أحمد بن محمّد مهدي النّراقي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-81-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٩١
البحث الخامس
في سائر ما يتعلّق بهذا الباب
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : يستحبّ في صلاة العيدين زيادة على ما مرّ أمور :
منها : أن يصلّي في مكان بارز ـ أي غير مسقّف ـ بالإجماع ؛ له ، ولصحيحة أبي بصير : « لا ينبغي أن تصلّي صلاة العيد في مسجد مسقّف ولا في بيت ، إنّما تصلّي في الصحراء أو في مكان بارز » (١).
وأن يكون مكانا يرى فيه آفاق السماء ؛ للمستفيضة من الأخبار (٢).
والأفضل الإصحار بها أي الخروج إلى الصحراء ، بالإجماع كما نقله جماعة (٣) ؛ وهو الدليل عليه ، مضافا إلى المعتبرة ، كمرفوعة محمّد : « السنّة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين ، إلاّ أهل مكّة فإنّهم يصلّون في المسجد الحرام » (٤).
وصحيحة معاوية : « وينبغي للإمام أن يلبس يوم العيدين بردا ، ويعتم ، شاتيا كان أو قائظا ، ويخرج إلى البر حيث ينظر إلى آفاق السماء ، ولا يصلّي على حصير ولا يسجد عليه » (٥).
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧١ ، الوسائل ٧ : ٤٤٩ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٢.
(٢) الوسائل ٧ : ٤٤٩ أبواب صلاة العيد ب ١٧.
(٣) انظر : المنتهى ١ : ٣٤٤ ، والذخيرة : ٣٢٢ ، والرياض ١ : ١٩٥.
(٤) الكافي ٣ : ٤٦١ الصلاة ب ٩٣ ح ١٠ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ـ ٣٠٧ ، الوسائل ٧ : ٤٥١ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٨.
(٥) الكافي ٣ : ٤٦٠ الصلاة ب ٩٣ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٤٠ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١ وب ١٧ ح ٦.
ومرسلة الفقيه : عن قول الله عزّ وجل ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى ) قال : « من أخرج الفطرة » فقيل له ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) قال : « خرج إلى الجبّانة فصلّى » (١) والجبّانة والجبّان : الصحراء.
وعن النهاية : لا تجوز إلاّ في الصحراء (٢). قيل : ولعلّ مراده تأكّد الاستحباب (٣).
ومقتضى المرفوعة ورواية أخرى (٤) استثناء مكّة ـ كما صرّح به أكثر الأصحاب أيضا (٥) ـ فإنّ أهلها يصلّون في المسجد الحرام. ولتكن فيه أيضا تحت السماء ؛ للعمومات السابقة.
وألحق بها الإسكافيّ المدينة ؛ للحرمة (٦). وعن الحلّي حكايته عن طائفة أيضا (٧).
ويردّه العمومات وخصوص رواية المراديّ (٨).
ويستثنى أيضا حال الضرورة المانعة عن الخروج ، ووجهه ظاهر. بل الموجبة لمشقّة ، كمطر أو وحل أو برد أو حرّ أو خوف ؛ لعمومات نفي العسر والحرج ، وعدم إرادة الله سبحانه العسر من العباد ، وفي بعض الأخبار إشعار به أيضا.
ومنها : يستحبّ أن يكون الخروج بعد طلوع الشمس ، بالإجماع كما عن
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٥٠ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٤.
(٢) النهاية : ١٣٣.
(٣) الرياض ١ : ١٩٥.
(٤) الفقيه ١ : ٣٢١ ـ ١٤٧٠ ، الوسائل ٧ : ٤٤٩ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٣.
(٥) انظر المعتبر ٢ : ٣١٦ ، والذخيرة : ٣٢٢ ، والرياض ١ : ١٩٥.
(٦) حكاه عنه في المختلف : ١١٥.
(٧) السرائر ١ : ٣١٨.
(٨) الكافي ٣ : ٤٦٠ الصلاة ب ٩٣ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٤٥١ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٧.
الخلاف (١) ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخرج بعده كما في بعض الأخبار (٢) ، ومولانا الرضا عليهالسلام خرج بعده (٣).
ولصحيحة زرارة : « أذانهما طلوع الشمس ، فإذا طلعت خرجوا » (٤).
وموثّقة سماعة : عن الغدوّ إلى الصلاة في الفطر والأضحى ، فقال : « بعد طلوع الشمس » (٥).
والمرويّ في الإقبال : « لا تخرج من بيتك إلاّ بعد طلوع الشمس » (٦).
وعن المفيد أنّ وقته قبل الطلوع (٧) ، ولا مستند له واضحا ، وما مرّ يردّه ، ونسب إلى ظاهر جوامع الجامع للطبرسي أيضا (٨) ، ولا ظهور له فيه.
ومنها : أن يسجد على الأرض دون غيرها ممّا يصحّ السجود عليه ، إظهارا لمزيد التذلّل فيها ؛ وعليه تدلّ جملة من الصحاح وغيرها (٩).
بل يستحبّ أن يصلّي على الأرض بحيث لا يكون تحته بساط ولا بارية ولا حصير ، لصحيحة معاوية وفيها : « لا تصلّينّ يومئذ على بساط ولا بارية » (١٠)
واخرى وفيها ـ في صلاة العيد ـ : « ولا يصلى على حصير ولا يسجد عليه » (١١).
__________________
(١) الخلاف ١ : ٦٧٥.
(٢) الوسائل ٧ : ٤٥٢ أبواب صلاة العيد ب ١٨.
(٣) كما في الوسائل ٧ : ٤٥٣ أبواب صلاة العيد ب ١٩ ح ١.
