د ـ السعي في قضاء حوائج الناس ومواساتهم
وهو : من أفضل الطاعات والقربات عند الله تعالىٰ ، وعنصر من عناصر المحبة والإخاء ، ومما يزيد في ترابط المجتمع ووحدتهم وقد ندب الإسلام وحث عليه ومن ذلك :
ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : من قَضى لأخيه المُؤمن حاجةً ، كان كمن عبدَ اللهَ دَهراً (١).
وروي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال : ومَنْ قضى لأخيه المؤمن حاجةً ، قضى اللهُ ( عزوجل ) له يومَ القيامة مائة ألف حاجة من ذلك ، أوّلُها الجنة .. (٢).
وَقد عَدّ الشرعُ الحنيف التهاونَ في قضاءِ حوائج المؤمنين خصوصاً مع القدرة عليها ، من رذائل الصفات ، ودليلاً على ضـعف الإيمان ، وباعثاً على سلب التوفيق ، ومما ورد في ذلك :
ما روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أيّما رجل من شيعتنا أتىٰ رجلاً من إخوانه ، فاستعانَ به في حاجته فلم يعنْهُ ، وهو يقدر إلاّ ابتلاه اللهُ تعالىٰ بأن يَقضي حوائج عدّةٍ من أعدائنا ، يُعذّبهُ اللهُ عليها يومَ القيامة (٣).
وروي أيضاً عنه عليهالسلام : أيّما مؤمن منع مؤمناً شيئاً مما يحتاج إليه ، وهو يقدر عليه
__________________
(١) أمالي الطوسي : ص ٤٨١ ، بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٣٠٢ ، ح ٤٠.
(٢) أصول الكافي للكليني : ج ٢ ، ص ١٩٢ ، ح ١ ، بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٣٢٢ ، ح ٩٠.
(٣) أصول الكافي للكليني : ج ٢ ، ص ٣٦٦ ، بحار الأنوار : ج ٧٥ ، ص ١٨١.
عليه من عنده أو من عند غيره ، أقامَهُ اللهُ عزوجل يوم القيامة مُسودّاً وجهه ، مزرّقةً عيناهُ ، مغلولةً يداهُ إلىٰ عُنقه ، فيقال : هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ، ثم يؤمرُ به إلى النار (١).
وفي ليلة عاشوراء والتي تُمثل الظروف العصيبة تكتنف في طياتها ألواناً من الأخلاق الفاضلة ، والتي تمثل خُلق الإسلام الحنيف ، فهذا سيدُ شباب أهل الجنة ـ صلوات الله عليه ـ يضرب لنا مثالاً صادقاً في مواساة مَنْ معهُ ، وقضاءِ حوائجهم ، فتراه مَهموماً من أجل غُلام مُسلم قد أسر بثغر الري ، وقد وجد أباه مهموماً من أجله ، فيقول له عليهالسلام : رحمك الله أنت في حِلٍّ من بيعتي ، فاعمل في فكاك ابنك ، وقد أمر له بخمسة أثواب قيمتها ألف دينار ، ليستعين بها في فداءِ ابنه (٢).
هذا وقد ترىٰ كأنَّ الحالة التي يعيشُها عليهالسلام حالةً طبيعيةً في تلك الليلة حتى يطلب من أبي الغلام الأسير أن يسعىٰ لفكاك ولده من الأسر ويترك ما هو عليه ، بل ويجعله في حلٍ من بيعته !!
إنه بحق موقفٌ أخلاقي واجتماعي ، فريدٌ من نوعه ، وليس له أهلٌ غير من تَربّىٰ في حجر الرسالة وارتضع لبانَ الإباء صبياً ، وتخلق بأخلاق الأنبياء ، وتحلّىٰ بحُلية الأوصياء ، فهذه من أخلاقه الكريمة والتي أفرزت ليلةُ عاشوراء جانباً يسيراً منها !
ومن تلك المواقف أيضاً والتي تَدلُّ علىٰ مَدىٰ حرصِه عليهالسلام في قضاء حوائج الناس وحفظ حقوقهم ، وإرجاعها إليهم مهما كَلَّفَ الأمر ، وذلك حينما أمر مُنادياً
__________________
(١) أصول الكافي للكليني : ج ٢ ، ص ٣٦٧ ، ح ١ ، بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢٠١ ، ح ٨٣.
(٢) اللهوف : ص ٤٠ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٩٢.
