محمّد بن الحسن الشيباني
المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤١١
الفهرس
تفسير سورة البراءة................................................. ٥ ـ ٥٣
تفسير سورة يونس................................................ ٥٤ ـ ٧١
تفسير سورة هود............................................... ٧٢ ـ ١٠٧
تفسير سورة يوسف........................................... ١٠٨ ـ ١٤٤
تفسير سورة الرّعد............................................ ١٤٥ ـ ١٦٧
تفسير سورة ابراهيم........................................... ١٦٨ ـ ١٨٢
تفسير سورة الحجر............................................ ١٨٣ ـ ١٩٧
تفسير سورة النّحل............................................ ١٩٨ ـ ٢١٩
تفسير سورة الإسراء........................................... ٢٢٠ ـ ٢٥٩
تفسير سورة الكهف........................................... ٢٦٠ ـ ٣٠٠
تفسير سورة مريم.............................................. ٣٠١ ـ ٣٢١
تفسير سورة طه............................................... ٣٢٢ ـ ٣٤٨
تفسير سورة الأنبياء........................................... ٣٤٩ ـ ٣٨١
تفسير سورة الحجّ............................................. ٣٨٢ ـ ٤١١
[ومن (١) سورة البراءة (٢)] (٣)
وهي مائة وثلاثون آية. [مدنية بلا خلاف] (٤).
قال المبرّد (٥) : هذه السّورة نزلت (٦) برفع الأمان ، ولذلك لم تفتتح ب «بسم الله الرّحمن الرّحيم» لأنّ ذلك أمان. ورووا ذلك عن (٧) عليّ ـ عليه السّلام ـ (٨).
وقال جماعة من القرّاء والمفسّرين : إنّها والأنفال سورة واحدة ، ولذلك لم يفصل بينهما ب «بسم الله الرّحمن الرّحيم» ولم تسطّر البسملة في المصاحف (٩).
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) ج : التّوبة.
(٣) ليس في د.+ ب زيادة : مدينة بغير خلاف.
(٤) ليس في ب.+ م : مدنية بغير خلاف.
(٥) ب زيادة : نزلت.
(٦) ليس في ب.
(٧) أ : من.
(٨) التبيان ٥ / ١٦٧ نقلا عن المبرّد. والرواية منقولة في مجمع البيان ٥ / ٤ وعنه كنز الدقائق ٥ / ٣٨٧ ونور الثقلين ٢ / ١٧٦ والبرهان ٢ / ١٠٠.
(٩) تفسير العيّاشي ٢ / ٧٣ وعنه البرهان ٢ / ١٠٠ وكنز الدقائق ٥ / ٣٨٨ ونور الثقلين ٢ / ١٧٧ ، ح ٨.
قال البخاريّ : وهي (١) آخر سورة نزلت على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ (٢).
وأجمع المفسّرون وأصحاب الأحاديث والمؤرّخون ، أنّ هذه السّورة لمّا نزلت على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أعطاها أبا بكر ليقوأها على النّاس يوم الحجّ الأكبر بمكّة في جميع المواطن ، فمضى بها أبو بكر ، فنزل جبرائيل ـ عليه السّلام ـ فقال (٣) : يا محمّد ، لا يؤدّيها إلّا أنت أو رجل منك. فأمر النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ابن عمّه ، عليّا ـ عليه السّلام ـ ان يتبع أبا بكر فيأخذها منه ، ويقرأها على النّاس في المواطن كلّها بمكّة (٤).
وقال بعض المفسّرين : أمره أن يقرأ من أوّلها أربع عشرة آية ، فركب عليّ ـ عليه السّلام ـ ناقة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ العضباء وتبع أبا بكر ، فلقيه بذي الحليفة ، وقيل : بالرّوحاء ، على مسيرة (٥) ثلاثة أيّام [من المدينة] (٦) فأخذها منه ، فرجع أبو بكر إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فقال له : يا رسول الله ، أنزل فيّ شيء؟
__________________
(١) د : هو.
(٢) التبيان ٥ / ١٦٧ نقلا عن مجاهد.
(٣) ج ، د ، م زيادة : له.
