تاج العروس - ج ١٤

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي

تاج العروس - ج ١٤

المؤلف:

محبّ الدين أبي فيض السيد محمّد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي


المحقق: علي شيري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٢

١

٢

باب اللّام

فصل الهمزة

من باب اللام

قالَ أبو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَزيدٍ المُبَرِّدُ : وَتَخْرُجُ اللّامُ من حَرْفِ اللِّسَانِ معارِضاً لأُصُولِ الثَنايَا والرُّباعِيَّات ، وهو الحَرْفُ المُنْحَرِفُ المُشَارِكَ لأَكْثَرِ الحُرُوفِ وَأقْرَبُ المَخَارِجِ منه النُّونُ المُتَحَرِّكَة ولِذا لا يُدْغَمُ فيها غَيْرُ اللَّامِ. فأمَّا السَّاكِنَه فَمخْرَجُها من الخَيَاشِيمِ نَحْوَ نُونُ مُنْذُ وعِنْدَ وتُعْتَبَرُ بأنَّكَ لَوْ أمْسَكْتَ أنْفَكَ عِنْد نُطْقِكَ بها لوجَدْتَها مُخْتَلَّةً. فأمَّا المُتَحرِّكَةُ فأقْرَبُ الحُرُوفِ منها اللَّام كما أنَّ أقْرَبَ الحُرُوفِ إِلى الباءِ الجِيمُ فَمَحَلُ اللَّامِ والنُّونِ والرَّاءِ مُتَقَارِبٌ بَعْضُه مِن بَعْضٍ ، فإِذا ارْتَفَعَتْ عن مَخْرَجِ النُّونِ نَحْوَ اللَّام فالرَّاءُ بينهما على أَنَّها إِلى النُّونِ أَقْرَبُ. واللَّامُ تَتَّصْلُ بها بالانْحِرَافِ الذي فيها.

قالَ شَيْخُنَا : وَقَدْ أبْدَلُوها من حَرْفَيْنِ وهما النُّونُ في أُصَيْلَالِ وأصْله أُصَيْلَانِ بالنُّونِ تَصْغِيرُ أَصِيْل على غَيْرِ قِياسٍ ، ومِنَ الضَّادِ في الطجْعِ بِمَعْنَى اضْطَجَعَ قالَهُ ابْنُ أُمِّ قاسِم.

قُلْتُ : وقد تَقَدَّمَ البَحْث في الأَخِير في ض ج ع فَرَاجِعْهُ.

فصل الهمزة مع اللام

[أبل] : الإِبِلُ بكَسْرَتَيْنِ ولا نَظِيرَ له في الأَسْمَاءِ كحِبرِ ولا ثَالِثَ لهُما قالَهُ سِيْبَويه وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا. وقالَ ابْنُ جِنِّي في الشَّواذِ وأمَّا الحُبكُ فَفَعِلٌ وذلك قليلٌ منه إِبِلٌ وإِطِلٌ وامْرَأةٌ بِلِزٌ أي ضَخْمَةٌ وبأسْنَانِهِ حِبْرٌ وقد ذُكِرَ ذلك في «ح ب ك» وفي «ب ل ز» وفي «ح ب ر» فالإِقْتِصَارُ على اللَّفْظَيْنِ فيه نَظَرٌ وتُسْكَّنُ الباءُ للتَّخْفِيفِ على الصحيحِ كما أشَارَ له الصَّاغَانِيُّ وابْنُ جِنِّي وجَوَّزَ شَيْخُنَا أنْ تكونَ لُغَة مُسْتَقِلَّة.

قُلْتُ وإليه ذَهَبَ كراع وأنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ للشَّاعِرِ :

إن تَلْقَ عَمْراً فَقَدْ لاقَيْتَ مدَّرَعاً

وليسَ من همِّهِ إِبِلٌ ولا شَاءُ

وأنْشَدَ شَيْخُنَا :

ألْبانُ إبلِ نخِيلَةُ بنُ مُسَافِرٍ

ما دَامَ يَمْلِكُهَا عليَّ حَرَامُ

وأنْشَدَ صاحِبُ المِصْبَاحِ قَوْلَ أبي النَّجْمِ :

والإِبِلُ لا تَصْلِحُ في البُسْتَانِ

وَحَنَّتِ الإِبِلُ إلى الأَوْطَانِ (١)

م مَعْرُوفٌ واحِدٌ يَقَعُ على الجَمْعِ قالَ شَيْخُنَا : وهذا مُخَالِفٌ لإِسْتِعْمالاتِهِم إذ لا يُعْرَفُ في كَلامِهِم إطْلاقُ الإِبِلِ على جَمَلٍ واحِدٍ وقَوْله ليس بجَمْعٍ صَحِيحٌ لأَنَّه ليس في أبْنِيَةِ الجُمُوعِ فِعلٌ بكَسْرَتَيْنِ. وقوْله ولا اسمِ جمعٍ فيه شِبْهُ تَنَاقُضٍ مَعَ قَوْلِهِ بَعْد تَصْغِيرِها أُبَيْلَة لأَنَّه إذا كان واحداً وليس اسمَ جَمْعٍ فما المُوجِبُ لِتَأنِيثِهِ إِذَنْ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا أطْبَقَ عليه جَمِيعُ أرْبَابِ التَّآلِيفِ من أَنَّهُ اسمُ جَمْعٍ. وفي العُبَابِ : الإِبِلُ لا واحِدَ لها من لَفْظِها وهي مُؤنَّثَةٌ لأَنَّ أَسْمَاءَ الجُمُوعِ التي لا واحِدَ لها من لَفْظِها إذا كانَتْ لغَيرِ الآدَمِيينَ ، فالتأنِيثُ لها لازِمٌ ج آبالٌ قالَ :

__________________

(١) المصباح المنير «الإبل».

٣

وقَدْ سَقُوا آبالَهُمْ بالنَّارِ

والنَّارُ قَدْ تَشْفي منَ الأَوَّارِ (١)

وتَصْغِيرُها أُبَيْلَةٌ أدْخَلُوها الهاءَ كما قالُوا غُنَيْمَةٌ.

قُلْتُ : ومُقْتضاهُ أنَّه اسمُ جَمْعٍ كَغَنمٍ وَبَقَرٍ وقَدْ صَرَّحَ به الجَوْهَرِيُّ ، وابن سِيدَه ، والفَارَابِيُّ ، والزُبَيْدِيُّ ، والزَّمَخْشَرِيُّ ، وأَبو حَيَّان ، وابْنُ مالِكٍ ، وابْنُ هِشَامٍ ، وابْنُ عَصْفُورٍ ، وابْنُ إيَّازٍ ، والأَزْهَرِيُّ ، وابْنُ فَارِس ، قالَ شَيْخُنَا : وقد حَرَّرَ الكَلامَ فيه الشَّهابُ الفَيُّومِيّ في المِصْبَاحِ أخْذاً من كَلامِ أسْتَاذِهِ الشَيْخ أبي حَيَّان فقالَ : الإِبِلُ اسمُ جَمْعٍ لا واحِدَ لها من لَفْظِها وهي مُؤنَّثة لأنَّ اسمَ الجَمْعِ الذي لا واحِدَ له من لَفْظِهِ إذا كان لِمَا لا يَعْقِلُ يَلْزَمُه التَّأنِيثُ وتَدْخُلُه الهاءُ إذا صُغِّرَ نحو أُبَيْلَةٌ وغُنَيْمَةً. قالَ شَيْخُنَا واحْتُرِزَ بما لا يَعْقِلُ عمَّا إذا كانَتْ للعَاقِلِ كَقومٍ ورَهْطٍ فإِنَّها تُصَغَّرُ بغَيْرِ هاءٍ ، فَتَقُولُ في قَومٍ قُوَيمٍ ، وفي رَهْطٍ رُهَيْطٍ ، قالَ : وظَاهِرُ كَلامِهِ أنَّ جَميعَ أسْماءِ الجُمُوعِ التي لِمَا لا يَعْقِلُ تُؤَنَّثُ وفيها تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ الشَيْخُ ابْنُ هِشَامٍ تِبْعاً للشَّيْخِ ابنِ مالِكٍ في مُصَنَّفَاتِهِما. وقالَ أبو عَمْرٍو في قولِهِ تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (٢) الإِبِلُ السَّحَابُ الذي يَحْمِلُ ماءَ المطرِ وهو مَجَازٌ وقال أبو عَمْرٍو بنُ العَلَاءِ : مَنْ قَرَأها بِالتَّخْفيفِ أرَادَ به البَعيرَ لأنَّه من ذَوَاتِ الأَرْبَعِ يَبْرُكُ فَتُحمَلُ عليه الحُمُولَة ، وغَيْره من ذَوَاتِ الأرْبَعِ لا تُحملُ عليه إلَّا وهو قائِمٌ. ومَنْ قَرَأها بالتَّثْقِيلِ قالَ : الإِبِلُ السحابُ التي تحمل الماءَ للمطرِ فَتَأمَّلْ.

ويُقَال : إبِلانٍ قال سِيْبَوَيْه : لأَنَّ إِبِلاً اسمٌ لم يُكَسر عليه وإِنَّما هُما لِلْقَطِيعَيْنِ من الإِبِلِ. قال أبو الحَسَنِ : إِنَّمَا ذَهَبَ سِيْبَوَيْه إلَى الإِينَاسِ بتَثْنِيةِ الأَسْمَاءِ الدَّالَةِ على الجَمْعِ ، فهو يُوجِّهُهَا إلى لَفْظِ الآحَادِ ، ولذلك قالَ : إنَّما يُريدُونَ القَطِيعَيْنِ قال : والعَرَبُ تقولُ إنَّه ليَرُوحُ على فُلانٍ إبلانُ إذا رَاحَتْ إِبِلٌ مَعَ رَاعٍ وإِبِلٌ مَعَ رَاعٍ آخَرَ : وأنْشَدَ أبو زَيْدٍ في نَوادِرِهِ لشُعْبَة بن قُمَيْرٍ :

هُمَا إبِلَان فيهِمَا ما عَلِمْتُمَا

فَعَنْ آيَةِ ما شِئْتُمُ فَتَنَكَّبُوا

وقال المُسَاوِرُ بنُ هَنِيدٍ :

إذا جَارَةٌ شلت لِسَعْد بن مالِكٍ

لها إبِلٌ شلت لها إِبِلَان

وقالَ ابْنُ عَبَّادٍ : فُلانٌ له إِبِلٌ ، أي له مائةٌ مِنَ الإِبِلِ وإبِلَان مائتَان. وقالَ غَيرُه أقَلُّ ما يَقَعُ عليه اسمُ الإِبِلِ الصَّرْمَةُ ، وهي التي جَاوَزَتِ الذَّوْدَ إلى ثَلاثِيْنَ ، ثم الهَجْمَة (٣) ، ثم هُنَيْدَةُ مائة منها وتَأبَّلَ إِبِلاً اتَّخَذَها كَتَغَنَّمَ غَنَماً اتَّخَذَ الغَنَمَ ، نَقَلَهُ أبو زَيْد سمَاعاً عن رجُلٍ من بَنِي كِلابٍ اسْمُهُ رَداد. وأبَلَ الرجُلُ كضَرَبَ كثُرَتْ إِبِلُه كأبَّلَ تَأبِيلاً وقالَ طُفَيلُ :

فأبَّلَ واسْتَرْخَى به الخَطْبُ بَعْدَ ما

أسَافَ وَلَوْلَا سَعْيُنَا لم يُؤبَّلِ(٤)

نَقَلَهُ الفَرَّاءُ وابْنُ فارِس في المُجْمَلِ. وآبَلَ إيبَالاً وأبَلَ يأبَلُ إبِلاً إذا غَلَبَ وامْتَنَعَ عن كِرَاع كَأبَّلَ تَأبِيلاً والمَعْرُوفُ أبَلَّ وأبَلَّت الإِبلُ (٥) والوَحْشُ تَأْبُلُ تَأْبِلُ من حَدَّي نَصَرَ وضَرَبَ أبْلاً بالفتحِ وأُبولاً بالضمِ جَزَأَتْ عن الماءِ بالرُّطْبِ قالَ لَبِيْدُ رضي‌الله‌عنه :

وإذا حَرَّكْتُ غَرْزِي أَجْمَزَتْ

قِرَابِي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أبَلْ(٦)

كأَبِلَتْ كسَمِعَتْ وتَأَبَّلَتْ وهذه عن الزَّمَخْشَرِيِّ قال : وهو مجازٌ ومنه قِيلَ للرَّاهِبِ الأُبَيْلُ الواحِدُ آبِلٌ ج أُبَّالٌ ككَافِرٍ وكُفَّارٍ أَو أَبِلَتِ الإِبِلُ تَأْبِلُ إذا هَمَلَتْ فَغَابَتْ وليس معَها راعٍ أَو تأبَّدَتْ أَي تَوحَّشَتْ ومِنَ المجازِ أَبِلَ الرجُلُ عن امرأتِهِ إذا امْتَنَعَ عن غِشْيانِها كَتأبَّلَ ومنه حدِيثُ وَهَبِ بنِ مُنَبِّهٍ : «لَقَدْ تَأَبَّلَ آدَمُ عليه‌السلام (٧) على ابْنِه المَقْتُولِ كَذا وكَذا عاماً لا يُصِيبُ حَوَّاءَ أي امْتَنَعَ من غِشْيانِها مُتَفَجِّعاً على ابْنِهِ فَعَدّى بعَلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى تَفَجَّعَ. ومِنَ المجازِ [أبِلَ] يَأبِلُ أُبْلاً إذا نَسَكَ وأبلَ بالعَصا ضَرَبَ بها عن ابنِ عَبَّادٍ وأبِلَتِ الإِبِلُ أُبُولاً كقُعودٍ أقامتْ بالمكانِ قالَ أبو ذُؤَيْبٍ :

__________________

(١) مقاييس اللغة ١ / ٤٠.

(٢) سورة الغاشية الآية ١٧.

(٣) الهجمة أولها الأربعون إلى ما زادت حتى الهُنيدة.

(٤) اللسان والصحاح ونسبه لحميد بن ثور.

(٥) بعدها زيادة في القاموس : وغيرها.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ١٤٠ واللسان والصحاح ومقاييس اللغة ١ / ٤١ والتهذيب.

(٧) في اللسان : أَبَل آدم عليه‌السلام.

٤

بها أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلاهُمَا

فَقَدْ مَارَ فيها نسْؤُها واقْتِرَارُها (١)

وفي المُحِيط : الأُبولُ طُولُ الإِقامةِ في المَرْعَى والمَوْضِعِ وأبَلَ كَنَصَرَ وَفَرِحَ الأُولَى حَكَاها أبو نَصْرٍ أَبالَةً كسَحابةٍ وأبَلاً محرَّكةً وهُمَا مَصْدَر الأَخِيرِ مِثَالُ شَكَسَ شِكَاسَةً ، وإذا كانَ الإِبالَةَ بكَسْرِ الهَمْزَةِ فيكونُ من حَدِّ نَصَرَ ككَتَبَ كِتابَةً وأمَّا سِيْبَوَيْه فَذَكَرَ الإِبالَةَ في فِعَالَةَ ممَّا كان فيه مَعْنَى الوِلايَةِ كالإِمَارَةِ قال : ومِثْل ذلك الإِيالَةِ والعِيَاسَةِ ، فعلَى قَوْلِه تكونُ الإِبالَةُ مَكْسُورَةً لأَنَّهَا وِلايَةٌ فهو آبِلٌ كصاحِبٍ وأَبِلٌ ككَتِفٍ وفيه لَفٌ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ ، حَذَقَ مَصْلَحَةَ الإِبِلِ والشاءِ. وفي الأَسَاسِ : هو حَسَنُ الإِبالَةِ أي السِّياسَة والقِيَام على مالِهِ ، شاهِدُ المَمْدُودِ قَوْلُ ابنِ الرَّقَّاعِ :

فَنَأَتْ وانْتَوَى بها عن هَوَاها

شَظِفُ العَيْشِ آبِلٌ سَيَّارُ (٢).

وشاهِدُ المَقْصُورِ قَوْلُ الكُمَيْتِ :

تَذَكَّرَ مِنْ أنَّى ومِنْ أيْنَ شُرْبُه

يُؤَامِرُ نَفْسَيْهِ كذِي الهَجْمَةِ الأَبِلِ(٣)

ويُقَال إنَّه من آبَلِ النَّاسِ أي من أَشَدِّهِم تَأنُّقاً في رِعْيَتِها وأعلَمِهِم بها حَكَاهُ سِيْبَويْهِ. قال : ولا فِعْلَ له ، وفي المَثَلِ «آبَلُ من حُنَيْفِ الحَنَاتِمِ» وهو أحَدُ بَنِي حَنْتَمُ بنُ عَدِيِّ بنِ الحَارِثِ بنِ تِيْمِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ. ويُقَال له الحَنَاتِمُ.