في أصحابه ، لا يُقتل معنا رجل وعليه دين ، فقام إليه رجل من أصحابه فقال له : إنّ علي ديناً وقد ضمنته زوجتي فقال عليهالسلام : وما ضمان امرأة (١) ؟
وروي عن موسىٰ بن عمير عن أبيه قال : أمرني الحسين بن علي عليهماالسلام قال : نادِ أن لا يُقتلَ مَعي رَجُلٌ عليه دَينٌ ، ونادِ بها في الموالي ، فإنِّي سمعتُ رسول الله صلىاللهعليهوآله يَقول : مَنْ مَات وعليه دينٌ اُخذ من حسناته يوم القيامة (٢).
لقد أراد الإمام عليهالسلام أن يكونَ المستشْهدُ بين يديه مُتحرّجاً في دينه خاليَ الذمة من حقوق الناس وأموالهم ، ولا يريد أن يكون سبباً في ضياع أيِّ حقٍ من حقوق الآخرين.
وهذا غاية سُمو الأخلاق والرفعةَ والنُبل ، ونموذج مِثالي من الدروس الأخلاقية العظيمة لكل الأجيال في كل زمان.
__________________
(١) المعجم الكبير للطبراني : ج ١ ، ص ١٤١ ، إحقاق الحق : ج ١٩ ، ص ٤٢٩ ، حياة الإمام الحسين للقرشي : ج ٣ ، ص ١٧١.
(٢) إحقاق الحق : ج ١٩ ، ص ٤٢٩ ، موسوعة كلمات الإمام الحسين : ص ٤١٧.
ه ـ الإيثار والتفاني
الإيثار ، وهو : من الصفات الكريمة التي تؤدي إلىٰ سمُوّ الإنسان ، وتكامل شخصيته ونكرانه لذاته وتفانيه في سبيل الحق والخير ، وقد عني به الإسلام عنايةً بالغة ، وأثنىٰ علىٰ مَنْ يتخلق به ، فقد مدح القرآن الكريم جماعةً من نُبلاءِ المسلِمين وأفداذِهم ، لأنهم آثروا إخوانَهم على أنفُسهم ، قال تعالىٰ : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) (١) (٢).
ولا تجد أجلىٰ مصداقاً للآية الشريفة سوىٰ مَنْ نزلت فيهم وأثنت عليهم ، وهم أهل بيت العصمة ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ الذين أثروا غيرهم علىٰ أنفسهم ، وناهيك عن صور الإيثار التي عرضها القرآنُ الكريم عنهم كما في سورة ـ هل أتىٰ ـ وغيرها ، كليلة مبيت أمير المؤمنين عليهالسلام علىٰ فراش رسول الله صلىاللهعليهوآله ليلةَ الغار مؤثرَهُ علىٰ نفسه ، حتىٰ تعجبت من إيثاره ملائكةُ السماءِ ، وباهى الله به ملائكتَهُ.
فكانت هذه الصفة من صفاتهم البارزة ، والتي ظهرت في سيرتهم مع الآخرين ، وقد حفلتْ سيرتُهم بألوان من صور الإيثار كما لا يخفىٰ ذلك علىٰ من يراجع سيرتهم وحياتهم الخالدة.
وكان من الطبيعي أن يتخلق بهذه الخصلة كلُّ من يعاشرُهم ، ويقتفي أثرهم ،
__________________
(١) سورة الحشر : الآية ٩.
(٢) راجع : النظام التربوي في الإسلام للقرشي : ص ٢٩٩.
ويستقي من أخلاقهم ، مثلُ حواريهم وأصحابهم المُخلصين ، والذين تخلقوا بأخلاقهم ، وتحلّوا بصفاتهم وحذوا حذوهم.
وفي طليعة هؤلاءِ الذين مَجّدهم التاريخ وحفظ ذكرهم ، أصحاب الحسين عليهالسلام والذين مثلوا أروع صُورِ الإيثار التي خلدها التاريخ وأثنىٰ عليها.
ومن تلك الصور الخالدة ، وقوفُهم ليلةَ عاشوراء مع الحسين عليهالسلام وقد عاهدوهُ على التضحية والشهادة بين يديه ، ووقف كلٌّ منهم يُعاهدُ الآخر علىٰ أن يؤثرَه علىٰ نفسه ، وكلٌ منهم يُريد أن يَسبق الآخر إلىٰ ساحة القتال !!
ولذا لم يعرف التاريخُ أصحاباً أفضل منهم ، وذلك بما حازوا عليه من صفات شريفة ، وخصال حميدة ، وملكات نفسية ، أهلتهم أن يكونوا أفضل الأصحاب وخيرهم ، ومن ذلك هو تسابقُهم إلى الشهادة ، بإخلاصٍ وتفانٍ في سبيل الحق ، غير مكترثين بالحياة ساخرين من الموت ، متعطشين إلى الشهادة.
