محمّد بن محمّد النعمان العكبري [ الشيخ المفيد ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٣
الخوارج ـ قالَ لأميرِ المؤمنينَ عليهالسلام : اتّقِ اللّهَ ـ يا عليُّ ـ فإِنّك ميِّت ، فقالَ اميرُ المؤمنينَ : « بل واللّهِ مقتولٌ قتلاً ، ضربه على ( هذا وتخضبُ هذه ) (١) ـ ووضعَ يَده على رأْسِه ولحيتِه ـ عهدٌ معهود وقد خابَ منِ افترى » (٢).
وقولُه عليهالسلام في الليلة التي ضربَه الشّقيُّ في آخرِها ، وقد توجّهَ إِلى المسجدِ فصاحَ الإوَزُّ في وجهِه فطردهنَّ النّاسُ عنه ، فقالَ : « اتركوهنَّ فإِنّهن نَوائحُ » (٣).
فصل
ومن ذلكَ ما رواه الوليدُ بنُ الحارثِ وغيرُه عن رجالهِم : أنّ أميرَ المؤمنينَ عليهالسلام لمّا بَلَغَه ما صَنَعَه بُسْرُ بنُ أرطاةَ باليَمَنِ قالَ : « اللّهمّ إِنّ بُسْرأ باعَ دينَه بالدُّنيا ، فاسلُبْه عقلَه ، ولا تُبقِ له من دينهِ ما يَستوجبُ به عليكَ رحمتَك » فبقيَ بُسْرٌ حتّى اختلطَ ، فكانَ يدعوبالسّيفِ ، فاتُّخِذَ له سيفٌ من خشبٍ ، فكانَ يَضرِبُ به حتّى يغشى عليه ، فإذا أفاقَ قالَ : السيّفَ
ــــــــــــــــــ
(١) في « م » وهامش « ش » : هذه تَخْضِبُ هذه.
(٢) رواه الثقفي في الغارات ١ : ١٠٨ ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٣ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ـ ترجمة امير المؤمنين عليهالسلام ـ ٣ : ٢٧٨ / ١٣٦٤ ، وابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٥٨ ، والطبري في ذخائر العقبى : ١١٢ ، وذكره الطيالسي في مسنده : ٢٣ ، قائلاً : جاء رأس الخوارج الى علي.
(٣) اخرجه ابن الأثير في اُسد الغابة ٤ : ٣٦ ، وابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٦٢ ، والطبري في ذخائر العقى : ١١٢ ، وابن الصباغ في الفصول المهمة : ١٣٩.
السيّفَ ، فيُدفَعُ إِليه فيَضرِبُ به ، فلم يَزَلْ ذلكَ دأْبه حتّى ماتَ (١).
ومن ذلكَ ما استفاضَ عنه عليهالسلام من قوله : « إِنّكم ستُعرَضُونَ من بعدي على سَبِّي فسُبُّوني ، فإِنْ عُرِضَ عليكُمُ البراءةُ منِّي فلا تبَرَؤوا (٢) منِّي فإِني على الإسلام ، فمن عًرِضَ عليه البراءة منَي فليَمْدُدْ غنقَه ، فإنْ تبرأ منِّي فلا دُنياَ له ولا آخرة » فكانَ الأمرُ في ذلكَ كما قالَ.
ومن ذلكَ ما رَوَوْه أيضاً عنه عليهالسلام من قوله : « أيُّها النّاسُ ، إِنِّي دَعَوْتُكم إِلى الحقِّ فتَلَوَّيتم عليَّ ، وضرًبْتُكم بالدِّرَةِ (٣) فأعْيَيْتُمُوني ؛ أمَا إِنّه سيَلِيْكم بعدي وُلاةٌ لا يَرْضَوْنَ منكم بهذا حتّى يعَذِبوكم بالسِّياطِ وبالحديدِ ، إِنّه من عَذَبَ النّاسَ في الدُنيا عَذَّبَه اللّهُ في الآخرةِ ، وآيةُ ذلكَ أنْ يأْتيَكم صاحبُ اليَمنِ حتى يحُلّ بين أظهرِكم ، فيأخذ العُمّالَ وعُمّالَ العُمّالِ ، رجلٌ يُقالُ له يُوسُفُ بنُ عُمَر » (٤) فكانَ الأمرُ في ذلكَ كما قالَ.
ومن ذلكَ ما رواه العلماءُ : أنّ جُويْرِيَةَ بنَ مُسْهِر وقفَ على بابِ القَصْرِ فقالَ : أينَ أمير المؤمنينَ؟ فقيلَ له : نائمٌ ، فنادى : أيُها النّائمُ استيقظْ ، فَوَالّذي نفسي بيدِه ، لَتُضْرَبَنَّ ضربةً على رأْسِكَ تُخْضَبُ منها لحيتُكَ ، كما أخبرتَنا بذلكَ من قبلُ. فسمعَه أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام
ــــــــــــــــــ
(١) روى الثقفي في الغارات ٢ : ٦٤٠ و ٦٤٢ نحوه ، وكذا ابن ابي الحديد في شرح النهج ٢ : ١٨ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ١٩ / ٢٠٤.
(٢) في « م » وها مش « ش » : تتبرؤوا.
(٣) الدرّة : التي يضرب بها « الصحاح ـ درر ـ ٢ : ٦٥٦ ».
(٤) اخرجه ابن ابي الحديد في شرح النهج ٢ : ٣٠٦ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٢٨٥ / ٤.
فنادى : « أقبِلْ يا جويريةُ حتى أُحدًثكَ بحديثِكَ » فأقبَلَ ، فقالَ : « وأنتَ ـ والّذي نفسي بيدِه ـ لَتُعْتَلَنَّ إِلى العًتُلِّ الزّنيمِ ، ولَيَقْطَعَنَّ يدَكَ ورِجلَكَ ، ثمّ لَيَصْلبَنَّكَ تحتَ جذع كافرٍ » فمضى على ذلكَ الدّهرُحتّى وُليَ زياد في أيّام معاويةَ ، فقطعَ يدَه ورجلَه ثمّ صلبَه إِلى جذعِ ابنِ مُكَعْبَرٍ (١) ، وكان جذعاً طويلاً فكانَ تحتَه (٢).
ومن ذلكَ ما رَوَوْه : أنّ مِيْثَمَ (٣) التّمّارَ كانَ عبداً لامرأةٍ من بني أسَدٍ ، فاشتراه أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام منها وأعتقَه وقالَ له : « ما اسمكَ؟ » قالَ : سالِم ، قال : « أخبرَني رسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله أنّ اسمَكَ الّذي سمّاكَ به أبَوَاكَ في العَجمِ مِيْثَم » قالَ : صدَقَ اللّه ورسوله وصَدَقْتَ يا أميرَ المؤمنينَ ، واللّهِ إِنّه لاسمي ، قالَ : « فارجِعْ إِلى اسمِكَ الّذي سمّاكَ به رسولَ اللهِ صلىاللهعليهوآله ودَعْ سالِماً » فرجعَ إِلى مِيْثَم واكتنى بأبي سالِم.
