المؤمن

الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

المؤمن

المؤلف:

الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ٠
الصفحات: ٨٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

المؤمن الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

١
 &

المؤمن الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

٢
 &

المؤمن الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

٣
 &

المؤمن الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

٤
 &



الإهداء

إلى صٰاحب الأمر . . .

مهديّ الاُمم . . .

بقيّة الله في الأرضين . . .

الحجّة بن الحسن العسكريّ . . .

أرواحنا فداء . . .

وإلى إخواننا المؤمنين لا سيّما العلماء العاملين .

٥
 &

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى :

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا

وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

أُولَـٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ *

الحجرات : ١٥

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ

وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ *

أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ *

الأنفال : ٢ ، ٣ ، ٤

٦
 &

المقدّمة

بسم الله الرحمٰن الرحيم

الحمد لله علىٰ ما أولانا إيماناً خالصاً كما آمن به الأنبياء والمرسلون ، والعارفون الموحّدون ، ويقيناً صادقاً كما صدّقته الملائكة المقرّبون ، والأولياء والصالحون .

وسلام علىٰ المرسلين الّذين بلّغوا رسالات ربّهم ، وهو علىٰ ما أصابهم في دعوتهم صابرون ، اُولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة ، واُولئك هم المهتدون ، الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

والصلاة والسلام علىٰ خير خلق الله الأطهار المصطفين ، محمّد وآله سادة الخلق أجمعين ، وعلىٰ من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، الّذين صبروا وصابروا في ولائهم لأهل البيت المنتجبين ، واُوذوا وقتّلوا وحرقوا ونفوا عن ديارهم ولا زالوا بحبلهم متمَسّكين ، الّذين قال فيهم الإمام الصادق عليه السلام : « نحن صُبّر وشيعتنا أصبر منّا ، وذلك أنا صبرنا على ما نعلم ، وصبروا هم علىٰ ما لا يعلمون » (١) اُولئك الّذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه .

واللعنة الدائمة الماحقة لأعدائهم أجمعين ، الّذين يخادعون الله وما يخدعون إلّا أنفسهم ، فحمّلوا ظهورهم وزر البرايا ، ألا ساء ما يزرون .

إنّ ما اُجمع عليه ، أنّ للإيمان منازل ودرجات ، ومراقي عاليات ، وللمؤمنين الممتحنين صفات مخصوصات ، جعلتهم في الناس مميّزين كبدور نيّرات ، ولأخلاق العوامّ كارهين بل نابذين ، قد يحسبهم الرائي مرضىٰ وما بالقوم من مرض ، ولكنّهم من خوف الله وجلون ، كأنّهم قد خولطوا ، ولقد خالطهم أمر عظيم ، لما كُشف لهم من العذاب الأليم للمجرمين ، والنعيم المقيم للصالحين ، فهم والجنّة كمن قد رآها فهم فيها منعّمون ، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون ، كلّما تلوا سوراً من القرآن العظيم .

هؤلاء الّذين هجرت عيونهم في الليل غمضها ، وأدّت أنفسهم إلىٰ بارئها فرضها ، حتىٰ إذا غلب عليها الكرىٰ ، افترشت أرضها ، وتوسّدت كفّها ، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم ، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم ، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم ،

____________________________

(١) تفسير القميّ ص ٤٨٩ س ١٩ ، البحار ٧١ / ٨٤ ح ٢٧ .

٧
 &

اُولئك الّذين وصفهم أمير المؤمنين سلام الله عليه بقوله : مُرْه ١ العيون من البكاء ، خمص البطون من الصيام ، صفر الألوان من السهر ، علىٰ وجوههم غبرة الخاشعين ، اُولئك إخواني الذاهبون ، فحقّ لنا أن نظمأ إليهم ، ونعضّ الأيدي علىٰ فراقهم .

والمؤمن كلّما اقترب من ربّه منزلة أتحفه الله بأنواع المصائب والبلايا ، فتتوالىٰ عليه من كلّ مكان ، وتسدّد قُسيّها إليه من كلّ جانب ، وهل البلاء إلّا لمن أخلص لله وآمن به ، الأمثل فالأمثل ، ليجزيه الله الجزاء الأوفر .

