الشيخ أمين حبيب آل درويش
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٤
مقدمة البحث
ـ الموضوع ودوافع إختياره
ـ أهميته
ـ تساؤلات البحث
ـ منهج وأسلوب البحث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ، وبعد.
الموضوع ودوافع إختياره :
لقد حظيت الأرض التي قتل عليها سيد الشهداء عليه السلام بأنواع الشرف والمجد والقداسة ، بل أصبحت من أفضل بقاع الأرض ، وذلك منذ اليوم الذي حَلّ فيها ركب الحسين عليه السلام ، وأهل بيته وصحبه ، وأضحوا ضحايا للدين والعقيدة ، فتحولت إلى بقعة تضم تلك الأجساد الطاهرة ، وغدت بذلم محجة للقلوب ، تهوي إليها الألوف من كل مكان ، يلوذون بتلك الأضرحة تأكيداً للمحبة والمودة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتخليداً لذكراه التي أظهرت معالم الدين والعقيدة ، ولما في ذلك من القرب إلى الباري عَزّ وجَلّ وتعظيماً لشعائره ، وخير شاهد على ذلك ما ذكرته الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام ، من فضل لهذه التربة الطاهرة وعناية لشأنها ، من ولادة الحسين عليه السلام إلى شهادته ، حيث عرفت بتسميات كثيرة.
يقول الدكتور عبد الجواد الكليدار : «وقد نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ والحديث باسم كربلاء ، والغاضرية ، ونينوى ، وعمورا ، وشاطئ الفرات ، وورد منها في الرواية والتاريخ باسم مارية
والنواويس ، والطف ، وطف الفرات ، ومشهد الحسين ، والحائر والحير ، إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة ، إلا أنّ أهم هذه الأسماء في الدين هو الحائر ، لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس ، أو أنيط به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا» (١).
وقال أيضاً : «ولأرض كربلاء أسماء كثيرة ، المشهورة منها في كتب الأخبار والآثار ستة عشر اسماً وهي : كربلاء ، ونينوى ، الغاضرية ، شاطئ الفرات ، الطف ، قبة الإسلام ، عموراء ، مارية ، مكاناً قصياً» (٢).
وبعد هذا نقول : إنّ كربلاء أم لقرى عديدة تقع بين بادية الشام وشاطئ الفرات ، ويحدثنا التاريخ أنها كانت من أمهات مدن بين النهرين ، الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس ـ الفرات القديم ـ ، وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة ، كما يستدل بذلك من الأسماء التي عرفت بها قديماً ، وقد أخذت كربلاء تزدهر شيئاً فشيئاً ، سيما على عهد الكلدانيين والتنوخيين واللخميين والمناذرة ، يوم كانت الحيرة عاصمتهم إلى عهد الفتح الإسلامي للعراق ، حينما توجه خالد بن عُرفُطَة بأمر من القائد العام سعد بن أبي وقاص إلى فتح كربلاء ، وبعد فتحها توجه خالد إلى فتح الحيرة ، وبعد فتحها عام ١٤ هـ عاد إلى كربلاء واتخذها مقراً لجنده ، ومعسكراً لجيشه مدة من الزمن ، وما كانت كربلاء هي أم لعدة قرى تحيط بها ؛ فقد أطلقت تلك الأسماء مجازاً على كربلاء ، ومن الملاحظ أن بعض أسماء هذه القرى عامة واسعة ، وبعضها خاصة لمنطقة ضيقة. وهذا هو موضوع البحث. ولعلّ من أهم الدوافع التي دفعتني لإختيار هذا الموضوع هي التالي :
__________________
(١) ـ الكليدار ، عبد الجواد : تأريخ كربلاء / ٢٣.
(٢) ـ الكليدار ، عبد الجواد : جغرافية كربلاء القديمة وبقاعها / ٤١ (مخطوط).
١ ـ ما ذكرته الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله الكرام ، من ربط مصرع الحسين عليه السلام وثواب زيارته بذكر اسم من أسماء أرض شهادته ، وما ترتب على ذلك من تعداد أسمائها ، وهذا يدل على الإهتمام بهذه البقعة الطاهرة.