فقالَ له عليّ عليهالسلام ذاتَ يومِ : « إِنّكَ تُؤخَذُ بعدي فتُصْلَب وتُطْعَن بحَرْبةٍ ، فإِذا كانَ اليومُ الثالثَُ ابتدرَ مَنْخِراكَ وفَمُكَ دماً فيَخْضبُ لحيتَكَ ، فانتظرْ ذلكَ الخِضابَ ، وتُصْلَبُ على باب دارِ عَمْرِو ابن حُرَيْثٍ عاشر عَشرةٍ أنتَ أقصرُهم خَشَبَةً وأقربهم مِنَ الَمَطْهَرة (٤) ، وامضِ حتّى أُرِيَكَ النّخلةَ التّي تُصْلَبُ على جِذْعِها » فأراه إِيّاها.
فكان مِيْثَم يأتيها فيصلِّي عندَها ويقولُ : بوركتِ من نخلةٍ ، لكِ
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » و « م » : معكبر.
(٢) اخرجه ابن ابي الحديد في شرح النهج ٢ : ٢٩١ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٤٨ / ١١.
(٣) في « م » : ميثماً.
(٤) المطهرة : اناء يتطهر به وتزال به الأقذار « مجمع البحرين ـ طهر ـ ٣ : ٣٨٢ ».
خُلِقْتُ ولي غُذَيْتِ. ولم يَزَلْ يَتعاهَدُها حتّى قُطِعَتْ وحتّى عرفَ المَوضع الّذي يُصْلَبُ عليها (١) بالكُوفةِ. قالَ : وكانَ يَلقى عَمْرَو بنَ حُرَيْثٍ فيقول له : إِنِّي مُجاوِرُكَ فأحْسِنْ جِواري ، فيقولُ له عَمْروٌ : أتُريدُ أن تَشتريَ دارَ ابنِ مَسْعود أو دارَ ابنِ حكيم؟ وهو لا يَعلمُ ما يُريدُ.
وحَجّ في السّنةِ التّي قُتِلَ فيها فدخلَ على أُمَ سَلَمَةَ رضيَ الله عنها فقالتْ : مَنْ أنتَ؟ قال : أنا مِيْثَم ، قالتْ : واللّهِ لَربما سمعتُ رسولَ اللهِ صلىاللهعليهوآله يُوْصِي بِكَ علياً في جَوْفِ الليل. فسألَها عنِ الحُسينِ ، قالتْ : هو في حائطٍ له ، قالَ : أخبِرِيهِ أنِّي قد أَحبَبْتُ السّلامَ عليه ، ونحنُ مُلتَقُونَ عندَ ربِّ العالَمِينَ إِنْ شاءَ الله. فدَعَتْ له بطيبٍ فطيّبتْ لحيتَه ، وقالتْ له : أمَا إِنها ستُخْضَبُ بدم.
فقَدِمَ الكوفةَ فأخذَه عبيْدُ اللّه بن زياد فاُدخلَ عليه فقيلَ : هذا كانَ من آثَر النّاس عندَ عليّ ، قالَ : ويَحْكم ، هذا الأعجميّ؟ قيلَ له : نعم ، قالَ له عُبَيْدُ اللّهِ : أَينَ ربُّكَ؟ قالَ : بالمِرصادِ لِكلِّ ظالم وأنتَ أحدُ الظَّلَمةِ ، قالَ : إِنكَ على عُجمتِكَ لَتَبْلُغُ الّذي تُريدُ ، ما أخبركَ صاحبُك أنِّي فاعلٌ بكَ؟ قالَ : أخبرَني أنّكَ تَصلِبُني عاشِرَ عَشرة ، أنا أقصرُهم خَشَبَة وأقربُهم مِنَ المَطْهَرَةِ ، قالَ : لَنُخالِفَنَّه ، قالَ : كيفَ تُخالِفُه؟ فواللّهِ ما أخبرَني إلاّ عنِ النبي صلىاللهعليهوآله عن جَبْرئيْلَ عنِ اللّهِ تعالى ، فكيفَ تُخالِفُ هؤلاءِ!؟ولقد عَرفتُ الموضعَ الّذي أُصلَبُ عليه أينَ هو مِنَ الكُوفةِ ، وأنا أوّلُ خَلْقِ الله أُلْجَمُ (٢) في الإسلام ، فحبسَه وحبسَ معَه المُختارَ بنَ أبي عُبَيْدٍ ، فقالَ مِيْثَم التّمّارُ للمُختارِ : إِنّكَ تُفْلِتُ وتَخْرُجُ ثائراً بدم الحُسين فتَقتُلُ هذا الّذي يَقتُلُنا. فلآ دعا عُبَيْدُالله
ــــــــــــــــــ
(١) كذا في النسخ.
(٢) في « م » وهامش « ش » : أُلجِمَ.
بالمُختارليقتلَه طلعَ بَريْد بكتاب يَزيْدَ إِلى عُبَيْدِاللهِ يأْمرُه بتَخليةِ سبيلهِ فخلاه ، وأمرَ بمِيْثَم أَنْ يُصلَبَ ، فاُخرِجَ فقَالَ له رجلٌ لَقِيَه : ما كانَ أغناك عن هذا يا مِيْثَمُ! فتبسّمَ وقالَ وهو يومئ إِلى النّخلة : لها خُلِقْتُ ولي غُذِّيَتْ ، فلمّا رُفعَ على الخَشَبةِ اجتمعَ النّاسُ حولَه على باب عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ. قالَ عَمْروٌ : قد كان واللهِ يقولُ : إِنِّي مُجاوِرُكَ. فلما صلِبَ أمرََ جاريتَه بكَنْس تحت خَشَبتهِ ورشِّه وتجميرِه ، فجعلَ مِيْثَم يُحدِّثُ بفضائلِ بني هاشِمٍ ، فقيلَ لابنِ زِيادٍ : قد فَضَحَكم هذا العَبْدُ ، فقالَ : ألجِموه ، فكانَ أوّلَ خلقِ اللهِ أُلجِمَ في الإسلام. وكانَ مَقْتَلُ مِيْثَم رحمةُ اللهِ عليه قبلَ قُدوم الحسينِ بنِ عليٍّ عليهالسلام الَعِراقَ بعشرةِ أيّامِ ، فلمّا كانَ يومُ الثّالث من صًلبه ، طُعِنَ مِيْثَم بالحَرْبةِ فكبّرَثمّ انبعثَ في آخرِ النّهَارِ فمه وأنفُه دماً (١).
