شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٣

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٩٩

عليه‌السلام قد زوّجه ابنته سكينة (١). فقتل يومئذ قبل أن يبتني بها (٢).

__________________

قال الخوارزمي في مقتله ٢ / ٢٩ : دخل الميدان مرتجزا :

إن تنكروني فأنا ابن حيدره

ضرغام آجام وليث قسوره

على الأعادي مثل ريح صرصره

اكيلكم بالسيف كيل السندرة

وقال ابن شهرآشوب في المناقب ٤ / ١٠٦ : إنه كان يرتجز :

إن تنكروني فأنا فرع الحسن

سبط النبيّ المصطفى والمؤتمن

هذا الحسين كالأسير المرتهن

بين اناس لا سقوا صوب المزن

أما عبد الله بن الحسن الأصغر :

فامه : بنت الشليل بن عبد الله البجلي.

خرج من عند النساء وهو غلام في الحادية عشر من عمره فشدّ حتى وقف الى جنب عمه الحسين.

فلحفته زينب لتحبسه ، فأبى ، وقد أحاطت الأعداء به. وجاء أبحر بن كعب هاويا بالسيف على الحسين.

فصاح الغلام : يا ابن الخبيثة ، أتقتل عمي؟

فعدل الى الغلام ، فتلقاه بيده ، فأطنها الى الجلد.

فصاح الغلام : يا عم ، قطعوا يدي.

فقال له الحسين : يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير ، فان الله يلحقك بآبائك الصالحين. ( الطبري ٦ / ٣٥٩ ).

ورماه حرملة بن كاهل وهو في حجر عمه فاستشهد. ( اللهوف ص ٦٨ ).

(١) سكينة ( بفتح السين المهملة وكسر الكاف ) بنت الامام الحسين عليه‌السلام.

امها : الرباب بنت امرئ القيس ( شذرات الذهب ١ / ١٥٤ ، نور الابصار ص ١٥٧ ). ويظهر أن امها أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها.

ولدت في المدينة ، وكانت تزين مجالس نساء المدينة بعلمها وأدبها وتقواها وكان منزلها بمثابة ندوة لتعلّم الفقه والحديث. قال ابن الجوزي وابن خلكان والنووي في تهذيب الأسماء ١ / ٢٦٣ : إن مدة حياتها خمس وسبعون سنة وتوفيت ١١٧ ه‍ ، قال الطبرسي في اعلام الورى ص ١٢٧ ، والصبّان في إسعاف الراغبين ص ٢٠٢ ، وابن حبيبة في المحبر ص ٤٣٨ : تزوجها عبد الله بن الحسن المستشهد في كربلاء.

(٢) وفي المترادفات للمدائني ص ٦٤ : كان عبد الله بن الحسن أبا عذرها.

١٨١

[ العباس وإخوته ]

وقتل معه يومئذ اخوة العباس بن علي بن أبي طالب (١).

[١١٢٥] إسماعيل بن أوس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، أنه قال : عبّأ الحسين بن علي أصحابه يوم الطف وأعطى الراية أخاه العباس بن علي (٢).

وسمّي العباس : السقّاء ، لان الحسين عليه‌السلام عطش ، وقد منعوه الماء ، وأخذ العباس قربة ومضى نحو الماء (٣) ، واتبعه إخوته من

__________________

(١) وهو أكبر اخوته لامه وأبيه وآخر من قتل منهم. ( اللهوف ص ٥١ ) ، أمه : أمّ البنين ، فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب.

(٢) حمل لواء الحسين عليه‌السلام. ( اللهوف ص ٥٧ ).

(٣) روى أبو مخنف : أنه لما منع الحسين عليه‌السلام وأصحابه من الماء ، وذلك قبل أن يجمع على الحرب اشتدّ بالحسين وأصحابه العطش ، فدعا أخاه العباس ، فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليلا ، فجاؤوا حتى دنوا من الماء ، واستقدم نافع ، فمنعهم عمرو بن الحجاج. فامتنعوا منه بالسيوف ، ملأوا القربة ، وأتوا بها ، والعباس بن علي ونافع يذبان عنهم ، ويحملان على القوم حتى خلصوا بالقربة الى الحسين ، فسمي بالسقّاء ، وأبا القربة. ( ابصار العين ص ٢٧ ).

قال الفضل بن محمد بن الفضل في ذلك :

إني لأذكر للعباس موقفه

بكربلاء وهام القوم تختطف

يحمي الحسين ويحميه على ظمأ

ولا يولي ولا يثني فيختلف

ولا أرى مشهدا يوما كمشهده

مع الحسين عليه الفضل والشرف

١٨٢

ولد علي عليه‌السلام : عثمان وجعفر وعبد الله. فكشفوا أصحاب عبيد الله عن الماء. وملأ العباس القربة ، وجاء بها فحملها على ظهره الى الحسين وحده. وقد قتل إخوته (١) : [ عثمان ] وجعفر وعبد الله في

__________________

أكرم به مشهدا بانت فضيلته

وما أضاع له أفعاله خلف

(١) لامه وأبيه وهم عبد الله وعثمان وجعفر. ( ذخائر العقبى ص ١١٧ ). وروى أرباب المقاتل : إن أول من برز من إخوة العباس لامه وأبيه :

عبد الله بن علي :

وكان عمره حين قتل خمسا وعشرين سنة ، قتله : هاني بن ثبيت الحضرمي ( ثبيت بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحت وآخره تاء ). الكامل ٤ / ٧٦ ، الارشاد ص ٢٦٩ ، مقتل الخوارزمي ٢ / ٤٧.

