صالح الظالمي
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٢١٦
الباب الموصد
مررتُ بالأمسِ على الدارِ |
|
لعلَّ فيها نبضَ أوتاري |
لعلّ فيها من طيوفِ المنى |
|
بقيةً تهيجُ تذكاري |
أو همسةً تعبرُ جدرانَها |
|
في حذرٍ تحملُ أسراري |
أو رعشةً للحبِّ مجنونةً |
|
ما زال فيها لفحُ إعصاري |
البسمةُ العذراءُ كم طوّفَتْ |
|
من حولها تُضيءُ أفكاري |
وزحمةُ العطورِ في بابها |
|
يصحو عليها عرسُ أيّارِ! |
هنا تداعتْ لعد يعدْ عندها |
|
بقيةٌ توقدُ أشعاري |
كنتُ وكانَ النجمُ مستلقياً |
|
على الكُوى من بعضِ سمّاري |
وشَعرُها الليليُّ اُرجوحةٌ |
|
تهزأُ من عُنفي وإصراري |
هنا نسيتُ العمرَ في لحظةٍ |
|
طوتْ لذاذاتي وأكداري |
هنا شربتُ الحبَّ أغنيّةً |
|
تعزفُها أصابعُ النارِ |
واليومَ غيرَ الآهِ لا تحتسي |
|
من حولها جراحُ قيثاري |
إساءة
هيهاتَ لن أنسى |
|
أأنساها وقد نهشتْ فؤادي؟ |
وطويتُ ليلي بالهمومِ |
|
فضجَّ من قلقي وسادي |
وجفلتُ من وضحِ النجومِ |
|
إذا تحفّز لاتِّقادِ |
حتى الربيعُ الأخضرُ |
|
المسحورُ يرفلُ بالسوادِ |
وطيوفُه في ناظريَّ |
|
كأنّها وخزُ السُّهادِ! |
أواهُ كيفَ تبدّلتْ |
|
زهراتُ حبِّي بالقتادِ |
وهدمتُ ما بنتْ القلوبُ |
|
على سواعدَ من ودادِ |
* * * *
ماذا .. نسيتُ الليلَ |
|
كيف نذيبُهُ حُبّاً ونجوى؟ |
والنجمَ نسكرُهُ بما |
|
تهوى معاً فيعودُ يهوى؟ |
وسماءَ غرفتِكَ العتيقَ |
|
يشعّ بالبسماتِ صحوا؟ |
للآنَ ثمَّةَ ضحكةٌ |
|
تتسلّقُ الجدرانَ نشوى |
وبقيةُ الأصداءِ تخفقُ |
|
في حنايا البابِ شدوا |
تتعاقبُ الأيّامُ فيها |
|
لم تروِّعْها بشكوى! |
إنِّي مسحتُ طيوفَها |
|
فمضتْ مع النسيانِ تُطوى .. |
* * * *
بالأمسِ حين مررتَ بالمقهى |
|
وطوّفَ فيَّ صحبي |
أحستُ شيئاً ينقرُ |
|
الأضلاعَ يلهثُ بين جنبي |
وهرعتُ ـ لا أدري ـ إليكَ |
|
وخالطت قدمايَ قلبي |
لا شيءَ ـ إنّي قد نسيتُ |
|
نسيتُ آلامي وعتبي |
وتمزّقتْ أفكاريَ السوداءُ |
|
من ومضاتِ حبِّي |
إنّي أحبّكَ ما أزالُ |
|
تضيءُ لي عيناكَ دربي |
وأتيتُ نحوكَ أرتجي |
|
الغفرانَ يصرخُ فيّ ذنبي |
أمام النافذة
حدّقي بي قرِّبي عينيكِ منِّي |
|
يشمخُ الفنُّ على ومضةِ جفنِ |
حدِّقي بي صيِّريني شاعراً |
|
كلّ عرقٍ فيَّ نشوانُ يغنّي |
حوّليني شفةً لاهبةً |
|
لم تذقْ غيرَ اللظى يجتاحُ دنّي |
وتخطّيْ بي على صمتِ الدجى |
|
نغمةً ذابت على جرحِ المغنِّي |
أحرقيني أوقدي الحرفَ الذي |
|
لم يزلْ يهدمُ أضلاعي ليبْني |
انا ... للفنِّ .. دمي ، عاطفتي |
|
وقدُ إحساسي ، فمي ، صحوةُ |
لا تقولي من أنا؟ .. أنتِ السنا |
|
في عروق الشعر يجري أنتِ فنّي |
هذه الكوَةُ كم طافتْ بها .. |
|
ذكرياتٌ لم تزلْ تُسكرُ ظنّي |
كلّ ما فيها يعي قصَّتَنا |
|
لوحةٌ تحنو وفستانٌ يمنّي |
واشاراتٌ على جدرانِها |
|
هذه تفضحُ والأُخرى تُكنّي |
فالهوى والليلُ والعطرُ الذي |
|
يتخطّى كلّها تسألُ عنّي |
كلُّ شيءٍ في الزوايا عبقٌ |
|
يزدهي في ناظري حتى التجنِّي |
كم زرعناها رؤىً ضاحكةً |
|
وطيوفاً مثقلاتٍ بالتمنّي |
يستفيقُ الخصبُ من أنفاسنا |
|
كلُّ شبرٍ حولها خفقةُ غصنِ |
أنا لولاكِ ربيعٌ باهتٌ |
|
لم تحرِّكهُ المزاميرُ بلحنِ |
وصدى أغنيةٍ مرّتْ على |
|
نافراتِ الريحِ لم تحفلْ بأذنِ |
لا تقولي من أنا؟! أنت السنا |
|
في عروق الشعرِ يجري أنت فنّي |
زاد الشاعر
لا تسألي! زاديَ هذا الدُجى |
|
ورعشةُ النجومِ في عيني |
وبسمةُ الربيعِ مسحورةً |
|
في خاطري تضجُّ بالحسنِ |
وقصّةُ الحبّ على أيكةٍ |
|
يسكبُها البلبلُ في لحنِ |
ولفتةُ الصباحِ تُزجى السنا |
|
مواكباً مرفؤُها ذهني |
وصحوةُ الزهورِ معطورةً |
|
تملأُ في أريجها دِنّي |
وخصلةُ الشمسِ بتحنانها |
|
تمزّقُ الجدارَ من سجني |
وهمسةُ الرياحِ عبرَ الدجى |
|
تذيبُ سرَّ الكونِ في اُذني |
ورفّةُ العشبِ بأهدابهِ .. |
|
تَطلّعٌ لرشّةِ المزنِ |
ونشوةُ الفلّاحِ في حقلهِ |
|
تمنحهُ الأرضُ بلا مَنِّ |
وضحكةُ الأطفالِ إنْ زغردتْ |
|
ترشُّ وجهَ الأرضِ بالأمنِ |
لا تسألي!! .. زادِيَ من آهةٍ |
|
تشدّني لعالمٍ مضنِ ..! |