وقد مرّ موضوع شدّة الإبتلاء وأنواعه في مقدّمة كتاب « التمحيص » فلا حاجة لإعادته ، وسترد أحاديث اُخرىٰ في كتابنا هذا تنير الطريق لسالكيه ، وتشرح القلوب التي في الصدور ، مستقاة من معين أهل بيت الرحمة عليهم السلام ، الّذين هم أعرف بعلل النفوس وأمراضها ، ووساوس الشياطين وأدرانها ، فيعيّنوا الداء ، ويصفوا الدواء ،

جعلنا الله من المتمسّكين بحبل ولايتهم ، المقبولة أعمالهم ، المغفورة ذنوبهم ، الهانئين بشربة رويّة من حوض كوثرهم ، الفائزين بشفاعتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلّا من أتىٰ الله بقلب سليم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

____________________________

(١) مُرْه : جمع أمره ، من مرهت عينه إذا فسدت ، أو ابيضّت حماليقها .

٨
 &

ترجمة المؤلّف

هو الحسين بن سعيد بن حمّاد بن مهران الأهوازيّ ١ .

كنيته أبو محمّد ٢ ، الكوفيّ الأصل ٣ ، انتقل مع أخيه الحسن بن سعيد إلىٰ الأهواز ٤ فاشتهرا بهذا اللقب ، وكان الحسن يعرف بـ « دندان » ٥ ، والأخوان من موالي عليّ بن الحسين سلام الله عليهما ٦ .

عاصر الحسين بن سعيد كلّاً من الإمام الرضا والجواد والهادي سلام الله عليهم أجمعين ، وروىٰ عنهم ، ولذا عُدّ من أصحابهم ، كما في أغلب كتب التراجم والرجال ٧ .

مدحه وأطراه جميع الأصحاب والمشايخ الّذين كتبوا عنه ، وأثنوا عليه ، ووصفوه بأنّه ثقة ، مثل الشيخ في كتابيه الرجال والفهرست ، والعلّامة في الخلاصة نعته بأنّه : ثقة ، عين ، جليل القدر ، وقال أبو داود في حقّه : ثقة ، عظيم الشأن ٨ .

وقال ابن النديم ٩ : الحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيّان من أهل الكوفة . . . أوسع أهل زمانهما علماً بالفقه والآثار والمناقب وغير ذلك من علوم الشيعة .

وذكر أحد كتبه المجلسي ١٠ بقوله : وأصل من اُصول عمدة المحدّثين الشيخ الثقة الحسين بن سعيد الأهوازيّ ، وكتاب الزهد وكتاب المؤمن له أيضاً .

انتقل الأخوان من الكوفة إلىٰ الأهواز فترة من الزمن لنشر تعاليم آل الرسول صلّى الله عليه وآله وأبناء فاطمة البتول عليهم ‌السلام الّذين أذهب الله عنهم الرجس و

____________________________

(١) النجاشيّ ص ٤٦ ، إلا أنّ الشيخ في الفهرست ص ٥٨ ح ٢٢٠ والكشيّ ص ٥٥١ ح ١٠٤١ ذكرا بعد « حمّاد » « سعيداً » ، فيكون : الحسين بن سعيد بن حمّاد بن سعيد بن مهران .

(٢) النجاشيّ ص ٤٦ .

(٣) البرقيّ ص ٥٤ ، الفهرست ص ١٠٤ ، رجال أبي داود رقم ٧٤٣ .

(٤) الفهرست ص ١٠٤ .

(٥) رجال الكشيّ ص ٥٥١ .

(٦) الشيخ في رجاله والفهرست ، الكشيّ ، النجاشيّ ، نفس الصفحات السابقة ، والظاهر أنّهما من ذراري موالي الإمام السجّاد عليه السلام للفرق الشاسع بين وفاة الإمام السجّاد عليه السلام سنة ٩٥ هـ وبين وفاة الإمام الرضا عليه السلام سنة ٢٠٣ هـ وحتى وفاة الإمام الهادي عليه السلام سنة ٢٥٤ هـ ، فلاحظ .