(٤) الكافي ٣ : ٤٥٩ الصلاة ب ٩٢ ح ١٠ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٦ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٥.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٥٩ ، الوسائل ٧ : ٤٧٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٩ ح ٢.
(٦) الإقبال : ٢٨١ ، الوسائل ٧ : ٤٥٢ أبواب صلاة العيد ب ١٨ ح ٢.
(٧) المقنعة : ١٩٤.
(٨) جوامع الجامع : ٤٩٣.
(٩) انظر : الوسائل ٧ : ٤٤٩ أبواب صلاة العيد ب ١٧.
(١٠) التهذيب ٣ : ٢٨٥ ـ ٨٤٩ ، الوسائل ٧ : ٤٥١ أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ١٠.
(١١) الكافي ٣ : ٤٦٠ الصلاة ب ٩٣ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٥٠ أبواب
ويدلّ عليه الرضويّ الآتي.
ومنها : أن يقول المؤذّن عوض الأذان والإقامة ـ فإنّه لا أذان لها ولا إقامة ـ : الصلاة ، بالرفع أو النصب ، ثلاثا ، بلا خلاف فيه بين العلماء كما قيل (١) ، لصحيحة إسماعيل بن جابر : أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال : « ليس فيهما أذان ولا إقامة ، ولكنّها ينادى : الصلاة ، ثلاث مرّات » (٢) إلى غير ذلك.
وعن العمانيّ : أنّه يقال : الصلاة جامعة (٣) ، ولم نقف على مستنده.
وهل المقصود من النداء الإعلام بالخروج إلى الصلاة فينادي عند الخروج ، أو بالدخول فيها فينادي عند القيام إليها؟.
الظاهر تأدّي السنّة بكلّ منهما كما قيل (٤).
والظاهر اختصاص هذا النداء بالجماعة ، فلا نداء في الانفراد.
ومنها : الخروج إلى الصلاة ـ جماعة أو فرادى ـ بعد الغسل ، متطيّبا ، لابسا أحسن ثيابه ، كما استفاضت به الروايات.
منها : صحيحة ابن سنان المتقدّمة (٥) ، والرضوي : « وإذا أصبحت يوم الفطر اغتسل ، وتطيّب ، وتمشّط ، والبس أنظف ثيابك ، وأطعم شيئا من قبل أن تخرج إلى الجبّانة ، فإذا أردت الصلاة فابرز تحت السماء ، وقم على الأرض ، ولا تقم على غيرها » (٦).
__________________
صلاة العيد ب ١٧ ح ٦.
(١) المدارك ٤ : ١١٣.
(٢) الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧٣ ، التهذيب ٣ : ٢٩٠ ـ ٨٧٣ ، الوسائل ٧ : ٤٢٨ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١.
(٣) حكاه عنه في المنتهى ١ : ٢٤٥.
(٤) المدارك ٤ : ١١٣.
(٥) في ص ١٦٤.
(٦) فقه الرضا «ع» : ٢١٣ ، مستدرك الوسائل ٧ : ١٣٣ أبواب صلاة العيد ب ١٤ ح ٣.
والمروي في الدعائم : « ينبغي لمن خرج إلى العيد أن يلبس أحسن ثيابه ، ويتطيّب بأحسن طيبه » (١).
ومنها : خروج الإمام حافيا ، ماشيا ، مشمّرا ثيابه ، لخروج النبيّ والوصيّ ومولانا الرضا عليهالسلام كذلك ، كما تدلّ عليه الرواية المرويّة في خروج مولانا عليهالسلام في مرو ، وفيها : أنّه لما بعث إليه المأمون أن يصلّي العيد ، قال : « وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام » فقال المأمون : اخرج كيف شئت ، وأمر المأمون القوّاد والناس أن يركبوا ويباكروا إلى باب أبي الحسن عليهالسلام ـ إلى أن قال ـ : فلمّا طلعت الشمس قام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن ، ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه ، وتشمّر ، وقال لجميع مواليه : « افعلوا مثل ما فعلت » ثمَّ أخذ بيده عكازا ، ثمَّ خرج ونحن بين يديه ، وهو حاف قد شمّر سراويله إلى نصف الساق ، وعليه ثياب مشمّرة ـ إلى أن قال ـ : فتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج والصياح لمّا نظروا إلى أبي الحسن عليهالسلام ، وسقط القوّاد عن دوابهم ورموا بخفافهم (٢) الحديث.
ومنه يثبت استحباب ذلك للمأمومين أيضا ، وتدلّ عليه حكاية الإجماع على الإطلاق عن التذكرة ونهاية الإحكام (٣) ، والمروي في المعتبر والتذكرة : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « من اغبرت قدماه في سبيل الله تعالى حرمهما على النار » (٤).
وهذا أيضا سبيل الله ، كما يدلّ عليه المروي في الدعائم : عن عليّ عليهالسلام أنّه كان يمشي في خمس مواطن حافيا ويعلّق نعليه بيده اليسرى ، وكان
__________________
(١) الدعائم ١ : ١٨٥ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٣٠ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١.
(٢) الكافي ١ : ٤٨٨ الحجّة ب ١١ ح ٧ ، العيون ٢ : ١٤٧ ـ ٢١ ، الوسائل ٧ : ٤٥٣ أبواب صلاة العيد ب ١٩ ح ١.
(٣) التذكرة ١ : ١٥٩ ، نهاية الإحكام ٢ : ٦٤.
(٤) المعتبر ٢ : ٣١٧ ، التذكرة ١ : ١٦٠ ، والحديث عامي موجود في مسند أحمد ٣ : ٤٧٩.
يقول : إنّها مواطن لله فأحبّ أن أكون فيها حافيا ، يوم الفطر ، ويوم النحر ، ويوم الجمعة ، وإذا عاد مريضا ، وإذا شهد جنازة (١).
