حاكمها ، وتعرّضت المدينة للنهب ، فذهبت ممتلكات الشيخ وكتبه أدراج الرياح ، فهاجر إلى منطقة اصطهبانات ، ومن ثمّ إلى كربلاء.

قال في اللؤلؤة : « ... واستوطنت قصبة فسا بعد أن أرسلت العيال إلى البحرين ، وجددت عيالا من تلك البلاد ، فبقيت فيها مشتغلاً بالمطالعة ، وصنّفت هناك كتاب الحدائق الناضرة إلى باب الأغسال ، وأنا مع ذلك مشتغل بالزراعة لأجل المعاش والكفّ عن الحاجة إلى الناس»(١).

الإقامة في كربلاء :

انتقل الشيخ البحراني إلى مدينة كربلاء المشرّفة ، وحينها كانت البلدة تعدّ من أكبر معاهد العلم للشيعة ، وكانت تضاهي النجف بمعاهدها الدينية وعلمائها الأفذاذ ، وعلى رأسهم العلاّمة محمّد باقر بن محمّد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني مجدّد المذهب في القرن الهجري الثالث عشر.

وذكر المحقّق المتتبّع السيّد عبد العزيز الطباطبائي رحمه‌الله في مقدّمته على الحدائق أنّه لم يقف على تاريخ استيطانه كربلاء ، إلاّ أنّ الذي ظهر له من تاريخ بعض تأليفات الشيخ أنّه حلّ بها قبل عام (١١٦٩هـ) ، مضيفاً على ذلك قوله :

«ولمّا هبط كربلاء رحّب بقدومه أعلامها وسُرّ به فطاحلها ، فتوسّط أندية العلم وحلقات التدريس ، وانضوى إليه عِير(٢) يسير من أولئك الأفذاذ يرتشفون

__________________

(١) لؤلؤة البحرين : ٤٤٥.

(٢) العِير : القافلة ، وهو في الأصل الإبل التي عليها الأحمال لأنّها تعير ـ أي: تتردّد ـ فقيل لأصحابها ، كقولهم : ياخيل الله اركبي ، مجمع البحرين ٢ / ١٢٩٦.