مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ١

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ١

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-76-0
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٤١٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEMostanad_Shia-part01imagespage0001.png

١
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEMostanad_Shia-part01imagesrafed.jpg

٢
 &



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على كثير نواله ، والشكر له على إنعامه وإفضاله ، والصلاة على سيّدنا محمّد مبيّن حرامه وحلاله ، وعلى المعصومين من عترته وآله.

وبعد ، يقول المحتاج إلى عفو ربه الباقي ، أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي :

هذا كتاب مستند الشيعة في أحكام الشريعة ، جعلته تذكرة لنفسي ، وذخيرة ليوم فاقتي وفقري ، مقتصراً فيه من المسائل على أهمّها ، ومن الدلائل على أتمّها ، وما اقتفيت فيه أثر أكثر من تقدّم عليّ من بيان المسائل الغير المهمّة ، وإيراد الفروع الشاذّة النادرة. واحترزت عن الاشتغال بوجوه النقض والإِبرام ، والإِكثار فيما لا اعتناء بشأنه ولا اهتمام. وتركت فيه ذكر المؤيّدات الباردة ، وردّ القياسات الضعيفة الفاسدة ، بل أوردت فيه اُمّهات المسائل الشرعية ، وأودعت فيه مهمات الأحكام الفرعية. وذكرت عند كل مسألة من المسائل ، ما ثبت عندي حجيته من الدلائل ، ولم أتجشّم في المسائل الوفاقية غالباً لعدّ النصوص والأخبار ، وطلبت في كل حال ما هو أقرب إلى الإِيجاز والاختصار. وطويت عن ذكر المروي عنه في‌

٣
 &

الأخبار ، لعدم حاجة إليه ولا افتقار.

ورمزت إلى فقهائنا الأطياب ، بما هو أقرب إلى الأدب وأبعد من الإِطناب ، وإلى كتبهم المشهورة بطائفة من أوائل حروفها منضمة معها لام التعريف ، أو أواخرها بدونها ، وربما عبرت عن بعضها بتمام اسمه حسب ما يقتضيه المقام. ومن الله استمدّ في الإِتمام ، فإنّه جدير ببذل هذا الإِنعام ، وإليه أبتهل للتوفيق ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

ورتبته على كتب ذوات مقاصد ، وأبواب ، ومطالب ، وفصول ، وأبحاث ، ومسائل ، وفروع..

٤
 &

كتاب الطهارة‌

ولانقسامها إلى الطهارة من الخبث والحدث ، وتوقّفهما غالباً على المياه التي لها أقسام ، ولكل قسم أحكام ، جعلته مرتّباً على ثلاثة مقاصد‌ :

٥
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEMostanad_Shia-part01imagesrafed.jpg

٦
 &



المقصد الأوّل : في المياه‌

وينقسم إلى المطلق والمضاف فهاهنا بابان‌ :

٧
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEMostanad_Shia-part01imagesrafed.jpg

٨
 &



الباب الأوّل : في المطلق‌

وينقسم باختلاف الأحكام ، إلى الجاري ، والمطر ، وماء الحمّام ، والواقف ، والبئر ، والمستعمل ، والمشتبه ، والسؤر ، نذكرها مع نبذة من متفرقات (١) مسائل المياه في عشرة فصول :

__________________

(١) في « هـ » و « ح » : متفرّعات.

٩
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEMostanad_Shia-part01imagesrafed.jpg

١٠
 &

الفصل الأوّل :

الماء المطلق ما يصح إطلاق الاسم عليه عرفاً ، وبعبارة اُخرى : كل ما (١) لا يلزم تقييده في العرف ، وبثالثة : ما لا يخطّئ أهل الاستعمال من أطلق الاسم عليه من دون قيد.

وله أحكام نذكرها في مسائل :

المسألة الاُولى : [ الماء ] (٢) كلّه طاهر في أصل الخلقة‌ بالأصل والإِجماع والكتاب والسنّة ، ومطهر من الحدث والخبث بالثلاثة الأخيرة. وتنجسه مطلقاً ، بتغير ريحه أو طعمه أو لونه بالنجاسة ، إجماعي ، وحكاية الإِجماع عليه متكررة (٣) والأخبار فيه مستفيضة :

فتدل على النجاسة بالأول : صحيحة ابن سنان : عن غدير أتوه وفيه جيفة ، فقال : « إذا كان الماء قاهراً ولا يوجد فيه الريح فتوضأ » (٤).