(٧) ذكره الشيخ في رجاله ص ٣٧٢ ، ٣٩٩ ، ٤١٢ .

(٨) المصادر السابقة .

(٩) الفهرست ص ٢٧٧ .

(١٠) البحار ج ١ / ١٦ .

٩
 &

طهّرهم تطهيراً ، كما مرّ آنفاً .

وللأخوين مؤلّفات كثيرة في الحلال والحرام وفي مختلف العلوم والمعارف ، بلغت خمسين تصنيفاً للحسن فقط كما عن الكشيّ ، أو ثلاثين لكليهما كما نقل النجاشيّ قائلاً : كُتب بني سعيد كتب حسنة معمول عليها ، وهي ثلاثون كتاباً .

وقد شارك الحسين أخاه الحسن في الكتب الثلاثين المصنّفة ، وإنّما كثر اشتهار الحسين أخيه بها ، والكتب هي :

١ ـ كتاب الوضوء

٣ ـ كتاب الزكاة

٥ ـ كتاب الحجّ

٧ ـ كتاب الطلاق

٩ ـ كتاب الأيمان والنذور

١١ ـ كتاب الخمس

١٣ ـ كتاب الصيد والذبائح

١٥ ـ كتاب الأشربة

١٧ ـ كتاب التقيّة

١٩ ـ كتاب المناقب

٢١ ـ كتاب الزهد

٢٣ـ‌كتاب‌ حقوق‌ المؤمنين ‌وفضلهم

٢٥ ـ كتاب الوصايا

٢٧ ـ كتاب الحدود

٢٩ ـ كتاب الملاحم

٢ ـ كتاب الصلاة

٤ ـ كتاب الصوم

٦ ـ كتاب النكاح

٨ ـ كتاب العتق والتدبير والمكاتبة

١٠ ـ كتاب التجارات والإجارات

١٢ ـ كتاب الشهادات

١٤ ـ كتاب المكاسب

١٦ ـ كتاب الزيارات

١٨ ـ كتاب الردّ علىٰ الغلاة

٢٠ ـ كتاب المثالب

٢٢ ـ كتاب المروة

٢٤ ـ كتاب تفسير القرآن

٢٦ ـ كتاب الفرائض

٢٨ ـ كتاب الديّات

٣٠ ـ كتاب الدعاء

وكان الحسين بن يزيد السورانيّ يقول : الحسن شريك أخيه الحسين في جميع رجاله إلّا في زرعة بن محمّد الحضرميّ وفضالة بن أيّوب ، فإنّ الحسين كان يروي عن أخيه ،عنهما ١ .

وخالهما جعفر بن يحيى بن سعد الأحول ، من رجال أبي جعفر الثاني عليه السلام .

وعُرف لهذا البيت إيمانهم العميق بالله تبارك وتعالى والإخلاص له ، و ولاؤهم الصادق للرسول وآل بيته الأطهار سلام الله عليهم أجمعين ، وجهادهم الطويل

١٠
 &

بالعمل الصالح ، والدفاع عن الحقّ خلال حقبة حكم العبّاسيّين ، الّذين كانوا يطاردون المؤمنين من شيعة عليّ والحسين عليهما ‌السلام .

ومع كلّ ذلك كان الأخوان يتحرّكان في كلّ جانب ، لا تأخذهما في الله لومة لائم ، ولم يتركوا الاُمور علىٰ غاربها ، بل خاضوا لجج البحار ، وحاموا عن الذمار ، و دافعوا عن أحقّيّة آل محمّد المصطفين الأطهار ، باللسان والبنان ، بأوضح صورة وأجلىٰ بيان .

فهذا الحسين بن سعيد كان يدافع وينافح بطرق وأساليب مختلفة عن البيت الهاشميّ ، في نشر أخبارهم وعلومهم ومآثرهم ، فكان يتّصل بالمخالفين ، ويعرض بضاعته النادرة الثمينة ، من كنوز علومهم ، بروح سامية ، ونيّة خالصة لوجهه الكريم ، تطبيقاً لما ورد عنهم عليهم ‌السلام : رحم الله عبداً أحيا أمرنا ١ ، لعلّه يكثر عدد محبّيهم ، والمتبصّرين لولايتهم .