دخل المعركة مرتجرا :

أنا ابن ذي النجدة والأفضال

ذاك علي الخير في الأفعال

سيف رسول الله ذو النكال

في كل يوم ظاهر الاهوال

( ابصار العين ص ٣٤ ) وقال في فتوح البلدان للبلاذري ٥ / ٢٠٥ : إنه قال :

شيخي علي ذو الفخار الأطول

من هاشم الخير الكريم المفضل

هذا حسين ابن النبيّ المرسل

عنه نحامي بالحسام المصقل

أفديه نفسي من أخ مبجل

يا رب فامنحني ثواب المنزل

وذكر أن قاتله : زجر بن بدر النخعي.

عثمان بن علي :

وكان عمره احدى وعشرين سنة دخل المعركة قائلا :

إني أنا العثمان ذو المفاخر

شيخي على ذو الفعال الطاهر

هذا حسين سيد الأكابر

وسيد الصغار والأكابر

بعد النبي والوصيّ الناصر ( المناقب ٤ / ١٠٩ ) رماه خولى بن يزيد الاصبحي بسهم فأضعفه وشدّ عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله ، وأخذ رأسه ليتقرب به. ( مقاتل الطالبيين ص ٨٢ ، مقتل الخوارزمي ٢ / ٤٧ ، ابصار العين ص ٣٥ ).

جعفر بن علي :

كان عمره حين قتل تسع عشرة سنة ، تقدم الى الحرب يضرب بسيفه قائلا :

١٨٣

المعركة على الماء (١) ، ولم يكن لأحد منهم عقب. وورثهم العباس (٢) وقتل بعدهم (٣) يومئذ ، وخلف ولده عبيد الله بن العباس (٤) ، وبقى محمد (٥) وعمرو (٦) ابنا علي عليه‌السلام.

__________________

إني أنا جعفر ذو المعالي

ابن علي الخير ذي الافضال

قتله : هاني بن ثبيت الحضرمي ، أو خولى بن يزيد الأصبحي ( مقاتل الطالبيين ص ٨٣ ، مقتل الخوارزمي ٢ / ٤٧ ، ابصار العين ص ٣٥ ).

(١) ولله درّ هذا القائل :

قوم إذا نودوا لدفع ملمة

والخيل بين مدعس ومكردس

لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا

يتهافتون على ذهاب الأنفس

(٢) وسيأتي التحقيق عن هذا الموضوع تحت عنوان : من الوارث؟ في ص ١٨٦.

(٣) قال العباس عليه‌السلام لأخيه عبد الله ـ وكان أكبر اخوانه من أبيه وأمه ـ : تقدم يا أخي حتى أراك قتيلا ، فأحتسبك. ( مقاتل الطالبيين ص ٨٢ ).

وفي رواية اخرى : قال لاخوته : تقدموا يا بني أمي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله.

قال ابن الاثير في الكامل ٤ / ٧٦ : إن العباس قال لاخوانه : تقدموا حتى أرثكم فانه لا ولد لكم. ففعلوا ، فقتلوا.

أقول :

كيف؟ والعباس في تلك الساعات الرهيبة يفكر في المال والمادة الخسيسة ولو كان بهذه الدرجة لقبل الأمان من عبيد الله بن زياد الذي أتى به شمر بن ذي الجوشن ليلة عاشوراء. تعالى عن ذلك علوا كبيرا. هذه النفس الأبية مع هذه المصاعب الجسيمة من صياح الأطفال واستشهاد الاخوة والعشيرة ، مع أن أبا عبد الله الصادق عليه‌السلام يقول في حقه : كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا. أيعقل في حقه هذه الكلام؟

(٤) قال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل ص ٥٥ عن أبي الفضل العباس : وأمه أمّ البنين ـ وهو اكبر ولدها ـ. وهو آخر من قتل من اخوته لامه وأبيه لانه كان له عقب ولم يكن لهم. فقدمهم بين يديه ، فقتلوا جميعا. فحاز مواريثهم. ثم تقدم ، فقتل فورثهم وإياه عبيد الله ، ونازعه في ذلك عمه عمرو بن علي فصولح على شيء رضي به.

(٥) قال ابن شهرآشوب في المناقب ٤ / ١١٣ : محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب لم يقتل لمرضه. أما الخوارزمي فقد ذكر في مقتله ٢ / ٢٨ : إن محمدا استشهد في كربلاء. قال الطبري : قتله رجل من تميم من بني أبان بن دارم. وقال الخليفة بن الخياط في تاريخه ١ / ٢٢٥ : إن أمه : لبانة بنت عبد الله بن العباس ، كنيته : أبا القاسم.

(٦) قال الخوارزمي في مقتله ٢ / ٢٨ ، والطبري في الذخيرة ص ١٦٤ : إنه قتل في كربلاء. وفي

١٨٤

وأما محمد ، فسلّم لعبد الله بن العباس حصته من تراث عثمان وجعفر وعبد الله أبناء علي عليه‌السلام.

وأما عمرو بن علي ، فكان أصغر ولد علي ، وقام بعد ذلك في حظه من ميراث اخوته : عثمان وجعفر وعبد الله حتى صولح وارضي من ذلك وكان العباس وعثمان وعبد الله وجعفر ، بنو علي عليه‌السلام. امهم أمّ البنين بنت [ حزام ] (١) بن خالد بن ربيعة بن الوليد (٢).

وعمرو بن علي لا شقيق له ، وإنما شقيقته رقية الكبرى ، امهما الصهباء ـ بذلك تعرف ـ واسمها : أم حبيب بنت ربيعة.

فما أدري من أين طلب عمرو بن علي ميراث اخوته غير أشقائه مع شقيقهم العباس ، وهو أحق بذلك منه باجماع على أن الاخوة والأخوات من الأب لا يرثون مع الاخوة والأخوات من والأب والام شيئا لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي آثر به وصيّه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ورواه الخاص والعام (٣) ، إنه قال : أعيان

__________________

السلسلة العلوية ص ٩٦ وفي عمدة الطالب ص ٣٦٢ : تخلف عن أخيه الحسين ، ولم يسر معه الى الكوفة ، وكان قد دعاه الى الخروج معه ، فلم يخرج. ويقال : إنه لما بلغه قتل أخيه الحسين عليه‌السلام خرج في المعصفرات له ، وجلس بفناء داره ، وقال : أنا الغلام الحازم ، ولو خرجت معهم لذهبت في المعركة ، وقتلت ، وعاش مدة ٨٥ سنة. وقد تولى صدقات علي عليه‌السلام بأمر من الحجاج. وقتل سنة ٦٧ ه‍ ، ودفن في ينبع من أرض تهامة.