وهذا من جملةِ الاخبار عنِ الغُيوب المحفوظةِ عن أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام ، وذِكْرُه شائعٌ والرِّوايةَ به بينَ العلماَءِ مستفيضة.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه ابنُ عيّاش ، عن مُجالدٍ ، عنِ الشَعبيّ ، عن زيادِ بنِ النَّضرِ الحارثيِّ قال : كنتُ عند زيادٍ إِذ أُتيَ برُشَيْدٍ الهجريِّ ، فقالَ له زيادٌ : ما قالَ لكَ صاحبُكَ ـ يعني عليّاً عليهالسلام ـ إِنّا فاعلونَ بكَ؟ قالَ : تَقطَعونَ يديَّ ورجليَّ وتَصلبونني ، فقالَ زيادٌ : أمَ واللهِ لاُكَذِّبنَ حديثَه ، خَلُّو سبيلَه. فلمّا
ــــــــــــــــــ
(١) رجال الكشي ١ : ٢٩٣ / ١٣٦ ، الاختصاص : ٧٥ ، شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ : ٢٩١ ، وابن حجر في الاصابة ٣ : ٥٠٤ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٢٤ / ٧.
أرادَ أن يَخرجَ قالَ زيادٌ : واللّهِ ما نجدُ له شيئاً شرّاً ممّا قالَ صاحبُه ، اقطَعوا يديه ورجليه واصلبوه. فقالَ رُشَيْدٌ : هيهاتَ ، قد بقيَ لي عندَكم لشيءٌ أخبرَني به أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام؟ قالَ زيادٌ : اقطَعوا لسانَه ، فقال رُشَيْدٌ : الآن واللّهِ جاءَ تصديقُ خبرِأميرِ المؤمنينَ عليهالسلام (١).
وهذا حديثٌ قد نقلَه المؤالفُ والمخالفُ عن ثِقاتِهم عمّن سمّيناه ، واشتهرَ أمرهُ عندَ علماءِ الجميعِ ، وهو من جملةِ ما تقدّمَ ذكرهُ منَ المعجزاتِ والاخبارِ عنِ الغُيوبِ.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه عبدُ العزيز بن صُهَيْبٍ ، عن أبي العالِيةِ قالَ : حدّثَني مزَرّعُ بنُ عبدِ اللّهِ قالَ : سمعتُ أمير المؤمنين عليهالسلام يقولُ : « أمَ واللّهِ لَيُقْبِلَنَّ جَيْشٌ حتّى إِذا كانَ بالبَيداءِ (٢) خُسِفَ بهم » فقلتُ له : إِنّكَ لتحَدِّثُني بالغَيب ، قالَ : احفَظْ ما أقولُ لكَ ، واللّهِ لَيَكونَنَ ما خَبَّرَني به أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام ، وليؤْخَذَنَ رجلٌ فلَيُقْتَلَنَّ وليصْلَبَنَّ بين شرفَتَيْنِ من شُرَفِ هذا المسجِدِ ، قلتُ : إِنّكَ لَتًحدِّثَني بالغَيْب ، قالَ : حدّثَني الثقة المأمونُ عليُّ بن أبي طالبٍ عليهالسلام (٣).
ــــــــــــــــــ
(١) شرح النهج لابن ابي الحديد ٢ : ١٩٤ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٢٥.
(٢) البيداء : اسم لارض ملساء بين مكة والمدينة ؤهي الى مكة اقرب. « معجم البلدان ١ : ٥٢٣ ».
(٣) شرح ابن ابي الحديد ٢ : ٢٩٤ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٢٥٨ / ٥.
قالَ أبو العالِية : فما أتتْ علينا جُمعةٌ حتّى أُخِذَ مُزَرّعٌ فقُتِلَ وصُلِبَ بينَ الشُّرفتينِ ؛ قالَ : وقد كانَ حدّثَني بثالثة فنَسِيْتُها.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه جَرِيْرٌ عنِ المُغِيرة قالَ : لمّا وُلِّيَ الحَجّاجُ طلبَ كُمَيْلَ بنَ زياد فهربَ منه ، فحرمَ قومه عطاءهم ، فلمّا رأى كُمَيْل ذلكَ قالَ : أنا شيخٌ كبيرٌ قد نَفِدَ عُمري ، لا ينبغي أن أحرِمَ قومي عطيّاتِهم ، فخرجَ فدفعَ بيدِه إِلى الحَجّاجِ ، فلمّا رآه قالَ له : لقد كنتُ أُحِبُّ أن أجِدَ عليكَ سبيلاً ، فقالَ له كُمَيْل : لا تَصْرِفْ (١) عليَّ أنيابكَ ولا تَهَدَّمْ عليّ (٢) فواللهِ ما بقيَ من عُمري إِلاّ مثلُ كَواسِلِ (٣) الغُبارِ ، فاقض ما انتَ قاضٍ فإِنّ الموعدَ الله وبعدَ القتلِ الحساب ، ولقد خَبّرَني أَميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليهالسلام أنّكَ قاتِلي ؛ قالَ : فقالَ له الحجّاجُ : الحجّةُ عليكَ إذنْ ، فقالَ كُمَيْل : ذاكَ إن كانَ القَضاءُ إليكَ ، قالَ : بلى قد كنتَ فيمنْ قتلَ عُثْمانَ بنَ عَفّان ، اضرِبوا عُنقَه ، فضُربَتْ عُنقه (٤).
ــــــــــــــــــ
(١) الصريف : صوت الأَنياب ، وهو كناية عن التهديد « لسان العرب ـ صرف ـ ٩ : ١٩١ ».
(٢) في هامش « ش » و « م » : تهدم عليه : اذا اشتد غضبه عليه ، انظر « الصحاح ـ هدم ـ ٥ : ٢٠٥٦ ».
(٣) في هامش « ض » و « م » : كأنها بقايا الغبار التي كسلت عن أوائله.
(٤) الاصابة ٣ : ٣١٨ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٤٨ / ١٢.
