوم السبت لم يقع فيه خلق.

وروى مسلم عن أبي سفيان أنه قال للنبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] لما أسلم : يا رسول الله أعطني ثلاثا : تزوج ابنتي أم حبيبة ، وابني معاوية اجعله كاتبا ، وأمرني أن أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين ، فأعطاه النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] ، والحديث معروف مشهور. وفي هذا من الوهم ما لا يخفى ، فأم حبيبة تزوجها رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وآله] وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] أربعمائة دينار ، وحضر وخطب وأطعم ، والقصة مشهورة. وأبو سفيان إنما أسلم عام الفتح وبين الهجرة إلى الحبشة والفتح عدة سنين ، ومعاوية كان كاتبا للنبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] من قبل ، وأما إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ : إنهم لا يعرفونها.

فيجيبون على سبيل التحنق بأجوبة غير طائلة ، فيقولون في نكاح ابنته : اعتقد أن نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر ، فأراد من النبي

١١٩

[صلى‌الله‌عليه‌وآله] تجديد النكاح. ويذكرون عن الزبير بن بكار بأسانيد ضعيفة أن النبي [صلى‌الله‌عليه‌وآله] أمره في بعض الغزوات ، وهذا لا يعرف.

وما حلمهم على هذا كله إلا بعض التعصب ، وقد قال الحافظ : إن مسلما لما وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي فأنكر عليه وقال : سميته الصحيح فجعلت سلما لأهل البدع وغيرهم ، فإذا روى لهم المخالف حديثا يقولون : هذا ليس في صحيح مسلم ، فرحم الله تعالى أبا زرعة فقد نطق بالصواب ، فقد وقع هذا.

وما ذكرت ذلك كله إلا أنه وقع بيني وبين بعض المخافين بحث في مسألة التورك ، فذكر لي حديث أبي حميد المذكور أولا ، فأجبته بتضعيف الطحاوي فما تلفظ وقال : مسلم يصحح والطحاوي يضعف ، والله تعالى يغفر لنا وله آمين» (٤٣).

٤ ـ أبو الفضل الأدفوي (٤٤) : «ثم أقول : إن الأمة تلقت كل حديث صحيح وحسن بالقبول ، وعملت به عند عدم المعارض ، وحينئذ لا يختص بالصحيحين ، وقد تلقت الأمة الكتب الخمسة أو الستة بالقبول وأطلق عليها جماعة اسم (الصحيح) ، ورجح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره.

قال أبو سليمان أحمد الخطابي : كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في حكم الدين كتاب مثله ، وقد رزق من الناس القبول كافة ، فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وكتاب السنن أحسن وضعا وأكثر فقها من كتب البخاري ومسلم.

وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي : سمعت الإمام أبا الفضل

__________________

(٤٣) الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ٤٢٨ ـ ٤٣٠.

(٤٤) ترجمته في : الدرر الكامنة ٢ / ٧٢ ، النجوم الزاهرة ١٠ / ٢٣٧ ، البدر الطالع ١ / ١٨٢ ، حسن المخاضرة ١ / ٣٢٠ ، شذرات الذهب ٦ / ١٥٣.

١٢٠