٢ ـ إن الشباب المثقف حينما يقرأ هذه الروايات ، يقف مبهوراً أمام عظمة هذه البقعة الطاهرة ، وما يلاحظ من الأسماء الكثيرة التي أطلقت عليها ، ويتساءل عن مغزى ذلك ؛ لذا رأيت أن أقوم ببذل الجهود لتتبع هذه الأسماء وإستخراجها من الروايات ودراستها ، آملاً التوفيق للوصول إلى بعض أهداف ذلك.
أهميته :
إنّ البحث والدراسة في تربة الحسين عليه السلام غني بالفوائد ، ولا يتصور البعض أنّ البحث خاص بالتربة من حيث هي ، إذ التراب لا قيمة له من الناحية القدسية من حيث هو ، إنما القيمة تظهر بما يضاف إليه من أمور تجعله مقدّساً لدى العقلاء ، وإلا فهذه الأرض التي قتل فيها سيد الشهداء لم يكن لها فضل ومزية على غيرها من الأراضي ، إلا أنّه شاءت الأقدار أن يساق إليها ركب الحسين عليه السلام ، فارتبط تاريخها بتاريخ سيد الشهداء بل بتاريخ الإسلام ، بل من حقه أن يقترن بتاريخ البشرية جمعاء ، فالقدر الحكيم يرتفع بالتضحية في كربلاء إلى أعلى مستوياتها المرموقة ، نعم لقد أبرزت بطولات كربلاء شرف التضحية على نحو باهر وجليل ، حتى لنكاد نحسب أنّ الأقدار إنما أدت ذلك اليوم بكل أهواله وتضحياته ، لتؤكد شرف التضحية في وعي البشرية كلها ، ولتفيئ بمغزاه العظيم ضمير الحياة ، إذن هي شرف الإنسان وشرف الحياة ، فالناس بحاجة ماسة إلى دروس وعبر كربلاء ؛ ولذا ينبغي إيضاح تلك الدروس لشبابنا ومثقفينا
بأسلوب ولغة عصرية ، كي يتذوقوا هذه الدروس ويحصل لهم التفاهم المتبادل للوصول للغاية المنشودة ، وأحسن الطرق في هذا المجال ما نهجه علماء التربية في تتهذيب أخلاق النشئ وتقويمها ، وهي طريقة المثال الأعلى ـ وذلك بتقديم سِيَر الأبطال ورجال الفضيلة بصورة تجذب عواطفهم وتملك قلوبهم ، فيجعلون صورة أولئك الأشخاص أبداً نصب أعينهم ، فيجتهدون في تقليدها والسير على منوالها ، فما أحوجنا اليوم إلى شباب يتعلمون من مدرسة الحسين عليه السلام وتضحيته على أرض كربلاء ، وهذا ما نراه واضحاً في روايات أهل البيت عليهم السلام من الحث والتأكيد على قضية الحسين عليه السلام ، ومن الأمور التي إعتنت بها هذه الروايات ذكر أسماء البقعة الطاهرة التي إرتبطت به وبنهضته المقدسة ، وسار على هذا النهج رجال الحديث والفقه ؛ حيث ركزوا على بعض أسماء كربلاء ، كالحائر والحرم وتربة الحسين ؛ لإحتياجهم إليها في البحث الفقهي ، وكذلك المؤرخون والشعراء ، وبعد بيان كل ذلك ؛ ظهرت أهمية الموضوع ـ وهو (أسماء التربة في الروايات) ـ وما يترتب عليه من فوائد.
تساؤلات البحث :
لعلّ من أهم التساؤلات في هذا البحث ؛ هو التالي :
ذكرت الروايات أسماء عديدة للتربة الحسينية ـ على مُشرِّفها آلاف التحية والسلام ـ ، فما الهدف من ذلك؟
منهج وأسلوب البحث :
إهتم الباحثون بأسماء هذه التربة المقدسة ، نذكر ممنهم على سبيل المثال ما يلي :
١ ـ ياقوت الحموي في موسوعته : (معجم البلدان) ، حيث ذكر بعض أسمائها من الناحية التاريخية.
٢ ـ العلامة الشيخ عبد الواحد المظفر ، في موسوعته : (بطل العلقمي ـ في الجزء الثالث) ، حيث ذكر أشهر أسمائها وبحثها بحثاً علمياً.
٣ ـ الدكتور عبد الجواد الكليدار في : (تاريخ كربلاء وحائر الحسين عليه السلام) ، حيث قام بدراسة حول الحائر الحسيني من الناحية التاريخية واللغوية والفقهية.