وبالفعل فقد أبلغ الرسالة وأوصل عدداً من الشخصيّات إلىٰ الإمام الرضا سلام الله عليه ، فتمّت هدايتهم وتبصرتهم ومعرفتهم بأعدال الكتاب ، وسفن النجاة ، والحجج علىٰ العباد ، بعد أن كانوا عنهم غافلين أو معرضين ، ولمنهجهم مخالفين ، ولأعدائهم موالين .

ومن هؤلاء الشخصيّات : إسحاق بن إبراهيم الحضيني ، وعلي بن الرسان ، وعليّ بن مهزيار ٢ ، وعبد الله بن محمّد الحضينيّ ، وغيرهم ، حتىٰ جرت الخدمة علىٰ أيديهم ، وصنّفوا الكتب الكثيرة ٣ ، كلّ ذلك بفضل الله أن جعله سبباً في هداية القوم ، فللّه درّه ، وعلىٰ الله أجره .

وأخيراً انتقل الحسين بن سعيد ، هذا المحدّث العظيم ، إلىٰ « قم » فنزل علىٰ الحسن بن أبان ، وتوفّي فيها ، فرحمة الله عليه يوم ولد ، ويوم مات ، ويوم يبعث حيّاً ، وحشره الله مع من والاهم ، آمين ربّ العالمين .

السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحيّ

« الإصفهانيّ »

____________________________

(١) الكافي : ٢ / ١٧٥ ح ٢ .

(٢) ذكره البرقيّ .

(٣) النجاشيّ ص ٤٦ .

١١
 &

المؤمن الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

١٢
 &

المؤمن الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

١٣
 &

المؤمن الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي

١٤
 &

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة على سيّد المرسلين محمّد وآله الطاهرين .

١ ـ باب شدّة ابتلاء المؤمن

١ ـ عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : في قضاء الله عزّ وجلّ كلّ خير للمؤمن ١ .

٢ ـ وعن الصادق عليه السلام : إنّ المسلم لا يقضي الله عزّ وجلّ قضاء إلّا كان خيراً له ، [ وان ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له ٢ ] .

ثم تلا هذه الآية : « فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا » ٣ ، ثم قال : أما ٤ والله لقد تسلّطوا عليه وقتلوه ، فأمّا ما وقاه الله فوقاه الله أن يعتو ٥ في دينه ٦ .

٣ ـ وعن الصادق عليه السلام قال : لو يعلم المؤمن ما له في المصائب من الأجر ، لتمنّى أن يقرّض بالمقاريض ٧ .

٤ ـ عن سعد ٨ بن طريف قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام فجاء جميل الأزرق ، فدخل عليه ، قال : فذكروا بلايا الشيعة وما يصيبهم ، فقال أبو

____________________________

(١) عنه في البحار : ٧١ / ١٥٩ ح ٧٦ ، والمستدرك : ١ / ١٣٧ ح ١ .

(٢) سقطت هذه العبارة من النسخة ـ ب ـ .

(٣) غافر / ٤٥ .

(٤) في الأصل ( أم ) .

(٥) في النسخة ـ أ ـ والبحار ( يفتنوه ) .

(٦) عنه في البحار : ٧١ / ١٦٠ د ح ٧٦ ، والمستدرك : ١ / ١٣٧ ح ٢ .

(٧) عنه في البحار : ٧١ / ١٦٠ د ح ٧٦ ،

وأخرج في البحار : ٦٧ / ٢١٢ ح ١٧ والوسائل : ٢ / ٩٠٨ ح ١٣ عن الكافي : ٢ / ٢٥٥ ح ١٥ بإسناده عن عبد الله بن أبي يعفور عنه (ع) نحوه ، وروي في تنبيه الخواطر : ٢ / ٢٠٤ نحوه ، والتمحيص : ح ١٣ عن ابن أبي يعفور مثله وفي مشكاة الأنوار : ص ٢٩٢ مرسلاً مثله .