قالَ يَزِيْدُ بنُ عَمْرُو بنُ قَيْسِ بنِ الأَحْوصِ :

لِتَبْكِ النِّسَاءُ المُرْضِعَاتُ بسَحْرَة

وكِيعاً ومَسْعُوداً قَتِيلَ الحَنَاتِمِ

ومن إبالَتِهِ أنَّ ظم‌ءَ إبِلِهِ كانَ غبّاً بَعْدَ العَشْرِ ، ومن كَلِمَاتِهِ مَنْ قَاظَ الشَّرَفَ وتَرَبَّعَ الحَزَنَ وَتَشَتَّى الصُّمَّانَ فَقَدْ أصَابَ المَرْعَى وأَبِلَتِ الإِبِلُ كفَرِحَ ونَصَرَ كثُرَتْ أبْلاً وأُبُولاً وأبَلَ العُشْبُ أُبولاً طالَ فاسْتَمْكَنَ منه الإِبِلُ وأبَلَهُ يَأبلُهُ أَبْلاً بالفتحِ (٤) جَعَلَ له إِبْلاً سائِمَةً وإِبِلٌ مُؤَبَّلَةٌ كَمُعَظَّمَةٍ اتَّخِذَتْ لِلْقِنْيَةِ وهذه إِبِلٌ أُبِّلٌ كقُبَّرٍ أي مهملةٌ بِلا راعٍ قال ذُو الرُّمَّةِ :

ورَاحَتْ في عَوازِبِ أُبَّلِ (٥)

وإِبِلٌ أوابِلٌ أي كثيرةٌ ، وإِبِلٌ أبابيلُ أي فِرَقٌ. قال الأَخْفَشُ يُقَال جَاءَتْ إِبِلُكَ أبابيلُ أي فِرَقاً ، و (طَيْراً أَبابِيلَ) قال : وهذا يَجِي‌ءُ في مَعْنَى التَّكْثِيرِ وهو جَمْعٌ بِلا واحدٍ كعَبَادِيدٍ وشَمَاطِيطٍ عن أبي عُبَيْدَةَ والإِبَّالَةُ كإِجَّانَةٍ عن الرَّواسِيِّ ويُخَفَّفُ وو الإِبِّيلُ والإِبَّولُ والايبالُ كسِكّيتٍ وعَجَّوْلٍ ودِينارٍ الثلاثَةُ الأُوّلُ عن ابن سِيْدَه. وقالَ الأَزْهَرِيُّ : ولو قِيلَ واحِدُ الأَبابيل إيبالةٌ كانَ صواباً كما قالوا دِينارٍ ودَنانِيرٍ القِطْعَةُ منْ الطيرِ والخَيْلِ والإِبِلِ قالَ :

أبابِيلُ هَلْطَى من مُرَاحٍ ومُهْمَلِ (٦)

وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ الإِبَّولُ طائِرٌ يَنْفَرِدُ مِنَ الرَّفِّ وهو السَّطْرُ من الطيرِ أو المُتَتابِعةُ منها قَطِيعاً خَلْفَ قَطِيعٍ. قال الأَخْفَشُ : وقَدْ قَالَ بَعْضُهُم واحِدُ الأَبابيلِ إبَّولٌ مِثَال عَجَّوْل. قال الجَوْهَرِيُّ وقال بَعْضُهُمْ : إِبِّيل ، قال : ولم أجِد العَرَبَ تَعْرفُ له واحِداً والأَبيلُ كأميرٍ : العَصا وقِيلَ : الحَزِينُ بالسُّرْيانِيَّةِ وقِيلَ : رَئيسُ النَّصَارَى أو هو الرَّاهبُ سُمِّي به لتَأَبُّلِهِ عن النِّساءِ وَتَرْك غِشْيانِهِنَّ قال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ :

إنَّني والله فاقْبَل حَلْفَتِي

بأَبِيلٍ كلَّما صَلَّى جَأَرَ (٦)

أو صاحبُ النَّاقوسِ يَدْعُوهم للصَّلاةِ عن أبي الهَيْثَمِ ، وقال ابْنُ دُرَيْدٍ : ضاربُ الناقوسِ وأنْشَدَ :

وما صَكَّ ناقوسُ الصَّلاة أبيلُها (٧)

كالْأَيْبُلِيِّ بضمِ الباءِ والْأَيْبَلِيِّ بفَتْحِها : فإمَّا أنْ يكونَ أعْجَمِيًّا وإمَّا أن يكونَ غَيَّرَتْهُ ياءُ الإِضَافَةِ ، وإمَّا أن يكونَ من بابِ انْقَحَلَ. والهَيْبَلِيِّ بقَلْبِ الهَمْزَةِ هاءً والْأَبُلِيِّ بضمِ الباءِ مَعَ قَصْرِ الهَمْزَةِ والأَيْبَلِ كصَيْقَلِ وأنْكَرَهُ سِيْبَوَيْه وقالَ ليس في الكَلامِ فَيْعَل والأَيْبُلِ كأيْنُقٍ والأَبِيلِيِّ بفتحِ الهَمْزَةِ وَكَسْرِ الباءِ وسُكونِ الياءِ قال الأَعْشَى :

ومَا أَيْبُلِيُّ على هَيْكَلٍ

بَنَاهُ وصَلَّب فيه وَصَارَا (٨)

__________________

(١) ديوان الهذليين ١ / ٢٣ واللسان ، وفي الديوان «كليهما».

(٢) اللسان.

(٣) اللسان.

(٤) في القاموس ضبطت بالقلم بالضم فالسكون.

(٥) اللسان.

(٦) اللسان والصحاح ومقاييس اللغة ١ / ٤٢.

(٧) اللسان.

(٨) ديوانه ط بيروت ص ٨٤ واللسان والمقاييس ١ / ٤٢ والتهذيب.

٥

قِيل : أُرِيدَ أَبيلِي فلمَّا اضْطَرَّ قَدَّمَ الياءَ كما قالوا أنِيقٌ والأَصْلُ أُنوقُ ج آبالٌ بالمدَّ كشَهِيدٍ وأشْهادٍ وأُبْلٌ بالضمِ والإبالَةُ ككِتابَةٍ لُغَةٌ في المُشَدَّدِ الحُزْمَةُ من الحَشيشِ. وفي العُبَابِ والتَهْذِيبِ من الحَطَبِ كالأَبيلَةِ كسَفِينَةٍ والإِبَّالَةُ كإِجَّانةٍ نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ سماعاً من العَرَبِ وكذَا الجَوْهَرِيّ ، وبه رُوِي : ضِغْثٌ على إِبَّالَةٍ أي بَلِيَّةٌ أُخْرَى كانت قَبْلَها. والإِيبالَةِ بقَلْبِ إحْدَى الباءَيْنِ ياءً نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ وهكذا روى المَثَلُ. والوَبيلَةِ بالواوِ وَمَحَلُّ ذِكْرِهِ في «وب ل» ومن المُخَفَّفِ قَوْلُ أسْمَاءَ بن خارِجَة :

لي كُلَّ يومٍ من ذُؤَالَهِ

ضِغْثٌ يُزِيدُ على إبَالِهْ(١)

وفي العُبَابِ والصِّحاحِ : ولا تَقُل إيبالَةً لأَنَّ الاسمَ إذا كان على فِعالَة بالهاءِ لا يُبْدَلُ من أحَدِ حَرْفي تَضْعِيفِهِ [ياءً] مِثْل صِنَّارَة ودِنَّامَة. وإنَّما يُبْدَلُ إذا كان بِلا هاءٍ مِثْل دِينارٍ وقِيراطٍ. وفي سِياقِ المُصَنِّفِ نَظَرٌ لا يَخْفَى عِنْدَ التَّأمُّلِ.

ويُرِيدونَ بأَبيلِ الأَبِيلَينِ عيسى صَلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى نَبيِّنا. قال عَمْرُو بنُ عَبْدِ الحَقِّ (٢) :

وما سَبَّحَ الرُّهْبَانُ في كُلِّ بَيْعَةٍ

أبِيلِ الأَبِيلَينِ المَسِيحُ ابنَ مَرْيَمَا (٣)

ويُرْوَى على النَّسَبِ :

أَبيلَ الأَبِيلَيينِ عيسى ابن مَرْيَمَا (٤)

والإِبالَةُ ككِتابَةٍ السياسَةُ ، أو حُسْنُ القِيامِ بالمَالِ وقد تَقَدَّمَ والأَبِلَةُ كَفَرِحَةٍ الطَّلِبَةُ يُقَالُ : لي قِبله أبِلَةٌ أي طَلِبَةٌ قال الطرِمَّاحُ :

وجَاءَتْ لِتَقْضِيَ الحِقْدَ من بلاتها

فَثَنَت لها حَظان حِقْداً على حِقْدِ (٥)

أي جَاءَتْ تَمِيمٌ لِتَقْضِيَ الحِقْدَ أي لِتُدْرِكَهُ أي الحِقْدَ الذي من طَلِبَاتِ تَمِيمٍ فَصَيَّرَتْ قَحْطَانُ حِقْدَها اثْنَيْنِ أي زَادَتْهَا حِقْداً على حِقْدٍ [إذا] لم تَحْفَظ حَرِيمهَا. والأبِلَةُ أيضاً الحاجةُ عن ابنِ بُزُرْجِ. يُقَال : ما لي إليك أبِلَةٌ أي حاجةٌ. والأَبِلَةُ الناقَةُ المُبَارَكَةُ من الوَلَدِ ونَصُّ المُحِيطِ : في الوَلَدِ وسَيَأتي للمُصَنِّفِ قَرِيباً. ويُقال : إنَّه لا يأتَبِلُ وفي العُبَابِ لا يَتَأَبَّلُ أي لا يَثْبُتُ على رِعْيَةِ الإِبِلِ ولا يُحْسِنُ مِهْنَتَها وخدْمَتَها. وقال أبو عُبَيْد لا يَقُومُ علَيها فِيمَا يُصْلِحُها أو لا يَثْبُتُ علَيها رَاكِباً أي إذا رَكِبَها ، وبه فَسَّرَ الأَصْمَعِيُّ حدِيث المُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ : رَأيتُ رجُلاً من أهْلِ عُمَانَ ومَعَهُ أبٌ كبيرٌ يَمْشِي فقُلْتُ له احْمِلْهُ. فقال : لا يَأْتَبِلُ.

وتَأْبِيلُ الإِبِلِ تَسْمِينُها وصَنْعَتُها حكَاهُ أبو حَنِيْفَةَ عن أبي زِيادٍ الكِلابِيِّ ورجُلٌ آبِلٌ وأبِلٌ ككَتِفٍ وهذِه عن الفَرَّاءِ ، وأنْكَرَ آبِلٌ على فاعِلٍ وإِبِليٌ بكَسْرَتَيْنِ وبفتحتينِ الصَّوابُ بكَسْرٍ ففتحٍ كما هو نَصٌّ العَبَابِ قال : إِنَّما يَفْتَحُونَ الباءَ اسْتِيحَاشاً لِتَوَالي الكَسْرَاتِ أي ذو إِبِلٍ. وشاهِدُ المَمْدُودِ قال ابنُ هَاجِكٍ أنْشَدَني أبو عُبَيْدَةَ للرَّاعِي :

يَسُنُّها آبِلٌ ما إِنْ يُجَزِّئُها

جُزْأً شَدِيداً وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا (٦)

وأبَّالُ كشَدَّادٍ يَرْعَاها بحُسْن القِيامِ علَيها والإِبْلَةُ بالكَسْر العَدَاوَةُ عن كِرَاعٍ وبالضمِ العاهَةُ والآفَةُ ومنه الحَدِيثُ «لا تَبِعِ التَّمْرَ حتى تأمَنَ عليه الإِبْلَةَ هكذا ضَبَطَهُ ابنُ الأَثِيْرِ ، وهو قَوْلُ أبي مُوسَى. ورَأيتُ في حاشِيَةِ النِّهَايَةِ وهذا وَهَمٌ والصوابُ أبَلَتُهُ بالتَّحْرِيكِ والأَبْلَةُ بالفتحِ أو بالتَّحْرِيكِ الثِّقَلُ والوَخامَهُ من الطَّعَامِ كالأَبَلِ محرَّكةً. والأَبَلَةُ بالتَّحْرِيكِ الإِثْمُ وبه فُسِّرَ حدِيثُ يَحْيَى بنُ يَعْمُرٍ «أيُّ مالٍ أدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ أبْلَتُهُ أي وَبَالُهُ ومَأْثَمُهُ. وهَمْزَتُها عن واوٍ [من] الكَلَأِ الوَبِيلِ فأُبْدِلَ من الواوِ هَمْزَة كقَوْلِهِم أحَدٌ في وَحَدٍ والأُبُلَّةُ كعُتُلَّةٍ ويُفْتَحُ أوَّلُهُ أيضاً كما سَمِعَهُ الحَسَنُ بنُ عليَّ بنُ قُتَيْبَةَ الرَّازِيّ عن أبي بَكْرٍ صالِحُ بنُ شُعَيْبٍ القارِي‌ءُ كذا وُجِدَ بخَطِّ بَدِيعِ بنِ عَبْدِ الله الأَدِيبِ الهَمَدانِيِّ في كتابِ قِرَاءَةً على ابنِ فَارِسٍ اللُّغَوِيِّ تَمْرٌ يُرَضُّ بين حَجَرَيْنِ ويُحْلَبُ عليه لَبَنٌ وقالَ أبو بَكْرٍ القارِى‌ءُ : هو المَجِيْعُ ، والمَجِيْعُ التَمْرُ باللَّبَنِ. قال أبو المُثَلَّمِ الهُذَلِيُّ يذكُرُ امْرَأَتَهُ أُمَيْمَةَ :

__________________

(١) اللسان والصحاح وبعده في اللسان :

فلأحشأنّك مشقصاً

أوساً أويس من الهباله

(٢) في اللسان : «قال ابن عبد الجن» وأشار مصححه إلى عبارة الشارح.

(٣) اللسان.

(٤) هذه الرواية أيضا في اللسان.

(٥) ديوانه ص ١٨٣ واللسان والتكملة. وفي المصادر : أبلاتها ، قال ابن فارس : أبلاتها : طلباتها.

(٦) ملحق ديوانه ط بيروت ص ٣٠٧ واللسان.

٦

فَتَأَّكُلُ ما رُضَّ من زَادِهَا

وتَأبَى الْأُبُلَّةُ لم تُرْضَضِ (١)

وقال أبو بَكْرِ بن الأَنْبَارِيّ إنَّ الأُبُلَّةَ عِنْدَهُمْ الجُلَّةُ مِنَ التَّمْرِ وأَنْشَدَ الشِّعْرَ المَذْكُورَ وقال أبو القاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ الأُبُلَّةُ الفِدْرَةُ من التَّمْرِ وليسَتْ الجُلَّةُ كما زَعَمَهُ ابنُ الأَنْبَارِيِّ. والأُبُلَّةُ ع بالبَصْرَةِ الأُولى مَدِينَةٌ بالبَصْرَةِ فإنَّ مِثْلَ هذِه لا يُطْلَقُ عليها اسمُ المَوْضِعِ ، ففي العُبَابِ مَدِينَةٌ إلى جَنْبِ البَصْرَةِ. وفي مُعْجَمِ يَاقُوت بَلْدَةٌ على شاطِى‌ءِ دِجْلَةِ البَصْرَةِ العُظْمَى في زَاوِيَةِ الخَلِيج الذي يدخُلُ منه إلى مَدِينَةِ البَصْرَةِ وهي أقْدَمُ من البَصْرَةِ لأنَّ البَصْرَةَ مُصِّرَتْ في أيَّامِ عُمَرِ بنِ الخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه وكانَتْ الأُبُلَّةُ حِينَئِذٍ مَدِينَةً فيها مسالِحُ من قِبَلِ كِسْرَى ، وقائِدٌ قال ياقُوتُ : قال أبو علِيٍّ : الأُبُلَّةُ اسمُ البَلَدِ ، الهَمْزَةُ فيه فاءٌ وفُعُلَّةٌ قَدْ جاءَ اسْماً وصِفَةً نَحْوَ خُصُمَّةٌ وغُلُبَّةٌ وقالوا : قُمُدٌّ ، فَلَو قالَ قَائِلٌ : إِنَّه أُفْعُلَّةٌ والهَمْزَةُ زائِدَةٌ مثل أُبْلُمَّهٌ وأسْنَمِةٌ لكانَ قَوْلاً. وذَهَبَ أبو بَكْرٍ في ذلك إلى الوَجْهِ الأوَّلِ كأنَّه لمَّا رَأَى فُعُلة أكْثَر من أُفْعُلة كانَ عِنْدَهُ أوْلَى من الحُكْمِ بزِيادَةِ الهَمْزَةِ لِقِلَّةِ أُفْعُلة ولِمَنْ ذَهَبَ إلى الوَجْهِ الآخَرِ أَنْ يَحْتَجَّ بكَثْرَةِ زِيَادَةِ الهَمْزَةِ أوَّلاً. ويُقَالُ للفِدْرَةِ من التَّمْرِ أُبْلَّةٌ فهذا أيضاً فُعُلَّةٌ من قولهم طَيْرٌ أَبَابِيلٌ فَسَّرَهُ أبو عُبَيْدَةَ جَماعاتٌ في تَفْرِقَةٍ فكما أنَّ أبابيلَ فَعَاعِيلَ وليسَتْ بأَفَاعِيلَ كذلك الأُبُلَّةُ فُعُلَّةٌ وليسَتْ بأَفْعُلَّة أَحَدُ جِنانِ الدُّنْيا والذي قالَهُ الأصْمَعِيُّ جِنانُ الدُّنْيا ثَلاثٌ : غُوطَهُ دِمَشْقَ ، ونَهْرُ بَلَخَ ونَهْرُ الأُبُلَّةِ ، وحَشُوشُ الدُّنْيا ثَلاثَةٌ (٢) الأُبُلَّةُ وسِيْرَافُ وعُمَانُ. وقِيلَ عُمَانُ وأرْدَبِيلُ وهِيْت. ونَهْرُ الأُبُلَّةِ هذا هو الضارِبُ إلى البَصْرَةِ حَفَرَهُ زِيادٌ وكانَ خالدُ بنُ صَفْوانَ يقولُ : ما رَأيْنَا أرضاً مِثْل الأُبُلَّةِ مَسَافَةً ولا أغْذَى نُطْفَةً ولا أوْطَأُ مَطِيَّةً ولا أرْبَحُ لِتَاجِر ولا أخْفَى (٣) بعَابِدٍ منها شَيْبانُ بنُ فَرُّوخٍ الأُبُلِّيُّ شَيْخُ مُسْلِمٍ ومُحَمَّدُ بنُ سُفْيَان بنِ أبي الوَرْدِ الأَبُلِّيِّ شَيْخُ أبي دَاوُدٍ ، وحِفْصُ بنُ عُمَرَ بنِ اسْمعِيلَ الأُبُلِّيُّ رَوَى عن الثَّوْرِيِّ ومالِكَ ومِسْعَرَ وأبو هاشِمٍ كَثيرُ بنُ سَليم الأُبُلِّيُّ كانَ يَضَعُ الحدِيثَ على أنَسٍ وغَيْرِهِم وأُبَيْلَى بالضمِ وفتحِ الباءِ مَقْصُوراً عَلَمُ امْرَأة قالَ رُؤْبَةُ :