وبالثانيين : صحيحة القمّاط : في الماء يمرّ به الرجل وهو نقيع (٥) فيه الميتة الحيفة ، فقال : « إن كان الماء قد تغيّر ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضأ منه » (٦).

وصحيحة حريز : « كلّما غلب الماء ريح الجيفة فتوضأ منه واشرب ، فإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا تتوضأ منه ولا تشرب » (٧).

__________________

(١) في « هـ » و « ح » : ماء.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه لاستقامة العبارة.

(٣) اُنظر المعتبر ١ : ٤٠ ، المنتهى ١ : ٥ ، الرياض ١ : ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤ الطهارة ب ٣ ح ٤ ، الوسائل ١ : ١٤١ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١١.

(٥) النقيع : الماء الراكد الذي طال مكثه ـ العين ١ : ١٧١.

(٦) التهذيب ١ : ٤٠ / ١١٢ ، الاستبصار ١ : ٩ / ١٠ ، الوسائل ١ : ١٣٨ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٤.

(٧) التهذيب ١ : ٢١٦ / ٦٢٥ وفيه : أو تغيّر ، الاستبصار ١ : ١٢ / ١٩ ، الوسائل ١ : ١٣٧ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١ ، ورواها في الكافي ٣ : ٤ الطهارة ب ٣ ح ٣ عن حريز عمّن أخبره.

١١
 &

وبالثالث : رواية ابن الفضيل : عن الحياض يبال فيها ، قال : « لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول » (١).

وبالطرفين : الصحيح المروي في البصائر : « جئت لتسأل عن الماء الراكد في البئر قال : فإذا لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة ـ قلت : فما التغيير ؟ قال : الصفرة ـ فتوضأ منه ، وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر » (٢).

واختصاص السؤال بالراكد من البئر بعد عموم الجواب غير ضائر.

وبالثلاثة رواية أبي بصير : « عن الماء النقيع تبول فيه الدواب ، فقال : إن تغير الماء فلا تتوضأ منه ، وإن لم تغيره أبوالها فتوضأ منه ، وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه » (٣).

والنبوي المتواتر بتصريح العماني (٤) ، المتفق على روايته بشهادة الحلّي (٥) : « خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شي‌ء ، إلّا ما غيّر طعمه أو لونه أو رائحته » (٦).

والمرتضوي المروي في الدعائم : « وليس ينجسه شي‌ء ما لم يتغير أوصافه ، طعمه ولونه وريحه » (٧).

وفيه أيضاً : « فإن كان قد تغير لذلك طعمه أو ريحه أو لونه فلا تشرب منه ولا تتوضأ ولا تتطهر منه » (٨).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤١٥ / ١٣١١ ، الاستبصار ١ : ٢٢ / ٥٣ ، الوسائل ١ : ١٣٩ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٧.

(٢) بصائر الدرجات : ٢٣٨ / ١٣ ، الوسائل ١ : ١٦١ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١١ وفيه بتفاوت.

(٣) التهذيب ١ : ٤٠ / ١١١ ، الاستبصار ١ : ٩ / ٩ ، الوسائل ١ : ١٣٨ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٣.

(٤) نقل عنه في المختلف : ٢.

(٥) السرائر ١ : ٦٤.

(٦) بدائع الصنائع ١ : ٧١ ، وورد مؤداه في : سنن ابن ماجة ١ : ١٧٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٨ ، كنز العمال ٩ : ٣٩٥.

(٧) الدعائم ١ : ١١١ ، البحار ٧٧ : ٢٠ / ١٣ ، المستدرك ١ : ١٨٨ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١ (بتفاوت يسير).

(٨) الدعائم ١ : ١١٢ ، المستدرك ١ : ١٨٨ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٣.

١٢
 &

والرضوي : « وكل غدير فيه من الماء أكثر من كر لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات ، إلّا أن يكون فيه الجيف فتغير لونه وطعمه ورائحته » (١).

وتعارض بعضها مع بعض مفهوماً أو منطوقاً غير ضائر ؛ لكونه على سبيل العموم والخصوص مطلقاً ، فيخصّص العام.

