الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-179-6
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٨٦
قوله :
أبواب الجمعة وأحكامها
باب تقديم النوافل يوم الجمعة قبل الزوال
محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : قال أبو الحسن عليهالسلام : « الصلاة النافلة يوم الجمعة ست ركعات صدر النهار ، وست ركعات عند ارتفاعه ، وركعتان إذا زالت الشمس ، ثم صلّ الفريضة ، ثم صلّ بعدها ستّ ركعات ».
الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن علي بن عبد العزيز ، عن مراد بن خارجة قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « أمّا أنا فإذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق مقدارها من المغرب في وقت صلاة العصر صلّيت ست ركعات ، فإذا ارتفع النهار صلّيت ست ركعات ، فإذا زاغت الشمس أو
زالت صلّيت ركعتين ، ثم صلّيت الظهر ، ثم صلّيت بعدها ستاً ».
عنه ، عن يعقوب بن يقطين ، عن العبد الصالح عليهالسلام ، قال : سألته عن التطوع في يوم الجمعة؟ ( قال : « إذا أردت أن تتطوع يوم الجمعة ) (١) في غير ( سفر صلّيت ست ركعات ارتفاع النهار ، وست ركعات قبل نصف النهار ، وركعتين إذا زالت الشمس قبل الجمعة ، و ) (٢) ست ركعات بعد الجمعة ».
وقد رُوي أنّه يجوز أن يصلّي مثل ما يصلّي سائر الأيّام ، روى ذلك : الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان ابن خالد قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : النافلة يوم الجمعة ، قال : « ست ركعات قبل زوال الشمس ، وركعتان عند زوالها ، والقراءة في الأُولى بالجمعة والثانية بالمنافقين ، وبعد الفريضة ثمان ركعات ».
قال ( محمّد بن الحسن : والأخذ بالروايات الأوّلة أفضل ، يدل على ذلك أيضاً :
ما رواه أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن ) (٣) محمّد بن أبي نصر ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن التطوع يوم الجمعة؟ قال : « ست ركعات في صدر النهار ، وست ركعات قبل الزوال ، وركعتان إذا زالت الشمس (٤) ، وست ركعات بعد الجمعة ، فذلك عشرون ركعة سوى الفريضة ».
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
(٤) ليست في النسخ ، أثبتناها من الاستبصار ١ : ٤١٠ / ١٥٦٩.
السند :
في الأوّل : فيه سهل بن زياد ، وقد تقدم تضعيفه من الرجال (١).
والثاني : فيه الحسين بن المختار ، وقد قال الشيخ في رجال الكاظم عليهالسلام من كتابه : إنّه واقفي (٢) ، والنجاشي ذكره مهملاً (٣) ، وفي إرشاد المفيد : إنّه من خاصة الكاظم عليهالسلام وثقاته (٤) ، وحكى العلاّمة عن ابن عقدة ، عن علي ابن الحسن توثيقه (٥) ، والحال لا يخفى.
أمّا علي بن عبد العزيز فهو مشترك بين جماعة مشتركين في الإهمال (٦). ومراد بن خارجة مذكور في رجال الصادق عليهالسلام من كتاب الشيخ مهملاً (٧).
والثالث : لا ارتياب فيه بعد ما تقدم (٨) ، ويعقوب بن يقطين ثقة.
والرابع : كالثالث بعد ملاحظة ما سبق في سليمان بن خالد (٩). والنضر هو ابن سويد.
والخامس : صحيح أيضاً.
__________________
(١) راجع ج ١ ص ١٢٩ ، ج ٣ ص ٢٢٢.
(٢) رجال الطوسي : ٣٤٦ / ٣.
(٣) رجال النجاشي : ٥٤ / ١٢٣.
(٤) الإرشاد ٢ : ٢٤٨.
(٥) انظر خلاصة العلاّمة : ٢١٥ / ١.
(٦) انظر رجال الطوسي : ٢٤٢ / ٢٩٩ ، ٣٠٤ و ٢٤٣ / ٣١٨ ، ٣٢٤ و ٢٦٨ / ٧٣٣.
(٧) رجال الطوسي : ٣١٩ / ٦٣٦.
(٨) راجع ج ١ ص ٦٩.
(٩) راجع ج ١ ص ٣٥١.