(٨) في النسخة ـ ب ـ سعيد .

١٥
 &

جعفر « عليه السلام » : إنّ اُناساً أتوا علي بن الحسين عليهما ‌السلام وعبد الله بن عباس فذكروا لهما نحواً ممّا ذكرتم ، قال : فأتيا الحسين بن علي عليهما‌ السلام فذكرا له ذلك ،

فقال الحسين عليه السلام : والله البلاء ، والفقر والقتل أسرع إلى من أحبّنا من ركض البراذين ١ ، ومن السيل إلى صمره ، قلت : وما الصمرة ؟ ٢ .

قال : منتهاه ، ولولا أن تكونوا كذلك لرأينا أنكم لستم منّا ٣ .

٥ ـ وعن الأصبغ بن نباتة قال : كنت عند أمير المؤمنين عليه السلام قاعداً ، فجاء رجل فقال : يا أمير المؤمنين والله إنّي لأُحبّك [ في الله ] ٤ .

فقال : صدقت ، إنّ طينتنا مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فاتّخذ للفقر جلباباً ، فاني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : والله يا عليّ إنّ الفقر لأسرع ( أسرع ـ خ ) إلى محبّيك من السيل إلى بطن الوادي ٥ .

٦ ـ عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنّ الشياطين أكثر على المؤمن من الزنابير على اللحم ٦ .

٧ ـ وعن أحدهما عليهما‌ السلام قال : ما من عبد مسلم ابتلاه الله عزّ وجلّ بمكروه وصبر إلّا كتب الله له أجر ألف شهيد ٧ .

٨ ـ وعن أبي الحسن عليه السلام قال : ما أحد من شيعتنا يبتليه الله عزّ وجل ببليّة فيصبر عليها إلّا كان له أجر ألف شهيد ٨ .

____________________________

(١) البراذين : جمع برذون ، وهو نوع من الخيول .

(٢) هكذا في الاصل ، والأصوب الصمر بإسقاط التاء وفي المعاجم اللغوية هكذا ضبطت ، وزيادة التاء لها تعطي معنى آخر ، ولعل هذه التاء زيدت من قبل النسّاخ أو كانت ضميراً متصلاً ( هاء ) وزيد لها « أل » التعريف .

(٣) عنه في البحار : ٦٧ / ٢٤٦ ح ٨٥ ، والمستدرك : ١ / ١٤١ ح ١ .

(٤) ليس في النسخة ـ ب ـ .

(٥) عنه في البحار : ٧٢ / ٣ ح ١ .

(٦) عنه في البحار : ٦٧ / ٢٤٦ ح ٨٦ وص ٢٣٩ ح ٥٧ عن الاختصاص : ٢٤ عن ربعي ، عن الفضيل بن يسار مثله .

(٧) عنه في البحار : ٧١ / ٩٧ ح ٦٥ والمستدرك : ١ / ١٤٠ ح ٣٤ .

(٨) عنه في البحار : ٧١ / ٩٧ ذ ح ٦٥ والمستدرك : ١ / ١٤٠ ح ٣٥ ، وأخرج نحوه في البحار : ٧١ / ٧٨ ح ١٤ والوسائل : ٢ / ٩٠٢ ح ١ عن الكافي : ٢ / ٩٢ ح ١٧ باسناده عن أبي حمزة الثمالي عن

=

١٦
 &

٩ ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : فيما أوحى الله إلى موسى (ع) أن : يا موسى ما خلقت خلقا أحبّ إليّ من عبدي المؤمن ، وانّي انّما أبتليه لما هو خير له ، [ وأعطيه لما هو خير له ] ١ ، وأزوي عنه لما هو خير له ، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي ، فليصبر على بلائي ، وليرض بقضائي ، وليشكر نعمائي ، أكتبه في الصدّيقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري ٢ .