وبما مر ظهر ضعف ما قيل من أنّ الأخبار الخاصيّة أو المعتبرة منها خالية عن ذكر اللون (٢) ، مع أنّ غيرها أيضاً يكفي في المحل ، لانجباره بالعمل.

نعم لا عبرة بالتغير في غير الثلاثة إجماعاً ؛ للأصل والعمومات واختصاص غير رواية أبي بصير من أدلة التنجيس بالثلاثة ، وهي وإن عمت ولكنها بالبواقي مخصوصة.

فروع :

الأوّل : المعتبر في التغيّر بالثلاثة هل هو حصول كيفية النجاسة ، أو يكفي التغير بسببها وإن كان بحصول كيفية ثالثة ؟ مقتضى الإِطلاقات المتقدمة هو الثاني ، فعليه الفتوى.

الثّاني : إذا تغيّر بأحد أوصاف المتنجس ، فإن غيّره بوصف النجاسة ينجس إجماعاً ، وإلا فلا على الأظهر الأشهر ؛ للأصل والاستصحاب ؛ خلافاً للمحكي عن ظواهر المبسوط والمعتبر والسرائر (٣) ؛ لاستصحاب نجاسة المتنجس ، واتحاده مع النجاسة (٤) في التنجيس ، وعموم النبوي ، وأحد المرتضويين ، وصحيحة القمّاط ، ورواية أبي بصير.

ويضعف الأول : بمعارضته باستصحاب طهارة الماء. وقيل بتغيّر الموضوع أيضاً ، لفرض إطلاق الماء. وفيه نظر.

__________________

(١) فقه الرضا : ٩١ ، المستدرك ١ : ١٨٩ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٧.

(٢) المدارك ١ : ٥٧ ، الذخيرة : ١١٦ ، مشارق الشموس : ٢٠٣.

(٣) المبسوط ١ : ٥ ، المعتبر ١ : ٤٠ ، السرائر ١ : ٦٤.

(٤) في « هـ » : النجس.

١٣
 &

والثاني : بمنعه إن اُريد الكلية ، وعدم الفائدة إن اُريد في الجملة.

والثالثان : بمنع إفادتهما العموم ؛ لكون لفظة « ما » الموصولة في منطوق أحدهما ، والشي‌ء في مفهوم الآخر ، نكرة في سياق الإِثبات.

والأخيران : بظهورهما في الميتة والبول ، مع أنّ قوله : « لا تشرب ولا تتوضّأ » فيهما للنفي محتمل ، فيكون قاصراً عن إفادة النجاسة ؛ لعدم ثبوت كون الإِخبار في مقام الإِنشاء مفيداً للحرمة.

الثّالث : المعتبر في التغيّر : الحسي‌ ، وفاقاً للمعظم ؛ للأصل والاستصحاب والعمومات المتقدمة الحاصرة للتنجيس بالتغيّر الذي هو حقيقة في الحسي ؛ للتبادر وصحة السلب بدونه.

وخلافاً للفاضل (١) ، وولده (٢) ، والكركي (٣) ، والمحكي عن الموجز (٤) ، واستقر به بعض المتأخرين (٥) ، فاكتفوا بالتقديري ؛ لكون التغيير حقيقة في النفس الأمري ، وهو في التقديري موجود. وكون سبب التنجيس غلبة النجاسة ، والإِناطة بالتغيّر لدلالته عليها ، وهي هنا متحقّقة. وإفضاءِ عدم الاكتفاء به إلى جواز الاستعمال مع زيادة النجاسة أضعافاً.

ويجاب عن الأول : بمنع وجود التغيير النفس الأمري ، فإنّه ما تبدل الوصف في الخارج.

وعن الثاني : بمنع سببية مطلق الغلبة ، ولذا ينجس بما كانت رائحته مثلاً أشدّ بأقل مما كانت أخف.

__________________

(١) المنتهى ١ : ٨ ، القواعد ١ : ٤. وحكاه في المدارك ١ : ٢٩ ومفتاح الكرامة ١ : ٦٧ عن المختلف ولم نجده فيه وذكر في المقابس : ٥٧ أن النسبة سهو.

(٢) الايضاح ١ : ١٦.

(٣) جامع المقاصد ١ : ١١٨.