المتن :
في الأوّل : كما ترى تضمن صلاة ست ركعات صدر النهار ، والمراد بصدر النهار غير واضح ؛ إذ يحتمل أن يراد به ما تضمنه الثاني من كون الشمس من المشرق مقدارها من المغرب في وقت العصر ، ويراد بالست ركعات عند الارتفاع ما بعد ذلك كما يقتضيه الثاني أيضاً ، ويحتمل ( أن يراد ) (١) بالصدر انبساط الشمس لا حين الطلوع ، ويراد بالارتفاع الوصول إلى موضع العصر ، ويحتمل أن يراد بالارتفاع ما قبل الزوال بحيث يقرب منه كما في الثالث ، ولا يبعد ظهور الاحتمال الأوّل ؛ لما يأتي في خبر سعد ابن سعد من قوله : « ست ركعات بكرة » (٢) وغير بعيد أن يراد بالبكرة بعد طلوع الشمس كما ذكره بعض المحققين (٣) ، وقد يناقش في ذلك إلاّ أنّ مقام الاستحباب واسع الباب.
وما تضمنه الخبر من قوله : « وركعتان إذا زالت » يقتضي فعلهما بعد ، وظاهر خبر سليمان أنّهما عند الزوال ، ولعل الأمر سهل ، وسيأتي في بعض الأخبار ما يقتضي القبلية (٤).
ثم الفريضة المذكورة محتملة للظهر والجمعة ، وعلى التقديرين فعل الست بعدها ربما ينافي استحباب الجمع يوم الجمعة ، إلاّ أن يقال : إنّ النافلة لا تنافي الجمع (٥) ، فيسقط الأذان مع فعلها للجمع (٦) ، وسيأتي في
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « م ».
(٢) انظر ص : ١١.
(٣) كما في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٣٢.
(٤) انظر ص : ١٤.
(٥) في « رض » : إلاّ أن يقال الجمعة لا ينافي الجمع.
(٦) في « م » : فيسقط الأذان مع هذا الجمع.
بعض الأخبار فعل جميع النافلة بعد الفريضة (١) ، وهو أبلغ في منافاة الجمع لسقوط الأذان ، ولم أر من أوضح المقام سوى ما يأتي من قول ابن أبي عقيل في الجملة (٢). وقد يحتمل أن يراد بعد وقت الفريضة ، وفيه ما فيه.
أمّا الثاني : فقد يستفاد منه أنّ التأخير لأنْ تصير الشمس من المشرق مقدارها من المغرب فراراً من الوقت المكروه ، فيؤيد حمل الصدر في الأوّل عليه ، وفيه : أنّ الكراهة محلّ تأمّل كما أسلفناه ، وما يدل على فعل الست بكرة يؤيد ذلك. وفي الخبر تصريح بالظهر ، والكلام في فعل الستّ بعدها كالأوّل.
والثالث : واضح الدلالة ، وفيه صراحة بسقوط النافلة سفراً.
أمّا ما تضمنه الرابع ، فالاستدلال به من الشيخ لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ الظاهر من مطلب الشيخ أنّ نافلة الجمعة ست عشرة ركعة [ كسائر (٣) ] الأيّام ، وإن احتمل كلامه كون الستّ عشرة على ترتيبها سائر الأيّام ، بل في التهذيب صرح بهذا (٤). والخبر كما ترى بظاهره يدل على فعل ست قبل الزوال ، ثم فعل الركعتين عند الزوال ، وظاهر ذكر القراءة أنّ الركعتين هي الجمعة ، وإذا كان بعدها الثماني لا يكون كسائر الأيّام ، للنقصان ، وكأنّ الشيخ فهم أنّ ذكر القراءة ليس براجع للركعتين ، وهو غير بعيد ، وتؤيده الأخبار الدالة على أنّ الركعتين من النافلة.
__________________
(١) في ص ١١.
(٢) انظر ص : ١٨.
(٣) في النسخ : لسائر ، والصحيح ما أثبتناه.
(٤) التهذيب ٣ : ١١ / ٣٧.
والخامس : صريح في ذلك ، وما يقتضيه بعض الأخبار من فعل الجمعة إذا زالت الشمس لا ينافي هذا كما سيأتي القول فيه إن شاء الله (١).
وقول الشيخ : يدل على ذلك ، يريد الاستدلال على أنّ العشرين أفضل ، وإلاّ فالتفضيل (٢) في الأخبار مختلف كما هو واضح.