قال أحد الأعلام : السبقُ إلى النفع غريزةٌ في الأحياءِ لا يحيدون عنها ولا يُلامونَ عليها ، وقد يؤولُ إلى النزاعِ بين الأشخاص والأنواع ، ولكنَّ التسابق إلى الموت لا يُرىٰ في العُقلاءِ إلاَّ لغايات شريفة تَبلغُ في مُعتقدِهم من الاهتمام مبلغاً قصياً أسمىٰ من الحياة الحاضرة ، كما إذا اعتقدَ الإنسان في تَسابُقه إلى الموت نيلَ سعاداتٍ ولذاتٍ هي أرقىٰ وأبقىٰ من جميع ماله في الحياة الحاضرة.
ولهذا نظائرُ في تواريخِ الغُزاة والمجاهدين ، ففي صحابة النبي صلىاللهعليهوآله ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) (١) وتسابقوا إلى القتال بين يديه ، مُعتقدين أن ليس
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآية ٢٣.
بينهم وبين جنان الخلد والفردوس الأعلىٰ سوىٰ سُويعاتٍ أو تُميراتٍ يأكلونها أو حملاتٍ يَحملونها ، وهذا من أشرف السباق ، وموتُه أهنأ موتٍ ، وشعارهُ أقوىٰ دليلٍ على الفضيلة والإيمان ، ولم يَعهد التأريخُ لجماعةٍ بِداراً نحوَ الموتِ وسباقاً إلى الجنة والأسنةً مثل ما عهِدناهُ في صَحبِ الحسين عليهالسلام.
وقد عَجم الحسينُ عليهالسلام عودَهم واختبرَ حُدودَهُم ، وكَسب منهمُ الثقةَ البليغة ، وأسفرت امتحاناتُه كلُّها عن فوزه بصحَبٍ أوفياء وأصفياء وإخوانِ صدقٍ عند اللقاء ، قَلَّ ما فازَ أو يَفوزُ بأمثالهم ناهض ! فلا نجد أدنىٰ مبالغةٍ في وصفه لهم عندما قال : أما بعد ، فإني لا أعلمُ أصحاباً خَيراً مِن أصحابي ، ولا أهلَ بيتٍ أبرَّ وأوفى من أهلِ بيتي (١).
وكان الفضلُ الأكبرُ في هذا الانتقاء يَعودُ إلىٰ حُسن انتخاب الحسين عليهالسلام وقيامهِ بكلِّ وجائب الزعامة والإمامة ، وقيامُ الرئيسِ بالواجب يَقود أتباعَه إلىٰ أداءِ الواجب ، واعتصامُ الزعيم بِمبدئِه القويم يسوقُ مَنْ معهُ إلى التمسُّك بالمبدأ والمسلك والغاية ، فكان سُرادق الحسين عليهالسلام بما فيه من صَحبٍ وآلٍ ونساء وأطفالٍ كالماءِ الواحد لا يفترق بعضُه عن بعض ، فكان كلٌّ منهم مِرآةَ سيدهِ الحسين عليهالسلام بحاله وفعاله وأقواله ، وكانوا يفتدونَه بأنفُسهم كما كان يتمنى القتلَ لنفسه قبلَهم (٢).
جادوا بأنفسهم في حُبِ سيدهم |
|
والجودُ بالنفس أقصى غايةُ الجودِ |
ومن صور الاقتداء والإيثار في هذه الليلة العظيمة هو حينما هبَّت الصفوةُ الطيبةُ من أنصاره ، وأهل بيته عليهمالسلام بإيمانهم العميق بالمبدأ السامي للدفاع عن حريم
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٧ ، اللهوف : ص ٣٩.
(٢) نهضة الحسين للشهرستاني : ص ١١٣.
الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، يتعاهدون على الشهادة والتضحية بين يدي سيد شباب أهل الجنة عليهالسلام ويتنازعون فيما بينهم أيُّهم ينزل ساحةَ الحرب قبل الآخر.
فهذا العباس بن أمير المؤمنين عليهماالسلام يَقفُ خاطباً في إخوته وبني عمومته ، مؤكداً عليهم ومُحفزاً لهم على القتال ، وأنهم أولُ من يَبرزُ إلى ساحة القتال ، وأنَّ الحِملَ الثقيل لا يقومُ به إلا أهلُه ... ؟!