١٠ ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان لموسى بن عمران أخ في الله ، وكان موسى يكرمه ويحبّه ويعظّمه ، فأتاه رجل فقال : إني أُحبّ أن تكلّم لي هذا الجبار ، وكان الجبّار ملكاً من ملوك بني إسرائيل ، فقال : والله ما أعرفه ولا سألته حاجة قط ، قال : وما عليك من هذا ! لعلّ الله عزّ وجلّ يقضي حاجتي على يدك ، فرقّ له ، وذهب معه من غير علم موسى ، فأتاه ودخل عليه ،

فلمّا رآه الجبّار أدناه وعظمه ، فسأله حاجة الرجل فقضاها له ، فلم يلبث ذلك الجبار أن طعن فمات ، فحشد في جنازته أهل مملكته ، وغلّقت لموته أبواب الأسواق لحضور جنازته .

وقضي من القضاء أنّ الشابّ المؤمن أخا موسى مات يوم مات ذلك الجبار وكان أخو موسى إذا دخل منزله أغلق عليه بابه فلا يصل إليه أحد ، وكان موسى إذا أراده فتح الباب عنه ودخل عليه ، وانّ موسى نسيه ٣ ثلاثاً ، فلما كان اليوم الرابع ذكره موسى ، فقال : قد تركت أخي منذ ثلاث « فلم آته » ففتح عنه الباب ودخل عليه ، فاذا الرجل ميّت ! واذا دوابّ الأرض دبّت عليه فتناولت من محاسن وجهه ، فلمّا رآه موسى عند ذلك ،

قال : يا ربّ عدوّك حشرت له الناس ، ووليّك أمتّه فسلّطت عليه دوابّ الأرض تناولت من محاسن وجهه ! ؟ فقال الله عزّ وجل : يا موسى إنّ وليّي سأل هذا

____________________________

أبي عبد الله (ع) والبحار : ٤٩ / ٥١ ح ٥٤ عن الخرائج : ١٩٠ ح ١٤ عن الرضا (ع) ونحوه في التمحيص : ح ١٢٥ .

(١) ليس في النسخة ـ أ ـ وفي الكافي : اُعافيه بدل أعطيه .

(٢) عنه في المستدرك : ١ / ١٣٧ ح ٣ والبحار : ٧١ / ١٦٠ ح ٧٧ وفي ص ١٣٩ ح ٣٠ والبحار : ١٣ / ٣٤٨ ح ٣٦ عن أمالي ابن الشيخ : ١٦٠ ح ٧٧ وفي البحار : ٧٢ / ٣٣١ ح ١٤ والوسائل : ٢ / ٩٠٠ ح ٩ عن الكافي : ٢ / ٦١ ح ٧ بإسنادهما عن داود بن فرقد مثله ، وفي البحار : ٦٧ / ٢٣٥ ح ٥٢ عن مجالس المفيد : ص ٦٣ باسناده عن داود بن فرقد مثله : ورواه في التمحيص : ح ١٠٨ عن داود بن فرقد مثله .

(٣) في النسخة ـ ب ـ أتاه ثلاثاً والظاهر انه وقع سهواً في النسخ .

١٧
 &

الجبّار حاجة فقضاها له ، فحشدت له أهل مملكته للصلاة عليه لاُكافئه عن المؤمن بقضاء حاجته ، ليخرج من الدنيا وليس له عندي حسنة اُكافئه عليها ، وانّ هذا المؤمن سلّطت عليه دوابّ الأرض لتتناول من محاسن وجهه لسؤاله ذلك الجبّار ، وكان لي غير رضى ليخرج من الدنيا وما له عندي ذنب ١ .

١١ ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى إذا كان من أمره أن يكرم عبداً وله عنده ذنب ابتلاه بالسقم ، فان لم يفعل ابتلاه بالحاجة ، فان هو لم يفعل شدّد عليه ( عند / خ ) الموت ، واذا كان من أمره أن يهين عبداً وله عنده حسنة أصحّ بدنه ، فان هو لم يفعل وسّع في معيشته ، فان هو لم يفعل هوّن عليه الموت ٢ .

١٢ ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الله تبارك وتعالى : وعزّتي لا اُخرج لي عبداً من الدنيا اُريد رحمته إلّا استوفيت كلّ سيئة هي له ، امّا بالضيق في رزقه ، أو ببلاء في جسده ، وامّا خوف اُدخله عليه ، فان بقي عليه شيء شدّدت عليه الموت .