وهذا ـ أيضاً ـ خَبَرٌ رواه نَقَلةً ـ العامّةِ عن ثِقاتِهم ، وشارَكَهم في نقلِه الخاصّةُ ، ومَضمونُه من بابِ ما ذكرناه منَ المعجزاتِ والبراهينِ البيِّناتِ.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه أصحابُ السِّيرة من طرقٍ مختلفةٍ : أنّ الحجّاجَ بنَ يوسفَ الثَقَفيّ قالَ ذاتَ يومٍ : أُحبُّ أن أُصيب رجلاً من أصحاب أبي ترابٍ فأتقرّب إِلى اللّهِ بدمهِ!! فقيلَ له : ما نَعلم أحداً كانَ أطولَ صحبةًَ لأبي ترابٍ من قَنْبَرمولاه ، فبعثَ في طلبه فأُتيَ به فقالَ له : أنت قَنْبَر؟ قالَ : نعم ، قال : أبو هَمْدانَ؟ قال : نعم ، قالَ : مولى عليِّ بنِ أبي طالبٍ؟ قالَ : اللهُ مولايَ ، وأميرُ المؤمنينَ عليّ وليّ (١) نعمتي ، قالَ : ابرَأ من دِينهِ ، قالَ : فإذا بَرِئتُ من دِينهِ تَدُلُّني على دين غيرِه أفضلَ منه؟ فقالَ : إِنِّي قاتِلُكَ فاخترْ أيّ قتلةٍ أحبّ إِليك ، قال : قد صَيَرتُ ذلكَ إِليكَ ، قالَ : ولِمَ؟ قالَ : لأنّك لا تقتلُني قتلة إلاّ قتلتُكَ مثلَها ، ولقد خبّرني أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام أنّ منيّتي (٢) تكونُ ذبحاً ظلماً بغيرِ حقٍّ ، قال : فأمرَ به فذُبِحَ (٣).
وهذا أيضاً منَ الأخبارِ التّي صحّت عن أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام بالغيبِ ، وحصلتْ في باب المعجزِ القاهرِ والدّليلِ الباهرِ ، والعلمِ
ــــــــــــــــــ
(١) في « م » وهامش « ش » : مولى.
(٢) في « م » وهامش « ش » : ميتتي.
(٣) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٢٦.
الذي خصَّ الله به حُجَجَه من أنبيائه ورُسُلِه وأوصيائه عليهمالسلام ، وهو لاحقٌ بما قدّمناه.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه الحسنُ بنُ مَحبوب ، عن ثابتٍ الثّمالِيِّ ، عن أبي إِسحاقَ السّبيعي ، عن سُوَيْدِ بنِ غَفَلةَ : أنًّ رجلاً جاءَ إلى أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام فقالَ : يا أميرَ المؤمنينَ ، إِنِّي مررتُ بوادي القُرى ، فرأَيتُ خالدَ بنَ عُرْفُطَةَ قد ماتَ بها فاستغفِرْ له ، فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام : « مَهْ ، إِنّه لم يَمُتْ ولا يموتُ حتّى يقودَ جيشَ ضلالةٍ صاحبُ لوائه حبيبُ بنُ حِمازٍ » فقامَ رجل من تحتِ المِنبرِ فقالَ : يا أميرَ المؤمنينَ ، واللّهِ إِنّي لكَ شيعةٌ ، وِانِّي لكَ مُحِب ، قالَ : « ومن أنتَ؟ » قالَ : أنا سبيبُ بنُ حِمازٍ ، قالَ : « إِيّاكَ أن تَحمِلَها ، ولَتَحْمِلَنَّها فتَدخل بها من هذا الباب » وأومأ بيدِه إِلى بابِ الفِيْلِ.
فلمّا مضى أَميرُ المؤمنينَ عليهالسلام وقضى الحسنُ بن عليٍّ من بعدِه ، وكانَ من أمرِ الحسينِ بن عليِّ عليهماالسلام ومن ظهوره ما كانَ ، بعثَ ابنُ زياد بعُمَر بن سعد إِلى الحسيَنِ بنِ عليٍّ عليهماالسلام وجعلَ خالدَ ابنَ عُرْفُطَةَ على مقدِّمتهِ ، وحبيبَ بنَ حِمازٍ صاحبَ رايتهِ ، فسارَ بها حتّى دخلَ المسجدَ من بابِ الفِيْلِ (١).
ــــــــــــــــــ
(١) شرح ابن ابي الحديد ٢ : ٢٨٦ ، والمصنف في الاختصاص : ٠ ٢٨ ، وذكره ابو الفرج في مقاتل الطالبيين : ٧١ ، والصفار في بصائر الدرجات : ٣١٨ / ١١ ، والخصيبي في الهداية
وهذا ـ أيضاً ـ خبرٌ مُستفيضٌ لا يَتناكرُه أهل العلمِ الرُّواةُ للآثارِ ، وهو منتشرٌ في أهلِ الكوفةِ ، ظاهرٌ في جماعتِهم لا يتناكرُه منهم اثنانِ ، وهو منَ المعجزِ الّذي بيّناه.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه زكريّا بن يَحيى القَطّان ، عن فُضيلِ بنِ الزُّبيرِ ، عن أبي الحكم قالَ : سمعتُ مَشيختَنا وعلماءنا يقولونَ : خطبَ أميرُ المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالبِ عليهالسلام فقالَ في خطبتِه : « سلوني قبلَ أن تَفقِدوني ، فواللهِ لا تسألوني عن فئةٍ تُضِلُّ مائةً وتَهدي مائةً إلاّ نبَّاْتُكم بناعقِها وسائقِها إِلى يومِ القيامةِ » (١).
فقامَ إليه رجلٌ فقالَ : أخبِرْني كم في رأْسي ولحيتي من طاقةِ شَعرٍ. فقامَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام وقالَ : « واللهِ لقد حدّثَني خليلي رسولُ اللهِ صلىاللهعليهوآله بما سَألْتَ عنه ، وإِنّ على كلِّ طاقةِ شَعر في رأْسِكَ مَلَكاً يَلعنُكَ ، وعلى كلِّ طاقةِ شَعرٍ في لحيتِكَ شيطاناً يَستفِزُكَ ، وإِنّ في بيتِكَ لَسَخْلاً (٢) يقَتلُ ابنَ رسولِ اللّهِ ، وآيةُ ذلكَ مِصداقُ ما
ــــــــــــــــــ
الكبرى : ١٦١ ، ونقله العلامه المجلسي في البحار ٤٤ : ٢٦٠ / ١٢.
(١) لقد ثبت عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله « سلوني قبل ان تفقدوني ... » ونقلتها معظم المصادر التاريخية وباسانيد صحيحة ومتعددة لا يرقى اليها الشك ، وللاطلاع عل ذلك انظر. « الغدير ٦ : ١٩٣ ـ ١٩٤ و ٧ : ١٠٧ ـ ١٠٨ ».
(٢) السخل : الولد « مجمع البحرين ـ سخل ـ ٥ : ٣٩٤ » وفي هامش « ش » : السخل : المولود يحببه الى ابويه.
خبّرتُكَ به ، ولولا أنّ الّذي سألتَ عنه يَعسرُ برهانهُ لأخبرتُكَ به ، ولكنْ آيةُ ذلكَ ما نبّأْتُ به عن لعنتِكَ وسَخْلِكَ الملعونِ » وكان ابنُه في ذلكَ الوقتِ صبيّاً صغيراً يَحبو (١) فلمّا كانَ من أمرِ الحسينِ عليهالسلام ما كانَ تولّى قَتْلَه ، وكانَ الأمرُ كما قالَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام (٢).