(٤) أنظر : تفسير القرطبي ٨ / ٦١ ، وإحقاق الحقّ ١٤ / ٤٩٩ و ٥٠٠ وبحار الأنوار ٣٥ / ٢٨٤ ـ ٣١٣ وقادتنا ٣ / ١٣٤ ـ ١٤٤ ونور الثقلين ٢ / ١٧٧ ـ ١٨٢ وكنز الدقائق ٥ / ٣٨٩ ـ ٣٩٦ والبرهان ٢ / ١٠٠ ـ ١٠٥.
(٥) ب ، ج ، د : مسير.
(٦) ليس في أ.
فقال له : قال لي (١) أخي ؛ جبرائيل : لا يؤدّيها إلّا أنت أو رجل منك.
فدخل (٢) عليّ ـ عليه السّلام ـ بها إلى مكّة ، فقرأها على النّاس بمكّة في المواطن كلّها وأقرّ كلّ ذي عهد على عهده (٣).
وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّهما قالا : اخترط عليّ ـ عليه السّلام ـ سيفه يوم الحجّ الأكبر ونادى مناديه (٤) : لا يطوفنّ بالبيت عريان ولا أغلف ، ولا يحجّنّ بالبيت (٥) مشرك ، ومن كانت له مدّة فإلى مدّته ، ومن لم يكن له مدّة فمدّته أربعة أشهر.
وكانت (٦) خطبته يوم النّحر وعهده عشرون من ذي الحجّة ومحرّم وصفر وربيع الأوّل (٧) وعشر (٨) من ربيع الآخر ، وكان هذا قبل حجّة الوداع بسنة ، وبقي النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بعد ذلك أحدا وثمانين يوما ثمّ قبضه الله ـ تعالى ـ إلى دار كرامته وبحبوحة جنّته.
قوله ـ تعالى ـ : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٩) :
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) ج ، د ، م : ودخل.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ٤٣ ـ ٤٤ نقلا عن قتادة ومجاهد.
(٤) م زيادة : الا.
(٥) ج ، د ، م : البيت.
(٦) أ : وكان.
(٧) ليس في ج ، د ، م.
(٨) أ : عشرون.
(٩) تفسير الطبري ١٠ / ٤٢ نقلا عن ابن إسحاق.
قال الكلبيّ ومقاتل : يعني : براءة من العهود الّتي كانت بين النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وبين المشركين.
وقوله ـ تعالى ـ (١) : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) :
أمر الله ـ سبحانه (٢) ـ نبيّه ـ عليه السّلام ـ أن ينظر من كان عهده منهم أكثر من أربعة أشهر [فيحطّه إلى أربعة] (٣) أشهر (٤) ، وكذلك من كان عهده أقلّ من أربعة أشهر فإلى (٥) أربعة أشهر. و (٦) هذا كلّه كان يوم النّحر بمكّة ، إلّا حيّا من بني كنانة من بني ضمرة ، وكان قد بقي من عهدهم تسعة أشهر ، فأمر (٧) الله نبيّه ـ عليه السّلام ـ أن يتمّ لهم عهدهم (٨) ، ومن لم يكن له عهد جعل له خمسين يوما من يوم النّحر الى انسلاخ المحرّم.
قوله ـ تعالى ـ (٩) : «فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» ؛ أي : سيروا فيها بغير قتال آمنين (١٠).
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) أ : تعالى.
(٣) ليس في ج ، د ، م.
(٤) ليس في ج ، د.
(٥) أ : قال.
(٦) ليس في ب.
(٧) د : وأمر.
(٨) ج ، د ، م زيادة : إلى مدّتهم.
(٩) ليس في ب.
(١٠) ليس في ج ، د ، م.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢))
وقوله ـ تعالى ـ (١) : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ [إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) ؛ أي إعلام من الله ورسوله] (٢).
و «الحجّ الأكبر» يوم النحر.
وقال قوم : يوم عرفة (٣) والحجّ الأصغر العمرة (٤).
وقوله ـ تعالى ـ (٥) : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) :
بفتح اللّام عطف على «الله» (٦).
وبضمّه على تقدير : ورسوله بريء منهم.
وقريء ، بهما.
فإن قيل : فما البراءة الأولى ، وما (٧) البراءة الثّانية؟
قيل : البراءة الأولى لنقض العهد ، والبراءة الثّانية لقطع الموالاة والمواصلة والإحسان ، وليس ذلك بتكرار (٨).
وقوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) ب : الآية.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ٤٩ ـ ٥٠ نقلا عن أبي جحيفة وعطاء.
(٤) تفسير الطبري ١٠ / ٥١ نقلا عن عبد الله بن شدّاد.
(٥) ليس في ب.
(٦) أ زيادة : تعالى.
(٧) ليس في ج ، د ، م.
(٨) تفسير الطبري ١٠ / ٧٦ ومجمع البيان ٥ / ٩.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣))
قال مقاتل (١) : هم (٢) بنو خزاعة وبنو خزيمة (٣).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) :
وهو العشرون من ذي الحجّة والمحرم كلّه. فاقتلوهم بعد ذلك فلا عهد لهم ، وهو قوله : «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم».
(وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ) (٤) ؛ أي : أحبسوهم ، وحيلوا (٥) بينهم وبين [بيت الله ـ تعالى ـ وهو] (٦) البيت الحرام. قال ذلك الكلبيّ (٧).
(وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) ؛ أي : كلّ طريق.
(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ ، فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ؛ أي :
طريقهم ، ودعوهم يتصرّفون (٨) في الأرض (٩).
__________________
(١) ج : المفسرون.+ د ، م : مفسر.
(٢) ليس في ج.
(٣) أنظر : التبيان ٥ / ١٧٢ نقلا عن مجاهد.+ سقط من هنا قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤))
(٤) ليس في ب.
(٥) م : حولوا.
(٦) ليس في ب ، ج ، د.
(٧) تفسير الطبري ١٠ / ٥٦ من دون ذكر قائله.
(٨) ليس في أ.+ م : ينصرفون.
(٩) سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)) وستأتي الآية (٦) وسقط أيضا وقوله ـ تعالى ـ : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ ، فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) ؛ أي : فما استقاموا لكم على العهد فاستقيموا لهم (١).
ثمّ قال ـ سبحانه ـ : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ، لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) (٢) ؛ أي : لا يرقبوا (٣) فيكم عهدا ولا أمانا. عن أكثر المفسّرين (٤).
قالوا : ومنه سمّي المعاهد : ذمّيّا ، لأنّه أعطي الأمان.
وقال بعض المفسّرين : «إلّا ولا ذمّة» ؛ أي : قرابة وعهدا (٥).
وروي عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : «إلّا» هو الله ـ تعالى ـ (٦).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ ، فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) ؛ أي : ديار قومه ليتدّبر ما سمع من القرآن ، فإن أسلم فحكمه حكم المسلمين ، وإن لم يسلم وحارب وجب قتاله وقتله.
وقيل : إنّ الآية منسوخة بقوله ـ تعالى ـ : «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» (٧).
__________________
(١) ب زيادة : في الامان.+ سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧))
(٢) م زيادة : أي قرابة وعهدا.
(٣) ب : لا يرقبون.+ أ : يرقبوا.
(٤) تفسير الطبري ١٠ / ٨٣.
(٥) تفسير الطبري ١٠ / ٦٠ نقلا عن ابن عباس والضّحاك.
(٦) تفسير الطبري ١٠ / ٥٩ نقلا عن مجاهد. ولم نعثر عليه مرويّا عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وأورده الطريحي في مجمع البحرين ٥ / ٣٠٩ من دون نسبة القول إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.+ سقط من هنا قوله تعالى : (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (٨))
(٧) تفسير الطبري ١٠ / ٥٨ نقلا عن قتادة.
وقال قوم : بل (١) هي محكمة غير منسوخة (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) (٣). قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ خيّر الله نبيّه ـ عليه السّلام ـ في الأسارى بأن (٤) يمنّ عليهم أو يفاديهم بعد سماع كلامه (٥) ـ تعالى ـ (٦).
وارتفع (٧) «أحد» بفعل (٨) مضمر فسّره (٩) ما بعده ، وتقديره : وإن استجارك أحد من المشركين فأجره (١٠).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) ؛ أي : رؤساء قريش وجبابرتها (١١). (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢)).
قوله ـ تعالى ـ : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) ؛ أي : قاتلوهم.
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٥٧ نقلا عن ابن زيد.+ سقط من هنا قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦))
(٣) محمد (٤٧) / ٤.
(٤) ب : بين أن.
(٥) ج : كلام الله.