ـ وقال عليه السلام ـ وقال الله : وعزّتي لا اُخرج لي عبداً من الدنيا واُريد عذابه إلّا استوفيته كلّ حسنة له إمّا بالسعة في رزقه ، أو بالصحة في جسده وامّا بأمن أدخله عليه فان بقي عليه شيء هوّنت عليه الموت ٣ .

١٣ ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال : مرّ نبيّ من أنبياء بني اسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج منه ، فما كان خارجاً منه قد نقّبته الطير ومزّقته الكلاب ، ثم مضى ووقعت ( رفعت ـ خ ) له مدينة فدخلها ، فإذا هو بعظيم من عظمائها ميّت على سرير مسجّى بالديباج حوله المجامر (٤) ، فقال : يا ربّ انّك حكم عدل لا تجور ،

____________________________

(١) أخرجه في البحار : ١٣ / ٣٥٠ ح ٤٠ وج ٧٤ / ٣٠٦ ح ٥٥ عن قصص الأنبياء ( مخطوط ) : ص ١١١ ح ٦٦ مختصراً بإسناده عن مقرن إمام بني فتيان ، عمن روى عن أبي عبد الله (ع) .

(٢) صدره في المستدرك : ٢ / ٣١١ ح ٧ ،

ورواه في الكافي : ٢ / ٤٤٤ ح ١ بإسناده عن حمزة بن حمران عن أبيه باختلاف يسير وزيادة في الألفاظ ، وروى في التمحيص : ح ٣٥ مثله .

(٣) روى في الكافي : ٢ / ٤٤٤ ح ٣ بإسناده عن ابن القدّاح عن أبي عبد الله (ع) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال الله تعالى . . . ـ نحوه ـ .

(٤) المجامر : جمع مجمر ، وهو مجتمع الناس .

١٨
 &

( ذاك ظ ) عبدك لم يشرك بك طرفة عين أمتّه بتلك الميتة ، وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمتّه بهذه الميتة .

فقال ( الله ) عزّ وجلّ : عبدي أنا كما قلت حكم عدل لا أجور ، ذاك عبدي كانت له عندي سيئة وذنب فأمتّه بتلك الميتة لكي يلقاني ولم يبق عليه شيء ، وهذا عبدي كانت له عندي حسنة فأمتّه بهذه الميتة لكي يلقاني وليس له عندي شيء ١ .

١٤ ـ عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه رفعه ٢ قال : بينما موسى يمشي على ساحل البحر ، اذ جاء صيّاد فخرّ للشمس ساجداً ، وتكلّم بالشرك ، ثم ألقى شبكته فأخرجها مملوءة ، فاعادها فاخرجها مملوءة ثم أعادها فأخرج مثل ذلك حتّى اكتفى ثم مضى ،

ثم جاء آخر فتوضّأ ثم قام وصلّى وحمد الله وأثنى عليه ، ثم ألقى شبكته فلم تخرج شيئاً ، ثم أعاد فلم تخرج شيئاً ، ثم أعاد فخرجت سمكة صغيرة ، فحمد الله وأثنى عليه وانصرف .

فقال موسى : يا ربّ عبدك جاء فكفر بك وصلّى للشمس وتكلّم بالشرك ، ثم ألقى شبكته ، فأخرجها مملوءة ، ثمّ أعادها فأخرجها مملوءة ، ثمّ أعادها فأخرجها مثل ذلك حتى اكتفى وانصرف ، وجاء عبدك المؤمن فتوضّأ وأسبغ الوضوء ثم صلّى وحمد ودعا وأثنى ، ثم ألقى شبكته فلم يخرج شيئاً ، ثم أعاد فلم يخرج شيئاً ، ثم أعاد فأخرج سمكة صغيرة فحمدك وانصرف ! ؟

فأوحى الله اليه : يا موسى انظر عن يمينك فنظر موسى فكشف له عمّا أعدّه الله لعبده المؤمن فنظر ، ثم قيل له : يا موسى انظر عن يسارك فكشف له عمّا أعدّه الله لعبده الكافر فنظر ، ثم قال الله ( تعالى ) : يا موسى ما نفع هذا ما أعطيته ، ولا ضرّ هذا ما منعته .