فيجيبُه بنو هاشم وقد سَلوا سيوفَهم في وجهه : نحنُ على ما أنت عليه !!
وأما الأنصارُ فقد وقف حبيب بن مظاهر الأسدي وهم حوله كالحلقة ، قائلاً لهم ومؤكداً عليهم : فإذا صار الصباحُ فأولُ من يَبرزُ إلى القتالِ أنتم ، نَحنُ نقدمهم للقتال ولا نرىٰ هَاشمياً مُضرجاً بدمه وفينا عرقٌ يضرب لئلا يقول الناس : قدَّموا ساداتهم للقتال وبخلوا عليهم بأنفسهم ؟!
فهزُّوا سيوفَهمُ ، وقالوا : نحنُ علىٰ ما أنتَ عليه !!
ولما رأت زينب هذين الموقفين من الأنصار وبني هاشم تعجّبت من إيثارهم وصدق ثباتهم وشدة عزمهم ، فسكن قلبُها واطمأنّت نفسها ، فأخبرت الحسين عليهالسلام بذلك متعجّبةً مما رأتُه !!
فقال لها عليهالسلام : يا اُختاه اعلمي أن هؤلاءِ أصحابي من عالم الذرّ وبهم وعدني جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
وأما التفاني فهي صفحة أخرىٰ منقطعة النظير نقرؤها عند أنصار الحسين عليهالسلام في ولائهم وإخلاصهم ، وقد ضربوا في ذلك أروع الأمثلة في صلابة عزمهم
__________________
(١) معالي السبطين للحائري : ج ١ ، ص ٣٤٠.
وتصميمهم على الدفاع عنه وعن أهل بيته ، ولم يكترثوا بتلك القوى الهائلة ، ولم يرتاعوا من القتل بل سخروا من الحياة واستهانوا بالموت ، واندفعوا نحو الحسين عليهالسلام يعاهدونه على التضحية والفداء بالنفس ، وبكل ما يمكن الدفاع به لنصرته حتىٰ آخر رمق في حياتهم ، وهذا الموقف البطولي الباسل تجده واضحاً في مواقفهم ليلة العاشر ، وتشهد على ذلك كلماتهم التي تفيض بالفداء والتفاني في سبيله وذلك لمَّا أذن لهم بالانصراف عنه !!
وإليك بعضاً من تلك الكلمات التي يحار فيها العقل ويقف عندها بإعجاب وإكبار ، فمن كلماتهم ما يلي :
١) كلمة أهل بيته والتي يقولون فيها : لِم نفعل لنبقىٰ بعدَك لا أرانا الله ذلك أبداً ؟!
٢) كلمة بني عقيل والتي يقولون فيها : لا والله لا نفعل تفديك أنفُسُنا وأموالُنا وأهلونا ، ونقاتل معك حتىٰ نرد موردك فقبّح الله العيش بعدك ؟!
٣) كلمة مسلم بن عوسجة والتي يقول فيها : أما والله لا أفارقك حتىٰ أكسر في صدورهم رمحي وأضربُهم بسيفي ما ثبت قائمُه في يدي ، ولا اُفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتُهم بالحجارة دونك حتىٰ أموت معك !
٤) كلمة سعد بن عبد الله الحنفي والتي يقول فيها : والله لو علمتُ أني اُقتلُ ثم أحيا ثم اُحرقُ حيَّاً ثم اُذرُّ يُفعلُ ذلك بي سبعين مرةً ما فارقتُك حتى ألقىٰ حِمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلةٌ واحدةٌ ثم هيَ الكرامة لا انقضاء لها أبداً !!
٥) كلمة زهير بن القين والتي يقول فيها : والله لوددت أني قُتلتُ ثم نُشرت
ثم قُتلتُ حتىٰ أُقتل كذا ألف قتلةٍ وأن الله يدفعُ بذلك القتل عن نفسك وعن أنفُس هؤلاء الفتية من أهل بيتك !
٦) كلمة جماعة من أصحابه والتي يقولون فيها : والله لا نُفارقُك ، ولكن أنفُسَنا لك الفداء تقيك نحورنا وجباهنا وأيدينا فإذا نحن قُتلنا كُنا وفينا وقضينا ما علينا (١).
٧) كلمة بشر الحضرمي والتي يقول فيها : أكلتني السباعُ حيّاً إن فارقتُك (٢).
٨) كلمة نافع بن هلال والتي يقول فيها : ثكلتني أمي ، إن سيفي بألفٍ وفرسي مثلهُ ، فو الله الذي مَنَّ بِكَ عليَّ لا فارقتُكَ حتىٰ يَكلا من فري وجري (٣).