بل يستفاد من إطلاق الإجماع وما بعده استحبابه للمنفرد.
وكذا يظهر من رواية صلاة مولانا استحباب التعمّم لكلّ من الإمام والمأموم ، ويدلّ عليه بعض روايات أخر (٢).
ومنها : الذهاب إلى المصلّى من طريق والعود من آخر ، بل الظاهر استحباب ذلك في كلّ ذهاب وإياب ، ففي رواية السكونيّ : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا خرج إلى العيدين لم يرجع عن الطريق الذي بدأ فيه ، يأخذ في طريق غيره (٣).
وفي رواية موسى بن عمر : قلت للرضا عليهالسلام : إنّ الناس رووا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره ، فهكذا كان؟ قال : فقال : « نعم فأنا أفعل كثيرا » ثمَّ قال لي : « أما إنّه أرزق لك » (٤).
ونحوه روي في الإقبال ، وفي آخره : « وهكذا فافعل فإنّه أرزق لك » (٥).
المسألة الثانية : يستحبّ أن يطعم قبل خروجه إلى الصلاة في عيد الفطر ، وبعد عوده في الأضحى ، بإجماع أصحابنا كما نصّ عليه جماعة (٦) ، وهو الحجّة فيه ، للنصوص المستفيضة ، منها : رواية المدائنيّ : « اطعم يوم الفطر قبل أن تصلّي ، ولا تطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام » (٧).
__________________
(١) الدعائم ١ : ١٨٥ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٣٦ أبواب صلاة العيد ب ١٥ ح ٣.
(٢) انظر : الوسائل ٧ : ٤٤٠ أبواب صلاة الجمعة ب ١١.
(٣) الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٧٩ ، الوسائل ٧ : ٤٧٩ أبواب صلاة العيد ب ٣٦ ح ١.
(٤) الكافي ٥ : ٣١٤ المعيشة ب ١٥٩ ح ٤١ ، الكافي ٨ : ١٤٧ ـ ١٢٤ ، الوسائل ٧ : ٤٧٩ أبواب صلاة العيد ب ٣٦ ح ٢.
(٥) الإقبال : ٢٨٣ ، الوسائل ٧ : ٤٧٩ أبواب صلاة العيد ب ٣٦ ذ. ح ٢.
(٦) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٣١٧ ، والعلاّمة في التذكرة ١ : ١٥٩ ، وصاحب المدارك ٤ : ١١٤.
(٧) الكافي ٤ : ١٦٨ الصيام ب ٢٦ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ١١٣ ـ ٤٨٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ، ٣١٠ ،
ويؤكّده أنّ الصدقة في الفطر قبل الصلاة وفي الأضحى بعدها ، فاستحبّ فيهما أن يكون الأكل حين أكل المساكين لتشاركهم فيه ، ولأنّ في تعجيل الإطعام في الفطر دفعا لهواجس النفس ، وفي الأضحى يستحبّ الأكل من الأضحيّة ولا يكون إلاّ بعد الصلاة.
ويستحبّ في الأوّل الحلو ، لفتوى جماعة ـ منهم : المبسوط والسرائر والمهذّب والمنتهى والتحرير والتذكرة (١) ـ به.
وأفضل الحلو التمر أو الزبيب أو السكّر ، للمرويّين في الإقبال والفقه الرضويّ :
الأوّل : « كل تمرات يوم الفطر ، فإن حضرك قوم من المؤمنين فأطعمهم مثل ذلك » (٢).
والثاني : « والذي يستحبّ الإفطار عليه يوم الفطر الزبيب والتمر ، وأروي عن العالم الإفطار على السكّر » (٣).
وفي الثاني أضحيته إن كان ممّن يضحى ، للأخبار ، منها : صحيحة زرارة : « لا تخرج يوم الفطر حتّى تطعم شيئا ، ولا تأكل يوم الأضحى إلاّ من هديك وأضحيّتك إن قويت عليه ، وإن لم تقو فمعذور » (٤).
وأمّا الإفطار بالتربة الحسينيّة فقد ورد في بعض الروايات (٥) ، ولكن لشذوذه ـ كما صرّح به في الروضة وغيرها (٦) ـ يشكل تخصيص أخبار الحرمة به (٧) ، فالترك
__________________
الوسائل ٧ : ٤٤٤ أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ٥.
(١) المبسوط ١ : ١٦٩ ، السرائر ١ : ٣١٨ ، المهذّب ١ : ١٢١ ، المنتهى ١ : ٣٤٥ ، التحرير ١ : ٤٦ ، التذكرة ١ : ١٥٩.
(٢) الإقبال : ٢٨١ ، الوسائل ٧ : ٤٤٥ أبواب صلاة العيد ب ١٣ ح ٢.
(٣) فقه الرضا «ع» : ٢١٠ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٣٠ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢.
(٤) الفقيه ١ : ٣٢١ ـ ١٤٦٩ ، الوسائل ٧ : ٤٤٣ أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ١.
(٥) انظر : الوسائل ٧ : ٤٤٥ أبواب صلاة العيد ب ١٣ ح ١.
(٦) الروضة ١ : ٣٠٨ ، وانظر : مجمع الفائدة ٢ : ٤٠٩.
(٧) كما في الوسائل ٢٤ : ٢٢٠ و ٢٢٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٥٨ و ٥٩.
أحوط.
المسألة الثالثة : يرجّح التكبير في العيدين ، بالإجماع ، والأخبار المستفيضة بل المتواترة ، الآتي ذكر جملة منها.