رثاه سالم بقوله :

صلّى الإله على قبر تضمّن من

نسل الوصي على خير من سئلا

قد كنت أكرمهم كفا وأكثرهم

علما وأبرهم حلا ومرتحلا

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بنت حمل.

(٢) أمّ البنين : فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ( ابصار العين ص ٢٦ ).

(٣) روى الحرّ العاملي في وسائل الشيعة ( ١٧ / ٥٠٣ الحديث ٢ / ٣ ) باسناده ، عن الحارث الأعور ،

١٨٥

بني [ الام ] (١) يتوارثون دون بني العلات.

وهذا ما أجمع عليه أهل الفتيا. إلا أن يكون ادعى أن العباس قتل قبلهم ، ولم تقم على ذلك بينة (٢) مع أنه قد ادعى وطلب ما ليس

__________________

عن أمير المؤمنين ، أنه قال : أعيان بني الام أقرب من بني العلات.

وأيضا باسناده ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال : أعيان بني الام أحق بالميراث من بني العلات.

وروى محمد بن الحسن في التهذيب ٩ / ٣٢٧ الحديث ١٣ باسناده ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن أبي يونس ، عن أبي نعيم ، عن سفيان بن سعيد ، عن أبي اسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : أعيان بني الام يرثون دون بني العلات.

(١) هكذا صححناه وفي الأصل : آدم.

(٢) من الوارث؟

لقد أجاد المؤلف في اثباته واستدلاله بأن العباس هو الوارث لاخوته من أمه وأبيه دون ( محمد وعمرو ) الاخوة من الأب.

واستشكاله على عمرو لطلبه ما ليس له في محله. ولكن الإشكال في أن العباس حسب تتبعنا للروايات لم يكن وارثا في ذلك الحال لانّ الطبقة الاولى إذا كانت موجودة تحجب الطبقة الثانية ( التالية ).

وقد اكدت روايات عديدة على وجودها ، منها :

قال صاحب رياض الأحزان ص ٦٠ : وأقامت أمّ البنين زوجة أمير المؤمنين العزاء على الحسين عليه‌السلام ، واجتمع عندها نساء بني هاشم يندبن الحسين وأهل بيته. وبكت أمّ سلمة ، وقالت : فعلوها ملأ الله قبورهم نارا.

وقال المامقاني في تنقيح المقال : ويستفاد من قوة إيمانها أن بشرا كلما نعى إليها أحدا من أولادها الاربعة قالت ( ما معناه ) : أخبرني عن الحسين. فلما نعى إليها الحسين ، قالت : قد قطعت أنياط قلبي أولادي كلهم فداء لأبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ومن تحت الخضراء ... الحديث.

وقال أبو الحسن الأخفش في شرح الكامل : وقد كانت تخرج الى البقيع كل يوم ترثيه ، تحمل ولده [ العباس ] عبيد الله ، فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة وفيهم مروان بن الحكم فيكون لشجى الندبة.

ومن قولها رضي الله عنها :

يا من رأى العباس كر على جماهير النقد

ووراه من أبناء حيدر كل ليث ذي لبد

انبئت أن ابني اصيب برأسه مقطوع يد

ويلي على شبلي أمال برأسه ضرب العمد

١٨٦

له ، وذلك أنه أراد أن يكون يلي أمر [ صدقات ] علي عليه‌السلام ، وقد كان وصية علي عليه‌السلام أن لا يلي أمر ما [ أوقفه ] (١) من أموال الصدقات إلا ولده من فاطمة عليها‌السلام وأعقابهم ما تناسلوا.

[١١٢٦] وقد روى الزبير عن عمه مصعب بن عبد الله ، أنه قال : كان عمرو آخر ولد علي بن أبي طالب عليه‌السلام وقدم مع أبان بن عثمان على الوليد بن عبد الملك (٢) يسأله أن يوليه صدقة أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وكان يليها يومئذ ابن أخيه الحسن بن [ الحسن ] بن علي (٣) فعرض عليه الوليد الصلة ، و [ قضاء ] الدين.

قال [ عمرو ] : لا حاجة لي في ذلك ، إني سألت صدقة أبي أن أتولاها ، فأنا أولى بها من ابن أخي ، فاكتب لي في ولايتها.

فوضع الوليد في رقعة ـ أبيات ربيع بن أبي الحقيق ـ شعرا :

أنا اذا مالت دواعي الهوى

وأنصت السامع للقائل

واصطرع القوم بألبابهم

نقضي لحكم عادل فاصل (٤)

__________________

لو كان سيفك في يديك لما دنا منك أحد وقولها أيضا :

لا تدعوني ويك أمّ البنين

تذكريني بليوث العرين

كانت بنون لي ادعى بهم

قد واصلوا الموت بقطع الوتين

تنازع الخرصان أشلاءهم

فكلهم أمسى صريعا طعين

يا ليت شعرى أكما أخبروا

بأن عباسا قطيع اليمين

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : ما أنفقه.

(٢) كنيته : أبو العباس ، ولد سنة ٤٨ ، وولي بعد وفاة أبيه سنة ٨٦ ه‍ الخلافة ، فكانت مدة خلافته تسع سنوات وثمانية أشهر وتوفي سنة ٩٦ ه‍.

(٣) كنيته أبو محمد ، وهو الذي نجى من واقعة الطف كما ذكره المؤلف ص ١٩٦ في جملة الاسارى. توفي حوالي سنة ٩٠ ه‍ ودفن في المدينة.