وحكى العلاّمة في المختلف عن السيّد المرتضى أنّه قال : يصلّي عند انبساط الشمس ستّ ركعات ، فإذا اتضح النهار وارتفعت الشمس صلّى ستّاً ، فإذا زالت صلّى ركعتين ، فإذا صلّى الظهر صلّى بعدها ستاً (٣). وعن الشيخ في النهاية أنّه قال : ويقدِّم نوافل الجمعة كلها قبل الزوال ، هذا هو الأفضل يوم الجمعة خاصة ، وإن صلّى ستّ ركعات عند انبساط الشمس ، وستّاً عند ارتفاعها ، وركعتين عند الزوال ، وستاً بين الظهر والعصر لم يكن أيضاً به بأس (٤). ولا يخفى ما في الجمع بين هذا واستحباب الجمع من الإشكال ، وستأتي بقية الأقوال إن شاء الله تعالى.
قوله :
والذي أعمل عليه وأُفتي به أنّ تقديم النوافل كلها يوم الجمعة على ما قبل الزوال أفضل ، يدل على ذلك :
ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن
__________________
(١) في ص ١٧.
(٢) في « فض » : فالتفصيل.
(٣) المختلف ٢ : ٢٥٧.
(٤) المختلف ٢ : ٢٥٨ ، وهو في النهاية : ١٠٤.
يقطين قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن النافلة التي تصلّى يوم الجمعة أقبلها (١) أفضل أو بعدها؟ قال : « قبل الصلاة ».
أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، قال : سألته عن الصلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزوال؟ قال : « ست ركعات بكرة ، وست بعد ، ذلك ، اثنتا عشرة ركعة ، وست بعد ذلك ، ثماني عشرة ركعة ، ( وركعتان بعد الزوال ، فهذه عشرون ركعة ، وركعتان بعد العصر ، فهذه ثنتان وعشرون ركعة ) (٢) ».
وأيضاً فإنّه إذا وردت الروايات الأوّلة بجواز تقديم النوافل في صدر النهار فالعمل بها أولى وأفضل ؛ لأنّ الإنسان لا يأمن من الاخترام ، فيكون قد تعجّل ما له فيه ثواب وفضل.
فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن علي ابن النعمان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن عقبة بن مصعب قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام ، فقلت : أيّما أفضل أُقدّم الركعات يوم الجمعة ، أو أُصلّيها بعد الفريضة؟ قال : « لا ، بل تصلّيها بعد الفريضة ».
وما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أُقدّم يوم الجمعة شيئاً من ركعات؟ قال : « نعم ست ركعات » قلت : فأيّهما أفضل ، أُقدّم الركعات يوم الجمعة أو أُصلّيها بعد الفريضة؟ قال : « تصلّيها بعد الفريضة أفضل ».
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٤١١ / ١٥٧٠ : قبل الجمعة.
(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
فلا ينافي هذان الخبران ما قدّمناه ، وقلنا : إنّه هو الأفضل ؛ لأنّ الوجه فيهما أن نحملهما على أنّه إذا زالت الشمس فتأخير النوافل أفضل من تقديمها ، وإنّما يكون التقديم أفضل ما لم تزل الشمس ويدخل وقت الفريضة ، فإنّه إذا زالت ينبغي أن يبدأ بالفرض في هذا اليوم دون النوافل.
السند :
في الأوّل : واضح الصحة.
والثاني : فيه البرقي ، والظاهر أنّه محمّد وفيه كلام مضى (١).
والثالث : فيه عقبة بن مصعب ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف عليه في الرجال ، وقد يظن أنّه عنبسة بن مصعب فصحّف. ومحمّد بن إسماعيل هو ابن بزيع في الظاهر من الممارسة. أمّا إسحاق بن عمّار فقد قدّمنا القول فيه (٢) من أنّ الشيخ قال : إنّه فطحي. دون النجاشي فإنّه وثّقه من دون ذكر كونه فطحياً.
والرابع : فيه محمّد بن سنان.
المتن :
في الأوّل : لا يخفى دلالته على أنّ النافلة قبل الصلاة أفضل ،
__________________
(١) في ج ١ ص ٩٣ ٩٤ ، ج ٢ ص ٤٠١.
(٢) في ج ١ ص ٢٤١ ، ج ٣ ص ٢٠٣ ٢٠٤.
ومدّعى الشيخ أفضلية فعلها قبل الزوال ، فكأنّه ـ رحمهالله فهم من الأخبار الدالة على أنّها إذا زالت الشمس تصلّى الجمعة ، كون النافلة قبل الزوال أفضل ، وفيه ما سيأتي (١) في الأخبار.