ولا يجب ، بل يستحبّ على الأقوى الأشهر ، بل عليه كافّة من تأخّر ، وفي شرح القواعد : أنّه قول الأكثر ، بل قال بإمكان ادّعاء الإجماع عليه (١) ، بل عن المنتهى عليه الإجماع (٢).
للأصل ، ورواية النقّاش : « أما إنّ في الفطر تكبيرا ولكنّه مسنون » قال ، قلت : وأين هو؟ قال : « في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد ، ثمَّ يقطع » قال ، قلت : كيف أقول؟ قال : تقول : « الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلاّ الله ، والله أكبر الله أكبر الله أكبر (٣) ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، وهو قول الله تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) ـ يعني الصيام ـ ( وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ ) » (٤).
وصحيحة عليّ : عن التكبير أيّام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال : « يستحبّ ، وإن نسي فلا شيء عليه » (٥).
والمرويّ في مستطرفات السرائر : عن التكبير بعد كلّ صلاة ، قال : « كم شئت ، إنّه ليس بمفروض » (٦).
__________________
(١) جامع المقاصد ٢ : ٤٤٨ ـ ٤٤٩.
(٢) المنتهى ١ : ٢٤٧.
(٣) التكبير الثالث لا يوجد في المصادر ، وهو موافق لنسخة الوافي ٩ : ١٣٤١.
(٤) الكافي ٤ : ١٦٦ الصيام ب ٣٥ ح ١ ، الفقيه ٢ : ١٠٨ ـ ٤٦٤ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ـ ٣١١ ، الوسائل ٧ : ٤٥٥ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٢.
(٥) التهذيب ٥ : ٤٨٨ ـ ١٧٤٥ ، قرب الإسناد : ٢٢١ ـ ٨٦٢ ، الوسائل ٧ : ٤٦١ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١٠.
(٦) مستطرفات السرائر : ٣٠ ـ ٢٧ ، الوسائل ٧ : ٤٦٥ أبواب صلاة العيد ب ٢٤ ذ. ح ١.
وحمل السنة في الأولى على الوجوب النبويّ دون الكتابيّ ـ مع عدم مناسبته للاستدراك فيه ـ ينافي ذيلها المصرّح بالوجوب الكتابيّ ، كما دلّ عليه بعض نصوص أخر ، وصرّح به جمع من المفسرين منهم : التبيان والمجمع وفقه القرآن للراونديّ (١) ، وكذا ينافي قوله سبحانه ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ ) (٢) فإنّها أيّام التشريق ، والذكر فيها التكبير كما في الخبر الصحيح (٣).
ومنه يظهر عدم إمكان حمل الفرض المنفيّ في الأخير على الكتابيّ أيضا ، مع أنّه غير ملائم لجعله النفي علّة للتفويض إلى المشيّة.
كما أنّ العدول إلى الجواب بقوله « يستحبّ » في الثانية لا يلائم حمل الاستحباب فيها على المعنى الشامل للوجوب أيضا ، بل هو صريح في أنّ المراد به المعنى المصطلح.
نعم يمكن الخدش في دلالة الأخيرة بعدم صراحتها في التكبيرات المطلوبات ، فيحتمل المسنون في التعقيب.
خلافا للمنقول في الفطر خاصّة عن متشابه القرآن لابن شهرآشوب (٤) ، وفي الأضحى كذلك مطلقا عن جمل السيّد (٥) ، وعلى من كان بمنى عن التبيان والمبسوط والاستبصار والجمل والعقود وروض الجنان للشيخ أبي الفتوح وفقه القرآن للراونديّ والقاضي وابن حمزة (٦) ، وفيهما عن السيّد والإسكافيّ (٧).
__________________
(١) التبيان ٢ : ١٢٥ ، مجمع البيان ١ : ٢٧٧ ، فقه القرآن ١ : ١٦٠.
(٢) البقرة : ٢٠٣.
(٣) انظر : الوسائل ٧ : ٤٥٧ أبواب صلاة العيد ب ٢١.
(٤) متشابهات القرآن ٢ : ١٧٧.
(٥) جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٥.
(٦) التبيان ٢ : ١٢٥ ، المبسوط ١ : ١٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٩ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٤٨ ، فقه القرآن ١ : ١٦٠ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٦١ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١١٢.
(٧) السيّد في الانتصار : ٥٧ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف ١ : ١١٥.
للإجماع ، حكاه في الانتصار (١).
وطريقة الاحتياط.
والأمر به في الآيات الثلاثة الواردة في هذه التكبيرات (٢) ، كما صرّحت به الروايات والأخبار كالمرويّ في الخصال : « والتكبير في العيدين واجب ، أمّا في الفطر ففي خمس صلوات يبتدئ به من صلاة المغرب ليلة الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر ، وهو أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أبلانا ، يقول الله عزّ وجلّ : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ ) (٣).
وفي العيون : « والتكبير في العيدين واجب ، في الفطر دبر خمس صلوات ويبدأ في دبر المغرب ليلة الفطر » (٤).
ونحوه المرويّ في تحف العقول (٥).
وموثّقة عمّار : « التكبير واجب دبر كلّ فريضة أو نافلة أيّام التشريق » (٦).
واخرى : عن الرجل ينسى أن يكبّر أيّام التشريق ، قال : « إن نسي حتّى قام من موضعه فليس عليه شيء » (٧).
دلّت بمفهوم الشرط على وجوب شيء لو لم ينتبه حتى قام من موضعه.
__________________
(١) الانتصار : ٥٨.
(٢) البقرة : ١٨٥ ( وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ ) البقرة : ٢٠٣ ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ ) الحج : ٢٨ ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ ).
(٣) الخصال : ٦٠٩ ، الوسائل ٧ : ٤٥٧ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٦.
(٤) العيون ٢ : ١٢٤ ، الوسائل ٧ : ٤٥٦ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٥.