فقال موسى ، يا ربّ حقّ لمن عرفك أن يرضى بما صنعت ٣ .

____________________________

(١) روي في الكافي : ٢ / ٢٤٦ ح ١١ باسناده عن ابن مسكان عن بعض أصحابنا عنه (ع) نحوه .

(٢) في البحار عن أبي جعفر (ع) .

(٣) أخرجه في البحار : ١٣ / ٣٤٩ ح ٣٨ عن أعلام الدين ( مخطوط : ٢٦٧ ) نقلاً عن المؤمن وفيه اختلاف يسير في الألفاظ .

١٩
 &

١٥ ـ عن اسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : رأس طاعة الله ( عزّ وجلّ ) الرضا بما صنع الله الى العبد فيما أحبّ وفيما أكره ، [ ولم يصنع الله بعبد شيئاً ١ ] الّا وهو خير ٢ .

١٦ ـ عن يونس بن رباط قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنّ أهل الحقّ منذ ما كانوا في شدّة ، أما إنّ ذلك الى مدّة قريبة ٣ وعافية طويلة ٤ .

١٧ ـ عن سماعة قال : سمعته ٥ يقول : انّ الله عزّ وجلّ جعل وليّه غرضاً لعدوّه في الدنيا ٦ .

١٨ ـ عن المفضّل بن عمر ، قال : قال رجل لأبي عبد الله الصادق عليه السلام وأنا عنده : إنّ من قبلنا يقولون : إنّ الله إذا احبّ عبداً نوّه منوّه من السماء : إنّ الله يحب فلاناً فأحبّوه ، فيلقي الله المحبّة ( له ) في قلوب العباد ، واذا أبغضه نوّه منوّه من السماء : إنّ الله يبغض فلاناً فأبغضوه ، فيلقي الله له البغضاء في قلوب العباد .

قال : وكان عليه السلام متّكئاً فاستوى جالساً ، ثم نفض كمّه ، ثمّ قال : ليس هكذا ، ولكن اذا أحبّ الله عزّ وجلّ عبداً أغرى به الناس ليقولوا ما ليس فيه يؤجره ويؤثمهم [ واذا أبغض عبداً ألقى الله عزّ وجلّ له المحبّة في قلوب العباد ليقولوا ما ليس فيه ليؤثمهم ( و ) ايّاه ] ٧ .

ثم قال : من كان أحبّ الى الله تعالى من يحيى بن زكريا ؟ ثم أغرى جميع من رأيت ، حتى صنعوا به ما صنعوا ، ومن كان أحبّ الى الله عزّ وجلّ من الحسين بن علي عليهما ‌السلام ؟ أغرى به حتى قتلوه ! ومن كان أبغض الى الله من أبي فلان وفلان ؟

____________________________

(١) ليس في الأصل ، وأثبتناه من البحار .

(٢) أخرجه في البحار : ٧١ / ١٣٩ ح ٢٨ والوسائل : ٢ / ٩٠١ عن أمالي الطوسي : ٢٠٠ ح ٣٧ بإسناده عن اسحاق بن عمّار باختلاف يسير في ألفاظه .

(٣) في الكافي وتنبيه الخواطر : ( قليلة ) .

(٤) أخرج في البحار : ٦٧ / ٢١٣ ح ١٨ والوسائل : ٢ / ٩٠٦ ح ٣ عن الكافي : ٢ / ٢٥٥ ح ١٦ بإسناده عن يونس بن رباط مثله ، ورواه في تنبيه الخواطر ٢ / ٢٠٤ مرسلاً .

(٥) يعني : أبا عبد الله عليه السلام .

(٦) أخرج في البحار : ٦٨ / ٢٢١ ح ١٠ عن الكافي : ٢ / ٢٥٠ ح ٥ بإسناده عن سماعة مثله .

(٧) سقط من النسخة ـ أ ـ .

٢٠