فصل
ومن ذلكَ ما رواه إِسماعيلُ بنُ صَبِيْحٍ ، عن يَحيى بن المُساوِرِ العابدِ ، عن إِسماعيل بن زيادٍ قالَ : إِنّ عليّاً عليهالسلام قالَ للبَراَءِ بنِ عازبِ يوماً (٣) : « يا بَرَاءُ ، يُقتَلُ ابني الحسينُ وانتَ حيٌّ لا تنصرُه » فلمّا قُتِلً الحسينُ بنُ عليّ عليهماالسلام كانَ البَراءُ بنُ عازب يقولُ : صدقَ ـ الله ـ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ، قُتِلَ الحسينُ ولم أنصُرْه. ثمّ يُظهرُ الحسرة على ذلكَ والنّدمَ (٤).
ـــــــــــــــــ
(١) اختلفت الروايات والمصادر في من تولى قتل الحسين عليهالسلام هل كان شمر بن ذي الجوشن الضبايى ، أو سنان بن أنس الأصبحي ، فالسائل عن شعر رأسه ولحيته أبو احد هذين ، وأما عمر بن سعد بن ابي وقاص فقيل انه ولد في عصر النبي صلىاللهعليهوآله ، وعده ابن فتحون في الصحابة ، وقيل ولد عام مات عمر بن الخطاب ، ومهما كان لم يكن آنذاك صبياً يحبو.
(٢) شرح ابن ابي الحديد ٢ : ٢٨٦ و ١٠ : ١٤ ، وأخرج نحوه بسند آخر ابن قولويه في كامل الزيارة : ٧٤ ، والصدوق في اماليه : ١١٥ / ١ ، ومرسلاً ذكره الشريف الرضي في خصائص الأئمة عليهمالسلام : ٦٢ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤ : ٢٥٨ / ٧.
(٣) في « م » وهامش « ش » : ذات يوم.
(٤) شرح ابن ابي الحديد ١٠ : ١٥ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٤ : ٢٦٢ / ١٨.
وهذا ـ أيضاً ـ لاحق بما قدّمنا ذِكْرَه منَ الانباءِ بالغُيوبِ والأعلامِ القاهرِة للقُلوبِ.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه عُثمانُ بنُ عيسى العامريّ ، عن جابرِ بنِ الحُر ، عن جُوَيرية بن مُسْهِر العبديِّ قالَ : لمّا توجّهْنا معَ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ عليهالسلام إِلى صِفِّيْنَ فبَلَغْنَا طُفوفَ كربلاءَ وقفَ عليهالسلام ناحيةً منَ العسكرِ ، ثمّ نظرَ يميناً وشمالاً واستعبرَ ثمّ قالَ : « هذا ـ والله ـ مُناخُ رِكابهم ومَوضعُ مَنِيَّتِهم » فقيلَ له : يا أميرَالمؤمنينَ ، ما هذا الموضعُ؟ قَالَ : « هذا كربلاءُ ، يقتَل فيه قومٌ يَدخلونَ الجنّةَ بغيرِ حسابٍ » ثمّ سارَ.
فكانَ النّاسُ لا يَعرفونَ تأويلَ ما قالَ حتّى كانَ من أمرِ أبي عبدِاللهِ الحسينِ بنِ عليٍّ عليهماالسلام وأصحابِه بالطَّفِّ ما كانَ ، فعَرفَ حينئذٍ من سَمِعَ مقالَه مِصداقَ الخبرِ فيما أنبأهم به (١).
وكانَ ذلكَ من علمِ الغيبِ والخبرِ بالكائنِ قبلَ كونه ، وهو المعجزُ الظّاهرُ والعَلَمُ الباهرُ حسبَ ما ذكرْناه.
والأخبارُ في هذا المعنى يَطولُ بها الشّرح ، وفيما أثبتْناه منها كفاية فيما قَصَدْناه.
ـــــــــــــــــ
(١) وأشار الى الواقعة نصر بن مزاحم في وقعة صفين : ١٤٠ ـ ١٤١ ، والصدوق في أماليه : ١١٧ / ٦ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٢٨٦ / ٦.
فصل آخر
ومن أعلامِه عليهالسلام الباهرةِ ما أبانَه الله تعالى به منَ القدرةِ ، وخصَّه به منَ القوّة ، وخرق العادة بالأعجوبةِ فيه.
فمن ذلكَ ما جاءتْ به الآثارُ وتظاهرت به الأخبارُ ، واتّفقَ عليه العلماءُ ، وسَلّمَ له المخالفُ والمؤالفُ من قصّةِ خَيْبَرَ وقلعِ أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام بابَ الحصْنِ بيدِه ، وَدحْوه به على الأرضِ ، وكانَ منَ الثِّقلِ بحيثُ لا يَحملهُ أقلُ من خمسينَ رجلاً.
وقد ذكر ذلكَ عبدُالله بن أحمد بن حَنْبَلٍ ، فيما رواه عن مشيختهِ فقالَ : حدّثَنا إِسماعيلُ بنُ إِسحاقَ القاضي قالَ : حدّثَنا إِبراهيمُ بنُ حَمْزةَ قالَ : حدّثَنا عبدُ العزيز بن محمد ، عن حَرَامٍ ، عن أبي عَتِيْق ، عن ابني جابِرٍ ، عن جابر : أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله دَفَعَ الرّايةَ إِلى عليِّ بنِ أبًي طالبِ عليهالسلام في يومِ خَيْبَرَ بعدَ أنْ دعا له ، فجعلَ علي عليهالسلام يُسرِعُ المَسيْر (١) وأصحابُه يقولونَ له : ارْفُقْ ، حتّى انتهى إِلى الحِصْنِ فاجتذبَ بابَه فألقاه بالأرضِ ، ثمّ اجتمعَ عليه منّا سبعونَ رجلاً وكان جَهْدَهم أن أعادوا البابَ (٢).
وهذا ممّا خصَه اللّه تعالى به منَ القوّةِ ، وخَرَقَ به العادةَ ، وجعلَه عَلَماً مُعجِزاً كما قدّمناه.
ـــــــــــــــــ
(١) في « م » وهامش « ش » : السير.