وضَحِكَتْ مِنِّي أُبَيْلَى عَجَباً

لمَّا رَأتْنِي بَعْدَ لِيْنٍ جَأبَا (٤)

وتَأبيلُ المَيِّتِ مِثْلُ تَأْبِينِهِ وهو أنْ تَثْنِيَ عليه بَعْدَ وفاتِهِ قالَهُ اللِّحْيَانِيُّ ونَقَلَهُ ابنُ جِنِّي أيضاً والمُؤَبَّلُ كمُعَظَّم لَقَبُ ابراهيمَ بن إدْرِيسٍ العَلَويِّ الأنْدَلُسِيِّ الشَّاعِرِ كانَ في الدَّوْلَةِ العامِرِيَةِ نَقَلَهُ الحافِظُ (٥) والأَبْلُ بالفتحِ الرَّطْبُ أو اليَبِيسُ ويُضَمُّ وأُبْلٌ بالضمِ ع وانشدَ أبو بكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ السَّرِّيّ السَّرَّاجِ :

سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ واللَّيْلُ دُوْنَهُ

وأعْلامُ أُبْلٍ كلُّها فالأَصَالِقُ (٦)

ويُرْوَى وأعْلام أُبْلِي والأُبُلُ بضَمَّتَيْنِ الخِلْفَةُ من الكَلَاءِ اليابسِ يَنْبُتُ بعدَ عامٍ يَسْمَنُ عليها المالُ ويُقَال : جاءَ فُلانٌ في إِبالتِهِ بالكسر وأُبُلَّتِهِ بضَمَّتَيْنِ مُشَدَّدَةً وعلى الأَخِيرِ اقْتَصَرَ الصَّاغَانِيُّ أي في أصْحابِهِ وقَبيلَتِهِ. ونصُّ نَوادِرِ الأَعْرَابِ : جاءَ فُلانٌ في أُبُلِّهِ وإبالتِهِ أي في قبيلَتِهِ. يُقَال : هو من إِبِلَّة سُوْءٍ مُشَدَّدَةً بكَسْرَتَيْنِ ويُرْوَى أيضاً بضَمَّتَيْنِ أي مَعَ التَّشْدِيدِ أي طَلِبَةٍ وكذا من إبْلاتِهِ وإبالَتِهِ بِكَسرِهِما وفي المَثَلِ : ضِغْثٌ على إِبَّالَةٍ يُرْوَى كإِجَّانَةٍ نَقَلَهُ الأزْهرِيُّ والجَوْهَرِيُّ ويُخَفَّفُ وهو الأَكْثَرُ. وتَقَدَّمَ قَوْلُ أسْمَاء بنُ خارِجَةَ شاهِداً له أي بَلِيَّةٌ على أُخْرَى كانَتْ قَبْلَها كما في العُبَابِ أو خِصْبُ على خِصْبٍ وكأَنَّهُ ضِدٌ وقالَ الجَوْهَرِيُّ : ولا تَقُلْ إِيبالَةَ ، وأجَازَهُ الأزظهَرِيُّ وقَدْ تَقَدَّمَ وآبِلُ كصاحِبٍ اسمُ أرْبَعِ مَوَاضِعٍ : الأوَّلُ ة بِحِمْصَ من جِهَةِ القِبْلَةِ بينَها وبَيْنَ حِمْصَ نَحْوَ مِيلَيْنِ. والثاني ة بِدِمَشْقَ في غُوطَتِها من ناحِيَةِ الوَادِي وهي آبِلُ السوقِ منها ابو طَاهِرٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عامِرٍ بنِ أحْمَدَ يُعْرَفُ بابنِ حراشة (٧) الأنْصَارِيِّ الخَزْرَجِيِّ المُقْرِى‌ءُ الآبِليُّ إمَامُ جامِعِ دِمَشْقَ قَرَأ القُرْآنَ علَى أبي المُظَفَّرِ الفَتْحُ بنُ بُرْهانَ الأَصْبَهَانِيُّ وأقْرَانِهِ ورَوَى

__________________

(١) شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٠٦ برواية

فيأكل ما رضّ من تمرها

ويأبى الأُبُلّة لم ترضضِ

واللسان والصحاح ومعجم البلدان «الأُبُلّة».

(٢) في معجم البلدان : «خمسة» وزاد على الثلاثة المذكورة : وأردبيل وهيت.

(٣) عن معجم البلدان وبالأصل «أحفى».

(٤) ديوانه ص ١٢ والتكملة.

(٥) التبصير ٤ / ١٣٣٠.

(٦) اللسان.

(٧) في معجم البلدان «آبل» : ابن خُراشة.

٧

عن أبي بَكْرٍ الحَنَّائِيِّ وأبي بَكْرٍ المِيَانِجِيِّ وعنه أبو سَعْدِ السَّمَّانُ وأبو مُحَمَّدٍ الكَتَّانِيُّ وكانَ ثِقَةً نَبِيلاً توفِي سنة ٤٢٨ ، وقال أحَمْدُ بنُ مُنِيْرٍ :

فالمَاطِرُونَ فدَارِيا فَجَارَتِها

فآبِلُ فمُغَانِي دَيْرِ فَاثُون (١)

والثَّالِثُ ة بنابُلُسَ هكذا في سائِرِ النُّسَخِ وهو غَلَطٌ صوابُهُ بِبَانْيَاسَ بَيْنَ دِمَشْقَ والسَّاحِل كما هو نَصُّ المُعْجَمِ (٢). والرَّابِعُ ع قُرْبَ الأُرْدُنِّ (٣) من مَشَارِفِ الشامِ قال النَّجَاشِيُّ :

وصَدَّتْ بَنُو وُدٍّ صُدُوداً عن القَنَا

إلى آبِلٍ في ذُلَّةٍ وَهَوَانِ (٤)

وفي الحَدِيثِ : أنَّ رسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جَهَّزَ جَيْشَاً بَعْدَ حِجَّةِ الوَدَاعِ وقَبْلَ وفاتِهِ وأمَّرَ عليهم أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ وأَمَرَهُ أنْ يُوطِى‌ءَ خَيْلَهُ آبِلَ الزَّيْتِ هو هذَا الذي بالأُرْدُنِّ

وأُبْلِيُّ بالضمِ ثم السُّكُونِ وكَسْرِ اللَّامِ وتَشْدِيدِ الياءِ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أجَأَ وسُلْمَى جَبَلَيْ طَيِّي‌ءٍ وهُناكَ نَجْلٌ سِعَتُهُ فَرَاسِخَ ، والنَّجْلُ بالجيمِ الماءُ النَّزُّ ويُسْتَنْقَعُ فيه ماءُ السَماءِ أيضاً وأُبْلَى كحُبْلَى قالَ عُرَامُ : تَمْضِي مِنَ المَدِينَةِ مصعداً إلى مَكَّةَ فَتَمِيلُ إلى وَادٍ يُقَال له عُرَيْفِطَانُ مَعْنَ ليسَ به ماءٌ ولا رَعْيٌ وحِذَاءَهُ جِبِالٌ يُقَال لها أُبْلَى فيها مِياهٌ منها بِئْرُ مَعُونَةَ وذُو سَاعِدَةَ وذُو جَمَاجِمَ والوَسْبَا وهذِهِ لِبَنِي سُلَيْمٍ وهي قِنَانٌ مُتَّصِلَةٌ بَعْضُها إلى بَعْضٍ قالَ فيها الشاعِرُ :

ألَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا

أرُومٌ فآرَامُ فشَابَةُ فالحَضْرِ

وهَلْ تَرَكَتْ أُبْلَى سَوادَ جِبالِها

وهَلْ زَالَ بَعْدِي عن قنينَةِ الَحِجْرِ (٥)

وعن الزُّهْرِيِّ : بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قِبَلَ أرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ وهوَ يَوْمَئِذٍ ببِئْرِ مَعُونَةَ بجُرَفِ أُبْلَى ، وأُبْلَى بَيْنَ الأَرْحَضِيَّةِ وقُرَّانٍ كذا ضَبَطَهُ أبو نُعَيْمٍ. وبَعيرٌ أبِلٌ ككَتِفٍ لَحيمٌ عن ابنِ عَبَّادٍ قال : ونَاقَةٌ أبِلَةٌ كفَرِحَةٍ مبارَكَةٌ في الوَلَدِ (٦) وهذا قَدْ تَقَدَّمَ بعَيْنِهِ فهو تِكْرَارٌ.

وقال : والإبَالَةُ ككِتابَةٍ شي‌ءٌ تُصَدَّرُ به البِئْرُ وهو نَحْوَ الطَّيِّ وقد أبَلْتُها فهي مَأبُولَةٌ كذا في المُحِيطِ. والإِبَالَةُ الحُزْمَةُ الكَبيرَةُ مِنَ الحَطَبِ وبه فُسِّرَ المَثَلُ المَذْكُورُ ، ويُضَمُّ كالبُلَةِ كثُبَةٍ قالَ ابنُ عَبَّادٍ : وأرضٌ مَأْبَلَةٌ كمَقْعَدَةٍ ذاتُ إِبِلٍ وأبَّلَ الرجُلُ تَأبِيلاً أي اتَّخَذَ إِبِلاً واقْتَنَاها وهذا قَدْ تَقَدَّمَ فهو تِكْرَارٌ ، ومرَّ شاهِدُهُ من قَوْلِ طُفَيْلٍ الغَنَويِّ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

أبَل الشَّجَرُ يأبلُ أُبولاً نَبَتَ في يبيسِهِ خُضْرَةٌ تَخْتَلِطُ به فيَسْمَنُ المالُ عليه عن ابنِ عَبَّادٍ.

ويُجْمَعُ الأبلُ أيضاً على أبيلٍ كعَبيدٍ كما في المِصْبَاحِ ، وإذا جُمِعَ فالمُرَادُ قُطَيْعَاتٍ وكذلِكَ أسْمَاءُ الجُمُوعِ كأغْنَامٍ وأبْقارٍ.

وقال ابنُ عَبَّادٍ : الأيْبلُ قَرْيَةٌ بالسَّنْدِ. قالَ الصَّاغَانِيُّ : هذِه القَرْيَةُ هي دَيبلُ لا أيْبلُ. وأبِلَتِ الإِبِلُ على ما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ اقْتُنِيَتْ والمُسْتَأبَلُ الرجُلُ الظَّلُومُ قال :

وقِيلَانُ مِنْهُم خَاذِلٌ ما يُجِيبُنِي

ومُسْتَأبلٌ مِنْهُم يَعُقُّ ويَظْلِمُ

وأبِلَ الرجُلُ إبَالَةً فهو أبِيلٌ كفَقِهٍ فَقَاهَةً إذا تَرَهَّبَ أَو تَنَسَّكَ. وأُبْلِيٌّ كدُعْمِيٌّ وَادٍ يَصُبُّ في الفُرَاتِ قال الأَخْطَلُ :

يَنْصَبُّ في بَطْنِ أُبْلِيّ ويَبْحَثُهُ

في كلِّ مُنْبَطَحٍ منه أخَادِيدُ (٧)

يَصِفُ حماراً أي يَنْصَبُّ في العَدْوِ ، ويَبْحَثُهُ أي يَبْحَثُ عَنِ الوَادِي بحَافِرِهِ.

والأَبيلُ كأميرٍ الشَيْخُ والأَبَلَةُ محرَّكةً الحِقْدُ عن ابن بَرِّيّ ، والعَيْبُ عن أبي مالِكٍ ، والمَذَمَّةُ والتَبِعَةُ والمَضَرَّةُ والشَّرُّ وأيضاً الحِذْقُ بالقِيامِ على الإِبِلِ والأُبُلَّةُ كعُتُلَّةٍ الأخْضَرُ من

__________________

(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : فاثون ، كذا بخطه ولم أجده في ياقوت وإنما فيه : فاثور بالراء ، ودير فثيون» والبيت في معجم البلدان من ستة أبيات وفيه دير قانون.

(٢) ويسمى : آبل القمح.

(٣) بعد لفظة الأردن زيادة في القاموس ونصها : «وهو آبِلِ الزيتِ» وقد نبه إلى هذا السقط بهامش المطبوعة المصرية

(٤) معجم البلدان «آبل».

(٥) معجم البلدان «أبلى» وفيه : «قنينته الحجر».

(٦) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «والأَبَلة الطَّلِبة ، ولي عنده أُبْلَةٌ طَلِبَةٌ ومالي إليك أُبْلَةٌ حَاجَةٌ».

(٧) معجم البلدان «أبلي».

٨

حَمْلِ الأرَاكِ عن ابنِ بَرِّيّ. قال : ويُقَال آبلَةُ على فاعِلَةٍ وأُبُلْنَا بالضمِ أي مُطِرْنَا وابِلاً ، ورُجلٌ أبِلٌ بالإِبِلِ حَاذِقٌ بالقِيامِ عليها قال الرَّاجِزُ :

إنَّ لها لرَاعِياً جَرِيَّا

أبِلاً بمَا يَنْفَعُها قَوِيا

لم يَرْعَ مأزْرلاً ولا مَرْعِيَّا (١)

ونُوقٌ أوابلٌ جَزَّأَتْ عن الماءِ بالرُّطْبِ عن أبي عَمْرٍو وأنْشَدَ :

أوابِلُ كالأَوْزَانِ حُوْشٌ (٢) نُفُوسُها

يُهَدِّرُ فيها فَحْلُها ويَرِيسُ (٣)

وأبل أُبَّالٌ كرُمَّانٍ جُعِلَتْ قَطِيعاً قَطِيعاً وأبل آبِلَةً بالمَدِّ تَتْبَعُ الإِبِلَ وهي الخِلْفَةُ مِنَ الكَلَأِ ، وقَدْ أبِلَتْ ورِحْلَةُ أبليُّ مَشْهُورَةٌ عن أبي حَنِيفَةَ وأنْشَدَ :

دَعَالُبَّها غَمْرٌ كأَنْ قَدْ وَرَدْنَهُ

برِحْلَةِ أُبْلِيٍّ وإنْ كانَ نائِيَا (٤)

وآبُلٌ كانُكٍ بَلَدٌ بالمَغْرِبِ منه مُحَمَّدُ بنُ ابراهيمَ الآبُلِيُّ شَيْخُ المَغْرِبِ في أُصُولِ الفِقْهِ أخَذَ عنه ابنُ عَرَفَةَ وابنُ خَلْدُونَ قَيَّدَهُ الحافِظُ (٥).

* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

[أبهل] : أبْهَلَ الإِبِلَ مِثْل عَبْهَلَها ، العَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الهَمْزَةِ كذا في اللِّسَانِ.

[أتل] : أتَلَ يَأتِلُ مِنْ حَدَّ ضَرَبَ أتْلاً بالفتحِ وأتَلاناً وأتَلالاً مُحرَّكَتَيْنِ إذا مَشَى وقارَبَ الخَطْوَ في غَضَبٍ ، وفي العُبَابِ : كأنَّه غَضْبَانٌ.

قال عُفَيْرُ بنُ المُتَمَرِّسِ العُكْلِيُّ (٦) يُعَاتِبُ أخَاهُ :

أرَانِي لا آتِيكَ إلَّا كأنَّمَا

أسَأْتُ وإِلَّا أْنْتَ غَضْبَانُ تأْتِلُ

أرَدْتَ لِكَيْما لا تَرَى لي زَلَّةً

ومَنْ ذَا الذي يُعْطَي الكَمَالَ فيَكْمُلُ؟ (٧)

وقِيلَ : هو مَشْيٌ بتَثَاقُلٍ قال :

ما لَكِ يا ناقَةٌ تأتِلِينَا (٨)

ويُقَال : مَلأْتُ بَطْنُهُ مِنَ الطَّعامِ حتى أَتِلَ أي امْتَلأَ عن أبي علِيٍّ الأصْفَهَانِيّ. قال ابنُ بَرِّيّ وأنْشَدَ أبو زَيْدٍ :

وقَدْ مَلَأتُ بَطْنَهُ حتى أَتَل

غَيْظاً فأمْسَى ضِغْنُهُ قَدْ اعْتَدَلْ (٩)

والْأَوْتَلُ الشَّبْعانُ عن ابنِ عَبَّادٍ وقالَ أيضاً قومٌ أُتُلٌ بضمتينِ ووُتُلٌ أيضاً أي شِباعٌ.

* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

الأَتَلُ سَوادُ البرمَةِ عن ابن عَبَّادٍ : وقال أبو عليٍّ الأصْفَهَانِيِّ : أَتَلَ الرجُلُ يأتِلُ أُتُولاً إذا تَأخَّرَ وتَخَلَّفَ.

وآتِيلَ كشَاتِيلَ قَرْيَةٌ بناحِيَةِ الزُّوْزَانِ من قِلاعِ الأَكْرَادِ البُخْتِيَّةِ عن عِزِّ الدِّيْنِ أبي الحَسَنِ عليُّ بنُ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيُّ نَقَلَهُ يَاقُوتُ.

وإِتِلٌ بكَسْرِ أوَّلِهِ وثانِيهِ اسمُ نَهْرٍ عَظِيمٍ شَبيهٍ بدِجْلَةَ في بِلادِ الخَزَرِ ويمرُّ ببلادِ الرُّوسِ وبِلْغَارَ. وقِيلَ : إِتِلٌ قَصَبَةُ بِلادِ الخَزَرِ والنَّهْرُ مُسَمّى بها ، وقد يَتَشَعَّبُ منه نَيِّفٌ وسَبْعُونَ نَهْراً نَقَلَهُ يَاقُوتُ. والأُتُولٌ كقُعُودٍ مُقَارَبَةُ الخَطْوِ في غَضَبٍ عن الفَرَّاءِ.

[أثل : أثَلَ يَأثِلُ أُثُولاً بالضمِ وتَأثَّلَ أي تَأَصَّلَ وأَثَّلَ الله تعالى مالَهُ تأثيلاً زَكَّاهُ وقِيلَ : أصَّلَهُ ، وهو مجازٌ ومنه مَجْدٌ مُؤَثَّلُ قال امْرُؤ القَيْسِ :

ولَكِنَّمَا أسْعَى لمَجْدٍ مُؤثَّلٍ

وقَدْ يُدْرِكُ المَجْدَ المُؤَثَّلَ أمْثَالِي (١٠)

وقِيلَ المَجْدُ المُؤَثَّلُ هو القَدِيمُ. وأثَلَ الله مُلْكَهُ أي

__________________

(١) اللسان.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : حوش أي محرمات الظهور لعزة أنفسها.

(٣) اللسان.

(٤) اللسان.

(٥) التبصير ١ / ٣٤.

(٦) في اللسان : ثروان العكلي.

(٧) البيتان في اللسان والأول في المقاييس ١ / ٤٧.

(٨) بعده في المقاييس ١ / ٤٧.

عليّ بالدهناء تأرخينا

(٩) اللسان ، والأول في المقاييس ١ / ٤٧.

(١٠) ديوانه ط بيروت ص ١٤٥ واللسان والصحاح.

٩

عَظَّمَهُ وأثَلَ الأَهْلَ إِذا كسَاهُم أفْضَلَ كِسْوَةٍ وأحْسَنَ إليهم وأثَلَ الرجُلُ كَثُرَ مالُهُ وهو مجازٌ وتَأثَّلَ عَظُمَ وتَأَثَّلَ المالَ اكْتَسَبَهُ وجَمَعَهُ واتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ وهو مجازٌ ، وبه فُسِّرَ الحدِيثُ في وصِيِّ اليَتِيمِ : «إنَّه يأكُلُ من مالِهِ غَيْرَ مُتَأثِّلٍ» أي غَيْرَ جامِعٍ وتَأَثَّلَ البِئْرَ احْتَفَرَها * لِنَفْسِهِ قال أبو ذُؤَيْبٍ :

وقد أرْسَلُوا فُرَّاطَهُم فَتَأثَّلُوا

قَلِيباً سَفَاهاً كالإمَاءِ القَواعِدِ (١)

وتَأثَّلَ فُلانٌ بَعْدَ حاجَةٍ اتَّخَذَ أثْلَةً أي مِيرَةً وقِيلَ : التَأْثِلُ اتَّخَاذُ أصْل مالٍ ومنه حدِيثُ جابِرٍ رضي الله تعالى عنه في اليَتِيمِ : «غَيْرُ واقٍ مالِكَ بمالِهِ ولا مُتَأَثِّلٍ من مالِهِ مالاً».

وتَأثَّلَ الشَّي‌ءُ تَجَمَّعَ والأَثْلَةُ بالفتحِ ويُحَرَّكُ مَتاعُ البَيْتِ وبَزَّتُهُ والأَثْلُ بالفتحِ شَجَرٌ وهو نَوْعٌ مِنَ الطَّرْفَاءِ واحِدَتُهُ أثْلَةٌ وقَدْ خَالَفَ هُنَا اصْطِلاحهُ. وفي الأَسَاسِ هي السَّمُرَةُ أو (٢) عِضَاهَةٌ طويلَةٌ قَويمَةٌ يُعْمَلُ منها نَحْو الأَقْدَاحِ ج أثَلاثٌ محرَّكةً وأُثولٌ بالضمِ قال طُرَيْحٌ :

ما مُسْبِلٌ زَجَلُ البَعُوضِ أنِيسُهُ

يَرْمي الجِرَاعَ أُثُولَها وأرَاكَها (٣)

وفي كَلامَ بَيْهَس المُلَقَّبِ بالنَّعَامَةِ : «لكن بالأثلاتِ لَحْم لا يُظَلَّل» ، يَعْنِي لَحْمَ أُخْوتِهِ القَتْلَى. ويُرْوَى بالأَثلاثِ وقد تَقَدَّمَ والأَثالُ كسَحابٍ وغُرابٍ المَجْدُ والشَّرَفُ تقولُ لَهُ أثَالٌ كأنَّهُ أثَالٌ أي مَجْدُهُ كأنَّه الجَبَلُ وهو مجازٌ وأُثَالٌ كغُرابٍ عَلَمٌ مُرْتَجَلٌ أو من قَوْلِهِم : تأثَّلْتُ بِئْراً إذا حَفَرْتُها وهو جَبَلٌ وقِيلَ : ماءٌ يَنْزِلُ عليه الناسُ إذا خَرَجُوا من البَصْرَةِ إلى المَدِينَةِ ثَلاثَةَ أمْيالٍ لِعَبْسِ بنِ بَغِيْضٍ وهو مَنْزِلٌ لأهْلِ البَصْرَةِ إلى المَدِينَةِ بَعْدَ قُوٍّ وقَبْلَ الناحِيَة أو حِصْنٌ لهم* ببِلادِ عَبْسٍ بالقُرْبِ من بِلادِ بَنِي أَسَدٍ وأُثَالُ أَيضاً ة بالقاعَةِ يُقالُ لها أُثالُ مالِكٍ ملك لِبَنِي سَعْدٍ وأيضاً اسمُ وادٍ يَصُبُّ في وادِي السِتارَةِ وهو المَعْرُوفُ بقُدَيْدٍ يَسِيلُ في وادِي خَيْمَتيَ أُمِّ مَعْبَدٍ قال مُتَمَّمُ بنُ نُوَيْرَةَ :

قاظَتْ أُثَالَ إلى المَلَا وتَرَبَّعَتْ

بالحَزْنِ غادِيَةً تُسَنُّ وتُودَعُ (٤)

وأيضاً ماءٌ قُرْبَ غُمازَةَ وغُمازَةُ كثُمَامَةٍ عَيْنُ ماءٍ لِقَومٍ من بَنِي تَمِيمٍ ولِبَنِي عائِذَةَ بن مالِكٍ قال رَبيعَةُ بنُ مَقْرُومٍ الضَّبِّيُّ :

وأقْرَبُ مَوْرِدٍ من حيث راحَا

أثالُ أو غُمازَةُ أو نُطاعُ (٥)

وقال كُثَيِّرُ :

إذ هُنَّ في غِلْسِ الظلامِ قَوارِبٌ

أورَادَ عَيْنٍ من عُيونَ أثَالِ(٦)

وأيضاً ع بينَ الغُمَيْرِ وبُسْتانِ ابنِ عامِرٍ وبه فُسِّرَ قَوْلُ كُثَيِّرِ الذي سَبَق وأُثَالٌ فَرَسُ ضَمرَةَ بنِ ضَمرَةَ النَّهْشَلِيِّ وهو القائِلُ فيه :

فَلَو لاقَيْتِني وأُثَالُ فيها

أعَنْتُ العَبْدَ يَطْعَنُ في كِلاهَا

وأُثالُ بنُ النُّعْمانِ صَحابِيٌّ هكذا في سائِرِ النُّسَخِ وهو غَلَطٌ إِنَّما الصَّحابِيُّ هو ثُمامَةُ بنُ أُثَالِ بنِ النُّعْمانِ من بَنِي حَنِيفَةَ كما هو في المَعَاجِمِ وهو الذي رَبَطُوه بسارِيَةٍ في المَسْجِدِ ثم أسْلَمَ قال مُحَمَّدُ بنُ إِسْحقَ لمَّا ارْتَدَّ أهْلُ اليَمَامَةِ ثَبَتَ ثُمَامَةُ في قَوْمِهِ على الإِسْلامِ وكانَ مُقِيماً باليَمَامَةِ يَنْهَاهُم عن اتِّباعِ مُسَيْلِمَةَ فلمَّا عَصَوْهُ فارقَهُم وخَرَجَ في طائِفَةٍ يُرِيدُ البَحْرَيْن وصادَفَ مُرُورَ العَلاءِ بنِ الحَضْرَمِيّ لِقِتالِ الحَطْمِ ومَنْ تَبِعَهُ مِنَ المُرْتَدِّين فَشَهِدَ مَعَهُ قِتالَهُم فأعْطَى العلاءُ ثُمَامَةَ ، خَميصَةَ للحَطْمِ يَفْتَخِرُ بها فاشْتَرَاها ثُمامَةُ فلمَّا رَجِعَ ثُمَامَةُ ، قال جماعةُ الحَطْمِ أنْتَ قَتَلْتَ الحَطْمَ قالَ : لم أقْتُلْهُ ولَكِنْ اشْتَرَيْتُ خَمِيصَةً مِنَ المَغْنَمِ فَقَتَلُوهُ ولم يَسْمَعُوا منه رضي‌الله‌عنه. والأثْلَةُ الأَهْبَةُ يُقَال : أخَذْتُ أثْلَةَ الشِّتاءِ أي أهْبَتُهُ عن ابنِ عَبَّادٍ قالَ : والأَثْلَةُ أيضاً الأَصْلُ. يُقال : له أثَلَةُ مالٍ أي أصْلُ مالٍ ج إِثَالٌ كجِبَالٍ ومِنَ المجازِ هو يَنْحِتُ في أثْلَتِنا هكذا في النَّسَخِ والصوابُ

__________________

(*) في القاموس : «حَفَرَها» بدل : «احتفرها».

(١) ديوان الهذليين ١ / ١٢٢ واللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١ / ٦٠ ومعجم البلدان «أثال».

(٢) نص الأساس : وقيل : شجرة من العضاه طويلة مستقيمة الخشبة تعمل منها القصاع.

(٣) اللسان.

(*) ساقطة من الأصل.

(٤) من أبيات له في معجم البلدان «أثال» واللسان وفيهما : عازبة بدل غادية.

(٥) معجم البلدان «نطاع» من أبيات ، وفيه : وأقرب منهل.

(٦) معجم البلدان «أثال» وفيه : أعداد عين.

١٠

أَثْلَتَنَا (١) أي يَطْعَنُ في حَسَبِنَا وفي العُبَابِ : يَنْحِتُ أَثْلَتَنَا إذا قال في حَسَبِهِ قَبيحاً قال الأعْشَى :

أَلسْتَ مُنْتَهياً عن نَحْتِ أَثْلَتِنا

ولسْتَ ضائِرَها ما أطَّتِ الإبِلُ (٢)

وفي الأسَاسِ : نَحَتَ أثْلَتَهُ تَنَقَّصَهُ وذَمَّهُ وكذا فُلانٌ تَنْحَتُ أثْلَاتُه (٣) ومن أبْياتِ الحَمَاسَةِ :

مَهْلاً بنِي عَمِّنَا عن نَحْتِ أثْلَتِنا

جَعَلَ الأَثْلَةَ مَثَلاً للعِرْضِ ، قالَهُ المَرْزُوقِيُّ في شَرْحِ الحَمَاسَةِ وقال المُنَاوِيُّ في التَّوقِيفِ : نَحَتَ أثْلَةَ فُلانٍ إذا اغْتَابَهُ ونَقَصَهُ وهو لا تُنْحَتُ أُثْلَتُه أي لا عَيْبَ فيه ولا نَقْص والأَثْلَةُ ع قُرْبَ المَدِينَةِ على سَاكِنِها أفْضَل الصَّلاةِ والسَّلامِ قالَ قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ :

بَلْ لَيْتَ أهْلِي وأهْلَ أثْلَة في

دارٍ قَرِيبٍ من حَيْثُ تَخْتَلِفُ (٤)

هكذا فَسَّرَهُ الصَّاغَانِيُّ ويَاقُوتُ ، زَادَ الأَخِيرُ والظاهِرُ أنَّه اسمُ امْرَأةٍ.

* قُلْتُ : ويُؤَيِّدُ هذا القَوْلَ قَوْلُ أبي الطِّيْبِ وهو حُجَّةٌ :

درِّ درّ الصبا أأيام تجري

ر ذيولي بدار أثلة عودي

والأَثْلَةُ ة بِبَغْدادَ على فَرْسَخٍ واحِدٍ بالجانِبِ الغَرْبيِّ والأَثْلَةُ ع بِبِلادِ هُذَيْلٍ وقَدْ أهْمَلَهُ يَاقُوتُ والصَّاغَانِيُّ وأُثَيْلٌ كزُبَيْرٍ وادٍ بنَواحِي المَدِينَةِ على ساكِنِها أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ أو هو ذو أُثَيْلٍ بين بَدْرٍ ووادِي الصَّفْراءِ كثيرٌ النَّخْلِ وهُناكَ عَيْنُ ماءٍ وهو لِآلِ جَعْفَرِ بنِ أبي طالِبٍ قَالَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ النَّضْرِ :

يا رَاكباً إِنَّ الأَثَيْلَ مظَنَّةٌ

مِنْ صُبْحِ خامِسَةٍ وأنْتَ مُوفَّقُ (٥)

وأَثِيلٍ كأَميرٍ ع في بِلادِ هُذَيْلٍ بِتَهامَهَ قال أبو جُنْدَب الهُذَلِيُّ :

بُغْيَتُهُم ما بين حَذاءَ والحَشَا

وأورَدْتَهم ماءَ الاثيل وعاصما (٦)

وذو المأثولِ وذاتُ الأَثْلِ والأُثَيْلَةُ كجُهَيْنَةَ مَواضِعُ أَمَّاذُ والمأْثولِ ففي قوُلِ كَثَيِّرٍ :

فلما أَنْ رأَيْتُ العِيسَ صَبَّتْ

بِذِي المأْثولِ مُجْمِعَةَ النَّوالِ (٧)

وأمَّا ذاتُ الأَثْلِ ففي بلادِ تَيْمِ الله بن ثَعْلَبه كانَتْ لهم بها وَقْعَةٌ مع بنِي أَسَد ولَعلَّ الشاعِرَ إِيَّاها عَنَى بقَوْلِه :

فإن تُرجِعُ الأيامُ بيني وبَيْنَها

بذي الأثْل صيفاً مثل صيفي ومَرْبَعي (٨)

وأَمَّا الأُثَيْلَةُ فإِنَّها لبَنِي ضمرة من كنانة.

* وممَّا يُسْتدركُ عليه :

فلانٌ أثل مال أَي يَجْمَعُه عن ابن عَبَّادٍ.

وأثَلَ المُلْكَ أُثولاً عَظُم. ويقالُ : شعر أثيل أَي أثيثٌ.

وأَثَلت عليه الدِّيُون تَأْثِيلاً جَمَعْتُها عليه.

وأَثَّلْتَه برِجالٍ كَثَّرْتُه بهم قالَ الأَخْطَلُ :

أَتشتم قوماً أَثَّلُوك بنَهْشَلٍ

ولو لا هُم كنتم كعُكْلٍ مَوالِيا (٩)

والتَّأَثُلُ : اتّخاذُ أَصْل المالِ وأُثَيْلَةُ : كجُهَيْنَةَ من أَعْلامِ النِّساءِ قالَ وضاحُ بنُ إسْمعيل :

__________________

(١) يعني بدون حرف الجر ، وهو ما يفهم من عبارة الصحاح والأساس واللسان.

(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٤٨ واللسان والتهذيب والصحاح والأساس والمقاييس ١ / ٥٩.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : تنحت أثلاثه ، عبارة اللسان : «لا تنحت» كذا والعبارة ليست في اللسان ، وهي في الأساس ونصها : وفلان لا تُنْحَتُ أثلته.

(٤) معجم البلدان «الاثلة» من ثلاثة أبيات.