(٤) حكاه عنه في الحدائق ١ : ١٨٣.

(٥) الحبل المتين : ١٠٦ ، وحكاه في مفتاح الكرامة ١ : ٦٧ عن مجمع الفوائد.

١٤
 &

وعن الثالث : بمنع الإِفضاء إن اُريد زيادتها بحيث يستهلكه ، وتسليم الجواز إن اُريد غيره.

ثم الظاهر عدم الفرق في عدم اعتبار التقديري (١) بين ما إذا كانت النجاسة مسلوبة الأوصاف ، أو عرض للماء مانع عن ظهور التغير مخالف للنجاسة في الوصف ، أو موافق لها.

والأكثر في الثاني على النجاسة ، محتجاً بتحقق التغير وإن كان مستوراً عن الحس.

وفيه : أنّه إن اُريد تغيّر الماء المعروض لهذا المانع فتحققه ممنوع ، وإن اُريد تغيره لولاه فهو تقديري غير معتبر.

وعدم صلاحية المانع لدفع النجاسة أو سببها محض استبعاد.

قيل : لو سلب المانع ، لكان الماء متغيّراً ، ولولا تحقّقه أولاً لما كان كذلك.

قلنا : لو سلب لتغير الماء لا أن يظهر كونه متغيّراً.

[ نعم يشترط في الطهارة على جميع الصور بقاء الإِطلاق ] (٢) وعدم (حصول) (٣) الاستهلاك ، وإلّا فينجس قولاً واحداً.

ولو فقد الإِطلاق خاصة فهل تزول الطهارة ؟ الظاهر نعم ؛ لزوال استصحاب الطهارة باستصحاب النجاسة ، فإنّ ما يستصحب طهارته لخروجه عن الإِطلاق لا يصلح للتطهير ، بخلاف ما تستصحب نجاسته ، فإنّه يوجب التنجيس.

المسألة الثانية : تَطَهّر الماء النجس مطلقا ًغير البئر بالكثير والجاري وماء المطر ، بعد زوال التغيّر إن كان متغيّراً وإلّا فمطلقا ، إجماعي ، ونقل الإِجماع عليه متكرر ؛

__________________

(١) في « ق » و « هـ » : التقدير.

(٢) في « هـ » و « ق » و « ح » : نعم يشترط الطهارة في جميع الصور على بقاء الاطلاق. وهي غير مستقيمة وصححناها على النحو المذكور.

(٣) لا توجد في « هـ ».

١٥
 &

وهو دليل عليه ، مع قوله عليه السلام في مرسلة الكاهلي : « كل شي‌ء يراه ماء المطر فقد طهر » (١).

واختصاصه بالمطر بعد ضمّ الإِجماع المركب لا يضر.

وقوله عليه السلام : « ماء النهر يطهّر بعضه بعضا » (٢).

وكذا البئر على الأصح (للروايتين) (٣).

وفي اشتراط الممازجة وعدمه قولان : الأول ـ وهو الأقوى ـ للتذكرة (٤) والأولين (٥) ، والثاني للنهاية والتحرير (٦) والثانيين (٧).

لنا : أصالة عدم المطهرية ، واستصحاب النجاسة. وكون مجرد الاتصال رافعاً غير ثابت ، والمرسلة لإِثباته قاصرة ، إذ غير ما مزج معه لم يره ، وطهارة بعض من ماء دون بعض ممكنة ، فطهارة السطح الفوقاني لتطهير ما سواه غير مستلزمة. وتطهير ماء النهر بعضه بعضاً لا يفيد العموم ، فإنّ تطهير ماء النهر بعضه بعضاً لا يفيد أزيد من أنّه يطهره ، أما أنّ تطهيره إياه هل بالملاقاة أو الممازجة أو بهما ؟ فلا دلالة عليه.

للمخالف : كفاية الاتصال في الدفع فيكفي للرفع.

وامتناع الممازجة الحقيقية فتكفي العرفية ـ أي ملاقاة بعض الأجزاء للبعض ـ فالبعض الآخر يطهر بالاتصال فيكون مطهراً مطلقاً.

واستحالة المداخلة فلا يوجد (٨) سوى الاتصال.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٣ الطهارة ب ٩ ح ٣ ، الوسائل ١ : ١٤٦ أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٥.