(٤) وفي عمدة الطالب ص ٨٦ :

١٨٧

لا نجعل الباطل حقا ولا

نلظ (١) دون الحق بالباطل

نخاف أن تسفه أحلامنا

فنخمل (٢) الدهر مع الخامل

ثم رفع الرقعة الى أبان ، وقال : ادفعها إليه ، وعرفه أني لا أدخله على ولد فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيرهم ، وانصرف عنه عمرو غضبانا ، ولم يقبل له صلة.

ولو أفاد الوليد هذا القول فيما تغلّب عليه (٣) لكان أولى به.

[ ضبط الغريب ]

قوله : واصطرع القوم بألبابهم.

الصرع : طرح الانسان بالأرض. فتقول : صرعته صرعا ، إذا طرحته بالأرض.

والمصارعة : تعالج الاثنين أيهما يصرع صاحبه.

الألباب ـ هاهنا ـ جمع تلبيب ، يقال منه : تلبيب وتلابيب. والتلبيب : مجمع ما في موضع اللبة من ثياب الرجل. واللبة : موضع واسطة العقد إذا عدل في العنق.

قال ذو الرمة (٤) :

براقة الخد (٥) واللبات واضحة

كأنها ظبية أقصى بها لبب

__________________

واضطرب القوم بأحلامهم

تقضي بحكم فاصل عادل

(١) وفي مناقب ابن شهر اشوب ٤ / ١٧٤ ، والعمدة : نلفظ.

(٢) هكذا في نسخة ـ ز ـ وفي الأصل : فنخسر.

(٣) اشارة الى ردّ الخلافة إلى أهلها.

(٤) وفي نسخة ز : ابن الرقمة.

(٥) وفي لسان العرب ١ / ٧٣٣ : براقة الجيد.

١٨٨

فجمع ، وإنما هى لبة واحدة ، والعرب تجمع الواحد والاثنين مما يكون في الإنسان ، فيقولون : لباب المرأة ، وترائبها ومعاصمها ، ويقال لواسطة العقد : لبة ، لانها تكون في اللبة. والعرب تسمي الشيء باسم ما صاحبه ولاءمه.

ويقال : أخذ فلان تلبيب فلان ؛ ولبيب فلان : إذا أخذ مجامع ثيابه عند نحره ، أو جعل في عنقه ثوبا ، أو حبلا ، أو قبض في ذلك على موضع تلبيبه.

وقد يفعل ذلك الإنسان من يريد أن يصرعه.

وقوله : ( ولا نلظ دون الحق [ بالباطل ] ).

الألظاظ : الالحاح على الشيء ، يقال منه : ألظ على الشيء ، وألظ منه.

سميت الملاظة في الحرب ، يقال منه : رجل ملظاظ ، وملظاء : أي ملح.

قال [ الزاجر ] :

( عجبت والدهر له لظيظ ) (١)

ويقال رجل لظ [ فظ ] : أي عسير متشدد.

وقيل للحية اذا تلظظ : إذا هي حركت رأسها من شدة اغتياظها. وقيل : انما سميت النار لظى من أجل لزوقها بالجلد ، واشتقاقه من الالظاظ. والنار تلظى وتتلظى : إذا اشتد توقدها. والاصل تلظظ ، فقلبوا أحد الظاءين الى الياء. وفي الحديث : ( ألظوا [ في الدعاء ] ب : يا ذا الجلال والاكرام ) : أي سلوا الله في الدعاء بهذه الكلمة ، وأديموا السؤال.

وقوله : الدهر. يقول إذا فعلنا ذلك خملنا طول الدهر. والمخمول : الاخفاء. والخامل : الخفي. يقال منه : رجل خامل الذكر : أي لا يكاد أن يعرف ولا يذكر. والخامل : القول الخفيض. وفي الحديث : ( اذكروا الله ذكرا خاملا ) (٢) أي خفيا ، يعني سرا.

__________________

(١) لسان العرب ٧ / ٤٦٠.

(٢) لسان العرب ١١ / ٢٢١.

١٨٩

[ الصدقات ] (١)

[١١٢٧] وروى هارون بن موسى ، أن عبد الملك بن مروان (٢) ولي علي

__________________

(١) ما هي الصدقات : وهى مجموعة أراضي وعيون وبساتين من :

ألف ـ أوقاف فاطمة : البساتين السبع التي أوصى لحوائط مخيرق اليهودي بها الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومات مسلما ، وهي : الدلال ، وبرقة ، والصافية ، والمثيب ، ومشربة أم إبراهيم ، والأعراف ، وحسني.

فأوقفها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سنة سبع من الهجرة على خصوص فاطمة عليها‌السلام ، وكان يأخذ منها في حياته لأضيافه وحوائجه ، وعند وفاتها أوصت بهذه البساتين وكل ما كان لها من المال الى علي عليه‌السلام ، ومن بعده الحسن ، ومن بعده الى الحسين ، ثم الى الأكبر من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأشهدت على الوصية المقداد بن الأسود ، والزبير بن العوام ( الكامل للمبرد ٣ / ١١٥ ، تاريخ المدينة ٢ / ٢٦٣ ).

ب ـ أوقاف علي عليه‌السلام : ومن الصدقات ما كان له في خيبر ، ووادي القرى وسويقة الغفران ، وبئر قيس ، والشجرة ، وعيون استخرجها في ينبع منها : يحير ، وعين نولا ، وعين أبي نيزر ، وعين أبي ميرز وهي التي أراد معاوية أن يشتريها من الحسين عليه‌السلام عند ما أصاب الحسين دين عظيم. فقال عليه‌السلام : إن أبي أوقفها ابتغاء وجه الله فلا اغيره ( معجم البلدان ٥ / ١٨٠ ، تاريخ المدينة ٢ / ٢٤٩ ، الكامل للمبرد ٣ / ١١٤ ) وقد مرّ ذكرها في وصيته عليه‌السلام في الجزء العاشر من هذا الكتاب ص ٤٥٣ ، فراجع.