٩) كلمة القاسم بن الحسن عليهماالسلام لمَّا قال له الحسين عليهالسلام يا بني كيف الموت عندك ؟ قال : يا عم فيك أحلىٰ من العسل (٤).
فهذه بعضٌ من كلماتهم والتي تفيض بالتفاني والإخلاص فهذا الحسين عليهالسلام ينطق بالحق في ما يقوله عنهم حين قال لأخته زينب عليهالسلام : والله لقد بلوتُهم فما وجدتُ فيهم إلا الأشوس الأقعس يستأنسون بالمنية دوني استيناس الطفل إلىٰ محالب أمه (٥).
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٨ ، الإرشاد للشيخ المفيد : ص ٢٣١.
(١) اللهوف : ص ٤٠ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٩٢.
(٢) الدمعة الساكبة : ج ٤ ، ص ٢٧٣.
(٣) معالي السبطين : ج ١ ، ص ٣٤٣.
(٤) تقدم تخريجه.
من الأعمال التي قام بها الحسين عليهالسلام في هذه الليلة العظيمة هو الاستعداد التام لمواجهة الأعدء عسكرياً ، وقد أخذ علىٰ عاتقه كلَّ ما مِنْ شأنه تعزيز موقعهم في طريق مواجهو العدو.
هذا مع ما كان عليه عليهالسلام وأهل بيته وأصحابه في هذه الليلة الخطيرة التي حفِلت بالمكاره والصعاب والمخاطر ، وقد أصبحو بين اُناس ليس في قلوبهم ذرةٌ من الرحمة أو الشفقة ، فمنعوهم كلَّ الوسائل الحيوية ، وأهم ما يُعتمد عليه في الحياة إذ حالوا بينهم وبين الماء (١) الذي يلوح ببريقه يرونه ولا يصلون إليه !! حتى أضر العطش بالحسين وأهل بيته وأصحابه !!
كما مُنعوا وصولَ أي مدد للحسين عليهالسلام من شأنه أن يُعزز مكانه ويقف إلى جانبه ، كما حالوا بينه عليهالسلام وبين وصول الأسديين ، الذين جاءوا لنصرته والدفاع عنه ، بقيادة حبيب بن مظاهر من نواحي كربلاء (٢) ، وقد أخذوا أيضاً يرقبون عن كثب تحركات الحسين عليهالسلام وأصحابه ، وضيّقوا عليهم أشد تضييق وقد روي أنه نادىٰ ابن سعد : يا خيل الله اركبي وابشري ! فركب النّاسُ ، ثم زحف نحو الحسين عليهالسلام وأصحابه فكانوا علىٰ مقربة من بيوتهم بحيث كانوا يسمعون أصواتهم (٣).
هذا ولم يسلم الحسين عليهالسلام وأصحابه حتىٰ من كلمات العدو الجارحة النابية ، والتي ما زالوا يسمعونها بين الآونة والأخرىٰ ، الأمر الذي يدل علىٰ خساسة
__________________
(١) راجع : تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٢ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٨٩.
(٢) راجع : الفتوح لابن الأعثم : ج ٥ ، ص ١٠٠ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٨٦.
(٣) راجع : تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٥ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٩١.
عدوهم ودناءته !!
وأما حديث النساء والأطفال فأمرٌ آخر ، مع ما هم عليه من الفزع والرُعب ، فأحدقت أعينهم ولم يناموا ليلتهم وهم يَرون أنفسهم في قبضة عدوٍ لا يرحم أحداً ، مُحاصرين بين سياج من الأسنة والحراب ، وجيش بات علىٰ أهبة الاستعداد ينتظر أوامر قيادته للزحف والهجوم عليهم ، فكيف مع هذا كله يغمض لهم جفن ، أو يهدا لهم روعٌ ؟!
ومع هذا كله نجده ـ صلوات الله عليه ـ لم ينسَ أن يَتخذ التدابير اللازمة والإجراءات الوقائية في حماية أهل بيته ، والاستعداد لمواجهة الأعداء ، وما يتقوىٰ به على القتال في سبيل الله تعالى.