(٢) انظر حديث فتح خيبر في تاريخ دمشق ١ : ١٧٤ ـ ٢٤٨.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه أهلُ السِّيرة ، واشتهرَ الخبرُ به عند (١) العامّةِ والخاصّةِ ، حتّى نَظَمَتْه (٢) الشُّعَراء ، وخَطَبَتْ (٣) به البُلَغاء ، ورواه الفُقَهاء والعُلَماءُ ، من حديثِ الرّاهب بأرضِ كربلاءَ والصّخرةِ ، وشُهرتُه تُغني عن تكلًّفِ إِيرادِ الاسنادِ له. وذَلكَ أنّ الجماعةَ رَوَتْ : أن أميرَالمؤمنينَ عليَّ بنَ أبي طالب عليهالسلام لمّا توجّهَ إِلى صِفِّيْنَ ، لَحِقَ أصحابَه عطشٌ شديدٌ ونَفِدَ ما كانَ معَهم منَ الماءِ ، فأخذوا يميناً وشِمالاً يَلتمسونَ الماءَ فلم يجدوا له أثراً ، فعَدَلَ بهم أميرُ المؤمنينَ عنِ الجادّةِ وسارَ قليلاً فَلاحَ لهم دَيْرٌ في وَسَطِ البَرِّيةِ فسارَ بهم نحوَه ، حتّى إِذا صارَ في فِنائه أمرَ مَنْ نادى ساكِنَه بالاطِّلاعِ إِليهم فنادَوْه فاطَّلعَ ، فقالَ له أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام : « هل قُرْبَ قائمِكَ هذا ماء يَتَغوَّثُ به هؤلاءِ القومُ؟ » فقالَ : هَيْهاتَ ، بيني وبينَ الماءِ أكثرُ من فَرْسَخَيْن ، وما بالقُرْب منِّي شيء منَ الماءِ ، ولولا أنَني أُوتى بماءٍ يَكفيني كلًّ شهرٍ على الَتّقتير لَتَلِفْت عَطَشاً.
فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام : « أسَمِعْتُم ما قالَ الرّاهبُ؟ » قالوا : نعم ، أفَتَأْمُرُنا بالمَسِيْرِ إِلى حيثُ أومأ إِليه لَعَلَّنا نُدرِكُ الماءَ وبنا
ـــــــــــــــــ
(١) في « ش » : في.
(٢) في هامش « ش ». نظمه.
(٣) في هامش « ش » : خطب.
قوّةٌ؟ فقالَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام : « لا حاجةَ بكم إِلى ذلكَ » ولَوَى عُنقَ بغلتِه نحوَ القِبلةِ وأشارَ لهم إِلى مكانٍ يَقربُ منَ الدَّيْرِ فقالَ : « اكشِفوا الأرضَ في هذا المكانِ » فعَدَلَ جماعةٌ منهم إِلى الموضعِ فكشفوه بالمَساحي ، فظهرتْ (١) لهم صخرةٌ عظيمةٌ تَلمعُ ، فقالوا : يا أَميرَ المؤمنينَ ، هنا صخرةٌ لا تَعملُ فيها المَساحي ، فقالَ لهم : « إِنّ هذهِ الصّخرةَ على الماءِ فإِنْ زالتْ عن موضعِها وَجَدْتُم الماءَ ، فاجتَهِدوا في قَلْبِها » فاجتمعَ القومُ ورامُوا تحريكَها فلم يَجِدُوا إِلى ذلكَ سبيلاً واستصعبتْ عليهم. فلمّا رآهم عليهالسلام قدِ اجتمعوا وبذلوا الجهدَ في قلع الصّخرةِ فاستصعبتْ (٢) عليهم ، لوى عليهالسلام رِجْلَه عن سَرْجِه حتّى صارَ على الأرضِ ، ثمّ حَسَرَ عن ذِراعيه ووَضَعَ أصابِعَه تحتَ جانبِ الصّخرةِ فحرّكَها ، ثمّ قَلَعَها بيدِه ودَحا بها أذرُعاً كثيرةً ، فلمّا زالتْ عن مكانِها ظهرَ لهم بَياضُ الماءِ ، فتَبادَروا إِليه فشرِبوا منه ، فكان أَعذَب ماءٍ شرِبوا منه في سَفرِهم وأبردَه وأصفاه ، فقالَ لهم : « تَزوَدوا وارتَوُوا » ففعلوا ذلكَ.
ثمّ جاءَ إِلى الصّخرةِ فتَناوَلهَا بيدِه ووَضَعَها حيثُ كانت ، وأمرَ أنْ يُعفى أثرُها بالتُّراب ، والرّاهبُ ينَظرُ من فوقِ دَيْرِه ، ـ فلمّا استوفى عِلْمَ. ما جرى نادى : ياَ مَعْشَرَ النّاس أنْزِلُوني أنْزِلُوني. فاحتالوا في إنزالهِ فوقفَ بين يَدَيْ أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام فقالَ له : يا هذا أَنتَ نبيٌ مُرسَل؟ قالَ : « لا » قالَ : فمَلَكٌ مقرَّبٌ؟ قالَ : « لا » قالَ : فمن أَنتَ؟
ـــــــــــــــــ
(١) في « م » وهامش « ش » : وظهرت.
(٢) في هامش « ش » و « م » نسخة : فامتنعت.
قالَ : « أنا وصي رسولِ الله محمّد بنِ عبدِالله خاتمِ النّبيِّينَ » قالَ : ابسُطْ يدَكَ أُسْلِمْ للهِ تباركَ وتعالى على يدِكَ ، فبسطَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام يدَه وقالَ له : « اشهَدِ الشّهادَتَين » فقالَ : أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله ، وأشهَدُ أنّ محمّداً رسولُ اللهِ ، وأشهَدُ أنًّكَ وصيُّ رسولِ اللّهِ وأحقُ النّاسِ بالأمرِ من بعدِه. فأخذَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام عليه شرائطَ الإسلامِ ثمّ قالَ له : « ما الّذي دعاكَ الآنَ إِلى الإسلامِ بعدَ طولِ مُقامِكَ في هذا الديْرِ على الخِلافِ؟ » فقالَ : أُخبرُكَ ـ يا أميرَ المؤمنينَ ـ إنّ هذا الديْرَ بًنِيَ على طَلَب قالِع هذهِ الصّخَرةِ ومُخرِجِ الماءِ من تحتِها ، وقد مضى عالم قبليَ لم يُدرِكوا ذلكَ ، وقد رَزَقَنِيْه اللّهُ عزّوجلّ ، وإنّا نَجِدُ في كتابٍ من كُتُبنا ونَأْثُرُعن علمائنا ، أنّ في هذا الصّقعِ عيناً عليها صخرةٌ لا يَعرِفُ مكَانَها إِلاّ نبي أو وصيُّ نبيٍّ ، وانّه لا بدّ من وليٍّ للّهِ يَدعوإِلى الحقِّ آيتهُ معرِفةُ مكانِ هذهِ الصّخرةِ وقدرتهُ على قلعِها ، وإِثَي لمّا رأيتُك قد فعلتَ ذلكَ تَحَقَقْتُ ما كُنّا ننتظِرُه وبَلَغْتُ الأمْنِيّةَ منه ، فأنا اليومَ مُسلِمٌ على يدِكَ ومؤمنٌ بحقِّكَ ومولاكَ.