(٥) من أبيات قالتها ترثي أباها في معجم البلدان ، واختلف أهل السير فيها : ابنته أم أخته. وقد تقدم بحث ذلك.

(٦) ديوان الهذليين ٣ / ٨٩ برواية : «حداء .. فعاصما» وضبطت فيه الأثيل بالتصغير في البيت وفي شرحه قال : الأُثيِل وعاصم : مكانان. وضبطها ياقوت نصاً في ترجمته بالفتح ثم الكسر بوزن الأصيل ، وفي البيت أيضاً بالفتح فالكسر.

(٧) اللسان ومعجم البلدان «المأثول» باختلاف روايته.

(٨) معجم البلدان «الأثل» وبعده فيه :

أشد بأعناق النوى ، بعد هذه

مرائر إن جاذبتها لم تُقَطّعِ

(٩) ديوانه ص ٦٦ ومقاييس اللغة ١ / ٥٩.

١١

صبَا قَلْبِي ومالَ إلَيْكِ مَيْلا

وأَرَّقَنِي خَيَالُكِ يا أُثَيْلا

وكذا أثلة من أَعْلامِهنَّ وبه فسِّرَ قَوْلُ قَيْسِ بن الخَطِيم السَّابِقِ.

وأَثَلَ مالاً أُثُولاً مِثْل تَأَثَّله. وشَرَفٌ أَثِيلٌ : قديمٌ. وقد أَثُلَ أَثَالَةً. وأُثَالٌ : كغُرابٍ اسمُ ماءٍ لبَنِي سُلَيم كذا في كتابِ الجامِعِ للغوري. وأَيْضاً موضِعٌ باليَمَامَةِ لِبَنِي حَنِيفَة ، نَقَلَه ياقوتُ. والأثْلُ : مَوضِعٌ ، قالَ حَضْرَميُّ بنُ عامِرٍ :

وقَدْ عَلِمُوا غَدَاة الأثْلِ أني

شديدٌ في عَجاج النَّقْعِ ضَرْبي (١)

وقيلَ : ذاتُ الأَثْلِ بعَيْنِه الذي ذَكَرَه المصنِّفُ.

وأُثَيْل ، مصغَّراً مشدَّداً : مَوضِعٌ وهو وادٍ مشْتركٍ بَيْن بنِي شِيْبَة وضمرة ، هكذا ضَبَطَه ابنُ السِّكِّيت وأَنْشَدَ قَوْلَ بِشْر :

فَشَراجُ ديمةٍ قد تقادم عَهْدُها

بالسَّفْحِ بين أُثَيْل فيعالِ (٢)

وأَثُلَ تَأْثِيلاً : كَثُر مالُه ، وبه فسَّرَ قَوْلُ طُفَيْلٍ :

فَأَثَّلَ واسْتَرْخَى به الخَطْبُ بعد ما

أَسافَ ولو لا سَعْيُنا لم يُؤَثَّل(٣)

ويُرْوَى بالباءِ وقد تقدَّمَ. وذُو الأُثُولِ : موضِعٌ في أَرْضِ خوزستان له ذِكْرٌ في الفُتُوحِ قال سلمى بن القَيْن :

قَتَلْنَاهُم بأسفل ذي أُثُول

بخَيْفِ النهر قتلاً عبقريْ (٤)

أي هو عَبْقَريُّ نَقَلَه ياقوتُ.

وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ المؤَثَّلُ : الدَّائمُ. وقد أَثَّلْتُ الشيْ‌ءَ : أَدَمْتُه. وقال أبو عَمْرٍو : مُؤَثَّل مُهَيَّأٌ له. ومُلْكٌ آثِلٌ ذُو أَثْلَةٍ وهم يَتَأَثَّلُون الناسَ أي يأْخُذُون منهم أَثَالاً. والأَثَالُ : المَالُ. وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ في قَوْلِ الشاعِرِ :

تُؤَثِّلُ كَعْبٌ عَليَّ القَضَا

فَرَبِّي يُغَيِّرُ أَعْمالَها (٥)

أي تُلْزِمنِي. قال ابنُ سِيْدَه : ولا أَدْرِي كيف هذا.

والأَثْلَةُ : المرأَةُ إذا تَمَّ قَوامُها في حسنِ الاعْتِدَالِ على التَّشْبِيه بالأَثْلَة لسُمُوِّها. والْأُثَيْلُ : مَنْبِتُ الأَرَاكِ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

[أثجل] : الأَثْجَلُ : العظيمُ البَطْنِ كالعَثْجَلِ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه أَيْضاً :

[أثكل] : الإِثْكَالُ والأُثْكُول : الشَّمْراخُ كالعِثْكالِ والعُثْكُولِ والهَمْزةُ فيهما بدلٌ من العَيْنِ والجَوْهَرِيُّ جَعَلَها زائِدَةً وجاء بها في ثَكَلَ وسَيَأْتي :

[أجل] : الأَجَلُ محرَّكةً غايَةُ الوَقْتِ في المَوْتِ ومنه قَوْلُه تَعالَى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٦) وهو المدَّةُ المَضْرُوبة لحياةِ الإِنْسَانِ : ويقالُ : دَنَا أَجَلُه عبَارَةً عن المَوْتِ ، وأَصْلُه اسْتِيْفاء الأَجَلِ أَي هذه الحَيْاة. وقَوْلُه : (بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) (٧) أي حَدُّ المَوْتِ ، وقيلَ حَدُّ الهَرَمِ وقَوْلُه : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (٨) فالأَوَّل البَقَاءُ في هذه الدُّنْيا ، والثاني البَقَاءُ في الآخِرَةِ ، وقيلَ : الثاني هو ما بين المَوْتِ إلى النُشُورِ عن الحَسَنِ ، وقيلَ : الأول للنُّومِ والثاني للمَوْتِ إشارَة إلى قولِه تَعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) (٩) عن ابنِ عباسٍ رَضِيَ الله تعَالى عنهما. وقيلَ : الأَجَلانِ جَمِيعاً المَوْتُ ، فمنهم من أجله يعارض (١٠) كالسَّيفِ والغَرَقِ والحَرَقِ وأكل مخالف (١١) وغير ذلك من

__________________

(١) معجم البلدان «الأثل».

(٢) معجم البلدان «أثيل» ونسبه للكثير وروايته فيه :

فشراج ريمة قد تقادم عهدها

بالسفح بين أثيل فبعال

وقبله فيه :

اربع فحيّ معالم الأطلال

بالجزع من حُرُض فهنّ بوال

(٣) اللسان.

(٤) معجم البلدان «أثول» وعنه ضبط.

(٥) اللسان والمقاييس ١ / ٦٠.

(٦) الأعراف الآية ٣٤ والنحل الآية ٦١.

(٧) سورة الانعام الآية ١٢٨.

(٨) الانعام الآية ٢.

(٩) الزمر الآية ٤٢.

(١٠) المفردات : «بعارضٍ». (١١) في المفردات : والحرق والغرق وكل شي‌ء غير موافق وغير ذلك.

١٢

الأَسْبابِ المؤَدِّيةِ للهَلاكِ ، ومنهم من يُوَقّى (١) ويعافى حتى يموتَ حتْفَ أَنْفِه ، وقيلَ : للنَّاسِ أَجَلانِ منهم من يموتُ عبطة ، ومنهم من يبلغ حدًّا لم يَجْعَل الله في طبيعةِ الدُّنيا أَنْ يَبْقى أَحَدٌ أَكْثر منه فيها وإليهما أَشَارَ بقَوْلِه : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) (٢) وقد يُرَادُ بالأَجَلِ الإِهْلاك وبه فسِّرَ قَوْلُه تعَالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) (٣) أي إهْلَاكهم. والأَجَلُ : أَيْضاً غاية الوقتِ في حُلولُ الدَّيْنِ ونحوهِ. وأَيْضاً مُدَّةُ الشي‌ءِ المَضْرُوبة له ، وهذا هو الأَصْل فيه ، ومنه قَوْلُه تعَالَى : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) (٤) ، ومنه أخذ الأَجَل لعدَّةِ النَّساءِ بَعْد الطَّلاقِ. ومنه قَوْلُه تعَالَى : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) (٥) ج آجالٌ. والتأجيلُ تَحْديدُ الأَجَلِ وقد أجله. وفي العُبَابِ : التَّأْجيلُ : ضَرْبٌ من الأَجَلِ. وفي التنزيلِ (كِتاباً مُؤَجَّلاً) (٦) وأَجِلَ كفَرِحَ أَجَلاً فهو أَجِلٌ وأجيلٌ ككَتِفٍ وأَمِيرٍ ، وفي نسخةٍ فهو آجِلٌ تأخَّرَ فهو نَقيضُ العَاجِلِ. واسْتَأْجَلْتُه أي طَلَبْتُ منه الأَجَلَ فأجَّلَني إلى مُدَّةٍ تَأَجِيْلاً أي أَخَّرَني. والآجِلَةُ الآخِرَةُ ضدُّ العَاجِلَةِ وهي الدُّنيا. والإِجْلُ بالكسرِ وجَعٌ في العُنُقِ وقد أَجِلَ الرَّجلُ كعَلِمَ نامَ على عُنُقِه فاشْتَكَاها. وأَجَّلَهُ منه يأجله أجلا من حدِّ ضرب ، وهذه عن الفارسى. وأجله تَأْجِيْلاً ، وآجَلَهُ مُؤَاجَلَةً إذا داواهُ منه أي من وَجَعِ العُنُقِ ، قال ابنُ الجَرَّاحِ : يقالُ بي إجْل فآجِّلوني أي داوُوني منه كما يقالُ طَيَّنْته أي عالجته من الطِّيْنِ (٧) ومَرَّضْتُه أي عالَجْتُه من المَرَضِ. والإِجْلُ : القَطيعُ من بَقَرِ الوَحْشِ والظِّبَاعِ ج آجالٌ. ومن سَجَعاتِ الأَسَاسِ : أُجَلْن عُيُون الآجال فَأَصَبْنَ النفوسَ بالآجال. وفي حدِيثِ زِيادٍ : «في يومٍ مَطِيرٍ تَرْمَضُ فيه الآجالُ». والأُجْلُ بالضم جمعُ أجِيلٍ كأَمِيرٍ للمُتَأخَّرِ وأَيْضاً للمُجْتَمِعِ من الطين (٨) حَوْلَ النَّخْلَةِ ليُحْتَبِسَ فيه الماءُ أَزْديَّة. وتأجَّلَ بمعْنَى اسْتَأَجَلَ كما قيلَ تَعَجَّلَ بمعْنَى اسْتَعْجل. وفي حدِيثِ مَكْحُول : «كنَّا مُرَابِطِيْنَ بالسَّاحلِ فَتَأَجَّل مُتَأَجِّل» أي سَأَلَ أَنْ يُضْرَبَ له أَجَلٌ ويُؤْذَن له في الرّجُوعِ إلى أَهْلِه وقالَ ابنُ هَرْمَةَ :

نَصَارَى تَأَجَلُ في مُفْصِحٍ

ببَيْدَاءَ يَوْمَ سِملّاجِهَا (٩)

وتَأجَّلَ الصَّوارُ : صار إِجْلاً. وتَأَجَّلَ القومُ : تَجَمَعوا (١٠) نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ (١١). ويقالُ فَعَلْتُه من أَجْلِكَ (١٢) ومن أَجْلاكَ ومن أَجْلالِكَ ويُكْسَرُ في الكلِّ أَي من جَلَلِكَ وجَرَّاك ، قالَ الله تعالَى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا) (١٣). وأجَلَهُ يَأْجِلُه أَجَلاً من حَدِّ ضَرَبَ وأَجَّلَهُ تأْجِيْلاً وآجَلَهُ إذا حَبَسَه وقِيلَ : مَنعه ومنه أَجَلُوا مَالَهم : إذا حَبَسُوه عن المَرْعَى. وأَجَلَ عليهم (١٤) الشَّرَّ يأْجُلُه ويأْجِلُه من حدَّيْ نَصَرَ وضَرَبَ أَجْلاً جَناهُ ، قالَ خَوَّات بنُ جُبَيرٍ رَضِيَ الله تعالى عنه ، وذُكِرَ في شعْرِ اللصُوصِ أنَّه للخِنَّوْتِ واسمُه تَوْبة بن مُضَرِّس بن عُبَيْد :

وأَهلٍ (١٥) خِباءٍ صالحٍ ذاتُ بينهم

قد احْتَرَبوا في عاجِله أَنا آجِلُه(١٦)

أي أَنَا جانِيَه. أو أَجَلَ الشَّرَّ عليهم إذا أَثارَهُ وهَيْجَهُ. وقالَ أَبُو زَيْدٍ : أجَلْتُ عليهم أَجْلاً جَرَرْتُ جَرِيرةً. وقالَ أَبُو عَمْرٍو : جَلَبْتُ عليهم وجَرَرْتُ وأَجَلْتُ بمعْنَى واحدٍ. وأَجَل لأَهْلِه يأْجُلُ أَجْلاً : كَسَبَ وجَمَعَ وجَلَبَ واحْتالَ عن اللّحْيَانّي. والمَأْجَلُ : كَمَقْعَدٍ وهذه عن أَبي عَمْرٍو. وقالَ غيرُه : مِثْل مُعْظَمٍ مُسْتَنْقَعُ الماءِ هذا تفْسِير أَبي عَمْرٍو ، قالَ : والجَمْعُ المَآجِلُ : وقالَ غيرُه : هو شِبْهُ حوضٍ واسعٍ يُؤَجَّل فيه الماءُ ثم يُفَجَّر في الزَّرْعِ ، وسَيَأتِي في مَجَلَ أَنَّ ابنَ الأَعْرَابِيَّ ضَبَطَهُ بكسرِ الجيمِ غيرَ مَهْموزٍ وانْظُر هناك.

وقَدْ أَجلَهُ فيه تأْجِيلاً جَمَعَهُ فَتَأَجَّلَ أي اسْتَنْقَعَ. ويقالُ : أجل لنخلك وعُمَرُو عُثْمانُ ابْنا أُجَيْلٍ كَزُبَيْرٍ محدِّثانِ حدَّثَ

__________________

(١) عن المفردات وبالأصل «يوفى».

(٢) الحج الآية ٥.

(٣) سورة الأعراف الآية ١٨٥.

(٤) سورة القصص الآية ٢٨.

(٥) الأعراف الآية ٦٥.

(٦) آل عمران الآية ١٤٥.

(٧) في اللسان : يقال : طنّيته من الطُنَى.

(٨) نقص بالأصل ، وفي القاموس : من الطين يُجْعَلُ حولَ النخلة.

(٩) التكملة ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : سملاجها ، السملاج كسنمار : عيد للنصارى ، أفاده المجد».

(١٠) عن القاموس وبالأصل «تجمّوا».

(١١) في الأساس : وتأجّلت الصوار : اجتمعت.

(١٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : وفَعَلْتُه أَجْلَكَ.

(١٣) سورة المائدة الآية ٣٢.

(١٤) في القاموس : «والشرُ عليهم».

(١٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وأهل مخفوض بواو ربّ عن ابن السيرافي ، قال وكذلك وجدته في شعر زهير ، أفاده في اللسان».

(١٦) اللسان والصحاح والتكملة والتهذيب والمقاييس ١ / ٦٤.

١٣

عُثْمان عن عتْبَةَ بن عَبْد السلمي. وناعِمُ بنُ أُجَيْلٍ الهَمَدانِيُّ تابعيٌّ ثقةٌ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ الله تَعَالَى عنها كان سُبِيَ في الجاهِليَّةِ أَدْرَكَ عُثْمانَ وعليّاً رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنْهما ، رَوَى عنه كَعْبُ بن عَلْقَمَة قالَهُ ابنُ حَبَّان.