(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر منقولا عن ابن عبّاس.
(٧) ج ، د : ورفع.
(٨) م : لفعل.
(٩) ج : يفسره.
(١٠) سقط من هنا الآيات (٩) ـ (١١)
(١١) ليس في ب.
(وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) ؛ يعني : بإخراجه من مكّة. (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)) (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ) :
عمارة المسجد الحرام (٢) بالصّلاة فيه ، والقيام بأوامر الله ـ تعالى ـ ونواهيه.
«وإيتاء الزّكاة» إخراجها ممّا (٣) أمر الله ـ تعالى ـ من المال (٤).
وقوله ـ تعالى ـ : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ [وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ] (١٩)).
قال الطبري صاحب التّاريخ ، وجماعة من المفسّرين ، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ : إنّ هذه الآية نزلت في العبّاس بن عبد المطّلب ـ رحمه الله ـ وفي طلحة بن شيبة وعليّ ـ عليه السّلام ـ. وذلك أنّهما افتخرا عليه.
فقال العبّاس : إن كان سبقتمونا (٥) إلى الإسلام والجهاد ، فلم تسبقونا (٦) إلى
__________________
(١) سقط من هنا الآيات (١٥) ـ (١٧)
(٢) ليس في أ.
(٣) ب : فيما.
(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨))
(٥) أ : سبقونا.
(٦) أ : فلم يسبقونا.
سقاية الحاجّ وإطعامهم.
وقال طلحة بن شيبة : إن كان سبقتمونا إلى الإسلام والجهاد ، فلم تسبقونا إلى سدانة البيت وعمارته ومفتاحه بيدي لا أنازع فيها (١).
فقال لهما عليّ ـ عليه السّلام ـ : لم أدر ما تقولان (٢) لكنّي آمنت قبلكما وجاهدت قبلكما وضربت وجهيكما بالسّيف حتّى آمنتما.
فجاءا إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وشكيا [من عليّ ـ عليه السّلام ـ] (٣) [وحكيا إليه (٤) ما قالا وما قال ، وكان جبرئيل الأمين (٥) ـ عليه السّلام ـ قد نزل على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ] (٦) فأخبره بما جرى (٧) [لهما معه] (٨) وما قالا وما قال [لهما معه] (٩).
فقال لهما النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : إنّ الله ـ تعالى ـ (١٠) قد حكم بينكم ، وتلا عليهما الآية (١١).
__________________
(١) ب : فيه.
(٢) ب زيادة : و.
(٣) ب : إليه.
(٤) ليس في د.+ ج ، م : له.
(٥) ليس في أ.
(٦) ليس في د.
(٧) د : يجري.
(٨) ليس في أ.
(٩) من أ.
(١٠) ليس في ب ، ج ، د.
(١١) تفسير الطبري ١٠ / ٦٨.+ ورد مؤدّاه في الكافي ٨ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤ إلّا أنّ فيه : حمزة وعليّ وجعفر والعبّاس وشيبة وتفسير القمّي ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ومجمع البيان ٥ / ٢٣ إلّا أنّ فيهما : العبّاس وشيبة وعليّ ؛ وتفسير العيّاشي ٢ / ٨٣ إلّا أنّ فيه : العبّاس وعثمان بن أبي شيبة وعليّ ـ عليه السّلام ـ. وعنهما كنز الدقائق ٥ / ٤١٦ ـ ٤١٩ والبرهان ٢ / ١١٠ ونور الثقلين ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٤.
قال (١) بعض علماء النّحو : في هذه الآية إضمار في أوّلها وآخرها ، فأوّلها : أ جعلتم أصحاب (٢) سقاية (٣) الحاجّ وأصحاب عمارة المسجد الحرام ، كمن آمن بالله واليوم الآخر و [جاهد في سبيل الله. لا يستوون عند الله ـ تعالى ـ ثمّ أضمروا] (٤).
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ (٥) وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠)) ؛ أي : الظّافرون بما أرادوا.
وهذه الآية نزلت ـ أيضا ـ في عليّ ـ عليه السّلام ـ. روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ (٦).
وقوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ) ؛ أي : أخواتكم (٧) (أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣)) ؛ أي : [منهم و] (٨) على طريقتهم وسنّتهم (٩).
__________________
(١) ج ، فقال.
(٢) ليس في أ.