فلمّا سَمِعَ ذلكَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام بكى حتّى اخضَلّتْ لحيتهُ منَ الدُّموعِ ثمّ قالَ : « الحمدُ للّهِ الّذي لم أكُنْ عندَه مَنْسِيّاً ، الحمدُ لله الّذي كُنتُ في كُتُبِه مَذكوراً » ثمّ دعا النّاسَ فقالَ لهم : « اسمَعوا ما يَقولُ أخوكم هذا المُسلِمُ » فسَمِعُوا مَقالتَه (١) ، وكَثُرَ حَمْدُهم للهِّ وشُكْرُهم على النِّعمةِ الّتي أَنعمَ اللّهُ بها عليهم في معرفتِهم بحقِّ أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام.
ـــــــــــــــــ
(١) في « م » وهامش « ش » : مقاله.
ثمّ سارَ عليهالسلام والرّاهبُ بينَ يديهِ في جملةِ أصحابه حتّى لَقِيَ أهلَ الشّام ، فكانَ الرّاهب من جملةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ معَه ، فتولى عليهالسلام الصّلاةََ عليهِ ودَفنَه وأكثرَ منَ الاستغفارِ له ، وكانَ إِذا ذكرَه يقولُ : « ذاكَ مولاي » (١).
وفي هذا الخبرِ ضرُوبٌ منَ المعجزِ : أحدُها : علمُ الغيبِ ، والثّاني : القوّةُ الّتي خَرَقَ العادةَ بها وتميّزَ بخصوصيَّتِها منَ الأنامِ ، معَ ما فيه من ثبوتِ البشارةِ به في كُتُب اللّهِ الأولى ، وذلكَ مِصداقُ قولهِ تعالى : ( ذَلِكَ مَثًلهُمْ فيِ التَّورَاةِ وَمَثَلُهُمْ فيِ الإنْجِيْلِ ) (٢) وفي ذلكَ يقولُ إِسماعيلُ بنُ محمّدٍ الحِمْيريّ في قصيدتِه البائيّةِ المُذهبَةِ :
[١] وَلَقَدْسَرَى فِيْما ( يًسَيِّرُ
ليلَةً ) (٣) |
|
بَعْدَ العِشَاءِ بِكَربلا فِيْ
مَوْكِبِ |
[٢] حتَى أتَى متبتلاً فيْ قَائم |
|
ألْقَى قَوَاعِدَهُ بِقَاع مُجْدِب |
[٣] يأتيه ليس بِحَيْثُ ( يُلْفِيْ عامراً ) (٤) |
|
( غيرالوحوشِ ) (٥) وغير أصْلَعً أشيَبِ |
[٤] فدَنَا فَصَاحَ بهِ فَأشْرَفَ مَاثِلاً |
|
كَالنَّسْرِفَوْقَ شَظِيَّةٍ مِنْ
مَرْقَبٍ |
[٥]هَلْ قُرْبَ قَائِمِكَ الَّذِيْ بُوِّئتهُ |
|
مَاءٌ يُصَاب فقالَ مَامِنْ مَشْرَب |
[٦] إلاّبِغَايَةِ فَرْسَخَيْنِ ومَنْ لَنَا |
|
بِاْلمَاءِ بَيْنَ نَقَاًوَقِيّ
سَبْسَبِ |
ـــــــــــــــــ
(١) نقل هذه الحادثة باختلاف في الالفاظ كل من الرضي في خصائص الائمة : ٥٠ ، وابن شاذان في فضائله : ١٠٤ ، والراوندي في الخرائج ١ : ٢٢٢ / ٦٧ ، والطبرسي في اعلام الورى : ١٧٨ ، وكذلك نقلها نصر بن مزاحم في وقعة صفين : ١٤٤ ، وعن ابن ابي الحديد في الشرح ٣ : ٢٠٤ ، ونقلها العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٢٦٠ / ٢١ ؛ ولمزيد من المصادر انظر احقاق الحق ٨ : ٧٢٢.
(٢) الفتح ٤٨ : ٢٩.
(٣) في هامش « ش » و « م » : يَسِيْرُ بلَيْلَةٍ.
(٤) في هامش « ش » و « م » : يُلْقَىَ عَامر غَيْرُ.
(٥) في « ش » : الّا الوًحُوْشَ.
[٧] فَثَنَى الأعِنَةَ نَحْوَ وعث فاجْتَلَى |
|
مَلْسَاءَ تَلْمَعُ كَاللُّجَيْنِ
المُذْهَب |
[٨] قَالَ اقْلِبُوْهَا إِنَّكمْ إِنْ تَقْلِبُوْا |
|
تَرْوَوْا وَلاَ تَرْوَوْنَ إِنْ لَمْ
تقْلَبَ |
[٩] فَاعْصَوْصَبوْا في قَلْبهَا فَتَمَنَعَتْ |
|
عَنْهُمْ تَمَنُّعَ صعبَةٍ لَم
تُرْكَب |
[١٠] حَتَى إِذَا أعْيَتْهُمُ أَهْوَت (١) لَهَا |
|
كَفٌّ مَتَى تَرُمِ (٢) المُغَالِبَ تَغْلِبَ |
[١١] فَكَأنَّهَا كُرَة بِكَفِّ حَزَوَرٍ |
|
عَبْلِ الذِّرَاعِ دَحَا بهَا فيْ
مَلْعَبِ |
[١٢] فَسَقَاهُمُ مِنْ تَحْتِهَا مُتَسَلْسلاً |
|
عَذْبَاً يَزِيْدُ عَلَى الألَذًّ
الأعَذَبِ |
[١٣] حَتَّى إذاشَرِبُوْا جَمِيْعَاً رَدَهَا |
|
وَمَضَى فَخِلْتَ مَكَانَهَا لَمْ
يُقْرَب |
[١٤] أعْنِي ابْنَ فاطمة الْوَصِيّ ْومن يَقُلْ |
|
فيْ فضلِهِ وفعاله لم (٣) يَكْذِبِ (٤) |
ـــــــــــــــــ
(١) في « ش » أهوى.
(٢) في « م » وهامش « ش » : تُردِ.
(٣) في « م » : لا.
(٤) قال السيد المرتضى رضياللهعنه في شرح هذه القصيدة ـ وقد وزعناه على تسلسل الابيات ـ قال :
[١] السرى : سير الليل كله.
[٢] والمتبتّل : الراهب ، والقائم : صومعته ، والقاع : الارض الحرّة الطين التي لا حزونة فيها ولا انهباط ، والقاعدة : اساس الجدار وكلّ ما يبنى ، والجدب : ضدّ الخصب.
[٣] ومعنى « يأتيه » : أي يأتي هذا الموضع الذي فيه الراهب ، ومعنى [ليس بحيث يلقى] « عامراً » : أنه لا مقيم فيه سوى الوحوش ، ويمكن أن يكون مأخوذاً من العمرة التي هي الزيارة ، والأصلع الأشيب : هو الراهب.