وأمّا الثاني : فلا دلالة له على مطلوب الشيخ من أنّ تقديم النوافل كلها قبل الزوال أفضل ، وقوله : وأيضاً ، إلى آخره. لا يخلو من غرابة كما يعرف بأيسر نظر.
أمّا ما ذكره في الثالث والرابع ففيه نظر ، أمّا أوّلاً : فلأنّ الأوّل أفاد أنّ فعل الركعات بعد الفريضة ، بعد السؤال عن الأفضل ، فلو حمل على أنّه إذا زالت الشمس فالتأخير أفضل ، لا يخلو إمّا أن يريد أنّ فعل العشرين بعد الفريضة أفضل ، أو فعل ما هو موظف (٢) بعدها في الأخبار ، فإنْ أُريد ( الأول فعليه الإثبات ، وما يأتي من الأخبار لا يدل عليه كما ستسمعه (٣) ، وإنْ أُريد ) (٤) الثاني فكذلك ، على أنّ الركعات في الخبر محتملة لأنْ يراد بها الستة لا جميع النافلة ، ومعه لا ينافي غيره من الأخبار سوى خبر علي ابن يقطين ، ويمكن أن يحمل على أنّ فعل العشرين قبل الفريضة أفضل ، لكن فعل الستّة بعد الفريضة أفضل من فعلها قبلها ، وهذا لا ينافي كون العشرين قبل أفضل. وما دل على التفضيل بتقدير العمل به يمكن الجمع بينه وبين خبر علي بن يقطين بحمل التفضيل على أقل المراتب للفضل ، لكن أقل المراتب له مراتب ، فالتأخير للستة أفضل من تقديمها على الفريضة ، فليتأمّل.
وأمّا الثاني : فهو كما ترى يحتمل أن يراد بالركعات الستة ، لتقدم
__________________
(١) في ص : ١٧.
(٢) في « رض » : يوسف.
(٣) في ص ١٧.
(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».
ذكرها.
وما عساه يقال : إنّ الستة المذكورة لو أُريد تأخيرها لزم انحصار النافلة في الستّة ، ودفعه غير خفي ، فلا بُدّ أن يراد من التأخير للجميع فتتم المنافاة.
يمكن الجواب عنه : بأنّ المراد كون الستّ ركعات المتقدّمة تأخيرها أفضل ، لكن لا ينافي كون معها ضميمة ، غاية الأمر أنّها غير معلومة لنا ، ومطلوب الشيخ تأخير العشرين ، ولا دلالة في الخبر عليه ، بل الخبر في حيّز الإجمال.
ولو استبعد ما قلناه أمكن أن يقال : إنّ الركعات في الخبر محتملة لغير المقدم منها وهو الستة التي تفعل بعدها ، ومع الاحتمال لا يتم المطلوب ، أمّا توجيه الشيخ ففيه ما لا يخفى بعد ما قدمناه.
قوله :
والذي يدل على ذلك :
ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الرحمن بن عجلان قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : « إذا كنت شاكّاً في الزوال فصلّ الركعتين ، فإذا استيقنت الزوال فصلّ الفريضة ».
عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن ابن أبي عمير ؛ وفضالة ، عن حسين ، عن ابن أبي عمير قال : حدّثني أنّه سأله عن
الركعتين اللتين عند الزوال يوم الجمعة ، قال : فقال له (١) : « أمّا أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة ».
عنه ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « ( لا صلاة ) (٢) نصف النهار إلاّ يوم الجمعة ».
وعنه ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن وقت الظهر؟ فقال : « بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك ، إلاّ في يوم الجمعة أو في السفر ، فإنّ وقتها حين تزول الشمس ».
ولا ينافي هذا الخبر :
ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام في يوم جمعة وقد صلّيت الجمعة والعصر فوجدته قد باهى يعني من الباه أي جامع فخرج إليّ في ملحفته ، ثم دعا جاريته فأمرها أن (٣) تضع له ماءً تصبّه عليه ، فقلت له : أصلحك الله ما اغتسلت؟ فقال : « ما اغتسلت بعد ولا صلّيت » فقلت له : قد صلّيت الظهر والعصر جميعاً ، قال : « لا بأس ».
لأنّه لا يمتنع أن يكون عليهالسلام إنّما أخّر الظهر عن وقت الزوال لعذر كان به ، وإنّما تجب عند الزوال إذا لم يمنع مانع من الموانع ، ويدلُّ على جواز تقديم النوافل أيضاً :
__________________
(١) ليس في الاستبصار ١ : ٤١٢ / ١٥٧٥.