(٥) تحف العقول : ٤٢٢ ، الوسائل ٧ : ٤٥٦ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ذ. ح ٥.
(٦) التهذيب ٥ : ٢٧٠ ـ ٩٢٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٩ ـ ١٠٧٠ ، الوسائل ٧ : ٤٦٦ أبواب صلاة العيد ب ٢٥ ح ١.
(٧) التهذيب ٥ : ٢٧٠ ـ ٩٢٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٩ ـ ١٠٧١ ، الوسائل ٧ : ٤٦٥ أبواب صلاة العيد ب ٢٣ ح ٢.
ورواية حفص : « على الرجال والنساء أن يكبّروا أيّام التشريق في دبر الصلاة ، وعلى من صلّى وحده ومن صلّى تطوّعا » (١).
وصحيحة عليّ المتقدّمة وفي ذيلها : عن النساء هل عليهنّ التكبير أيّام التشريق؟ قال : « نعم ولا يجهرن » (٢).
وحسنة معاوية : « يكبّر ليلة الفطر وصبيحة الفطر كما يكبّر في العشر » (٣).
ويجاب عن الجميع : بتعيّن حمل الدالّ على الوجوب على الاستحباب ، بقرينة ما مرّ من الأدلّة المعتضدة بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، المؤيّدة باختلاف النصوص والفتاوى في كيفيّة التكبير ، وبترك عامّة الناس له مع عموم البلوى.
مضافا إلى ردّ الأوّل : بمنع الحجيّة.
والثاني : بمنع الوجوب.
وآية الفطر : بعدم صراحتها في الأمر إلاّ أن يجعل اللام فيها لام الأمر ، وهو ـ كما صرّح به بعض الأجلّة (٤) ـ غير معلوم ، ودخولها ـ كما قيل ـ على صيغة الخطاب نادر ، وبعدم التصريح فيها بالتكبير المراد ، فلعلّه هو إجلال الله الواجب في كلّ حال.
نعم فسّره في رواية النقّاش بذلك ، ولكن فيها التصريح بعدم الوجوب ، ومع ذلك معارضة بالمرويّ في العلل الدالّ على أنّ المراد به التكبيرات الزائدة في الصلاة ، حيث قال : فلم جعل التكبير فيها ـ أي في عيد صلاة الفطر ـ أكثر منه في غيرها من الصلوات؟ قيل : لأنّ التكبير إنّما هو تعظيم لله وتمجيده على ما هدى وعافى ، كما قال الله عزّ وجلّ : ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ، وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٨٩ ـ ٨٦٩ ، الوسائل ٧ : ٤٦٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٢ ح ٢.
(٢) قرب الإسناد : ٢٢٤ ـ ٨٧٢ ، الوسائل ٧ : ٤٦٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٢ ح ٣.
(٣) الكافي ٤ : ١٦٧ الصيام ب ٣٥ ح ٢ ، الوسائل ٧ : ٤٥٥ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ١.
(٤) انظر : جامع المقاصد ٢ : ٤٤٩ ، وكشف اللثام ١ : ٢٦١.
ما هَداكُمْ ) (١).
والآيتين الأخريين : باختلاف التفاسير والروايات فيهما ، ففي بعضها أنّ المراد بالأيّام المعدودات أيّام التشريق ، وبالمعلومات عشر ذي الحجّة المستحبّ فيها التكبير قطعا ، وفي بعض آخر بالعكس (٢). وإذا لم يتعيّن الدالّ على المطلوب ، مع عدم صراحة آية الأيّام المعلومات في الوجوب ـ لعدم تعيّن كونها أمرا ـ يسقط الاستدلال.
ورواية الخصال والثلاثة المتعقّبة لها : بأنّه إن ثبت الحقيقة في المعنى المصطلح في الوجوب فكذا في الاستحباب والسنّة الواردين فيما مرّ ، فيجب حمل أحد الفريقين على المجاز بقرينة الآخر ، ولعدم التعيّن يرجع إلى الأصل. وإن لم يثبت في شيء منهما فالاستدلال باطل.
مع أنّ التكبير المحكوم بوجوبه في رواية الخصال منفيّ الوجوب في غيرها كرواية النقّاش ، حيث لم يذكر فيها بعض الفقرات.
ومع أنّ بقاء الوجوب في رواية عمّار على حقيقته غير ممكن ، لتضمّنها النافلة المنفيّ وجوبه عقيبها في صحيحة داود : « التكبير في كلّ فريضة ، وليس في النافلة تكبير أيّام التشريق » (٣).
والروايات المتضمّنة للفظة « على » : باستعمالها في المستحبّ كثيرا.
والحسنة : بعدم صراحتها في الوجوب.
فروع :
أ : محلّ التكبير أمّا في الفطر فعقيب أربع صلوات : مغرب العيد ،
__________________
(١) العلل : ٢٦٩ ، الوسائل ٧ : ٤٣٣ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١.
(٢) انظر : التبيان ٢ : ١٧٥ ، ومجمع البيان ٢ : ٢٩٩ ، وج ٧ : ٨١ ، والبرهان ١ : ٢٠٣. وج ٣ : ٨٧ ، والوسائل ٧ : ٤٥٧ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ، وج ١٤ ـ ٢٧٠ أبواب العود إلى منى ب ٨.
(٣) التهذيب ٥ : ٢٧٠ ـ ٩٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٠ ـ ١٠٧٢ ، الوسائل ٧ : ٤٦٧ أبواب صلاة العيد ب ٢٥ ح ٢.
وعشائه ، وفجره ، وصلاة العيد ، على المشهور ، وتدلّ عليه رواية النقّاش السابقة.