قلْتُ : وكان ناعِمُ هذا أَحَدَ الفُقَهاءِ بِمِصْرَ مَاتَ سَنَة ثَمانِين. وأَجَلْ جَوابٌ كَنَعَمْ وزْنَاً ومعْنًى وإِنَّما لم يتعرض لضَبْطِه لِشُهْرتِه. قالَ الرَّضيّ في شَرْحِ الكافِية : هي لتَصْدِيقِ الخَبَرِ ولا تَجِي‌ءُ بَعْد ما فيه مَعْنَى الطَّلَبِ وهو المَنْقُولُ عن الزَّمْخَشَرِيّ وجماعَةٍ. وفي شرحِ التَّسْهِيلِ أَجَلْ لتَصْديقِ الخبرِ ماضِياً أو غيرِه ، مُثْبِتاً أو مَنْفِيًّا ولا تَجِي‌ءُ بعد الإسْتِفهام ، وقالَ الأَخْفَشُ : إِنَّها تجي‌ءُ بَعْدَه إِلَّا أَنَّه أَحْسَنُ منه أي من نَعم في التَّصْدِيقِ ونَعَمْ أَحْسَنُ منه في الإسْتِفْهامِ فإذا قالَ ، أَنْتَ سَوْفَ تذْهَب ، قلْتَ أَجَلْ ، وكان أَحْسَنَ من نَعَمْ ، وإِذا قالَ أَتَذْهَبُ؟ قلْتَ : نَعَمْ وكانَ أَحْسَن من أَجَلْ ، وتَحْرِير مَبَاحِثه على الوَجْه الأَكْملِ في المغني وشْرُوحِه. وأَجَلَى : كجَمَزَى وآخِرُه مُمَالٌ : اسمُ جَبَلٍ في شرقي ذات الأَصاد من الشَّرَبَّة وقالَ ابنُ السِّكِّيت : أَجَلَى هَضَباتٌ ثلاثٌ على مبتداةِ النعم من الثُّعل بشَاطى‌ءِ الجَرِيبِ الذي يلقى الثُّعل وهو مَرْعىً لهم م مَعْرُوفٌ قالَ :

حَلَّتْ سُلَيْمَى جانبَ الجَرِيبِ

بأَجَلِي مَحَلَّة الغَرِيبِ

محلُّ لا دَانٍ ولا قَريبِ (١)

وقالَ الأَصْمَعِيُّ : أَجَلَى بلادٌ طَيِّبةٌ مرِيْئةُ تَنْبتُ الحلِيّ والصليان وأَنْشَدَ هذا الرَّجْزَ. وقالَ السُّكْرِيُّ في شرحِ قَوْلِ القَتَّال الكلابيّ :

عَفَتْ أَجَلى من أهلها فقليبُها

إلى الرَّدم فالرَّنقاءِ قَفّراً كثيبُها (٢)

أَجَلَى : هَضَبةٌ بأَعْلَى بلادِ نَجْدٍ. وقالَ مُحَمَّدُ بنُ زِيادٍ الأَعْرَابِي : سُئِلَت ابْنةُ الخسِّ عن أَيِّ البلادِ أَفْضَل مَرْعي وأَسْمَن ، فقالَتْ : خَيَاشِيم الحَزم أو جِوَّاء الصَّمَّان. قيلَ لها : ثم ماذا؟ فقالت : أرَاها أَجَلَى أَنَّى شِئْتَ أي متى شِئْتَ ، بَعْد هذا قالَ : ويقالُ إنَّ أَجَلَى مَوْضِعٌ في طريقِ البَصْرةِ إِلى مَكَّةِ. وأَجْلَةُ كدَجْلَةَ : ة باليمامةِ عن الحفصيِّ ، وضَبَطَه ياقوتُ بالكسرِ. والأُجَّلُ كقِنَّبٍ وقُبَّرٍ وهذه عن الصَّاغَانِيّ ذَكَرُ الأَوْعالِ لغةٌ في الإِبَّل. قالَ أَبُو عَمْرٍو بن العَلاءَ : بعضُ العَرَبِ يَجْعل الياءَ المشدَّدَةِ جيماً وإنْ كانت أَيْضاً غيْرَ طَرَفٍ ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ لأَبي النَّجْم :

كأَنَّ في أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ

مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ قُرونَ الإِجَّلِ(٣)

ضُبِطَ بالوَجْهين ، ويُرْوَى أَيْضاً بالياءِ بالكسرِ وبالفتحِ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

الآجِلُ ضدُّ العَاجِلِ. وماءٌ أَجِيْلٌ كأَمِيرٍ مُجْتَمِعٌ. وقال ، اللَّيْثُ : الأَجِيلُ : المُؤَجَّلُ إِلى وقْتٍ وأَنْشَدَ :

وغايَةُ الْأَجِيْلِ مَهْواةُ الرَّدَى (٤)

وتأَجَّلَت البَهَائمُ : صارَتْ آجَالاً قالَ لَبِيدُ :

والعِيْنُ ساكنةٌ على أَطْلائِها

عُوذاً تَأَجَّلُ بالفَضاءِ بِهامُها (٥)

وأَجل بالكسرِ والفتحِ لُغتان في أَجَلْ كَنَعمْ ، وبهما رُوِيَ الحدِيثُ : «أَنْ تَقْتلَ ولدَكَ أَجْلَ أَنْ يأْكُلَ معك» ، وبالكسرِ قُرِى‌ءَ أَيْضاً قولُه تَعَالَى : من إِجْل ذلك ، وقد يُعَدَّى بغَيرِ مِنْ كقَوْلِ عَدِيّ بن زَيْدٍ :

أَجْلَ أَنَّ الله قد فَضَّلَكُمْ (٦)

والتأَجُّلُ : الإِقْبالُ والإِدْبَارُ. والأَجْلُ : الضِّيْقُ.

[أدل] : أدَلَ الجُرْحُ يأْدِلُ من حدِّ ضَرَبَ سَقَطَ جُلْبُهُ عن ابنِ عُبَّادٍ وأَدَلَ اللَّبَنَ يأْدِلُه أَدْلاً مَخَضَه وحَرَّكَهُ عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ وأَنْشَدَ :

__________________

(١) معجم البلدان «أجلى» والأول والثاني في الصحاح واللسان والمقاييس ١ / ٦٥.

(٢) معجم البلدان «أجلى» وفيه : الدوم بدل الردم.

(٣) اللسان والصحاح.

(٤) اللسان والتكملة ومقاييس اللغة ١ / ٦٤ والتهذيب.

(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٦٥ واللسان والصحاح.

(٦) وعجزه في اللسان :

فوق من أحكأ صلباً بإزار

وفي التهذيب :

فوق ما أحلى بصلب وإزارِ

١٤

إذا ما مَشَى وَرْدَانُ واهْتَزَّتِ اسْتُه

كما اهْتَزَّ ضِئْنِيُّ لقَرْعاءَ يُؤْدَلُ(١)

وأَدَلَ الشي‌ءَ أَدْلاً دَلَجَ به مُثْقَلاً. وقالَ الفرَّاءُ ، الإِدْلُ بالكسر وجَعٌ (٢) في العُنُقِ مِثْلُ الإِجْلِ ، عن يَعْقُوب. زادَ ابنُ الأَعْرَابيِّ : مِنْ تَعَادِي الوِسادَةِ نَقَلَه ثَعْلَب. وأَيْضاً اللَّبَنُ الخاسِرُ (٣) الحامِضُ الشَّدِيدُ الحُموضَةِ المُتَكَبِّد ، زَادَ الأَزْهَرِيُّ : من أَلْبَانِ الإِبِلِ ، والطائِفَةُ منه أدْلة وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لأَبِي حبيبٍ الشَّيْبَانِيّ :

مَتَى يَأْتِه ضَيْفٌ فليس بذَائقٍ

لَمَاجاً ، سوى المَسْحوطِ واللَّبَنِ والإِدْلِ(٤)

وقالَ ابنُ عَبَّادٍ : الإِدْلُ : ما يَأْدِلُه الإِنسانُ للإِنْسانِ ويَدْلِحُ به مُثْقَلاً.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

بابٌ مَأْدولٌ أَي مُغْلَقٌ عنِ الأَصْمَعِيّ كذا في العُبَابِ والتّكْمِلَةِ : ويقالُ : جَاءَنا بإِدْلَةٍ ما تُطاقُ حَمَضاً أي من حُموضَتِها نَقَلَه الفَرَّاءُ.

[أردخل] : الإِرْدَخْلُ كقِرْطَعْبٍ أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانيُّ. وقالَ اللَّيْثُ : هو التارُّ السَّمينُ من الرجالِ والخاءُ معجمةُ قالَ الأَزْهَرِيُّ ولم أَسْمَعْه لغيرِ اللّيْثِ.

* قُلْتُ : ورَوَاه ابنُ الأَثيرِ في النَّهايةِ في حدِيثِ أَبي بَكْرٍ بن عيَّاش : قيلَ له مَنْ انْتَخَبَ هذه الأَحاديث؟ قالَ : رجلٌ إِرْدَخْلٌ أي ضَخْم كَبيرٌ في العلْمِ والمَعْرفةِ.

[أرل] : أُرُلٌ بضمتينِ أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ. وقالَ أَبُو عُبَيْدَة : جَبَلٌ بأرْضِ غَطَفان بينها وبَيْنَ عُذْرة وأَنْشَدَ للنَّابغةِ الذُّبيانيّ.

وَهَبَّتِ الريحُ مِنْ تِلقاءِ ذِي أُرُلٍ

تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ من صُرَّادِها صِرَما (٥)

وقالَ نَصْر : أُرُلٌ : ع بدِيارِ فَزارةَ بَيْن الغوطةِ وجَبَلِ صُبْح على مَهَبِّ الشمالِ من حُرَّةِ لَيْلِى. قالَ : وذُو أُرُلٍ : مَصْنَعٌ بدِيارِ طَيِّ‌ءٍ يَحْملُ ماءَ المَطَر وعنْدَه الشُّرَيفات والعرقات (٦) وهي أَيْضاً مَصَانعُ ، ورَوَاه بعضُهم أَرَل بفَتْحَتَين نَقَلَه ياقوتُ ، وقالَ نَصْر : زَعَمَ أَهْلَ العَرَبيَّة أنَّ أَرل أَحَدُ الحُرُوفِ الأَرْبعةِ التي جاءَت فيها اللَّام بعْد الرَّاءِ ولا خامِسَ لها ، وهي أُرُل ووُرَل وغُرْلة وأَرْض جَرْلة فيها حجارَةٌ وغِلَظٌ.

* قُلْتُ : وسَيَأْتي البَحْث فيه في ج ر ل. وأَرِيلِيَةٌ بالفتحِ مُخَفَّفَةً ووَقَعَ في التكْمِلةِ أَرِيْلة (٧) :حِصْنٌ بالأَنْدَلُسِ بين سُرِتَّة وطُلَيْطَلة بينه وبَيْن كلِّ واحدَةٍ منهما عَشْرَةُ فَرَاسِخٍ اسْتَولَى عليه الفَرنجُ في سنة ٥٣٣. وأُرَيْلٌ : كزُبَيْرٍ ابنُ والِبَةَ بنِ الحَارِثِ وإِخْوتُه ذُؤَيْبَةُ وأُسَامَةُ ونُمَيْر بنُو وَالِبَة قالَهُ ابنُ الكَلْبي. والأُرْلَةُ بالضمِ الغُرْلَةُ عن الفرَّاءِ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

أَرْيُولُ : مدينةٌ بشَرْقي الأَنْدَلُسَ من ناحيةِ تُدْمِير يُنْسَبُ إليها أَبُو بَكْرٍ عتيقُ بنُ أَحْمَد بنَ عَبْدِ الرَّحْمن الأَزْدِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ الأرْيُوليّ قَدِمَ الإِسْكَنْدرية ولَقِيه بها أَبُو طاهِرٍ السلَفِيّ الحافِظ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

[أردبل] : أَرْدَبِيل بالفتحِ فالسُّكُونِ وفتحِ الدَّال وكسرِ الموحَّدةِ من أَشْهر مدنِ أَذَرْبِيجْان بَيْنها وبَيْن تَبْرِيز سَبْعَةُ أَيَّامٍ ، أَهْمَلَ المصنِّفُ ذِكْرَه هنا مع أَنَّه يُوْرِدُه في بَعضِ الأَحْيانَ اسْتِطْرَاداً كما في ب د ل.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه أَيْضاً :

[أردول] : أَرْدُوَال بالفتحِ والسُّكُون والدَّال مَضْمُومة بُلَيْدَةٌ صغيرةٌ بين وَاسِطَ والجَبَل ، وقَدْ يقالُ بالنُّونِ في آخره بدل اللَّام.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

[أرمل] : أرملولَ بلَامَيْن بَيْنهما واو مدينةٌ في طرفِ أَفْريقِيَّة (٨).

__________________

(١) اللسان.

(٢) في القاموس : وَجَعٌ في العُنُقِ.

(٣) في القاموس : الخاثرُ.

(٤) اللسان.

(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٠٢ واللسان والتكملة ومعجم البلدان «أرل».

(٦) في معجم البلدان : والغِرْفات.

(٧) في التكملة : أرِيل.

(٨) زيد في معجم البلدان : من جهة المغرب ، قرب طُبْنَة.

١٥

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

[أرمأل] : أَرْمَئِيل كجَبْرَئِيل مدينةٌ كَبيرةٌ بَيْن مكران والدَّيْبُل من أَرْضِ السِّنْدِ.

[أزل] : الأَزْلُ بالفتحِ الضِّيقُ والشِّدَّةُ والقَحْطُ وأَزْلٌ أَزِلٌ ككَتِفٍ صوابُه بالمدِّ مُبالَغَةٌ أي شِدَّةٌ شدِيدَةٌ قالَ :

إِبْنَا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا

عَنِ المُصَلِّينَ وأَزْلاً آزِلا(١)

والإِزْلُ : بالكسرِ الكَذِبُ قالَ عَبْدُ الرَّحْمن بنُ دَارَة الغَطَفَانيُّ :

يقُولُون إِزْلٌ حُبُّ جُمْل وَوُدُّها

وقد كَذَبوا ما في مَوَدَّتِها إِزْلُ

فيَا جُمْلُ إِنَّ الغِسْلَ ما دُمْتِ أَيِّماً

عَلَيَّ حَرَامٌ لا يَمَسُّنِيَ الغِسْلُ (٢)

والإِزْلُ : أَيْضاً الدَّاهيةُ لشدَّتِها. والأَزَلُ : بالتَّحريكِ القِدَمُ الذي ليس له ابْتِدَاء وهو أَيْضاً اسْتِمْرَارُ الوجودِ في أَزْمِنَةٍ مقدَّرَةٍ غيْرَ مُتَنَاهِيةٍ في جانبِ المَاضِي كما أنَّ الأَبَدَ اسْتِمْرَارُه كذلِكَ في المآلِ كذا في تَعْريفاتِ المناوي. وهو أَزَلِيٌّ مَنْسُوب إلى الأَزَلِ وهو ما ليس بمَسْبُوقٍ بالعَدَمِ والموجودِ ثلاثَةَ أَقْسامٍ لا رابِعَ لها : أَزَليٌّ أَبدِيٌّ وهو الحقُّ سُبْحانه وتَعالَى ، ولا أَزَليّ ولا أَبَديّ وهو الدُّنيا ، وأَبَديٌّ غيرُ أَزَلِيِّ وهو الآخِرَةُ وعَكْسُه مُحَالٌ إذ ما ثَبَتَ قِدَمُه اسْتَحَالَ عَدَمُه ، وصرَّحَ أَقْوامٌ بأَنَّ الأَزَليَّ ليس بعَرَبيِّ ، أَو أَصْلُهُ يَزَلِيٌّ مَنْسوبٌ إِلى قولِهم للقَدِيمِ : لم يَزَلْ ثم نُسِبَ إلى هذا فلم يَسْتقمْ إِلّا باخْتِصَارٍ فقالُوا يَزَلِيٌّ ، ثم أُبْدِلَتِ الياءُ أَلِفاً للخِفَّةِ فقالُوا أَزَلِيٌّ ، كما قالُوا في الرُّمْحِ المَنْسوبِ إِلى ذِي يَزَنٍ (٣) : أَزَنِيٌّ وإلى يَثْرِب نَصْل أَثْرَبِيّ نَقَلَه الصَّاغانيٌّ هكذا عن بعضِ أَهْل العلمِ. وفي الأَسَاسِ : وقولُهم : كان في الأَزَلِ قادِراً عَالِماً ، وعِلْمُه أَزَلِيٌّ وله الأَزَليَّةُ مَصْنُوع لا من كَلامِهم ، ولعلَّهم نَظَرُوا إِلى لفظِ لم يَزَلْ (٤). قالَ شيْخُنا : وقالَ قومٌ هو مُشْتَقٌّ من الأَزْلِ وهو الضِّيْقُ لضِيْقِ العَقْل عن إدْرَاكِ أَوَّله. وسَنَةٌ أَزُولٌ كصَبُورٍ شديدةٌ ج أُزْلٌ بالضمِ وأَزَلَه يأْزِلُه أَزْلاً حَبَسَه ومَنَعَه وضَيَّقَ عليه من شِدَّةٍ وخَوْفٍ وقالَ اللَّيْثُ : أزل الفرسَ يأْزِلُه أَزْلاً قَصَّرَ حَبْلَهُ ثم سَيَّبَهُ في المَرْعَى فهو مَأْزُولٌ ، قال أَبُو النَّجْمِ :

يَسُفْنَ عِطْفَيْ سَنَمٍ هَمَرْجَلٍ

لم يَرْعَ مأْزُولاً ولم يُسْتَمهلِ (٥)

وأَزَلُوا أموالَهُم إذا لم يُخْرِجوها إلى المَرْعَى خَوْفاً أو جَدْباً. وأَزَلَ فلانٌ يَأْزِلُ أَزْلاً : صار في ضِيقٍ وجَدْبٍ قال ابو مكعت الأسدي :

وَليَأْزِلَنَّ وتَبْكُؤَنَّ لِقاحَه

ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بسَمَار (٦)

ويُرْوَى : وليؤزلن. والمَأْزِلُ : كَمَنْزِلٍ المَضِيقُ كالمَأْزِقِ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي :

إذا دَنَتْ مِنْ عَضُدٍ لم تَزْحَلِ

عنه وإنْ كان بضَنْكٍ مأْزِلِ(٧)

وقال اللَّحْيانيُّ : المَأْزِلُ موضِعُ القِتالِ إِذا ضَاقَ. وتَأَزَّلَ صَدْرُهُ ضَاقَ مِثْل تَأَزَّقَ عن الفرَّاءِ. وأَزَالُ : كسَحابِ ورَوِي أَيْضاً ككِتَابٍ عن نَصْرٍ ، اسمُ صَنْعاءِ اليَمَنِ في الجاهِليَّةِ الجَهْلَاء. وفي بعضِ توارِيخِ اليَمَنِ رُوِي عن وَهَبِ بنِ مُنَبِّه أَنَّه وَجَدَ في الكُتُبِ القديمةِ التي قَرَأَها : أَزَال أَزَال كلٌّ عَلَيك وأَنَا أَتَحَنَّنُ عَلَيك. أَو أَزَالُ اسمُ بانيها وهو ابنُ يقطن بن عابِرِ بن شالِخ بن أَزْفحشذ وهو والِدُ صَنْعاء ، وكان أَوَّلُ مَنْ بَنَاها ، أَزَال ثم سُمِّيَت باسمِ ابنِهِ لأَنَّه مَلَكها بَعْده فغَلَبَ اسمُه عليها نَقَلَه ياقوتُ. ويُرْوَى عن ابنِ أَبي الرّومِ أَنَّ صَنْعاءَ كانَتْ امْرَأَةً مَلِكَة وبها سُمِّيَت صَنْعاءَ فتأمَّلْ ذلك.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

أُزِلَ الناسُ : كعُنِيَ أي قُحِطُوا ، وفي حدِيثِ الدَّجَّالِ : وحَصْرُه المُسْلمين في بيتِ المَقْدِس فيُؤْزَلُون أَزَلاً شدِيداً أَي

__________________

(١) اللسان والمقاييس ١ / ٩٦.