عوائد الصدقات : وقد بلغت غلة الصدقات أربعين ألف دينار ( السيرة الحلبية ٢ / ٢١٩ ).

تولية الصدقات : أوصى علي عليه‌السلام في أوقافه على الصدقات ابنه الحسن ، ومن بعده الحسين عليه‌السلام ، ومن بعده ممن يراه الحسين عليه‌السلام صالحا للقيام عليها. قال في العمدة ص ٨٥ : وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام قد شرط على أن يتولى صدقاته ولده من فاطمة دون غيرهم من اولاده.

بعض من تولاّها : قام على هذه الاوقاف من بعد الحسين عليه‌السلام زين العابدين عليه‌السلام ، فنازعه عمه عمرو بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام الى عبد الملك بن مروان ( سفينة البحار ٣ / ٢٧٢ ، اللهوف ص ١٥ ، الارشاد ٢ / ١٣٩ ) فقاله له : يا أمير المؤمنين أنا ابن المصدق وهذا ابن فاطمة ، فأنا أحق بها منه ، فتمثل عبد الملك بقول ابن أبي الحقيق ( التي مرّ ذكرها ). ثم قال لعلي بن الحسين : قد وليتكها ، فقاما وخرجا. فتناوله عمرو وآذاه ، فما ردّ عليه السجاد عليه‌السلام شيء ( المناقب ٤ / ١٧٣ ).

قال ابن عساكر في تاريخه ٤ / ١٦٤ : وممن تولى أمر الصدقات من بني الحسن : الحسن المثنى ، فنازعه عمه عمرو الاطرف. وكان الحسن بن الحسن بن علي عليه‌السلام وصي أبيه ، وولي صدقة علي عليه‌السلام. فسأله الحجاج بن يوسف الثقفي ـ وهو على المدينة ـ أن يدخل عمرو بن علي في الوصية ، فأبى. ثم قدم الحسن على عبد الملك ، فرحب به ، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب ، فسأله الوليد عما قدم له ، فأخبره بما سأله الحجاج ، فكتب إليه أن امسك عنه ، ووصله.

(٢) وهو أحد خلفاء الامويين ، ولد سنة ٢٦ ، واستعمله معاوية على المدينة ، وهو ابن ١٦ سنة ،

١٩٠

بن الحسين عليه‌السلام صدقات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وصدقات علي عليه‌السلام وكانتا مضمونتين ، فجاء عمرو بن علي الى عبد الملك بن مروان يتظلم منه في ذلك ، ويقول : أنا أحق منه بها.

فقال له عبد الملك : أقول كما قال ابن أبي الحقيق (١) : اني اذا مالت دواعي الهوى ... وأنشده الأربعة الأبيات المتقدم ذكرها.

ثم جاء بعد ذلك الى ابنه الوليد طمعا فيه أن يوليه ذلك ، فأجابه بما أجابه أبوه به.

[ نعود الى ذكر العباس ]

وكان الذي ولي قتل العباس بن علي يومئذ يزيد بن زياد الحنفي (٢) وأخذ سلبه حكيم بن طفيل الطائي وقيل إنه شرك في قتله يزيد. وكان بعد أن قتل اخوته عبد الله وعثمان وجعفر معه قاصدين الماء (٣). ويرجع وحده بالقربة فيحمل على أصحاب عبيد الله بن زياد الحائلين دون الماء. فيقتل منهم ، ويضرب فيهم حتى يتفرجوا عن الماء فيأتي الفرات فيملأ القربة ، ويحملها ، ويأتي بها الحسين عليه‌السلام وأصحابه ، فيسقيهم حتى تكاثروا عليه ، وأوهنته الجراح من النبل ، فقتلوه كذلك (٤) بين الفرات والسرادق ، وهو يحمل الماء ،

__________________

وانتقلت إليه الخلافة بموت أبيه سنة ٦٥ ه‍ ، وتوفي سنة ٨٦ ه‍ ـ في دمشق. ( الطبري ٨ / ٥٦. ميزان الاعتدال ٢ / ١٥٣ ).

(١) وهو ربيع بن أبي الحقيق اليهودي.

(٢) وقيل يزيد بن زرقاء الجهني ( ابصار العين ص ٣٠ ).

(٣) وفي نسخة ز : لما قصد الماء بهم.

(٤) روى أبو عمر البخاري عن المفضل بن عمر ، أنه قال : قال الصادق عليه‌السلام : كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الايمان جاهد مع أبي عبد الله وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا ( عمدة الطالب ص ٣٤٩ ).

وروي أنه دخل المعركة مرتجزا :

١٩١

__________________

لا أرهب الموت إذ الموت رقا

حتى اواري في المصاليب لقا

نفسي لنفس المصطفى الطهر وفا

إني أنا العباس أغدو بالسقا

ولا اخاف السيئ يوم الملتقى

( المناقب ٤ / ١٠٩ ) وقيل إنه قال أيضا :

اقاتل القوم بقلب مهند

أذبّ عن سبط النبيّ أحمد

أضربكم بالصارم المهند

حتى تحيدوا عن قتال سيدي

إني أنا العباس ذو التودّد

نجل عليّ المرتضى المؤيد

فهزم القوم ودخل المشرعة وأراد أن يشرب الماء ، فذكر عطش الحسين عليه‌السلام فصبّ الماء من يده ، ولم يشرب ، وملأ القربة وخرج منها قائلا :

يا نفس من بعد الحسين هوني

من بعده لا كنت أن تكوني

هذا حسين شارب المنون

وتشربين بارد المعين

هيهات ما هذا فعال ديني

ولا فعال صادق اليقين

( ناسخ التواريخ ٢ / ٣٤٧ ) فكمن له زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن طفيل ، فضربه على يمينه ، فقطعه ، وأخذ السيف بشماله وحمل عليهم وهو يرتجز :