(٢) في « رض » و « م » : الصلاة.
(٣) ليست في النسخ ، أثبتناها من التهذيب ٣ : ١٣ / ٤٧ والاستبصار ١ : ٤١٢ / ١٥٧٨.
ما رواه الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « صلاة التطوع يوم الجمعة إن شئت من أوّل النهار ، وما تريد أن تصلّيه بعد الجمعة فإن شئت عجّلته وصلّيته من أوّل النهار أيّ النهار شئت قبل أن تزول الشمس ».
أحمد بن محمّد ، عن الحسين ، عن النضر ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن سعيد الأعرج قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن صلاة النافلة يوم الجمعة؟ فقال : « ست عشرة ركعة قبل العصر » (١) قال : « وكان علي عليهالسلام يقول : ما زاد فهو خير » وقال : « إن شاء رجل أن يجعل منها ست ركعات في صدر النهار ، وست ركعات في نصف النهار ، ويصلّي الظهر ويصلّي معها (٢) أربعة ، ثم يصلّي العصر ».
السند :
في الأوّل : فيه مع محمّد بن سنان عبد الرحمن بن عجلان ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف عليه في الرجال.
والثاني : فيه نوع إشكال ؛ لأنّ الذي نقلته في نسخة ، وفي اخرى عن ابن مسكان ، عن أبي عمر ؛ وفضالة ، عن حسين ، عن أبي عمر ، وفي التهذيب عن ابن مسكان ، عن ابن أبي عمير ؛ وفضالة ، عن حسين ، عن أبي عمر (٣). وعلى كل حال فضالة معطوف على محمّد بن سنان ؛ لرواية
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٤١٣ / ١٥٨٠ زيادة : ثمّ.
(٢) في الاستبصار ١ : ٤١٣ / ١٥٨٠ : منها.
(٣) التهذيب ٣ : ١٢ / ٤٠ ، وفيه في المورد الثاني أيضاً : ابن أبي عمير.
الحسين بن سعيد عنهما ، أمّا رواية ابن مسكان عن ابن أبي عمير فالممارسة تنفيها. وأبو عمر مجهول. وحسين هو ابن عثمان.
والثالث : واضح الصحة كالرابع ، وابن مسكان عبد الله ؛ لرواية صفوان عنه على ما في الفهرست (١).
[ والخامس (٢) ] : فيه أبو بصير.
[ والسادس (٣) ] : فيه موسى بن بكر وعمر بن حنظلة ، وقد مضى أنّ الأوّل واقفي (٤) ، والثاني غير معلوم المدح فضلاً عن التوثيق (٥) ، وقول جدّي قدسسره : هو ثقة ، تقدم دفعه (٦).
[ والسابع (٧) ] : موصوف بالصحة في كلام جماعة (٨) ، وغير بعيد ذلك. أمّا احتمال محمّد بن أبي حمزة المهمل في كتاب الشيخ (٩) فبعيد كاحتمال سعيد الأعرج ، وقد سبق تفصيل القول فيهما (١٠).
المتن :
في الأوّل : لا تظهر دلالته على مطلوب الشيخ من الجمع بين الأخبار بحمل ما تضمن التقديم على ما إذا لم تزل الشمس ، والتأخير على ما إذا
__________________
(١) الفهرست : ١٩٦ / ٤٢٣ ( طبع جامعة مشهد ).
(٢) في النسخ : الرابع ، والصحيح ما أثبتناه.
(٣) في النسخ : الخامس ، والصحيح ما أثبتناه.
(٤) راجع ج ٤ ص ٢٩٠ ، ٣٤٨ ، ٣٩١ ، ج ٦ ص ١١٤ ، ١٥٥ ، ١٥٥ ، ٢٧٥.
(٥) راجع ج ٢ ص ٥٥ ، ج ٤ ص ٢٥ ، ٢٨٠.
(٦) راجع ج ٢ ص ٥٥ ، ج ٤ ص ٢٥ ، ٢٨٠.
(٧) في النسخ السادس والصحيح ما أثبتناه.
(٨) منتقى الجمان ٢ : ١١٢.
(٩) رجال الطوسي : ٣٠٦ / ٤١٧.
(١٠) راجع ج ١ ص ١٤٩ ، ج ٣ ص ٣٣١ ، ج ٤ ص ٢٠٩ ، ج ٥ ص ٥٧ ، ٢٦٢.