(٢) البيتان في التكملة والأول في اللسان والصحاح والمقاييس ١ / ٩٧.

(٣) قال ابن جني : ذو يزن غير مصروف ، وأصله يزأن ، بدليل قولهم رمح يزأني وأزأني.

(٤) في الأساس : لم أزل ، ونبه عليه بهامش المطبوعة المصرية.

(٥) التكملة والثاني في اللسان والمقاييس ١ / ٩٦.

(٦) اللسان والجمهرة ٣ / ٢٥٥ والمقاييس ١ / ٩٦.

(٧) اللسان.

١٦

يُضَيِّقُ عَلَيهم. وقالَ الجُمَحيُّ : الآزِلُ : الذي لا يَسْتطيعُ أَنْ يخرْجَ من وَجَعٍ أو وُمحْتبسٍ وبه فسِّرَ قَوْلُ أسَامة الهُذَليّ :

من المُرْبَعِين ومِن آزِلٍ

إذا جَنَّه الليلُ كالنَّاحِطِ (١)

وقيلَ : من آزِلٍ أي من رجلٍ في ضيْقٍ من الحُمُّى. وآزلَهُمُ الله أي أَقْحَطَهم. وفي الحدِيثِ : سَنَةً حَمْراء مُؤْزِلة. وأزَيلي : مدينةٌ بالمغْربِ وسَيَأْتِي ذِكْرُها في أ ص ل. وقال ياقوتُ أَزِيلي مدينةٌ في بلادِ البَرْبرِ بَعْدَ طَنْجةَ في زَاوِيةِ الخليجِ المادِّ إلى الشَّامِ. وقال ابنُ حَوْقلٍ : الطَّريقُ من بَرْقةَ إلى أزيلي على ساحلِ بحرِ الخليجِ إلى فمِ البَحْرِ المحيطِ ثم تعطفُ على البحرِ المحيطِ يساراً.

وأَصْبحَ القومُ آزِليْن أي في شدّةٍ. وآزَلَت السَّنَةُ : اشْتدَّتْ. والأَزَلُ : شدَّةُ اليَأسِ. وقَوْلُ الأَعْشَى :

ولَبونِ مِعْزَابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ

نُهْبَى وآزِلَةٍ قَضَبْتَ عِقَالَها (٢)

الآزِلَةُ : هي المَحْبوسةُ التي لا تَسْرَح وهي مَعْقولةٌ لخوفِ صاحِبِها عليها من الغارَة.

ومَأْزِلُ العَيْش : مضيقه عن اللَّحْيَانيّ.

[أسل] : الأَسَلُ محرَّكةً نباتٌ رقيقٌ الغصنِ تُتَّخَذُ منه الغَرَابِيلُ كما في الأَسَاسِ زَادَ الصَّاغانيُّ بالعِرَاقِ ، الواحدةُ بهاءٍ. وقالَ أَبُو حَنِيْفَة : قال أَبُو زِيادٍ : الأَسَلُ من الأَغْلاثِ وهو يُخْرِجُ قُضْباناً دِقَاقاً وليس لها شُعَب ولا خَشَب وقد يدقُّه الناسُ فيَتَّخِذُون منه أَرْشِيةً يَسْتَقُون بها وحِبَالاً ، ولا يكادُ يَنْبِتُ إِلَّا في موضعٍ فيه ماءٌ أَو قريباً من ماءٍ ، وإِنَّما سُمِّي القَنَا أَسَلاً تَشْبيهاً به في طولِه واسْتِوائِه ودقَّةِ أَطْرَافِه قالَ :

تَعدُو المَنَايا على أُسامةَ في ال

خِيْس عليه الطَّرْفاءُ والأَسَلُ(٣)

قالَ : وعن الأَعْرابِ : أَنَّ الأَسَلَ هو الكولان ، وفي حدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه ، «ولكن ليُذَكَّ لكم الأَسَلُ الرِّماحُ والنَّبْلُ» ، قالَ أَبُو عُبَيْدٍ : هذا يردُّ قَوْلَ مَنْ قالَ الأَسَلُ الرَّماحِ خاصَّةً لأَنَّه قد جَعَلَ النَّبْلَ مع الرِّماحِ أَسَلاً ، وقالَ : الأَسَلُ : الرِّماحُ الطِّوالُ دونَ النَّبْلِ ، وقَدْ تَرْجم عُمَر رَضِيَ الله تعَالَى عنه عنها فقالَ : الرِّماحُ وعَطَفَ عليها فقالَ : والنَّبْلُ ، أَي ليُذَكَّ لكم النَّبْلُ. وقالَ شَمِرٌ : قيلَ للقَنَا أَسَلٌ لِمَا رُكِّب فيها من أَطْرافِ الأَسِنَّةِ. ويُسَمَّى شَوْكُ النَّخْلِ أَسَلَا على التَّشْبيهِ. والأَسَلُ : عِيدانٌ تَنْبُتُ طِوالاً دِقَاقاً مُسْتَويةً بِلا وَرَقٍ يُعْمَلُ منها الحُصْرُ عن أَبي حَنِيْفة. أَو الأَسَلَةُ كُلُّ عُودٍ لا عِوَجَ فيه على التَّشْبيهِ. والأَسَلَةُ من اللِّسانِ طَرَفُه المُسْتَدقَ ، ولذلِكَ قيلَ للصادِ والزَّاي والسِّين أَسَلِيَّة. ومن سَجَعَاتِ الأَسَاسِ : أَسَلاتُ أَلْسِنَتِهم أَمْضَى من أَسِنَّة أَسَلِهم. والأَسَلَةُ من البعيرِ قَضِيبُه. والأَسَلَةُ من النَّصلِ والذَّراعِ مُسْتَدِقُّه أَي مُسْتَدَقُّ كلِّ منهما. والأَسَلَةُ من النَّعْلِ رأْسُها المُسْتَدقُّ ، وكلُّ ذلك على التَّشْبيهِ. وتُعادُ الْأَسَلَةُ في «ع ظ م» وذلك لمناسَبَةِ قَوْلِهم أَسَّلَ المَطَرُ تَأْسيلاً إذا بَلَغَ نَداهُ أسَلَةَ اليَدِ وعَظَّمَ تَعْظِيماً إذا بَلَغَ عَظَمَةَ اليَدِ ، وفي الأَسَاسِ الذِّرَاعُ ، ويقالُ : كيفَ كانَتْ مَطَرتُكُم أَسَّلَتْ أَمْ عَظَّمَتْ. وقولُهم : هو على آسالٍ من أَبيهِ وكذلك على آسانٍ من أَبيهِ أي على شَبَهٍ من أَبيهِ وعَلاماتٍ وأَخْلاقٍ ولا واحدَ لها. قالَ ابنُ السِّكِّيت : ولم أَسْمَع بواحدِ الآسْألِ.

والمُؤَسَّلُ : كمُعَظَّمٍ المُحَدَّدِ من كلِّ شيْ‌ءٍ قالَ مُزَاحِم العُقَيْليّ :

تَبَارَى سَدِيْسَاها إذا ما تَلَمَّجَتْ

شبَاً مِثْلَ إِبزِيمِ السِّلاحِ المُؤَسَّل(٤)

والأَسِيْلُ : كأَميرٍ الْأَمْلَسُ المُسْتَوِي. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : كلُّ سَبْطٍ مُسْتَرْسلٍ أَسِيْلٌ. والأَسِيْلُ من الخُدودِ الطويلُ اللَّيِّنُ الخلق المُسْتَرْسِلُ يقالُ : رجلٌ أَسِيلُ الخَدِّ ، وفرسٌ أَسِيلُ الخَدِّ ، قالَ المُرَقَّشُ الأَكُبَرُ :

أَسيلٌ نبيلٌ ليسَ فيه مَعَابَةٌ

كُمَيْتٌ كَلَوْنِ الصِّرْفِ أَرْجَلُ أَقْرَحُ (٥)

وفي صِفَتِه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كانَ أَسِيلَ الخدِّ». قالَ أَبُو زَيْدٍ : من الخَدُودِ الأَسِيْلُ وهو السَّهْلُ الليِّنُ الدَّقِيقُ المُسْتَوِي والمَسْنُون اللَّطِيفُ الدَّقيقُ الأَنفِ. وقالَ ابنُ الأَثيرِ : الأَسَالةُ في الخدِّ : الاسْتِطَالة وأَنْ لا يكونَ مرتَفِعَ الوَجْنة. وقد أَسُلَ خدّه كَكَرُمَ أَسَالةً. وقالَ أَبُو عُبَيْدة والزَّمَخْشَرِيُّ : ويُسْتَحبُّ

__________________

(١) ديوان الهذليين ٢ / ١٩٦ والمقاييس ١ / ٩٦ والجمهرة ١ / ٢٦٤.

(٢) ديوان ط بيروت ص ١٥٤ برواية : «قضبت عقالها» واللسان.

(٣) اللسان والتهذيب.

(٤) اللسان الأساس التكملة والمقاييس ١ / ١٠٤ والتهذيب.

(٥) مفضلية رقم ٥٥ بيت رقم ١٣.

١٧

في خدِّ الفرسِ الأَسَالةُ وهي دليلُ الكَرَمِ ، تقُولُ : تُنْبِى‌ءُ أَسَالةُ خدِّهِ عن أَصَالةِ جدِّه. وأَسِيْلَةٌ : كسفينةٍ وضَبَطَه ياقوتُ كجُهَيْنَة وهو الصَّوابُ ، ماءٌ ونَخْلٌ لبني العَنْبَرِ بنِ عَمْرِو بنِ تَمِيم عن الحفصيِّ. وأَيْضاً ماءٌ باليَمامةِ لبني مالِكِ بنِ امرِى‌ءِ القيسِ عن الحفصيّ أَيْضاً. وقالَ نَصْر : الأَسِيْلةُ : ماءٌ به نَخْلٌ وزَرْعٌ في قاع يقالُ له الجَثْجَاثَةُ يزْرَعُونه وهو لكَعْبِ بنِ العَنْبرِ. وتأَسَّلُ أَباهُ أشْبَهَه وتَخَلَّقَ بأَخْلاقِه ، وكذلِكَ تَأَسَّنَه كتَقَيَّلَه. ومَأْسَلٌ : كمَقْعَدٍ جَبَلٌ وقيلَ : اسمُ رَمْلةٍ قال امرُؤ القَيْسِ :

كَدَأْبكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَها

وجارَتِها أُمّ الرِّبَابِ بمَأْسَل(١)

وزادَ الفَاكِهِيُّ في شرحِ المُعَلَّقاتِ : أَنَّه يقالُ مَأْسِلٌ كمَجْلِسٍ ، قالَ شيْخُنا وعنْدِي فيه تَوَقُّفٌ. ودارَةُ مَأْسَلٍ أَيْضاً من داراتِهِم عن كراعٍ وقد ذُكِرَت في دَوَرَ.

* وممَّا يُسْتَدركُ عليه :

الأَسَلُ : كلُّ حديدٍ رَهيفٍ من سِنَانٍ وسَيْفٍ وسِكِّينٍ ، وبه فسِّرَ حدِيثُ علِيٍّ رَضِيَ الله تَعالَى عنه : لا قَوَد إلَّا بالأَسَلِ. وكفٌّ أَسِيْلةُ الأَصَابِعِ : وهي اللَّطيفةُ السَّبْطةُ الأَصابعِ.

وأَسَّلَ الثَّرَى : بَلَغَ الأَسَلَة. وأَسَّلْت الحدِيدَ : رَقَّقْتَه.

وأُذُنٌ مُؤَسَّلةٌ : دقيقةٌ مُحَدَّدةٌ مُنْتَصبةٌ.

ويقالُ في الدُّعاءِ على الإِنْسانِ : نَسْلاً (٢) وأَسَلاً كقولِهم : تَعْساً ونُكْساً.

وأَسَلٌ : محرَّكةً جَبَلٌ بخَرَاسان.

* وممَّا يُسْتَدركُ عليه :

إسْمعِيل وإِسْمعين اسْمَان ، وقَدْ أَوْرَدَه المصنِّفُ في سمعل والصَّوابُ ذِكْرُه هنا لأَنَّ الاسمَ أَعْجَمِيٌّ وحُرُوفَه كلَّها أَصْلِيةٌ.

[أشل] : الأَشَلُ بالفتحِ أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ. وقالَ اللَّيْثُ : هو مِقْدارٌ من الذَّرْعِ معلومٌ بالبَصْرَةِ بلغَتِهم ، يقُولُون كذَا وكذَا حَبْلاً. وكذَا وكذَا أَشْلاً لمقدارٍ معلومٍ عنْدَهم. قالَ الأَزْهَرِيُّ : وما أَرَاه عَرَبيّاً (٣). والأُشولُ بالضمِ هي الحِبالُ كأَنَّه يُذْرَعُ بها قالَ أَبُو سَعِيد : وهي لغةٌ نَبَطِيَّةٌ قالَ : ولو لا أَنَّني نَبَطيٌّ ما عَرَفْتُه ، كذا في العُبَابِ والتّكْمِلةِ.

[أصل] : الْأَصْلُ أَسْفَلُ الشي‌ءِ يقالُ : قَعَدَ في أَصْلِ الجَبَلِ ، وأَصْلِ الحائِطِ ، وقَلَع أَصْلَ الشَّجرِ ، ثم كَثُرَ حتى قيلَ أَصْلُ كلِّ شيْ‌ءٍ ما يَسْتَنِدُ وجودُ ذلِكَ الشيْ‌ءِ إلِيه. فالأَب أَصْلٌ للولِد ، والنَّهْرِ أَصْلٌ للجدولِ قالَهُ الفَيُّومي. وقالَ الرَّاغِبُ : أَصْلُ كلِّ شي‌ءٍ قاعِدَتُه التي لو تُوُهِّمَتْ مُرْتفِعَةً ارْتَفَعَ بارْتفاعِها سائِرُه. وقالَ غيرُه : الأَصْلُ ما يُبْنَى عليه غيرُه كاليأْصول وهذه عن ابن دُرَيْدٍ وأَنْشَدَ لأَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :

فهَزَّ رَوْقَيْ رِمَالِيٌّ كأَنَّهما

عُودَا مَدَاوِسَ يَأْصُولٌ ويَأْصُولُ (٤)

أَي أَصْلٌ وأَصْلٌ ، ج أُصولٌ لا يكسر على غيرِ ذلك كما في المُحْكَمِ. وآصُلٌ بالمدَّ وضمِ الصادِ وهذه عن أَبي حَنِيْفة ، وأَنْشَدَ للَبِيْدٍ رَضْي الله تعالى عنه :

تَجْتَافُ آصُلَ قالِصٍ مُتَنَبِّذٍ

بِعُجُوبِ أَنْقَاءٍ يميلُ هَيَامُها (٥)

ويُرْوَى : أَصلاً قالِصاً :

وأَصْلَ ككَرُمَ أَصَالةً صار ذا أَصْل قالَ أُميَّةُ الهُذَليُّ :

وما الشُّغْلُ إلَّا أَنَّني مُتَهَيِّبٌ

لعِرْضِكَ ما لم يَجْعَلِ الشيْ‌ءَ يَأْصُلُ(٦)

أَو ثَبَتَ ورَسَخَ أَصْلُهُ كتَأَصَّلَ وأَصُلَ الرأيُ أَصَالةً جادَ واسْتَحْكَم. والأصيلُ كأَمِيرٍ الهَلاكُ والمَوْتُ كالأصيلَةِ فيهما (٧) قال أَوْسُ بنُ حجر :

خافُوا الأَصِيْلَة واعْتَلّتْ ملوكُهُمُ

وحُمِّلُوا من أَذَى غُرْمٍ بأَثْقَالِ (٨)

__________________

(١) ديوانه ط بيروت ص ٣٢ من معلقته.

(٢) في اللسان : «بسلاً وأسلاً».

(٣) في التهذيب : عربياً صحيحاً.

(٤) الجمهرة ٣ / ٣٨٥ والتكملة.

(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٧٢ برواية : «أصلاً قالصاً منتبذاً» ورواية الأصل كالتكملة.

(٦) شرح أشعار الهذليين ٢ / ٥٣٦.

(٧) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : هذه الكلمة (فيهما) مضروب عليها بنسخة المؤلف.