والله إن قطعتم يميني

إني احامي أبدا عن ديني

وعن إمام صادق اليقين

نجل النبيّ الطاهر الأمين

فقاتل حتى ضعف ، فكمن له حكيم بن طفيل الطائي من وراء نخلة ، فضربه على شماله ، فقال :

يا نفس لا تخشي من الكفار

وأبشري برحمة الجبار

مع النبيّ السيد المختار

قد قطعوا ببغيهم يساري

فأصلهم يا ربّ حرّ النار

فلما رآه الحسين صريعا على شط الفرات بكى ، وقال : الآن انكسر ظهري وشمت بي عدوي ، وأنشد قائلا :

تعديتم يا شرّ قوم ببغيكم

وخالفتم قول النبي محمد

أما كان خير الرسل وصاكم بنا

أما نحن من نسل النبي المسدد

أما كانت الزهراء أمي دونكم

أما كان خير البرية أحمد

لعنتم واخربتم بما قد جنيتم

فسوف تلاقوا حرّ نار توقد

١٩٢

وثم قبره (١) رحمه‌الله.

وقطعوا يديه ورجليه حنقا عليه ، ولما أبلى فيهم وقتل منهم فلذلك سمي السقّاء.

وفيه يقول الفضل بن محمد بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي عليه‌السلام (٢) :

أحق الناس أن يبكى عليه

إذ (٣) أبكى الحسين بكربلاء

أخوه وابن والده علي

أبو الفضل المضرّج بالدماء

ومن واساه لا يثنيه شيء

وجاء له على عطش بماء

__________________

قال الامام علي بن الحسين عليه‌السلام : رحم الله العباس ، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدله الله عزّ وجلّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وأن للعباس عند الله تعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة ( بحار الانوار ط قديم ٩ / ١٤٧ ).

ونعم ما قال الشاعر :

بذلت يا عباس نفسا نفيسة

بنصر حسين عزّ بالنصر من قبل

أبيت التذاذ الماء قبل التذاذه

فحسن فعال المرء فرع من الاصل

فأنت أخو السبطين في يوم مفخر

وفي يوم بذل الماء أنت أبو الفضل

(١) والمروي أن الامام زين العابدين عليه‌السلام تولى دفنه عند ما دفن أباه وأصحابه يوم الثالث عشر من شهر محرم ، أي بعد الفاجعة بثلاثة أيام ( وسيلة الدارين ص ٣٤٧ ).

(٢) ذكر ذلك في تاريخ بغداد ١٢ / ١٣٦ ، أدب الطف ١ / ٢٢٧ ، المقاتل ص ٨٤ فهم يؤيدون المؤلف في نسبتها الى الشاعر المذكور أما في كتاب روض الجنان للمؤرخ الهندي أشرف علي ص ٣٢٥ نسب هذه الأبيات الى فضل بن الحسن بن عبيد الله ، وكذلك في كتاب عيون الاخبار وفنون الآثار والحق مع الموافقين للمؤلف. والشاعر ( الفضل بن محمد بن فضل ) هو معاصر للمتوكل ، وقد ذكر في أعيان الشيعة ٤٢ / ٢٨٢. وأمه جعفرية ، وأن أباه محمد بن الفضل كان من الشعراء المعاصرين للمأمون العباسي ، ومن أبياته :

اني لأذكر العباس موقفه

بكربلاء وهام القوم تختلف

يحمي الحسين ويسقيه على ظمأ

و لا يولي ولا يثني ولا يقف

(٣) ذكر أرباب المقاتل : فتى ابكى ... الخ. ( معجم الشعراء للمرزباني ص ١٨٤ ).

١٩٣

[ ضبط الغريب ]

قوله : المضرج بالدماء ، يقال لكل شيء تلطخ بالدماء أو نحوه قد تضرج تضرجا وهو مضرج ، قال الشاعر يصف الشراب :

( في قرقر بلعاب الشمس مضروج ) (١)

وقتل العباس بن علي يومئذ وهو ابن أربع وثلاثين سنة (٢) وقتل عبد الله بن علي يومئذ وهو ابن خمس وعشرين سنة. وقتل عثمان بن علي وهو ابن احدى وعشرين سنة. وقتل جعفر بن علي وهو ابن سبع عشر سنة (٣).

__________________

(١) لسان العرب ٢ / ٣١٣.

(٢) ولد العباس عليه‌السلام سنة ست وعشرين من الهجرة ، وعاش مع أبيه أربع عشرة سنة حضر بعض الحروب ، فلم يأذن له أبوه بالنزال. ومع أخيه الحسن الى اربع وعشرين سنة ، ومع أخيه الحسين الى أن بلغ أربعا وثلاثين سنة ( أبصار العين ص ٢٦ ).

(٣) قال الاصفهاني في المقاتل ص ٨٣ ، والخوارزمي في مقتله ٢ / ٤٧ : انه ابن تسع عشر سنة ، وقد سبق أن شرحنا كيفية مبارزاتهم ، فراجع.

١٩٤

[ أولاد عقيل ]

وقتل يومئذ مع الحسين عليه‌السلام من ولد عقيل بن أبي طالب (١) :

عبد الرحمن بن عقيل (٢) ، أمه : أمّ ولد. قتله : عثمان بن خالد الجهني.

وعبد الله بن عقيل (٣) ، وأمه : أمّ ولد. قتله : عمرو بن الصبيح ، [ أضعفه بسهم ] رماه به [ بشير بن حوط ] الهمداني.

وعبد الله بن مسلم بن عقيل (٤) ، أمه : رقية بنت علي بن أبي طالب ، قتله : عمرو بن الصبيح [ الصداني ] ، ويقال : أسد بن مالك.

__________________

(١) لم يذكر المؤلف سوى ثلاثة ، ونحن عند ما نتعرض لترجمة عقيل بن أبي طالب نذكر البقية إن شاء الله.