(٣) ج ، د زيادة : أصحاب.
(٤) ليس في ب : تعالى ثمّ أضمروا.
(٥) ليس في ج ، د ، م+ ج ، د زيادة : قوله تعالى.
(٦) تفسير القمّي ١ / ٢٨٤ وعنه البرهان ٢ / ١١٠ ونور الثقلين ٢ / ١٩٣.+ سقط من هنا الآيتان (٢١) و (٢٢)
(٧) ليس في أ.
(٨) من أ.
(٩) سقط من هنا الآية (٢٤)
وقوله ـ تعالى ـ : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) :
قيل : عدّوها ، فكانت (١) ثمانين موطنا (٢).
وقوله ـ تعالى ـ (٣) : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
قيل : خرج المنافقون من هذه الآية (٤) الّذين انهزموا يوم حنين ، فاختصّ (٥) بها الّذين ثبتوا مع نبيّه ـ عليه السّلام ـ وذبّوا عنه (٦).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) ؛ يعني : الملائكة ذلك اليوم لمعاونة (٧) نبيّه ـ عليه السّلام ـ (٨).
قال جماعة من المفسّرين وأصحاب التّواريخ والأحاديث : إنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لمّا افتتح مكّة في شهر رمضان بقيت معه (٩) بقيّة ، فخرج متوّجها إلى حنين لقتال هوازن وثقيف في اثني عشر ألفا ؛ عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار ، وألفان من الطّلقاء ومن الأعراب الّذين كانوا حول المدينة ، فأعجب
__________________
(١) أ : وكانت.
(٢) التبيان ٥ / ١٩٧ نقلا عن أبي عبد الله عليه السّلام.
(٣) ليس في ب.
(٤) ليس في د.
(٥) ب ، ج ، د ، م : واختصّ.
(٦) أنظر : مجمع البيان ٥ / ٢٨ نقلا عن الضّحاك بن مزاحم.
(٧) أ : لمعاونته.
(٨) ج ، د زيادة : لمّا افتتح مكّة.
(٩) ج ، د ، م : منه.
أصحابه كثرتهم (١).
وروي أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كان يقول ذلك اليوم :
أنا النّبيّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطّلب |
فلما وصلوا إليهم شدّ الكفّار على المسلمين شدّة رجل واحد ، فانهزم أصحاب النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بأجمعهم عنه (٢) وأسلموه (٣) ذلك اليوم (٤) بمواطأة جماعة من المنافقين ، ولم (٥) يبق مع النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إلّا تسعة نفر أو عشرة نفر (٦) : عليّ ـ عليه السّلام ـ والعبّاس [عمّه ـ رضى الله عنه ـ وولداه] (٧) ؛ الفضل ، وعبد الله الحبر ـ رضى الله عنهما ـ وعقيل [بن أبى طالب] (٨) ـ رضى الله عنه ـ وبنو الحارث بن عبد المطّلب الثّلاثة : نوفل وأبو سفيان وربيعة ، وأيمن [بن أمّ أيمن] (٩) ، وأخوه لأمّه ؛ أسامة بن زيد (١٠).
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) أنظر : سيرة ابن هشام ٤ / ٨٣ ، تفسير القمّي ١ / ٢٨٦ ، مجمع البيان ٥ / ٢٩ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٤٧.
(٣) ج ، م ، د زيادة : و.
(٤) من ب.
(٥) ب : فلم.
(٦) ليس في م.
(٧) ليس في ب.+ ب زيادة : و.
(٨) ليس في أ.
(٩) ليس في ج.
(١٠) م : أسامة بن أسامة بن زيد.
وكان العبّاس ـ رحمة الله عليه ـ (١) شاهرا سيفه لازما بعنان بغلة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ الدّلدل وهو ينادي : يا أهل بيعة الرّضوان. وعليّ ـ عليه السّلام ـ والفضل [أبن عمّه] (٢) يضربان وجوه الكتائب ، وكلّما أقبلت كتيبة [نحو النّبيّ] (٣) ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قال النّبيّ [صلّى الله عليه وآله وسلّم] (٤) اكفني هذه ، يا عليّ. فيردّها عنه والعبّاس (٥) ينادي : يا أهل بيعة الشّجرة ، يا أهل بيعة الرّضوان. فانضم إليه نحو من مائة.
