• الفهرس
  • عدد النتائج:

دمع ، ولا يكتحلون بنوم ، وروى أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ) يا محمد ، أي فإن ردّك الله من غزوتك هذه وسفرك هذا (إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ) أي من المنافقين الذين تخلفوا عنك وعن الخروج معك (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) معك إلى غزوة أخرى (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) إلى غزوة (وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) ثم بيّن سبحانه سبب ذلك فقال (إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي عن غزوة تبوك (فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) في كل غزوة مع النساء والصبيان ، عن الحسن والضحاك ، وقيل : مع الرجال الذين تخلفوا من غير عذر ، عن ابن عباس ، وقيل : مع المخالفين قال الفراء : يقال : عبد خالف ، وصاحب خالف ، إذا كان مخالفا ، وقيل : مع الخساس والأدنياء ، يقال : فلان خالفه أهله إذا كان أدونهم ، وقيل : مع أهل الفساد ، من قولهم خلف الرجل على أهله يخلف خلوفا : إذا أفسد ، ونبيذ خالف : أي فاسد ، وخلف فم صائم : إذا تغيّرت ريحه وقيل : مع المرضى والزمنى ، وكل من تأخر لنقص ، عن الجبائي.

٨٤ ـ ٨٥ ـ ثم نهى سبحانه نبيّه (ص) عن الصلاة عليهم فقال (وَلا تُصَلِ) يا محمد (عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ) أي من المنافقين (ماتَ أَبَداً) أي بعد موته فإنه عليه‌السلام كان يصلّي عليهم ويجري عليهم أحكام المسلمين (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) أي لا تقف على قبره للدعاء فإنه (ع) كان إذا صلّى على ميت يقف على قبره ساعة ويدعو له ، فنهاه الله تعالى عن الصلاة على المنافقين ، والوقوف على قبورهم ، والدعاء لهم. ثم بيّن سبحانه سبب الأمرين فقال (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) فما صلى رسول الله (ص) بعد ذلك على منافق حتى قبض (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ) الخطاب للنبي (ص) والمراد به الأمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا) بما يلحقهم فيها من المصائب والغموم ، وبما يأخذها منهم المسلمون على وجه الغنيمة ، وبما يشقّ عليهم من إخراجها في الزكاة والانفاق في سبيل الله مع اعتقادهم بطلان الإسلام ، فيشتدّ عليهم فيكون ذلك عذابا لهم (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ) أي تهلك بالموت (وَهُمْ كافِرُونَ) أي في حال كفرهم.

٨٦ ـ ٨٩ ـ ثم بيّن سبحانه تمام اخبار المنافقين فقال (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) من القرآن على محمد (ص) (أَنْ آمِنُوا بِاللهِ) أي بأن آمنوا وهو خطاب للمؤمنين وأمر لهم بأن يدوموا على الإيمان ، ويتمسّكوا به في مستقبل الأوقات ، ويدخل فيه المنافق ويتناوله الأمر بأن يستأنف الإيمان ، ويترك النفاق (وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ) أي أخرجوا إلى الجهاد معه (اسْتَأْذَنَكَ) أي طلب الاذن منك في القعود (أُولُوا الطَّوْلِ) أي أولو المال والقدرة والغنى (مِنْهُمْ) أي من المنافقين (وَقالُوا ذَرْنا) أي دعنا (نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) أي المتخلفين عن الجهاد من النساء والصبيان (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) أي رضوا لنفوسهم أن يقعدوا مع النساء والصبيان والمرضى والمقعدين (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) ذكرنا معنى الطبع فيما تقدم قال الحسن : هؤلاء قوم قد بلغوا الحد الذي من بلغه مات قلبه (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) أوامر الله ونواهيه ، ولا يتدبّرون الأدلة ، ثم مدح النبي (ص) المؤمنين فقال سبحانه (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ) ينفقونها في سبيل الله ومرضاته (وَأَنْفُسِهِمْ) يقاتلون الكفار ، ثم أخبر سبحانه عما أعدّ لهم من الجزاء على انقيادهم لله ورسوله فقال (وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ) من الجنة ونعيمها وقيل : الخيرات : المنافع والمدح والتعظيم في الدنيا ، والثواب والجنة في الآخرة (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي الظافرون بالوصول إلى البغية (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) أي هيّأ وخلق لهم (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) مضى تفسيره في غير موضع (ذلِكَ) إشارة إلى ما تقدّم ذكره (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) والفوز النجاة من الهلكة إلى حال النعمة ،