(٢) دخل ساحة الوغى ، وهو يرتجز قائلا :

ابن عقيل فاعرفوا مكاني

من هاشم وهاشم اخواني

كهول صدق سادة الاقران

هذا حسين شامخ البنان

( الفتوح ٥ / ٢٠٣. وأضاف في ناسخ التواريخ ٢ / ٣٢١ : وسيد الشيب مع الشبان ).

وقال الاصفهاني في المقاتل ص ٩٥ : فشد عليه عثمان بن خالد الجهني ، وبشير بن حوط ، فقتلاه.

(٣) ذكره أيضا المسعودي في مروج الذهب ٣ / ٦٢ ، والخوارزمي في مقتله ٢ / ٤٧. وقال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل : قتله عثمان بن خالد بن أسد الجهني ، ورجل من همدان ، وقال ابن الاثير في الكامل ٤ / ٩٢ : قتله عمرو بن صبيح الصيداوي.

(٤) دخل المعركة مرتجزا :

اليوم ألقى مسلما وهو أبي

وفتية ماتوا على دين النبي

١٩٥

[ الأسرى ]

والذين اسروا منهم بعد من قتل منهم يومئذ :

علي بن الحسين عليه‌السلام وكان عليلا دنفا (١) ، وقد ذكرنا خبره. وكان يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة.

وابنه محمد بن علي ، وكان طفلا صغيرا.

والحسن بن الحسن (٢).

__________________

ليسوا كقوم عرفوا بالكذب

لكن خيار وكرام النسب

من هاشم السادات أهل الحسب

( مروج الذهب ٣ / ٩٢ ، الفتوح ٥ / ٢٠٣ ).

وقاتل قتال الابطال حتى رماه عمرو بن صبيح الصيداني سهما ، فاتقاه الغلام بيده ، فسمرها الى جبهته. فما استطاع أن يزيلها وشدّ عليه وغد فطعنه بالرمح في قلبه واستشهد. ( الكامل لابن الاثير ٣ / ٢٩٣ ، المناقب لابن شهرآشوب ٢ / ٢٢٠. وقيل : قتله أسيد أو أسد بن مالك الحضرمي. بحار الانوار ١٠١ / ٣٤٠ ط جديد ).

(١) قال السيد هاشم البحراني في حلية الابرار ٢ / ٦٧ : عند ما هجم القوم على فسطاط آل البيت ، أحاطوا حول الامام السجاد ، فقال شمر بن ذي الجوشن : اقتلوا هذا. فقال رجل من أصحابه : يا سبحان الله أتقتل فتى حدثا مريضا لا يقاتل.

(٢) وهو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. كنيته : أبو محمد الهاشمي.

روى ابن طاوس صاحب اللهوف ص ٨٦ : أن الحسن المثنى قاتل بين يدي عمه الحسين عليه‌السلام ذلك اليوم. وقتل سبعة عشر نفسا وأصابه ثمانية عشر جراحة ، واثخن بالجرح. فقال خاله أسماء

١٩٦

وعبد الله بن الحسن (١).

والقاسم بن عبد الله بن جعفر.

وعمرو بن الحسين (٢).

ومحمد بن الحسين (٣).

ومحمد بن عقيل (٤).

والقاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب (٥).

__________________

بن جارحة : دعوه لي. فان وهبه الامير عبيد الله بن زياد لي وإلا رأى رأيه فيه. فتركوه له ، فحمله الى الكوفة ، وحكوا ذلك لابن زياد ، فقال : دعوا لأبي حسان ابن اخته ، وداواه حتى برئ ، وحمله الى المدينة ، وكان معهم أيضا زيد وعمر ولدا الحسن السبط ، وقد تولى صدقات علي عليه‌السلام ودسّ إليه السم سليمان بن عبد الملك ، فمات عن عمر يناهز ثلاثة وخمسين سنة ، وذلك في سنة سبع وتسعين للهجرة ( عمدة الطالب ص ٨٦ ).

(١) وقد ذكرنا خبره في ص ١٨٠ من هذا الجزء ، فراجع.

(٢) قال ابن طاوس المتوفى سنة ٦٦٤ ه‍ في اللهوف ص ٨٥ : دعا يزيد يوما بعلي بن الحسين ومعه عمرو بن الحسين وهو صبي ( يقال : إن عمره احدى عشر سنة ) فقال له يزيد : يا عمرو تقاتل خالدا؟

ـ يعنى ابنه وكان في سنه ـ.

فقال عمرو : لا ولكن اعطني سكينا وأعطه سكينا حتى اقاتله ، فضمه يزيد إليه ، وقال :

شنشنة أعرفها من اخزم

هل تلد الحية إلا الحية

وقد قال ابن الاثير في الكامل ٤ / ٨٧ ، والطبري في تاريخه ٦ / ٢٦٢ : انه عمرو بن الحسن ، والله اعلم.

(٣) في بعض الاخبار أن للحسين ولدين وهما محمد ومحسن. أما محسن بن الحسين مدفون في جبل جوشن قرب حلب ( أدب الطف ١ / ٤٧ ).

(٤) قال الخوارزمي في مقتله ٢ / ٤٨ : انه استشهد في كربلاء.

(٥) أمه : أمّ ولد. قال الاصفهاني في المقاتل ص ١١٩ : دخل المعركة مرتجزا :

أنا الغلام الابطحي الطالب

من معشر من هاشم من غالب

ونحن حقا سادة الدوائب

هذا حسين أطيب الاطائب

من عترة التقي العاقب

وذكر المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص ١٦٩ نقلا عن المناقب : أنه اشترك في واقعة كربلاء الأليمة ونجى من المعركة.

١٩٧

وعبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (١).

ومن النساء (٢) أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب (٣).

وأمّ الحسن بنت علي بن أبي طالب (٤).

وفاطمة (٥).

__________________

(١) هذا الاسم سقط من نسخة ز.

