«قوله : وطريق تطهيره بنزح جميعه إن وقع فيها مسكر : المراد بالمسكرهنا ما كان مائعاً بالأصالة ، وإطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين قليل المسكر وكثيره ، وبه صرّح المتأخّرون ، واحتجّ عليه في المختلف بصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في البئر يبول فيه الصبيّ أو يصبّ فيها بول أو خمر ، فقال : (ينزح الماء كلّه). وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (إن سقط في البئر دابّة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء ، فإن مات فيها ثور أو نحوه أو صبّ فيها خمر نزح الماء كلّه). وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : (إذا سقط في البئر شيء صغيرفمات فيها فانزح منها دلاء ، قال : فإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء ، وإن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمر فلينزح).

وفيه نظر ، فإنّ هذه الأخبار كلّها واردة بلفظ الصبِّ وهو يؤذن بالغلبة والكثرة ، مع أنّها مخالفة لما عليه الأصحاب في حكم البول وموت الدابّة الصغيرة وغير ذلك ، وتأويلها بما يوافق المشهور بعيد جدّاً. ونقل عن ابن بابويه رحمه الله في المقنع أنّه أوجب في القطرة من الخمر عشرين دلواً ، وربّماكان مستنده رواية زرارة عن الصادق عليه‌السلام في بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر ، قال : (الدَّم والخمر والميِّت ولحم الخنزير في ذلك كلّه واحد يُنزَح منها عشرون دلواً ، فإن غلبت الريح نُزِحت حتّى تطيب). وهي قاصرة من حيث السند لجهالة بعض رجالها فلا يسوغ العمل بها ، وأيضاً فإنّ ظاهرها الإكتفاء بالعشرين في الخمر وما معه مطلقاً ولا قائل به.

وبالجملة : فالفرق بين قليل الخمر وكثيره متّجه إلاّ أنّ مقدار النزح في القليل غير معلوم ، ولا يبعد إلحاقه بغير المنصوص إن قلنا بنجاسة الخمر ، وإلاّلم يجب في القليل شيء ، وكان الكلام في الكثير كما في اغتسال