(٢) الكافي ٣ : ١٤ الطهارة ب ١٠ ح ١ ، الوسائل ١ : ١٥٠ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٧. بتفاوت يسير.

(٣) لا توجد في « ق  ».

(٤) التذكرة ١ : ٤.

(٥) يعني المحقق الأول في المعتبر ١ : ٥٠ ، والشهيد الاول في الدروس ١ : ١٢١ ، والذكرى : ٩.

(٦) نهاية الاحكام ١ : ٢٣٢ ، التحرير ١ : ٤.

(٧) يعني المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١٣٧ والشهيد الثاني في الروضة ١ : ٣٢.

(٨) في « ح » : فلا يوجب.

١٦
 &

وطهارة المتصل بالملاقاة لطهورية الماء ، فيطهّر ما يتصل به أيضاً.

واستلزام الاتصال للامتزاج في الجملة ، فيطهر بعض النجس ، وهو لامتزاجه بما يليه يطهّره ، وهكذا ...

وعدم اختلاف حكم المتصلين من أجزاء الكر والنجس لامتزاجهما لا محالة ، فإمّا تنجس أجزاء الطاهر أو تطهر أجزاء النجس ، والأول باطل ، فتعين الثاني ، فننقل الكلام إلى ما يلي الأجزاء المطهرة ، وهكذا ...

ويجاب عن الأول : بكونه قياساً مع تغاير حكمي الأصل والفرع.

وعن الثاني : بأنّه لا يلزم من ترتب حكم على الاتصال مع الامتزاج العرفي ترتّبه عليه بدونه ؛ لجواز مدخلية ملاقاة أكثر الأجزاء.

ومنه يظهر الجواب عن الثالث.

وعن الرابع : بمنع عموم طهورية الماء.

وعن الخامس : بمنع امتزاج الأجزاء المتصلة ، ومغايرته ـ مع التسليم ـ للامتزاج الذي وقع الإِجماع عليه.

وعن السادس : بالمعارضة بالزائد على الكر المتغير بعضه الزائد بالنجاسة. ومنع امتزاج المتصلين هنا اعتراف بانفكاكه عن الاتصال ، فيحتمل في محل النزاع. مضافاً إلى منع عدم جواز اختلاف حكم الممتزجين.

ثم بما ذكرنا يظهر اشتراط الدفعة العرفية في إلقاء الكر ، كما هو مذهب المحقق في الشرائع (١) ، والفاضل في جملة من كتبه (٢) ، وهو المشهور بين المتأخرين. ولا يكفي إلقاء الكر تدريجاً مع اتصال أجزائه ، كالذكرى (٣) ووالدي في اللوامع. وصدق الوحدة لا يفيد ؛ لأن الثابت عليتها للدفع دون الرفع.

__________________

(١) الشرائع ١ : ١٢.

(٢) قواعد الاحكام ١ : ٥ ، التذكرة ١ : ٣ ، المختلف ١ : ٣ ، التحرير ١ : ٤.

(٣) الذكرى : ٩.

١٧
 &

والتفصيل باعتبار الدفعة على القول باشتراط مساواة السطوح في تقوّي بعض أجزاء الماء بالبعض ، وعدمه على القول بعدمه ـ كما في المعالم (١) ـ ضعيف من وجوه.

وهذا الشرط إنّما هو في الكر دون أخويه ؛ للإِجماع ، ولأنه لا يتصور الدفعة فيهما.

والمراد بالجاري هنا هو النابع ؛ لأنّه مورد الإِجماع ، ولأنّه الظاهر من ماء النهر.

ولا يبعد اشتراط مساواة السطوح أو علوّ المطهّر ، عند التطهير بالجاري ، اقتصاراً على موضع الوفاق.

المسألة الثالثة : الحقّ عدم تنجس الماء مطلقاً ، قليلاً كان أم كثيراً ، جارياً أم راكداً ، بالورود على النجاسة ، كما يأتي بيانه في بحث القليل (٢).



*       *      *

__________________

(١) المعالم : ٢١.

(٢) في ص : ٣٥.

١٨
 &

الفصل الثاني : في الجاري‌

وهو ـ لغة ـ : ماء يجري على الأرض مطلقا ، سواء كان نابعاً أم لا. بل وكذلك في العرف العام والشرعي ؛ لصدقه على ما لا نبع فيه من الشطوط المذابة من الثلوج ، والسيول ، والمياه المجتمعة في موضعٍ الجارية بعده.