(٢) ولم يذكر المؤلف عقيلة بني هاشم في جملة الأسرى. وأظنة أنه نسى أو خطأ من الناسخ وهي زينب بنت أمير المؤمنين عليه‌السلام ( زينب الكبرى ).

امها : سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء. ولدت في المدينة السنة السادسة للهجرة. وقد تربت في حجر النبوة ومهبط الوحي ومدرسة الولاية. ومن نتائج تربيتها كانت لها حلقة تدريس تفسير القرآن الكريم للنساء ، وممن حضرت هذه الجلسات هند زوجة يزيد بن معاوية. وما خطبتها في الكوفة والشام إلا دليل واضح على فضلها وقدرتها البلاغية والعلمية. تزوجت من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

شاهدت حادثة كربلاء سنة ٦١ ه‍ وكانت تواصل البكاء وتقيم النياحة على شهداء كربلاء في دارها بالمدينة مما أخاف الحكام الامويين ، فقرروا ابعادها الى مصر ، وكانت بها حتى توفيت في الرابع عشر من رجب عام ٦٢ ه‍ ( مزارات أهل البيت عليهم‌السلام في القاهرة لمحمد حسين الحسيني الجلالي ).

وقيل إن مدفنها في قرية خارج مدينة دمشق تعرف باسمها.

(٣) واسمها زينب الصغرى ، وقد كانت مع أخيها الحسين عليه‌السلام بكربلاء وكانت مع السجاد عليه‌السلام في الشام ثم الى المدينة. وقد خطبت بالكوفة تلك الخطبة المشهورة ، من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء. فقالت : ( يا أهل الكوفة سوأة لكم ، مالكم خذلتم حسينا ... ) فضج الناس بالبكاء والنحيب ، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم.

وزوجها : عون بن جعفر الذي استشهد في كربلاء وكان له من العمر يوم قتل ستة وخمسون سنة.

وقال ابن حجر في الاصابة ٢ / ٣٧٤ : إن محمد بن جعفر بن أبي طالب تزوجها. وقال الواقدي : إن محمدا هذا استشهد بتستر. وقال صاحب العمدة : إن جعفر خلف ولدين : محمد الاكبر الذي استشهد في صفين.

ومحمد الاصغر استشهد في كربلاء. وأما القاسم بن محمد انه استشهد في شوشتر ( الدرجات الرفيعة ص ١٨٥ ) توفيت في المدينة بعد رجوعها مع السبايا. وكانت مدة مكثها في المدينة أربعة اشهر وعشرة أيام.

هكذا ذكر في عمدة الطالب ومروج الذهب.

(٤) قال الامين في أعيان الشيعة ٧ / ٣٦ : وامها أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية.

(٥) وامها : أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله. حيث كانت عند الامام الحسن عليه‌السلام ، وقد أنجبت منه طلحة الذي درج ولا عقب له. ثم تزوجها الحسين عليه‌السلام بوصية من أخيه الحسن عليه

١٩٨

وسكينة (١) ابنتا الحسين بن علي.

[١١٢٨] قيل : إن زينب بنت عقيل بن أبي طالب (٢) خرجت على الناس بالبقيع تبكي قتلاها ، وهي تقول :

ما ذا تقولون اذ قال النبيّ لكم

ما ذا فعلتم وأنتم آخر الامم

بأهل بيتي وقد أضحوا بحضرتكم

منهم اسارى وقتلى ضرّجوا بدم

هل كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوى رحمي (٣)

فقال أبو الأسود الدؤلي (٤) : وقد سمعتها تقول : ( رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (٥).

وهذا قول من لم يعتقد عداوة أهل بيت محمد. فأما الذين اعتقدوا عداوتهم وقصدوا لما قصدوا إليه منهم فهم مصرّون على كفرهم وعلى ما ارتكبوه منهم ، وقد قتلوا من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد هذا خلقا كثيرا قلّ

__________________

السلام فولدت له فاطمة. وكانت فاطمة كريمة الاخلاق تشبه في ملامحها الزهراء البتول ، وهي أكبر سنا من اختها سكينة. تزوجها الحسن المثنى ابن الحسن عليه‌السلام ، وقد كانت مع زوجها في كربلاء.

وسبيت مع العائلة الى الكوفة وخطبت فيها. توفيت في السنة التي توفيت فيها سكينة ( سنة ١١٧ ه‍ ) وكان مدفنها في المدينة.

(١) سبق أن ذكرنا مختصرا من حياتها ص ١٨١ من هذا الجزء ، فراجع.

(٢) وأوردها أيضا عيون الاخبار لابن قتيبة ١ / ٢١٣ ، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٧٦ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٠٠ ، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٦٨. وقد ذكر ابن شهرآشوب في المناقب ٤ / ١١٦ هذه الابيات هكذا :

ما ذا تقولون إن قال النبي لكم

يوم الحساب وصدق القول مسموع

أسلمتموه بأيدى الظالمين فما

منكم له اليوم عند الله مشفوع

ما كان عند غداة الطف إذ حضروا

تلك المنايا ولا عنهنّ مدفوع

قال العاملي في أعيان الشيعة ٧ / ٣٦ : القائلة لهذه الابيات رمله بنت عقيل.

(٣) وزاد السبط الجوزي في تذكرة الخواص بيتا رابعا :

ذريتي وبنو عمي بمضيعة

منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم

(٤) وهو ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي.

(٥) الاعراف : ٢٣.

١٩٩

من يحصي عددهم ظلما لهم ، واستخفافا لحقهم غير من تعاطى ما ليس له منهم ، فصرعه تعاطيه ما ليس له ، وتعديه الى غير حظه ، وتسمية اسمه. ومن أراد استلاب ما سلب من غيره ، والطلب بغير حقه ، ومن أجل ذلك أعرضنا عن ذكر من كانت هذه سبيله وطوينا كشحا عن مصابه ، والله يحكم في ذلك بحكمه ويقضى بما شاء بين عباده.

٢٠٠