وعن المقنع والأمالي بل الفقيه (١) : زيادة ظهره وعصره أيضا. وهو الأظهر ، لمرسلة الفقيه حيث قال بعد ذكر الرواية المذكورة : وفي غير رواية سعيد : في الظهر والعصر.
والرضويّ : « وكبّر بعد المغرب ، والعشاء الآخرة والغداة ، وصلاة العيد ، والظهر ، والعصر » (٢).
والمرويّ في تفسير العيّاشيّ وفيه : « في الفطر تكبير ولكنّه مسنون : في المغرب ، والعشاء ، والفجر ، والظهر ، والعصر ، وركعتي العيد » (٣).
ولا يضرّ ضعف هذه الروايات ، للتسامح ، مع أنّ بعضها معتبر.
ولا ينافيه قوله « ثمَّ يقطع » في رواية النقّاش ، لجواز كون مجازه معنى مفاده خفّة الاستحباب فيما بعد.
ولا ما مرّ من كونه عقيب خمس صلوات يبدأ من المغرب إلى العصر ، لأنّه لا يفيد قصر الاستحباب ، ولا يجب ذكر جميع ما يستحبّ في كلّ خبر ، فاكتفى فيه بالخمس وهي المغرب والعشاء والفجر والعيد والظهر ، ويقطع في العصر ، إذ هي الفرائض الخمس اليوميّة ، ويستفاد الزائد من غيره.
ولا يستحبّ عقيب النوافل غير صلاة العيد تطوّعا في الفطر ، للأصل. وبعض الأخبار المثبتة له ـ مع ماله من المعارض ـ مخصوص بأيّام التشريق (٤) ، والإجماع المركّب غير ثابت.
__________________
(١) المقنع : ٤٦ ، الأمالي : ٥١٧ ، الفقيه ٢ : ١٠٨.
(٢) فقه الرضا «ع» : ٢٠٩.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٨٢ ـ ١٩٥ ، مستدرك الوسائل ٦ : ١٣٧ أبواب صلاة العيد ب ١٦ ح ٤.
(٤) انظر : الوسائل ٧ : ٤٦٦ أبواب صلاة العيد ب ٢٥.
وعن الإسكافي استحبابه. (١) ، ولم نقف له على مستند.
وأمّا في الأضحى فعقيب خمس عشرة صلاة فريضة لمن كان بمنى ، وعقيب عشر صلوات مفروضة لمن كان في غيرها. مبدؤهما ظهر يوم العيد ، على الحقّ المعروف من مذهب الأصحاب ، بل قيل : بلا خلاف أجده (٢) ، للأخبار المستفيضة الآتية بتحقيقها في كتاب الحجّ إن شاء الله تعالى.
وظاهر الأكثر اختصاص الاستحباب هنا أيضا بالفرائض ، لصحيحة داود المتقدّمة.
وعن الشيخ والإسكافي : استحبابها عقيب النوافل أيضا (٣) ، لموثقة عمّار ورواية حفص المتقدمتين (٤).
ويردّ بالمعارضة مع ما مرّ ، فيرجع إلى الأصل. وحمل ما مرّ على نفي الوجوب غير ممكن ، لانتفائه في الفريضة أيضا.
وعن البزنطيّ والإسكافي والمفيد : استحباب الخروج بالتكبير إلى صلاة العيدين (٥) ، واستحسنه في المنتهى (٦) ، وقوّاه بعض الأجلّة (٧). وهو الأظهر ، لحديث خروج مولانا الرضا عليهالسلام (٨) ، ولما روي عن عليّ عليهالسلام : إنّه خرج يوم العيد ، فلم يزل يكبّر حتّى انتهى إلى الجبّانة (٩).
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف : ١١٥.
(٢) الحدائق ١٠ : ٢٨٩.
(٣) الشيخ في الخلاف ١ : ٦٧٠ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف ١ : ١١٥.
(٤) في ص ٢١٠ ـ ٢١١.
(٥) حكاه عن جامع البزنطي في المعتبر ٢ : ٣٢٠ ، لم نعثر ـ فيما بأيدينا من الكتب الفقهية ـ على ما حكاه عن الإسكافي ، المفيد في المقنعة : ٢٠٢.
(٦) المنتهى ١ : ٣٤٨.
(٧) كشف اللثام ١ : ٢٦٠.
(٨) الكافي ١ : ٤٨٨ الحجّة ب ١١ ح ٧ ، عيون أخبار الرضا «ع» ٢ : ١٤٧ ـ ٢١ ، الوسائل ٧ : ٤٥٣ أبواب صلاة العيد ب ١٩ ح ١.
(٩) المغني لابن قدامة ٢ : ٢٣١.
والتكبير فيهما وإن احتمل مطلقه دون التكبير المخصوص ، إلاّ أنّه أيضا من أفراد المطلق ، فلا بأس به سيّما مع احتمال إرادته في المقام.
ب : يستحب هذا التكبير للجامع والمنفرد
والرجال والنساء والحاضر والمسافر ، وبالجملة كلّ مكلّف ، للإطلاقات ، مع التصريح بالنساء والمنفرد في طائفة من الأخبار (١).
ج : لو نسيه حتّى قام من موضعه سقط ، لموثّقة عمّار السابقة (٢).
د : يستحبّ فيه رفع اليد قليلا أو تحريكها ، لصحيحة عليّ : عن التكبير أيّام التشريق هل يرفع فيه اليدين أم لا؟ قال : « يرفع يده شيئا أو يحرّكها » (٣).
هـ : الظاهر تقديم هذا التكبير على سائر التعقيبات ، كما صرّح به بعض متأخّري المتأخّرين (٤) ، لما رواه الصدوق عن عليّ عليهالسلام : أنّه كان إذا صلّى كلّ صلاة يبدأ بهذا التكبير (٥) فتأمّل.