وقد ارتكز هذا الجانب العسكري علىٰ عدة أمور دقيقة وهي :
الأمر الأول : التعبئة المعنوية
التعبئةُ المعنوية لها دورٌ كبير في تكامل المواجهة وترسيخ النفس ، ومقاومتها لآخر رمق ; وذلك بالاقتناع التام بالهدف والمبدأ اللذينِ يُقاتل من أجلهما وفي سبيلهما ، إذ يهون حينها كلُّ شيءٍ ما دام يرى نفسَه علىٰ حقٍ ، وبعكس ذلك لا يمكن أن يقف في المواجهة طالما لا هدف له من وراءِ ذلك ، وما دامَ غير مُقتنع فحينها لا يكونُ موطّناً نفسه علىٰ ذلك.
وقد وجدنا أنصار الحسين عليهالسلام قد وطّنوا أنفسهم في مواجهة أعدائهم ، وذلك بعزيمة صادقة لا تردّدَ فيها ، وبإيمان لا يشوبُه شكٌ حيث الاقتناع التام بالمبدأ السامي الذي يدافعون عنه ويقاتلون من أجله ، فكانوا يتمتّعون بروحيّة عالية
تخوّلُهم الوقوفَ أمام ذلك الجيش الهائل ، فكان من يراهم يُصاب بالدهشة وذلك لعظم موقفهم ، وربط جأشهم وقلة مُبالاتِهم ، فأصبحوا في ذلك مَضرباً للمثل بحقٍ ، إذ لو تصفحت التاريخ لا تجد أنصاراً كهؤلاء قاتلوا بروحية عالية ، حيث يتمنىٰ أحدهم أن يُقاتل ويُقتل سبعين مرةً بلا ملل في سبيل الحسين عليهالسلام ، حتى أصبحت هذه النخبة المباركة متكاملةً من جميع الجهات ، ووصلت إلى الذروة في الإقدام والبطولة والصمود.
والفضل في هذا كله يعود في الحقيقة إلى الحسين عليهالسلام الذي انتخبهم وانتقاهم من بين الآخرين ، حيث كان عليهالسلام يلاحظ ذلك بعين الاعتبار من حيث كفاءة الرجل ونزاهته وتوطينه للنفس ، وقد أعلنها كلمةً صريحة قُبيل خروجه إلى العراق قائلا : مَنْ كان باذلاً فينا مهجته ، وموطنا على لقاء الله نفسه ، فليرحل معنا ، فإنني راحلٌ مصبحاً إنشاء الله تعالى (١) فكان عليهالسلام حريصاً في أن تكون النخبة التي تقاتل معه وتقف إلى جانبه متكاملةً من حيث توطين النفس والإخلاص في التضحية ، ولهذا كان أحدهم كألف ، فكانوا كما قيل عنهم :
قومٌ إذا نودوا لدفع ملمّة |
|
والخيل بين مدعّس ومكردس |
لبسوا القلوب على الدروع كأنهم |
|
يتهافتون إلى ذهاب الأنفس (٢) |
وقال كعب بن جابر قاتل برير في وصفهم :
ولم ترَ عيني مثلهم في زمانهم |
|
ولا قبلهم في الناس إذا أنا يافعُ |
أشدّ قراعاً بالسيوف لدىٰ الوغى |
|
ألا كلّ من يحمي الذمار مقارعُ |
__________________
(١) اللهوف : ص ٢٦.
(٢) اللهوف : ص ٤٨.
وقد صبروا للطعن والضرب جُسّراً |
|
وقد نازلوا لو أن ذلك نافعُ (٣) |
وقد قال بعض المؤرخين يصف قتالهم يوم العاشر من المحرم : وقاتلوهم حتى انتصف النهار أشد قتال خلقه الله (١).
الأمر الذي يدل علىٰ صدق نياتهم وشدة وثباتهم ، وناهيك عن شهادة أعدائهم لهم بذلك ، قيل لرجل شهد الطف مع ابن سعد : ويحك أقتلتم ذرية الرسول ؟!
فقال : عضضت بالجندل ، إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا ، ثارت علينا عصابةٌ أيديها علىٰ مقابض سيوفها كالأسود الضارية تحطم الفرسان يميناً وشمالاً تلقي نفسها على الموت ، لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ولا يحول حائلٌ بينها وبين المنية أو الاستيلاء على الملك ، فلو كففنا عنها رويداً لأتت علىٰ نفوس العسكر بحذافيرها فما كنا فاعلين لا اُمَّ لك (٣) !!
ووصفهم بعضهم بقوله : لقوا جبال الحديد ، واستقبلوا الرماح بصدورهم ، والسيوف بوجوهم وهم يُعرض عليهم الأمان والأموال فيأبون ويقولون : لا عذر لنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله إن قُتل الحسين عليهالسلام ومنا عينٌ تَطرُف ، حتى قُتلوا حوله (٤).