٤ ـ الكاتب جعفر الخليلي في موسوعته (العتبات المقدسة ـ قسم كربلاء) ، حيث قام بدراسة لأشهر أسمائها ، ولكن الذي يتميز به بحثنا ، هو تتبع ما ذكر من أسمائها في الروايات ، وسيكون البحث متكوناً من بحثين كالتالي :
الأول ـ التربة في الروايات :
ويتناول الأبحاث التالية :
أولاً ـ التعرض للأسماء القديمة التي أطلقت على البقعة الطاهرة ـ كما ورد في الروايات ـ ، كالطف وكربلاء ونينوى ونحوها ، وكذلك الأسماء المحدثة قبل مقتل الحسين عليه السلام وبعده ، مثل : كرب وبلاء ، والتربة والطينة ، وحرم الحسين ، ونحو ذلك.
ثانياً ـ إنّ الأسماء المذكورة وإن كانت غير مختصة بمنطقة واحدة ـ إذ أنها من القرى التي كانت تحيط بكربلاء عند ورود الحسين عليه السلام لها ـ إلا أننا نذكر هذه الأسماء باعتبارها واقعة في حرم الحسين عليه السلام الذي حددته الروايات إلى خمسة فراسخ ، فهي أسماء لهذه البقعة الطاهرة بالنتيجة.
ثالثاً ـ ذكر الإسم والتعريف به من حيث سبب التسمية والموقع ، ثم ذكر الروايات النّاصة عليه.
رابعاً ـ دراسة بعض الأسماء التي ذكرتها الروايات ومثال ذلك ؛ روضة من رياض الجنة ، وترعة من ترع الجنة ، والحائر ونحو ذلك ، مع بيان الفوائد المتعلقة بها.
خامساً ـ قسمت هذه الأسماء إلى ثلاثة أقسام كالتالي :
الأول ـ أسماء شرف وقداسة : وهي الأسماء التي أُطلقت وكان الهدف منها العناية الإلهية ؛ أي لها إرتباط بالدين ومثال ذلك : أرض الله المقدسة ، والحائر ، وبطحاء الجنة ، وقبة الإسلام ، وتربة الحسين ، ونحو ذلك.
الثاني ـ أسماء تاريخية : وهي الأسماء التي أطلقت وعرفت تاريخياً ، وأدرجنا في ضمنها بعض الأسماء التي عرفت لمناسبة معينة ، ومثال ذلك : العقر ، ونينوى ، والنواويس ، والغاضرية ، ونحو ذلك.
الثالث ـ أسماء طبيعية : وهي الأسماء التي أطلقت وعرفت لمناسبة ترجع إلى طبيعة الأرض وصفتها ولونها ، ومثال ذلك : أرض فلاة ، وبطحاء ، والتربة ، والطينة ، والطف ، ونحو ذلك.
سادساً ـ رتبت الأسماء المذكورة حسب الترتيب الهجائي في كل قسم على حِدَه.
الثاني ـ نتائج البحث :
ويتناول أهم الفوائد والأبحاث المستفادة من الروايات المذكورة ، التي يمكن تصنيفها كالتالي :
١ ـ إهتمام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بالتربة الحسينية.
٢ ـ إهتمام الملائكة بالحسين عليه السلام وتربته.
٣ ـ إهتمام الأنبياء بالحسين عليه السلام وتربته.
٤ ـ تقديس التربة والتبرك بها.
٥ ـ خصائص التربة الحسينية.
٦ ـ المجاورة في كربلاء والأماكن المقدسة.
وختمت البحث بأجوبة التساؤلات ، هذا ما أردت بحثه ، والله ولي التوفيق والسداد.
أمين بن الحاج حبيب آل درويش
الملّاحة ـ القطيف
الخمييس ١٧ / ٣ / ١٤٢٣ هـ
الموافق للمولد النبوي الشريف
البحث الأول
أسماء التربة في الروايات
بحوث تمهيدية
ـ الجانب اللغوي للإسم
ـ الجانب الديني للإسم
ـ الجانب الإجتماعي للإسم
الجانب اللغوي للإسم
أ ـ إشتقاق الإسم.
ب ـ معنى الإسم.
ج ـ أقسام الإسم.