و : قد اختلفت كلمات الأصحاب وأخبار الأطياب في صفة هذا التكبير في العيدين.
فممّا ورد في الفطر ما مرّ في رواية النقّاش وما سبق في رواية الخصال (٦) ، ومنه أيضا ما هو كالأوّل إلاّ في التكبير بين التهليل والتحميد فمرّتان ، ومنه ما هو كذلك أيضا إلاّ فيه فمرّة ، ومنه ما هو غير ذلك.
وممّا ورد في الأضحى ما في حسنة زرارة : « الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٤٦٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٢.
(٢) في ص ٢١٠.
(٣) قرب الإسناد : ٢٢١ ـ ٨٦١ ، الوسائل ٧ : ٤٦٤ أبواب صلاة العيد ب ٢٢ ح ٥.
(٤) حكاه صاحب الحدائق ١٠ : ٢٩٢ ، عن بعض المحققين من مشايخه.
(٥) الفقيه ١ : ٣٢٨ ـ ١٤٨٧ ، الوسائل ٧ : ٤٦٠ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ٦.
(٦) راجع ص ٢٠٨ ـ ٢١٠.
الأنعام » (١) ومنه غير ذلك ، والعمل بالكل أحسن.
المسألة الرابعة : المشهور بين الأصحاب ـ بل في شرح القواعد وعن الخلاف وظاهر المنتهى : الإجماع عليه (٢) ـ كراهة التنفّل قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال ، للمستفيضة من الصحاح ، كصحيحة زرارة : « صلاة العيدين مع الإمام سنّة ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلى الزوال ، فإن كان فاتك الوتر ليلتك قضيته بعد الزوال » (٣).
والأخرى : « ليس في يوم الفطر والأضحى أذان ولا إقامة » إلى أن قال : « وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة » (٤).
وثالثة : « لا تقض وتر ليلتك إن كان فاتك حتّى تصلّي الزوال في يوم العيدين » (٥).
وصحيحة ابن سنان وفيها : « ليس قبلهما ولا بعدهما شيء » (٦).
ورواية الهاشميّ : « ركعتان من السنّة ليس تصلّيان في موضع إلاّ بالمدينة ، قال : يصلي في مسجد الرسول في العيد قبل أن يخرج إلى المصلّى ، ليس ذلك إلاّ بالمدينة » (٧).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥١٦ ب ٩١ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٣٩ ـ ٣١٣ ، الوسائل ٧ : ٤٥٨ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ٢.
(٢) جامع المقاصد ٢ : ٤٥٧ ، الخلاف ١ : ٦٦٥ ، المنتهى ١ : ٣٤٦.
(٣) التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٧ ، الوسائل ٧ : ٤١٩ ، ٤٢٠ أبواب صلاة العيد ب ١ ح ٢ ـ ٣.
(٤) الكافي ٣ : ٤٥٩ الصلاة ب ٩٣ ح ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٦ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٥.
(٥) الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧٤ وفيه : عن حريز ، الوسائل ٧ : ٤٢٨ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٢.
(٦) التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧١ ، ثواب الأعمال : ٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٧.
(٧) الكافي ٣ : ٤٦١ الصلاة ب ٩٣ ح ١١ ، الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ ـ ٣٠٨ ، الوسائل ٧ : ٤٣٠ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١٠.
وحمل الثلاثة الأولى على نفي التوظيف غير ضائر ، إذ يدلّ على أنّه لا صلاة موظّفة من الشارع مشروعة منه قبل صلاة العيد وبعدها ، أعمّ من أن يكون توظيفها بالخصوص أو بالعموم ، فلا تكون صلاة أصلا ، ولا تكون عمومات الصلوات من ذوي الأسباب وغيرها شاملة ليوم العيد.
إلاّ أن يكون مراده من التوظيف جعلها وظيفة هذا اليوم ، أو وظيفة قبل صلاة العيد أو بعدها ، حتّى يكون المعنى : لا صلاة قبل صلاة العيد من حيث إنّها قبلها.
وهذا وإن كان محتملا بحسب الظاهر إلاّ أنّه ينفيه قيد « ذلك اليوم » والتفريع بقوله « فإن كان » في الاولى ، ويتعيّن منهما التوظيف بمعنى التوقيف مطلقا ، فلا تكون صلاة موقّفة ومشروعة قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال.
ولكن مقتضى ذلك عدم المشروعيّة ، فهو الأظهر ، كما هو مذهب جماعة من القدماء كما قيل (١) ، وهو ظاهر الكلينيّ (٢) ، والصدوق في ثواب الأعمال (٣) ، والمحكيّ عن ابني حمزة وزهرة والحلبيّ (٤).
واشتهار الكراهة بين المتأخّرين ـ المعتضد بالإجماع المنقول وأصل البراءة ـ لا يصلح لردّ الأخبار المعتبرة الموافقة لفتوى جمع من قدماء الطائفة.
ومعارضتها مع عمومات النوافل ذوات الأسباب إنّما هي بالعموم من وجه ، فيرجع في موضع التعارض إلى الأصل ، وهو معنا ، إذ مرادنا عدم ثبوت شرعيّتها دون تحريمها. والرجوع إلى عمومات الأمر بالصلاة مطلقا فاسد ، لأنّها أعمّ مطلقا من الأخبار المانعة فتخصّ بها قطعا. وتقديم التعارض مع الفرقة الأولى تحكّم.
__________________
(١) الرياض ١ : ١٩٧.
(٢) الكافي ٣ : ٤٥٩.
(٣) ثواب الأعمال : ٧٨.