فبعد هذا تعرف أن هؤلاء الصفوة هم الذين استبقاهم الحسين عليهالسلام وانتقاهم من بين أولئك الطامعين أو الخائفين ، فهو لا يقبل كلَّ من وفد عليه ما لم يكن مؤهلاً ، فهذا عبيد الله بن الحر لمَّا دعاه الحسين إلى نصرته ليمحو بها ذنوبه الكثيرة
__________________
(١) سفينة البحار للقمي : ج ٥ ، ص ٤٢.
(٢) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣٣٣ ، وقعة الطف لأبي مخنف : ص ٢٢٨.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٣ ، ص ٢٦٣ ، مقتل الحسين للمقرم : ص ٦٩.
(٤) إختيار معرفة الرجال للطوسي : ج ١ ، ص ٢٩٣ / ١٣٣.
قال ابن الحر : فإن نفسي لا تسمح بالموت ولكن فرسي هذه الملحقة والله ما طلبت عليها شيئاً قط إلا لحقته ولا طلبني أحد وأنا عليها إلا سبقته فخذها لك.
فقال له الحسين عليهالسلام : أما إذا رغبت بنفسك عنا فلا حاجة لنا في فرسك ولا فيك ( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا ) (١) وإني أنصحك كما نصحتني ، إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ، ولا تشهد وقعتنا فافعل ، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلا أكبّه الله في نار جهنم (٢).
فكان أمثال هؤلاء يجنّبهم الحسين عليهالسلام ساحة القتال ، ويحذّرهم من سماع واعيته ما داموا غير موطنين أنفسهم للدفاع عنه.
ولذا كان لأذن الحسين عليهالسلام لأصحابه بالتفرق عنه أكبر الأثر في ابقاء الصفوة الخالصة التي لا يحتمل في حقها الهزيمة أو الخذلان إذ من الطبيعي مَن كان صادقاً في عزيمته وموطناً على ذلك نفسه ـ وانطلاقاً من الشعور بالمسؤولية ـ لا يتخلىٰ عنه في ساعة المحنة وفي أحلك الظروف واشتداد الأمر ، ولذا بقي معه من وطَّن نفسه على ذلك وأبت حفيظتُهُ مفارقتَه ولسان حالهم يقول :
إنّا على العهد لم نخذلك في غدنا |
|
وكيف يخذل مَنْ في حبكم فُطِما |
وأما من كان غير متصف بهذا كان من الطبيعي أن يتخلىٰ عنه ولو بقي معه مثل هذا ! لا يؤمن منه أن يسلمه عند الوثبة ويخذله في ساحة الحرب ، فيكون أسوأ حالاً ممن انصرف عنه عليهالسلام ليلة العاشر ، فعلىٰ هذا لا محالة يواجه خطرين عظيمين :
أحدهما : أنه يبوءُ بغضبِ الله تعالى لا نهزامه وزحفه من ساحة المعركة ، ولا
__________________
(١) سورة الكهف : الآية ٥١.
(٢) مقتل الحسين للمقرم : ص ١٨٩ ، تاريه الطبري : ج ٤ ، ص ٣٠٧ ، بتفاوت.
يخفىٰ أن هذا من أعظم الكبائر ، فيكون مصداقاً لقول الحسين عليهالسلام : مَن سمع واعيتنا أو رأىٰ سوادنا فلم يجبنا أو يغثنا كان حقاً علىٰ الله عزوجل أن يكبّه علىٰ منخريه في النار (١).
ثانيهما : إظهار الوهن والخذلان في أصحاب الحسين عليهالسلام كما يثير ذلك أيضاً شماتة الأعداء !!
وهذا ما دفع زينب عليهاالسلام أن تسأل الحسين عليهالسلام عن صدق نيات أصحابه ؟
فقالت له : هل استعلمت من أصحابك نيّاتهم فإني أخشىٰ أن يسلموك عند الوثبة ؟!
فقال لها : والله لقد بلوتهم فما وجدتُ فيهم إلا الأشوس الأقعس ، يستأنسون بالمنية دوني استيناس الطفل إلىٰ محالب أمه !!
وعلىٰ إثر هذا الكلام جاء حبيب بن مظاهر مع أصحابه وواجهوا النسوة قائلين : يا معشرَ حرائر رسول الله هذه صوارم فتيانكم آلوا ألا يغمدوها إلا في رقاب من يريد السوء فيكم وهذه أسنة غلمانكم أقسموا ألا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم (٢) ، فعند ذلك طابت خواطرهن وسكنت قلوبهن. وذلك لما رأين عزائم الأبطال الصادقة وثبات موقفهم.
