السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-271-7
الصفحات: ٢٥
ثمّ توفّى الله أبابكر فقلت : أنا ولي رسول الله وأبي بكر ، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر ، ثمّ جئتماني وكلمتكما واحدة ، وأمركما جميع ...
في بقيّة الحديث لا يوجد ما قالاه بالنسبة إلى عمر نفسه : فرأيتماني ... وأنّه حلف بأنّه أي هو بارّ راشد صادق تابع للحق.
وهذا حديث واحد ، والقضيّة واحدة ، والراوي واحد.
في صحيح مسلم على ما جاء عليه مشتمل على الفقرتين : فرأيتماه ... فرأيتماني.
أمّا في صحيح البخاري ، في أكثر من ثلاث موارد على أشكال مختلفة.
وهذا فيما يتعلّق بالشيخين.
ولماذا هذا التحريف ؟ لأنّ عمر بن الخطّاب ينسب إلى علي والعباس أنّهما كانا يعتقدان في أبي بكر وفي عمر أنّ كلاًّ منهما كاذب غادر خائن إلى آخره ، وهما يسمعان من عمر هذا الكلام ، ولم نجد في الحديث أنّهما كذّبا عمر في نسبة هذا الشيء إليهما ، وسكوتهما على هذه النسبة تصديق ، وحينئذ يكون الشيخان بنظر علي والعباس كاذبين خائنين غادرين ، وإلى آخره.
نحن لا نقول هذا الحديث صدق أو كذب ، نحن لا ندري
بأصل القضيّة ، إنّما ننظر في الصحيحين والفرق بين الروايتين ، أمّا لو أردتم أن تستفيدوا من هذا الخبر أشياء فالامر إليكم ، ولسنا الآن بصدد التحقيق عن مفاهيم هذا الحديث ومداليله ، وإنّما أردنا أن نذكر لكم الفرق بين الشيخين البخاري ومسلم في نقلهما للخبر الواحد ، أي لقضيّة واحدة.
فهذه من جملة الموارد ، وقضيّة عثمان مورد آخر ، وهكذا موارد أُخرى.
كلمة الختام
وأرى من المناسب أن أقطع الكلام بهذا المقدار ، وأكتفي بهذا الحد ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّق كلّ من يريد معرفة الحق ، والأخذ بالحقّ ، أن يوفّقه في هذا السبيل ، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدنا علماً وبصيرةً وفهماً ودقّة وتأمّلاً في القضايا العلميّة والتحقيقيّة وخاصّة العقائديّة منها ، فإنّ الانسان إن فارق هذه الدنيا وهو على شكّ من دينه ، إن فارق هذه الدنيا ولم يكن على ثقة بما يعتقد به ، فإنّه سيحشر مع من لا اعتقاد له.
إنّ الاُمور الإعتقاديّة يعتبر فيها الجزم ، ولا بدّ فيها من اليقين ، وكلّ أمر اعتقادي لم يصل إلى حدّ اليقين فليس باعتقاد.
فعلى من عنده شكّ ، على من لم يصل إلى حدّ اليقين أن
يبحث ، أن يحقّق ، وإلاّ فإنْ مات على هذه الحال كانت ميتته ميتة جاهليّة ، فكيف بمن كان على شكٍّ أو حتّى إذا لم يكن عنده شكّ يحاول أن يشكّك في الاُمور الاعتقاديّة ، ويوقع الناس في الشكّ.
إنّ الاُمور الاعتقاديّة لابدّ فيها من اليقين والقطع والجزم ، ولربّما يكون هناك رجل قد بلغ من العمر ما بلغ ويكون في أوّل مرحلة من مراحل فهم عقائده الدينيّة ، وقد تقرّر عند علمائنا أنْ لا تقليد في الاُصول العقائديّة ، فحينئذ لا يجوز الأخذ بقول هذا وذاك لانّه قول هذا وذاك ، ولا يجوز اتّباع أحد لأنّه كذا وكذا ، والاعتبارات والعناوين الموجودة في هذه الدنيا لا تجوّز لأحد ولا تسوّغ لأحد أن يتّبع أحداً من أصحاب هذه العناوين ، لأنّ له ذلك العنوان ، وهذا لا يكون له عذراً عند الله سبحانه وتعالى ، إنّ الاُمور الاعتقاديّة لابدّ فيها من القطع واليقين.
وقد عرفنا أنّ القطع واليقين إنّما يتحقّقان ويحصلان عن طريق القرآن العظيم ، وعن طريق السنّة المعتبرة ، ولا سيّما السنّة المتّفق عليها بين المسلمين ، فإنّ تلك السنّة ستكون يقينيّة ، والله سبحانه وتعالى هو الموفّق.
وفي الختام أُذكّركم بأنّ بحوثنا هذه لم تكن نقداً لاحد أو ردّاً لآخر ، وإنّما كانت بحوثاً علميّة ، ودروساً عقائديّة ، ومن أراد أن
يقف على هذه البحوث ويطّلع عليها فليتّصل ب « مركز الأبحاث العقائديّة » ، فإنّ المسؤولين في هذا المركز سيحاولون أن يوفّروا لمن يراجع هذا المركز ما يحتاج من هذه البحوث أو غيرها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.