ثمّ تراجع النّاس ، وعليّ (٦) والفضل لازمان الثّنية يضربان بسيفيهما وجوه (٧) كتائب الكفّار حتّى هزموهم (٨). ثمّ تراجع النّاس ، حتّى أنّ عثمان بن عفّان رجع بعد ثلاثة أيّام.
فقال له (٩) النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لقد (١٠) ذهبت فيها (١١) عريضة.
__________________
(١) ليس في ب ، ج ، م.+ ب ، ج ، د ، م زيادة : يومئذ.
(٢) ليس في ب.
(٣) ب : للنّبيّ.
(٤) ليس في ب.+ ج ، د ، م زيادة : لعليّ عليه السّلام.
(٥) ب زيادة : عليه السّلام.
(٦) ج ، د ، م زيادة : عليه السّلام.
(٧) ليس في أ ، ج ، م.
(٨) أ : هزموا.
(٩) ليس في د.
(١٠) ليس في ج.
(١١) ب : بها.
[ثمّ أنزل] (١) الله سكينته على رسوله (٢) وعلى المؤمنين الّذين ثبتوا معه (٣) من أهله وأصحابه ، وأيّده (٤) الله ـ تعالى ـ بخمسة آلاف من الملائكة فانهزم (٥) المشركون بأجمعهم حتّى لحقوا بالطّائف ، وقتل عليّ ـ عليه السّلام ـ فيمن قتل ذلك اليوم ذا الخمار ، وكان من أبطال المشركين لا يقوى عليه (٦) أحد ، فسرّ بذلك النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والمسلمون ، وظفر (٧) الله نبيّه ـ عليه السّلام ـ بالكفّار فساقهم (٨) وغنمهم وقدم بهم إلى مكّة ، [ففّرقهم و] (٩) الغنيمة على المسلمين (١٠) المقاتلين.
ثمّ توجّه ـ عليه السّلام ـ إلى غزاة (١١) أوطاس ، فأصاب منها سبايا كثيرة وغنيمة عظيمة (١٢) ، ونادى مناديه ـ عليه السّلام ـ : ألا لا توطأ الحبالى حتّى يضعن ، ولا غير (١٣) الحبالى حتّى يستبرئن بحيضة.
__________________
(١) أ ، ج ، د ، م : فأنزل.
(٢) ج : نبيّه.
(٣) ليس في ج.
(٤) ب ، ج ، د : أمدّه.
(٥) م : وانهزم.
(٦) ج ، د ، م : به.
(٧) م : أظفر.
(٨) ليس في أ.+ ج ، د ، م : فسباهم.
(٩) ب : ففرّق.
(١٠) أ زيادة : و.
(١١) د زيادة : تبوك.
(١٢) ليس في م.
(١٣) ج ، د ، م : توطأ.
ثمّ توجّه النّبيّ (١) ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إلى غزاة النّضير (٢) وبني (٣) المصطلق و (٤) قريظة ، فغنمهم (٥) وسباهم (٦).
ثمّ توجّه إلى الحديبية والأحزاب ، وكانوا مع أبي سفيان وسهيل بن عمرو ، فصالحوا النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وكتب بينهم كتابا بالصّلح ، وكان الكاتب عليّا ـ عليه السّلام ـ.
ثمّ توجّه ـ عليه السّلام ـ لفتح مكّة ودخلها دخولا مليحا ، وكان النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قد سأل الله ـ تعالى ـ أن يخفي أمره عن أهل مكّة حتّى يدخلها ، فلمّا قرب منها غير بعيد خرج أبو سفيان يتطلّع أخبار النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ. وكان العبّاس قد سبق العسكر راكبا بغلة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فلقي أبا سفيان ، وكان بينهما خلّه غير النّسب ، فتلاقيا واعتنقا.
فقال أبو سفيان للعبّاس : (٧) ما وراؤك ، يا أبا الفضل؟
فقال : ورائي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ باثني عشر ألفا. وطلعت الرّايات.
فقال أبو سفيان : فأين المذهب يا أبا أفضل؟
__________________
(١) من أ.
(٢) ليس في ج.
(٣) ليس في ب.
(٤) ب زيادة : بني.
(٥) ب : فغزاهم.
(٦) ب زيادة : وغنمهم.
(٧) ليس في أ.