وبهذا يكونُ أصحاب الحسين عليهالسلام متفوقين بالروح المعنوية علىٰ أعدائهم مع قلتهم ، وبمحض إرادتهم ، ودوافعهم النفسية والدينية ، وهذا كما لا يخفى له دورٌ كبير.
__________________
(١) ثواب الأعمال للصدوق : ص ٣٠٩ ، إختيار معرفة الرجال للطوسي : ج ١ ، ص ٣٣١ / ١٨١ بحار الأنوار : ج ٤٥ ص ٨٤ ، مقتل الحسين للمقرم : ص ١٩٠.
(٢) معالي السبطين : ج ١ ، ص ٣٤٥ ، الدمعة الساكبة : ج ٤ ، ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ، مقتل الحسين للمقرم : ص ٢١٩.
في تعزيز المواجهة والاستعداد لدخول المعركة.
الأمر الثاني : تهيئة السلاح وإصلاحه
ومن الأمور العسكرية التي لاحظها الحسين عليهالسلام ليلة عاشوراء هو إعداد السلاح ، وذلك بشحذ السيوف وصقل الحراب وإصلاحهما ، ليتقوىٰ بذلك علىٰ قتال الأعداء ، وكما قال تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (١) ، إذ أنّ إعداد السلاح قبل لقاء الأعداء ، وما يتقوّىٰ به علىٰ قتالهم من الرجال وآلات الحرب أمورٌ مهمة في تعزيز الموقف.
ولذا من جملة أعمال الحسين عليهالسلام في هذه الليلة هو الإعداد لهذا الجانب وقد أشرف عليه بنفسه ، كما جاء في رواية الإمام زين العابدين عليهالسلام : إني جالس في تلك العشية التي قُتل أبي صبيحتها وعمتي زينب عندي تُمرضني إذ اعتزل أبي بأصحابه في خباءٍ له وعنده حوَّى مولىٰ أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويُصلحه (٢).
وقد رجح البعض إرجاع الضمير في عبارة : ( وهو يعالج سيفه ويصلحه ) إلى جون مولىٰ أبي ذر ، لا إلى الحسين عليهالسلام ، وقد عُرف عن جون أنه كان بصيراً بمعالجة آلات الحرب وإصلاح السلاح كما في كامل البهائي (٣) وغيره (٤).
وقد عُرف هذا أيضاً عن أبي ثمامة الصائدي ، الذي هو من فرسان العرب
__________________
(١) سورة الأنفال : الآية ٦٠.
(٢) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٨ ، الإرشاد للمفيد : ص ٢٣٢.
(٣) كامل البهائي : ج ٢ ، ص ٢٨٠.
(٤) الإمام الحسين وأصحابه للقزويني : ج ١ ، ص ٩٢.
ووجوه الشيعة ، فهو الآخر كان بصيراً بالألحة وشؤونها (١).
وعلىٰ أية حال ، فإن معالجة السلاح وإصلاحه حتىٰ وإن تمت على يد جون رضياللهعنه أو غيره من الأنصار فإنها لم تخرج عن إشراف الحسين عليهالسلام ورعايته وأمره ، إذ المقطوع به أنهم كانوا جميعاً رهنَ إشارته وفي خدمته ولا يصنعون شيئاً دون رضاه ـ صلوات الله عليه ـ.
الأمر الثالث : تنظيم الخيام
ومن الأمور التي قام بها عليهالسلام أنه أمر أصحابه أن يجعلوا خيامهم في خط واحد ، وأن يقربوا البيوت بعضها من بعض ويدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، وقيل إنها صارت علىٰ شكل الهلال مما يعزز جبهتم القتالية.
وأن يكونوا بين البيوت فيستقبلون القوم من وجه واحد ، والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قد حفت بهم إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوّهم (٢). وإنما فعل هذا لئلا يتسلل الأعداء من منافذها.
الأمر الرابع : حفر الخندق
وقد أمر عليهالسلام أصحابه بحفر خندق في مكان منخفض كأنه ساقية وراء الخيام ، كما أمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت ، وذلك لاستخدامه في الصباح وإشعال النار فيه ، وذلك ينفعهم في أمور وقائية هامة منها :
أ ـ لتكون عوائلهم في أمان من العدو ومن أولئك الذين يتجولون حول
__________________
(١) الكنىٰ والألقاب للقمي : ج ١ ، ص ٣٤.
(٢) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٩ ، الإرشاد للشيخ المفيد : ص ٢٣٢.