[٤] الماثل : المنتصب ، وشبه الراهب بالنسر لطول عمره ، والشظيّة : قطعة من الجبل مفردة. والمرقب : المكان العالي.
[٦] والنقا : قطعة من الرمل تنقاد محدودبة ، والقيّ : الصحراء الواسعة ، والسبسب : القفر.
[٧] والوعث : الرمل الذي لا يسلك فيه ، ومعنى « اجتلى ملساء » : نظر الى صخرة ملساء فتجلت لعينه ، ومعنى « تبرق » : تلمع ، ووصف اللجين بالمذهب لأنه أشدّ لبرقيه ولمعانه.
[٩] ومعنى « اعصوصبوا » : اجتمعوا على قلعها وصاروا عصبة واحدة.
[١٠] ومعنى « اهوى لها » : مدّ إِليها ، والمغالب : الرجل المغالب.
[١١] والحزوّر : الغلام المترعرع ، والعبل : الغليظ الممتلئ الممتك.
فصل
ومن ذلكَ ( ماتَظاهَربهِ الخبرُمن بعثةِ ) (١) رسولِ الله صلىاللهعليهوآله له إلى وادي الجنِّ ، وقد أخبرَه جَبْرئيْلُ عليهالسلام بأَنّ طوائفَ منهم قدِ اجتمعوا لِكَيْدِه ، فأغنى عن رسولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله وكفى الله المؤمنينَ به كيدهم ، ودفعهم عن المسلمين بقوّته الّتي بان بها من جماعتهم.
فروى محّمدُ بنُ أبيِ السرَّيّ التّميميّ ، عن أحمد بن الفَرجِ ، عنِ الحسنِ بنِ موسى النَهديِّ ، عن أبيهِ ، عن وَبَرَة بن الحارثِ ، عنِ ابنِ عبّاسٍ رحمةُ اللّهِ عليهِ قالَ : لمّا خرجَ النبي صلىاللهعليهوآله إِلى بني المُصْطَلِقِ جَنَّبَ عنِ الطّريقِ ، وأدركَه الليلُ فنزلَ بقرب وادٍ وَعْرٍ ، فلمّا كانَ في آخرِ الليلِ هبطَ عليه جْبرئيْلُ عليهالسلام يُخبرهُ أن طَائفةً من كفار
ـــــــــــــــــ
[١٢] والمتسلسل : الماء السلسل في الحلق ، ويقال انه البارد أيضاً.
[١٤] وابن فاطمة : هو أميرالمؤمنين عليهالسلام. انتهى كلامه رفع الله مقامه ، نقله العلامة المجلسي في البحار٤١ : ٢٦٤ ـ ٢٦٦.
انظر مصادر حديث الراهب في :
وقعة صفيم ت : ١٤٤ ، امالي الصدوق : ١٥٠ ، خصائص الأئمة : ٥١ ، شرح النهج لابن ابي الحديد ٣ : ٢٠٤.
وفي المطبوعة زيادة : « وزاد فيها ابن ميمون قوله :
وَأبَانَ
رَاهِبهَا سرَيرةَ مُعْجِزٍ |
|
فيْهَا وآمَنَ
بالوَصي المُنتجب |
وَمَضَ شَهِيْدَاً
صَادِقَاَ فيْ نَصْرِه |
|
أَكْرمْ بهِ من
رَاهِب مُتَرهبَ |
رجُلاً كِلا
طَرَفَيْهِ منْ سَام وَمَا |
|
حَامٌ لَهَُ بأَب
وَلاًَ بأبي أبِ |
منْ لا يَفِرّ
وَلاَ يرَى فيْ مَعْرَكٍ |
|
إِلأَ
وَصَارِمُهَُ الْخَضِيبَ المَضرْب » |
(١) في « ش » : ما تظاهرت به الاَخبار من بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآله .
الجنِّ قدِ استبطنوا الواديَ يريدونَ كيدَه وإيقاعَ الشّرِّ بأصحابه عندَ سلوكِهم إِيّاه ، فدعا أميرَ المؤمنينَ علي بنَ أبي طالبٍ عليهالسلام وقالَ له : « اذهبْ إِلى هذا الوادي ، فسيَعرِضُ لكَ من أعداءِ اللّهِ الجنَ مَنْ يُريدُك ، فادفعْه بالقوّة الّتي أعطاكَ اللهُ عزّ وجلّ ، وتَحصَّنْ منه بأسماءِ اللهِ الّتي خَصَّكَ بعلمِها » وأنفذَ معَه مائةَ رجلٍ من أخلاطِ النّاسِ ، وقالَ لهم : « كونوا معَه وامتثِلوا أمرَه ».
فتوجّهَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام إِلى الوادي ، فلمّا قاربَ شَفِيرَه أمرَ المائةَ الّذينَ صَحِبوه أن يَقِفوا بقرب الشّفيرِ ، ولا يُحدِثوا شيئاً حتّى يَأذنَ لهم. ثمّ تقدّمَ فوقفَ على شفيرِ اَلوادي ، وتعوّذَ باللهِ من أعدائه ، وسمّى الله عزّوجلّ وأومأ إِلى القوم الّذينَ تَبِعوه أن يَقرُبوا منه فقَربوا ، فكانَ بينَهم وبينَه فُرجةٌ مسافتُها غًلْوةٌ (١) ، ثمّ رَامَ الهبوطَ إِلى الوادي فاعترضتْه (٢) ريحٌ عاصفٌ كادَ أن يَقَعَ القومُ على وجوهِهم لشدّتِها ، ولم تَثبُتْ أقدامُهم على الأرضِ من هَوْلِ ما لَحِقَهم. فصاحَ أميرُ المؤمنينَ : « أنا عليُّ بنُ أبي طالبِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ ، وصيُّ رسولِ الله وابنُ عمِّه؛ اثبُتُوا إِنْ شِئتم » فظهَرَ للقوم أشخاص على صورةِ الزُّطِّ (٣) تخيّل في أيديهم شُعَلُ النّارِ ، قدِ اطمأنوا بجَنَبَاتِ الوادي ، فتوغّلَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام بطنَ الوادي وهو يتلو القرآنَ ويُومِئ بسيفِه يميناً وشِمالاً ، فما لَبِثَتِ الأشخاصُ حتّى صارتْ كالدُّخَانِ الأسودِ ، وكبّرَ
ـــــــــــــــــ
(١) الغلوة : المسافة التي يبلغها السهم عند رميه « مجمل اللغة ـ غلو ـ ٣ : ٦٨٣ ».
(٢) في « م » وهامش « ش » : فاعترضت.
(٣) الزط : جيل من الناس ، الواحد زطي. « الصحاح ـ زطط ـ ٣ : ١١٢٩ » وفي هامش « ش » : الزط : قوم من الزنج.