(٨) ديوانه ط بيروت ص ١٠٣ واللسان والتكملة.

١٨

ويُرْوَى : خافُوا الأَصِيْلَ وقَدْ أَعْيَتْ.

وأَصِيْلُ : د بالأَنْدَلُسِ كما في العُبَابِ ومعجمِ ياقوت ، زادَ الأَخِيرُ : قالَ سَعْدُ الخيرِ : ربَّما كانَ من أَعْمَالِ طُلَيْطلة يُنْسَبُ إِليه أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بنُ إِبْرَاهِيم بنَ مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِيّ المحدِّث تَفَقَّه بالأَنْدَلُسِ فانْتَهت إِليه الرِّياسةُ وصنَّفَ كتابَ الآثارِ والدَّلائِل في الخلافِ ثم مَاتَ بالأَنْدَلُسِ في نحو سَنَة تِسْعِين وثَلَثُمائة ، وكانَ والدُه إِبْرَاهِيم أَدِيباً شاعِراً.

* قلْتُ : وأَبُو محمَّدٍ هذا رَاوِيةٌ البُخَارِي ، وبهذا سَقَطَ ما اعْتَرَضَه شيْخُنا فقالَ : هذا غَلَطٌ لفظاً ومعْنًى ، أَمَّا لفظاً فلأَنَّ ظاهِرَه بل صَرَيْحَه أَنَّ البلدَ اسمُه أَصِيل كأَمِيرٍ وليس كذلِكَ ، بل لا يُعْرفُ هذا اللفظُ في أَسْمَاءِ البُلدانِ المَغْرِبيَّةِ أَنْدَلُساً وغَيْرِه ، بل المَعْرُوفُ أَصِيلاً بأَلفِ قَصْرٍ بَعْدَ اللامِ ، ويقالُ لها أَزيلاً بالزَّاي ، وأَمَّا معْنًى فلأَنَّها ليْسَت بالأَنْدَلُسِ ولا ما يَقْرُب منها ، بل هي بالعَدْوَةِ قُرْب طَنْجة وبَيْنها وبَيْن الأَنْدَلُسِ البَحْرُ الأَعْظَمُ ، ومنها الأَصِيْلِيُّ رَاوِيةُ البُخَارِي وغَيْرُ واحدٍ انْتَهَى.

والعَجَبُ من قولِه : بل لا يُعْرَفُ إلى آخِره ، وقد أَثْبَتَه ياقوتُ والصَّاغَانِيُّ وهما حجّةٌ ، وكون أَنَّ الأَصِيليّ من البلدِ الذي بالعَدْوةِ كما قَرَّرَه شيْخُنا يُؤَيِّدُه قَوْلُ أَبي الوليدِ بن الفَرَضِيّ فإنَّه ذَكَرَ أَبَا محمَّدٍ الأَصِيليّ المَذْكورِ في الغُرَباءِ الطَّارِئينَ على الأَنْدَلُسِ فقالَ : ومن الغُرباءِ في هذا البابِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيم بنَ محمَّدٍ الأَصِيْليُّ من أَصِيْلَهُ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتُه يقُولُ : قَدِمْتُ قُرْطبةَ سَنَة ٣٤٢ ، فسَمِعْتُ بها من أَحْمَدَ بن مطرّف وأَحْمَدَ بن سَعِيدٍ وغَيْرِهما ، وكانَتْ رِحْلتِي إلى المَشْرقِ في مُحَرَّمِ سنَة ٣٥١ ودَخَلْتُ بغدادَ فسَمِعْتُ بها من أَبي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ وأَبي بَكْرٍ الأَبْهريّ ، وتَفَقَّه هناك لمالِكِ بنِ أَنَس ثم وَصَلَ إلى الأَنْدَلُسِ فَقَرَأَ عليه الناسُ كتابَ البُخَارِي رِوَايَة أَبي زَيْدِ المَرُوْزِيِّ ، وتُوفي لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةٍ ، بَقِيَتْ من ذِي الحُجَّةِ سَنَة ٣٩٢ ، قالَ ياقوتُ : ويحقِّقُ قَوْلَ أَبي الوليدِ أَنَّ الأَصِيليَّ من الغُرَباءِ لا مِنَ الأَنْدَلُسِ كما زَعَمَ سَعْدُ الخَيْرِ ما ذَكَرَه أَبَو عُبَيْدٍ البَكْرِيُّ في المَسَالِكِ والمَمَالِكِ عنْدَ ذِكْرِ بلادِ البَرْبرِ بالعُدْوةِ بالبُرِّ الأَعْظَمِ فقالَ : ومدينةُ أَصِيلَةَ أَوَّلُ مدنِ العَدْوَةِ ممَّا يَلِي الغَرْب وهي في سَهْلَةٍ مِنَ الأَرْضِ حَوْلها رَوَابٍ لطافٌ والبَحْر بِغَرْبيها وجَنُوْبيها وكانَ عَلَيها سُوْرٌ له خَمْسَةٌ أَبْواب ، وهي الآنَ خَرَابٌ وهي بغربيِّ طَنْجَةَ بينهما مَرْحَلةٌ فتأمَّلْ. والأَصِيلُ : من له أَصْلٌ أَي نَسَبٌ : وقالَ أَبُو البَقَاءِ : هو المُتَمَكِّنُ في أَصْلِه. والأَصِيلُ العاقِبُ الثابِتُ الرأْيِ يقالُ رجلٌ أَصِيلُ الرَّأي أَي مُحْكَمُه. وقد أَصُلَ كَكَرُمَ أَصَالةً والأَصِيلُ العَشِيُّ وهو الوَقْتُ بعْدَ العَصْرِ إلى المَغْربِ ج أُصُلٌ بضمتينِ كقَضِيْبٍ وقُضُبٍ ، وأُصْلانٌ بالضمِ كبَعِيرٍ وبُعْرانٍ ، وآصالٌ بالمدِ كشَهِيدٍ وأَشْهادٍ وطَوِيٍّ وأَطْواءٍ ، وأَصائِلُ كرَبيبٍ ورَبائِبٍ وسَفِينٍ وسَفَائِنٍ قالَ اللهُ تَعَالَى : (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (١) وشاهِدُ الأَصائِلِ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ الهُذَليُّ :

لعَمْرِي لأَنتَ البَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَه

وأَقْعُدُ في أَفْيائِه والأَصائِلِ(٢)

وقَدْ أَوْرَدَ المصنَّفُ هذه الجموعَ مختلطةً ويمْكِنُ حَمْلُها على القِياسِ على ما ذَكَرْنا ، وفيه أُمورٌ : الأَوَّلُ : أَنَّ الأُصُلَ بضمَّتينِ مُفْردٌ كأَصِيلٍ وعليه قَوْلُ الأَعْشَى :

يوماً بأطْيَبَ مِنْها نَشْرَ رَائِحةٍ

ولا بأحسَنَ مِنْها إذْ دَنَا الأُصُلُ(٣)

نبَّه عليه السهيليُّ وغيرُه.

والثاني : أنَّ الصَّلاحَ الصَّفَدي ذَكَرَ في تذْكِرَتِه أَنَّ الآصَالَ جَمْعُ أُصُلٍ المُفْرد لا الجَمْع كطُنُبٍ وأَطْنَابٍ.

والثالِثُ : أَنَّ الأَصَائِلَ جَمْع أَصِيْلة بمعْنَى الأَصِيلِ لا جَمْع أَصِيلِ وقَدْ أَغْفَله المصنِّفُ وقد أَشْبَعَ في تحريرِه الكَلام السهيليّ في الرَّوْضِ في السِّفْرِ الثاني منه فقالَ الأَصَائِلُ جَمْعُ أَصِيْلة والأُصُل جَمْع أَصِيل ، وذلك أَنَّ فَعَائِلَ جَمْعِ فَعِيْلة والأَصِيْلة لغةٌ مَعْرُوفةٌ في الأَصِيل ، وظنَّ بعضُهم أَنَّ أَصَائِلَ جَمْعُ آصَالٍ على وَزْن أفْعَالٍ ، وآصَالٌ جَمْع أُصُل نحو أَطْناب وطُنُب ، وأُصُلٌ جَمْع أَصِيل مِثْل رَغِيْف ورُغُف ، فأَصَائِلُ على قولِهم جَمْعُ جَمْعِ الجَمْعِ وهذا خَطَأُ بَيِّنٌ من وُجُوهٍ منها : أَنَّ جَمْعَ جَمْعِ الجَمْع لم يُوجدْ قَطُّ في الكَلامِ فكيفَ يكونُ هذا نَظِيرهُ ، ومن جِهَةِ القِياسِ إذا كَانُوا لا يَجْمَعُونَ الجَمْعَ الذي ليس لأَدْنَى العَدَدِ فأَحْرَى أَنْ لا

__________________

(١) الرعد الآية ١٥ والأعراف الآية ٢٠٥ والنور الآية ٣٦.

(٢) ديوان الهذليين ١ / ١٤١ برواية :

وأجلس في أفيائه بالأصائل

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٤٥.

١٩

يَجْمَعوا جَمْعَ جَمْعِ الجَمْعِ وأَبْيَنُ خَطَإٍ في هذا القَوْلِ غَفْلَتهم عن الهَمْزَة التي هي فاءُ الفِعْل في أَصِيل وأُصُل ، وكذلك هي فاءُ الفِعْل في أَصَائِل لأَنّها فَعَائِلُ وتوهَّمُوها زائِدَةً كالتي في أَقَاوِيل ، ولو كانَتْ كذلك لكانَتْ الصادُ فاءَ الفِعْل وإنَّما هي عَيْنُه كما هي في أَصِيل وأُصُل ، فلو كانَتْ أَصَائِلُ جَمْع آصَالٍ مِثْل أَقْوَالٍ وأَقَاوِيل لاجْتَمَعَتْ هَمْزةُ الجَمْعِ مع هَمْزةِ الأَصْلِ ولَقَالُوا فيه أَوَاصِيل بتَسْهيلِ الهَمْزَةِ الثانيةِ. قالَ : ولا أَعْرفُ أَحَداً قالَ ، هذا القَوْلَ ، أَعْنِي جَمْعَ جَمْعِ الجَمْعِ غَيْرَ الزَجاجي وابن عزيز انْتَهَى فتأمَّلْ ذلك.

وتَصْغيرُ أَصْلانٍ الذي هو جمعِ أَصِيْلٍ أُصَيْلانٌ وهو نادِرٌ كما قالُوا في تَصْغيرِ جِيْران أَجْيَار ، قال السِّيرا فيُّ لأَنَّه إِنَّما يُصَغَّرُ من الجَمِيْعِ ما كانَ على بناءِ أَدْنَى العَدَدِ ، وأَبْنِيةُ أَدْنَى العَددِ أَرْبعةٌ : أَفْعال وأَفْعُل وأَفْعِلة وفِعْلة ، وليْسَتْ أُصْلان واحِدةٌ منها فوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ عليه بالشذُوذِ ، قالَ وإِنْ كانَ أُصْلانُ واحداً كرُّمَّانٍ وقُرْبانٍ فتَصْغِيرُه على بابِه وربَّما قيلَ ، أَصَيْلالٌ بقلبِ النُّونِ لاماً يقالُ لَقِيْتُه أُصَيْلالاً وأُصُلاً وأُصَيْلالاً اللَّحْيَانِيُّ. وفي الأَسَاسِ : لَقِيْتُه أَصيلاً وأُصُلاً وأُصَيْلالاً وأُصَيْلانا أَي عشياً وبالوَجْهَيْنِ رُوِي قَوْلُ الأَعْشَى (١) :

وَقَفْتُ فيها أُصَيْلالاً أُسَائِلُها

أَعْيَتْ جَواباً وما بالرَّبْع من أَحَدِ (٢)

وآصَلَ إِيْصالاً دَخَلَ فيه أي في الأَصِيلِ. ويقالُ : أَتَيْنَاه مُؤْصِلِين. ولَقِيْتُه مُؤْصِلاً : داخِلاً في الأَصِيلِ. وأَخَذَهُ بأَصيلَته وهذه عن ابن السَّكِّيت أَي بأْجْمعِه وكذا جَاؤُا بأَصِيْلتهم ، وكذَا ، بأَصَلَتِهِ محرَّكةً وهذه عن ابن الأَعْرَابِيّ أي أَخَذَه كُلَّهُ بأصْلِهِ لم يَدَعْ منه شيئاً وكزُبَيْرٍ أُصَيْلُ بنُ عبدِ الله الهُذَليُّ أَو الغِفارِيُّ صَحابيٌّ رَضِيَ الله تَعَالَى عنه ، وهو الذي قال له النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حِيْن وَصَفَ له مَكَّة : «حَسْبُك يا أُصَيْل». والأَصَلَةُ محرَّكةً حَيَّةٌ صَغيرَةٌ قَتَّالةٌ ، وهي أَخبثها (٣) لها رِجلٌ واحدَةٌ تَقُومُ عليها ثم تَدُورُ ثم تَثِبُ. ومنه الحدِيثُ : «كأَنَّ رأْسَه أَصَلَةٌ ، أَو عَظيمَةٌ تُهْلِكُ بِنَفْخِها» ج أَصَلٌ وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ :

فاقْدُر له أَصَلة من الأَصَل

كَبْساءُ كالقُرْصة أَو خُفِّ الجَمَل (٤)

وأَصِلَ الماءُ كفَرحَ أَسِنَ أي تغيَّرَ طَعْمُه ورِيْحُه من حَمْأَةٍ فيه عن ابن عَبَّادٍ ، وأَصِلَ اللَّحْمُ إذا تَغَيَّرَ كذلك. وأَصيلَتُكَ جَميعُ مالِكَ أو نَخْلكَ (٥) وهذه حجازِيَّةٌ كما في العُبَابِ. وأَصَلَهُ عِلْماً يَأصَلُهُ أَصَلاً قَتَلَهُ عِلْماً مِنَ الأَصَلِ بِمَعْنَى أَصَابَ أَصْلَه وحَقِيقَتَه أو مِنَ الأَصَلَةِ حَيَّة قَتَّالةٌ كما في الأَسَاسِ. وأَصَلَتْهُ الأَصَلَةُ أَصَلاً وَثَبَتْ عليه فقَتَلْته.

والأَصِلُ كَكَتِفٍ : المُسْتَأْصِلُ يقالُ قَطَعَ أصل أي مُسْتَأصِلٌ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :

جاؤُا بأَصِيْلتهم أَي بأجْمعِهم نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ وهو قَوْلُ ابن السِّكِّيت. ويُجْمَعُ الأَصِيلُ للوَقْتِ على اصال كأفيلِ وافال نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ. ومجدٌ أَصِيلٌ ذُو أَصَالةٍ. وقالَ ابنُ عَبَّادٍ : شَرٌّ أَصِيلٌ أَي شدِيدٌ ، قالَ : والأَصَلَةُ محرَّكةً من الرِّجال القَصِيرُ العريضُ. وامرْأَةٌ أَصَلَة. قالَ : والإِصليلُ بالكسْرِ مرقف الفرسِ شامِيَّة والجَمْعُ الاصاليل.

وقَوْلُهم لا أَصْلَ له ولا فَصْل ، فالأَصْلُ : الحَسَب والفَصْل اللِّسَان كما في العُبَابِ. وفي اللِّسَان : أَي لا نَسَبَ له ولا لِسَان. وزَادَ المَنَاوِيّ : أَو لا عَقْل له ولا فَصَاحة.

ويقالُ : أَصَّلَ الأُصُولَ كما يقالُ : بَوَّبَ الأَبْوابَ ورَتّبَ الرُّتَبَ. وقالَ المَنَاوِيُّ : أَصَّلْتُه تَأْصِيلاً جَعَلْتُ له أَصْلاً ثَابتاً يبني عليه غيرُه.

واسْتَأْصَلَه قَلَعَه عن أَصْلِه أَو بأُصُولِهِ. وفي الأَسَاسِ : أنَّ النَّخلَ في أرْضنا لأَصِيلٌ أي هو بها لا يَزَالُ باقياً لا يَفْنَى.

وأَهْلُ الطائِف يقُولُون لفلانٍ أَصِيْلَةُ أي أَرْضٌ تَلِيدَة يعيشُ بها. واسْتَأْصَلَتِ الشَّجَرَةُ نَبَتَتْ وثَبَتَ أَصْلُها. واسْتَأْصَلَ شَأْفَتَهم : قَطَعَ دَابَرهم. وقالَ المَنَاوِيُّ : قولُهم ما فَعَلْتَه أَصْلاً مَعْناه ما فَعَلْتَه قَطّ ولا أَفْعَله أَبداً ، ونَصْبه على الظَّرْفيَّةِ أَي ما فَعَلْتَه وقتاً ولا أَفْعَله حيناً من الأَحْيانِ.

وأصيل الدين محمَّدُ بنُ الوليّ مُحمَّد بن الصَّدْر محمّد بن الكريم عَبْد الكريم السمنودي الأصْل الدِّمْيَاطِيّ

__________________

(١) كذا وفي اللسان «قول النابغة».

(٢) البيت ليس للأعشى ، وهو في ديوان النابغة الذبياني ص ٣٠ برواية : «أُصَيلانا» واللسان والصحاح.

(٣) عن اللسان وبالأصل «أخبسها».

(٤) اللسان.

(٥) في القاموس : «أَوْ نَخْلَتُكَ».

٢٠