(٤) ابن حمزة في الوسيلة : ١١١ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٥.
مع أنّه يمكن القول بتعارض الأخبار المانعة مع كلّ من الفريقين بالخصوص المطلق ، للتصريح بالمنع عن قضاء الوتر بضميمة الإجماع المركّب.
فالقول باستثناء صلاة تحيّة المسجد ـ لو صلّيت العيد فيه ـ للتعارض المذكور ضعيف.
وأمّا ما رواه الصدوق في ثواب الأعمال من صلاة أربع ركعات بعد صلاة العيد (١) ، فيحتمل بعد الزوال. ولو سلّم فهذا يكون مستثنى ، كصلاة ركعتين قبلها في مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّها أيضا تستثنى بالنصّ المعتضد بعمل الأصحاب من غير تعدّ إلى غيره من الأمكنة الشريفة ، لاختصاص النصّ بل تصريحه بعدم التعدّي (٢) ، فالقول به ضعيف.
ثمَّ إنّ كراهة التنفّل أو حرمتها تعمّ حال وجوب صلاة العيد واستحبابها ، ولمن يصلّيها جماعة أو فرادى ، بل لمن لم يصلّها ، لإطلاق الأخبار.
المسألة الخامسة : قالوا : يحرم السفر بعد طلوع الشمس من يوم العيد ، قبل صلاته لمن وجبت عليه (٣) ، ونفى بعضهم الخلاف عنه (٤) ، وأثبت بعضهم الإجماع عليه (٥).
فإن ثبت وإلاّ فلا دليل عليه ، كما يظهر ممّا ذكرنا في السفر يوم الجمعة.
نعم يكره بعد طلوع فجره قبل الصلاة لمن وجبت عليه أو استحبّت ، لفتوى الأصحاب (٦) ، وصحيحة أبي بصير المتقدّمة في الجمعة ، الغير الناهضة
__________________
(١) ثواب الأعمال : ٧٧ ، الوسائل ٧ : ٤٢٧ أبواب صلاة العيد ب ٦ ح ١.
(٢) راجع ص ٢١٦ ، الهامش ٧.
(٣) كما في الشرائع ١ : ١٠٢ ، والمدارك ٤ : ١٢٢ ، والذخيرة : ٣٢٠.
(٤) كما في الرياض ١ : ٢٣٠.
(٥) كما في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢.
(٦) منهم الحلي في السرائر ١ : ٣٢٠ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٣٤٨ ، والسبزواري في الذخيرة : ٣٢٠.
لإثبات الزائد من الاستحباب (١) ، لاحتمال الجملة فيها الخبريّة.
ولا كراهة فيما قبل الفجر ، ولا بعد الصلاة أو الزوال ، للأصل.
وكذا يكره نقل المنبر إلى المصلّى لو كان مقام ليس له منبر ، بل يعمل للإمام شبيه منبر من طين ، بلا خلاف كما في المنتهى (٢) ، بل بالاتّفاق كما في الذخيرة (٣) ، بل بالإجماع كما في النهاية والتذكرة والمدارك وشرح القواعد وعن المعتبر والذكرى (٤).
وهو الحجّة فيه ، مضافا إلى صحيحة إسماعيل بن جابر وفيها : « وليس فيهما منبر ، المنبر لا يحرّك عن موضعه ، ولكن يصنع للإمام شيء شبه المنبر من طين ، فيقوم عليه فيخطب الناس ، ثمَّ ينزل » (٥).
وهي لمكان الجملة الخبريّة عن إفادة الحرمة قاصرة ، فاحتمالها لأجلها ، ضعيف.
المسألة السادسة : إذا اتّفق العيد والجمعة فالحاضر لصلاة العيد بالخيار في حضور صلاة الجمعة ـ عند وجوبها ـ وعدمه فيصلّي الظهر ، على الأشهر الأظهر ، بل عليه الإجماع عن بعضهم (٦) ، للروايات الخاصّيّة (٧) والعاميّة (٨) ، الصحيحة وغيرها.
__________________
(١) راجع ص ١٣٥.
(٢) المنتهى ١ : ٣٤٥.
(٣) الذخيرة : ٣٢٢.
(٤) نهاية الإحكام ٢ : ٦٥ ، التذكرة ١ : ١٥٩ ، المدارك ٤ : ١٢٢ ، جامع المقاصد ٢ : ٤٥٨ ، المعتبر ٢ : ٣٢٥ ، الذكرى : ٢٤١.
(٥) الفقيه ١ : ٣٢٢ ـ ١٤٧٣ ، التهذيب ٣ : ٢٩٠ ـ ٨٧٣ بتفاوت يسير ، الوسائل ٧ : ٤٧٦ أبواب صلاة العيد ب ٣٣ ح ١
(٦) انظر : الخلاف ١ : ٦٧٣ ، والمنتهى ١ : ٣٤٨.
(٧) كما في الوسائل ٧ : ٤٤٧ أبواب صلاة العيد ب ١٥.
(٨) انظر : سنن ابن ماجه ١ : ٤١٥ ، وسنن أبي داود ١ : ٢٨١.
والظاهر اختصاص التخيير بغير الإمام ، وأمّا هو فيجب عليه حضور الجمعة ، فإن حضر العدد صلاّها ، وإلاّ يصلّي الظهر.
ويستحبّ لإمام العيد إعلام المأمومين بذلك ، للنصّ ، وفعل الحجّة (١) ، وفتوى الطائفة (٢).
__________________
(١) انظر : الوسائل ٧ : ٤٤٧ أبواب صلاة العيد ب ١٥.
(٢) كما في المعتبر ٢ : ٣٢٦ ، والمنتهى ١ : ٣٤٩ ، والذكرى : ٢٤٣.