وفي العرف الخاص للفقهاء : النابع غير البئر ، إما بشرط الجريان على الأرض كبعضهم (١) ، أو بدونه كآخر (٢).

وهنا ثلاث مسائل :

المسألة الاُولى : الجاري النابع لا ينجس بالملاقاة إجماعاً ، إن كان كرّاً ؛ للأصل والاستصحاب والأخبار الخالية عن المعارض (٣).

وإلّا فعلى الأشهر الأظهر ، وعليه الإِجماع في الغنية والمعتبر وشرح القواعد (٤) ، بل عن ظاهر الخلاف (٥) أيضاً ، وفي الذكرى : لم نقف على مخالف في ذلك ممّن سلف (٦) ؛ لما مر من الأصلين المؤيدين بالمحكي من الاجماع.

مضافاً إلى عمومات طهارة كل ماء لم يعلم نجاسته ، كالأخبار الثلاثة للحمادين (٧) واللؤلؤي (٨).

__________________

(١) كشف اللثام ١ : ٢٦.

(٢) الذخيرة : ١١٦.

(٣) راجع الوسائل ١ : ١٤٣ أبواب الماء المطلق ب ٥.

(٤) الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٥١ ، المعتبر ١ : ٤١ ، جامع المقاصد ١ : ١١١.

(٥) الخلاف ١ : ١٩٥.

(٦) الذكرى : ٨.

(٧) الكافي ٣ : ١ الطهارة ب ١ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٢١٥ ، ٢١٦ / ٦٢٠ ، ٦٢١ ، الوسائل ١ : ١٣٤ أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٥.

(٨) الكافي ٣ : ١ الطهارة ب ١ ح ٢ ، الوسائل ١ : ١٣٤ أبواب الماء المطلق ب ١ ملحق بحديث ٥.

١٩
 &

أو غير متغير ، أو غالب على النجاسة كما تقدم (١).

أو ملاقٍ لها ، كخبر ابن مسكان أو صحيحته : عن الوضوء ممّا ولغ فيه الكلب والسنور ، أو شرب منه جمل أو دابة أو غير ذلك ، يتوضأ منه أو يغتسل ؟ قال : « نعم » (٢).

وخبر سماعة : عن الرجل يمر بالميتة في الماء ، قال : « يتوضأ من الناحية التي ليس فيها الميتة » (٣).

والمروي في الدعائم : عن الماء ترده السباع والكلاب والبهائم ، فقال : « لها ما أخذت بأفواهها ولكم ما بقي » (٤).

أو كل ماء جار مطلقاً أو ملاقٍ للنجاسة ، كالمرويين في نوادر الراوندي :

أحدهما : « الماء الجاري لا ينجسه شي‌ء » (٥).

والآخر : « الماء يمر بالجيف والعذرة والدم ، يتوضأ منه ويشرب وليس ينجّسه شي‌ء » (٦).

والرضوي : « كل ماء جار لا ينجسه شي‌ء » (٧).

أو مع عدم التغير ، كالمروي في الدعائم : « الماء الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم ، يتوضأ منه ويشرب ، وليس ينجسه شي‌ء ما لم يتغير أوصافه : طعمه ولونه وريحه » (٨).

أو كل ماء قليل ، كخبر ابن ميسر : عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل‌

__________________

(١) في ص ١١ ـ ١٢.

(٢) التهذيب ١ : ٢٢٦ / ٦٤٩ ، الوسائل ١ : ٢٢٨ أبواب الأسآر ب ٢ ح ٦.

(٣) التهذيب ١ : ٤٠٨ / ١٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ٢١ / ٥١ ، الوسائل ١ : ١٤٤ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٥.

(٤) الدعائم ١ : ١١٣ المستدرك ١ : ١٩٧ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٤.

(٥ و ٦) نوادر الراوندي : ٣٩ ، المستدرك ١ : ١٩١ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٤.

(٧) فقه الرضا : ٩١ ، المستدرك ١ : ١٩٢ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٦.

(٨) الدعائم ١ : ١١١ ، المستدرك ١ : ١٨٨ ، أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١ وفيه بتفاوت‌.

٢٠