زالت ؛ لأنّ الخبر دالّ على أنّ الشمس إذا زالت تصلّى الفريضة وتترك الركعتان ، وأين هذا من فعل النافلة جميعها بعد ، بل الركعتان أيضاً لا دلالة في الخبر على فعلهما بعد ، على أنّ في الخبر ما ينافي ما مضى (١) من فعل الركعتين بعد الزوال.
والثاني : ظاهر في أنّ الشمس إذا زالت تصلّى الفريضة ، أمّا أنّ فعل النافلة بعدها أفضل فلا ، وربما كان في الخبر دلالة على حكم الركعتين فقط لتضمن السؤال ذلك.
أمّا الثالث : فعن الدلالة بمعزل ؛ لتضمنه نفي الصلاة نصف النهار ، إلاّ يوم الجمعة ، وأين هذا من المطلوب؟ والرابع كذلك.
أمّا الخامس : فمنافاته إنّما تتم إذا تعين الوقت يوم الجمعة أوّل الزوال ، بل هو محمول على الفضل ، ومع احتمال العذر يزول الاشتباه ، وأظن أنّ رائحة الوضع عليه لائحة ، فيؤيّد كون الراوي هو المطعون فيه.
أمّا السادس : فدلالته على الجواز واضحة ، لكن الشيخ بصدد بيان الأفضل.
والسابع : كما ترى يدل على فعل الست عشرة قبل العصر ، وقد قدّمنا الإشكال فيه بالنسبة إلى استحباب الجمع (٢) ، وما تضمنه من جعل الست في نصف النهار قد ينافي ما سبق ، ولعلّ المراد ما قرب من النصف والكلام في الأربع بعد الظهر كما مضى ، وحكى العلاّمة في المختلف عن ابن أبي عقيل ما يقتضي أنّ الإمام إذا خاف تأخير العصر عن وقت الظهر في سائر الأيّام صلّى العصر بعد الفراغ من الجمعة ، ثم يتنفل بعدها بستّ
__________________
(١) في ص ٨.
(٢) في ص : ٨.
ركعات ، هكذا روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه كان ربما يجمع بين صلاة الجمعة والعصر ويصلّي يوم الجمعة بعد طلوع الشمس وبعد العصر (١) ، انتهى. وفي هذا الكلام دلالة على ما أشرنا إليه.
ونقل عن الشيخ في المبسوط أنّه قال : وإن فصل بين الفرضين بست ركعات على ما ورد به بعض الروايات والباقي على ما بينّاه أيضاً جائز ، وإن أخّر جميع النوافل إلى ما بعد العصر جاز (٢) انتهى. وفيه دلالة على الفصل بين الفرضين لا الوقتين كما احتملناه ، وقد ذكرت في معاهد التنبيه ما لا بد منه.
قوله :
باب القراءة في الجمعة
الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن أبي أيوب ، عن محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : القراءة في الصلاة فيها شيء موقت؟ قال (٣) : « لا ، إلاّ في الجمعة يقرأ فيها بالجمعة والمنافقين ».
عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، قال : قال : « اقرأ في ليلة الجمعة الجمعة وسبّح اسم ربك الأعلى ، وفي الفجر سورة الجمعة وقل هو الله أحد ، وفي الجمعة سورة الجمعة والمنافقين ».
محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن جميل ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
__________________
(١) المختلف ٢ : ٢٥٩.
(٢) المبسوط ١ : ١٥٠ ، حكاه عنه في المختلف ٢ : ٢٥٨.
(٣) في التهذيب ٣ : ٦ / ١٤ : قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام.
« إنّ الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول الله صلىاللهعليهوآله بشارةً لهم ، والمنافقين توبيخاً للمنافقين ، ولا ينبغي تركها ، فمن تركها متعمداً فلا صلاة له ».
الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن عبد الملك الأحول ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له ».
قال محمّد بن الحسن : هذه الأخبار كلّها محمولة على شدّة الاستحباب والتغليظ في تركه دون أن تكون قراءة هاتين السورتين شرطاً في صحة الصلاة ، والذي يدل على ذلك :
ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز وربعي ، رفعاه إلى أبي جعفر عليهالسلام قال : « إذا كانت ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون ، وفي صلاة الصبح مثل ذلك ، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك ، وفي صلاة العصر مثل ذلك ».
وروى محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن الأوّل عليهالسلام : الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمداً؟ قال : « لا بأس بذلك ».
أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سهل الأشعري ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير الجمعة متعمداً؟ قال : « لا بأس ».