• الفهرس
  • عدد النتائج:

__________________

تقبل البقاء إلى ما لا نهاية له ، وأنّه في الإمكان أن يبقى الإنسان حيّا ألوفا من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته ، وقولهم هذا ليس مجرّد ظنّ ، بل هو نتيجة عمليّة مؤيّدة بالامتحان.

فقد تمكّن أحد الجرّاحين من قطع جزء من حيوان وإبقائه حيّا أكثر من السنين الّتي يحياها ذلك الحيوان عادة ، أي صارت حياة ذلك الجزء مرتبطة بالغذاء الّذي يقدم له بعد السنين التي يحياها ، فصار في الإمكان أن يعيش إلى الأبد ما دام الغذاء اللازم موفورا له.

وهذا الجرّاح هو الدكتور ألكسي كارل ، من المشتغلين في معهد (ركفلر) بنيويورك ، وقد امتحن ذلك في قطعة من جنين الدجاج ، فبقيت تلك القطعة حيّة نامية أكثر من ثماني سنوات ، وهو وغيره امتحنا قطعا من أعضاء جسم الإنسان من أعضائه وعضلاته وقلبه وجلده وكليتيه ، فكانت تبقى حيّة نامية ما دام الغذاء اللازم موفورا لها ، حتّى قال الاستاذ ديمند وبرل من أساتذة جامعة جونس هبكنس : إنّ كلّ الأجزاء الخلويّة الرئيسيّة من جسم الإنسان قد ثبت إمّا أنّ خلودها بالقوّة صار أمرا مثبتا بالامتحان ، أو مرجّحا ترجيحا تامّا لطول ما عاشته حتّى الآن ، وهذا القول غاية في الصراحة والأهميّة على ما فيه من التحرّس العلميّ ، والظاهر أنّ أوّل من امتحن ذلك في أجزاء من جسم الحيوان هو الدكتور جاك لوب ، وهو من المشتغلين في معهد (ركفلر) أيضا ، فإنّه كان يمتحن توليد الضفادع من بيضها إذا كان غير ملقّح ، فرأى أنّ بعض البيض يعيش زمانا طويلا وبعضها يموت سريعا ، فقاده ذلك إلى امتحان أجزاء من جسم الضفدع ، فتمكّن من إبقاء هذه الأجزاء حيّة زمانا طويلا ، ثمّ أثبت الدكتور ورن لويس وزوجته أنّه يمكن وضع أجزاء خلوية من جسم جنين الطائر في سائل ملحيّ فتبقى حيّة ، وإذا اضيفت إليه قليل من بعض المواد الآلية جعلت تلك الأجزاء تنمو وتتكاثر ، وتوالت التجارب فظهر أنّ الأجزاء الخلويّة من أيّ حيوان كان يمكن أن تعيش وتنمو في سائل فيه ما يغذّيها ، ولكن لم يثبت ما ينفي موتها إذا شاخت ، فقام الدكتور كارل وجرّب التجارب المشار إليها آنفا ، فأثبت منها أنّ هذه الأجزاء لا تشيخ الحيوان الّذي اخذت منه ، بل تعيش أكثر ممّا يعيش هو عادة ، وقد شرع في التجارب المذكورة في شهر يناير سنة ١٩١٢ ، ولقي عقبات كثيرة في سبيله ، فتغلّب عليه هو ومساعدوه ، وثبت له :

أوّلا : أنّ هذه الأجزاء الخلويّة تبقى حيّة ما لم يعرض لها عارض يميتها ، إمّا من قلّة الغذاء ، أو من دخول بعض الميكروبات. ـ